شرح الحديث 38 من بلوغ المرام
38 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ _رضي الله عنه_ قَالَ: "إِنَّ
النَّبِيَّ _صلى الله عليه وسلم_ أُتَيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ, فَجَعَلَ يَدْلُكُ
ذِرَاعَيْهِ" أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. |
ترجمة عبد الله بن زيد بن
عاصم _رضي الله عنه_
عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف بن
مبذول بن عمرو بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارى المازنى ، المدني.
و أمه:
أم عمارة نسيبة بنت كعب. وهو أخو حبيب بن زيد الذى
قطعه مسيلمة
الكذاب ، وعم عباد بن تميم.
له ولأبويه، ولأخيه حبيب صحبة .
و زعم الواقدى أنه هو الذى قتل مسيلمة، وقد روى أن
أمه أم عمارة ، قالت : جئت أطلبه ـ تعنى مسيلمة ـ فوجدت ابنى عبد الله يمسح سيفه
من دمه .
وقد قال وحشى بن حرب: إنه رماه بحربته ، و شد عليه
رجل من الأنصار بالسيف
فربك أعلم أينا قتله . إلا أنى سمعت جارية من الحصن
تقول: (قتله العبد الحبشى).
وقد روى من وجه غريب عن معاوية بن أبى سفيان أنه
قال : أنا قتلت مسيلمة ، فيحتمل أن يكون شارك فيه .
شهد عبد الله بن زيد وأمه أم عمارة أحدا مع
النبى صلى الله عليه وسلم ،
فروى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يومئذ :
" رحمة الله عليكم أهل البيت " .
وهو الذى حكى وضوء النبى صلى الله عليه
وسلم .
وزعم سفيان بن عيينة أنه الذى أرى النداء،
و ذلك معدود فى أوهامه . اهـ .
[تعليق]:
واسم صاحب الأذان: عبد
الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة الأنصارى الخزرجى، أبو محمد المدني (أرى الأذان)،
صحابي، توفي سنة 32 هـ، وقيل: استشهد بأحد." اهـ
وقال المزى :
قال الواقدى، و خليفة بن خياط، ويحيى بن بكير، وغير
واحد: "قتل بالحرة، وكانت فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث
و ستين .
زاد الواقدى: و هو ابن سبعين سنة .
روى له الجماعة . اهـ .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 5 / 223 :
و قال أبو القاسم البغوى : قيل إنه شهد بدرا، ولا يصح .
و حكاه أبو نعيم الأصبهاني عن البخارى .
و قال ابن سعد: بلغني أنه قتل بالحرة، وقتل معه
ابناه خلاد و علي. اهـ .
* نص الحديث وشرح مفرداته:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ _رضي الله عنه_
قَالَ:
"إِنَّ النَّبِيَّ _صلى الله عليه وسلم_
أُتَيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ, فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ" أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
مُدّ:
بضم الميم المشدَّدة المهملة، المد: وحدة قيل شرعية، وهي رُبُعُ الصاع النبوي،
وقدرها (750 ملل).
يدلك: دلك
الجسد بيده ليغسله، ويوصل الماء إلى مغابنه.
ذراعيه: الذِّراع
من الإنسان: هي من طرف المرفق إلى الكف، جمعه أذرع." اهـ من توضيح الأحكام من
بلوغ المرام (1/ 222)
الصاع = 2,5 لتر، والمد = 0,625، فمقدار ثلثي مد: 0,416 لتر
تخريج الحديث:
صحيح ابن خزيمة (1/ 62) (رقم: 118)، صحيح ابن حبان
- مخرجا (3/ 364) (رقم: 1083)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 243 و 1/ 266)
(رقم: 509 و 576)، مسند الروياني (2/ 181) (رقم: 1009)
وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن
حبان (2/ 365) (رقم: 1080)
من فوائد الحديث:
توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 222)
* ما يؤخذ من الحديث:
1 - مشروعية الوضوء بثلثي المد، والمُدُّ:
ربع الصاع النبوي، والصاع النبوي (3 لتر).
قال في القاموس: هو ملء كف الإنسان المعتدل، إذا
ملأهما ومدّ يده بهما.____
2 - استحباب التقليل بقدر الحد الذي توضأ به
النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، ومثله الغُسْل؛ فإنَّ هذا من هدي النَّبي -صلى الله
عليه وسلم-.
3 - استحباب دلك أعضاء الوضوء؛ لأنَّ ذلك من
الإسباغ المستحب.
4 - بهذه الكيفية للغَسْل، يُعْرَفُ الفرق
بين المسح وبين الغَسْل؛ فإنَّ المسح: بَلُّ اليد بالماء، ومسح المكان بها، وأمَّا
الغسل: فهو إجراء الماء على المحل، ولو أدنى جريان.
5 - الأفضل هو الاقتداء بالنَّبي -صلى الله
عليه وسلم- في مثل هذه الكمية في ماء الوضوء، ولا تضر الزيادة اليسيرة،
وأمَّا الإسراف في الماء فحرامٌ؛ لما روى أحمد
(6646) والنسائي (140) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال:
"جاء أعرابي إلى رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثًا ثلاثًا، وقال: هذا الوضوء؛ فمن زاد على هذا،
فقد أساء وتعدَّى وظلم". اهـ
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة
الإسلامية (1/ 188_189):
فيستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي الإسراف في
استعمال الماء، وأن الإنسان يقتصر على أدنى ما يمكن إسباغ الوضوء به؛ وقوله:
"فجعل يدلك ذراعيه". الدلك هو مسح الشيء على وجه فيه شدة حتى يسبغه؛ لأن
الماء قليل فلابد من دلك حتى يسبغ ذراعيه، والذراع: هو الساعد الذي بين المرفق
والكتف.
فيستفاد من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان لا يسرف في استعمال الماء؛ لأنه يقتصر على ثلثي مد.
فإن قال قائل: وهل ممكن؟ قلنا: نعم، هذا ممكن إذا
كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- فعله فهو ممكن؛ لأنه أسوتنا، أما على ما نحن
عليه الآن من هذه الصنابير فإن الإنسان يتوضأ بكم؟ يمكن بأكثر من صاع؛ لأنه لا
يزال الماء في الصنوبر يمشي ولا يمكن أن تقدر - قدره، ولهذا رأينا في بعض المناطق
في الحجاز أنهم يستعملون استعمالا جيدا جعلوا البزبوز الصمام الذي يكون للغاز،
لأنه ضيق فلا يسرف كثيرا، وهذا لا شك أنه جيد، خصوصا في الأماكن العامة التي لا
يقدر فيها الناس قدر الماء.
وفي هذا الحديث أيضا: استحباب دلك الأعضاء لقوله:
"فجعل يدلك"؛ فيستحب منه الدلك، ولكن هذا فيما إذا كان الماء كثيرا يسبغ
بدون دلك، فالدلك يكون سنة؛ لأنه أبلغ في الإسباغ، أما إذا كان الماء قليلا لا
يمكن أن يجزي على الأعضاء إلا بدلك، فالدلك واجب وهذا القول وسط بين قولين:
الأول: أن الدلك واجب مطلقا؛ لأنه لا يتيقن أن
الماء وصل إلى جميع العضو إلا بالدلك؛ إذ إن الجلد فيه شيء من الدهون، فقد لا يصل
الماء عن موضع الجلد فلا يدرك الواجب.
الثاني: بعض العلماء: -وهم الأكثر 0 يقولون: إن
التدليك سنة، وفي هذا يقول القحطاني في نونيته رحمه الله: [الكامل]
الغسل فرض والتدلك سنة ... وهما بمذهب مالك فرضان
لكن الصحيح: التفصيل؛ إذا كان الماء كثيرا ينتشر
على الجلد بلا إشكال فالدلك سنة،__وإن كان قليلا فالدلك واجب. إذا نزلنا هذا
الحديث على ما ذكرنا من التفصيل يكون الدلك واجبا.
Komentar
Posting Komentar