شرح الحديث 36-37 من صحيح الترغيب للأستاذ أبي فائزة البوجيسي

 

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 121) :

36 - (15) [حسن لغيره] وعن أبي علي -رجلٍ من بني كاهلٍ- قال:

خطبَنا أبو موسى الأشعريُّ فقال:

"يا أيها الناسُ! اتَّقوا هذا الشركَ، فإنه أخفى من دبيبِ النملِ."

فقام إليه عبدُ الله بن حَزَن وقيسُ بن المُضارِب فقالا : "والله لَتخْرُجَنَّ مما قلتَ، أو لنأتينَّ عُمَرَ مأذوناً لنا أو غيرَ مأذونٍ"،

فقال : "بل أخرجُ مما قُلتُ، خطبنا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يومٍ، فقال :

«يا أيها الناسُ! اتّقُوا هذا الشركَ؛ فإنه أخفى من دبيبِ النَّملِ»

فقال له من شاءَ اللهُ أن يقولَ: "وكيف نَتَّقيه، وهو أخفى من دبيبِ النملِ، يا رسول الله!"

قال: «قولوا: (اللهمَّ إنّا نَعوذُ بك من أنْ نُشركَ بك شيئاً نَعلمُه، ونستغفرُكَ لما لا نعلمُه)». رواه أحمد والطبراني.

ورواته إلى أبي علي محتج بهم في "الصحيح"، وأبو علي وثقه ابن حبان، ولم أرَ أحداً جرحه. (1)

__________

(1) عقب هذا في الأصل ما نصه: "ورواه أبو يعلى بنحوه من حديث حذيفة؛ إلا أنه قال فيه: "يقول كل يوم ثلاث مرات"، ولما كان إسنادها ضعيفاً جداً، فقد حذفته من الحديث وفاء بشرطنا في هذا الكتاب، ولم أر من الفائدة ذكرها لوحدها أو مع الحديث لما ذكرته في المقدمة، وقد خرجته لهذا لزيادة في "الضعيفة" برقم (3755)،

ثم إن الجزم بأنه من مسند حذيفة؛ فيه نظر، لأنه في "أبي يعلى" (1/ 60 - 61)[1] بسنده الواهي عن حذيفة عن أبي بكر -إما حضر ذلك حذيفة من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإما أخبره أبو بكر". وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (716)[2] دون قول "إما حضر. . " إلخ، وليس فيه (الثلاث).

 

ترجمة أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( خ م د ت س ق ) : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ حَضَّارِ بْنِ حَرْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عِتْرِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَامِرِ بن عَذَر بْنِ وَائِلِ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ الْجَمَاهِرِ بْنِ الْأَشْعَرِ (واسمه : نَبْتُ) بن أُدَدِ بن يشجب بْنِ عُرَيْبِ بن زيد بن كهلان بن سبأ  بن يشْجُب بن يْعرُب بن قحطان بن عابر بن شالِخ بن أَرْفَخَشْذَ بن سام بن نوح بن بْنِ لَمَكَ بن مُتَوَشْلِخَ بن أخَنُوح (وهُوَ إدريس النَّبِيّ) بن يزيد بن مهلابيل بن قَايِن بن أَنُوْش بن بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ

 

وكنيته : أبو موسى الأشعرى .

 

بنو أشعر أو الأشاعرة قبيلة كهلانية سبئية قديمة تنتسب إلى بنو أشعر واسمه نبت بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ،

ذكرت في نقوش المسند وكانت تقطن في اب في مملكة حمير.

هناك اختلاف في نسب الأشاعرة فبعض الاخباريون ينسبون قبيلة الأشاعرة إلى كهلان بن سبأ واخرون إلى حمير بن سبأ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 380) :

"أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ * (ع) : ابْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ. الإِمَامُ الكَبِيْرُ،_____صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ.

 

الطبقات الكبرى ط دار صادر (4/ 105)

وَأُمُّ أَبِي مُوسَى: ظَبْيَةُ بِنْتُ وَهْبٍ مِنْ عَكٍّ، وَقَدْ كَانَتْ أَسْلَمَتْ وَمَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 381_382) :

"فَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) : عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ:

أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيْماً (1)) .

وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زَبِيْدٍ، وَعَدَنَ (2) . وَوَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ____لِعُمَرَ، وَإِمْرَةَ البَصْرَةِ، وَقَدِمَ (1) لَيَالِيَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَغَزَا، وَجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَمَلَ عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 382)

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، قَالَ:

أَسْلَمَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ (4) .

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَسْلَمَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمَ مَعَ أَهْلِ السَّفِيْنَتَيْنِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَوَلِيَ الكُوْفَةَ، وَبِهَا مَاتَ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 383)

وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: افْتَتَحَ أَصْبَهَانَ زَمَنَ عُمَرَ (1) .

وَقَالَ العِجْلِيُّ: بَعَثَهُ عُمَرُ أَمِيْراً عَلَى البَصْرَةِ، فَأَقْرَأَهُمْ، وَفَقَّهَهُمْ، وَهُوَ فَتَحَ تُسْتَرَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ أَحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ

 

و قيل : إنه قدم مكة، فحالف أبا أحيحة سعيد بن العاص ثم رجع إلى بلاد قومه ، ثم خرج فى خمسين رجلا من قومه فى سفينة فألقتهم الريح إلى أرض الحبشة فوافقوا بها جعفر بن أبى طالب ، فأقاموا عنده ، ثم خرجوا معه إلى المدينة . و هذا هو الصحيح .

 

و عمل للنبى صلى الله عليه وسلم على زبيد ، و عدن ، و ساحل اليمن .

و استعمله عمر بن الخطاب على الكوفة و البصرة . و شهد وفاة أبى عبيدة بن الجراح بالأردن .

 

و شهد خطبة الجابية . و قدم دمشق على معاوية . اهـ .

 

 

و قال أحمد بن عبد الله العجلى : كان أحسن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم صوتا

 

صحيح البخاري (الطبعة الهندية) - (1 / 2615)

عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :

"يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ"

 

 

و كان عمر استخلفه على البصرة ، و هو فقههم و علمهم ، و ولى الكوفة أيضا فى زمن عثمان .

 

و قال عبد الله بن بريدة : كان خفيف اللحم ، قصيرا أثط .

 

و قال حميد ، عن أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقدم عليكم غدا

قوم هم أرق قلوبا للإسلام منكم "

 

فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعرى فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون : غدا نلقى الأحبة محمدا و حزبه . فلما أن قدموا تصافحوا ، فكانوا هم أول من أحدث المصافحة .

 

و قال سماك بن حرب ، عن عياض الأشعرى : لما نزلت * ( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم و يحبونه ) * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم قومك يا أبا موسى "

 

و قال حميد ، عن أنس : إن الهرمزان نزل على حكم عمر ، يعنى : حين فتحت تستر ، فبعث به أبو موسى مع أنس إلى عمر ، قال : فقدمت به عليه ، فقال له عمر : تكلم لا بأس عليك ، فاستحياه فأسلم ، و فرض له .

 

و قال مجالد ، عن الشعبى : كتب عمر فى وصيته : أن لا يقر لى عامل أكثر من سنة ، و أقروا الأشعرى أربع سنين .

 

و مناقبه و فضائله كثيرة جدا .

 

و قال أبو سليمان بن زبر ، عن أبيه ، عن أحمد بن عبيد ، عن الهيثم بن عدى ،

و المدائنى : مات سنة خمسين .

و قال خليفة بن خياط : مات سنة خمسين ،

 

و قال غيره : مات بمكة ، و قيل : بالثوية على ميلين من الكوفة .

 

روى له الجماعة . اهـ .

ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ

 قال الحافظ في تهذيب التهذيب 5 / 363 :

و قال الشعبى : خذوا العلم عن ستة . فذكره فيهم .

و قال ابن المدينى : قضاة الأمة أربعة : عمر ، و على ، و أبو موسى ، و زيد بن

ثابت .

 

و قال أبو عثمان النهدى : صليت خلف أبى موسى ، فما سمعت فى الجاهلية صوت صنج ، و لا مثانى ، و لا بربط أحسن من صوته بالقرآن .

 

و كان عمر بن الخطاب إذا رآه قال : ذكرنا يا أبا موسى فيقرأ عنده .

 

و فى رواية : شوقنا إلى ربنا . اهـ .

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 70) (رقم : 29547)، وأحمد في مسنده (32/ 383) (رقم : 19606)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/ 10) (رقم : 3479).

 

من فوائد الحديث:

 

فتح الباري لابن رجب (1/ 146_147):

"وكذلك الشرك:

* منه ما ينقل عن الملة، واستعماله في ذلك كثير في الكتاب والسنة.

* ومنه: ما لا ينقل، كما جاء في الحديث: " من حلف بغير الله فقد أشرك " ِ [ت 1535]، وفي الحديث: " الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل "، وسمي الرياء: شركا.___

وتأول ابن عباس على ذلك قوله تعالى {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُون} [يوسف: 106] قال: إن أحدهم يشرك حتى يشرك بكلبه: لولا الكلب لسرقنا الليلة، قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] .

وقد روي أنها نزلت في الرياء في العمل.

وقيل للحسن: يشرك بالله؟ قال: لا؛ ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد به الله والناس، فذلك يرد عليه." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 527_528):

"الرياء هو من جنس الشرك، أو مبدأ الشرك. والشرك أعظم الفساد، كما أن التوحيد أعظم الصلاح، ولهذا قال

تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ

أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} [القصص: 4] إلى أن ختم

السورة بقوله: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}

[القصص: 83]، وقال: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ___مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)} [الإسراء: 4]، وقال: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ

جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، وقالت

الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30].

فأصل الصلاح: التوحيد والإيمان، وأصل الفساد: الشرك والكفر، كما

قال عن المنافقين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ

(11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)} [البقرة: 11 - 12]، وذلك أن

صلاح كل شيء أن يكون بحيث يحصل له، وبه المقصود الذي يراد منه." اهـ

 

المدخل لابن الحاج (3/ 41_42):

"وَاعْلَمْ - وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ - :

أَنَّ آكَدَ مَا عَلَى الْمُرِيدِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ التَّحَفُّظُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالتَّحَرُّزُ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَعْتَوِرُهُ فِيمَا هُوَ بِصَدَدِهِ إذْ أَنَّ الْعَوَائِقَ كَثِيرَةٌ ظَاهِرًا، وَبَاطِنًا فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَنْعِ الْوُصُولِ إلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ،

فَيَأْخُذُ نَفْسَهُ أَوَّلًا بِالْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ فِي التَّحَرُّزِ مِمَّا ذُكِرَ لِيَسْلَمَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهُ: فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ يَتَّقِيَ الرِّيَاءَ، وَالْعُجْبَ، وَالشُّهْرَةَ، وَالْكِبْرَ؛ لِأَنَّهُ سُمٌّ قَاتِلٌ،

أَدْنَى الْأَشْيَاءِ مِنْهُ يُحْبِطُ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا، وَقَدْ يَخْفَى فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ كَمَا وَرَدَ لَكِنْ يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ.

وَتَظْهَرُ آفَاتُهُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ يُمْنُ بْنُ رِزْقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ أَنْ قَالَ: (أَصْلُ الْعَبْدِ لَمْ يَزَلْ مُذْ نَشَأَ مُرَائِيًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَذَلِكَ لِمَيْلِهِ إلَى الدُّنْيَا، وَإِيثَارِهِ لَهَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَإِهْمَالِهِ نَفْسَهُ، وَإِرْسَالِهِ نِيَّتَهُ.

فَلَمَّا أَهْمَلَ نَفْسَهُ، وَقَلَّتْ مُحَاسَبَتَهُ لَهَا، لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ الرِّيَاءِ، فَعَمِلَ لِلدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ نِيَّةٍ ثَابِتَةٍ.

قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ إهْمَالِ النَّفْسِ، وَتَضْيِيعِ الْأَعْمَالِ، فَقَالَ اللَّهُ _تَبَارَكَ وَتَعَالَى_:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]

فَنَهَاهُمْ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ إضَاعَةِ الْأَعْمَالِ فَلَا يَكُونُ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا عَنْ إرَادَةٍ، وَلَا تَكُونُ الْإِرَادَةُ إلَّا عَنْ نِيَّةٍ.

وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ إضَاعَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَيُّ عَمَلٍ أَكْبَرُ مِنْ الْإِرَادَةِ، وَالنِّيَّةِ،

وَقَدْ وَجَدْنَا الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ سُكُونٍ، وَالْحَرَكَةُ، وَالسُّكُونُ جَمِيعُهَا عَمَلٌ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ تَضْيِيعِ الْعَمَلِ،

فَلَمَّا تَرَكَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ إخْلَاصِ الْعَمَلِ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الرِّيَاءِ، وَغَيْرِهِ، وَأَمْرَجَ نَفْسَهُ، فَعَمِلَ عَلَى مَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ،

وَجَمِيعُ مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ رِيَاءٌ مَحْضٌ ظَاهِرٌ لَا يَعْرِفُهُ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَعْرِفُهُ مِنْهُ مَنْ نَوَّرَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ،

فَهُمْ يَرَوْنَ فِعْلَهُمْ فِعْلَ أَهْلِ الرِّيَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُمْسِكُ عَنْ صَاحِبِهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ___أَبْدَى إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ عُيُوبِهِ لَنَفَرَ مِنْهُ، وَذَبَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَبْطَلَ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ فَصَارَ عَدُوًّا مُشَاحِنًا،

وَأَقَلُّ مَا يَقُولُ لِلْعَارِفِ بِعُيُوبِهِ: (حَسَدْتنِي)،

فَلَمَّا عَلِمَ الْحَكِيمُ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَأَنَّ زَمَانَهُ زَمَانُ غَلَبَةِ الْهَوَى، وَإِعْجَابُ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، اعْتَزَلَ بِنَفْسِهِ، وَنَفَرَ عَنْ الْعَامَّةِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ زَمَانٌ قَدْ صَارَ الْمَعْرُوفُ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِهِ مُنْكَرًا، وَأَنَّ الشَّرَّ قَدْ أَحَاطَ بِالْخَيْرِ، وَاعْتَزَلَ أَهْلَ زَمَانِهِ بِصِدْقِ الْإِرَادَةِ.

فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الصِّدْقُ، وَمَا فِيهِ، وَأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَصْفُو إلَّا بِالصِّدْقِ، اتَّقى الْكَذِبَ، وَفُنُونَهُ كُلَّهَا، وَتَشَوَّقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ نَفْسُهُ إلَى الْكَذِبِ، وَالرِّيَاءِ لِحَلَاوَةِ فُنُونِهِ عِنْدَهَا فَأَخَذَهَا بِالْجِدِّ، وَالِاجْتِهَادِ فِي تَرْكِ ذَلِكَ.

فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ مِنْهُ رَجَعَتْ مُنْقَادَةً، فَلَمَّا صَارَتْ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَرَأَى الْعَبْدُ ذَلِكَ مِنْهَا ازْدَادَ إلَى الصِّدْقِ تَشَوُّقًا، وَازْدَادَ لِلْكَذِبِ مَقْتًا.

وَإِنَّمَا كَانَ يَنْفِرُ الصِّدْقُ، وَفُنُونُهُ مِنْ قَلْبِهِ لِغَلَبَةِ الْكَذِبِ، وَفُنُونِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الرِّيَاءُ، وَالْعُجْبُ، وَحُبُّ الرِّيَاسَةِ، وَاِتِّخَاذُ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ الْمَخْلُوقِينَ، وَالْمَحْمَدَة، وَالْعِزَّة، وَالتَّعْظِيم، وَالتَّخْيِيرِ فِي الْأَعْمَالِ الْكَاذِبَةِ

فَمَنْ عَمِلَ بِالصِّدْقِ، وَاتَّقَى الْكَذِبَ بَرِئَ مِنْ الرِّيَاءِ، وَالْعُجْبِ، وَدَوَاعِي الشَّرِّ كُلِّهِ. فَإِذَا خَلَا مِنْ ذَلِكَ ثَبَتَ الصِّدْقُ، وَفُنُونُهُ فِي قَلْبِهِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 536)

فإنه لا أثر له في الصفا أو من سماعه فإنه لا يسمع فكذلك الشرك الخفي لا يدركه الغير من قاصده أو لا يدركه فاعله، فيتحذر عنه ويحترز عن أسبابه." اهـ

 

فيض القدير (4/ 173)

قال الغزالي: ولذلك عجز عن الوقوف على غوائله سماسرة العلماء فضلا عن عامة العباد وهو من أواخر غوائل النفس وبواطن مكايدها وإنما يبتلى به العلماء والعباد المشمرون عن ساق الجد لسلوك سبيل الآخرة فإنهم مهما نهروا أنفسهم وجاهدوها وفطموها عن الشهوات وصانوها عن الشبهات وحملوها بالقهر على أصناف العبادات عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة الواقعة على الجوارح فطلبت الاستراحة إلى الظاهر بالخير وإظهار العمل والعلم فوجدت مخلصا من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق ونظرهم إليه بعين الوقار والتعظيم فنازعت إلى إظهار الطاعة وتوصلت إلى إطلاع الخلف ولم تقنع بإطلاع الخالق وفرحت بحمد الناس ولم تقنع بحمد الله وعلمت أنهم إذا عرفوا تركه للشهوات وتوقيه للشبهات وتحمله مشقات العبادات أطلقوا ألسنتهم بالمدح والثناء وبالغوا في الإعزاز ونظروا إليه بعين الاحترام وتبركوا بلقائه ورغبوا في بركته ودعائه وفاتحوه بالسلام والخدمة وقدموه في المجالس والمحافل وتصاغروا له فأصابت النفس في ذلك لذة هي من أعظم اللذات وشهوة هي أغلب الشهوات فاستحقرت فيه ترك المعاصي والهفوات واستلانت خشونة المواظبة على العبادات لإدراكها في الباطن لذة اللذات وشهوة الشهوات فهو يظن أن حياته بالله وبعبادته المرضية وإنما حياته لهذه الشهوة الخفية التي يعمى عن دركها إلا العقول النافذة القوية ويرى أنه يخلص في طاعة رب العالمين وقد أثبت اسمه في جريدة المنافقين (وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب الله عنك صغار الشرك وكباره)." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 538):

"فيه أنه يستغفر عن المعاصي التي لا يعلمها العبد وأنه قد يؤخذ بما لا يعلمه لتفريطه في التحرز عنه." اهـ

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 249): 296_ بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ

============================

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 123)

[2 - كتاب السُّنَّةِ] (1)

1 - (الترغيب في اتباع الكتاب والسنة)

 

37 - (1) [صحيح] عن العِرباض بنِ ساريةَ _رضي الله عنه_ قال :

وعَظنا (2) رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موعظةً وَجِلتْ (3) منها القلوبُ، وذَرَفَتْ (4) منها العيونُ، فقلنا: يا رسولَ الله! كأنها موعظةُ مودِّعٍ، فأوصنا. قال:

"أوصيكم بتقوى اللهِ، والسمع والطاعةِ، وإنْ تَأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يعِشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنةِ الخلفاء الراشدين المَهْدِيِّينَ[3]، عَضُّوا عليها بالنواجذِ، وإيَّاكم ومحدَثات الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالةٌ".

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

 

قوله: "عضوا عليها بالنواجذ" أي: اجتهدوا على السنة والزموها، واحرِصوا عليها كما يلزم العاضُّ على الشيء بنواجذه، خوفاً من ذهابه وتفلته.

 

و (النواجذ) بالنون والجيم والذال المعجمة: هي الأنياب، وقيل: الأضراس.

__________

(1) هذا العنوان زيادة من "مختصر الترغيب" للحافظ ابن حجر.

(2) (الوعظ): التخويف بطريق النصيحة.

(3) بكسر الجيم؛ أي: خافت من أجلها القلوب، وحذرت من الذنوب.

(4) بفتح الذال المعجمة والراء المهملة؛ أي: بكت ودمعت.


ترجمة صحابي الحديث:

 

ترجمة العرباض بن سارية السلمي

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( د ت س ق ) : عرباض بن سارية السلمى ، كنيته أبو نجيح ، له صحبة . و هو من أهل الصفة ، و هو أحد البكائين الذين نزل فيهم * ( و لا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ) * ، نزل الشام و سكن حمص . اهـ .

و قال المزى :

قال أبو عمر محمد بن عبد الواحد اللغوى غلام ثعلب : العرباض : الطويل من الناس

و غيرهم الجلد المخاصم من الناس ، و هو مدح ، و السارية : الأسطوانة .

و قال أبو بكر بن البرقى : له بضعة عشر حديثا .

و قال أحمد بن محمد بن عيسى البغدادى صاحب " تاريخ الحمصيين " : سألت عن منزله

فقيل لى : عند قناة الحبشة ، و ذكر أن لهم منزلا بمريمين ، و ولده بها إلى اليوم ، و هو قديم الموت .

و قال عبد الصمد بن سعيد القاضى فيمن نزل حمص من الصحابة : العرباض بن سارية السلمى و يكنى أبا نجيح و منزله فى الحولة ، حدثنى بذلك على بن الحسن السلمى .

و قال محمد بن عوف : منزله بحمص عند قناة الحبشة ، قال محمد بن عوف : كل واحد

من عمرو بن عبسة و العرباض بن سارية يقول : أنا رابع الإسلام ، لا يدرى أيهما أسلم قبل صاحبه .

و قال ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد : كان عتبة بن عبيد يقول : عرباض خير منى

و عرباض يقول : عتبة خير منى ، سبقنى إلى النبى صلى الله عليه وسلم بسنة .

قال خليفة بن خياط : و فى فتنة ابن الزبير مات العرباض بن سارية السلمى و ثابت

ابن الضحاك الأشهلى .

و قال أبو مسهر ، و أبو عبيد ، و غير واحد : مات سنة خمس و سبعين .

روى له الأربعة . اهـ .

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه أبو داود في سننه (4/ 200) (رقم : 4607)، والترمذي في سننه (5/ 44) (رقم : 2676)، وابن ماجه في سننه (1/ 15_16) (رقم : 42 و 43)، وأحمد مسنده (28/ 373) (رقم : 17144)[4]، والدارمي في سننه (1/ 228) (رقم : 96)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 29) (رقم : 54)، والمروزي في السنة (ص: 26) (رقم : 69 و 70)، وابن حبان في صحيحه (1/ 178) (رقم : 5)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 174) (رقم : 329)، المعجم الأوسط (1/ 28) (رقم : 66)، المعجم الكبير للطبراني (18/ 245) (رقم : 617)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 195) (رقم : 20338)، وفي شعب الإيمان (10/ 20 و 21) (رقم : 7109 و 7110)، والآجري في الشريعة (1/ 400 و 403) (رقم : 86 و 88)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 1164) (رقم : 2305)، وغيرهم.

 

من فوائد الحديث :

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 178)

ذِكْرُ وَصْفِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ مِنْ بَيْنِ الْفَرَقِ الَّتِي تَفْتَرِقُ عَلَيْهَا أُمَّةُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 180)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» عِنْدَ ذِكْرِهِ الِاخْتِلَافَ الَّذِي يَكُونُ فِي أُمَّتِهِ : بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَنْ وَاظَبَ عَلَى السُّنَنِ، قَالَ بِهَا، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْآرَاءِ مِنَ الْفِرَقِ النَّاجِيَةِ فِي الْقِيَامَةِ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ." اهـ

 

الشريعة للآجري (1/ 398)

بَابُ الْحَثِّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَتَرْكِ الْبِدَعِ وَتَرْكِ النَّظَرِ وَالْجِدَالِ فِيمَا يُخَالِفُ فِيهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَقَوْلَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

 

جامع بيان العلم وفضله (2/ 1161)

بَابُ الْحَضِّ عَلَى لُزُومِ السُّنَّةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا "

 

شرح مشكل الآثار (3/ 224)

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فِي هَذِهِ الْآثَارِ تَسْدِيدُ مَا فِي الْآثَارِ الَّتِي فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ , وَكُلُّهَا يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتُخْبِرُ أَنَّ الْأَزْمِنَةَ تَخْتَلِفُ وَتَتَبَايَنُ، وَأَنَّ كُلَّ زَمَانٍ مِنْهَا لَهُ حُكْمُهُ الَّذِي قَدْ بَيَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَأَعْلَمَهُمْ إِيَّاهُ وَعَلَّمَهُمْ بِمَا يَعْمَلُونَهُ فِيهِ، فَعَلَى النَّاسِ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ , وَلُزُومُهُ وَوَضْعُ كُلِّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ الَّذِي أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضْعِهِ فِيهِ , وَأَنْ لَا يَخْرُجُوا عَنْ ذَلِكَ إِلَى مَا سِوَاهُ. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ." اهـ

 

السنن الواردة في الفتن للداني (2/ 381)

بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ وَخَلْعِهِمْ وَسَبِّهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَمَا جَاءَ مِنَ التَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ

 

دلائل النبوة للبيهقي مخرجا (6/ 541)

بَابُ مَا جَاءَ فِي إِخْبَارِهِ بِظُهُورِ الِاخْتِلَافِ فِي أُمَّتِهِ , وَإِشَارَتِهِ عَلَيْهِمْ بِمُلَازَمَةِ سُنَّتِهِ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ أُمَّتِهِ

 

q  تفسير سنن أبي داود (معالم السنن ) لأبي سليمان الخطابي - (3 / 137)

وقوله كل محدثة بدعة فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض وكل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين وعلى غير عياره وقياسه . وأما ما كان منها مبنياً على قواعد الأصول ومردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة واللّه أعلم .

 

q  تفسير سنن أبي داود (معالم السنن ) لأبي سليمان الخطابي - (3 / 137)

وفي قوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولاً ، وخالفه فيه غيره من الصحابة كان المصير إلى قول الخليفة أولى ." اهـ

 

q           عون المعبود - (12 / 235)

قال الحافظ بن رجب في كتاب جامع العلوم والحكم : "فيه تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة وأكد ذلك بقوله : ( كل بدعة ضلالة)،

والمراد بـ(البدعة): ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه،

وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغةً.

فقوله صلى الله عليه و سلم (كل بدعة ضلالة) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء وهو أصل عظيم من أصول الدين." اهـ

 

q  تحفة الأحوذي - (7 / 367) عند قوله (...وسنة الخلفاء...) :

((وقال الشوكاني في الفتح الرباني : إن أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوه أكثرها متعسفة،

والذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدل عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب،

فالسنة هي الطريقة، فكأنه قال : "الزموا طريقتي، وطريقة الخلفاء الراشدين."

وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته، فإنهم أشد الناس حرصا عليها، وعَمَلاً بِهَا في كل شيء)) اهـ

 

q           تحفة الأحوذي - (7 / 367):

((فأقل فوائد الحديث أن ما يصدر عنهم من الرأي وإن كان من سننه كما تقدم ولكنه أولى من رأي غيرهم عند عدم الدليل)) اهـ كلام الشوكاني

 

q  تحفة الأحوذي - (7 / 367_368)

وقال القارىء في المرقاة : ((...قال بعض المحققين وصف الراشدين بالمهديين لأنه إذا لم يكن مهتديا في نفسه لم يصلح _ أن يكون هاديا لغيره لأنه يوقع الخلق في الضلالة من حيث لا يشعر، وهم: الصديق والفاروق وذو النورين وأبو تراب على المرتضى رضي الله عنهم أجمعين،

لأنهم لما كانوا أفضل الصحابة وواظبوا على استمطار الرحمة من الصحابة النبوية وخصهم الله بالمراتب العلية والمناقب السنية ووطنوا أنفسهم عل مشاق الأسفار ومجاهدة القتال مع الكفار

 أنعم الله عليهم بمنصب الخلافة العظمى والتصدي إلى الرياسة الكبرى لإشاعة أحكام الدين وإعلاء أعلام الشرع المتين رفعا لدرجاتهم وإزديادا لمثوباتهم." انتهى." اهـ

 

q  فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 87)

مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 ـ استحباب الموعظة والتذكير في بعض الأحيان؛ لِمَا في ذلك من التأثير على القلوب.

2 ـ حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير؛ لطلبهم الوصيَّة منه *.

3 ـ أنَّ أهمَّ ما يوصى به تقوى الله عزَّ وجلَّ، وهي طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه.

4 ـ أنَّ من أهمِّ ما يوصى به السمع والطاعة لولاة الأمور؛ لِمَا في ذلك من المنافع الدنيوية والأخروية للمسلمين.

5 ـ المبالغة في الحثِّ على لزوم السمع والطاعة، ولو كان الأمير عبداً.

6 ـ إخبار النَّبيِّ * عن وجود الاختلاف الكثير في أمَّته، ثم حصوله كما أخبر من دلائل نبوته *.

7 ـ أنَّ طريق السلامة عند الاختلاف في الدِّين لزوم سنَّته * وسنَّة الخلفاء الراشدين.

8 ـ بيان فضل الخلفاء الراشدين، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وأنَّهم راشدون مهديُّون.

9 ـ التحذير من كلِّ ما أُحدث في الدِّين مِمَّا لم يكن له أصل فيه.

10 ـ أنَّ البدع كلَّها ضلال، فلا يكون شيء منها حسناً.

11 ـ الجمع بين الترغيب والترهيب؛ لقوله في الترغيب: (( فعليكم ))، وفي الترهيب: (( وإيَّاكم )).

12 ـ بيان أهميَّة الوصية بتقوى الله والسمع والطاعة لولاة الأمور، واتِّباع السنن وترك البدع؛ لكون النَّبيِّ * أوصى أصحابَه بها بعد قوله عن موعظته: (( كأنَّها موعظة مودِّع فأوصنا ))." اهـ

 

q  التحفة الربانية شرح الأربعين النووية - (29 / 1_2) إسماعيل الأنصاري

يستفاد منه :

1-المبالغة في الموعظة ، لما في ذلك من ترقيق القلوب، فتكون أسرع إلى الإجابة .

2-الاعتماد على القرائن في بعض الأحوال ، لأنهم إنما فهموا توديعه إياهم بإبلاغه في الموعظة أكثر من العادة .

3-أنه ينبغي سؤال الواعظ الزيادة في الوعظ والتخويف والنصح.___

4-علم من أعلام النبوة ، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يقع بعده في أمته من كثرة الاختلاف _ ووقع الأمر كذلك .

5-الأمر بتقوى الله والسمع والطاعة ، وفي هذه الوصية سعادة الدنيا والآخرة ، أما التقوى فهي وصية الله للأولين والآخرين ، وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصالح العباد في معاشهم ، ويستطيعون إظهار دينهم وطاعاتهم .

6-التمسك بالسنة والصبر على ما يصيب المتمسك من المضض في ذلك ، وقد قيل : إن هذا هو المراد بعض النواجذ عليها .

7-أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره كان المصير إلى قول الخليفة أولى .

8-التحذير من ابتداع الأمور التي ليس لها أصل في الشرع ، أما ما كان مبنيا على قواعد الأصول ومردودا إليها . فليس ببدعة ولا ضلالة ." اهـ

 

q  الفوائد المستنبطة من الأربعين النووية –عبد الرحمن البراك - (1 / 47)

هذا الحديث أصل في الاعتصام بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين، وفيه من الفوائد:

1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعظ أصحابه بالترغيب والترهيب.

2- استحباب الوعظ والتذكير.

3- فضل الصحابة - رضي الله عنهم - لتأثرهم بالموعظة.

4- أن وجل القلب ودمع العين علامة التأثر بالموعظة رغبة ورهبة.

5- طلب الصحابة الوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

6- استحباب طلب الوصية من العالم وأنها ليست من السؤال المذموم، وكذلك السؤال عن العلم.

7- الوصية بتقوى الله وهي وصية الله للأولين والآخرين.

8- الوصية بالسمع والطاعة لولي الأمر ما لم يأمر بمعصية وإن لم يكن ذا حسب ولا نسب.

9- إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عمّا سيكون من الاختلاف، وقد وقع كما أخبر، ففيه :

10- علم من أعلام النبوة .

11- الواجب عند الاختلاف الاعتصام بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن لم تكن فبسنة الخلفاء الراشدين ويشهد لهذا من القرآن قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم} [النساء: 59]

12- فضل الخلفاء الراشدين المهديين للأمر بالأخذ بسنتهم ووصفهم بالرشد والهدى، والمراد بهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم-. وقد صار هذا الوصف علماً عليهم.

13- تأكيد الأمر بالتمسك بسنته - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين. لقوله " تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ".

14- التحذير من المحدثات في الدين في عقائده وشرائعه وأحكامه، وهي البدع.

15- أن كل بدعة ضلالة.

16- الرد على من يقسم البدعة إلى حسنة وسيئة.

17- أن المرجع في مسائل الدين كلها إلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ." اهـ

 

q  تطريز رياض الصالحين - (1 / 133)

وفي الحديث : التمسُّك بالسنَّة في الاعتقاد والأعمال والأقوال ، والتحذير من البِدع ، وهي ما أُحْدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة .

 

q           جامع العلوم والحكم محقق - (30 / 4)

والبلاغةُ في الموعظة مستحسنةٌ ؛ لأنَّها أقربُ إلى قَبولِ القلوب واستجلابها ، والبلاغةُ : هي التَّوصُّل إلى إفهام المعاني المقصودة ، وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسنِ صُورةٍ مِنَ الألفاظ الدَّالَّة عليها ، وأفصحها وأحلاها للأسماع ، وأوقعها في القلوب . وكان - صلى الله عليه وسلم - يقصر خطبتها ، ولا يُطيلُها ، بل كان يُبلِغُ ويُوجِزُ .

 

q           جامع العلوم والحكم محقق - (30 / 10_11)

وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( أوصيكم بتقوى الله ، والسَّمع والطَّاعة )) ، فهاتان الكلمتان تجمعان سعادةَ الدُّنيا والآخرة .____أمَّا التَّقوى ، فهي كافلةٌ بسعادة الآخرة لمن تمسَّك بها ، وهي وصيةُ الله للأوَّلين والآخرين ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ } (1) ، ...

وأمّا السَّمع والطاعة لوُلاة أُمور المسلمين ، ففيها سعادةُ الدُّنيا(3) ، وبها تنتظِمُ مصالحُ العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعةِ ربِّهم ، كما قال عليٌّ - رضي الله عنه - : إنَّ الناسَ لا يُصلحهم إلاَّ إمامٌ بَرٌّ أو فاجر ، إنْ كان فاجراً عبدَ

المؤمنُ فيه ربَّه ، وحمل الفاجر فيها إلى أجله (4) .

وقال الحسن في الأمراء : هم يلونَ من أمورنا خمساً : الجمعةَ والجماعة والعيد والثُّغور والحدود ، والله ما يستقيم الدِّين إلاَّ بهم ، وإنْ جاروا وظلموا ، والله لَمَا يُصْلحُ الله بهم أكثرُ ممَّا يُفسدون ، مع أنَّ - والله - إنَّ طاعتهم لغيظٌ ، وإنَّ فرقتهم لكفرٌ .

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 448)

في الحديث: استحباب الموعظة بما يحرك القلوب من الكلام الجزل الجامع البليغ.


[1] أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (1/ 60) (رقم : 58)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 250) (رقم : 286)، وهو حديث ضعيف

[2] في الأدب المفرد (ص: 377) (رقم : 716) - عن معقل بن يسار قال انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخر؟ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟ قَالَ: (قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لما لا أعلم)

صحيح ـ «الضعيفة» تحت رقم (3755) , (التعليق الرغيب» (1/39ـ 40) : (ليس في شيء من الكتب الستة)

[3] وفي جامع بيان العلم وفضله (2/ 1168) : "قَالَ أَبُو عُمَرَ : «الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ وَهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»." اهـ

[4] وفي مسند أحمد مخرجا (28/ 375) (رقم : 17145)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين