شرح الحديث 31 من كتاب رياض الصالحين لأب فائزة البوجيسي _حفظه الله_

 

[31] وعن أنس[1] - رضي الله عنه – قَالَ :

مَرَّ النَّبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي الله واصْبِري»[2]

فَقَالَتْ : "إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي"، وَلَمْ تَعرِفْهُ[3]،

فَقيلَ لَهَا: إنَّه النَّبيُّ _صلى الله عليه وسلم_، فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ _صلى الله عليه وسلم_، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِيْنَ[4]، فقالتْ : "لَمْ أعْرِفكَ"،

فَقَالَ : «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى[5]» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية لمسلم: «تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا» .


ترجمة أنس بن مالك الأنصاري  الخزرجي النجاري _رضي الله عنه_ :


وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 395) :

"أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ الأَنْصَارِيُّ * (ع) : ابْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ : الإِمَامُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَابَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَتِلْمِيذُهُ، وَتَبَعُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً.


وفي تاريخ دمشق لابن عساكر (9/ 361):

"عن أنس قال: (شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديبية وعمرته والحج والفتح وحنينا وخيبر)


وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 231) :

"تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ، آخِرُ مِنْ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الْصَّحَابَةِ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَكَانَتْ نَخْلَاتُهُ تُحْمَلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَقِيلَ: بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ." اهـ


نص الحديث:


وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: 

مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتّقِي الله واصْبِري» 

فَقَالَتْ: (إِليْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي)، وَلَمْ تَعرِفْهُ، 

فَقيلَ لَهَا: (إنَّه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -)، 

فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ، فقالتْ: (لَمْ أعْرِفكَ)، 

فَقَالَ: «إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية لمسلم: «تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا»


تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 79) (رقم : 1283)، ومسلم في صحيحه (2/ 637) (رقم : 926)، وأبو داود في سننه (3/ 192) (رقم : 3124)

 

من فوائد الحديث :

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 42) :

"في هذا الحديث: أَن ثواب الصبر إِنَّما يحصل عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعدها، فإن صاحبها يسلو كما تسلو البهائم."

 

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 174) :

"إِنَّمَا الصَّبْرُ الشَّاقُّ عَلَى النَّفْسِ الَّذِي يَعْظُمُ الثَّوَابُ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ هُجُومِ الْمُصِيبَةِ وَحَرَارَتِهَا، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْقَلْبِ وَتَثَبُّتِهِ فِي مَقَامِ الصَّبْرِ، وَأَمَّا إِذَا بَرَدَتْ حَرَارَةُ الْمُصِيبَةِ فَكُلُّ أَحَدٍ يَصْبِرُ إِذْ ذَاكَ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَلْتَزِمَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ مَا لَا بُدَّ لِلْأَحْمَقِ مِنْهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (3/ 149)

"إِذَا وَقَعَ الثَّبَاتُ أَوَّلَ شَيْءٍ يَهْجُمُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْجَزَعِ فَذَلِكَ هُوَ الصَّبْرُ الْكَامِلُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ. وَأَصْلُ الصَّدْمِ ضَرْبُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ بِمِثْلِهِ فَاسْتُعِيرَ لِلْمُصِيبَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقَلْبِ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (3/ 150) :

"الصَّبْرَ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مَا كَانَ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَلَى الْأَيَّامِ يَسْلُو[6]

 

فتح الباري لابن حجر (3/ 150)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ :

* مَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالرِّفْقِ بِالْجَاهِلِ

* وَمُسَامَحَةُ الْمُصَابِ،

* وَقَبُولُ اعْتِذَارِهِ

* وَمُلَازَمَةُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ،

* وَفِيهِ : أَنَّ الْقَاضِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَحْجُبُهُ عَنْ حَوَائِجِ النَّاسِ،

* وَأَنَّ مَنْ أُمِرَ بِمَعْرُوفٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفِ الْآمِرَ،

* وَفِيهِ : أَنَّ الْجَزَعَ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ لِأَمْرِهِ لَهَا بِالتَّقْوَى مَقْرُونًا بِالصَّبْرِ،

* وَفِيهِ : التَّرْغِيبُ فِي احْتِمَالِ الْأَذَى عِنْدَ بَذْلِ النَّصِيحَةِ وَنَشْرِ الْمَوْعِظَةِ،

* وَأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ بِالْخِطَابِ إِذَا لَمْ تُصَادِفِ الْمَنْوِيَّ لَا أَثَرَ لَهَا،

وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مَا إِذَا قَالَ : "يَا هِنْدُ أَنْتِ طَالِقٌ." فَصَادَفَ عَمْرَةَ أَنَّ عَمْرَةَ لَا تُطَلَّقُ،

* وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِرُ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَزُورُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ فِي ذَلِكَ،

قَالَ النَّوَوِيُّ : "وَبِالْجَوَازِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي : "لَا تَجُوزُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْكَافِرِ"، وَهُوَ غَلَطٌ"، انْتَهَى.

وَحُجَّةُ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ _تَعَالَى_ : {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِه} [التوبة: 84]

وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى!" اهـ

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 260)

"يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ، إِذَا اسْتَقْبَلَهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوَدُّ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أَقَارِبِهِ وَجَمِيعُ أَوْلَادِهِ مَاتُوا قَبْلَهُ لِيَنَالَ الْأَجْرَ وَثَوَابَ الْمُصِيبَةِ.

وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُصِيبَةِ ثَوَابًا عَظِيمًا إِذَا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} [البقرة: 155] ، يَعْنِي لِنَخْتَبِرَنَّكُمْ.

وَالِاخْتِبَارُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِظْهَارُ مَا يَعْلَمُ بِهِ الْغَيْبَ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ." اهـ

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 262)

"وَيُقَالُ : الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، وَإِذَا مَضَى عَلَيْهِ وَقْتٌ يَصْبِرُ، إِنْ شَاءَ، أَوْ أَبَى. فَالْعَاقِلُ مَنْ صَبَرَ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ ". اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (8/ 68_69) :

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ :

فِيهِ : مَا كَانَ عَلَيْهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من التَّوَاضُع والرفق بالجاهل، وَترك مُؤَاخذَة الْمُصَاب وَقبُول اعتذاره.

وَفِيه : إِن الْحَاكِم لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَّخذ من يَحْجُبهُ عَن حوائج النَّاس.

وَفِيه : أَن من أَمر بِمَعْرُوف يَنْبَغِي لَهُ أَن يقبل وَإِن لم يعرف الْآمِر.

وَفِيه : أَن الْجزع من المنهيات لأَمره، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهَا بالتقوى مَقْرُونا بِالصبرِ.

وَفِيه : التَّرْغِيب فِي احْتِمَال الْأَذَى عِنْد بذل النَّصِيحَة وَنشر الموعظة.

وَفِيه: أَن المواجهة بِالْخِطَابِ إِذا لم تصادف الْمَنوِي لَا أثر لَهَا. وَبنى عَلَيْهِ بَعضهم مَا إِذا قَالَ: يَا هِنْد أَنْت طَالِق، فصادف عمْرَة أَن عمْرَة لَا تطلق.

وَفِيه: جَوَاز زِيَارَة الْقُبُور مُطلقًا[7]، سَوَاء كَانَ الزائر رجلا أَو امْرَأَة، وَسَوَاء كَانَ المزور مُسلما أَو كَافِرًا لعدم الْفَصْل فِي ذَلِك.

وَقَالَ النَّوَوِيّ : "وبالجواز قطع الْجُمْهُور، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: "لَا يجوز زِيَارَة قبر الْكَافِر"، مستدلاً بقوله تَعَالَى: وَلَا تقم على قَبره} (التَّوْبَة: 48) . وَهَذَا غلط."

وَفِي الِاسْتِدْلَال___بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة نظر لَا يخفى."

 

شرح النووي على مسلم (6/ 227_228) :

فِيهِ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ،

قَوْلُهَا (وَمَا تُبَالِي بِمُصِيبَتِي) ثُمَّ قَالَتْ فِي آخِرِهِ (لَمْ أَعْرِفْكَ)

فِيهِ : الِاعْتِذَارُ إِلَى أَهْلِ الْفَضْلِ إِذَا أَسَاءَ الْإِنْسَانُ أَدَبَهُ مَعَهُمْ،

وَفِيهِ : صِحَّةُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ مَا أُبَالِي بِكَذَا، وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ زعم أنه لا يجوز اثبات الباء إنما يقال ما باليت كذا وهذا غَلَطٌ بَلِ الصَّوَابُ جَوَازُ إِثْبَاتِ الْبَاءِ وَحَذْفِهَا، وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ.

قَوْلُهُ (فَلَمْ نجد عَلَى بَابِهِ بَوَّابِينَ)

فِيهِ : مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ___صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ،

وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي إِذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى بَوَّابٍ أَنْ لَا يَتَّخِذَهُ وَهَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 287) :

"وإنما الصابر على الحقيقة من صبر نفسه، وحبسها عن شهوتها، وقهرها عن الحزن والجزع والبكاء الذى فيه راحة النفس، وإطفاء لنار الحزن، فإذا قابل سورة الحزن وهجومه بالصبر الجميل، واسترجع عند ذلك، وأشعر نفسه أنه لله ملك، لا خروج له عن قضائه، وإليه راجع بعد الموت ويلقى حزنه بذلك، انقمعت نفسه، وذلك على الحق، فاستحقت جزيل الأجر." اهـ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 460) للزيداني :

"الصبرُ المَرْضيُّ المثابُ عليه هو الصبر عند ابتداء المصيبة ولحوقِ المشقَّة، فأما الصبرُ بعد ما مضى زمانٌ مديدٌ فلا قَدْرَ له؛ لأن الصبر بعد مضيِّ مدةٍ ضروريٌّ، ولا قَدْرَ للضروري."

 

الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 187_193) لابن مفلح، بتصرف يسير :

"فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ أَنَّهُ وَمَا يَمْلِكُهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ أَوْجَدَهُ مِنْ عَدَمٍ وَيُعْدِمُهُ أَيْضًا وَيَحْفَظُهُ فِي حَالِ وُجُودِهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْعَبْدُ إلَّا بِمَا يُتَاحُ لَهُ وَأَنَّ مَرْجِعَهُ إلَى اللَّه، وَلَا بُدَّ فَرْدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: 80] .____

وَقَوْلُهُ {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94] .

وَأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ. كَمَا قَالَهُ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ - لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22 - 23] .

وَإِنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ جَعَلَ مُصِيبَتَهُ أَعْظَمَ مِمَّا هِيَ، وَإِنَّهُ إنْ صَبَرَ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ فَوَاتِ مُصِيبَتِهِ، وَإِنَّ الْمُصِيبَةَ لَا تَخْتَصُّ بِهِ فَيَتَأَسَّى بِأَهْلِ الْمَصَائِبِ، وَمُصِيبَةُ بَعْضِهَا أَعْظَمُ، وَإِنَّ سُرُورَ الدُّنْيَا مَعَ قِلَّتِهِ وَانْقِطَاعِهِ مُنَغِّصٌ....___

وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمَصَائِبُ لَبَطَرَ الْعَبْدُ وَبَغَى وَطَغَى فَيَحْمِيهِ بِهَا مِنْ ذَلِكَ وَيُطَهِّرُهُ مِمَّا فِيهِ، فَسُبْحَانَ مِنْ يَرْحَمُ بِبَلَائِهِ، وَيَبْتَلِي بِنَعْمَائِهِ

وَعَلِمَ أَنَّهُ يُحِبُّ رَبَّهُ وَأَنَّهُ إنْ أَسْخَطَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي مَحَبَّتِه....

وَعَلِمَ أَنَّ مَرَاتِبَ الْكَمَالِ مَنُوطَةٌ بِالصَّبْرِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَأَقَلُّ الْأَحْوَالِ أَنْ لَا يَتَّهِمَ رَبَّهُ فِي قَضَائِهِ لَهُ...___

فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ هَذِهِ الْأُمُورَ نَظَرَ فِيهَا وَتَأَمَّلَهَا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَحَصَلَ لَهُ مِنْ___خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا مُتَفَاوِتُونَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأُمُورِ وَسَيَأْتِي آخِرَ فُصُولِ التَّدَاوِي." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 227_229) للعثيمين :

"ففي هذا الحديث عدة فوائد:

أولاً: حسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ودعوته إلي الحق وإلي الخير، فإنه لما رأي هذه المرأة تبكي عند القبر أمرها بتقوى الله والصبر.

ولما قالت: ((إليك عني)) لم ينتقم لنفسه، ولم يضربها، ولم يقمها بالقوة، لأنه عرف أنه أصابها من الحزن ما لا تستطيع أن تملك نفسها، ولهذا خرجت من بيتها لتبكي عند هذا القبر...___

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان يعذر بالجهل، سواء أكان جهلاً بالحكم الشرعي أم جهلاً بالحال، فإن هذه المرأة قالت للنبي صلي الله عليه وسلم: إليك عني، أي: ابعد عني، مع أنه يأمرها بالخير والتقوي والصبر. ولكنها لم تعرف أن رسول الله صلي الله عليه وسلم فلهذا عذرها النبي عليه الصلاة والسلام.

ومنها: أنه لا ينبغي للإنسان المسؤول عن حوائج المسلمين أن يجعل على بيته بواباً يمنع الناس إذا كان الناس يحتاجون إليه. إلا إذا كان الإنسان يخشي من كثرة الناس وإرهاق الناس وإشغال الناس عن شيء يمكنهم أن يتداركوا شغلهم في وقت آخر، فهذا لا بأس به.___

وما جعل الاستئذان إلا من أجل النظر، ومن أجل أن الإنسان يتصرف في بيته في إدخال من شاء ومنع من شاء.

ومن فوائده: أن الصبر الذي يحمده فاعله هو الصبر الذي يكون عند الصدمة الأولي ويصبر الإنسان ويحتسب، ويعلم أن الله ما أخذ وله ما أعطي، وأن كل شيء عنده بأجل مسمي.

ومن فوائد هذا الحديث: أن البكاء عند القبر ينافي الصبر؛ ولهذا قال لها الرسول صلي الله عليه وسلم: ((اتقي الله واصبري)) .

ويوجد من الناس من يبتلي، فإذا مات له ميت صار يتردد على قبره ويبكي عنده، وهذا ينافي الصبر، بل نقول: إذا شئت ان تنفع الميت فادع الله وأنت في بيتك، ولا حاجة أن تترد على القبر، لأن التردد على القبر يجعل الإنسان يتخيل هذا الميت دائما في ذهنه ولا يغيب عنه، وحينئذ لا ينسي المصيبة أبدا، مع أن الأفضل للإنسان أن يتلهى وأن ينسي المصيبة بقدر ما يستطيع. والله الموفق." اهـ

 

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (2/ 378) لحمزة محمد قاسم، بتحقيق الأرنؤوط :

"فقه الحديث: دل الحديث على ما يأتي:

أولاً : مشروعية زيارة القبور للرجال والنساء معاً، قال النووي: وبالجواز قطع الجمهور، وأما ما روي عن أبي هريرة _رضي الله عنه_:

أن النبي _صلى الله عليه وسلم_: "لعن زوّارات القبور" فقد كان قبل الترخيص لهن كما قال أهل العلم[8].

ثانياً: الترغيب في الصبر عند أول وقوع المصيبة، لما يترتب على ذلك من عظيم المثوبة والأجر عند الله تعالى، حيث يؤجر على ذلك بغير حساب. كما قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) فالصبر عند أوّل نزول البلاء هو الذي يثاب عليه بغير حساب كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى ". والمطابقة: في قول أنس رضي الله عنه: " مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر " فإن إقراره - صلى الله عليه وسلم - لزيارتها لقبر فقيدها دليل على مشروعية زيارتها. وإذا جازت زيارة القبور للنساء فجوازها للرجال من باب أولى." اهـ

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (18/ 343) للشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي _رحمه الله_:

"في ذكر الفوائد التي اشتمل عليها الحديث بطوله:

منها : ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو الأمر بالاحتساب، والصبر عند المصيبة، فإن قوله: "الصبر عند الصدمة الأولى" فيه الحثّ على التَغَلُّب على الجزع عند أول نزول المصيبة، واحتسابها على اللَّه تعالى. ومنها: ما كان عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من التواضع والرفق بالجاهل.

ومنها : مسامحة المصاب، وقبول اعتذاره.

ومنها : أن القاضي لا ينبغي له أن يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس.

ومنها : أن من أُمِر بمعروف ينبغي له أن يقبل، ولو لم يعرف الآمر.

ومنها : كونُ الجزع من المنهيات، لأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - لها بالتقوى، مقرونا بالصبر.

ومنها : الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة، ونشر الموعظة.

ومنها : أن المواجهة بالخطاب إذا لم تُصادف المنويَّ لا أثر لها، وبَنَى عليه بعضهم ما إذا قال: يا هند أنت طالق، فصادف عمرة، أن عمرة لا تطلق.

ومنها : جواز زيارة القبور، سواء كان الزائر رجلاً، أو امرأةً، وسواء كان المزور مسلمًا أو كافرًا، لعدم الاستفصال في ذلك، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وبالجواز قطع الجمهور، وقال صاحب "الحاوي": لا تجوز زيارة قبر الكافر، وهو غلط انتهى وسيأتي اختلاف العلماء في زيارة القبور في بابه [100/ 2032و2033]، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل." اهـ

 

حكم زيارة القبور للنساء :

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (20/ 28_30) :

قال : واختلف من قال بالكراهة في حقّهنّ، هل هي كراهة تحريم، أو تنزيه؟. انتهى كلام الحافظ _رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى_.

قال الجامع _عفا اللَّه تعالى عنه_ : الراجح في هذه المسألة هو ما عليه أكثر أهل العلم، من أن زيارة القبور جائزة للرجال والنساء؛ لصحّة الأحاديث بذلك :

فمنها : حديث الباب، فإن الخطاب، وإن كان للذكور، إلا أنه يشمل النساء بدليل الأحاديث الأخرى.

ومئها: حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - الذي أخرجه مسلم، من حديثها الطويل، وفيه: أنها قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول اللَّه؟: قال : "قولي: السلام على أهل الديار، من المؤمنين، والمسلمين، ويرحم اللَّه المستقدمين منا، والمستأخرين، وإنا إن شاء اللَّه بكم للاحقون"[9].

فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - علمها ما يُشرَع قوله عند زيارة القبور، ولم يمنعها من___الزيارة، فدلّ على جوازه للنساء.

ومنها : ما أخرجه الحاكم بإسناد صحيح من طريق أبي التيّاح يزيد بن حميد، عن عبد اللَّه بن أبي مليكة: "أن عائشة - رضي اللَّه عنها - أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم كان نهى، ثمّ أمر بزيارتها".[10]

ومنها : حديث أنس _رضي اللَّه عنه_ عند البخاريّ، وقد تقدّم قريبًا، فإنه _صلى اللَّه عليه وسلم_ لم ينكر عليها زيارتها للقبر، وإنما أنكر عليها البكاء، وعدمَ الصبر، ولذلك استدلّ به الإمام البخاريّ على جواز زيارة القبور، ولم يذكر من الأحاديث الدالّة على الجواز في "باب زيارة القبور" غيره، قال الحافظ في "الفتح": وكأنه لم تثبت على شرطه الأحاديث المصرّحة بالجواز.

والحاصل : أن هذه الأحاديث الصحاح تدلّ دلالة واضحة على جواز زيارة القبور للنساء. ولم يأت المانعون بحجة تُعارض هذه الأحاديث الصحاح، فكلّ ما استدلّوا به من الأحاديث لا يخلو من كلام.

فمنها: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - الذي تقدم: "أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لعن زَوّرات القبور"، فهو وإن صححه الترمذيّ، إلا أن في سنده عُمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والأكثرون على تضعيفه.

ومنها: حديث حسان بن ثابت - رضي اللَّه عنه -، أخرجه أحمد، وابن ماجه، واللفظ له: "لعن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زوّارات القبور". وفي سنده عبد الرحمن بن بَهْمان، لم يرو عنه غير عبد اللَّه بن عثمان بن خُثيم، وقال ابن المدينيّ: لا يعرف، ووثقه بعضهم.

ومنها: حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، أخرجه أبو داود، والمصنف، كما سيأتي قريبًا، وابن ماجه، بلفظ: "لعن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زائرات القبور، والمتخذين عليها السرج". وفي سنده أبو صالح باذان، أو باذام، مولى أم هانىء ضعفوه، ومنهم من كذّبه.[11]

فهذه الأحاديث، وإن قيل: إنها يتقوّى بعضها ببعض، لكنها لا تعارض الأحاديث السابقة الصحيحة، لأمور:

أحدهما: رجحان تلك عليها، من حيث الصحّة.

الثاني: أن الظاهر كون النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قالها قبل النسخ، كما بينته عائشة - رضي اللَّه تعالى - عنها، لما سألها ابن أبي مليكة، كما تقدّم.

الثالث: أنها محمولة على ما إذا كانت زيارتهنّ مشتملة على محظور، من النياحة،___والجزع، وتجديد الحزن، أو من التبرّج، والتزين الذي يتسبب للفتنة.

وقد تقدّم عن القرطبيّ _رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى_، أن اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة، لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يُفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرّج، وما ينشأ من الصياح، وقد يقال: إذا أُمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء انتهى.

قال الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر انتهى.

والحاصل : أن الصواب جواز زيارة القبور للنساء، لكن بشرط أن يكنّ ملتزمات ما أوجب الشرع عليهنّ عند الخروج إلى المساجد، ونحوها، بأن يكنّ محتجبات، غير متطيبات، وغير مُظهرات زينتهنّ، وغير قاصدات للمحظور المذكور، من النياحة، بل لمجرّد السلام، والدعاء للميت، وتذكر الآخرة، والاعتبار بأصحاب القبور،

كما بيّن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك حينما أمر بزيارتها، بقوله: "إنها تذكر الآخرة"، وقوله: "تزهد في الدنيا"، و"تُرِقّ القلب، وتُدمع العين"،

وأشار - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى اجتناب المحظورات بقوله: "فلا تقولوا هُجرا". واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل." اهـ

 

الثبات عند الممات (ص: 31) لابن الجوزي :

"فَصْلٌ فِي فَضَائِلِ الصَّبْرِ." اهـ[12]

 

مختصر منهاج القاصدين (ص: 272)

ومن آداب الصبر استعماله في أول صدمة



 [1] ترجمة أنس بن مالك الأنصاري  الخزرجي النجاري _رضي الله عنه_ :

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 395) :

"أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ الأَنْصَارِيُّ * (ع) : ابْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ : الإِمَامُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَابَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَتِلْمِيذُهُ، وَتَبَعُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً.

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر (9/ 361)

عن أنس قال شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديبية وعمرته والحج والفتح وحنينا وخيبر

وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 231) :

"تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ، آخِرُ مِنْ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الْصَّحَابَةِ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَكَانَتْ نَخْلَاتُهُ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَقِيلَ: بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ." اهـ

[2] وفي فتح الباري لابن حجر (3/ 149) :

"وَقَالَ الطِّيبِيُّ : "قَوْلُهُ (اتَّقِي اللَّهَ) تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ (وَاصْبِرِي)، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهَا : "خَافِي غَضَبَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَصْبِرِي، وَلَا تَجْزَعِي لِيَحْصُلَ لَكِ الثَّوَابُ." اهـ

[3] وفي فتح الباري لابن حجر (3/ 149) : "قَوْلُهُ (وَلَمْ تَعْرِفْهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ : خَاطَبَتْهُ بِذَلِكَ وَلَمْ تَعْرِفْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ." اهـ

[4] وفي فتح الباري لابن حجر (3/ 149):

"قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: "فَائِدَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ بَيَانُ عُذْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فِي كَوْنِهَا لَمْ تَعْرِفْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ بَوَّابًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَكَانَ من شَأْنه أَنه لَا يَسْتَتْبِعُ النَّاسَ وَرَاءَهُ إِذَا مَشَى كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُلُوكِ وَالْأَكَابِرُ فَلِذَلِكَ اشْتَبَهَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَلَمْ تَعْرِفْهُ مَعَ مَا كَانَتْ فِيهِ مِنْ شَاغِلِ الْوَجْدِ وَالْبُكَاءِ." اهـ

وفي فتح الباري لابن حجر (3/ 149):

"وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فَائِدَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشْعَرَتْ خَوْفًا وَهَيْبَةً فِي نَفْسِهَا فَتَصَوَّرَتْ أَنَّهُ مِثْلُ الْمُلُوكِ لَهُ حَاجِبٌ وَبَوَّابٌ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا تَصَوَّرَتْهُ." اهـ

قال أبو فائزة _عفا الله عنه_: والظاهر هو الثاني، والله أعلم.

[5] وفي شرح النووي على مسلم (6/ 227) : "وَأَصْلُ الصَّدْمِ الضَّرْبُ فِي شَيْءٍ صُلْبٍ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً". اهـ

[6] وفي أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (1/ 690) للخطابي :

"يريد أن الصبر المحمود المأجور عليه صاحبُه هو ما كان عند مفاجأة المصيبة وهي الصدمة الأولى دون ما بعدها، فإنه إذا طالت الأيام عليها وقع السلو، وصار الصبر حينئذ طبعا فلم يكن للأجر موضع.

وقد قال بعض الحكماء: إن الإنسان لا يؤجر على شيء من المصائب (التي) تناله في نفسه من مرض وموت حميم ورُزء مال، لأجل ذوات هذه الأمور، فإن جميع ذلك طبع وجبلة ولا صنع للإنسان فيه، وقد يصيب الكافر مثلُ ما يصيب المسلم، إنما يؤجر الإنسان على نيته واحتسابه الأجر فيها، وتلقي الأمر في ذلك بالرضا وجميل الصبر." اهـ

[7] وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (8/ 70) للعيني : "وَإِنَّمَا رخصت الزِّيَارَة، لتذكر أَمر الْآخِرَة، وللاعتبار بِمن مضى، وللتزهد فِي الدُّنْيَا." اهـ

[8] وقال الأرنؤوط  في تعليقه على "منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري" (2/ 378) :

"وأن اللعن للمكثرات من الزيارة، والإذن بالزيارة عام بعد المنع، إذا أمنت الفتنة. (ع)." اهـ

[9] أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 669) (رقم : 974)

[10] أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (8/ 284) (رقم : 4871)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 532) (رقم : 1392)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 131) (رقم : 7207). وصححه الألباني _رحمه الله_ في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (3/ 234) (رقم : 775)، وقال : "فالحديث صحيح , وكذلك قال الذهبى." اهـ

[11] وقال الشيخ الألباني _رحمه الله_ في أحكام الجنائز (1/ 186) :

"وأما حديث ابن عباس، فهو من طريق أبي صالح عنه باللفظ الأول إلا أنه قال: (زائرات القبور) وفي رواية (زوارات).

أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 140) وأصحاب السنن الاربعة وابن حبان (788) والحاكم والبيهقي والطيالسي والرواية الاخرى لهما، وأحمد (رقم 2030، 2603، 2986، 3118) وقال الترمذي: (حديث حسن، وأبو صالح هذا مولى أم هاني بنت أبي طالب واسمه باذان، ويقال: باذام).

قلت: وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم، وقد أوردت حديثه في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) لزيادة تفرد بها فيه، وذكرت بعض أقوال الائمة في حاله فيراجع (223).

فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ (زوارات) لاتفاق حديث أبي هريرة وحسان عليه وكذا حديث ابن عباس في رواية الاكثرين، على ما فيه من ضعف فهي إن لم تصلح للشهادة فلا تضر، كما لا يضر في الاتفاق المذكور الرواية الاخرى من حديث ابن عباس كما هو ظاهر، وإذا كان الامر كذلك فهذا اللفظ (زوارات) إنما يدل على لعن النساء اللاتي يكثرن الزيارة.

بخلاف غيرهن فلا يشملهن اللعن، فلا يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما سبق من الاحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء، لانه خاص وتلك عامة.

فيعمل بكل منهما في محله، فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ، وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء." اهـ

[12] وفي الثبات عند الممات (ص: 32) :

"وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّبْرُ فِي أَوَّلِ صَدْمَةٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى

وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَسِبَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا أُخِذَ مِنْهُ وَيُوقِنَ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ وَذَلِكَ يُهَوِّنُ الصَّبْرَ

وَمِنْ عَلامَةِ الصَّبْرِ الْكَفُّ عَنْ تَمْزِيقِ ثَوْبٍ أَوْ لَطْمِ خَدٍّ وَحَبْسُ اللِّسَانِ عَنِ اعْتِرَاضٍ وَتَسَخُّطٍ وَالامْتِنَاعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُوجِبُ إِظْهَارَهُ تَأَثُّرَ الْمُبْتَلِي وَلْيَعْلَمِ الْعَاقِلُ أَنَّ الْبَلايَا ضُيُوفٌ فَلْيُعِدَّ لَهَا قِرَى الصَّبْرِ."

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين