شرح الحديث 24 - 25 من صحيح الترغيب

 

 

24 - (3) [صحيح] وعن أبي هند الدارِيَّ[1] :

أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول :

"من قامَ مقامَ رياءٍ[2] وسُمعةٍ[3]؛ راءى اللهُ به يومَ القيامةِ وسَمَّعَ". رواه أحمد بإسناد جيد، والبيهقي.

 

ترجمة صحابي الحديث:


* وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (1/ 436) :

"بَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَيُقَالُ : بَرُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَزِينٍ ابْنُ عُمَيْتِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ذَرَاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ أَبُو هِنْدٍ الدَّارِيُّ : أَخُو تَمِيمٍ وَالطَّيِّبِ، سَكَنَ فِلَسْطِينَ كُوَرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ." اهـ


* وفي "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (4/ 1773) لابن عبد البر :

"وَهُوَ ابْن عم تميم الداري، وليس بأخيه شقيقه، ولكنه أخوه لأمه وابن عمه يجتمع معه نسبه فِي ذراع بْن عدي بْن الدار." اهـ


الإصابة في تمييز الصحابة (7/ 364) لابن حجر:

"قال أبو نعيم: "هو أخو تميم، قدم مع تميم ومن معها على النبي _صلى اللَّه عليه وسلّم_، وسألوه أن يقطعهم أرضا بالشام، فكتب لهما بها، 

فلما كان زمن أبي بكر أتوه بذلك الكتاب فكتب لهم إلى أبي عبيدة بإنفاذه."

قلت: والكتاب المذكور مشهور بيد ذرية تميم، وقد كتبت في شأنه جزءا سميته البناء الجليل بحكم بلد الخليل." اهـ كلام الحافظ


* وفي "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" (1/ 251) للسيوطي: "قال ابن الربيع: دخل مصر، ولهم عنه حديث." اهـ


تخريج الحديث :

 

أخرجه أحمد في مسنده (37/ 7) (رقم : 22322)، والدارمي في سننه (3/ 1807) (رقم : 2790)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (2/ 835) (رقم : 880 و 1096)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 319) (رقم : 804)،  وفي مسند الشاميين (4/ 325) (رقم : 3449)، وابن قانع معجم الصحابة (1/ 105)، والبيهقي في شعب الإيمان (9/ 150) (رقم : 6404)، والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 180)، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (5/ 187)، وفي معرفة الصحابة (رقم : 1269 و 7053)[4]

 

شرح الحديث وفوائده :

 

فتح الباري لابن حجر (11/ 337)

وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لَكِنْ قَدْ يُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَيُقَدَّرُ ذَلِك بِقدر الْحَاجة.

قَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ : "يُسْتَثْنَى مِنِ اسْتِحْبَابِ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ سَهْلٍ الْمَاضِي فِي الْجُمُعَةِ : "لِتَأْتَمُّوا بِي وَلْتَعْلَمُوا صَلَاتِي."

قَالَ الطَّبَرِيُّ :

"كَانَ بن عمر وبن مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَتَهَجَّدُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَيَتَظَاهَرُونَ بِمَحَاسِنِ أَعْمَالِهِمْ لِيُقْتَدَى بِهِمْ."

قَالَ : "فَمَنْ كَانَ إِمَامًا يُسْتَنُّ بِعَمَلِهِ عَالِمًا بِمَا لِلَّهِ عَلَيْهِ قَاهِرًا لِشَيْطَانِهِ اسْتَوَى مَا ظَهَرَ مِنْ عَمَلِهِ وَمَا خَفِيَ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ، وَمَنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَالْإِخْفَاءُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى عَمَلُ السَّلَفِ،

فَمِنَ الْأَوَّلِ : حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ :

سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ فَقَالَ إِنَّهُ أَوَّابٌ قَالَ فَإِذَا هُوَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ،

وَمِنَ الثَّانِي : حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسْمِعْنِي وَأَسْمِعْ رَبك." أخرجه احْمَد وبن أبي خَيْثَمَة وَسَنَده حسن." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3159) :

"مَنْ أَظْهَرَ رَجُلًا بِالصَّلَاحِ وَالتَّقْوَى لِيَعْتَقِدَ النَّاسُ فِيهِ اعْتِقَادًا حَسَنًا، وَيَعْزُونَهُ وَيَخْدِمُونَهُ، وَيَجْعَلَهُ حِبَالًا وَمَصْيَدَةً، كَمَا يُرَى فِي زَمَانِنَا لِيَنَالَ بِسَبَبِهِ الْمَالَ وَالْجَاهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ لَهُ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ بِأَنْ يَأْمُرَ مَلَائِكَتَهُ بِأَنْ يَفْعَلُوا مَعَهُ مِثْلَ فِعْلِهِ، وَيُظْهِرُوا أَنَّهُ كَذَّابٌ." اهـ

 

قطر الولي على حديث الولي = ولاية الله والطريق إليها (ص: 441) للشوكاني :

"وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَون الرِّيَاء مُبْطلًا للْعَمَل مُوجبا للإثم كَثِيرَةٌ جدا وَارِدَة فِي أَنْوَاع من الرِّيَاء : الرِّيَاء فِي الْعلم، والرياء فِي الْجِهَاد، والرياء فِي الصَّدَقَة، والرياء فِي أَعمال الْخَيْر على الْعُمُوم، ومجموعها لَا يَفِي بِهِ أيُّ مُصَنَّفٍ مُسْتَقلٍّ.

والرياء هُوَ أضرّ الْمعاصِي الْبَاطِنَة وأشرها، مَعَ كَونه لَا فَائِدَة فِيهِ إِلَّا ذهَاب أجر الْعَمَل والعقوبة على وُقُوعه فِي الطَّاعَة، فَلم يذهب بِهِ مُجَرّد الْعَمَل بل لزم صَاحبه مَعَ ذهَاب عمله الْإِثْم الْبَالِغ." اهـ

وَمن كَانَ ثَمَرَة ريائه هَذِه الثَّمَرَة، وَعجز عَن صرف نَفسه عَنهُ فَهُوَ من ضعف الْعقل، وحمق الطَّبْع بمَكَان فَوق مَكَان الْمَشْهُورين بالحماقة.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 200)

في فوائده:

1 - (منها): تحريم الرياء والسمعة، إذ هما يُحبطان الأعمال الصالحة.

2 - (ومنها): الحثّ على إخلاص العمل لله سبحانه وتعالي؛ لأنه الذي ينفع عامله.

3 - (ومنها): الحثّ على إخفاء العمل الصالح؛ لكونه أبعد عن الرياء

والسمعة، قال العلماء: لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته

الاقتداء به، ويقدَّر ذلك بقدر الحاجة، قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب

إخفاء العمل من يُظهره ليُقتدَى به، أو لينتفع به، ككتابة العلم، ومنه حديث

سهل - رضي الله عنه - مرفوعًا: "لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي"، قال الطبريّ: كان ابن عمر،____

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (45/ 201)

وابن مسعود، وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم، ويتظاهرون بمحاسن

أعمالهم ليقتدى بهم، قال: فمن كان إمامًا يُستن بعمله، عالِمًا بما لله عليه، قاهرًا

لشيطانه، استوى ما ظهر من عمله، وما خفي؛ لصحة قصده، ومن كان بخلاف

ذلك، فالإخفاء في حقه أفضل، وعلى ذلك جرى عمل السلف.

فمن الأول: حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: سمع

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرأ، ويرفع صوته بالذكر، فقال: "إنه أواب"، قال: فإذا هو

المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -، أخرجه الطبريّ.

ومن الثاني: حديث الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قام رجل

يصلى، فجهر بالقراءة، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُسْمِعني، وأسمِع ربك"، أخرجه

أحمدّ، وابن أبي خيثمة، وسنده حسن، قاله في "الفتح" (1)، والله تعالى أعلم.

 

هذا ما تيسر جمعه، ولله الحمد والمنة، "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب". وصلى الله على نبينا الكريم وآله وصحبه وسلم أجمعين.

 

============================

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 117)

25 - (4) [صحيح] عن عبد الله بن عَمروٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"مَن سمَّع الناسَ بعملِه؛ سَمَّعَ الله به مَسامعَ خَلقِه[5]، وصغَّرَه وحقَّرَه"[6].

رواه الطبراني في "الكبير" بأسانيد أحدها صحيح، والبيهقي (2).

__________

(2) قلت: وأحمد أيضاً (6509 و6986 و7085 - طبعة شاكر).


صحابي الحديث:

 

عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد القرشى: أبو محمد السهمى، صحابي جليل، مات سنة 63 هـ (ليالى الحرة بـ الطائف).

 

فتح الباري لابن حجر (8/ 651)

وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ

 

الأعلام للزركلي (4/ 111)

عبد الله بن عمرو بن العاص، من قريش:___

* صحابي، من النساك. من أهل مكة. كان يكتب في الجاهلية، ويحسن السريانية. وأسلم قبل أبيه. فاستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أن يكتب ما يسمع منه، فأذن له.

* وكان كثير العبادة حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن لجسدك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا - الحديث.

* وكان يشهد الحروب والغزوات. ويضرب بسيفين. وحمل راية أبيه يوم اليرموك. وشهد صفين مع معاوية. وولاه معاوية الكوفة مدة قصيرة.

* ولما ولي مزيد امتنع عبد الله من بيعته، وانزوى - في إحدى الروايات - بجهة عسقلان، منقطعا للعبادة. وعمي في آخر حياته. واختلفوا في مكان وفاته.

له 700 حديث." اهـ كلام الزركلي

  


تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (رقم : 141) وأحمد في " مسنده " (رقم 6509 و 6986 و 7085)، وهناد بن السري في الزهد (2/ 441)، وابن الجعد في مسنده (ص: 37) (رقم : 135)، والطبراني المعجم الأوسط (5/ 172) (رقم : 4984)، وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 124) و (5 / 99)، وفي معرفة الصحابة (3/ 1723) (رقم : 4361)، والبيهقي في شعب الإيمان (9/ 149) (رقم : 6403)، والقطيعي في جزء الألفِ دينارٍ (ص: 318) (رقم : 207)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 293) (رقم : 482).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 140) (رقم : 2566)

 

شرح الحديث وفوائده :

 

شعب الإيمان (9/ 135) للبيهقي :

"الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ : وَهُوَ بَابٌ فِي إِخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ وَتَرْكِ الرِّيَاءِ،

قَالَ اللهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]،

وَقَالَ : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20]،

وَقَالَ : {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39]،

وَقَالَ: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} [الليل: 17 - 21]،

وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ الَّذِي فِيهِ : " إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ كَذَا فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ "[7]. اهـ

 

تحفة الأحوذي (7/ 45):

"مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الْجَاهَ وَالْمَنْزِلَةَ عِنْدَ النَّاسِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يجعله حديثا عند الناس الذين أرادوا نيل الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُمْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ

 

بحر الفوائد المسمى بـ"معاني الأخبار" للكلاباذي (ص: 269_270) :

"الْمُسَمِّعُ بِعَمَلِهِ الْمَرَائِي بِهِ، يُظْهِرُ لِلنَّاسِ وَجَاهًا فِيهِمْ وَرُتْبَةً عِنْدَهُمْ، يُرِيهِمْ أَنَّهُ لِلَّهِ عَابِدٌ، وَلَهُ طَائِعٌ إِرَادَةَ رِفْعَةٍ فِيهِمْ، فَهُوَ إِنَّمَا يُرَائِي بِهِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يَعْظُمُ فِي أَعْيُنِهِمْ مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ مُتَعَبِّدِينَ لَهُ،

وَاللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ إِنَّمَا أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ إِخْلَاصَ الْعَمَلِ لَهُ، وَأَنْ لَا يُرِيدُوا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلَا تَكُونَ أَغْرَاضُهُمْ فِي أَفْعَالِهِمْ إِلَّا رِضَاءَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ،

فَإِذَا صَرَفُوا إِرَادَتَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ بِإِظْهَارِ صَالِحِهَا لَهُمْ، وَمُرَاءَاتِهِمْ بِهَا لِيَعْظُمُوا بِهَا فِي أَعْيُنِهِمْ، وَيَجِلَّ عِنْدَهُمْ أَقْدَارُهُمْ، قَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ،

فَأَظْهَرَ لِلْخَلْقِ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يُخْفُونَهَا عَنْهُمْ، وَيَسْتُرُونَهَا مِنْهُمْ، مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَسَتَرَهَا عَلَيْهِمْ، فَيُبْدِيهَا لِسَائِرِ خَلْقِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَمَلَكٍ، وَسَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ،

فَيُبْغِضُونَهُمْ عَلَيْهَا، وَتَزْدَرِيهِمْ أَعْيُنُهُمْ، وَتَقْصُرُ أَقْدَارُهُمْ عِنْدَهُمْ، وَيَحْقُرُونَهُمْ وَيَمْقُتُونَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَيَفْتَضِحُونَ عِنْدَهُمْ، وَيُنْتَهَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَيَفُوتُهُمْ مَا قَصَدُوهُ، وَيُقْلَبُ عَلَيْهِمْ مَا أَرَادُوهُ،

فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَنْ رَاءَى النَّاسَ بِمَحَاسِنِهِ وَأَظْهَرَ لَهُمْ صَالِحَ أَعْمَالِهِ، أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُمْ مَسَاوِئَهَا مِنْهَا، فَيَفُوتُهُ مَا يُرِيدُ، وَيَبْطُلُ مَحَاسِنُهَا،___فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا، وَلَا يُدْرِكُ مَا يُرِيدُ، بَلْ يَفْتَضِحُ وَيَصْغُرُ وَيَحْقُرُ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ." اهـ

 



[1] وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 436) :

"بَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَيُقَالُ : بَرُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَزِينٍ ابْنُ عُمَيْتِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ذَرَاعِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدَّارِ أَبُو هِنْدٍ الدَّارِيُّ : أَخُو تَمِيمٍ وَالطَّيِّبِ، سَكَنَ فِلَسْطِينَ كُوَرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ." اهـ

وفي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1773) لابن عبد البر :

"وَهُوَ ابْن عم تميم الداري، وليس بأخيه شقيقه، ولكنه أخوه لأمه وابن عمه يجتمع معه نسبه فِي ذراع بْن عدي بْن الدار." اهـ

وفي "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" (1/ 251) للسيوطي: "قال ابن الربيع: دخل مصر، ولهم عنه حديث." اهـ

[2] وفي تحفة الأحوذي (7/ 44_45):

"قَالَ الْحَافِظُ فِي "الْفَتْحِ": "الرِّيَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا فَيَحْمَدُوا صَاحِبَهَا وَالسُّمْعَةُ بضم المهملة وسكون الميم مشقة مِنْ سَمِعَ وَالْمُرَادُ بِهَا نَحْوُ مَا فِي الرِّيَاءِ لَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ____وَالرِّيَاءُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ انْتَهَى." اهـ

[3] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3159) للقاري :

"قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ : "أَيْ : مَنْ قَامَ يَنْسُبُهُ إِلَى ذَلِكَ وَيُشْهِرُهُ بِهِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فَضَحَهُ اللَّهُ وَشَهَّرَهُ بِذَلِكَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَذَّبَهُ عَذَابَ الْمُرَائِينَ." اهـ

[4] سيأتي الحديث في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 118) (رقم : 27) عن عوف بن مالك الأشجعي _رضي الله عنه_.

 

[5] وفي الميسر في شرح مصابيح السنة للتُّورِبشتي (3/ 1117) : "والمعنى: يفضحه يوم القيامة. ومثله: (من راءى راءى الله به).

وقيل: من أذاع على مسلم عيبا، وسمعه عليه أظهر الله عيوبه." اهـ

وفي تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/ 302): "«سمَّع»، أي: بلغ الله مسامع خلقه أنه مراء مزور, وأشهره بذلك فيما بين الناس." اهـ

[6] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3334) للقاري:

"«وَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَهُ» بِالتَّشْدِيدِ فِيهِمَا، أَيْ: جَعَلَهُ حَقِيرًا ذَلِيلًا مِنَ الصَّغَارِ، وَهُوَ الذُّلُّ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلَهُ كَالذَّرِّ صَغِيرًا، كَمَا وَرَدَ فِي جَنَّةِ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمٌ." اهـ

[7] أخرجه مسلم (3/ 1513) (رقم : 1905) ، والنسائي في سننه (6/ 23) (رقم : 3137)، الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/ 122) (رقم : 2528)، واللفظ له.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين