شرح الحديث 30 من رياض الصالحين لأبي فائز البوجيسي

 

[30] وعن صهيب[1] _رضي الله عنه_ :

أنَّ رسولَ الله _صلى الله عليه وسلم_، قَالَ :

«كَانَ مَلِكٌ[2] فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ[3]،

فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ للمَلِكِ : "إنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إلَيَّ غُلاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ"؛

فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلاماً يُعَلِّمُهُ[4]،

وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ،

فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.

فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ : "اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ؟"

فَأخَذَ حَجَراً، فَقَالَ : "اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ"،

فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ،

فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإن ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّ عَلَيَّ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء. فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ، فَقَالَ :

"مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ[5]، إنْ أنتَ شَفَيتَنِي"،

فَقَالَ : "إنّي لا أشْفِي أحَداً، إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى، فَإنْ آمَنْتَ بالله _تَعَالَى_ دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ"،

فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ،

فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : "مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟"

قَالَ: "رَبِّي"، قَالَ : "وَلَكَ رَبٌّ غَيري؟"[6]

قَالَ : "رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ"،

فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ، فَجيء بالغُلاَمِ،

فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : "أيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرئ الأَكْمَهَ[7] وَالأَبْرَصَ وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ!"

فَقَالَ : "إنِّي لا أَشْفي أحَداً، إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى".

فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ : "ارجِعْ عَنْ دِينكَ"،

فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ[8]، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ[9]، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ،

فقيل لَهُ : "ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ"،

فَأَبَى، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ،

ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ: "ارْجِعْ عَنْ دِينكَ"، فَأَبَى،

* فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ، فَقَالَ : "اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ[10]، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإلا فَاطْرَحُوهُ."

فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ : "اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ، فَسَقَطُوا، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ؟

فَقَالَ: كَفَانِيهمُ اللهُ _تَعَالَى_[11]،

* فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ : "اذْهَبُوا بِهِ، فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ[12] وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلا فَاقْذِفُوهُ."

فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ : "اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ"،

فانْكَفَأَتْ[13] بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : "مَا فعلَ أصْحَابُكَ؟"

فَقَالَ : "كَفَانيهمُ الله تَعَالَى". فَقَالَ لِلمَلِكِ : "إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ".

قَالَ : "مَا هُوَ؟" قَالَ : "تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ[14]، وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ : (بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ)، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني".

فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ : "بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ"، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ،

فَقَالَ النَّاسُ : "آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ"،

فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ : "أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ. قَدْ آمَنَ النَّاسُ."

فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ[15] بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ[16]، وَقَالَ :

"مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحِمُوْهُ فيهَا"، أَوْ قيلَ لَهُ : "اقتَحِمْ"،

فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ[17] أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ : "يَا أُمهْ، اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ![18]». رواه مسلم.

«ذِروَةُ الجَبَلِ» : أعْلاهُ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا - و «القُرْقُورُ» : بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن وَ «الصَّعيدُ» هُنَا: الأَرضُ البَارِزَةُ وَ «الأُخْدُودُ» الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير، وَ «أُضْرِمَ» : أوْقدَ، وَ «انْكَفَأتْ» أَي: انْقَلَبَتْ، وَ «تَقَاعَسَتْ» : تَوَقفت وجبنت.

 

قال أبو فائزة: 

ووقع في رواية الترمذيّ في آخر هذا الحديث زيادة، وهي، "قال:

يقول الله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5)} [البروج: 4 - 5]

 

صحابي الحديث:


ترجمة صهيب الرومي _رضي الله_ :


وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 237)

صهيب بن سنان بن خالد بن عَمْرو أبويحيى النمري، المعروف بالرومي، صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، من تيم الله بن النضر بن قاسط." باختصار


وفي "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 338) للذهبي : "صُهَيْب بْن سِنَان الرُّوميّ أَبُو يحيى [المتوفى: 38 ه]، لأنّ الروم سَبَتْهُ من نِينَوَى بالموصل، وهو من النمر بن قاسط. كان أبوه أو عمُّه عاملًا بنِينُوَى لِكسْرى، ثُمَّ إنّه جُلِب إِلَى مكة، فاشتراه عَبْد الله بْن جدعان التيمي، وقيل: بل هرب من الروم فقدِمَ مكة، وحالف ابن جُدْعان. كان صُهَيْب من السابقين الأوّلين، شهِدَ بدْرًا والمشاهد." اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2299) (رقم : 3005)، والترمذي في سننه (5/ 437) (رقم : 3340)، وأحمد في مسنده (39/ 351) (رقم : 23931)، غيرهم

 

من فوائد الحديث :

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 555)

وقوله فى حديث صاحب الأخدود: " إذا خشيت أهلك فقل: حبسنى الساحر ": جواز الكذب للضرورة لا سيما فى الله، وفى المدافعة عن الإيمان، ومن يصدع عنه.[19]

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 557):

"وقول الغلام هذا، وفعله ما فعل بنفسه، ودل عليه الملك من قتله ليشتهر فى الناس أمر الإيمان ويروا برهانه كما كان." اهـ

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 557_558) للقاضي عياض :

"وفى هذا الحديث صبر الصالحين على الابتلاء فى ذات الله، وما يلزمهم من إظهار دينه والدعاء لتوحيده، واستقتالهم أنفسهم فى ذلك، وهو مراد الغلام بقوله للملك: " لست___بقاتلى حتى تصلبنى وتجمع الناس وتضع السهم فى كبد القوس وتقول: بسم الله رب الغلام ليرى الناس ذلك فيؤمنوا بالله كما كان."

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 558)

"وفيه إثبات كرامات الأولياء وإجابة دعواتهم باختبارهم كما أظهر الله فى قصة هذا الغلام، وكفاية الله له من تلك المهالك."[20]

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 41) لفيصل بن عبد العزيز آل مبارك :

"وفي هذا الحديث: إِثبات كرامة الأَولياء.

وفيه: نصرُ مَنْ توكل على الله سبحانه، وانتصر وخرج عن حَوْل نفسه وقواها.

وفيه: أَنَّ أَعمى القلب لا يبصر الحق.

وفيه: بيان شرف الصبر والثبات على الدِّين."

 

شرح رياض الصالحين (1/ 213) للعثيمين :

"هذا الساحر لما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر.

واختار الغلام لأن الغلام أقبل للتعليم، ولأن التعليم للغلام الشاب هو الذي يبقي، ولا ينسي، ولهذا كان التعلم في الصغر خيرا بكثير من التعلم في الكبر، وفي كل خير، لكن التعلم في الصغر فيه فائدتان عظيمتان بل أكثر:

الفائدة الأولي: أن الشاب في الغالب أسرع حفظاً من الكبير، لأن الشاب فارغ البال ليست عنده مشاكل توجب انشغاله.___

وثانياً: أن ما يحفظه الشاب يبقي، وما يحفظه الكبير ينسي، ولهذا كان من الحكمة الشائعة بين الناس: ((إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر)) لا يزول.

وفيه فائدة ثالثة: وهي أن الشاب إذا ثقف العلم من أول الأمر صار العلم كالسجية له والطبيعة له، وصار كأنه غريزة قد شب عليه فيشب عليه.

 

شرح رياض الصالحين (1/ 215_216) :

"المهم أن الغلام أخبر الراهب بما جري فقال له الراهب: أنت اليوم خير مني، وذلك لأن الغلام دعا الله فاستجاب الله له.

وهذا من نعمة الله على العبد، أن الإنسان إذا شك في المر ثم طلب من الله لآية تبين له شأن هذا الأمر فبينه الله له، فإن هذا من نعمة الله عليه.

ومن ثم شرعت الاستخارة، للإنسان إذا هم بالأمر وأشكل عليه: هل___في إقدامه خير أم في إحجامه خير، فإنه يستخير الله، وإذا استخار الله بصدق وإيمان فإن الله تعالي يعطيه ما يستدل به علي أن الخير في الإقدام أو إحجام. إما بشيء يلقيه في قلبه ينشرح صدره لهذا أو لهذا، وإما برؤيا يراها في المنام، وإما بمشورة أحد من الناس، وإما بغير ذلك."

 

شرح رياض الصالحين (1/ 216)

وكان من كرامات هذا الغلام أنه يبرئ الأكمة والأبرص، يعني أنه يدعو لهم فيبرأون، وهذا من كرامات الله له.

وليس كقصة عيسي بن مريم يمسح صاحب العاهة فيبرأ، بل هذا يدعو الله فيستجيب الله تعالي دعاءه، فيبرئ بدعائه الأكمة والأبرص.

 

وقال الشيخ العثيمين _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (1/ 216_217):

"وكان للملك جليسٌ أعمى _لا يبصر_، فأتي بهدايا كثيرة لهذا الغلام حينما سمع عنه ما سمع وقال: لك ما هنا أجمع- أي كله- إن أنت شفيتني، فقال، إنما يشفيك الله.

انظر إلي الإيمان! لم يغتر بنفسه وادعي أنه هو الذي يشفي المرضي، بل قال: إنما يشفيك الله عز وجل، وهذا يشبه من بعض الوجوه ما جري لشيخ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله عليه-، حينما جئ إليه برجل مصروع قد صرعه الجني، فقرأ عليه شيخ الإسلام ابن تيمي ولكنه لم يخرج، فجعل شيخ الإسلام يضربه على رقبته ضرباً شديداً، حتى إن يد شيخ____الإسلام أوجعته من الضرب. فتكلم الجني الذي في الرجل وقال له: أخرج كرامة للشيخ، فقال له الشيخ رحمه الله: لا تخرج كرامة لي ولكن أخرج طاعة لله ولرسوله. لا يريد أن يكون له فضل، بل الفضل لله عز وجل أولاً وآخرا. فخرج الجني. فلما خرج الجني استيقظ الرجل فقال: ما الذي جاء بي إلي حضرة الشيخ؟ لأنه حينما صرع يمكن أنه كان في بيته أو سوقه، قال: ما الذي جاء بي إلي حضرة الشيخ؟ فقالوا: سبحان الله! ألم تحس بالضرب الذي كان يضربك؟ قال: ما أحسست به ولا أوجعني. فأخبروه، فبريء الرجل!

الشاهد أن أهل العلم والإيمان لا ينسبون نعمة الله إليهم، وإنما ينسبونها إلي موليها عز وجل وهو الله."

 

شرح رياض الصالحين (1/ 221_222)

ففي هذه القطعة من الحديث دليل على مسائل:

أولاً: قوة إيمان هذا الغلام، وأنه لم يتزحزح عن إيمانه ولم يتحول.

ثانياً: فيه آية من آيات الله، حيث أكرمه الله عز وجل بقبول دعوته، فزلزل الجبل بالقوم الذين يريدون أن يطرحوه من رأس الجبل حتى سقطوا.

ثالثاً: أن الله عز وجل يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، فإذا دعا الإنسان ربه في حال ضرورة موقناً أن الله يجيبه، فإن الله تعالي يجيبه، حتى الكفار إذا دعوا الله في حال الضرورة أجابهم الله، مع انه يعلم انهم سيرجعون إلي الكفر، إذا غشيهم موج كالظل في البحر دعوا الله مخلصين له الدين، فإذا نجاهم أشركوا، فينجيهم لأنهم صدقوا في الرجوع إلي الله عند دعائهم، وهو سبحانه يجيب المضطر ولو كان كافراً.

رابعاً: أن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامة للمسلمين، فإن هذا الغلام دل الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه، وهو ان يأخذ سهماً من كنانته ويضعه في كبد القوس ويقول: باسم الله رب الغلام.

قال شيخ الإسلام: ((لأن هذا جهاد في سبيل الله، آمنت أمة وهو لم يفتقد شيئا، لأنه مات وسيموت إن آجلاً أو عاجلاً)) .___

فأما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلي الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله." اهـ[21]

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (3/ 154)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ وَعَمَلٍ مُخْلِصٍ قَدْ يُسْتَجَابُ لَهُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَسْؤُولُ مُعْجِزَةً

 

الترغيب والترهيب لقوام السنة (2/ 285)[22]

باب الترغيب في الصبر

 

الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (26/ 459_460) :

وهذا الحديث إنما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ليصبروا على ما يلقون من الأذى والآلام والمشقات التي كانوا عليها ليتأسوا بمثل هذا الغلام في صبره وتصلبه___في الحق وتمسكه به وبذله نفسه في حق إظهار دعوته ودخول الناس في الدين مع صغر سنه وعظيم صبره، وكذلك الراهب صبر عى التمسك حتى نُشر بالمنشار، وكذلك كثير من الناس لما آمنوا بالله تعالى ورسخ الإيمان في قلوبهم صبروا على الطرح في النار ولم يرجعوا عن دينهم وهذا كله فوق ما كان يفعل بمن آمن من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يكن فيهم من فُعل به شيء من ذلك لكفاية الله تعالى لهم ولأنه تعالى أراد إعزاز دينه وإظهار كلمته، على أني أقول: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أقوى الأنبياء في الله تعالى، وأصحابه أقوى أصحاب الأنبياء في الله تعالى فقد امتحن كثير منهم بالقتل وبالصلب وبالتعذيب الشديد ولم يلتفت إلى شيء من ذلك وتكفيك قصة عاصم وخبيب وأصحابهما وما لقي أصحابه من الحروب والمحن والأسر والحرق وغير ذلك فلقد بذلوا في الله نفوسهم وأموالهم وفارقوا ديارهم وأولادهم حتى أظهروا دين الله تعالى ووفّوا بما عاهدوا عليه الله فجازاهم الله تعالى أفضل الجزاء ووفّاهم من أجر من دخل في الإسلام بسببهم أفضل الإجزاء والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.

 

الأحكام الكبرى (3/ 334) لعبد الحق الأشبيلي :

"بَاب التَّمَسُّك بِالدّينِ وَالصَّبْر عِنْد نزُول الْبلَاء والفتن." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 171)

وفي الحديث بيان شرف الصبر، وأنه وإن عظم في الألم وتحمل الشائد فهو سهل في جنب ما أعد لصاحبه من الثواب.

وفيه: فضل الثبات على الدين وإن عذب بأنواع العذاب كما وقع من بلال في أول الإسلام، وإن كان يجوز في مثل هذه الحالة الإتيان بألفاظ الكفر مع الإيمان القلبي لعذر الإكراه، كما وقع من عماربن ياسر." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 304)

والحاصل: أنه إنما علّم الملِك بكيفية قتله، مع أن قتل النفس حرام؛ لأنه

عَلِم أنه لا بد أن يُقتل، وإنما نجاته الآن بطريق الكرامة لإحقاق الحقّ، فأمره بما

يتضح به الحقّ لجميع الناس، فيؤمنوا، فيكون سببًا لهدايتهم، وهذا كالمجاهد

الذي يُقحم نفسه في معركة القتال؛ لإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ، والله تعالى أعلم.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 307_309)

في فوائده:

1 - (منها): إثبات كرمات الأولياء، فقد ظهر على يدي هذا الغلام

خوارق كثيرة.

2 - (ومنها): صبر أولياء الله تعالى على الابتلاء في ذات الله عزَّ وجلَّ، وما يلزمهم من إظهار دينه، والدعاء إليه، وهو مراد الغلام بقوله للملك: لست

بقاتلي حتى تصلبني ... إلخ.

3 - (ومنها): أن الصبي الذي كلّم أمه، وهي ترضعه ممن تكلّم في

المهد، وهم جماعة، وقد سبق ذكرهم في "كتاب البرّ والصلة" رقم [2/ 6488]

(2550) فراجعه تستفد علمًا، وبالله تعالى التوفيق.

4 - (ومنها): أن الحديث دليل على إجازة الكذب لمصلحة الدِّين، ووجه

التمسك به أن نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا الحديث كله في معرض الثناء على الراهب

والغلام، على جهة الاستحسان لِمَا صدر عنهما، فلو كان شيء مما صدر عنهما

من أفعالهما محرّمًا، أو غير جائز في شرعه لبيّنه - صلى الله عليه وسلم - لأمته، ولاستثناه من جملة

ما صدر عنهما، ولم يفعل ذلك، فكل ما أخبر به عنهما حجَّة، ومسوغ الفعل،

قاله القرطبيّ رحمه الله (1).

5 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله أيضًا: وهذا الحديث كله إنما ذكره

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ليصبروا على ما يلقون من الأذى، والآلام، والمشقات التي

كانوا عليها؛ ليتأسوا بمثل هذا الغلام في صبره، وتصلّبه في الحق، وتمسكه

به، وبذله نفسه في حق إظهار دعوته، ودخول الناس في الدين مع صغر سنه،

وعظيم صبره، وكذلك الراهب صبر على التمسك بالحقّ حتى نشر بالمنشار،

وكذلك كثير من الناس لمّا آمنوا بالله تعالى، ورسخ الإيمان في قلوبهم صبروا

على الطرح في النار، ولم يرجعوا عن دينهم، وهذا كله فوق ما كان يُفعل بمن

آمن من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه لم يكن فيهم من فُعل به شيء من ذلك؛

لكفاية الله تعالى لهم، ولأنه تعالى أراد إعزاز دينه، وإظهار كلمته.

على أني أقول: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أقوى الأنبياء في الله، وأصحابه أقوى

أصحاب الأنبياء في الله تعالى، فقد امتُحن كثير منهم بالقتل، وبالصلب،

وبالتعذيب الشديد، ولم يلتفت إلى شيء من ذلك، وتكفيك قصّة عاصم،

وخبيب، وأصحابهما، وما لقي أصحابه من الحروب، والمحن، والأسر،

والحرق، وغير ذلك، فلقد بذلوا في الله نفوسهم، وأموالهم، وفارقوا ديارهم،___وأولادهم، حتى أظهروا دين الله، ووفوا بما عاهدوا عليه الله، فجازاهم الله

أفضل الجزاء، ووفّاهم من أجر من دخل في الإسلام بسببهم أفضل الإجزاء.

انتهي (1)، والله تعالى أعلم.



[1] ترجمة صهيب الرومي _رضي الله_ :

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 237)

صهيب بن سنان بن خالد بن عَمْرو أبويحيى النمري، المعروف بالرومي، صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، من تيم الله بن النضر بن قاسط." باختصار

وفي "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 338) للذهبي : "صُهَيْب بْن سِنَان الرُّوميّ أَبُو يحيى [المتوفى: 38 ه]، لأنّ الروم سَبَتْهُ من نِينَوَى بالموصل، وهو من النمر بن قاسط. كان أبوه أو عمُّه عاملًا بنِينُوَى لِكسْرى، ثُمَّ إنّه جُلِب إِلَى مكة، فاشتراه عَبْد الله بْن جدعان التيمي، وقيل: بل هرب من الروم فقدِمَ مكة، وحالف ابن جُدْعان. كان صُهَيْب من السابقين الأوّلين، شهِدَ بدْرًا والمشاهد." اهـ

[2] وفي "الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم" (26/ 451) لمحمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي :

"ولم أقف على اسم هذا الملك، وعلى تعيين مكانه، غَيْرَ أن الظاهر: أنه كان في زمن الفترة بين عيسى ونبينا _عليهما الصلاة والسلام_. والظاهر على ما يفهم من كتب التفاسير: أن ذو نواس اسمه زرعة بن حسان، مَلِكُ حِمْيَر وما حولها،

وكان يسمى أيضًا يوسف بن شرحبيل في الفترة قبل أن يُولد النبي _صلى الله عليه وسلم_ بسبعين سنة، وكانت له غدائر من شَعْرٍ، أي: ذوائب تَنُوْسُ، أي: تضطرب، فسُمي ذا نَوَّاسٍ، وأن مكانه: نجران بتقديم النون وتأخير الجيم (موضع باليمن)، فُتِحَ سَنَةَ عَشْرٍ من الهجرة سُمي بـ(نجران بن زيدان بن سأ)." اهـ

وقال سالم بن حمود بن شامس بن خميس السيابي الإباضي (المتوفى: 1414هـ) في "إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان" - الشاملة (ص: 24): "وسميت نجران بـ(نجران بن يزيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان)." اهـ

وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (45/ 298): "قال صاحب "التنبيه": هو يوسف ذو نواس. قال ابن بشكوال: وفي "الزهر الباسم": أن اسمه يوسف بن شراحيل الْحِمْيريّ. انتهى." اهـ

[3] وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 298): "قال الشريف النسّابة: هو دُولعان." اهـ

[4] (غُلَامًا) هو: عبد الله بن ثامر، قاله الدمياطيّ، وابن بشكوال.

[5] (مَا) موصولة؛ أي: الذي (هَا هُنَا) من الهدايا (لَكَ) أيها الغلام (أَجْمَعُ) تأكيد للموصول

[6] وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 301): "أوَ (لك رَبٌّ غَيْرِي؟ ). في هذا دليل على أن ذلك الملك كان يدعي الربوبيّة، ففيه ردّ على من زعم أنه كان يهوديًّا.

[7] (الأَكْمَهَ)؛ أي: الذي وُلد أعمى، يقال: كَمِهَ كَمَهًا، من باب تَعِب فهو أَكمَهُ، والمرأة كُمْهَاءُ، مثل أحمر، وحمراء، وهو الْعَمَى يولد عليه الإنسان، وربما كان من مرض، قاله الفيّوميّ.

(وَالأَبْرَصَ)؛ أي: من أصابه داء البرص، وهو بفتحتين: بياض يظهر في ظاهر البدن؛ لفساد المزاج، وفعله كفرِحَ

[8] (فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ)؛ أي: في وسط رأس الراهب، و"المفرق" بكسر الراء، وفتحها؛ كمقعد، ومجلس: وسط الرأس الذي يُفرق فيه الشعر

[9] (حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ)؛ أي: جانباه

[10] «ذِروَةُ الجَبَلِ» : أعْلاهُ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا -

[11] كفاني الله: حفظني الله

[12] «القُرْقُورُ» : بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن.

وفي المغرب في ترتيب المعرب (ص: 378) للمُطَرِّزِىّ : "(الْقُرْقُورُ) سَفِينَةٌ طَوِيلَةٌ."

وفي لسان العرب (5/ 90)

"والقُرْقُورُ: ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّفِينَةُ الْعَظِيمَةُ أَو الطَّوِيلَةُ، والقُرْقُورُ مِنْ أَطول السُّفُنِ، وَجَمْعُهُ قَراقير."

[13] «انْكَفَأتْ» أَي: انْقَلَبَتْ

[14] «الصَّعيدُ» هُنَا: الأَرضُ البَارِزَةُ

[15] «الأُخْدُودُ» الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير

مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (2/ 524)

وقد اختلف العلماء فيمَنْ نزل قولُه تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)} [البروج: 4]،

فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - وعامة المفسرين: نزلت في عبد الله بن الثامر وأصحابه، وقال ابن عباس: كان عبد الله بن الثامر في زمان ذي نواس، وعبد الله يومئذٍ بنجران، فسار إليه، فخدَّ له ولأصحابه الأخاديد قبل مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعين سنة."

[16] «أُضْرِمَ» : أوْقدَ

[17] «تَقَاعَسَتْ» : تَوَقفت وجبنت.

[18] وفي مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (2/ 524) شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قِزْأُوغلي بن عبد الله المعروف بـ «سبط ابن الجوزي» (581 - 654 هـ) : "وقال الضَّحَّاك: تكلَّم في المَهْد ستة: شاهدُ يوسف، وابنُ ماشطة فرعون، وعيسى، ويحيى عليهما السلام، وصاحبُ جُرَيج، وصاحبُ الأُخدود."

[19] وفي الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (26/ 452) لمحمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي :

"قال القرطبي: وجه الاستدلال به كونه - صلى الله عليه وسلم - ذكره في معرض الثناء على الراهب والغلام واستحسان فعلهما إذ لو كان غير جائز لبينه - صلى الله عليه وسلم - والبيان لا يؤخر عن وقت الحاجة، وقال الأبي ويحتمل أن يكون ذلك تورية لا كذبًا لأن الغلام لا يصل إلى أهله إلا بعد المُكث عند الساحر والراهب، والتورية في قوله حبسني أهلي أبين وأوضح لأنه الأهل حقيقة إنما هم المرشدون له إلى السعادة فأراد بهذا اللفظ يعني لفظ الأهل الراهب وكذلك قوله لأهله حبسني الساحر يُمكن تأويله على التورية بأنه لا يصل إلى أهله إلا بعد المُكث عند الساحر والراهب جميعًا فيصدق قوله حبسني الساحر لأنه كان أحد الحابسين له اهـ من الأبي بزيادة." اهـ

[20] وفي شرح النووي على مسلم (18/ 130) :

"هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَفِيهِ جَوَازُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا وَفِي إِنْقَاذِ النَّفْسِ مِنَ الْهَلَاكِ سَوَاءً نَفْسُهُ أَوْ نَفْسُ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ حُرْمَةٌ." اهـ

[21] وفي جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الخامسة (ص: 334) : "ففي هذا الحديث أنه قُتِل جليس الملك والراهب بالمناشير، ولم يرجعَا عن الإيمان. وكذلك أهل الأخدود صبروا على التَّحريق بالنار وَلم يَرْجِعوا عن الإيمان. وأما الغلام فإنه أَمَرَ بقتل نفسِه لما عَلِمَ أنَّ ذلك يُوجِبُ ظُهُورَ الإيمان في النَّاس، والذي يصبر حتى يُقْتَل أو يَحْمِل حتى يُقْتَل لأنَّ في ذلك ظهورَ الإيمان." اهـ

[22] لإسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي الطليحي التيمي الأصبهاني، أبو القاسم، الملقب بقوام السنة (المتوفى: 535هـ)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين