شرح الحديث 22 - بَابُ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ زَادَ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ - الأدب المفرد لأبي فائزة البوجيسي
11_بَابُ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ زَادَ
اللَّهُ فِي عُمْرِهِ 22 -
حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ طُوبَى لَهُ، زَادَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_
فِي عُمْرِهِ» [قال الشيخ
الألباني: ضعيف] |
رواة
الحديث :
حَدَّثَنَا
أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ (ثقة
فقيه: ت 225 هـ بـ حلوان) :
أصبغ بن الفرج
بن سعيد بن نافع القرشى الأموى ، أبو عبد الله المصري الفقيه مولى عمر بن عبد العزيز (وراق عبد الله بن وهب )، روى له: خ د ت س
قَالَ:
أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ (ثقة حافظ عابد: ت 197 هـ):
عبد الله بن
وهب بن مسلم القرشى مولاهم الفهرى ، أبو محمد المصرى الفقيه، من صغار أتباع
التابعين، روى له: خ م د ت س ق
عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ (صدوق ربما أخطأ: ت 168 هـ):
يحيى بن أيوب
الغافقي، أبو العباس المصري، من كبار أتباع التابعين، روى
له: خ م د ت س ق
عَنْ
زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ (ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته: ت 155 هـ):
زبان بن فائد
المصري، أبو جُوَيْن الْحَمْرَاوِي، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: بخ د ت ق
عَنْ
سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ (لا بأس به إلا فى روايات زبان عنه):
سهل بن معاذ
بن أنس الجهني، الشامي (نزل مصر)، من التابعين، روى له:
بخ د ت ق
عَنْ
أَبِيهِ (صحابي بقى إلى خلافة عبد الملك) :
معاذ بن أنس
الجهني الأنصاري (نزل مصر) _رضي الله عنه_، روى له: بخ د ت ق
نص
الحديث:
قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ
بَرَّ وَالِدَيْهِ طُوبَى لَهُ، زَادَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ فِي عُمْرِهِ»
تخريج
الحديث :
أخرجه ابن وهب
في "الجامع" (ص: 178) (رقم : 111)، ومن طريقه البخاري في "الأدب
المفرد" (ص: 22) (رقم : 22)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (3/ 65)
(رقم : 1494)، وفي "المفاريد" (ص: 28) (رقم : 11)، والحاكم في "المستدرك
على الصحيحين" (4/ 170) (رقم : 7257)، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(10/ 264) (رقم : 7470).
وأخرجه
والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 198) (رقم : 447) وأبو نعيم في
"تاريخ أصبهان" (1/ 199)
كلهم من طريق زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ
أَبِيهِ. وزَبَّانَ ضعيف، فلذلك ضعَّف الحديثَ الشيخ الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة
الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" (10/ 72) (رقم : 4567)
فخلاصة
الكلام:
أن الحديث ضعيف، إلا أنه ورد في "مسند أحمد" – ط. عالم الكتب (6/ 159)
(رقم : 25259):
عَنْ
عَائِشَةَ:
أَنَّ
النَّبِيَّ _صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ لَهَا:
«إِنَّهُ مَنْ
أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ
الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ ، وَيَزِيدَانِ فِي
الأَعْمَارِ»
صححه الألباني في "سلسلة
الأحاديث الصحيحة " (2/ 48) (رقم: 519)، و"صحيح الترغيب والترهيب"
(2/ 668) (رقم: 2524)
وفي "صحيح
البخاري" (3/ 56) (رقم : 2067) و"صحيح مسلم" (4/ 1982) (رقم :
2557) : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«مَنْ سَرَّهُ
أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ
رَحِمَهُ»
وفي "سبل
السلام" (2/ 627) للصنعاني:
"قَالَ
ابْنُ التِّينِ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مُعَارَضٌ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا
يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل: 61]
قَالَ :
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ :
* أَحَدُهُمَا
: أَنَّ الزِّيَادَةَ كِنَايَةٌ عَنْ الْبَرَكَةِ فِي الْعُمُرِ بِسَبَبِ
التَّوْفِيقِ إلَى الطَّاعَةِ وَعِمَارَةِ وَقْتِهِ بِمَا يَنْفَعُهُ فِي
الْآخِرَةِ وَصِيَانَتِهِ عَنْ تَضْيِيعِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَمِثْلُ هَذَا مَا
جَاءَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقَاصَرَ
أَعْمَارُ أُمَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَعْمَارِ مَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَمِ
فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.
وَحَاصِلُهُ:
أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَكُونُ سَبَبًا لِلتَّوْفِيقِ لِلطَّاعَةِ وَالصِّيَانَةِ
عَنْ الْمَعْصِيَةِ، فَيَبْقَى بَعْدَهُ الذِّكْرُ الْجَمِيلُ فَكَأَنَّهُ لَمْ
يَمُتْ.
وَمِنْ
جُمْلَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ التَّوْفِيقِ: الْعِلْمُ
الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ بِتَأْلِيفٍ وَنَحْوِهِ وَالصَّدَقَةُ
الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ، وَالْخَلَفُ الصَّالِحُ.
*
وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ
إلَى عِلْمِ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْعُمْرِ، وَاَلَّذِي فِي الْآيَةِ
بِالنِّسْبَةِ إلَى عِلْمِ اللَّهِ، كَأَنْ يُقَالَ لِلْمَلَكِ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ
يَصِلُ أَوْ يَقْطَعُ،
فَاَلَّذِي
فِي عِلْمِ اللَّهِ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ، وَاَلَّذِي يُقَالُ _مَثَلًا_:
(إنَّ عُمْرَ فُلَانٍ مِائَةٌ، إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ. وَإِنْ قَطَعَهَا، فَسِتُّونَ).
وَقَدْ سَبَقَ
مَثَلًا فِي عِلْمِ الْمَلَكِ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الزِّيَادَةُ
وَالنَّقْصُ،
وَإِلَيْهِ
الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ _تَعَالَى_: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ
وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]
وَالْمَحْوُ
وَالْإِثْبَاتُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي عِلْمِ الْمَلَكِ وَمَا فِي أُمِّ___الْكِتَابِ؛
وَأَمَّا الَّذِي فِي عِلْمِ اللَّهِ فَلَا مَحْوَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ.
وَيُقَالُ
لَهُ الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ وَيُقَالُ لِلْأَوَّلِ الْقَضَاءُ الْمُعَلَّقُ.
وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَلْيَقُ فَإِنَّ الْأَثَرَ مَا يَتْبَعُ الشَّيْءَ
فَإِذَا أُخِّرَ حَسُنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الذِّكْرِ الْحَسَنِ بَعْدَ فَقْدِ
الْمَذْكُورِ وَرَجَّحَهُ الطِّيبِيُّ. وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الْفَائِقِ.
وَيُؤَيِّدُهُ
مَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ قَالَ «ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ أُنْسِئَ لَهُ فِي أَجَلِهِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ
لَيْسَ زِيَادَةً فِي عُمْرِهِ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا
يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]،
وَلَكِنَّ
الرَّجُلَ تَكُونُ لَهُ الذُّرِّيَّةُ الصَّالِحَةُ يَدْعُونَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ»
وَأَخْرَجَهُ فِي الْكَبِيرِ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.[1]
وَجَزَمَ
ابْنُ فُورَكٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِزِيَادَةِ الْعُمْرِ نَفْيُ
الْآفَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْبِرِّ فِي فَهْمِهِ وَعَقْلِهِ. قَالَ غَيْرُهُ:
فِي أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي عِلْمِهِ وَرِزْقِهِ.
وَلِابْنِ
الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ كَلَامٌ يَقْضِي
بِأَنَّ مُدَّةَ حَيَاةِ الْعَبْدِ وَعُمْرِهِ هِيَ مَهْمَا كَانَ قَلْبُهُ
مُقْبِلًا عَلَى اللَّهِ ذَاكِرًا لَهُ مُطِيعًا غَيْرَ عَاصٍ،
فَهَذِهِ هِيَ
عُمْرُهُ وَمَتَى أَعْرَضَ الْقَلْبُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَاشْتَغَلَ
بِالْمَعَاصِي ضَاعَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ حَيَاةِ عُمْرِهِ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى
أَنَّهُ يُنْسَأُ لَهُ فِي أَجَلِهِ أَيْ يُعَمِّرُ اللَّهُ قَلْبَهُ بِذِكْرِهِ
وَأَوْقَاتَهُ بِطَاعَتِهِ وَيَأْتِي تَحْقِيقُ صِلَةِ الرَّحِمِ." اهـ
12_ بَابُ
لَا يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ الْمُشْرِكِ 23 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ
لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] إِلَى قَوْلِهِ: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
[الإسراء: 24]، فَنَسَخَتْهَا
الْآيَةُ فِي بَرَاءَةَ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] [قال الشيخ
الألباني : حسن] |
تمام الآية:
{إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا
أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ
لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} [الإسراء: 23، 24]
رواة الحديث :
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ (ثقة
حافظ مجتهد: ت 238 هـ بـ نيسابور):
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم
بن مطر الحنظلي، أبو محمد وأبو يعقوب، المعروف
بابن راهويه المروزى ، روى له: خ م د ت س
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ
بْنُ حُسَيْنٍ (صدوق يهم: ت 211 هـ) :
على بن الحسين بن واقد القرشي، أبو الحسن المروزى، روى
له: بخ مق د ت س ق
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي (ثقة
له أوهام):
الحسين بن واقد المروزى ، أبو عبد الله
، مولى عبد الله بن عامر بن كريز القرشى ( قاضى
مرو)، من كبار أتباع التابعين، روى له: خت م د ت س
ق
عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ (ثقة
عابد: ت 131 هـ):
يزيد بن أبى سعيد النحوي المروزي، أبو الحسن القرشى مولاهم،
من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: بخ د ت س ق
عَنْ عِكْرِمَةَ (ثقة
ثبت عالم بالتفسير: ت 104 هـ بـ المدينة):
عكرمة القرشي الهاشمي، أبو عبد الله
المدني، مولى عبد الله بن عباس، روى له: خ م د ت س ق
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ت
: 68 هـ بـ الطائف):
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو العباس، صحابي جليل _رضي الله عنه_، روى له: خ م د ت س ق
نص الحديث:
عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ _عَزَّ وَجَلَّ_:
"{إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا
أُفٍّ} [الإسراء: 23] إِلَى قَوْلِهِ: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]
،
فَنَسَخَتْهَا
الْآيَةُ فِي بَرَاءَةَ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]."
شرح
الحديث :
قال الله
تعالى :
{وَقَضَى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
(24)} [الإسراء: 23، 24]
وقال ابن
الجوزي _رحمه الله_ في "نواسخ القرآن" = "ناسخ القرآن
ومنسوخه" – ت. آل زهوي (ص: 168):
"قد ذهب
بعض المفسرين إلى أن هذا الدعاء المطلق نسخ منه الدعاء للوالدين المشركين...
قلت: وهذا ليس
بنسخ عند الفقهاء، إنما هو عام دخله التخصيص، وإلى نحو ما قلته ذهب ابن جرير
الطبري." اهـ
وقال الطبري
في "جامع البيان" – ت. شاكر (17/ 421):
"وقد
تحتمل هذه الآية أن تكون وإن كان ظاهرها عامًّا في كلّ الآباء بغير معنى النسخ،
بأن يكون تأويلها على الخصوص، فيكون معنى الكلام: وقل ربّ ارحمهما إذا كانا
مؤمنين، كما رَبياني صغيرا، فتكون مرادا بها الخصوص على ما قلنا غير منسوخ منها
شيء. وعَنَى بقوله ربياني: نَميَّاني." اهـ
تخريج
الحديث :
أخرجه البخاري
في "الأدب المفرد" (ص: 22) (رقم : 23)، والطبري في "جامع
البيان" – ت. شاكر (17/ 421)، وحسنه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح
الأدب المفرد" (ص: 40) (رقم: 17)
من
فوائد الحديث :
وقال محمد لقمان بن محمد بن ياسين أبو عبد الله
الصِّدِّيْقِيُّ السلَفِيُّ (المتوفى 1441 هـ) _رحمه
الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص ٢٨) :
"فقه
الحديث :
١ - الآية
الأولى : {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} [الإسراء: 23] تدل على
الاستغفار والدعاء للوالدين المسلمين .
۲ - الآية الثانية : {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا} [التوبة: 113] تدل على منع الاستغفار والدعاء للوالدين
الكافرين، فلا تعارض بينهما، ولا حاجة إلى القول بنسخ آية البراءة ." اهـ
وقال الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
_حفظه الله_ في "فقه الأدعية والأذكار" (2/ 240):
"فأمر _جلَّ
وعلاَ_ بالإحسان إليهما بجميع وجوه الإحسان القوليِّ والفعليِّ؛ لأنَّهما سببُ
وجود العبد، ولهما من المحبة والحقوق والإحسان والقرب ما يقتضي تأكُّدَ الحق
ووجوبَ التقديم في البرِّ، وخصَّ بالذِّكر من ذلك الدعاء لهما بالرحمة أحياء
وأمواتاً، جزاء على إحسانهما.
والدعاءُ
للوالدين بالرحمة خاصٌّ فيما إذا كانا مسلمين، أما المشركُ فلا يُدعى له بالرحمة
والمغفرة." اهـ
وقال الشيخ زيد بن محمد المدخلي (المتوفى 1435 هـ) _رحمه الله_ في
"عون الأحد الصمد" (1/47):
"إن
الاستغفار للمسلمين عموما مطلب شرعي، ونفع متعدٍّ، وللوالدين المسلمين كذلك خصوصا.
فمن كان والداه مسلمين، فليكثر من الاستغفار لها والدعاء لهما،
ويبرهما بعد
مماتها بالصدقة والدعاء والإحسان إلى أقاربها، وأما إذا
كانا مشركين أو الأب مشركا أو الأم مشركة شركا أكبر أو كفرا أكبر أو نفاقا
اعتقادیا، أو إلحادا مخرجا من الملة،
فهذه الأعمال
تخرج من الملة إن كان قبل ذلك على الإسلام،
فمن مات على
ذلك فلا يجوز لأحد أن يستغفر له، لا الابن لأبيه ولا لأمه، ولا الأب لابنه ولا
القريب لقريبه؛ لأن الله _عز وجل_ نهی عن ذلك، كما قال _سبحانه_ :
{مَا كَانَ
لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ
كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ } [التوبة: 113]
ومتى يتبين
ذلك؟ يتبين إذا تحقق الإنسان بأن فلانا مات على الكفر و الشرك الأكبر أو کان
منافقا نفاقا اعتقادیا، يبغض الخير ويحب الشر وينصرُ الشر على الخير والأشرار على
الأخيار، کما فعل المنافقون في عهد النبوة، ومات على ذلك، فهو من أهل اللعنة
والخلود في النار،
لا يجوز لأحد
أن يستغفر له أبدا، ولهذا يروى الحديث أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سأل الله أن
يستغفر لأمه، فلم يأذنْ له وسأله أن يزور قبرها، فأذن له؛ لأن زيارة القبور تذكر
الآخرة،
وأما
الاستغفار فلم يأذنْ له، وكانت قد ماتت في الفترة - كما هو معلوم - على دين أهل
الجاهلية، ولله في حكمه ما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون." اهـ
[1] أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (2/ 134) (رقم:
619)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 15 و 3/ 343) (رقم: 34 و 3349)،
والشجري كما في "ترتيب الأمالي الخميسية" (2/ 177) (رقم: 2041)، وفيه سليمان بن عطاء بن قيس القرشى الجزري.
وقال
العقيلي _رحمه الله_ عنه في "الضعفاء الكبير" (2/ 134_134):
"سُلَيْمَانُ
بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ مُوسَى
قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ سَمِعَ مَسْلَمَةَ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الْمَنَاكِيرِ__وَمِنْ حَدِيثِهِ [ثم
ذكر هذا الحديث]." اهـ
سليمان
بن عطاء بن قيس القرشى ، أبو عمر الجزري الحرانى، من الوسطى من أتباع التابعين،
توفي قبل 200 هـ، روى له : ابن ماجه، وقال
عنه ابن حجر : "منكر الحديث."
وفي
إسناده _أيضا_: مسلمة بن عبد الله بن ربعى الجهنى
الحميرى ، الشامى الدمشقى الدارانى، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال عنه ابن
حجر: "مقبول."
فالحديث
ضعيف منكر: ضعفه الألباني في "سلسلة الأحاديث
الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" (4/ 50_51) (رقم: 1543)، وقال عن
سليمان بن عطاء:
"واتهمه
ابن حبان وغيره. وذكره ابن كثير (3 / 550) من رواية ابن أبي حاتم من طريق سليمان
به، ولكنه وقع فيه (عثمان) مكان (سليمان) وهو خطأ مطبعي، فقد ذكر ابن أبي حاتم في
" الجرح والتعديل " (4 / 2 / 10) من شيوخه سليمان بن عطاء هذا.
وقال
فيه ابن حبان: " روى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات، فلست أدري التخليط
فيها منه، أومن مسلمة بن عبد الله؟ ". ثم ساق له أحاديث منكرة هذا
منها." اهـ
Komentar
Posting Komentar