شرح الحديث 224 من الأدب المفرد
115- باب إنَّ كل معروفٍ صدقة 224
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» [قال الشيخ الألباني: صحيح] |
رواة الحديث:
* حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ (ثقة
ثبت: ت. 219 هـ):
على بن عياش الألهاني،
أبو الحسن الحمصي البكاء، المولود: سنة 143 هـ، من صغار أتباع التابعين، روى له: خ د ت س ق
* قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ (ثقة:
بعد 160 هـ):
محمد بن مُطَرِّفٍ بن داود بن مطرف الليثي، أبو غسان المدني، من كبار أتباع التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُنْكَدِرِ (ثقة: ت. 130 هـ):
محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير القرشي التيمي، أبو عبد الله المدني (أخو أبى بكر بن المنكدر)،
من الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (صحابي:
ت. 78 هـ بـ المدينة):
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي
السلِمي، أبو عبد الله المدني، روى له: خ م د ت س
ق
وفي "سير أعلام النبلاء" – ط. الرسالة
(3/ 194):
"(مُسْنَدُهُ) : بَلَغَ أَلْفاً
وَخَمْسَ مائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً." اهـ
نص الحديث وشرحه:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:
عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»
نص الحديث وشرحه:
الثامن عشر: عن جَابرٍ _رضي الله عنه_ قَالَ:
"قَالَ رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_:
«كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»" رواه. البخاري،
قال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث
الصحيحين" (3/ 50):
"الْمَعْرُوف: فعل شَيْء من الْخَيْر
يتَطَوَّع بِهِ الْفَاعِل، فَيجْرِي لذَلِك مجْرى الصَّدَقَة." اهـ
وقال العثيمين في "شرح رياض الصالحين"
(2/ 190):
"المعروف: ما عرف في الشرع حسنه إن كان مما
يتعبد به لله، وإن كان___مما يتعامل به الناس فهو مما تعارف الناس على حسنه، وهذا
الحديث (كل معروف) يشمل هذا وهذا،
فكل عمل تتعبد به إلى الله فإنه صدقة، كما ورد في
حديث سابق: (كل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف
صدقة، ونهى عن المنكر صدقة) .
وفي "الفتح" (10/ 447):
وقال الراغب الأصفهانيّ رحمه الله: المعروف اسم
كُلِّ فعل يُعْرَف حسنهُ بالشرع والعقل معًا، ويُطْلَق على الاقتصاد؛ لثبوت النهي
عن السَّرَف.
وقال ابن أبي جمرة: يُطْلَق اسم المعروف على ما
عُرِف بأدلة الشرع أنه من أعمال البرّ، سوا: جرت به العادة أم لا؟ ، قال: والمراد
بالصدقة الثواب، فإن قارنته النية أُجِر صاحبه جزمًا، وإلا ففيه احتمالٌ،
قال: وفي هذا الكلام إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر
في الأمر المحسوس منه، فلا تختص بأهل اليسار مثلًا، بل كل واحد قادرٌ على أن
يفعلها في أكثر الأحوال بغير مشقة." انتهى
وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمِنَ الْمَعْرُوفِ
أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي
إِنَائِهِ»
فيض القدير (5/ 33)
<تنبيه> قال الماوردي: المعروف نوعان قول
وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد بجميل
القول والباعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيه فيكون ملقا مذموما وإن
توسط واقتصد فهو بر محمود
وفي منثور الحكم من قل حياؤه قل أحباؤه.
والعمل:
بذل الجاه والإسعاف بالنفس والمعونة في النائبة والباعث عليه حب الخير للناس
وإيثار الصلاح لهم وليس في هذه الأمور سرف ولا لغايتها حد بخلاف الأولى فإنها وإن
كثرت أفعال تعود بنفعين نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذكر ونفع على
المعان بها في التخفيف والمساعدة فلذلك سماه هنا صدقة
وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ كُلَّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ
وَكُلَّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَالنَّهْيُ
عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ»
وَقَالَ «فِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ،
وَالْإِمْسَاكُ عَنْ الشَّرِّ صَدَقَةٌ»
وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «تَبَسُّمُك فِي وَجْهِ أَخِيك صَدَقَةٌ لَك،
وَأَمْرُك بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُك عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ لَك، وَإِرْشَادُك
الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالَةِ صَدَقَةٌ لَك، وَإِمَاطَتُك الْحَجَرَ
وَالشَّوْكَ وَالْعَظْمَ عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ لَك، وَإِفْرَاغُك مِنْ دَلْوِك
إلَى دَلْوِ أَخِيك صَدَقَةٌ» وَأَخْرَجَهُ ابْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 88 و 114) (رقم:
224 و 304)، وفي "صحيحه" (8/ 11) (رقم: 6021)، والترمذي – ت. شاكر (4/
347) (رقم: 1970)، وأحمد - عالم الكتب (3/ 344 و 3/ 360) (14709 و 14877)
والحديث صحيح:
صححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 596) (رقم: 1910)
من فوائد الحديث :
وقال الحريملي في "تطريز رياض الصالحين"
(1 / 112):
"في هذا الحديث : أن كل ما يفعل الإنسان من
أعمال البرَّ والخير فهو صدقة يُثاب عليها." اهـ
وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم لما أشكل
من تلخيص كتاب مسلم" (9/ 19):
"كل ما يفعل الإنسان من أعمال البرّ والخير،
كان ثوابه كثواب من تصدق بالمال ، والله أعلم ." اهـ
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج (19/ 325)
وقال ابن بطال رحمه الله: دل هذا الحديث على أن كل
شيء يفعله المرء، أو يقوله من الخير، يكتب له به صدقة، وقد فُسِّر ذلك في حديث أبي
موسى المذكور في الباب بعد أربعة أحاديث، وزاد عليه أن الإمساك عن الشر صدقة.
وقال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/
223):
"المعروف مندوب إليه، ودل هذا الحديث أن يفعله
صدقة عند الله يثبت المؤمن عليه ويجازيه به وإن قل لعموم قوله: (كل معروف صدقة)."
اهـ
وقال الزيداني في المفاتيح في شرح المصابيح (2/
533):
"كلُّ ما فيه رضا الله تعالى من الأفعال
والأقوال فهو صدقةٌ." اهـ
وقال الصنعاني في سبل السلام (2/ 637):
"وَفِي الْأَحَادِيثِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ
الصَّدَقَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا هُوَ أَصْلُهَا، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ
الْإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ مُتَطَوِّعًا فَلَا تَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْيَسَارِ بَلْ
كُلُّ أَحَدٍ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَهَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ مِنْ
غَيْرِ مَشَقَّةٍ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ أَوْ يَقُولُهُ
مِنْ الْخَيْرِ يُكْتَبُ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ."
وقال البسام في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام"
(7/ 341_342):
ما يؤخذ من الحديثين:
1 - أبواب طرق الخير كثيرة، والمستحب للمسلم أنْ
يضرب في كلِّ بابٍ بسهمٍ؛ فقد قال تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ
اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} [البقرة]، وقال تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ
فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115]، وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة].
2 - وقد عدَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- جملةً
طيبةً في بعض الأحاديث الصحيحة من أعمال الخير، وجعلها صدقة، فقال: "كُلُّ
تسبيحةٍ صدقةٌ، وكل تحميدةٍ صدقةٌ، وكل تهليلةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ
بالمعروف صدقة، ونَهيٌ عن___المنكر صدقة، وفي بُضْعِ أَحدكم صدقة، تعدل بين اثنين
صدقة، تعين الرَّجل فتحمل له على الدَّابة صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكلِّ
خطوةٍ تمشيها إلى الصَّلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة، وطلاقة الوجه بوجه أخيك
المسلم صدقة"؛ وهذه الجمل الكريمات من ثلاثة أحاديث.
3 - كل معروفٍ يفعله الإنسان صدقة، والصدقة هي ما
يعطيه المتصدِّق؛ فيشمل الواجبة والمندوبة، يبيِّن أنَّ له حكم الصَّدقة في
الثواب.
4 - الحديث يدل على أن الصَّدقة لا تنحصر فيما هو
أصلها، وهو ما أخرجه الإنسان من ماله متطوِّعًا؛ فلا تخص بأهل اليسار، بل كل أحد
قادر على أنْ يفعلها في أكثر الأحوال من غير مشقَّة؛ فإنَّ كلَّ شيءٍ يفعله
الإنسان، أو يقوله من الخير: يكتب له به صدقة.
5 - لعلَّ من حِكَم تنويع العبادات، وأنواع البر،
هو امتحان العباد بالقيام بها؛ فإنَّ منهم من تسهل عليه العبادات المالية دون
البدنية، ومنهم من تسهل عليه العبادات البدنية دون المالية، فأراد جلَّ وعلا
اختبار عباده؛ من يقدم طاعة ربه على هوى نفسه، كما أنَّ تنويعها؛ ليقوم كل مريدٍ
للخير بما يقدر عليه، وما يناسبه.
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة
الإسلامية (6/ 295)
الغرض من هذا الحديث: هو أن النبي صلى لله عليه
وسلم أراد من أمته أن يتعاملون بالمعروف، وكل معروف فإنه صدقة.
Komentar
Posting Komentar