الحديث السابع والستون من كتاب بهجة قلوب الأبرار

  

الحديث السابع والستون: تربية الأولاد وتأديبهم.

 

عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَا نَحل والدٌ وَلَدَهُ مِنْ نحْل أفضل من أدب حسَن[1]» رواه الترمذي

 

شرح الحديث:


فيض القدير (5/ 503)

(أفضل من أدب حسن) أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ وتهديد وضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح


التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 514)

(أفضل من أدب حسن) وهو أدب الكتاب والسنة وتعليم مناسك الدين وحسن معاشرة المخلوقين


الآداب الشرعية والمنح المرعية (3/ 553)

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ الشَّاعِرُ:

خَيْرُ مَا وَرَّثَ الرِّجَالُ بَنِيهِمْ ... أَدَبٌ صَالِحٌ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ

هُوَ خَيْرٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالْأَوْرَاقِ ... فِي يَوْمِ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءِ

تِلْكَ تَفْنَى وَالدِّينُ وَالْأَدَبُ الصَّا ... لِحُ لَا يَفْنَيَانِ حَتَّى اللِّقَاءِ

إنْ تَأَدَّبْت يَا بُنَيَّ صَغِيرًا ... كُنْت يَوْمًا تُعَدُّ فِي الْكُبَرَاءِ.

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3188)

جَعَلَ الأدب الحسن من جنس المال والعطيات مبالغة، كما جعل الله _تعالى_ القلب السليم من جنس المال والبنين في قوله:

{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشعراء: 88، 89]." اهـ

 

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 369)

إن حُسْنَ الأَدَبِ يَرْفَعُ العَبْدَ الْمَمْلُوكَ إلى رُتْبَة الْمُلُوك. قَالَ الأصمعي: قَالَ لي أعرابِيٌّ: "مَا حِرْفَتُكَ؟" قلتُ: (الأدب)، قَالَ: «نعم الشيء، فَعَلَيْك بِهِ، فإنه ينزل الْمَمْلُوكَ فِيْ حد الْمُلُوكِ»." اهـ

وانظر: السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (4/ 224) للعزيزي.

 

فيض القدير (5/ 503)

لا يعطي ولده عطية أفضل من تعليمه الأدب الحسن وهذا مما يتوجه على الآباء من بر الأولاد قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]

فأهم الآداب :

* أدبه مع الله: باطنا بآداب الإيمان كالتعظيم والحياء والتوكل، وظاهرا لمحافظة الحدود والحقوق والتخلق بأخلاق الإسلام،

* وآدابه مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في متابعة سننه في كل صغير وكبير وجليل وحقير،

* ثم أدبه في صحبة القرآن : بالانقياد له على غاية التعظيم، ثم يتعلم علوم الدين ففيها أنواع الآداب،

* ثم أدبه مع الخلق : بنحو مداراة ورفق ومواساة واحتمال وغير ذلك.

وثواب الأدب في تعليم الولد بقدر شأن ما علم." اهـ

 

بستان العارفين للسمرقندي (ص: 377)

(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: ينبغي للرجل أن يتعلم شيئاً من العلم والأدب وإن كان قليلاً لأن القليل منهما كثير، وإن الرجل إذا علم كلمة من العلم والأدب كان له فضل على من لا يتعلم شيئاً

تخريج الحديث:

 

سنن الترمذي ت شاكر (4/ 338) (رقم: 1952)، المنتخب من مسند عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (ص: 141) (رقم: 362)، النفقة على العيال لابن أبي الدنيا (1/ 498) (رقم: 326)، الضعفاء الكبير للعقيلي (3/ 308)، معجم الصحابة لابن قانع (1/ 261)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 292) (رقم: 7679)، مسند الشهاب القضاعي (2/ 251) (رقم: 1295_1297)، شعب الإيمان (3/ 207 و 11/ 129_131) (رقم: 1553 و 8284_8287)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 1980) (رقم: 4968)

 

وفي تخريج مسند أحمد ط الرسالة (24/ 128) للأرنؤوط:

"إسناده ضعيف لضعف عامر بن صالح بن رستم، ولإرساله عمرو بن سعيد بن العاص، جد أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد ليس له صحبة، وموسى بن عمرو تفرد بالرواية عنه ابنه أيوب." اهـ

 

والحديث ضعيف: ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/ 249_251) (رقم: 1121)، وقال:

ويتلخص مما تقدم، أن للحديث علتين:

الأولى: ضعف عامر بن صالح الخزاز، وفي التقريب : " صدوق، سيىء الحفظ، أفرط فيه ابن حبان فقال: يضع ".

الثانية: الإرسال. وبيانه أنه من رواية أيوب بن موسى، عن أبيه عن جده مرفوعا. وجد أيوب هو عمرو بن سعيد بن العاصي كما تقدم في كلام الترمذي، وعمرو هذا تابعي، قال الحافظ:

" وهم من زعم أن له صحبة، وإنما لأبيه رؤية، وكان عمرو مسرفا على نفسه ".

يعني بخروجه على عبد الملك بن مروان ينازعه الخلافة، فاحتال عليه عبد الملك فقتله.___

قلت: وللحديث علة ثالثة، وهي جهالة موسى بن عمرو بن سعيد، قال الذهبي:

" ما حدث عنه سوى ولده أيوب بن موسى ".

وقال الحافظ في " التقريب ": " مستور ". اهـ

 

وقال الشيخ المؤلف السعدي _رحمه الله_ في "بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار" – ط. الوزارة (ص: 138):

"أولى الناس ببرك، وأحقهم بمعروفك: أولادك، فإنهم أمانات جعلهم الله عندك، ووصاك بتربيتهم تربية صالحة لأبدانهم وقلوبهم،

 

وكل ما فعلته معهم من هذه الأمور، دقيقها وجليلها، فإنه من أداء الواجب عليك، ومن أفضل ما يقربك إلى الله، فاجتهد في ذلك، واحتسبه عند الله،

 

فكما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم، فأنت قائم بالحق مأجور، فكذلك - بل وأعظم من ذلك - إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة، والمعارف الصادقة، والتوجيه للأخلاق الحميدة، والتحذير من ضدها.

 

و"النحل" : هي العطايا والإحسان، فالآداب الحسنة خير للأولاد حالا ومآلا من إعطائهم الذهبَ والفضةَ، وأنواعَ الْمَتَاعِ الدنيوِيِّ، لأن بالآداب الحسنة، والأخلاق الجميلة يرتفعون، وبها يسعدون وبها يؤدون ما عليهم من حقوق الله وحقوق العباد، وبها يجتنبون أنواع المضار، وبها يتم برهم لوالديهم.

 

أما إهمال الأولاد، فضرره كبير، وخطره خطير. أرأيت لو كان لك بستانٌ، فَنَمَّيْتَهُ، حتى اسْتَتَمَّتْ أشجارُه، وأَيْنَعَتْ ثِمَارُه، وتزخرفت زروعُه وأزهارُهُ. ثم أهملته فلم تحفظه، ولم تَسْقِهِ وَلَمْ تُنَقِّهِ مِنَ الآفَاتِ، وَتَعُدُّهُ لِلنُّمُوِّ فِيْ كُلِّ الأَوْقَاتِ، أليس هذا من أعظم الجهل والحمق؟

 

فكيف تهمل أولادك الذين___هم فِلْذَةُ كَبِدِكَ، وثمرة فؤادك، ونسخة روحك، والقائمون مقامك حيا وميتا، الذين بسعادتهم تتم سعادتك. وبفلاحهم ونجاحهم تدرك به خيرا كثيرا {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]." اهـ

 



[1] وفي التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 369): "(أفضل من أدب حسن) أَي من تَعْلِيمه ذَلِك وَمن تأديبه بِنَحْوِ توبيخ وتهديد وَضرب على فعل الْحسن وتجنب الْقَبِيح." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين