الحديث 24 من رياض الصالحين

 

[24] وعن أبي هريرة[1] - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ : «يَضْحَكُ اللهُ _سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى_ إِلَى رَجُلَيْنِ يقْتلُ أَحَدهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا في سَبيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتلِ فَيُسْلِم فَيُسْتَشْهَدُ»[2] . مُتَّفَقٌ عليه.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 24) (رقم : 2826)، ومسلم في صحيحه (3/ 1504) (رقم : 1890)، وابن ماجه سننه (1/ 68) (رقم : 191)، وأحمد في مسنده (16/ 49) (رقم : 9976)

 

الشرح الإجمالي

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 40_41) :

"قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ : "مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَاتِلَ الْأَوَّلَ كَانَ كَافِرًا".

قُلْتُ : وَهُوَ الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ وَلَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ) كَمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَمْدًا بِلَا شُبْهَةٍ ثُمَّ تَابَ الْقَاتِلُ وَاسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،

وَإِنَّمَا يَمْنَعُ دُخُولَ مِثْلِ هَذَا مَنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قَاتِلَ الْمُسْلِمِ عَمْدًا لَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،

وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْآخَرِ فَيَهْدِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ،

وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي___هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ :

"قِيلَ : "كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟" قَالَ : "يَكُونُ أَحَدُهُمَا كَافِرًا فَيَقْتُلُ الْآخَرَ ثُمَّ يُسْلِمُ فَيَغْزُو فَيُقْتَلُ...

ويؤيد الأول أنه وقع في رواية همام التالية - عند مسلم -: "ثم يتوب الله على الآخر، فَيَهديه إلى الإسلام"،

وأصرح من ذلك : ما أخرجه أحمد، من طريق الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي___هريرة - رضي الله عنه – بلفظ : "قيل : كيف يا رسول الله؟ قال : «يكون أحدهما كافرًا، فيَقتل الآخر، ثم يُسْلِم، فيغزو، فيُقْتَل»". اهـ كلام الحافظ _رحمه الله_.

 

من فوائد الحديث :

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 40) :

"قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ : يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ[3]

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 34) :

"ختم المصنف الباب بهذا الحديث إشارة إلى أنَّ الإنسان ينبغي له أن يتوب من الذنب الذي اقترفه وإن كان كبيرًا، ولا يؤيسه ذلك من رحمة الله، فإن الله واسع المغفرة. قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر (53)]." اهـ[4]

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 238) لأبي العون ابن هبيرة الشيباني :

"* في هذا الحديث من الفقه : أن الله سبحانه كان من لطفه بعباده المؤمنين أن كتب الشهادة لبعضهم على بعض ففاز بها المستشهد، ولم تكن تتم الشهادة لمن كتبت له إلا بأن يجري على يد آخر، حتى يكرم بها وليه،

فبلغت رحمته عز وجل أن يرحم العبدين كليهما، فاستشهد هذا بيد هذا، ثم يقود القاتل للإسلام، فأسلم، ثم قاتل في سبيل الله فاستشهد،

فكانا معًا من أشد الناس محابًا في الجنة؛ لأن كل واحد منهما نال مال ناله بصاحبه، وقد سبق معنى الكلام في الصفات؛ مثل قوله: يضحك وغيره." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 172) لعبد الرحمن بن ناصر السعدي :

"هذا الحديث يدل على تنوع كرم الكريم، وأن كرمه وفضله متنوع من وجوه لا تعد ولا تحصى، ولا يدخل في عقول الخلق وخواطرهم.

فهذان الرجلان اللذان قتل أحدهما الآخر قيض الله لكل منهما من فضله وكرمه سبباً أوصله إلى الجنة.

فالأول: قاتل في سبيله، وأكرمه الله على يد الرجل الآخر - الذي لم يسلم بعد - بالشهادة التي هي أعلى المراتب، بعد مرتبة الصديقين، وغرضه في جهاده إعلاء كلمة الله، والتقرب إلى ربه بذلك. فأجره على الله. وليس له على القاتل حق، فثبت أجره على الله.

وأما الآخر: فإن الله تعالى جعل باب التوبة مفتوحاً لكل من أراد التوبة بالإسلام وما دونه، ولم يجعل ذنباً من الذنوب مانعاً من قبول التوبة، كما قال تعالى في حق التائبين: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] .

فلما أسلم وتاب محا الله عنه الكفر وآثاره، ثم منَّ عليه بالشهادة، فدخل الجنة، كأخيه الذي قتله وأكرمه على يده، ولم يهنه على يد أخيه بقتله، وهو كافر." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 172_173) :

"فهذا الضحك من الباري يدل على غاية كرمه وجوده، وتنوع بره.

وهذا الضحك الوارد في هذا الحديث وفي غيره من النصوص كغيره من صفات الله. على المؤمن أن يعترف بذلك__ويؤمن به، وأنه حق على حقيقته، وأن صفاته صفات كمال، ليس له فيها مثل، ولا شبه ولا ند.

فكما أن لله ذاتاً لا تشبهها الذوات فله تعالى صفات لا تشبهها الصفات، وكلها صفات حمد ومجد وتعظيم، وجلال وجمال وكمال. فنؤمن بما جاء به الكتاب والسنة من صفات ربنا، ونعلم أنه لا يتم الإيمان والتوحيد إلا بإثباتها على وجه يليق بعظمة الله وكبريائه ومجده." اهـ[5]

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 173) :

"وهذا الحديث من جملة الأحاديث المرغبة في الدخول في الإسلام وفتح أبواب التوبة بكل وسيلة؛ فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، وما عمله الإنسان في حال كفره، وقد أسلم على ما أسلف1، حتى الرقاب التي قتلها نصراً لباطله، والأموال التي استولى عليها من أجل ذلك. كل ذلك معفو عنه بعد الإسلام." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 173_174) :

"وفي قوله : "ثُمّ يتُوبُ الله عَلَى الآخر فَيُسلِمُ" دليل على أن توبة الله على من أسلم أو تاب من ذنوبه متقدمة على توبة العبد؛ فإنه تعالى أذن بتوبته وقدرها، ولطف به، إذ قيض له الأسباب الموجبة لتوبته، فتاب العبد، ثم تاب الله عليه بعد ذلك، بأن محا عنه ما سبق من الجرائم - الكفر فما دونه - فتوبة العبد محفوفة بتوبتين، تفضل بهما عليه ربه: إذنه له___وتقديره وتيسيره للتوبة حتى تاب، ثم قبول توبته ومحو زلته. فهو تعالى التواب الرحيم." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 174) :

"والتوبة من أجلّ الطاعات وأعظمها فهذا الحكم ثابت في جميع الطاعات كلها. يوفق الله لها العبد أو لا، وييسر له أسبابها، ويسهل له طرقها. ثم إذا فعلها المطيع قبلها، وكتب له بها رضوانه، وثوابه، فما أوسع فضل الكريم. وما أغزر كرمه المتنوع العميم. والله أعلم." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 171) للعثيمين :

"ففيه دليل: على أن الكافر إذا تاب من كفره، - ولو كان قد قتَلَ أحداً من المسلمين -، فإن الله _تعالى_ يتوب عليه؛ لأن الإسلام يهدم ما قبله." اهـ

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (26/ 266_267) لمحمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي :

"في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو اجتماع القاتل والمقول في سبيل اللَّه تعالى في الجنّة.

(ومنها): بيان فضل اللَّه تعالى، وسعة رحمته، حيث يجعل___كلّا من المتقاتلين من أهل الجنّة، مع أن الكافر قتل المسلم ظلمًا وعدوانًا، وجحدًا لنعمه تعالى، لكنه بواسع فضله، وسعة رحمته تفضّل عليه بالتوبة، والقتال في سبيله، حتى قُتل، فدخل الجنّة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: 4]، {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [آل عمران: 74].

(ومنها): أن فيه إثبات صفة العَجَب للَّه سبحانه وتعالى، مع تنزيهه تعالى، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل. وفيه أيضًا إثبات صفة الضحِك له سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله تعالى.[6]

(ومنها): أن كلّ من قُتل في سبيل اللَّه تعالى، فهو في الجنّة. قاله ابن عبد البرّ

(ومنها): أن العبرة بالخواتم، فلو عمل العبد دهرًا من عمره أنواع الكبائر كلها، ثم وفّقه اللَّه تعالى في آخر حياته للتوبة، والعمل الصالح، محيت عنه خطياه كلها، وصار من أهل الجنّة {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} الآية [الروم: 4]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب"." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (32/ 466_467) للإثيوبي :

"في فوائده :

1 - (منها): بيان اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله تعالى في الجنّة.

2 - (ومنها): بيان فضل الله تعالى، وسعة رحمته، حيث يجعل كلًّا من___المتقاتلين من أهل الجنّة، مع أن الكافر قتل المسلم ظلمًا وعدوانًا، وجحدًا لنعمه تعالى، لكنه بواسع فضله، وسعة رحمته تفضّل عليه بالتوبة، والقتال في سبيله، حتى قُتل، فدخل الجنّة {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105].

3 - (ومنها): أن فيه إثبات صفة الضحك لله - سبحانه وتعالى -، على ما يليق بجلاله، مع تنزيهه تعالى، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، وفيه أيضًا إثبات صفة العَجَب له - سبحانه وتعالى - كما هو في رواية النسائيّ، على ما يليق بجلاله تعالى.

4 - (ومنها): أن كلّ من قُتل في سبيل الله تعالى، فهو في الجنّة. قاله ابن عبد البرّ.

5 - (ومنها): أن العبرة بالخواتيم، فلو عمل العبد دهرًا من عمره أنواع الكبائر كلها، ثم وفّقه الله تعالى في آخر حياته للتوبة، والعمل الصالح، مُحيت عنه خطاياه كلها، وصار من أهل الجنّة، {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الآية [الأنفال: 38]، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} الآية [الروم: 4] , والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

صحيح ابن حبان (1/ 448) :

"ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَدْ يَجْمَعُ فِي الْجَنَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَقَاتِلِهِ مِنَ الْكُفَّارِ إِذْ سَدَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَسْلَمَ." اهـ



[1] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[2] وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 344) :

"وصورتُه : أن يقاتِلَ مسلمٌ وكافر، فيقتلُ الكافرُ المسلمَ، فيرحمُ الله المسلمَ لأنه قُتِلَ شهيدًا، ثم يوفِّقُ الله ذلك الكافرَ للإيمان فآمن، ثم يوفَّقُه للغزو فيغزو فيستشهد؛ أي: يُقْتَل شهيدًا، فيرحَمُه الله أيضًا." اهـ

[3] وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 123) للعيني :

"وَقَالَ أَبُو عمر: يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث أَن كل من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ فِي الْجنَّة. وَقَالَ أَيْضا: معنى هَذَا الحَدِيث عِنْد أهل الْعلم: أَن الْقَاتِل الأول كَانَ كَافِرًا. قيل: هُوَ الَّذِي استنبطه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته، وَلَكِن لَا مَانع أَن يكون مُسلما، لعُمُوم قَوْله: (ثمَّ يَتُوب الله على الْقَاتِل) كَمَا لَو قتل مُسلم مُسلما عمدا بِلَا شُبْهَة ثمَّ تَابَ الْقَاتِل وَاسْتشْهدَ فِي سَبِيل الله عز وَجل." اهـ

[4] وفي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 144) لابن علان :

"وفي ختم المصنف الباب بهذا الحديث إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يتوب من الذنب الذي اقترفه وإن كان كبيرة، ولا يؤيسه ذاك من رحمة الله تعالى فإن اهو التواب الرحيم، والذنب وإن عظم قدره كالكبائر وكثرة عدده إذا قوبل___بفضل الله وعفوه كان حقيراً يسيراً/ قال تعالى: {إن ربك واسع المغفرة} (النجم: 32)." اهـ

[5] وفي شرح رياض الصالحين (1/ 171) للعثيمين : "فضحك الله إلي هذين الرجلين؛ لأنه كان بينهما تمام العداوة في الدنيا؛ حتى إن أحدهما قتل الآخر، فقلب الله هذه العدواة التي في قلب كل واحد منهم، وأوال ما في نفوسهما من الغل، لأن أهل الجنة يطهرون من الغل والحقد؛ كما قال الله-تعالي- في وصفهم) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (الحجر: 47) .

فهذه وجه العجب من الله- عز وجل- لهذين الرجلين أنه كان بينهما تمام العداوة، ثم إن الله-تعالي- من على هذا القاتل الذي كان كافراً فتاب، فتاب الله عليه." اهـ

قال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد (ص: 11_12) :

"فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف___ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه." اهـ

وقال محمد صديق حسن خان القِنَّوْجِيُّ في قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر (ص: 72) :

"فكل هذه الصفات، تساق مساقا واحدا، ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقية، لا تشبه صفات المخلوقين، ولا يمثل، ولا يعطل، ولا يرد، ولا يجحد، ولا يؤوَّل بتأويل يخالف ظاهره."

[6] ففي رواية السائي في سننه (6/ 38) (رقم : 3165)، وابن ماجه في سننه (1/ 68) (رقم : 191) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ - وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: لَيَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ - ثُمَّ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ» اهـ وصححه الألباني _رحمه الله_.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين