الحديث 24 من الأدب المفرد

 

13_ بَابُ بِرِّ الْوَالِدِ الْمُشْرِكِ

 

24 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى :

كَانَتْ أُمِّي حَلَفَتْ أَنْ لَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ حَتَّى أُفَارِقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطُعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] .

وَالثَّانِيَةُ : أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُ سَيْفًا أَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي هَذَا، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] .

وَالثَّالِثَةُ: أَنِّي مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْسِمَ مَالِي، أَفَأُوصِي بِالنِّصْفِ؟ فَقَالَ: «لَا» ، فَقُلْتُ: الثُّلُثُ؟ فَسَكَتَ، فَكَانَ الثُّلُثُ بَعْدَهُ جَائِزًا.

وَالرَّابِعَةُ : إِنِّي شَرِبْتُ الْخَمْرَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَضَرَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْفِي بِلَحْيِ جَمَلٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ

 

رواة الحديث :

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ (ثقة فاضل) :

محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبى مولاهم ، أبو عبد الله الفريابى، من صغار أتباع التابعين

(ت : 212 هـ) : خ م د ت س ق

 

قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ (ثقة) :

إسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق السبيعى الهمدانى ، أبو يوسف الكوفى، من كبار أتباع التابعين (ت : 160 هـ) : خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

 

قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكٌ (صدوق) :

سماك بن حرب بن أوس بن خالد بن نزار بن معاوية الذهلى البكرى ، أبو المغيرة الكوفى، طبقة تلى الوسطى من التابعين (ت : 123 هـ) : خت م د ت س ق 

 

 

عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ (ثقة أرسل عن عكرمة بن أبى جهل) :

مصعب بن سعد بن أبى وقاص القرشى الزهرى ، أبو زرارة المدنى، من الوسطى من التابعين (ت : 103 هـ) : خ م د ت س ق

 

عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ :

سعد بن أبى وقاص : مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب القرشى، أبو إسحاق الزهري (ت : 55 هـ بـ العقيق) :  خ م د ت س ق

 

 

قَالَ : نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: كَانَتْ أُمِّي حَلَفَتْ أَنْ لَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ حَتَّى أُفَارِقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطُعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] .

وَالثَّانِيَةُ: أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُ سَيْفًا أَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي هَذَا، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] .

وَالثَّالِثَةُ: أَنِّي مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْسِمَ مَالِي، أَفَأُوصِي بِالنِّصْفِ؟ فَقَالَ: «لَا» ، فَقُلْتُ: الثُّلُثُ؟ فَسَكَتَ، فَكَانَ الثُّلُثُ بَعْدَهُ جَائِزًا.

وَالرَّابِعَةُ: إِنِّي شَرِبْتُ الْخَمْرَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَضَرَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْفِي بِلَحْيِ جَمَلٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ

 

 

شرح الحديث :

 

قال الله _تعالى_ :

{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]

 

وقال تعالى :

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]

 

وقال تعالى :

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 90]

 

وقال تعالى :

{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52]

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 22) (رقم : 24)، مسلم في صحيحه (4/ 1877) (1748)، وأبو عوانة في المستخرج ط الجامعة الإسلامية (14/ 230) (رقم : 7052)، وأحمد في مسنده (3/ 163) (رقم : 1614)، عبد بن حميد في المنتخب ت صبحي السامرائي (ص: 74) (رقم : 132) والبزار في البحر الزخار (3/ 347) (رقم : 1149)، وابن حبان في صحيحه (15/ 452) (رقم : 6992)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 46) (رقم : 17833)، وفي شعب الإيمان (10/ 316) (رقم : 7556)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 279) (رقم : 5369)، والشاشي في المسند (1/ 140) (رقم : 78)

 

فالحديث صحيح : انظر تخريج المشكاة (3072)

 

من فوائد الحديث :

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (1/ 360) لابن هبيرة :

"* هذا الحديث يدل على شرف سعد وعلو منزلته، لأن الله تعالى أنزل هذه الآيات في شأنه، فاستمرت أحكامها باقية إلى يوم القيامة تعود عليه بركتها، ويناله من خيرها، فمن بركة هذه القصة أن الله تعالى أفتى فيها حيث كانت الوصاة قد تقدمت منه سبحانه ببر الوالدين وتتابعت، وكان حق الله عز وجل أولى في عبادته." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (1/ 361) :

"وأما القصة الثالثة في الخمر، فإنها تدل على أن الله عز وجل شرف أمة محمد _صلى الله عليه وسلم_ وأكرمها بأن حرم عليها الخمر، لما في الخمر من جماع الإثم، وإنها داعية إلى سفك دماء وانتهاك أعراض، وضياع أموال، وتغير عقول وغير ذلك." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 627)

في فوائده:

1 - (منها): بيان فضل سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - حيث نزلت الآيات المذكورة فيه.

2 - (ومنها): وجوب برّ الوالدين، وإن كانا كافرين بما لا يخالف الشرع.

3 - (ومنها): حلّ الغنائم خصوصيّةٌ لهذا الأمة، وجواز تنفيل الإمام بعض الغزاة بما يراه.

4 - (ومنها): جواز الوصيّة، وأنه لا يجوز إلا بالثلث.

5 - (ومنها): تحريم الخمر بعد أن كانت مباحة، قال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر -رَحِمَهُ اللهُ- :

"هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُبَاحًا مَعْمُولًا بِهِ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُنْكَرُ وَلَا يُغَيَّرُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ آيَةُ النساء" لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى "] النساء: 43] عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَهَلْ كَانَ يُبَاحُ لَهُمْ شُرْبُ الْقَدْرِ الَّذِي يُسْكِرُ؟ حَدِيثُ حَمْزَةَ ظَاهِرٌ فِيهِ حِينَ بَقَرَ خَوَاصِرَ نَاقَتَيْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجَبَّ أَسْنِمَتَهَمَا،

فَأَخْبَرَ عَلِيٌّ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ إِلَى حَمْزَةَ فَصَدَرَ عَنْ حَمْزَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَوْلِ الْجَافِي الْمُخَالِفِ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنِ احْتِرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرِهِ وَتَعْزِيرِهِ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَمْزَةَ كَانَ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بِمَا يُسْكِرُ،

وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّاوِي : فَعَرَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى حَمْزَةَ وَلَا عَنَّفَهُ، لَا فِي حَالِ سُكْرِهِ وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ رَجَعَ لَمَّا قَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجَ عَنْهُ.

وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ وَحَكَوْهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ السُّكْرَ حَرَامٌ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ، لِأَنَّ الشَّرَائِعَ مَصَالِحُ الْعِبَادِ لَا مَفَاسِدُهُمْ، وَأَصْلُ الْمَصَالِحِ الْعَقْلُ، كَمَا أَنَّ أَصْلَ الْمَفَاسِدِ ذَهَابُهُ، فَيَجِبُ الْمَنْعُ مِنْ كُلِّ مَا يُذْهِبُهُ أَوْ يُشَوِّشُهُ، إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ حَمْزَةَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِشُرْبِهِ السُّكْرَ لَكِنَّهُ أَسْرَعَ فِيهِ فَغَلَبَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى [تفسير القرطبي (6/ 287)].

[تنبيه]: قال أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر -رَحِمَهُ اللهُ- أيضاً:

"كان تَحْرِيمُ الْخَمْرِ كَانَ بِتَدْرِيجٍ وَنَوَازِلَ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُولَعِينَ بِشُرْبِهَا، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ فِي شأنها : ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)) [البقرة: 219] أَيْ فِي تِجَارَتِهِمْ،

فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، تَرَكَهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالُوا : (لَا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا فِيهِ إِثْمٌ كَبِيرٌ)، وَلَمْ يَتْرُكْهَا بَعْضُ النَّاسِ وَقَالُوا : (نَأْخُذُ مَنْفَعَتَهَا وَنَتْرُكُ إِثْمَهَا)،

فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ" لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى " [النساء: 43]،

فَتَرَكَهَا بَعْضُ النَّاسِ وَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا يَشْغَلُنَا عَنِ الصَّلَاةِ، وَشَرِبَهَا بَعْضُ النَّاسِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ" الْآيَةَ- فَصَارَتْ حَرَامًا عَلَيْهِمْ حَتَّى صَارَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: مَا حَرَّمَ اللَّهُ شَيْئًا أَشَدَّ مِنَ الْخَمْرِ. وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: نَزَلَتْ بِسَبَبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيُوبَ الْخَمْرِ، وَمَا يَنْزِلُ بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِهَا، وَدَعَا اللَّهُ فِي تَحْرِيمِهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ، فَقَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا.___

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى "] النساء: 43]، و" يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ"] البقرة: 219] نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ" إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ" اهـ [تفسير القرطبي (6/ 286_287)]

 

عون الأحد الصمد (1/48_49) لزيد بن محمد المدخلي :

من المسلم به : أن قضایا نزل القرآن في بيانها، وأشخاصا نزل القرآن بسبب أفعال صدرت منهم، ومن جملة هؤلاء : سعد بن أبي وقاص، نزلت فيه تلك الآيات التي جاء ذكرها في هذا الحديث.

وخلاصة ما دل عليه هذا الحديث:

۱- تحريم الطاعة لأحد في معصية الله مهما كان حقه عليك .

۲- فيه دليل على بر الوالدين بالمعروف عندما يكونان مشرکین أو أحدهما استنادا إلى الآية الكريمة الواردة في الباب.___

3- منقبة عظيمة لسعد بن أبي وقاص _رضي عنه_ حيث نزلت فيه أربع آيات من القرآن الكريم فيها بيانُ أحكامٍ شرعيةٍ .

4- عدم جواز الوصية في مرض الموت إلا إذا توفرت شروطها، ومن شروطها أن تكون بالثلث فأقل." اهـ

 

رش البر شرح الأدب المفرد (ص 29) :

"فقه الحديث:

1- الحث على طاعة الوالدين في غير معصية الله

۲- فضل البر والإحسان مع الوالدين المشرکین .

3- فضل الأمة المحمدية على سائر الأمم بأن الغنيمة قد أحلت لها دون غيرها

4- استحباب زيارة المريض

5- تواضع النبي _صلى الله عليه وسلم_ بأنه كان يهتم بعيادة المرضى اهتماما بالغًا.

6- عدم جواز الزيادة على الثلث في الوصية .

۷- إن الخمر حرام، وفيه مفاسد عظيمة وأضرار جسيمة ." اهـ

 

===========================

 

25 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً[1]، فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[2]، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8][3]."

 

رواة الحديث :

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ (ثقة حافظ فقيه) :

أبو بكر : عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن حميد بن زهير القرشى الأسدى الحميدى المكى، (ت :  219 هـ بـ مكة) : خ م د ت س فق  (ابن ماجه في التفسير )

 

قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ (ثقة حافظ فقيه إمام حجة) :

أبو محمد : سفيان بن عيينة بن أبى عمران : ميمون الهلالى ، الكوفى ، المكى ، مولى محمد بن مزاحم، من الوسطى من أتباع التابعين، (ت :  198 هـ بـ مكة) : خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (ثقة فقيه) :

أبو المنذر : هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى المدنى، من صغار التابعين، (ت : 145 هـ) : خ م د ت س ق 

 

قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ (ثقة) :

أبو عبد الله : عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشى الأسدى المدنى، من الوسطى من التابعين، (ت :  94 هـ على الصحيح) : خ م د ت س ق 

 

أَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ :

أسماء بنت أبى بكر الصديق (زوج الزبير بن العوام، وشقيقة عبد الله بن أبى بكر، من كبار الصحابة)، توفي : 73 هـ بـ مكة :  خ م د ت س ق 

فهي من السابقات إلى الإسلام، وكانت تسمّى ذات النطاقين؛ لما شقّت نطاقها نصفين، فربطت بأحدهما زاد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأبيها حين هاجرا، والقصّة مشهورة.

 

نص الحديث :

 

أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً، فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَصِلُهَا؟

قَالَ : «نَعَمْ»،

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8]

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/ 448)

وَاسم أمهَا : قتيلة بنت عبد الْعُزَّى، تزَوجهَا أَبُو بكر، فَجَاءَت بِعَبْد الله وَأَسْمَاء، وَطَلقهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقدمت الْمَدِينَة فِي زمن الْهُدْنَة حِين كتبُوا الْعَهْد على وضع الْحَرْب، وَجَاءَت مَعهَا بِهَدَايَا من زَيْت وَسمن وَغَيره، فَأَبت أَسمَاء أَن تدْخلهَا بَيتهَا أَو تقبل هديتها حَتَّى أذن لَهَا رَسُول الله فِي ذَلِك.

 

شرح النووي على مسلم (7/ 89)

وَأُمُّ أَسْمَاءَ اسْمُهَا (قَيْلَةُ)، وَقِيلَ : (قَتِيلَةُ) بِالْقَافِ وَتَاءِ مُثَنَّاةٍ من فوق، وهي قَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْقُرَشِيَّةُ الْعَامِرِيَّةُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ أَمْ مَاتَتْ عَلَى كفرها والأكثرون على موتها مشركة

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 523)

وأمها المذكورة قتلة بنت عبد العزى العامرية القرشية، ويقال: قتيلة - مصغرة - وكلاهما بتاء باثنتين فوقها

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 23) (رقم : 25)، وفي صحيحه (3/ 164 و 4/ 103 و 8/ 4) (رقم : 2620 و 3183 و 5978 و 5979)، ومسلم في صحيحه (2/ 696) (رقم : 1003)، وأبو داود في سننه (2/ 127) (رقم : 1668)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (3/ 212) (رقم : 1748)، وعبد الرزاق الصنعاني في المصنف (6/ 38 و 10/ 353) (رقم : 9932 و 19340)، والحميدي في مسنده (1/ 321) (رقم : 320)، وسعيد بن منصور الخراساني في سننه (2/ 379) (رقم : 2917)، وأبو الجهم الباهلي في "جُزْئِه" (ص: 49) (رقم : 79)، إسحاق بن راهويه الحنظلي في مسنده (2/ 297 و 5/ 133) (رقم : 818 و 2247)، والحسين بن حرب المروزي في البر والصلة (ص: 68) (رقم : 129)، والشافعي في السنن المأثورة (ص: 386) (رقم : 529)، وأحمد في مسنده - عالم الكتب (6/ 344 و 6/347) (رقم : 26913 و 26939_26940)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص: 104) (رقم : 278 و 279)، وابن حبان البستي في صحيحه (2/ 197) (رقم : 452)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 78) (رقم : 203)، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (6/ 3254) (رقم : 7500)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 321 و 9/ 218) (رقم : 7843_7844 و 18331)، وفي شعب الإيمان (10/ 315) (رقم : 7555)، وفي معرفة السنن والآثار (6/ 213) (رقم : 8514_8515)، شرح السنة للبغوي (13/ 13) (رقم : 3425)

 

والحديث صحيح : صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 657) (رقم : 2500)

 

من فوائد الحديث :

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/ 448)

فَأَما قَوْله تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ} قَالَ ابْن الزبير نزلت فِي أَسمَاء بنت أبي بكر، قدمت عَلَيْهَا أمهَا قتيلة بنت عبد الْعُزَّى الْمَدِينَة بِهَدَايَا، فَلم تقبل هَدَايَاهَا وَلم تدْخلهَا منزلهَا، فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنزلت هَذِه الْآيَة، فَأمرهَا رَسُول الله أَن تدْخلهَا منزلهَا وَتقبل هديتها، وتحسن إِلَيْهَا.

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِه الْآيَة رخصَة فِي صلَة الَّذين لم ينصبوا الْحَرْب للْمُسلمين، وجوائزهم وَإِن كَانَت الْمُوَالَاة مُنْقَطِعَة.

وَقَوله: {وَلم يخرجوكم من دِيَاركُمْ} يَعْنِي مَكَّة {أَن تبروهم وتقسطوا إِلَيْهِم} أَي تعاملوهم بِالْعَدْلِ فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ.

وَقَوله: {وظاهروا على إخراجكم} أَي عاونوا على ذَلِك {أَن تولوهم} إِنَّمَا يَنْهَاكُم عَن أَن توَلّوا هَؤُلَاءِ." اهـ

 

قلت : قال الله _عز وجل_ : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} [الممتحنة: 8، 9]

 

فتح الباري لابن حجر (5/ 234)

* وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ أَنَّ الرَّحِمَ الْكَافِرَةَ تُوصَلُ مِنَ الْمَالِ وَنَحْوِهِ كَمَا تُوصَلُ الْمُسْلِمَةُ،

* وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ وُجُوبُ نَفَقَةِ الْأَبِ الْكَافِرِ وَالْأُمِّ الْكَافِرَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا اهـ

* وَفِيهِ : مُوَادَعَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمُعَامَلَتُهُمْ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ،

* وَالسَّفَرُ فِي زِيَارَةِ الْقَرِيبِ،

* وَتَحَرِّي أَسْمَاءَ فِي أَمْرِ دِينِهَا وَكَيْفَ لَا وَهِيَ بِنْتُ الصِّدِّيقِ وَزَوْجُ الزُّبَيْرِ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ_

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (13/ 174)

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ :

* جَوَاز صلَة الرَّحِم الْكَافِرَة كالرحم الْمسلمَة.

* وَفِيه: مستدل لمن رأى وجوب النَّفَقَة للْأَب الْكَافِر، وَالأُم الْكَافِرَة على الْوَلَد الْمُسلم.

* وَفِيه: موادعة أهل الْحَرْب ومعاملتهم فِي زمن الْهُدْنَة.

* وَفِيه : السّفر فِي زِيَارَة الْقَرِيب.

وَفِيه : فَضِيلَة أَسمَاء حَيْثُ تحرت فِي أَمر دينهَا، وَكَيف لَا وَهِي بنت الصّديق وَزوج الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم." اهـ

 

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (2/ 1287)

وفيه : أن الرحم الكافرة توصل ببر المال ونحوه كالرحم المسلمة.

وفيه : مستدل لمن رأى وجوب نفقة الأب الكافر، والأم الكافرة على الولد المسلم.

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 227) :

"في الحديث : جواز صلة القريب المشرك، ويشهد لذلك قوله تعالى : {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان (15) ] .

 

معالم السنن (2/ 76_77) للخطابي :

وإنما أمر بصلتها لأجل الرحم. فأما دفع الصدقة الواجبة إليها فلا يجوز وإنما هي حق للمسلمين لا يجوز صرفها إلى غيرهم ولو كانت أمها مسلمة لم يكن أيضاً يجوز لها إعطاؤها الصدقة فإن خلَّتها مسدودة بوجوب النفقة لها على ولدها إلاّ أن تكون غارمة فتعطى من سهم الغارمين. فأما من سهم الفقراء والمساكين فلا وكذلك إذا___كان الوالد غازيا جاز للولد أن يدفع إليه من سهم السبيل." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (3/ 193)

ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام؛ لأن لهم حق القرابة، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) [لقمان: 15] ، يعني إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً، أي أعطهم من الدنيا ما يجب لهم من الصلة، ولو كانا كافرين أو فاسقين؛ لأن لهما حق القرابة.

وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة.

ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة، فرجعت إلى بيتها وكان زوجها عبد الله بن مسعود خفيف ذات اليد يعني أنه ليس عنده مال." اهـ

 

قال الله جل وعلا : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا } [العنكبوت: 8]

 

وقال : {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (19/ 306)

في فوائده:

1 - (منها): بيان جواز صلة القريب المشرك، قال الخطابيّ رحمه الله: فيه أن الزَحِمَ الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل المسلمة.

2 - (ومنها): أن فيه مستدلًّا لمن رأى وجوب النفقة للأب الكافر، والأم الكافرة على الولد المسلم، ويؤيّده قوله عز وجل: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} الآية [لقمان: 15].

3 - (ومنها): بيان جواز موادعة أهل الحرب، ومعاملتهم في زمن الهدنة والسفر في زيارة القريب.

4 - (ومنها): بيان فضل أسماء -رضي الله عنها- حيث تحرّت في أمر دينها، وكيف لا وهي بنت الصديق، وزوج الزبير -رضي الله عنهم-، والله تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل." اهـ



[1]  وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (19/ 304) للإثيوبي :

"وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- عند ابن حبان: "جاءتني راغبةً وراهبةً" بالواوأيضًا، وهو يؤيد رواية الطبرانيّ.

والمعنى أنها قَدِمَت طالبة في بِرّ ابنتها لها، خائفةً من رَدّها إياها خائبةً، هكذا فسره الجمهور، ونقل المستغفريّ أن بعضهم أوّله فقال: وهي راغبة في الإسلام، فذكرها لذلك في الصحابة، وردّه أبو موسى بانه لم يقع في شيء من الروايات ما يدلّ على إسلامها، وقولها: أراغبةٌ" أي: في شيء تأخذه، وهي على شركها، ولهذا استأذنت أسماء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أن تصلها، ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن. انتهى.

وقيل: معناه راغبةٌ عن ديني، أو راغبة في القرب مني، ومجاورتي، والتودُّد إليّ؛ لأنها ابتدأت أسماء بالهدية التي أحضرتها، ورَغِبت منها في المكافأة، ولو حُمِل قوله: "راغبة" أي: في الإسلام لم يستلزم إسلامها.

ووقع في رواية عيسى بن يونس، عن هشام، عند أبي داود، والإسماعيليّ: "راغمة" بالميم؛ أي: كارهة للإسلام، ولم تَقْدُم مهاجرةً." اهـ

[2]  وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (19/ 304) للإثيوبي : "«في عهد قريش؛ إذ عاهدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»، وأرادت بذلك ما بين الحديبية والفتح." اهـ

[3]  وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (19/ 305) :

"وقيل: نَسَخَ ذلك آيةُ الأمر بقتل المشركين حيث وجدوا، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: القول بالنسخ مما لا يخفى بعده؛ لأن قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الآية [النساء: 89] خاصّ بالمحاربين، لا يتناول المسالمين، بدليل قوله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية [النساء: 90]، وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ} الآية [التوبة: 4]، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين