الحديث 29_30 من الأدب المفرد

 

 

28_بَابُ عُقُوبَةِ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ

 

29 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

«مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ مِنَ الْبَغِيِّ[1]، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ[2]»[3]

 

ترجمة رواة الحديث :

 

عبد الله بن يزيد القرشى العدوى المكى ، أبو عبد الرحمن المقرىء القصير ، مولى آل عمر بن الخطاب ( سكن مكة )

الطبقة :  9  : من صغار أتباع التابعين

الوفاة :  213 هـ

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة فاضل

 

عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفانى الجوشنى ، أبو مالك البصرى ( ابن عم القاسم بن ربيعة بن جوشن )

الطبقة :  7  : من كبار أتباع التابعين

الوفاة :  150 هـ تقريبا

روى له :  بخ د ت س ق  ( البخاري في الأدب المفرد - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  صدوق

 

عبد الرحمن بن جوشن الغطفانى ، البصرى ( والد عيينة بن عبد الرحمن ، و كان صهر أبى بكرة على ابنته )

الطبقة :  3  : من الوسطى من التابعين

روى له :  بخ د ت س ق  ( البخاري في الأدب المفرد - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة

 

نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة ، أبو بكرة الثقفى ، قيل اسمه مسروح ، و قيل نفيع بن مسروح

الطبقة :  1 : صحابى

الوفاة :  51 أو 52 هـ بـ البصرة

روى له :  خ م د ت س ق

 

شرح الحديث :

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 669)

978 - " ليس شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقابا من

البغي وقطيعة الرحم واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع[4]". أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (10 / 35)

 

عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»

سنن أبي داود (4/ 274) (رقم : 4895)، سنن ابن ماجه (2/ 1399) (رقم : 4179)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1725) ، الصحيحة (570)

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ مِمَّا عُصيَ اللهُ بِهِ هُوَ أَعْجَلُ عِقَابًا مِنَ الْبَغْيِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أُطِيعُ اللهُ فِيهِ أَسْرَعَ ثَوَابًا مِنَ الصلَةِ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ "

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 19) (رقم : 1092)، والقُضاعي في مسند الشهاب (2/ 27) (رقم : 815)، و أبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" (ص: 243)، البيهقي في شعب الإيمان (6/ 481) (رقم : 4501)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 368) (رقم : 1836)

 

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : "لَوْ بَغَى جَبَلٌ عَلَى جَبَلٍ لَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْبَاغِيَ مِنْهُمَا دَكًّا." أخرجه إبراهيم الحربي في غريب الحديث (2/ 603)، وابن أبي الدنيا في ذم البغي (ص: 54) (رقم : 7) بإسناد حسنٍ.

 

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 24 و 37) (رقم : 29 و 67)، وأبو داود في سننه (4/ 276) (رقم : 4902)، والترمذي في سننه (4/ 664) (رقم : 2511)، وابن ماجه في سننه (2/ 1408) (رقم : 4211)، وابن المبارك في "الزهد والرقائق" (1/ 252) (رقم : 724)، وفي "مسنده" (ص: 9 و 99) (رقم : 15 و 166)، ووكيع بن الجراح في الزهد (ص: 508 و 743) (رقم : 243 و 429)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" (2/ 206) (رقم : 921)، وعلي بن الجعد في "مسنده" (ص: 223) (رقم : 1489)، مسند أحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (5/ 36 و 38) (رقم : 20374 و 20380 و 20398)، وهناد بن السري في الزهد (2/ 643)، والحسين بن حرب المروزي في "البر والصلة" (ص: 70) (رقم : 134)، وابن عرفة في "جزئه" (ص: 58) (رقم : 30)، وابن أبي الدنيا في "ذم البغى" (ص: 45) (رقم : 1)، وفي مكارم الأخلاق (ص: 72) (رقم : 211)،  والبزار في "مسنده" = "البحر الزخار" (9/ 128 و 137) (رقم : 3678 و 3693)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (15/ 260) (رقم : 5998 و 5999)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص: 131) (رقم : 266_267)، وابن الأعرابي في "معجمه" (3/ 924) (رقم : 1947)، وابن حبان البُسْتِي في صحيحه (2/ 200 و 201) (رقم : 455 و 456)، وابن المقرئ في "معجمه" (ص: 385) (رقم : 1257)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (2/ 388 و 4/ 179_180) (رقم : 3359 و 7289 و 7290)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" = "أخبار أصبهان" (1/ 375)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 396) (رقم : 21082)، وفي "شعب الإيمان" (9/ 51 و 10/ 337) (رقم : 6243 و 7588 و 7589)، وفي "الآداب" (ص: 9 و 51).

 

والحديث صحيح : صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 588) (رقم : 918)، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 673) (رقم : 2537)، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 453) (رقم : 456)

 

وصححه _أيضا_ الأرنؤوط في "تعليقه على سنن أبي داود" (7/ 263) (رقم : 4902)، وفي "تعليقه على سنن ابن ماجه" (5/ 296) (رقم : 4211)،

 

من فوائد الحديث :

 

شرح مشكل الآثار (15/ 262) :

"قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ: أَفَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ عَلَى الْبَغْيِ، وَالْعُقُوبَةُ عَلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ أَسْرَعُ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْكُفْرِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ؟

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَشَدُّ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْكُفْرِ، وَلَا عُقُوبَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ التَّوْبَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ،

وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عُقُوبَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُ الْبَغْيُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بِذَلِكَ، وَكَانَ مَا تُوُعِّدَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً عَلَى بَغْيِهِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ الَّتِي أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِصِلَتِهَا. وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ عَلَى الْكُفْرِ، فَأَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ." اهـ

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 134) :

"فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتُوبَ مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَصِلَ رَحِمَهُ...وَيُقَالُ : ثَلَاثَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الْكَرِيمِ : الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيءِ، وَالْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَالْبَذْلُ لِمَنْ حَرَمَهُ." اهـ

 

فيض القدير (5/ 478)

البغي من الكبر وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة والرحم القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أن هجر فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد أما قطيعتها بترك الإحسان فليس بكبير.

قال الحليمي : بين بهذا الخبر أن الدعاء بما فيه إثم غير جائز لأنه جرأة على الله ويدخل فيه ما لو دعا بشر على من لا يستحقه أو على نحو بهيمة،

وقال في الإنحاف : "فيه : تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 465)

فهما أسرع الذنوب عقوبة في الدنيا وعقوبة الآخرة على أصلها، وفيه عظمة شأن البغي وقطيعة الرحم فكل واحدة كبيرة من أمهات الكبائر، فكيف إذا اجتمعتا كما يقع ذلك كثيراً لملوك الدنيا فلا أكثر من اجتماع البغي فيهم وقطيعة الرحم ولذا قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا في الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]

 

التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 357)

والحديث ترغيب في البر وصلة الرحم وترهيب من البغي وقطيعة الرحم

 

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (4/ 214) للعزيزي :

"قال العلقمي ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة." اهـ

 

شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (7/ 343)

قال الإمام النووي رحمه الله: لا خاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية والصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها صلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. اهـ.

 

الزهد لوكيع (ص: 501)

بَابُ مُحَاسَبَةِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ وَالْإِنْصَافِ مِنْ نَفْسِهِ

 

الآداب للبيهقي (ص: 7)

بَابٌ: فِي صِلَةِ الرَّحِمِ وَالرَّحِمُ: الْقَرَابَةُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} [الرعد: 21][ص:8] وَقَالَ فِيمَنْ قَطَعَ الرَّحِمَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23]

 

الآداب للبيهقي (ص: 49)

بَابُ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ بِالسَّبِّ وَالتَّعْيِيرِ وَالْبَغْيِ



[1] وفي عون المعبود وحاشية ابن القيم (13/ 167) : "(مِثْلُ الْبَغْيِ) أَيْ بَغْيِ الْبَاغِي وَهُوَ الظُّلْمُ أَوِ الْخُرُوجُ عَلَى السُّلْطَانِ أَوِ الْكِبْرُ." اهـ، وهو من كلام علي بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 3091).

[2] وفي سبل السلام (2/ 628)

وَاعْلَمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي (حَدِّ الرَّحِمِ) الَّتِي تَجِبُ صِلَتُهَا فَقِيلَ: هِيَ الرَّحِمُ الَّتِي يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ عَلَى الْآخَرِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَلَا أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ. وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّقَاطُعِ. وَقِيلَ هُوَ مَنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمِيرَاثٍ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك " وَقِيلَ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَرَابَةٌ سَوَاءٌ كَانَ يَرِثُهُ أَوْ لَا.

ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ____وَلَوْ بِالسَّلَامِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْقُدْرَةِ وَالْحَاجَةِ فَمِنْهَا وَاجِبٌ وَمِنْهَا مُسْتَحَبٌّ فَلَوْ وَصَلَ بَعْضَ الصِّلَةِ وَلَمْ يَصِلْ غَايَتَهَا لَمْ يُسَمَّ قَاطِعًا وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي لَهُ: لَمْ يُسَمَّ وَاصِلًا.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الرَّحِمُ الَّتِي تُوصَلُ الرَّحِمُ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعَامَّةُ رَحِمُ الدِّينِ، وَتَجِبُ صِلَتُهَا بِالتَّوَادُدِ وَالتَّنَاصُحِ وَالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ وَالْقِيَامِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ. وَالرَّحِمُ الْخَاصَّةُ تَزِيدُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ وَتَفَقُّدِ حَالِهِ وَالتَّغَافُلِ عَنْ زَلَّتِهِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: الْمَعْنَى الْجَامِعُ إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ وَدَفْنُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْفُسَّاقُ فَتَجِبُ الْمُقَاطَعَةُ لَهُمْ إذَا لَمْ تَنْفَعْ الْمَوْعِظَةُ." اهـ

وقال في سبل السلام (2/ 629)

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ الْقَطِيعَةُ لِلرَّحِمِ فَقَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: تَكُونُ بِالْإِسَاءَةِ إلَى الرَّحِمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَكُونُ بِتَرْكِ الْإِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ آمِرَةٌ بِالصِّلَةِ نَاهِيَةٌ عَنْ الْقَطِيعَةِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَالصِّلَةُ نَوْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ كَمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالْقَطِيعَةُ ضِدُّهَا وَهِيَ تَرْكُ الْإِحْسَانِ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :

«لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»

فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الصِّلَةَ إنَّمَا هِيَ مَا كَانَ لِلْقَاطِعِ صِلَةُ رَحِمِهِ، وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ قَطَعَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهِيَ رِوَايَةٌ فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِهِ: الْمُرَادُ الْكَامِلَةُ فِي الصِّلَةِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ لَيْسَ حَقِيقَةَ الْوَاصِلِ وَمَنْ يُعْتَدُّ بِصِلَتِهِ مَنْ يُكَافِئُ صَاحِبَهُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَتَفَضَّلُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا يَلُومُ مِنْ نَفْيِ الْوَصْلِ ثُبُوتُ الْقَطْعِ فَهُمْ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ وَاصِلٌ وَمُكَافِئٌ وَقَاطِعٌ، فَالْوَاصِلُ هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ وَلَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ، وَالْمُكَافِئُ هُوَ الَّذِي لَا يَزِيدُ فِي الْإِعْطَاءِ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ، وَالْقَاطِعُ الَّذِي لَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَفَضَّلُ قَالَ الشَّارِحُ: وَبِالْأَوْلَى مَنْ يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَفَضَّلُ أَنَّهُ قَاطِعٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَمَا تَقَعُ الْمُكَافَأَةُ بِالصِّلَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَلِكَ تَقَعُ بِالْمُقَاطَعَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَمَنْ بَدَأَ فَهُوَ الْقَاطِعُ فَإِنْ جُوزِيَ سُمِّيَ مَنْ جَازَاهُ مُكَافِئًا." اهـ

[3] وفي لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (8/ 221) عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدِّهلوي الحنفي «المولود بدهلي في الهند سنة (958 هـ) والمتوفى بها سنة (1052 هـ) رحمه اللَّه تعالى» : "قوله : (من البغي وقطيعة الرحم) لما فيهما من إيذاء الخلق وتضييع حقهم أفحش من غيرهما من الذنوب، وفي قوله: (أحرى) إشارة إلى استحقاق أهلهما هذا الجزاء عقلًا." اهـ

[4] وفي التنوير شرح الجامع الصغير (9/ 241) : "(بلاقع) جمع بزنة مساجد جمع بلقع وهي القفر التي لا شيء فيها بيان لعقوبة اليمين العاجلة ولعله يبقي من عقوبتها في الآخرة زيادة على ما وقع في الدنيا إن لم يتب." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين