شرح الحديث 40-41 من كتاب الأدب المفرد

20_بَابُ بِرِّ مِنْ كَانَ يَصِلُهُ أَبُوهُ

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 29)

40 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

مَرَّ أَعْرَابِيٌّ فِي سَفَرٍ، فَكَانَ أَبُو الْأَعْرَابِيِّ صَدِيقًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: أَلَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ بِحِمَارٍ كَانَ يَسْتَعْقِبُ، وَنَزَعَ عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ فَأَعْطَاهُ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ: أَمَا يَكْفِيهِ دِرْهَمَانِ؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«احْفَظْ وُدَّ أَبِيكَ[1]، لَا تَقْطَعْهُ فَيُطْفِئَ اللَّهُ نُورَكَ[2]»

[قال الشيخ الألباني] : ضعيف

 

رواة الحديث:

 

عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهنى مولاهم ، أبو صالح المصرى ( كاتب الليث بن سعد )

المولد :  137 هـ

الطبقة :  10 : كبار الآخذين عن تبع الأتباع

الوفاة :  222 هـ

روى له :  خت د ت ق  ( البخاري تعليقا - أبو داود - الترمذي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  صدوق كثير الغلط ، ثبت فى كتابه ، و كانت فيه غفلة

 

الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى ، أبو الحارث المصرى ، مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر

المولد :  94 هـ أو 93 هـ بـ قرقشندة

الطبقة :  7  : من كبار أتباع التابعين

الوفاة :  175 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة ثبت فقيه إمام

 

خالد بن يزيد الجمحى ، و يقال السكسكى ، أبو عبد الرحيم المصرى الإسكندرانى ، مولى ابن الصبيغ ، و يقال مولى ابن أبى الصبيغ

الطبقة :  6  : من الذين عاصروا صغارالتابعين

الوفاة :  139 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة فقيه

 

عبد الله بن دينار القرشى العدوى مولاهم ، أبو عبد الرحمن المدنى ، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب

الطبقة :  4  : طبقة تلى الوسطى من التابعين

الوفاة :  127 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة

 

الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى ، أبو الحارث المصرى ، مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر

المولد :  94 هـ أو 93 هـ بـ قرقشندة

الطبقة :  7  : من كبار أتباع التابعين

الوفاة :  175 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة ثبت فقيه إمام

 

خالد بن يزيد الجمحى ، و يقال السكسكى ، أبو عبد الرحيم المصرى الإسكندرانى ، مولى ابن الصبيغ ، و يقال مولى ابن أبى الصبيغ

الطبقة :  6  : من الذين عاصروا صغارالتابعين

الوفاة :  139 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة فقيه

(لم أجد من ذكر عبد الله بن دينار من شيوخ خالد بن يزيد المصري)

 

عبد الله بن دينار القرشى العدوى مولاهم ، أبو عبد الرحمن المدنى ، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب

الطبقة :  4  : طبقة تلى الوسطى من التابعين

الوفاة :  127 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة

 

عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكى المدنى

الطبقة :  1 : صحابى

الوفاة :  73 أو 74 هـ

روى له :  خ م د ت س ق

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه التخاري في "الأدب المفرد" (ص: 29) (رقم: 40)، والطبرانى فى الأوسط (8/279) (رقم: 8633)، والبيهقى فى شعب الإيمان (6/200) (رقم: 7898)

 

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (5/ 107)

2089 - " احفظ ود أبيك، لا تقطعه، فيطفىء الله نورك ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (40) : حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: " مر أعرابي في سفر، فكان أبو الأعرابي صديقا لعمر رضي الله عنه، فقال للأعرابي (1) : ألست ابن فلان؟ قال: بلى، فأمر له ابن عمر بحمار كان يستعقب، ونزع عمامته عن رأسه، فأعطاه، فقال بعض من معه: أما يكفيه درهمان؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن صالح، فهو من رجال البخاري وحده، وفيه ضعف معروف من قبل حفظه.

ومما يدلك على ذلك؛ أنه قد خالفه في إسناده ومتنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد،___لك: أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

" إن من البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي ". وإن أباه كان صديقا لعمر. أخرجه مسلم (8/6)، وأحمد (2/88 و91) ، والبخاري في " الأدب المفرد " عقب حديث الترجمة.

فهذا هو المحفوظ من لفظ الحديث، أخطأ فيه عبد الله بن صالح، فرواه باللفظ الأول، ولعله اشتبه عليه بما حدث به سعد بن عبادة الزرقي أن أباه قال:

" كنت جالسا في مسجد المدينة مع عمروبن عثمان، فمر بنا عبد الله بن سلام متكئا على ابن أخيه، فنفذ عن المجلس، ثم عطف عليه، فرجع عليهم، فقال: ما شئت عمروبن عثمان! مرتين أوثلاثا، فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق إنه لفي كتاب الله عز وجل، مرتين -: لا تقطع من كان يصل أباك، فيطفأ بذلك نورك ".

أخرجه البخاري في " الأدب " أيضا (42) ؛ ورجاله ثقات، إلا أن ابن عبادة هذا لم يوثقه غير ابن حبان، فهذا أصل الحديث، أي أنه من الإسرائيليات. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وحديث الترجمة رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (2/246/2/8797 - بترقيمي) من الوجه المذكور، وعلقه البيهقي في " الآداب " (ص 31 - 32) ، وعزاه الأخ المعلق عليه لـ " البيهقي في (السنن) "، ولم أره فيه، فلعله خطأ مطبعي، فإنه وصله في " الشعب " (6/200/7898) بتمامه. وقال الهيثمي (8/147) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن "!" اهـ كلام الشيخ الألباني _رحمه الله_.

 

===========================

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 29)

41 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ (ثقة: 213 هـ):

عبد الله بن يزيد القرشى العدوى المكى ، أبو عبد الرحمن المقرىء القصير ، مولى آل عمر بن الخطاب ( سكن مكة )، من صغار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ (ثقة ثبت فقيه زاهد : 158 هـ):

حيوة بن شريح بن صفوان بن مالك التجيبى ، أبو زرعة المصرى الفقيه الزاهد العابد

الطبقة :  7  : من كبار أتباع التابعين

الوفاة :  هـ و قيل 159 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة ثبت فقيه زاهد

 

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ (لين الحديث

الوليد بن أبى الوليد : عثمان ، و قيل ابن الوليد ، القرشى أبو عثمان المدنى ، مولى عثمان بن عفان، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له :  بخ م د ت س ق 

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ (ثقة: 127 هـ)،

عبد الله بن دينار القرشى العدوى مولاهم ، أبو عبد الرحمن المدنى ، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

عَنِ ابْنِ عُمَرَ (73 هـ)

عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكى المدنى، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

وفي رواية لمسلم:

عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً مِنَ الأعْرَابِ[3] لَقِيَهُ بطَريق مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ عبدُ الله بْنُ عُمَرَ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأسِهِ، قَالَ ابنُ دِينَار: فَقُلْنَا لَهُ: أصْلَحَكَ الله، إنَّهُمُ الأعرَابُ وَهُمْ يَرْضَوْنَ باليَسير،

فَقَالَ عبد الله بن عمر: إن أَبَا هَذَا كَانَ وُدّاً لِعُمَرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - وإنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ أبرَّ البِرِّ[4] : صِلَةُ الرَّجُلِ أهْلَ وُدِّ أبِيهِ» .

وفي رواية لمسلم عن ابن دينار، عن ابن عمر:

أنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأسَهُ، فَبيْنَا هُوَ يَوماً عَلَى ذلِكَ الحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أعْرابيٌّ، فَقَالَ: ألَسْتَ فُلاَنَ بْنَ فُلاَن؟ قَالَ: بَلَى. فَأعْطَاهُ الحِمَارَ، فَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا، وَأعْطَاهُ العِمَامَةَ وَقالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأسَكَ، فَقَالَ لَهُ بعضُ أصْحَابِهِ: غَفَرَ الله لَكَ أعْطَيْتَ هَذَا الأعْرَابيَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيهِ، وعِمَامةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأسَكَ؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: «إنَّ مِنْ أبَرِّ البِرِّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ وُدِّ أبيهِ بَعْدَ أنْ يُولِّيَ» وَإنَّ أبَاهُ كَانَ صَديقاً لعُمَرَ - رضي الله عنه -.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (41)، و(مسلم) [4/ 6492 و 6493 و 6494] (2552)، و(أبو داود) في "الأدب" (5143)، و (الترمذيّ) في "البرّ والصلة" (1903)، و(أحمد) في "مسنده" (2/ 91 و 97 و111)، وعبد بن حميد في المنتخب ت صبحي السامرائي (ص: 253) (رقم: 794)، و (الطبرانيّ) في "المعجم الأوسط" (8/ 279) (رقم: 8633)، و (عبد بن حُميد) في "مسنده" (1/ 253)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (4330 و 4331)، والروياني في مسنده (2/ 409) (رقم: 1414)، و(البيهقيّ) في السنن الكبرى للبيهقي (4/ 301) (رقم: 7768)، وفي شعب الإيمان (10/ 294) (رقم: 7515)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (3445)، و (ابن عساكر) في "تاريخ دمشق" (31/ 159)، والله تعالى

 

من فوائد الحديث:

 

فوائد الحديث :

 

q           المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 205)

هذا إشارةٌ إلى تأكيد حقِّ الأب، فإنه إذا كان الإحسانُ إلى أحباءِ الأب لحرمة الأبِ أفضلَ البرِّ، فالإحسان إلى الأب بطريق الأَولى أن يكون أفضلَ القُرُبات.

 

q           تحفة الأحوذي - (6 / 25)

قال النووي الوُدُّ هنا مضموم الواو،

وفي هذا فضل صلة أصدقاء الأب والإحسان إليهم بإكرامهم وهو متضمن لبر الأب وإكرامه لكونه بسببه وتلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشائخ والزوج والزوجة وقد سبقت الأحاديث في إكرامه صلى الله عليه و سلم خلائل خديجة رضي الله تعالى عنها انتهى

 

q           فيض القدير - (2 / 405)

قال الحافظ العراقي رحمه الله : جعله أبر البر أو من أبره لأن الوفاء بحقوق الوالدين والأصحاب بعد موتهم أبلغ لأن الحي يجامل والميت لا يستحي منه ولا يجامل إلا بحسن العهد،

ويحتمل أن أصدقاء الأب كانوا مكيفين في حياته بإحسانه وانقطع بموته فأمر بنيه أن يقوموا مقامه فيه وإنما كان هذا أبر البر لاقتضائه الترحم والثناء على أبيه فيصل لروحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياة وذلك أشد من بره له في حياته وكذا بعد غيبته فإنه إذا لم يظهر له شيء يوجب ترك المودة فكأنه حاضر فيبقى وده كما كان وكذا بعد المعاداة رجاء عود المودة وزوال الوحشة وإطلاق التولية على جميع هذه الأشياء إما حقيقة فيكون من عموم المشترك أو من التواطىء أو بعضها فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز ونبه بالأب على بقية الأصول وقياس تقديم الشارع الأم في البر كون وصل أهل ودها أقدم وأهم ومن البين أن الكلام في أصل مسلم أما غيره فيظهر أنه أجنبي من هذا المقام نعم إن كان حيا ورجا ببر أصدقائه تألفه للإسلام تأكد وصله وفي معنى الأصول الزوجة فقد كان المصطفى صلى الله عليه و سلم يصل صويحبات خديجة بعد موتها قائلا حسن العهد من الإيمان وألحق بعضهم بالأب الشيخ ونحوه

 

q           مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (7 / 3084)

أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَبَرَّاتِ الْفُضْلَى مَبَرَّةَ الرَّجُلِ مِنْ أَحِبَّاءِ أَبِيهِ، فَإِنَّ مَوَدَّةَ الْآبَاءِ قَرَابَةُ الْأَبْنَاءِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إِذَا غَابَ الْأَبُ أَوْ مَاتَ يَحْفَظُ أَهْلَ وُدِّهِ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْأَبِ،

 

q           مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (7 / 3084)

وَإِنَّمَا كَانَ أَبَرَّ، لِأَنَّهُ إِذَا حَفِظَ غَيْبَتَهُ فَهُوَ يَحْفَظُ حُضُورَهُ أَوْلَى، وَإِذَا رَاعَى أَهْلَ وُدِّهِ فَكَانَ مُرَاعَاةُ أَهْلِ رَحِمِهِ أَحْرَى.

 

q           تطريز رياض الصالحين - (ص / 236)

في هذا الحديث: الحث على إكرام أصدقاء أبيه، ويقاس عليه أصدقاء الأم وسائر الأقارب.

 

q           إكمال المعلم بفوائد مسلم - (8 / 16)

والصلة واللطف والتحفى أحد معانى البر على ما تقدم.

ومن أبر البر الوفاء لمن يلزم بره بصلة من كان يبره. هو كما قال - عليه السلام - في خبر خليلة خديجة: " إن حسن العهد من الإيمان " [خ م ت]

 

غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ( ط: الكتب العلمية ) - (1 / 303):

"وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي الرَّوَّادِ : إذَا كَانَ الرَّجُلُ بَارًّا بِأَبَوَيْهِ فِي حَيَّاتِهِمَا ثُمَّ لَمْ يَفِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا بِنُذُورِهِمَا وَلَمْ يَقْضِ دُيُونَهُمَا كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَاقًّا .

وَإِذَا كَانَ لَمْ يَبَرَّهُمَا وَأَوْفَى بِنُذُورِهِمَا وَقَضَى دُيُونَهُمَا كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَارًّا .

ذَكَرَهُ الْحَجَّاوِيُّ رحمه الله." اهـ

 

q           غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ( ط: الكتب العلمية ) - (1 / 303)

وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي تَنْبِيهِهِ : فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ أَنَّ الْوَالِدَيْنِ إذَا مَاتَا سَاخِطَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ هَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُرْضِيَهُمَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا،

قِيلَ لَهُ بَلْ يُرْضِيهِمَا بِثَلاثَةِ أَشْيَاءَ:

أَوَّلُهَا : أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ صَالِحًا فِي نَفْسِهِ، لأَنَّهُ لا يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِمَا مِنْ صَلاحِهِ.

وَالثَّانِي : أَنْ يَصِلَ قَرَابَتَهُمَا وَأَصْدِقَاءَهُمَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمَا وَيَدْعُوَ لَهُمَا وَيَتَصَدَّقَ عَنْهُمَا . [تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 129)]

وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ مَنْ دَعَا لأَبَوَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَقَدْ أَدَّى حَقَّهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ))

فَشُكْرُ اللَّهِ أَنْ تُصَلِّيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ , وَكَذَا شُكْرُ الْوَالِدَيْنِ أَنْ تَدْعُوَ لَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ." اهـ

 

q           المدخل لابن الحاج (3/ 164):

"وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ بِبِرِّهِمَا بِالنَّفْسِ، وَالْمَالِ، وَخِدْمَتِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَإِنْجَازِ وَعْدِهِمَا، وَالدُّعَاءِ لَهُمَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ مَا دَامَا فِي الْحَيَاةِ، وَحِفْظِ عَهْدِهِمَا بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَإِنْجَازِ عَادَاتِهِمَا، وَإِكْرَامِ أَصْدِقَائِهِمَا

 

q           شرح رياض الصالحين - (3 / 216)

وفي هذا الحديث دليل على امتثال الصحابة، ورغبتهم في الخير ومسارعتهم إليه؛ لأن ابن عمر استفاد من هذا الحديث فائدة عظيمة، فإنه فعل هذا الإكرام بهذا الأعرابي من أجل أن أباه كان صديقاً لعمر، فما ظنك لو رأى الرجل الذي كان صديقاً لعمر؟ لأكرمه أكثر وأكثر.

 

q           شرح رياض الصالحين - (3 / 216)

فيستفاد من هذا الحديث أنه إذا كان لأبيك أو أمك أحد بينهم وبينه ود فأكرمه، كذلك إذا كان هناك نسوة صديقات لأمك؛ فأكرم هؤلاء النسوة، وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك؛ فأكرم هؤلاء الرجال، فإن هذا من البر.

وفي هذا الحديث أيضاً: سعة رحمة الله عز وجل حيث إن البر بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط؛ بل حتى أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم، إذا أحسنت إليهم فإنما بررت والديك فتثاب ثواب البار بوالديه.

وهذه من نعمة الله عز وجل، أن وسع لعباده أبواب الخير وكثرها لهم، حتى يلجوا فيها من كل جانب، نسأل الله تعالى أن يجعلنا والمسلمين من البررة، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

q           مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (13 / 253):

"الصدقة للوالدين أو غيرهما من الأقارب مشروعة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لما سأله سائل قائلا : هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال: «نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما»." اهـ

 

q           فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - (14 / 324)

كونه يصل أحباب أبيه وأولياء أبيه وأقاربه، وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما مثل الإحسان إلى أعمامه وإلى جده أبي أبيه، وإلى أخواله إخوة____أمه، وأخوال جداته، ونحو ذلك، هذا كله من الصلة للوالدين، صلته أقارب والديه صلة لهما.

 

وقال عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني (المتوفى: 1398هـ) _رحمه الله_ في "بيان المعاني" (2/ 472):

"وإذا عرفت هذا فاعلم أن العقوق من الكبائر لأن حضرة الرسول عده منها، والعقوق هو أن يؤذي والديه أو أحدهما بما لو فعله مع غيره كان محرّما من جملة الصغائر، أما إذا طالب الولد والديه بدين لا يكون عقوقا لأنه لو فعله مع غيرهما لا يكون حراما،

أما طلب حبسه لأجل الدين فمن العقوق، كما أنه لو طلب حبس المعسر فإنه لا يجوز ومجرّد الشكوى منهما لا تعد عقوقا لأن إقامة الدعوى على الغير بحق جائزة،

وقد شكا بعض ولد الصحابة آباءهم إلى رسول الله ولم ينهه، وهو الذي لا يقر على باطل، أما بنهرهما وزجرهما فمن الكبائر لثبوت النهي عنه نصا كما مر عليك، ومخالفة أمر الوالد فيما إذا فعله لحق بالولد ضرر أو يغلب على ظنه لحوق الضرر لا يعدّ عقوقا ولا مخالفة بل

عليه الطاعة والامتثال فيما عدا ذلك. ومن الكبائر أن يسافر الولد ويترك أبويه أو أحدهما بلا نفقه مع قدرته وحاجتهما،

أما السفر إلى حج الفرض وطلب العلم فلا يحق للوالدين المنع إذا تأمنت نفقتهما من مالهما أو ماله، وإن مخالفتهما في هذين لا يعدّ عقوقا ولا يكون فعله كبيرة،

أما إذا لم يؤمن نفقتهما مدة ذهابه وإيابه فلا يجوز له الذهاب مطلقا، لأن حقهما أقدم من غيره، وإن فعل كان عاقا ومخالفا ومرتكبا الكبائر،

وإذا خالفهما فيما لا دخل لهما فيه ولا ضرر فيه عليهما ولا عليه فلا شيء عليه البتة، إلا أن عدم المخالفة أولى لئلا يحقدا عليه،

وإذا فعل فعلا يسبّب ضررا إليهما فيحرم عليه ذلك، لأن إضرار هما والتسبب لإضرارهما حرام ولو كلف الوالد ابنه طلاق زوجته التي يحبّها فلم يمتثل فلا إثم عليه، لأن هذا من خصائصه ولا ضرر يلحقهما منه رأسا ولا تسببا،

وإذا كان يقدر أن يصبر عن زوجته فطلقها امتثالا لأمر والديه أو أحدهما فهي فضيلة له يثاب عليها، كما يأثم الوالدان إذا تسببا لطلاقها بلا سبب شرعي." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 264_265) للإثيوبي

"في فوائده:

1 - (منها): بيان فضل صلة أصدقاء الأب، والإحسان إليهم، وإكرامهم، وهو متضمّن لبرّ الأب، وإكرامه؛ لكونه بسببه،

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "ويلتحق به أصدقاء الأم، والأجداد، والمشايخ، والزوج، والزوجة، وقد سبقت الأحاديث في إكرامه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلائل خديجة - رضي الله عنها – ["شرح النوويّ" (16/ 109 – 110)].

2 - (ومنها): ما قاله الحافظ العراقيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: إنما جعله أبرّ البرّ، أو من أبرّه؛ لأنَّ الوفاء بحقوق الوالدين والأصحاب بعد موتهم أبلغ؛ لأنَّ الحيّ يُجَامَلُ، والميت لا يُستحْيَى منه، ولا يجامَل، إلَّا بحسن العهد.

ويَحْتَمِل أن أصدقاء الأب كانوا مكفيين في حياته بإحسانه، وانقطع بموته، فأمر بنيه أن يقوموا مقامه فيه، وإنما كان هذا أبرّ البرّ؛ لاقتضائه الترحم، والثناء على أبيه، فيَصِل لروحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياة، وذلك أشدّ من برّه له في حياته، وكذا بعد غيبته، فإنه إذا لَمْ يظهر له شيء يوجب ترك المودّة، فكأنه حاضر، فيبقى ودّه كما كان، وكذا بعد المعاداة رجاء عود المودّة، وزوال الوحشة، وإطلاق التولية على جميع هذه الأشياء إما حقيقةٌ، فيكون من عموم المشترك، أو من التواطؤ، أو بعضها، فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز، ونبّه بالأب على بقية الأصول، وقياس تقديم الشارع الأمّ في البرّ كون وصل أهل ودّها أقدم، وأهمّ.

ومن البيّن أن الكلام في أصلٍ مسلمٍ، أما غيره فيظهر أنه أجنبيّ من هذا المقام، نعم إن كان حيًّا ورجا ببر أصدقائه تالّفه للإسلام، تأكَّد وَصْله.

وفي معنى الأصول: الزوجة، فقد كان النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصِل صويحبات____خديجة - رضي الله عنها - بعد موتها، قائلًا: "إنَّ حُسن العهد من الإيمان"، وألحق بعضهم

بالأب الشيخ، ونحوه. انتهى ["فيض القدير على الجامع الصغير" 2/ 405].

3 - (ومنها): بيان أن برّ الوالدين لا ينقطع بموتهما.

4 - (ومنها): بيان فضل عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - حيث كان مراعيًا لهذه السُّنَّة بعد موت أبيه، والله تعالى أعلم." اهـ

 

التبصرة لابن الجوزي (1/ 192)

{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}

الْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِعَاقٍّ وَالِدَيْهِ , وَالْخِزْيُ كُلُّ الْخِزْيِ لِمَنْ مَاتَا غِضَابًا عَلَيْهِ , أُفٍّ لَهُ هَلْ جَزَاءُ الْمُحْسِنِ إِلا الإِحْسَانُ إِلَيْهِ , أَتْبِعِ الآنَ تَفْرِيطَكَ فِي حَقِّهِمَا أَنِينًا وَزَفِيرًا {وَقُلْ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} .___

التبصرة لابن الجوزي (1/ 193)

كم آثرك بِالشَّهَوَاتِ عَلَى النَّفْسِ , وَلَوْ غِبْتَ سَاعَةً صَارَا فِي حَبْسٍ , حَيَاتُهُمَا عِنْدَكَ بَقَايَا شَمْسٍ , لَقَدْ رَاعَيَاكَ طَوِيلا فَارْعَهُمَا قَصِيرًا , {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا} .

كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرَا مَعَكَ إِلَى الْفَجْرِ , يُدَارِيَانِكَ مُدَارَاةَ الْعَاشِقِ فِي الْهَجْرِ , فَإِنْ مَرِضْتَ أَجْرَيَا دَمْعًا لَمْ يَجْرِ , تَاللَّهِ لَمْ يَرْضَيَا لِتَرْبِيَتِكَ غَيْرَ الْكَفِّ وَالْحِجْرِ سَرِيرًا {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا} .

يُعَالِجَانِ أَنْجَاسَكَ وَيُحِبَّانِ بَقَاءَكَ , وَلَوْ لَقِيتَ مِنْهُمَا أَذَى شَكَوْتَ شَقَاءَكَ , مَا تَشْتَاقُ لَهُمَا إِذَا غابا ويشتقاقان لِقَاءَكَ , كَمْ جَرَّعَاكَ حُلْوًا وَجَرَّعْتَهُمَا مَرِيرًا {وَقُلْ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} .

أتحسن الإساءة في مقابلة الإحسان , أو ما تَأْنَفُ الإِنْسَانِيَّةُ لِلإِنْسَانِ , كَيْفَ تُعَارِضُ حُسْنَ فَضْلِهِمَا بِقُبْحِ الْعِصْيَانِ , ثُمَّ تَرْفَعُ عَلَيْهِمَا صَوْتًا جَهِيرًا , {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} .

تُحِبُّ أَوْلادَكَ طَبْعًا , فَأَحْبِبْ وَالِدَيْكَ شَرْعًا , وَارْعَ أَصْلا أَثْمَرَ لَكَ فَرْعًا , وَاذْكُرْ لُطْفَهُمَا بِكَ وَطِيبَ الْمَرْعَى أَوَّلا وَأَخِيرًا {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كما ربياني صغيرا} .

تَصَدَّقْ عَنْهُمَا إِنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ , وَصَلِّ لَهُمَا وَاقْضِ عَنْهُمَا الدَّيْنِ , وَاسْتَغْفِرْ لَهُمَا وَاسْتَدِمْ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَما تُكَلَّفُ إِلا أَمْرًا يَسِيرًا {وَقُلْ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} .



[1] وفي فيض القدير (1/ 196): "(احفظ ود أبيك) بضم الواو أي محبته وبكسرها أي صديقه وعلى الأول فيه كما في النهاية حذف تقديره احفظ من كان ودا لأبيك أي صديقا له وعلى الكسر لا تقدير فإن الود بالكسر الصديق." اهـ

[2] وفي فيض القدير (1/ 196):

"(لا تقطعه) بنحو صد وهجر (فيطفئ الله نورك) بالنصب جواب النهي أن يخمد ضياءك ويذهب بهاءك ويمسكه وما يمسك الله فلا مرسل له. والمراد: احفظ محب أبيك أو صديق أبيك بالإحسان والمحبة سيما بعد موته ولا تهجره فيذهب الله نور إيمانك،

وهذا وعيد مهول وتقريع يذهب عقول الفحول عن قطع ود الأصول حيث آذن عليه بذهاب نور الإيمان وسخط الرحمن وما يذكر إلا أولوا الألباب، ولم يقل ضوءك بدل نورك لأن الضوء،

فيه دلالة على الزيادة فلو قيل يطفئ الله ضوءك لأوهم الذهاب بالزيادة وبقاء ما يسمى نورا، والغرض الأبلغية التوعد بانطماس النور بالكلية،

قال الحافظ العراقي:

"وهل المراد به نوره في الدنيا أو نوره في الآخرة كل محتمل وقد ورد في التنزيل ما يدل على كل منهما أما في الدنيا ففي قوله {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} وقوله في حديث الحاكم إن النور إذا دخل الصدر انفسح قيل يا رسول الله هل لذلك من علم قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود واستعداد للموت قبل نزوله وأما في الآخرة ففي نحو {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم}،

قال: ويؤيد أن المراد النور الأخروي إذ ترك الود لمن كان من أهل ود أبيه نوع من النفاق فإنه كان يجامل أباه فلما توفي أبوه ترك ذلك وترك النور في الآخرة جزاء من فيه نفاق كما قال تعالى {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم}

وقد أخرج ابن المبارك في الزهد عن ابن سلام والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق نبيا إنه لفي كتاب الله تعالى لا تقطع من كان يصل أباك فيطفئ الله نورك وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة عن كعب الأحبار قال في كتاب الله الذي أنزل على موسى عليه الصلاة والسلام احفظ ود أبيك لا تقطعه فيطفئ الله نورك وكالأب الجد أبو الأب والأم ويظهر أن يلحق به جميع الأصول من الجهتين ومن البين أن الكلام في أب محترم يحرم عقوقه ويطلب بره." اهـ

وفي التنوير شرح الجامع الصغير (1/ 430) للصنعاني : (لا تقطعه فيطفئ الله نورك) أي النور الذي ينال من بركات بر أبيك وهو حث على البر بأحباء الآباء وذلك بعد وفاة الآباء كما يأتي التقييد به أي أنه يكون بعده آكد." اهـ

[3] وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 262):

"(مِنَ الأَعْرَابِ) قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الأَعْرَابُ بالفتح: أهل البدو من العرب، الواحد أَعْرَابِيٌّ بالفتح أيضًا، وهو الذي يكون صاحب نُجْعَة وارتياد للكلإ، وزاد الأزهريّ، فقال: سواءٌ كان من العرب، أو من مواليهم، فمن نزل البادية، وجاور البادين، وظَعَن بِظَعْنهم فهم أَعْرَابٌ، ومن نزل بلاد الرِّيف، واستوطن المدن والقرى العربية، وغيرها، ممن ينتمي إلى العرب، فهم عَرَبٌ، وإن لَمْ يكونوا فصحاء، ويقال: سُمّوا عَربًا؛ لأنَّ البلاد التي سكنوها تسمى العَرَبَاتَ، ويقال: العَرَبُ العَارِبَةُ هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، وهو اللسان القديم، والعَرَبُ المُسْتَعْرِبَةُ هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل بن إبراهيم - عليهما الصلاة والسلام - وهي لغات الحجاز، وما والاها. انتهى ["المصباح المنير" (2/ 400)]

[4] وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 263):

"قال المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: البرّ هو الإحسان، وأبرّ البرّ: أحسنه، وأفضله، وأبر البرّ من قبيل جَلّ جلالُهُ، وجَدّ جدُّهُ، جُعِل الجلالُ جليلًا، وأُسند الفعل إليه، وجُعل الجدّ جادًّا، وأُسند الفعل إليه، وجُعل البرّ بارًّا، ويبنى منه أفعل التفضيل، وكذا كلُّ ما هو من هذا القبيل، نحو أفضل الفضل، وأفجر الفجور، وكون ذلك من البرّ؛ لأنَّ الولد إذا وَصَل وُدّ أبيه. اقتضى ذلك الترحم عليه، والثناء الجميل، فتصل إلى روحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياء، وذلك أشدّ من كونه بارًّا في حياته. انتهى." ["فيض القدير" (6/ 6)] 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين