الحديث 13-14 من رياض الصالحين

 

[13] وعن أبي هريرةَ[1] - رضي الله عنه – قَالَ :

سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم – يقول :

«والله، إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه [2]في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً[3]» . رواه البخاري.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 67) (رقم : 6307)، والترمذي في سننه (5/ 383) (رقم : 3259)، وأحمد في مسنده (14/ 191) (رقم : 8493)

 

شرح الحديث :

 

وفي رواية أبي داود في سننه (2/ 85) (رقم : 1516) والترمذي في سننه (5/ 494) (رقم : 3434)، وابن ماجه في سننه (2/ 1253) (رقم : 3814) : عَنِ ابْنِ عُمَرَ _رضي الله عنهما_، قَالَ :

"إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»."

صححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 268) (رقم : 923)

 

من فوائد الحديث :

 

&      فتح الباري لابن حجر - (18 / 62) :

"وَقَدْ اسْتشْكِلَ وُقُوع الِاسْتِغْفَار مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَعْصُوم، وَالِاسْتِغْفَار يَسْتَدْعِي وُقُوع مَعْصِيَة.

وَأُجِيبَ بِعِدَّةِ أَجْوِبَة :

* مِنْهَا : مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الْغَيْن،

* وَمِنْهَا قَوْل اِبْن الْجَوْزِيّ : (هَفَوَات الطِّبَاع الْبَشَرِيَّة لَا يَسْلَم مِنْهَا أَحَد ، وَالْأَنْبِيَاء وَإِنْ عُصِمُوا مِنْ الْكَبَائِر فَلَمْ يُعْصَمُوا مِنْ الصَّغَائِر)[4].

كَذَا قَالَ ، وَهُوَ مُفَرَّع عَلَى خِلَاف الْمُخْتَار ، وَالرَّاجِح عِصْمَتهمْ مِنْ الصَّغَائِر أَيْضًا.

* وَمِنْهَا قَوْل اِبْن بَطَّال : الْأَنْبِيَاء أَشَدّ النَّاس اِجْتِهَادًا فِي الْعِبَادَة لِمَا أَعْطَاهُمْ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْمَعْرِفَة ، فَهُمْ دَائِبُونَ فِي شُكْره مُعْتَرِفُونَ لَهُ بِالتَّقْصِيرِ اِنْتَهَى . وَمُحَصَّل جَوَابه أَنَّ الِاسْتِغْفَار مِنْ التَّقْصِير فِي أَدَاء الْحَقّ الَّذِي يَجِب لِلَّهِ تَعَالَى ،

* وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون لِاشْتِغَالِهِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَة مِنْ أَكْل أَوْ شُرْب أَوْ جِمَاع أَوْ نَوْم أَوْ رَاحَة ، أَوْ لِمُخَاطَبَةِ النَّاس وَالنَّظَر فِي مَصَالِحهمْ ، وَمُحَارَبَة عَدُوّهُمْ تَارَة وَمُدَارَاته أُخْرَى ، وَتَأْلِيف الْمُؤَلَّفَة وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَحْجُبهُ عَنْ الِاشْتِغَال بِذِكْرِ اللَّه وَالتَّضَرُّع إِلَيْهِ وَمُشَاهَدَته وَمُرَاقَبَته ، فَيَرَى ذَلِكَ ذَنْبًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقَام الْعَلِيّ وَهُوَ الْحُضُور فِي حَظِيرَة الْقُدْس .

* وَمِنْهَا : أَنَّ اِسْتِغْفَاره تَشْرِيع لِأُمَّتِهِ ، أَوْ مِنْ ذُنُوب الْأُمَّة فَهُوَ كَالشَّفَاعَةِ لَهُمْ . وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي "الْإِحْيَاء" : "كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِم التَّرَقِّي، فَإِذَا اِرْتَقَى إِلَى حَال رَأَى مَا قَبْلهَا دُونهَا فَاسْتَغْفَرَ مِنْ الْحَالَة السَّابِقَة ، وَهَذَا مُفَرَّع عَلَى أَنَّ الْعَدَد الْمَذْكُور فِي اِسْتِغْفَاره كَانَ مُفَرَّقًا بِحَسَبِ تَعَدُّد الْأَحْوَال، وَظَاهِر أَلْفَاظ الْحَدِيث يُخَالِف ذَلِكَ .

وَقَالَ الشَّيْخ السُّهْرَوَرْدِيّ : لَمَّا كَانَ رُوح النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ فِي التَّرَقِّي إِلَى مَقَامَات الْقُرْب يَسْتَتْبِع الْقَلْب ، وَالْقَلْب يَسْتَتْبِع النَّفْس،

وَلَا رَيْب أَنَّ حَرَكَة الرُّوح وَالْقَلْب أَسْرَع مِنْ نَهْضَة النَّفْس فَكَانَتْ خُطَا النَّفْس تَقْصُر عَنْ مَدَاهُمَا فِي الْعُرُوج ، فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَة إِبْطَاء حَرَكَة الْقَلْب لِئَلَّا تَنْقَطِع عَلَاقَة النَّفْس عَنْهُ، فَيَبْقَى الْعِبَاد مَحْرُومِينَ، فَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْزَع إِلَى الِاسْتِغْفَار لِقُصُورِ النَّفْس عَنْ شَأْو تَرَقِّي الْقَلْب ، وَاَللَّه أَعْلَم ." اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (22/ 279)

وَإِنَّمَا كَانَ يسْتَغْفر هَذَا الْمِقْدَار مَعَ أَنه مَعْصُوم ومغفور لَهُ،

* لِأَن الاسْتِغْفَار عبَادَة،

* أَو هُوَ تَعْلِيم لأمته،

* أَو اسْتِغْفَار من ترك الأولى

* أَو قَالَه تواضعاً، أَو مَا كَانَ عَن سَهْو أَو قبل النُّبُوَّة،

* وَقيل: اشْتِغَاله بِالنّظرِ فِي مصَالح الْأمة ومحاربة الْأَعْدَاء وتأليف الْمُؤَلّفَة وَنَحْو ذَلِك شاغلٌ عَن عَظِيم مقَامه من حُضُورٍ مَعَ الله _عز وَجل_ وفراغِه مِمَّا سواهُ،

فيراه ذَنبا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَإِن كَانَت هَذِه الْأُمُور من أعظم الطَّاعَات وَأفضل الْأَعْمَال فَهُوَ نزُول عَن عالي دَرَجَته فيستغفر لذَلِك.

* وَقيل: كَانَ دَائِما فِي الترقي فِي الْأَحْوَال فَإِذا رأى مَا قبلهَا دونه اسْتغْفر مِنْهُ، كَمَا قيل : (حَسَنَات الْأَبْرَار، سيئات المقربين)،

* وَقيل: يَتَجَدَّد للطبع غفلات تفْتَقر إِلَى الاسْتِغْفَار.

وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هفوات الطباع البشرية لَا يسلم مِنْهَا أحد، والأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِن عصموا من الْكَبَائِر فَلم يعصموا من الصَّغَائِر.

قلت : لَا نسلم ذَلِك، بل عصموا من الصَّغَائِر والكبائر جَمِيعًا قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا." اهـ

 

&      التحبير شرح التحرير - (3 / 1453) للمَرْدَاوِيّ[5] :

"قال ابن عطية : ( وقوله : «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم  سبعين مرة»،

إنما هو رجوعه من حالة إلى أرفع منها ، لتزيد  علومه ، واطلاعه على أمر الله ، فهو يتوب من المنزلة الأولى إلى الأخرى ،  والتوبة هنا لغوية ) انتهى." اهـ

 

&      المفاتيح في شرح المصابيح (3/ 171_172) للزيداني :

هذا تحريض للأمة على التوبة والاستغفار، فإنه - عليه السلام - مع كونه معصومًا، وكونه خيرَ المخلوقات يستغفر ويتوب إلى ربه في كل يوم أكثرَ من سبعين مرة، فكيف بالمذنبين؟

واستغفاره - عليه السلام - ليس من الذَّنْب، بل من اعتقاده أن نفسه قاصرةٌ___في العبودية عما يليق بحضرة الجلال، فإن الله تعالى قال: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].

قيل في تفسيره: ما عرفوا الله حقَّ معرفته، وقيل: ما عظَّموه حقَّ تعظيمه، وما عَبَدُوه حقَّ عبادته." اهـ

 

&      تطريز رياض الصالحين (ص: 20) للشيخ فيصل آل مبارك الحريملي :

"في هذا الحديث : تحريض للأمة على التوبة والاستغفار.

قال ابن بطال : الأنبياء أشد الناس اجتهادًا في العبادة، لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة، فهم دائبون في شكره، معترفون له بالتقصير.[6]

 

&      الفتاوى الكبرى - (5 / 266) لابن تيمية :

"وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار، ولا بد لكل عبد من التوبة وهو واجبة على الأولين والآخرين." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 98) للعثيمين :

"ففي هذين الحديثين : دليل على وجوب التوبة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بها فقال: ((يا أيها الناس توبوا إلي الله)) فإذا تاب الإنسان إلي ربه حصل بذلك فائدتين:

الفائدة الأولى : امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير. فعلي امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.

والفائدة الثانية : الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم. حيث كان _صلى الله عليه وسلم _ يتوب إلي الله في اليوم مائة مرة؛ يعني : يقول : (أتوب إلى الله، أتوب إلي الله)

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 77)

قال المؤلف: أولى العباد بالاجتهاد فى العبادة الأنبياء، عليهم السلام، لما حباهم الله به من معرفته، فهم دائبون فى شكر ربهم معترفون له بالتقصير لا يدلون عليه بالأعمال، مستكينون خاشعون، روى عن مكحول عن أبى هريرة قال: (ما رأيت أحدًا أكثر استغفارًا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) . وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبى هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار. وقال أنس: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة. وروى أبو إسحاق عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (كنت مع النبى (صلى الله عليه وسلم) فسمعته يقول: أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه مائة مرة قبل أن يقوم)

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 292) لابن هبيرة :

"* في هذا الحديث من الفقه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقضي نهمته من استغفار ربه، والتوبة إليه." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (11/ 30) للأمير :

"الاستغفار من أحسن الأذكار، فهو من شكر الله وذكره وتصفية القلب بذكر الله وفيه تعليم للأمة." اهـ

 

&      جامع العلوم والحكم - (1 / 397) لابن رجب :

"قال أبو المنهال : "ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير،

 وبالجملة : فدواء الذنوب الاستغفار." اهـ

 

&      جامع العلوم والحكم - (1 / 397) :

"قتادة : إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار." اهـ

 

&      التحفة العراقية في الأعمال القلبية - (1 / 41_42) :

"فَالْعَبْدُ دَائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى شُكْرٍ وَذَنْبٍ مِنْهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاسْتِغْفَارِ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وَآلَائِهِ وَلَا يَزَالُ مُحْتَاجًا إلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ .

وَلِهَذَا كَانَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، ___وَلِهَذَا شُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ فِي خَوَاتِيمِ الْأَعْمَالِ." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 78)

وكان ابن عمر كثيرًا ما يقول: (الحمد لله وأستغفر الله)، فقيل له فى ذلك، فقال: إنما هى نعمة فأحمد الله عليها أو خطيئة فأستغفر الله منها.

وقال عمر بن عبد العزيز: رأيت أبى فى النوم كأنه فى بستان فقلت له: أى عملك وجدت أفضل؟ قال: الاستغفار.

وروى أبو عثمان عن سلمان قال :

إذا كان العبد يدعو الله فى الرخاء، فنزل به البلاء فدعا، قالت الملائكة: صوت معروف من امرئ ضعيف. فيشفعون له، وإذا كان لا يكثر من الدعاء فى الرخاء، فنزل به البلاء فدعا، فقالت الملائكة : صوت منكر من امرئ ضعيف، فلا يشفعون له." اهـ[7]

 

======================

 

الحديث: 14

 

[14] وعن الأَغَرِّ بنِ يسار المزنِيِّ[8] - رضي الله عنه – قَالَ :

قَالَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ :

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلى اللهِ[9]، واسْتَغْفِرُوهُ، فإنِّي أتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ» . رواه مسلم.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2075) (رقم : 2702)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (621)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (6/ 116) وفي "عمل اليوم والليلة" (445 و 446)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 211 و 260)، وفي الزهد (ص: 35) (رقم : 213)، و(ابن حبّان) في "صحيحه" (929)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (882 و 883 و 4 88 و 885 و886) وفي "الدعاء" (1/ 514)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (10/ 298 و 299) (رقم : 29444 و 29448)، و (الرويانيّ) في "مسنده" (2/ 468)، و (اللالكائىّ) في "اعتقاد أهل السُّنَة" (6/ 1044)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (5/ 380)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (1288)، والله تعالى أعلم.

 

ترجمة الأغر بن يسار المزني _رضي الله عنه_ :

الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 247) : "الأغرّ بن يسار المزني (ويقال الجهنيّ)، من المهاجرين." اهـ

وفي "إكمال تهذيب الكمال" (2/ 257) : "وفي «كتاب الصريفيني» : "كان من أهل الصفة." وقال ابن أبي حاتم: نزل البصرة."


وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (1/ 332) : "الْأَغَرُّ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ، يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو بُرْدَةَ وَغَيْرُهُ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَيُقَالُ : الْجُهَنِيُّ." اهـ

 

فوائد الحديث :

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 222_223) للإثيوبي :

"في فوائده :

1 - (منها): الأمر بالتوبة، والحثّ عليها.

2 - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله: هذا الأمر بالتوبة موافق لقوله تعالى:

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، وقد سبق في الباب قبله بيان سبب

استغفاره وتوبته -صلى الله عليه وسلم-، ونحن إلى الاستغفار والتوبة أحوج، قال أصحابنا وغيرهم

من العلماء: للتوبة ثلاثة شروط: أن يُقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها،

وأن يَعْزِم عزمًا جازمًا أن لا يعود إلى مثلها أبدًا، فإن كانت المعصية تتعلق

بآدميّ، فلها شرط رابع، وهو ردّ الظُّلامة إلى صاحبها، أو تحصيل البراءة منه،

والتوبة أهم قواعد الإسلام، وهي أول مقامات سالكي طريق الآخرة. انتهى ["شرح النوويّ " 17/ 24 - 25]

3 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله: هذا الحديث يدلّ على استدامة

التوبة، وأن الإنسان مهما ذكر ذنبه جدَّد التوبة؛ لأنَّه من حصول الذنب على

يقين، ومن الخروج عن عقوبته على شكّ، فحقّ التائب أن يجعل ذنبه نصب

عينيه، وينوح دائمًا عليه، حتى يتحقّق أنه قد غُفر له ذنبه، ولا يتحقّق أمثالنا

ذلك إلا بلقاء الله تعالى، فواجب عليه ملازمة الخوف من الله تعالى، والرجوع

إلى الله بالندم على ما فعل، وبالعزم على ألّا يعود إليه، والإقلاع عنه.____ثم لو قدّرنا أنه تحقق أنه غفر له ذلك الذنب تعيَّنت عليه وظيفة الشكر،

كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".

وإنَّما أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأنه يكرر توبته كل يوم مع كونه مغفورًا له، ليَلْحَق

به غيره بطريق أَولى؛ لأنَّ غيره يقول: إذا كانت حال من تحقق مغفرة ذنوبه

هكذا، كانت حال من هو من ذلك في شك أحرى، وأَولى، وكذلك القول في

الاستغفار والتوبة؛ يعني: شيئًا يتاب منه، إلا أن ذلك منقسم بحسب حال من

صدر منه ذلك الشيء، فتوبة العوامّ من السيئات، وتوبة الخواصّ من الغفلات،

وتوبة خواصّ الخواصّ من الالتفات إلى الحسنات، هكذا قاله بعض أرباب

القلوب، وهو كلام حسن في نفسه، بالغ في فنّه. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله ["المفهم " 7/ 28]، والله تعالى أعلم." اهـ

 

الموافقات (3/ 542_543)

وَيَقْتَضِي هَذَا النَّظَرُ[10] التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ مُخَالَفَةٍ تَحْصُلُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الشَّارِعِ قَبِيحَةٌ شَرْعًا؛ ثَبَتَ أَنَّ المخالف___مَطْلُوبٌ بِالتَّوْبَةِ عَنْ تِلْكَ الْمُخَالَفَةِ، مِنْ حَيْثُ هِيَ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ أَوِ النَّهْيِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ نَاقَضَتِ التَّقَرُّبَ، أَوْ مِنْ حَيْثُ نَاقَضَتْ وَضْعَ الْمَصَالِحِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ كُفْرَانًا لِلنِّعْمَةِ.

 

&      التحفة العراقية في الأعمال القلبية - (1 / 41) لابن تيمية :

"فَالْعَبْدُ دَائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى شُكْرٍ، وَذَنْبٍ مِنْهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاسْتِغْفَارِ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دَائِمًا، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وَآلَائِهِ، وَلَا يَزَالُ مُحْتَاجًا إلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ .

وَلِهَذَا كَانَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ." اهـ

 

&      تطريز رياض الصالحين (ص: 21) لفيصل بن عبد العزيز الحريملي :

"في هذا الحديث أيضًا : وجوب التوبة والاستغفار، واستمرار ذلك في كل وقت، وعلى كل حال." اهـ

 

 

جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (3/ 1173) لابن رجب الحنلي :

"قال أبو هريرة : إنِّي لأستغفرُ الله وأتوب إليه كلَّ يوم ألف مرَّة، وذلك على قدر ديتي".[11]

وقالت عائشة: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً".[12]

قال أبو المِنهال: ما جاور عبدٌ في قبره من جارٍ أحبَّ إليه من استغفار كثير.

وبالجملة فدواءُ الذنوب الاستغفارُ، وروينا من حديث أبي ذرٍّ مرفوعاً: ((إنَّ لكلِّ داء دواءً، وإنَّ دواء الذنوب الاستغفار))[13]

قال قتادة: إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذُّنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار."[14]

قال بعضهم: إنَّما مُعوَّلُ المذنبين البكاء والاستغفار، فمن أهمته ذنوبه، أكثر لها من الاستغفار.

قال رياح القيسي: لي نيِّفٌ وأربعون ذنباً، قد استغفرتُ الله لكلِّ ذنب مئة ألف مرّة."[15]

وحاسب بعضهم نفسه من وقت بلوغه، فإذا زلاتُه لا تُجاوز ستاً وثلاثين

زلةً، فاستغفر الله لكل زلةٍ مئة ألف مرّة، وصلَّى لكلِّ زلَّة ألف ركعة، ختم في كلِّ ركعة منها ختمة، قال: ومع ذلك، فإنّي غير آمن سطوة ربي أنْ يأخذني بها، وأنا على خطرٍ من قَبولِ التوبة.

ومن زاد اهتمامُه بذنوبه، فربما تعلَّق بأذيالِ من قَلَّت ذنوبُه، فالتمس منه

الاستغفار. وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار، ويقول: إنَّكم لم تُذنبوا، وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكُتّاب: قولوا اللهمَّ اغفر لأبي هُريرة، فيؤمن___على دعائهم.

قال بكرٌ المزني: لو كان رجلٌ يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول: استغفروا لي، لكان نوله أنْ يفعل.

ومن كَثُرت ذنوبه وسيئاته حتى فاتت العدَّ والإحصاء ، فليستغفر الله مما علم الله، فإنَّ الله قد علم كل شيءٍ وأحصاه، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ}

[المجادلة: 6]

وفي حديث شداد بن أوسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أسأَلُكَ من خيرِ ما تَعلَمُ. وأعوذُ بكَ مِنْ شرِّ ما تعلمُ، وأستغفركُ لما تعلم، إنَّك أنت علاّمُ الغيوب))."[16]

 

الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 424) للهيتمي :

"بيان أن غير المعصوم والمحفوظ لا ينفك غالبًا عن المعصية، فحينئذٍ يلزمه أن يجدد لكل ذنبٍ ولو صغيرًا توبةً، وهي المرادة هنا من الاستغفار؛ إذ ليس فيه مع عدمها كبير فائدة،

وشتَّان بين ما يمحوه بالكلية وهو التوبة النَّصوح، وبين ما يُخفِّف عقوبته أو يؤخرها إلى أجلٍ وهو مجرد الاستغفار،

وفي هذا من التوبيخ ما يستحيي منه كل مؤمن؛ لأنه إذا لمح أنه تعالى خلق الليل ليطاع فيه سرًا ويسلم من الرياء، استحيى أن ينفق أوقاته إلا في ذلك، وأن يصرف ذَرَّةً منها للمعصية، كما أنه يستحيي بالجِبِلَّة والطبع أن يصرف شيئًا من النهار حيث يراه الناس للمعصية." اهـ

 

فيض القدير (3/ 274) للمناوي :

"(توبوا إلى الله أيها المؤمنون) وإن كنتم من الكاملين قياما بحق العبودية إعظاما لمنصب الربوبية لا رغبة في الثواب ولا رهبة من العقاب قال العلائي: بالتوبة الاستغفار الذي كان يكثر منه (فإني أتوب إليه كل يوم) امتثالا لقوله تعالى {وتوبوا إلى الله جميعا} أمرهم مع طاعتهم بالتوبة لئلا يعجبوا بطاعتهم فيصير عجبهم حجبهم فساوى فيه الطائع العاصي ووصفهم بالإيمان لئلا تتمزق قلوبهم من خوف الهجران." اهـ

 

كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (3/ 10) للسفاريني :

"أن الصديق -رضي اللَّه عنه- كملت مرتبته في نهايته لا بدايته، وإنما نال ذلك بفعل ما أمر اللَّه به من الأعمال الصالحة، وأفضلها التوبة، وما وجد قبل التوبة؛ فإنه لم ينقص صاحبه، ولا يتصور أن بشرًا يستغني عن التوبة." اهـ

 

الضياء اللامع من الخطب الجوامع (8/ 656) :

"إن التوبة من الذنوب واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها أو التكاسل فيها فإن تأخير التوبة ذنب يحتاج إلى توبة. التوبة واجبة لأن الله أمر بها في كتابه وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم ورتب عليها الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة." اهـ

 

التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 269) :

"ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْمَرْءِ عَمَّا ارْتَكَبَهُ مِنَ الْحَوْبَاتِ." اهـ

 

التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 270)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ) يُرِيدُ بِهِ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَإِنِّي أتوب إليه كل يوم مئة مَرَّةٍ) وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَقْصِيرِهِ فِي الطَّاعَاتِ الَّتِي وَظَّفَهَا عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَخْلَاقِهِ إِذَا عَمِلَ خَيْرًا أَنْ يُثْبِتَهُ، فَيَدُومَ عَلَيْهِ،

فَرُبَّمَا اشْتَغَلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَنْ ذَلِكَ الْخَيْرِ الَّذِي كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ آخَرَ مِثْلُ اشْتِغَالِهِ بِوَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَالْقِسْمَةِ فِيهِمْ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ أَعَادَهُمَا فَكَانَ اسْتِغْفَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّقْصِيرِ فِي خَيْرٍ اشْتَغَلَ عَنْهُ بِخَيْرٍ ثَانٍ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا." اهـ

 

الفوائدُ الْجِسَامُ على قواعد ابن عبد السلام (ص: 298) للبُلْقِيْنِيِّ[17] :

"فشتان بين من يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مئة مرة ولا ذنبَ له، إجلالًا لربه! وبين من ينسى عظائم ذنوبه فلا يُمرّ على باله، احتقارًا لذنوبه!" اهـ



[1] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[2] وفي فتح الباري- تعليق ابن باز - (11 / 101) :

"قوله : (لأستغفر الله وأتوب إليه)، ظاهره : أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل : أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه،

ويرجح الثاني : ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة"

وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ : "إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور، مائة مرة" دت." اهـ [د (1516) – سك (10219)]

[3] وفي فتح الباري- تعليق ابن باز - (11 / 101)  : "قوله : (أكثر من سبعين مرة)، وقع في حديث أنس : "إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة"، فيحتمل : أن يريد المبالغة، ويحتمل : أن يريد العدد بعينه." اهـ

[4] ففي كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 522)، قال ابن الجوزي _رحمه الله_ :

"اعْلَم أَن هفوات الطباع لَا يسلم مِنْهَا أحد، فالأنبياء وَإِن عصموا من الْكَبَائِر لم يعصموا من الصَّغَائِر، ثمَّ يَتَجَدَّد للطبع غفلات يفْتَقر إِلَى الاسْتِغْفَار." اهـ

[5] وفي "ذيل لب اللباب في تحرير الأنساب" (ص: 217) شهاب الدين العجمي الشافعيّ الوفائي المصري الأزهري (المتوفى: 1086هـ) _رحمه الله_ : "المَرْدَاوي (بفتح الميم، وسكون الراء، وفتح الدال المهملة) : نسبة إلى مَرْدَا _على وزن فَعْلَى مقصوراً_ قرية قرب نابلس ينسب إليها أبو الحسن علي بن سليمان إمام الفقهاء الحنابلة مؤلف «التنقيح» ومؤلف «الإنصاف» وهو شرح «مُقْنِع» ابن قدامة." اهـ

[6] وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 77) :

"أولى العِباَدِ بالاجتهاد فى العبادة الأنبياءُ _عليهم السلام_، لما حباهم الله به من معرفته، فهم دائبون فى شكر ربهم معترفون له بالتقصير لا يدلون عليه بالأعمال، مستكينون خاشعون،

روى عن مكحول عن أبى هريرة قال: (ما رأيت أحدًا أكثر استغفارًا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) . وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبى هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار. وقال أنس: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة. وروى أبو إسحاق عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (كنت مع النبى (صلى الله عليه وسلم) فسمعته يقول: أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه مائة مرة قبل أن يقوم)." اهـ

[7] وفي سنن الترمذي ت بشار (5/ 324) (رقم : 3382) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ." وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 140) (رقم : 593)

[8] ترجمة الأغر بن يسار المزني _رضي الله عنه_ :

الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 247) : "الأغرّ بن يسار المزني (ويقال الجهنيّ)، من المهاجرين." اهـ

وفي إكمال تهذيب الكمال (2/ 257) : "وفي «كتاب الصريفيني» : "كان من أهل الصفة." وقال ابن أبي حاتم: نزل البصرة."

وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 332) : "الْأَغَرُّ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ، يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو بُرْدَةَ وَغَيْرُهُ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَيُقَالُ : الْجُهَنِيُّ." اهـ

[9] ( توبوا إلى الله ) هذا الأمر بالتوبة موافق لقوله تعالى : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31]،

وقوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]،

قال العلماء للتوبة ثلاث شروط :

* أن يقلع عن المعصية،

* وأن يندم على فعلها،

* وأن يعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبدا،

* فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه والتوبة أهم قواعد الإسلام وهي أول مقامات سالكي طريق الآخرة ]

[10] وهذا النظر، قال الشاطبي عنه قبله في الموافقات (3/ 542) :

"وَهَذَا النَّظَرُ ذَكَرَهُ الْغَزَّالِيُّ فِي "الْإِحْيَاءِ"، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرٍ وَأَمْرٍ وَلَا بَيْنَ نَهْيٍ وَنَهْيٍ؛ فَامْتِثَالُ كُلِّ أَمْرٍ شُكْرَانٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمُخَالَفَةُ كُلِّ أَمْرٍ كُفْرَانٌ على الإطلاق، ثم أَوْجُهٌ أُخَرُ يَكْفِي مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَهَذَا النَّظَرُ رَاجِعٌ إِلَى مُجَرَّدِ اصْطِلَاحٍ لَا إِلَى مَعْنًى يُخْتَلَفُ فِيهِ؛ إِذْ لَا يُنْكِرُ أَصْحَابُ هذا النظر انقسام الأوامر والنواهي كما يقوله الْجُمْهُورُ بِحَسَبِ التَّصَوُّرِ5 النَّظَرِيِّ، وَإِنَّمَا أَخَذُوا فِي نَمَطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِمَنْ يُقَالُ لَهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتِ: 56] أَنْ يَقُومَ بِغَيْرِ التَّعَبُّدِ وَبَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي التَّوَجُّهِ إِلَى الْوَاحِدِ الْمَعْبُودِ." اهـ

[11] أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 1/383.

[12] أخرجه: هناد في " الزهد " (921) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (646) موقوفاً.

وأخرجه: ابن ماجه (3818) ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (455) ، والخطيب في " تأريخه " 10/160 من حديث عبد الله بن بسر مرفوعاً، وسنده صحيح.

[13] أخرجه: الحاكم 4/242 موقوفاً.

[14] أخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (7146) .

[15] أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 6/194.

[16] أخرجه: أحمد 4/123 و125، والترمذي (3407) ، والنسائي 3/54 وفي " الكبرى "، له (10648) ، والحاكم 1/508، وفي أسانيده مقال واختلاف.

وفي التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 274) (رقم : 931) - عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ قَالَ :

"خَرَجْتُ مَعَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَنَزَلْنَا مَرْجَ الصُّفَّر فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسُّفْرَةِ نَعْبَثْ بِهَا فَكَانَ الْقَوْمُ يَحْفَظُونَهَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا بَنِي أَخِي لَا تَحْفَظُوهَا عَنِّي وَلَكِنِ احْفَظُوا مِنِّي مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(إِذَا اكْتَنَزَ النَّاسُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ فَاكْتَنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ علام الغيوب)

[تعليق الشيخ الألباني]

صحيح لغيره ـ ((الصحيحة)) (3228).

[17] قال المعلمي _رحمه الله_ في تعليقه على "الأنساب" للسمعاني (2/ 317) :

"(البُلْقَيْنِي) قال في التوضيح :

«بضم اوله وسكون اللام وفتح القاف وسكون المثناة تحت وكسر النون نسبة إلى بلقين من قرى مصر، منها شيخنا شيخ الإسلام مجتهد العصر نادرة الوقت سراج الدين ابو حفص عمر بن رسلان بن النصير ابى المظفر نصر ابن ابى البقاء صالح بن احمد بن محمد بن ابى المعالي عبد الحق بن ابى الخير مسافر." اهـ

وفي لب اللباب في تحريرالأنساب (ص: 43) للسيوطي : "البُلْقِيْنِيُّ : إلى بلقينة بالضم وسكون اللام والتحتية وكسر القاف ونون قرية من حوف مصر قرب المحلة." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين