شرح الحديث 55-57 من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 130) :

55 - (7) [صحيح] وعن العِرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إيّاكم والمحدَثاتِ، فإن كل محدثةٍ ضلالة".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح". وتقدم بتمامه بنحوه [1 - باب].

 

سبق بنا بـ(رقم 37) عن العِرباض بنِ ساريةَ _رضي الله عنه_ قال :

وعَظنا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موعظةً[1] وَجِلتْ منها القلوبُ، وذَرَفَتْ منها العيونُ، فقلنا: يا رسولَ الله! كأنها موعظةُ مودِّعٍ، فأوصنا. قال:

"أوصيكم بتقوى اللهِ، والسمع والطاعةِ، وإنْ تَأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يعِشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنةِ الخلفاء الراشدين المَهْدِيِّينَ[2]، عَضُّوا عليها بالنواجذِ، وإيَّاكم ومحدَثات الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالةٌ".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

 

ترجمة صحابي الحديث العرباض بن سارية السلمي _رضي الله عنه_

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( د ت س ق ) : عرباض بن سارية السلمى ، كنيته أبو نجيح ، له صحبة . و هو من أهل الصفة ، و هو أحد البكائين الذين نزل فيهم * (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ) * ، نزل الشام و سكن حمص . اهـ .

 

أحاديثه:

و قال أبو بكر بن البرقى : له بضعة عشر حديثا .

 

منزله:

قال أحمد بن محمد بن عيسى البغدادى صاحب " تاريخ الحمصيين ":

"سألت عن منزله، فقيل لي : "عند قناة الحبشة، وذكر أن لهم منزلا بِمَرِيْمِيْنَ[3]، وَوَلَدُه بها إلى اليوم، و هو قديم الموت.

 

وقال عبد الصمد بن سعيد القاضى فيمن نزل حمص من الصحابة : "العرباض بن سارية السلمي، ويكنى (أبا نجيح)، ومنزله فى الحُوْلة[4]."

 

وقال محمد بن عوف : منزله بحمص عند قناة الحبشة ...كل واحد من عمرو بن عبسة و العرباض بن سارية يقول : "أنا رابع الإسلام، لا يدرى أيهما أسلم قبل صاحبه."

 

من مناقبه:

عن شريح بن عبيد : كان عُتبة بن عبيد يقول: "عرباض خير مني."

وعرباض يقول: "عتبةُ خيْرٌ منِّيْ، سبقنى إلى النبى _صلى الله عليه وسلم_ بسنة."

 

وفاته:

قال خليفة بن خياط : وفى فتنة ابن الزبير مات العرباض بن سارية السلمى وثابت بن الضحاك الأشهلي.

 

وقال أبو مسهر ، وأبو عبيد ، وغير واحد : مات سنة خمس و سبعين (75 هـ).

روى له الأربعة . اهـ .

 

سير أعلام النبلاء (5 / 414) (رقم: 71):

العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الصُّفَّةِ، سَكَنَ حِمْصَ، وَرَوَى أَحَادِيْثَ."

 

قال الله _تعالى_ في شأنه:

{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)} [التوبة: 91، 92]

 

وفي سنن أبي داود (4/ 200_201) (رقم: 4607):

عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَا:

"أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ." وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (8/ 107) (رقم: 2455)

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه أبو داود في سننه (4/ 200) (رقم : 4607)، والترمذي في سننه (5/ 44) (رقم : 2676)، وابن ماجه في سننه (1/ 15) (رقم : 42)، وأحمد في مسنده (28/ 373 و 375) (رقم : 17144 و 17145)، والدارمي في سننه (1/ 228) (رقم : 96)،  وابن أبي عاصم في السنة (1/ 17) (رقم : 26)، والبزار في مسنده = البحر الزخار (10/ 137) (رقم : 4201)، والمروزي في السنة (ص: 26) (رقم : 69 و 70)، وابن حبان في صحيحه (1/ 178) (رقم : 5)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 174 و 176 و 177) (رقم : 329 و 332 و 333)، والآجري في الشريعة (1/ 400 و 403) (رقم : 86 و 88)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/ 28) (رقم : 66)، وفي المعجم الكبير (18/ 248) (رقم : 622)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 195) (رقم : 20338)، وفي شعب الإيمان (10/ 20_21) (رقم : 7109 و 7110)، وغيرُهم

 

من فوائده:

 

قال الشيخ عبد المحسن العباد البدر _حفظه الله_ في "فتح القوي المتين" (1 / 87):

"مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 ـ استحباب الموعظة والتذكير في بعض الأحيان؛ لِمَا في ذلك من التأثير على القلوب.

2 ـ حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير؛ لطلبهم الوصيَّة منه *.

3 ـ أنَّ أهمَّ ما يوصى به تقوى الله عزَّ وجلَّ، وهي طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه.

4 ـ أنَّ من أهمِّ ما يوصى به السمع والطاعة لولاة الأمور؛ لِمَا في ذلك من المنافع الدنيوية والأخروية للمسلمين.

5 ـ المبالغة في الحثِّ على لزوم السمع والطاعة، ولو كان الأمير عبداً.

6 ـ إخبار النَّبيِّ * عن وجود الاختلاف الكثير في أمَّته، ثم حصوله كما أخبر من دلائل نبوته *.

7 ـ أنَّ طريق السلامة عند الاختلاف في الدِّين لزوم سنَّته * وسنَّة الخلفاء الراشدين.

8 ـ بيان فضل الخلفاء الراشدين، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وأنَّهم راشدون مهديُّون.

9 ـ التحذير من كلِّ ما أُحدث في الدِّين مِمَّا لم يكن له أصل فيه.

10 ـ أنَّ البدع كلَّها ضلال، فلا يكون شيء منها حسناً.

11 ـ الجمع بين الترغيب والترهيب؛ لقوله في الترغيب: (( فعليكم ))، وفي الترهيب: (( وإيَّاكم )).

12 ـ بيان أهميَّة الوصية بتقوى الله والسمع والطاعة لولاة الأمور، واتِّباع السنن وترك البدع؛ لكون النَّبيِّ * أوصى أصحابَه بها بعد قوله عن موعظته: (( كأنَّها موعظة مودِّع فأوصنا ))." اهـ

 

===========================

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 131)

56 - (8) [صحيح] وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال:

قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"لكل عملٍ شِرَّةٌ[5]، ولكل شِرةٍ فَترةٌ[6]، فمن كانت فترتُه إلى سنّتي[7]، فقد اهتدى[8]، ومن كانت فترتُه إلى غير ذلك فقد هلَكَ".

رواه ابن أبي عاصم وابن حبان في "صحيحه" (1).

__________

(1) قلت: وأحمد والطحاوي بإسنادين صحيحين عن عبد الله بن عمرو، ووقع في الأصل وغيره: (ابن عمر)، وهو خطأ، وهو مخرج عندي في "تخريج السنة" لابن أبي عاصم برقم (51)، وقد تمّ طبعه في جزئين.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه أحمد في مسنده (11/ 547) (رقم : 6958)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 27) (رقم : 51) واللفط له، والبزار في مسنده = البحر الزخار (6/ 337 و 338) (رقم : 2345 و 2346)، والطبراني في المعجم الكبير جـ 13، 14 (ص: 439) (رقم : 14291)، وابن حبان في صحيحه (1/ 187) (رقم : 11)، والبيهقي في شعب الإيمان (5/ 390) (رقم : 3595)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 266) (رقم : 1236)

 

من فوائد الحديث:

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 187)

ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْفَلَاحِ لِمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 62):

"ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّسْدِيدِ، وَالْمُقَارَبَةِ فِي الْأَعْمَالِ دُونَ الْإمْعَانِ فِي الطَّاعَاتِ حَتَّى يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 90)

"وهو تحريض على الاقتصاد في الأمور ليستمر فاعلها عليها لأن "أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها" واجتناب طرفي التفريط والإفراط." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 92):

"من سلك غير هديه - صلى الله عليه وسلم - فهو من الهالكين." اهـ

 

شرح مشكل الآثار (3/ 270_271)

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَطَلَبْنَا مَعْنَى هَذِهِ الشِّرَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا هُوَ___فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:

(ذُكِرَ الِاجْتِهَادُ، فَقِيلَ: تِلْكَ حِدَّةُ الْإِسْلَامِ وَشِرَّتُهُ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدْ هُدِيَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى بِدْعَةٍ أَوْ ضَلَالَةٍ فَقَدْ ضَلَّ).

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْحِدَّةُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُرِيدُهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ مِنْهُمْ فِيهَا مَا دُونَ الْحِدَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنَ التَّقْصِيرِ عَنْهَا وَالْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّمَسُّكِ___مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِمَا قَدْ يَجُوزُ دَوَامُهُمْ عَلَيْهِ، وَلُزُومُهُمْ إِيَّاهُ حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ،

وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَشْفِ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَنَّهُ: " أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ "

وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فَغَنِينَا بِذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ." اهـ

 

قلت: ويؤيد ذلك ما أخرجه مسند أحمد ط الرسالة (11/ 98) (رقم: 6539): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:

ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ يَجْتَهِدُونَ فِي الْعِبَادَةِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقَالَ: " تِلْكَ ضَرَاوَةُ[9] الْإِسْلَامِ وَشِرَّتُهُ، وَلِكُلِّ ضَرَاوَةٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى اقْتِصَادٍ وَسُنَّةٍ فَلِأُمٍّ مَا هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْمَعَاصِي، فَذَلِكَ الْهَالِكُ " صحيح لغيره : صححه الأرنؤوط

===========================

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 131)

57 - (9) [صحيح] ورواه ابن حبان في "صحيحه" (2) أيضاً من حديث أبي هريرة؛ أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"لكل عمل شِرَّةٌ، ولكل شِرَّة فترةٌ، فإن كان صاحبُها سددَّ أو قاربَ[10]، فأرجوه[11]، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تَعُدُّوه[12]."

(الشِّرَّة) بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء، وبعدها تاء تأنيث: هي النشاط والهمة، وشرة الشباب: أوله وحدّته.

__________

(2) قلت: هذا يوهم أنه لم يروه أحد من الستة، وليس كذلك، فقد رواه منهم الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، وهو كما قال، وكذلك رواه الطحاوي.

 

شرح الحديث:

 

المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 318)

"فإنْ صاحبُها سدَّد وقارب فأرجُوه"، (التسديد): إعطاءُ الله العبدَ التوفيقَ والتقويم والتسوية، تقدير هذا الكلام: فإن سدَّد وقارب صاحبها؛ أي: صاحب الشرة؛ يعني: فإن كان العابد مستقيمًا متوسطًا في العمل من غير غلوٍّ ولا تقصير، و (سدد)؛ أي: جعل عمله متوسطًا، و (قارب)؛ أي: دنا من الاستواء والاستقامة.

(فارجوه)؛ أي: فكونوا على رجاء الخير منه، فإن مَنْ سلكَ الطريق المستقيم يقدر على الدوام عليه، وأفضل الأعمال عند الله أدومها وإنْ قَلَّتْ، وإن [مَن] بالغ في العمل وأتعب نفسه لا يقدر على الدوام عليه، بل يضعف وينقطع عن سلوك الطريق." اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه الترمذي في سننه (4/ 635) (رقم : 2453)، وابن حبان في صحيحه (2/ 62) (رقم : 349)، وأبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 269) (رقم : 1242)، تَمَّام الرازي[13] في الفوائد (2/ 29) (رقم : 1044)

 

من فوائد الحديث :

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 62)

"ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّسْدِيدِ، وَالْمُقَارَبَةِ فِي الْأَعْمَالِ دُونَ الْإمْعَانِ فِي الطَّاعَاتِ حَتَّى يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ." اهـ

 

قال القاضي البيضاوي في "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة" (3/ 303)::

من اقتصد في الأمور, وسلك الطريق المستقيم, واجتنب جانبي إفراط الشرة وتفريط الفترة, فارجوه ولا تلتفتوا إلى شهرته فيما بين الناس واعتقادهم فيه.

 

المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 318)

العابد يغلو ويبالغ في العبادة في أول أمرِه، وكل مبالغٍ يغتر وتسكن حِدَّته ومبالغته في أمره بعد حين.

 

وقال الزيداني في المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 318):

"مَنْ سلكَ الطريق المستقيم يقدر على الدوام عليه، وأفضل الأعمال عند الله أدومها وإنْ قَلَّتْ، وإن مَن بالغ في العمل وأتعب نفسه لا يقدر على الدوام عليه، بل يضعف وينقطع عن سلوك الطريق.

 

وقال الطيبي في الكاشف عن حقائق السنن (11/ 3374):

"إن لكل شيء من الأعمال الظاهرة والأخلاق الباطنة طرفين: إفراطا وتفريطا، فالمحمود القصد بينهما، فإن رأيت أحدا يسلك سبيل القصد، فارجوه أن يكون من الفائزين ولا تقطعوا له؛

فإن الله هو الذي يتولى السرائر. وإن رأيته يسلك سبيل الإفراط والغلو حتى يشار إليه بالأصابع فلا تفشو القول فيه بأنه من الخائنين؛

فإن الله هو الذي يطلع على الضمائر. ويؤيد هذا التأويل الحديث الذي يليه والاستثناء فيه، وترك ما للقسم الثالث، ولم يذكره لظهوره." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3336) للقاري:

"الْإِنْسَان يَشْتَغِلُ بِالْأَشْيَاءِ عَلَى حِرْصٍ شَدِيدٍ وَمُبَالَغَةٍ___عَظِيمَةٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الشِّرَّةَ يَتْبَعُهَا فَتْرَةٌ،

فَإِنْ كَانَ مُقْتَصِدًا مُحْتَرِزًا عَنْ جَانِبَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ وَسَالِكًا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَأَرْجُو كَوْنَهُ مِنَ الْفَائِزِينَ الْكَامِلِينَ،

وَإِنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْإِفْرَاطِ حَتَّى يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، فَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ وَلَا تُعَوِّلُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ مِنَ الْهَالِكِينَ، لَكِنْ لَا تَجْزِمُوا بِأَنَّهُ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَلَا تَعُدُّوهُ مِنْهُمْ،

لَكِنْ لَا تَرْجُوهُ كَمَا رَجَوْتُمُ الْمُقْتَصِدَ إِذْ قَدْ يَعْصِمُ اللَّهُ فِي صُورَةِ الْإِفْرَاطِ وَالشُّهْرَةِ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَعْفُو عَنْ صَاحِبِ التَّفْرِيطِ وَرَاعَى التَّقْصِيرَ فِي الْعِبَادَةِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَلِيهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ فَتَرَكَ مَا لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ لِظُهُورِهِ." اهـ

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 448)

ومِن هذا مَنِ اجتهدوا في العبادة كلَّ الاجتهاد، فرُّوا مِن الناس وسكنوا المواضع الخالية؛ حذرًا من الرياء واجتماع الناس إليهم، فلما تمَّ لهم الأمرُ سَكنوا البلادَ ودَعَوُا العبادَ إلى الله، واقتصدوا في العبادة والرياضة، ولم يغترُّوا بإقبال الناس عليهم؛ لأن قلوبَهم صارتْ مطمئنةً بالحق، مزيَّنةً بنور التجلِّي، فصارت كالبحر لا تكدِّره القاذورات؛ لصفاء خواطرهم.



[1] (الوعظ): التخويف بطريق النصيحة.

[2] وفي جامع بيان العلم وفضله (2/ 1168) : "قَالَ أَبُو عُمَرَ : «الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ وَهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»." اهـ

[3] قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (5/ 119): "(مَرِيمِين):

قال القاضي عبد الصمد بن سعيد في "تاريخ حمص"، قال أحمد بن محمد: "سألت أبا معاوية السلمي عن مسجد عرباض بن سارية السلمي، فقال: "منزله خارج حمص في قرية من قرى حمص، يقال لها (مريمين)، وولده بها إلى اليوم." اهـ

[4] قال الحموي _رحمه الله_ في معجم البلدان (2/ 323):

"الحُولَةُ (بالضم ثم السكون): اسم لناحيتين بالشام، إحداهما من أعمال حمص ثم من أعمال بارين بين حمص وطَرَابُلُسَ، والأخرى كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة

[5] قال ابن عبد البر _رحمه الله_ في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (1/ 196): "وَالشِّرَّةُ الْحِرْصُ وَالشَّرِهُ وَالشَّرِهَانُ الْحَرِيصُ." اهـ

وقال الصنعاني _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 89) : "(شرة) بكسر المعجمة وتشديد الراء أي جدة، وحرصًا ونشاطًا ورغبة، قال القاضي: "الشره الحرص على الشيء___والنشاط فيه." اهـ

[6] وقال الصنعاني _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 90): "(ولكل شرة فترة) أي وهنًا وضعفًا وسكونًا يعني أن العابد يبالغ في العبادة أولًا وكل مبالغ تسكن شرته وتفتر مبالغته، والشره أي الراغب والحريص في الأمر." اهـ

[7] السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (2/ 129): "(فمن كانت فترته) أي: سكونه وميله (إلى سنتي)

[8] وقال المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (2/ 514) : "(فقد اهتدى) أي سار سيرة مرضية حسنة." اهـ

[9] الضراوة: اندفاع بِشِدَّةٍ

[10] قال المباركفوري _رحمه الله_ في "تحفة الأحوذي" (7/ 126): "(صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ) أَيْ جَعَلَ صَاحِبُ الشِّرَّةِ عَمَلَهُ مُتَوَسِّطًا، وَتَجَنَّبَ طَرَفَيْ إِفْرَاطِ الشِّرَّةِ وَتَفْرِيطِ الْفَتْرَةِ." اهـ

[11] وقال في تحفة الأحوذي (7/ 126): "(فَأَرْجُوهُ) أَيْ أَرْجُو الْفَلَاحَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَى الْوَسَطِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدُومُهَا." اهـ

[12] وفي تحفة الأحوذي (7/ 126)

(وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ) أَيِ اجْتَهَدَ وَبَالَغَ فِي العمل ليصير مشهورا بالعبادة والزهد وصار مَشْهُورًا مُشَارًا إِلَيْهِ (فَلَا تَعُدُّوهُ) أَيْ لَا تعتدوا به ولا تحسبوا مِنَ الصَّالِحِينَ لِكَوْنِهِ مُرَائِيًا وَلَمْ يَقُلْ فَلَا تَرْجُوهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَدَارُكُ مَا فَرَّطَ." اهـ

[13]  وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (17/ 289) للذهبي : "تَمَّامُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ البَجَلِيُّ * : ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو القَاسِمِ ابْنُ الحَافِظِ الثِّقَة أَبِي الحُسَيْنِ البَجَلِيُّ، الرَّازِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين