شرح الحديث 221 (أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ في الآخرة) من الأدب المفرد
114- بَابُ: (أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ
الْمَعْرُوفِ في الآخرة) 221
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نُصَيْرُ بْنُ
عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ يَزِيدَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ فُلَانٍ
قَالَ: سَمِعْتُ بُرْمَةَ بْنَ لَيْثِ بْنِ بُرْمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ بُرْمَةَ الْأَسَدِيَّ قَالَ: كُنْتُ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
«أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ،
وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ» [قال الشيخ الألباني: صحيح لغيره] |
رواة الحديث:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ (صدوق):
على
بن أبى هاشم عبيد الله بن طبراخ البغدادي، كبار الآخذين عن تبع الأتباع
روى له: خ
قَالَ: حَدَّثَنِي نُصَيْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَبِيصَةَ
بْنِ يَزِيدَ الْأَسَدِيُّ (مجهول):
نصير
بن عمر بن يزيد بن قبيصة بن برمة، أبو عمر الأسدي،
من الوسطى من أتباع التابعين، روى له: بخ
عَنْ فُلَانٍ (مبهم):
قَالَ: سَمِعْتُ بُرْمَةَ بْنَ لَيْثِ بْنِ بُرْمَةَ (مقبول):
بُرمة
بن ليث بن برمة الأسدي (ابن أخى قبيصة بن برمة)، من
الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: بخ
أَنَّهُ سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ بُرْمَةَ الْأَسَدِيَّ (مختلف
فى صحبته):
قبيصة
بن برمة الأسدي (جد قبيصة بن الليث بن قبيصة بن برمة)، روى
له: بخ
تنبيه:
وفي
"المعجم الكبير" للطبراني (18/ 375):
"حَدَّثَنَا
خَلْفُ بْنُ عَمْرٍو العُكْبَرِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ طِبْرَاخٍ، حَدَّثَنِي نُصَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ
بُرْمَةَ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ بُرْمَةَ
بْنَ لَيْثٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ بُرْمَةَ
نص الحديث وشرحه:
أَنَّهُ
سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ بُرْمَةَ الْأَسَدِيَّ
قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَسَمِعْتُهُ
يَقُولُ:
«أَهْلُ
الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَهْلُ
الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ»
وقال
حمود بن عبد الله التويجري _رحمه الله_ في "القول المحرر في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر" (ص: 26):
"والمعروف: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الإيمان
والأعمال الصالحة.
قال
الراغب الأصفهاني: المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه.
وقال
ابن الأثير: هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله, والتقرب إليه, والإحسان إلى
الناس، وكل ما ندب إليه الشرع, ونهى عنه من المحسنات والمقبحات, وهو من الصفات
الغالبة, أي أمر معروف بين الناس إذا رواه لا ينكرونه، وكذا قال ابن منظور في لسان
العرب.
وأما المنكر، فهو اسم جامع لكل ما كرهه الله، ونهى عنه.
قال
الراغب الأصفهاني: المنكر ما ينكر قبحه بالبصر أو البصيرة.
وقال
أيضًا: المنكر كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه
العقول, فتحكم بقبحه الشريعة.
وقال
ابن الأثير: المنكر ضد المعروف، وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر، وكذا قال
ابن منظور في لسان العرب. " اهـ
وفي
"غريب الحديث" للخطابي (1/ 155)
وَقَالَ
أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ: "أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي
الآخِرَةِ "
هذا
حديث مشهور وتفسيره عَلَى وجوه:
* منها:
أَنَّ مَنْ بَذَلَ مَعْرُوفَه في الدنيا أناله الله معروفه في الآخرة.
* ومنها:
أن يُرادَ بالمعروف خصوصًا الشَّفاعة في المذنبين وذَوِي الزَّلات التي لا تَبلُغ
الحدودَ يَقول مَنْ تَشَفَّع للنَاس في الدنيا شَفّعه الله في المُذنِبِين في
الآخرة فيكون وَجِيهًا عند الله كما كان وَجِيهًا عند خلقه. وقد رُوي هذا الوجه عن
بعض السَّلَفِ___
وَمِنْ
هَذَا الْبَابِ: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اشْفَعُوا إِلَيَّ فَلْتُؤْجَرُوا
وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ" [خ م]
*
وفيه وجه آخر:
ذكره
أبو العباس ثعلب قَالَ سألتُ ابنَ الأعرابيّ عن هذا فَقَالَ يُروَى عن الشّعْبِيّ أنه قَالَ:
(يأتي
أصحابُ المعروف في الدنيا يومَ القيامة، فيُغْفَرُ لهم بمعروفهم، وتبقى حَسناتُهم
جامَّة، فَيُعْطُونها لَمنْ زَادَت سَيِّئاتُه عَلَى حَسَناتِه، فيغْفُر له ربُّه _عَزَّ
وجَلَّ_).
والمعروف: كل ما تعرفه النفوس وتسحسنه العُقولُ
من مكارم الأخلاق ومحاسِن الشِّيَم، وهي التي كانت لم تَزَل مُسْتَحْسَنَةً في كل
زَمان وعند أهل كل مِلَّة، فلا تَزال كذلك لا يَجرِي عليها النَّسْخ ولا يجوز فيها
التَّبْديل.
وإلى
هذا أشار النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: "إنَّ مِمَّا
بَقِيَ من كلام النُّبُوَّةِ الأُولَى إذا لم تَسْتَحْيِ فاصنع ما شئت"
يُرِيد
أن الحياءَ لم يَزَلْ مُسْتَحْسَنًا في شرائع الأنبياء الأَوّلين وأنه لم يرفع ولم
يُنْسَخْ في جملة ما نُسِخَ من شرائعهم." اهـ
وقال
التويجري في "القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص: 28)
"والظاهر
في معناه:
أن
من كان في الدنيا على ما يحبه الله من الإيمان
والأعمال الصالحة, ومات على ذلك، فهو من أهل
المعروف في الآخرة؛ لأنه قد كان من أهل المعروف في الدنيا، وأهل المعروف في الجنة،
ومن كان في الدنيا على ما كرهه الله، ونهى
عنه، ومات على ذلك، فهو من أهل المنكر في الآخرة؛
لأنه قد كان من أهل المنكر في الدنيا، وأهل المنكر في النار، إلا من عفا الله عنه
ورحمه.
وحاصل
معنى الحديث: أن كل عبد يبعث على ما مات عليه.____
والدليل
على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله
عليه وسلم - يقول: «يبعث كل عبد على ما مات عليه».
ورواه
ابن ماجة, ولفظه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يحشر الناس على نياتهم»."
اهـ
وقال
السفاريني في "لوامع الأنوار البهية" (2/ 379):
"وَلَا
يَرْتَابُ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَلْبَابِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الْكِرَامَ هُمُ
الَّذِينَ حَازُوا قَصَبَاتِ السَّبْقِ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى مَعَالِي الْأُمُورِ
مِنَ الْفَضْلِ وَالْمَعْرُوفِ وَالصِّدْقِ،
فَالسَّعِيدُ
مَنِ اتَّبَعَ صِرَاطَهُمُ الْمُسْتَقِيمَ، وَاقْتَفَى مَنْهَجَهُمُ الْقَوِيمَ،
وَالتَّعِيسُ مَنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِمْ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ بِتَحْقِيقِهِمْ،
فَأَيُّ خُطَّةِ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا؟ وَأَيُّ خَصْلَةِ خَيْرٍ
لَمْ يَسْبِقُوا إِلَيْهَا؟ تَاللَّهِ لَقَدْ وَرَدُوا يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ
عَذْبًا صَافِيًا زُلَالًا، وَوَطَّدُوا قَوَاعِدَ الدِّينِ وَالْمَعْرُوفِ فَلَمْ
يَدَعُوا لِأَحَدٍ بَعْدَهُمْ مَقَالًا،
فَتَحُوا
الْقُلُوبَ بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالْإِيمَانِ، وَالْقُرَى بِالسَّيْفِ
وَالسِّنَانِ وَبَذْلِ النُّفُوسِ النَّفِيسَةِ فِي مَرْضَاةِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنِ،
فَلَا
مَعْرُوفَ إِلَّا مَا عَنْهُمْ عُرِفَ، وَلَا بُرْهَانَ إِلَّا مَا بِعُلُومِهِمْ
كُشِفَ، وَلَا سَبِيلَ نَجَاةٍ إِلَّا مَا سَلَكُوهُ، وَلَا خَيْرَ سَعَادَةٍ___إِلَّا
مَا حَقَّقُوهُ وَحَكَوْهُ،
فَرِضْوَانُ
اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَا تَحَلَّتِ الْمَجَالِسُ بِنَشْرِ ذِكْرِهِمْ،
وَمَا تَنَمَّقَتِ الطُّرُوسُ بِعُرْفِ مَدْحِهِمْ وَشُكْرِهِمْ." اهـ
فيض
القدير (4/ 207)
قال
الماوردي: وللمعروف شروط لا يتم إلا بها ولا يكمل إلا معها فمنها ستره عن إذاعته
وإخفاؤه عن إشاعته
قال
بعض الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره وإذا اصطنع إليك فانشره لما جبلت عليه
النفوس من إظهار ما أخفى وإعلان ما كتم ومن شروطه تصغيره عن أن تراه مستكبرا
وتقليله عن أن يكون عنده مستكثرا لئلا يصير مذلا بطرا أو مستطيلا أشرا
قال
العباس: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال تعجيله وتصغيره وستره ومنها مجانبة
الامتنان به وترك الإعجاب بفعله لما فيه من إسقاط الشكر وإحباط الأجر ومنها أن لا
يحتقر منه شيئا وإن كان قليلا نزرا إذا كان الكثير معوزا وكنت عنه عاجزا
تخريج الحديث:
أخرجه
البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 86) (رقم: 221)، والبزار كما في "كشف
الأستار" (4/ 102) (رقم: 3294)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/
375) (رقم: 960)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 2335) (رقم: 5740)
والحديث صحيح لغيره: صرح بذلك الألباني في "صحيح
الجامع الصغير وزيادته" (1/ 407) (رقم: 2031)، صحيح الأدب المفرد (ص: 100)
(رقم: 163)
وقال
سَعد بن عَبد الله بن عَبد العَزيز آل حميَّد _حفظه الله_ في تحقيقه لكتاب ابن
الملقن "مختصر تلخيص الذهبي" (6/ 3020):
"وبعض
الحديث ثبت من طرق أخرى، حيث روي من حديث عمر، وسلمان، وأبي موسى، وابن عمر، وأبي
الدرداء، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وقبيصة بن برمة، وأم سلمة -رضي الله
عنهم أجمعين-، وروي مرسلاً من طريق ابن المسيب، ولبعضه الآخر شاهد من حديث أبي بن
كعب -رضي الله عنه- [ثم ذكر الشواهد]" اهـ
من فوائد الحديث:
1/ من بذل معروفه فِي الدُّنْيَا للنَّاس، آتَاهُ الله يَوْم
الْقِيَامَة جَزَاء معروفه.
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 165):
"من
بذل معروفه فِي الدُّنْيَا للنَّاس، آتَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة جَزَاء معروفه.
وَمَفْهُومه أنّ أهل الشَّرّ فِي الدُّنْيَا هم أهل الشَّرّ فِي الْآخِرَة."
اهـ
وقال
السفاريني _رحمه الله_ في "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1/ 211):
"مَنْ
بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا، آتَاهُ اللَّهُ جَزَاءَ مَعْرُوفِهِ
فِي الْآخِرَةِ.
وَقِيلَ:
أَرَادَ مَنْ بَذَلَ جَاهَهُ لِأَصْحَابِ الْجَرَائِمِ الَّتِي لَا تَبْلُغُ
الْحُدُودَ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ شَفَّعَهُ اللَّهُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي
الْآخِرَةِ." اهـ
وقال
ابن الجوزي _رحمه الله_ في "آداب الحسن البصري" (ص: 38):
"وذلك
أن الله -عز وجل- غفر لهم ذنوبهم، بما أسدوه من المعروف إلى خلقه في دار الدنيا،
ثم يقول لهم يوم القيامة: هبوا حسناتكم لمن شئتم، فقد غفرت لكم سيئاتكم، فيهبون
حسناتهم، فيكونون أهل معروفٍ في الآخرة، كما كانوا في الدنيا.
وقال
ابن الجوزي _رحمه الله_ في "صيد الخاطر" (ص: 481):
"ومن
الناس يوم العيد الغني المتصدق، كذلك يوم القيامة أهل المعروف في الدنيا هم أهل
المعروف في الآخرة.
ومنهم
الفقير السائل، الذي يطلب أن يعطى، كذلك يوم الجزاء: "أعددت شفاعتي لأهل
الكبائر" [د ت]،
ومنهم
من لا يعطف عليه:
{فَمَا
لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء]." اهـ
2/ فيه: أن أهل الشر في الدنيا هم أهل الشر في الآخرة
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (1/ 545):
"ومفهوم
الحديث أن أهل الشر في الدنيا هم أهل الشر في الآخرة." اهـ
3/ فالدنيا مزرعة الْآخِرَة
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 316):
فالدنيا
مزرعة الْآخِرَة وَمَا يَفْعَله العَبْد من خير وَشر تظهر نتيجته فِي دَار
الْبَقَاء
4/ الْآخِرَة أعواض ومكافآت لما كافى فِي الدُّنْيَا
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 316):
الْآخِرَة
أعواض ومكافآت لما كافى فِي الدُّنْيَا
5/ فيه: الْحَث على اتقان علم المعاشرة،
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 24):
الْقَصْد
بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الْحَث على اتقان علم المعاشرة، فَإِن من لَا يحسن ذَلِك
يضْطَر إِلَى الانقباض وَالْعُزْلَة فَيدْخل عَلَيْهِ الْخلَل فِي أَحْوَاله
وَالْخلف فِي أُمُوره
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (4/ 3_4):
قال
العامري:
أهل
المعروف هم الملازمون له المكثرون بحيث يصيرون له أهلا وأما كيفية أهليته للمعروف
في الآخرة،
فقد
قال الخطابي: من بذل معروفه في الدنيا جوزي به في الآخرة وقيل: من بذل جاهه لأهل
الجرائم دون الحدود كان في الآخرة عند الله وجيها مشفقا كما في الدنيا وعن ابن
عباس يأتي المعروف يوم القيامة أهله في الدنيا فيغفر لهم به وتبقى حسناتهم
فيعطونها من زادت سيئاته على حسناته حتى يغفر لهم
وهذه الأحاديث الغرض منها الحث على إتقان علم المعاشرة، فإن
الحاجة إليه كالحاجة إلى علم الحكمة والسياسة، فإن من لا خلق له ولا أدب يضطر إلى
الانقباض والعزلة ولم___يتسع للانبساط والمداخلة، فيدخل عليه الخلف في أحواله
والخلل في أموره.
قال
تعالى لموسى: {فقولا له قولا لينا} وقال تعالى {وأعرض عن الجاهلين}
قال
الحليمي: ولم يكمل علم حسن المعاشرة إلا للمعصوم فإن غيره إن ضبط شيئا أغفل بإزائه
غيره
6/ تنويه عَظِيم بِفضل الْمَعْرُوف وَأَهله
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 93)
تنويه
عَظِيم بِفضل الْمَعْرُوف وَأَهله
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (4/ 206):
"هذا
تنويه عظيم بفضل المعروف وأهله.
قال
علي كرم الله وجهه: (لا يزهدك في المعروف كفر من كفر، فقد يشكره الشاكر أضعاف جحود
الكافر)
قال
الماوردي:
(فَيَنْبَغِي
لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْمَعْرُوفِ أَنْ يُعَجِّلَهُ حَذَرَ
فَوَاتِهِ، وَيُبَادِرَ بِهِ خِيفَةُ عَجْزِهِ. وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ فُرَصِ
زَمَانِهِ، وَغَنَائِمِ إمْكَانِهِ، وَلَا يُهْمِلُهُ ثِقَةً بِقُدْرَتِهِ
عَلَيْهِ، فَكَمْ وَاثِقٍ بِقُدْرَةٍ فَاتَتْ فَأَعْقَبَتْ نَدَمًا، وَمُعَوِّلٍ
عَلَى مُكْنَةٍ زَالَتْ فَأَوْرَثَتْ خَجَلًا...
وَلَوْ
فَطِنَ لِنَوَائِبِ دَهْرِهِ، وَتَحَفَّظَ مِنْ عَوَاقِبِ مَكْرِهِ، لَكَانَتْ
مَغَانِمُهُ مَذْخُورَةً، وَمَغَارِمُهُ مَخْبُورَةً). [انظر: أدب الدنيا والدين
(ص: 202)]
وقيل:
(من أضاع الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها)." اهـ
7/ إن ما يفعله العبد من خير وشر في هذه الدار، له نتائج تظهر في دار
البقاء
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (2/ 440):
"إن
ما يفعله العبد من خير وشر في هذه الدار، له نتائج تظهر في دار البقاء، لأنها محل
الجزاء. وجزاء كل إنسان بحسب عمله. وكل معروف أو منكر يجازى عليه من جنسه.
8/ فيه: أن المعروف ينقطع فيما بين الناس ولا ينقطع فيما بين الله وبين
من افتعله
وقال
الأمير الصنعاني _رحمه الله_ "التنوير شرح الجامع الصغير" (6/ 200)
وأهل
المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. والمعروف ينقطع فيما بين الناس ولا
ينقطع فيما بين الله وبين من افتعله"
9/ كون السّخاء واقيا من النّقم
وقال
الراغب الأصفهاني _رحمه الله_ في "محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء"
(1/ 746):
كون السّخاء واقيا من النّقم
قال
الله تعالى: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ،
وقال
تعالى: وما تفعلوا من خير فلن تكفروه،
وقال
النبي صلّى الله عليه وسلم: (أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة)."
اهـ
10/ أن كل عبد يبعث على ما مات عليه من نية وعمل،
وقال
التويجري _رحمه الله_ في "القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"
(ص: 30):
"وهذه
الأحاديث تدل على أن كل عبد يبعث على ما مات عليه من نية وعمل، فإن كان من أهل
المعروف، فهو في الآخرة كذلك. وإن كان من أهل المنكر، فهو في الآخرة كذلك، والله
أعلم." اهـ
وقال
المناوي _رحمه الله_ في "فيض القدير" (2/ 440):
"وكل
إنسان يحشر على ما كان عليه في الدنيا، ولهذا ورد: أن كل إنسان يحشر على ما مات
عليه.
وقال
الحكماء: إن الأرواح الحاصلة في الدنيا المفارقة عن أبدانها على جهالتها تبقى على
تلك الحالة الجاهلية في الآخرة وأن تلك الجهالة تصير سببا لأعظم الآلام الروحانية
Komentar
Posting Komentar