الحديث السابع من رياض الصالحين

 

[7] وعنْ أبي هريرةَ عبدِ الرحمنِ بنِ صخرٍ[1] _رضي الله عنه_ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ :

«إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ، ولا إِلى صُوَرِكمْ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ» . رواه مسلم.[2]

 

شرح الحديث :

 

وفي رواية : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»  م (2564)

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1986) (رقم : 2564)، سنن ابن ماجه (2/ 1388) (رقم : 4143)، وأحمد في "مسنده" (2/ 284 - 285 و 539)، صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 119) (رقم : 394)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (13/ 474) (رقم : 10637)، وفي "الأسماء والصفات" (2/ 425) (رقم : 1001)، وابن منده في "الإيمان" (1/ 460)، وتمَّام الرازي في الفوائد (1/ 38) (رقم : 73) (رقم : 327)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (7/ 124)

 

من فوائد الحديث :

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 276) لابن هبيرة الشيباني :

* "وقوله: (لا ينظر إلى صوركم)، حث على الاعتماد على النية وحسن القصد، وتحذير من الركون إلى صورة العمل." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (16/ 121) :

"وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ : أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي هَذَا كُلِّهِ بِالْقَلْبِ وَهُوَ مِنْ نَحْوِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (ألَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً) الْحَدِيثَ،[3]

قَالَ الْمَازِرِيُّ :

"وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ لَا فِي الرَّأْسِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي حَدِيثِ أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةٌ."[4] اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 14) لفيصل بن عبد العزيز الحريملي :

"في هذا الحديث : الاعتناء بحال القلب وصفاته، وتصحيح مقاصده، وتطهيره عن كل وصف مذموم؛ لأن عمل القلب هو المصحح للأعمال الشرعية، وكمال ذلك بمراقبة الله سبحانه وتعالى." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 73) لابن علان الصديقي :

"والحاصل : أن الإثابة والتقريب ليسا باعتبار الأعمال الظاهرة وإنما هي باعتبار ما في القلب كما قال: (ولكن ينظر إلى قلوبكم)،

* وفي الحديث : الاعتناء بحال القلب وصفاته بتحقيق علومه وتصحيح مقاصده وعزومه، وتطهيره عن كل وصف مذموم وتحليته بكل نعت محمود، فإنه لما كان القلب محل نظر الربّ حق على العالم بقدر اطلاع الله تعالى على قلبه أن يفتش عن صفات قلبه وأحواله لإمكان أن يكون فيه وصف مذموم يمقته الله بسببه.

* وفيه : أن الاعتناء بإصلاح القلب وبصفاته مقدم على عمل الجوارح، لأن عمل القلب هو المصحح للأعمال الشرعية، إذا لا يصح عمل شرعي إلا من مؤمن عالم بمن كلفه، مخلص له فيما يعمله،

ثم لا يكمل إلا بمراقبته تعالى فيه المعبر عنها بالإحسان، وحيث كان عمل القلب مصمماً للعمل الظاهر وعمل القلب غيب عنا فلا يقطع لذي عمل صالح بالخير،

فلعل الله تعالى يعلم من قلبه وصفاً مذموماً لا يصح معه ذلك العمل، ولا لذي معصية بالشرّ فلعله سبحانه يعلم من قلبه وصفاً محموداً يغفر له بسببه،

والأعمال أمارات ظنية، لا أدلة قطعية، ويترتب على ذلك عدمُ الغلوّ في تعظيم من رَأَيْنَا عَلَيْهِ أفعالاً صالحة، وعدمُ الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالاً سيئة، بل تحتقر تلك الحالة السيئة، لا تلك الذات المسيئة، فتدبر هذا فإنه نظر دقيق، لخص من المفهم للقرطبي." اهـ

 

الترغيب والترهيب للمنذري، ت. عمارة (1/ 51) :

"الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة." اهـ

 

قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_ في "فتح الباري (12/ 273):

"وكلُّهم أجمعوا على أنَّ أحكام الدنيا تجري على الظاهر، والله يتولَّى السرائر". اهـ

 

بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 280) :

"أَخْبَرَ أَنَّ قُوَّةَ الْقَلْبِ هِيَ الَّتِي تُقَدَّمُ لَيْسَ قُوَّةُ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا يَقْوَى الْقَلْبُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرِ اللَّهِ،

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»،

وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُحِبُّ وَيَخْتَارُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا يُبْغِضُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :

{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]." اهـ

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 31_32) للقاضي عياض :

"فكل هذا إشارة إلى النيات___والمقاصد، وأن المجازى عليه ما كان للقلب فيه عمل من قصد ونية وذكر." اهـ

 

جامع العلوم والحكم، ت. الأرنؤوط (2/ 276) لابن رجب :

"وَإِذَا كَانَ أَصْلُ التَّقْوَى فِي الْقُلُوبِ، فَلَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

«إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»

وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَهُ صُورَةٌ حَسَنَةٌ، أَوْ مَالٌ، أَوْ جَاهٌ، أَوْ رِيَاسَةٌ فِي الدُّنْيَا قَلْبُهُ خَرَابًا مِنَ التَّقْوَى،

وَيَكُونُ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَلْبُهُ مَمْلُوءًا مِنَ التَّقْوَى، فَيَكُونُ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ وُقُوعًا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :

«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ: كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ»." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 386)

والحاصل أن من حَسُن عمله رضي الله تعالى عنه، سواء كان نحيف

الجسم، دميم الصورة، ومن ساء عمله سَخِط الله تعالى منه، سواء كان قويّ

الجسم، حَسَن الصورة.

فلا مجال في هذا الحديث لمن ادّعى أن المطلوب من الإنسان تزكيته

للقلب فقط، ولا عبرة بأفعاله الظاهرة، فيفعل في ظاهره ما يشاء، كما تفوّه

بذلك بعض الملاحدة، وجهلة المتصوّفة؛ لأن نصوص الكتاب والسُّنَّة مُطبِقة

على كون الإنسان مكلّفًا بتصحيح أعماله الظاهرة، والواقع أن الأعمال الظاهرة

لا تفسد إلا بفساد القلب، فهي علامة على فساد باطنه، وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هذا

المعنى أتمّ بيان حيث قال: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد

كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب"، ففساد الأعمال الظاهرة

دليل على فساد القلب؛ لأنهما متلازمان، لا ينفكّ أحدهما عن الآخر.

فلو لم يكن للأعمال الظاهرة قيمة واعتبار في الشرع لَمَا ذَكَر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:

"وأعمالكم" عَقِب قوله: "إلى قلوبكم"، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- قَرَن بينهما، فدلّ على

المطلوب من المكلّف إصلاح الباطن والظاهر جميعًا." اهـ

 

الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (24/ 314) لمحمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي _رحمه الله_ :

"والحاصل : أن من حسن عمله وصلحت نيته سواء كان نحيف الجسم دميم الصورة فارغ اليد رضي الله عنه ونظر إليه ومن ساء عمله وفسدت نيته سخط الله عليه وأعرض عنه وإن كان كبير الجسم جميل الصورة كثير المال.

وقال محمد الدهني : "يعني أن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم المجرّدة عن السيرة المرضية ولا إلى أموالكم العارية عن الخيرات ولكن ينظر إلى قلوبكم التي هي محل التقوى وأعمالكم التي يتقرب بها إلى الله العلي الأعلى." اهـ.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 386_387) للإثيوبي :

وكذلك لا يخفى بطلان قول من يستدلّ بهذا الحديث على أن الأجساد والصور لا يتعلّق بها حكم شرعيّ، فيجوز للمرء أن يختار لتزيين جسده، وتحسين صورته ما شاء من طريق؛ كحلق اللحية، وإسبال الشارب، ونحو ذلك، مع أنه -صلى الله عليه وسلم- أمَر بإعفاء اللحية، وإحفاء الشارب، وتقليم الأظفار، ونهى عن إسبال الثوب، ولَعَن الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمتنمّصات، والمتفلجات، فكل هذا ونحوه من الأعمال التي هي محلّ نَظَر الله تعالى؛ كنَظَره للقلب بلا فرق___

وإنما المراد من نفي النظر إلى الأجساد والصُّوَر، أن حُسْن الصورة وقُبْحها، لا مدخل له في رضا الله تعالى، وسَخَطه، وإنما العبرة بالقلب، والأعمال.

وبالجملة فالحديث واضح المعنى، وإنما الشيطان سوَّل لبعض الناس أن يفهموه على غير وجهه، فزيّن لهم الاستدلال به على انحرافهم عن سلوك سبل الهدى والرشاد، إلى طريق الضلال والغواية، والفساد، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8]،

اللَّهُمَّ أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 387) :

"قال بعض العلماء: قد أبان هذا الحديث أن محل القلب موضع نَظَر الرب، فيا عجبًا ممن يَهْتَمّ بوجهه الذي هو نَظَر الخلق، فيغسله، وينظفه من القَذَر والدَّنَس، ويزيّنه بما أمكن؛ لئلا يَطَّلع فيه مخلوق على عيب، ولا يهتمّ بقلبه الذي هو محل نَظَر الخالق، فيطهّره، ويزيّنه؛ لئلا يَطَّلع ربه على دَنَس، أو غيره فيه. انتهى

 

مجموع الفتاوى (11/ 33) لابن تيمية :

مِثْلُ التَّتَارِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِلِبَاسِ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَزُهَّادِهِمْ وَتُجَّارِهِمْ وَصُنَّاعِهِمْ فَالِاعْتِبَارُ بِالْحَقَائِقِ. فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ وَعَمَلُهُ مِنْ جِنْسِ قُلُوبِ التَّتَارِ وَأَعْمَالِهِمْ كَانَ شَبِيهًا لَهُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ مَا يُظْهِرُهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا مَعَهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْهُ بَلْ يُوجَدُ فِي غَيْرِ التَّتَارِ الْمُقَاتِلِينَ مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ رِدَّةً وَأَوْلَى بِالْأَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنْ التَّتَارِ." اهـ

 

مجموع الفتاوى (27/ 424) لابن تيمية :

"وَالْأَعْمَالُ تُفَضَّلُ بِنِيَّاتِ أَصْحَابِهَا وَطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ."

 

مجموع الفتاوى (28/ 394) لابن تيمية :

وَإِنَّمَا يَمْتَازُ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ عَنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ

 

الفوائد لابن القيم (ص: 185_186) :

"وَفصل النزاع : أَن يُقَال الْجمال فِي الصُّورَة واللباس والهيأة ثَلَاثَة أَنْوَاع :

مِنْهُ مَا يحمد، وَمِنْه مَا يذم، وَمِنْه مَالا يتَعَلَّق بِهِ مدح وَلَا ذمّ.

* فالمحمود مِنْهُ مَا كَانَ___لله وأعان على طَاعَة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة لَهُ كَمَا كَانَ النَّبِي يتجمّل للوفود،

وَهُوَ نَظِير لِبَاس آلَة الْحَرْب لِلْقِتَالِ ولباس الْحَرِير فِي الْحَرْب وَالْخُيَلَاء فِيهِ، فَإِن ذَلِك مَحْمُود إِذا تضمّن إعلاء كلمة الله وَنصر دينه وغيظ عدوّه،

* والمذموم مِنْهُ : مَا كَانَ للدنيا والرياسة وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء والتوسل إِلَى الشَّهَوَات وَأَن يكون هُوَ غَايَة العَبْد وأقصى مطلبه،

فَإِن كثيرا من النُّفُوس لَيْسَ لَهَا همّة فِي سوى ذَلِك وَأما مَالا يحمد وَلَا يذم هُوَ مَا خلا عَن هذَيْن القصدين وتجرّد عَن الوصفين." اهـ

 

روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 221) لابن القيم :

"الباب التاسع عشر : (في ذكر فضيلة الجمال وميل النفوس إليه على كل حال)

إعلم أن الجمال ينقسم قسمين ظاهر وباطن فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته كما في الحديث الصحيح "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"

وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال فتكسوا صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحه من تلك الصفات،

فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وهذا أمر مشهود بالعيان،

فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسود أو غير جميل، ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه

وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل فقل لها في ذلك فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي ومما يدل على أن الجمال الباطن أحسن من الظاهر أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه." اهـ

 

إحياء علوم الدين (3/ 390) للغزالي[5] :

"وَالْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ إِذْ لَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَتَى الله بقلب سليم."[6]

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 190) :

"لا يصلح لمناجاة الملك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما خصوصا لملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى وهو لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس وباطنه بلباس التقوى." اهـ

 

غاية الأماني في الرد على النبهاني (2/ 435) لأبي المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي (المتوفى: 1342هـ) :

"وتحقيق ذلك : أن أهل المعرفة وحقائق الإيمان المشهورين في الأمة بلسان الصدق إنما وصلوا إلى ما وصلوا إليه بالعمل بما في الكتاب والسنة لا بلباس الخرقة." اهـ

 

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (3/ 309) لحمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري (المتوفى: 1413هـ) :

"إثبات صفة النظر لله عز وجل، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وروى: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه، وعبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة"؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[7]." اهـ

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 105) للشيخ الفوزان :

"فالعمل القليل مع الإخلاص يكون كثيراً، وربما يكون العمل كثيراً لكن فائدته قليلة أو ليس فيه فائدة أصلاً نظراً لنيّة عامله." اهـ

 

منهاج المسلم (ص: 59) للشيخ أبي بكر جابر الجزائري :

"فالنَّظرُ إلَى القلوبِ نظر إلَى النِّياتِ، إذِ النِّيةُ هيَ الباعثُ علَى العمَل والدَّافعُ إليهِ، ومنْ قولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ همَّ بحسنةٍ ولم يعملهَا كتبتْ لهُ حسنةٌ"[8]. فبمجردِ الهمِّ الصالحِ كانَ العملُ صالحا يثبتُ بهِ الأجر وتحصلُ بهِ المثوبةُ وذلكَ لفضيلةِ النِّيَّةِ الصَّالحةِ." اهـ

 

مجموع فتاوى ابن باز (2/ 235) :

"بين عليه الصلاة والسلام أن موضع النظر من ربنا عز وجل: القلب والعمل، أما مالك وبدنك فلا قيمة لهما وليسا محل النظر إلا إذا استعملت مالك وبدنك في طاعة ربك، وإنما محل النظر قلبك وعملك، فإذا استقام قلبك على محبة الله وخشيته ومراقبته والإخلاص له استقامت أعمالك واستقام أمرك، وإن كانت الأخرى فسدت حالك وفسد عملك ولا حول ولا قوة إلا بالله." اهـ

 

صحيح ابن حبان (2/ 119) للبستي :

"ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ تَعَهُّدَ قَلْبِهِ وَعَمَلِهِ دُونَ تَعَهُّدِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ." اهـ

 

الإيمان لابن منده (1/ 460) :

"ذِكْرُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فِي صَدْرِ الْعَبْدِ." اهـ

 

الآداب للبيهقي (ص: 326) :

"بَابُ مَنْ قَصَّرَ الْأَمَلَ وَبَادَرَ بِالْعَمَلِ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَجَلِ." اهـ

 

نوادر الأصول في أحاديث الرسول (4/ 95) للحكيم الترمذي :

"إِنَّمَا ينظر إِلَى الْقُلُوب لِأَنَّهَا أوعية الْجَوَاهِر وكنوز الْمعرفَة فِيهَا وَينظر إِلَى أَعمال الْجَوَارِح بِأَن مُبْتَدأ الْأَعْمَال من الْقُلُوب،

فَإِذا نظر إِلَى الْجَوَاهِر ووجدها طرية سليمَة كهيئتها محروسة من آفَات النَّفس مكنونة عَن تنَاول النَّفس." اهـ

 

جمع الوسائل في شرح الشمائل (1/ 119) للقاري :

"الْغَالِب : أَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ وَالْمَدَارُ عَلَى طَهَارَةِ الْقُلُوبِ وَمَعْرِفَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 387)

في فوائده:

1 - (منها): بيان عظمة القلب؛ لأنه محلّ نظر الله سبحانه وتعالى، فينبغي العناية

بتطهيره، وتنظيفه من الصفات الدنيّة، والأخلاق الرديّة.____

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 388)

2 - (ومنها): بيان أن الأعمال هي أيضًا محلّ نَظَر الله تعالى، فعلى العبد

أن يجاهد حتى تكون أعماله مرضيّة عند الله تعالى، وذلك بأمرين: الأول أن

تكون خالصة لوجهه الكريم، والثاني أن تكون موافقة لِمَا في الكتاب والسُّنَّة،

فإذا اختلّ أحد هذين الشرطين فإنها لا تكون محلّ رضا الله عز وجل، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

3 - (ومنها): أن فيه إثبات صفة النظر لله سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله وعَظَمته، وقد أسلفت الردّ قريبًا على من تأوله، فلا تغفل.

4 - (ومنها): أن فيه بيان أن جمال الصورة، وكثرة الأموال لا عبرة به عند الله تعالى، قال تعالى :

{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37)} [سبأ: 37]،

وإنما العبرة بطهارة القلب عن رذائل الأخلاق، وخلوص الأعمال من شائبة الشرك، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.



[1] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[2] وفي رواية : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»  م (2564)

[3] وفي الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 561) لابن حجر الهيتمي :

"الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة اللَّه تعالى وخشيته ومراقبته، فمن ثم كان نظر اللَّه تعالى بمعنى مجازاته ومحاسبته على ما في القلب من خيرٍ وشرٍّ دون الصور الظاهرة؛ إذ الاعتبار في هذا كلِّه بالقلب؛ كما أفاده قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "أَلَا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت. . صلح الجسد كله، وإذا فسدت. . فسد الجسد كله، أَلَا وهي القلب". اهـ

[4] الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 561) لابن حجر الهيتمي :

"وفي الحديث دليلٌ على أن العقل في القلب دون الرأس، ومرَّ ما في ذلك مستوفًى." اهـ

[5] مر الغزالي بثلاث مراحل :

ألأول : الفلسفة والكلام، والثاني : الصوفية، والثالث : عودة إلى السنة. وكتابه الإحياء كتبه في المرحلة الثانية، وفيه الغث والسمين! فانتبه!!

[6] وفي مختصر منهاج القاصدين (ص: 239) لابن قدامة المقدسي : "والقلب هو الأصل، إذ لا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم.."

[7] وفي الحجة في بيان المحجة (2/ 529) لقوام السنة :

"وَقَالَ ابْن فورك : لَا يجوز وَصفه بِأَنَّهُ نَاظر نظرا هُوَ رُؤْيَة لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن نثبت لَهُ إِلَّا مَا وصف بهَا نَفسه، أَو وَصفه رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَلَيْسَ كَمَا ذكر ابْن فورك، فَإِن الله عَزَّ وَجَلَّ قد وصف بِهَذِهِ الصّفة، وَوَصفه بهَا رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} فوصف نَفسه بِالنّظرِ.

514 - وروى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله عَزَّ وَجَلَّ لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وألوانكم، وَلَكِن إِنَّمَا ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ ". اهـ

[8] وفي الصحيحين : "فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً."

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين