شرح الحديث 167 (5 - الترهيب من دخول الرجال الحمام بغير أُزُرٍ، ومن دخول النساء بأُزرٍ وغيرها إلا نُفَساء أو مريضة، وما جاء في النهي عن ذلك) من صحيح الترغيب
167 - (4) [صحيح لغيره] وعن قاصِّ الأجنادِ بـ (القُسطنْطِينيَّة)؛
أنه حَدَّثَ: أن
عُمرَ بنَ الخطاب _رضي الله عنه_، قال: يا
أيها الناس! إني سمعتُ رسولَ الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، يقول: "من كان يؤمنُ باللهِ
واليومِ الآخِرِ؛ فلا يَقْعدَنَّ على مائدةٍ يُدارُ عليها الخمر، ومَن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فلا
يدخل الحمّام إلا بإزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخِرِ؛ فلا
يُدخل حَليلَتَه الحمّام". رواه أحمدُ. وقاصّ الأجناد، لا أعرفه. |
نص الحديث وشرحه:
وعن
قاصِّ الأجنادِ[1]
بـ (القُسطنْطِينيَّة)[2]؛
أنه حَدَّثَ:
أن عُمرَ بنَ الخطاب _رضي الله عنه_، قال:
يا
أيها الناس! إني سمعتُ رسولَ الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، يقول:
"من كان
يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ؛ فلا يَقْعدَنَّ على مائدةٍ
يُدارُ عليها الخمر،
قال عبد الحق بن سيف الدين البُخاري الدِّهلوي الحنفي (والمتوفى سنة 1052 هـ) _رحمه اللَّه تعالى_ في
"لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (7/ 445):
"وقوله: (على المائدة) المائدة: خوان عليه طعام، فإذا لم يكن عليه طعام فهي
خوان، وهي فاعلة بمعنى مفعولة، مثل: عيشة راضية، كذا في (الصحاح)." اهـ
قال علي بن سلطان القاري _رحمه الله_ في "مرقاة
المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/ 2842):
"(وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَجْلِسُ عَلَى مَائِدَةٍ): أَيْ لَا يَحْضُرُ فِي
بُقْعَةٍ (تُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ) : أَيْ وَيَشْرَبُهَا أَهْلُهَا،
فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَهْيُهُمْ عَنْهَا، فَإِذَا
جَلَسَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْرِضْ
عَلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا كَامِلًا." اهـ
ومَن كان
يؤمنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فلا يدخل الحمّام إلا بإزار،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخِرِ؛ فلا
يُدخل حَليلَتَه الحمّام".
رواه أحمدُ. وقاصّ
الأجناد، لا أعرفه.
قال علي بن سلطان القاري _رحمه الله_ في "مرقاة
المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/ 2842):
"(حَلِيلَتَهُ): أَيْ زَوْجَتَهُ
(الْحَمَّامَ): وَفِي مَعْنَاهُمَا كَرِيمَتَهُ، مِنْ أُمِّهِ وَبِنْتِهِ
وَأُخْتِهِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ يَكُنْ تَحْتَ حُكْمِهِ،
فِي "الْإِحْيَاءِ": يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ
أَنْ يُعْطِيَهَا أُجْرَةَ الْحَمَّامِ، فَيَكُونُ مُعِينًا لَهَا عَلَى
الْمَكْرُوهِ." اهـ
وفي "الفقه الميسر" (11/ 129):
والمراد بالحمام هنا: الحمامات التي كانت موجودة
قديمًا، لما كانت البيوت ليس فيها حمامات.
وسبب منع المرأة من دخولها: ما فيها من كشف
للعورات، ونظر محرم، وتعرض للفتن، ولم تكن الحمامات يومئذ مختلطة.
فما بالك بالحمامات المختلطة والمسابح العامة التي
تتكشف فيها العورات وتبدو السوءات؟
وإذا كانت هذه المسابح تخص النساء وحدهن فلا يجوز
ارتيادها أيضًا، وذلك لأن النساء سيكشفن عوراتهن، ولو سترت المرأة المسلمة بدنها
فإنها سوف تنظر إلى هؤلاء العاريات، ودرءً للمفاسد التي قد تقع نتيجة ذلك، ولن
تستطيع أن تنهاهن عن المنكر.
فالحاصل أنه لا يجوز ارتياد المرأة لمثل هذه
المسابح، ولا يجوز لزوجها أو وليها أن يذهب بها إلى مثل هذه المسابح، وهذا ما أفتت
به اللجنة الدائمة. [فتاوى اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية (26/ 342 -
343)]" اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه أحمد في "المسند" – ط. عالم الكتب
(1/ 20) (رقم: 125)، الجامع لابن وهب – ت. رفعت فوزي عبد المطلب (1/ 53) (رقم: 65)،
مسند أبي يعلى الموصلي (1/ 216) (رقم: 251)، شعب الإيمان (10/ 203) (رقم: 7380)، السنن
الكبرى للبيهقي (7/ 433) (رقم: 14549)
والحديث صحيح لغيره: صرح
بذلك الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (7/ 6) (رقم:
1949)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 181) (رقم: 167)
من فوائد الحديث:
قال الألباني _رحمه الله_ في "آداب الزفاف في
السنة المطهرة" (ص: 139):
"ويجب عليهما أن يتخذا حماما في دارهما
ولا يسمح لها أن تدخل حمام السوق فإن ذلك حرام وفيه أحاديث..." اهـ
قال الألباني _رحمه الله_ في "الثَّمَرِ
المستطاب في فقه السنة والكتاب" (1/ 30):
"ورخص _صلى الله عليه وسلم_ للرجال
بدخول الحمام بشرط الاستتار، ومنَعَ النساءَ منه مطلقا." اهـ
وقال المباركفوري _رحمه الله_ في "تحفة
الأحوذي" (8/ 70):
"قَالَ الْمُظْهِرُ:
(وَإِنَّمَا لَمْ يُرَخِّصْ لِلنِّسَاءِ فِي
دُخُولِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ جَمِيعَ أَعْضَائِهِنَّ عَوْرَةٌ، وَكَشْفُهَا غَيْرُ
جَائِزٍ، إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، مِثْلُ أَنْ تكون مريضة تدخل للدواء أَوْ
تَكُونَ قَدِ انْقَطَعَ نِفَاسُهَا تَدْخُلُ لِلتَّنْظِيفِ)." اهـ
أَوْ تَكُونُ جُنُبًا وَالْبَرْدُ شَدِيدٌ وَلَمْ
تَقْدِرْ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ وَتَخَافُ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ
الْبَارِدِ ضَرَرًا أَوْ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إِزَارٍ
سَاتِرٍ لِمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ) انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي
"النَّيْلِ" تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:
(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ، إِلَّا بِمِئْزَرٍ. وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي، فَلَا تَدْخُلِ الْحَمَّامَ)، رَوَاهُ أَحْمَدُ،
مَا لَفْظُهُ:
(هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ
الدُّخُولِ لِلذُّكُورِ بِشَرْطِ لُبْسِ الْمَآزِرِ وَتَحْرِيمِ الدُّخُولِ
بِدُونِ مِئْزَرٍ وَعَلَى تَحْرِيمِهِ عَلَى النِّسَاءِ
مُطْلَقًا وَاسْتِثْنَاءُ الدُّخُولِ مِنْ عُذْرٍ لَهُنَّ لَمْ يَثْبُتْ
مِنْ طَرِيقٍ تَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي رَوَتْهُ لِنِسَاءِ
الْكُورَةِ وَهُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ إِلَّا لِمَرِيضَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ
كَمَا سَيَأْتِي)." اهـ
وقال أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي
البغدادي المالكي (المتوفى: 422هـ) _رحمه الله_ في "المعونة على مذهب عالم
المدينة" (ص: 1724):
"دخول الحمام جائز للرجال إذا كان
بمئازر، ولا يجوز للنساء إلا من علة إما من مرض لا
يصلحه إلا الحمام أو الحاجة إلى الاغتسال لحيض أو نفاس لشدة البرد ... إسخان الماء
في غيره وما أشبه ذلك." اهـ
وقال علي بن محمد الربعي، أبو الحسن، المعروف بـ"اللخمي" (المتوفى: 478 هـ) _رحمه الله_ في
"التبصرة" (11/ 5039):
"وفي هذا الحديث: دليل على نبوته - صلى
الله عليه وسلم - لأنه لم يكن لهم يومئذ حمامات، وإنما أعلمه الله -عز وجل- أنها
ستكون لأمته فكانت، وأقام لهم الشرع فيها بما يجوز وما لا يجوز." اهـ
وقال أبو العباس أحمد بن إدريس المالكي،
الشهير بـ"القَرَافِيِّ" (المتوفى: 684
هـ)
_رحمه الله_
في "الذخيرة" (5/ 397):
"قَالَ اللَّخْمِيُّ[3]:
* إِجَارَةُ الحمَّامات لِلرِّجَالِ
جَائِزَةٌ إِذَا كَانُوا يَدْخُلُونَ مُسْتَتِرِينَ، وَلِلنِّسَاءِ إِذَا
كُنَّ يَسْتَتِرْنَ فِي جَمِيعِ أَجْسَادِهِنَّ،
* وَمَمْنُوعَةٌ
إِذَا كُنَّ يَتْرُكْنَ السُّتْرَةَ جُمْلَةً،
* وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا: إِذَا
كُنَّ يَدْخُلْنَ بِالْمِئْزَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ بِالنِّسْبَةِ
للْمَرْأَة كَالرّجلِ بِالنِّسْبَةِ للرجل أَمْ لَا؟
وَفِي التِّرْمِذِيَّ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ
الْحَمَّامَ)
وَأَطْلَقَ جَوَازَ
الْإِجَارَةِ لِلْحَمَّامِ وَكَرِهَهَا أَحْمَدُ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ
النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَمَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنَ
التَّفْصِيلِ أَلْيَقُ فَإِنَّ حَاجَةَ أَكْثَرِ النَّاسِ تَدْعُو إِلَى
دُخُولِهَا لِطُهْرِ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ
وَمُدَاوَاةِ الْأَمْرَاضِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ "الْجَوَاهِرِ" قد نقل
الْإِجْمَاع على امْتناع دُخُولِهَا مَعَ مَنْ لَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ." اهـ
وقال أحمد بن غانم بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين
النفراوي الأزهري المالكي (المتوفى: 1126هـ) _رحمه الله_ في "الفواكه الدواني
على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (2/ 312):
"وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ جَوَازُ دُخُولِهِ لِلرَّجُلِ بِالْمِئْزَرِ،
وَلَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ،
وَأَمَّا بِغَيْرِ مِئْزَرٍ مَنَعَ
رُؤْيَةَ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُ، فَلَا يَجُوزُ!
وَجَوَازُ الدُّخُولِ بِالْمِئْزَرِ، لَا يُنَافِي قَوْلَ
ابْنِ الْقَاسِمِ: (تَرْكُ دُخُولِهِ أَحْسَنُ لِاحْتِمَالِ الِانْكِشَافِ)،
وَلِذَا قَالَ شَيْخُهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (وَاَللَّهِ، مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ)،
وَمَا وَرَدَ مِنْ مَنْعِ دُخُولِهِ، فَمَحْمُولٌ
عَلَى الدُّخُولِ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ مَعَ وُجُودِ مِنْ لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ
إلَيْهِ،
* وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ
عِنْدَ الْعِلَّةِ الْمُحْوِجَةِ إلَى دُخُولِهِ كَحَيْضٍ
أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مَرَضٍ مَعَ زَوْجِهَا،
وَأَمَّا مَعَ امْرَأَةٍ، فَعَوْرَتُهَا مَعَهَا
كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ حَيْثُ كَانَتْ مُسْلِمَةً اتِّفَاقًا.
وَأَمَّا مَعَ الْكَافِرَةِ، فَقِيلَ:
إنَّ الْمُسْلِمَةَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ الرَّجُلِ اتِّفَاقًا.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ فِي
تَفْسِيرَيْهِمَا:
(إنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمَةِ كَشْفُ شَيْءٍ
مِنْ بَدَنِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْكَافِرَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَتُهَا)،
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: جَوَازُ دُخُولِهَا مَعَ
الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ سَتْرِ مَا لَا يَحِلُّ نَظَرُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ إلَيْهِ.
قَالَ عَلَّامَةُ الزَّمَانِ أَبُو
الْإِرْشَادِ الْأُجْهُورِيُّ:
وَاعْلَمْ أَنَّ دُخُولَهُ لَهُ شُرُوطُ جَوَازٍ
كَغَضِّ الْبَصَرِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِإِعْطَاءِ
الْوَاجِبِ وَأَخْذِ الْمُعْتَادِ وَتَغْيِيرِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ
الْمُنْكَرِ، وَأَنْ لَا يُمَكِّنَ الدَّلَّاكَ وَلَوْ مَمْلُوكَهُ مِنْ دَلْكِ
عَوْرَتِهِ وَهِيَ مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ إلَى جَوْفِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ
وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ لِأَنَّ الْجَسَّ أَخَصُّ مِنْ النَّظَرِ إلَّا أَنْ
تَكُونَ زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ." اهـ
وقال محمد بن محمد بن محمد العبدري
الفاسي المالكي، الشهير بـ"ابْنِ
الْحَاجِّ"
(المتوفى: 737 هـ) _رحمه الله_ في "المدخل"
(2/ 171_172):
"وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ
الْمَرْجَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَثِيرًا مَا يُحَافِظُ عَلَى مَا نَحْنُ
بِسَبِيلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ
الْمُعْتَقِدِينَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ سَأَلَهُ هَلْ عِنْدَك حَمَّامٌ فِي
بَيْتِك أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ مَضَى إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: لَا
امْتَنَعَ مِنْ الْمُضِيِّ إلَيْهِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا إلَى تَيْسِيرِ
الطَّهَارَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ عَرَفَهُ فِي الْغَالِبِ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْقُرَشِيُّ - رَحِمَهُ
اللَّهُ -: إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا يَسَّرَ عَلَيْهِ أَسْبَابَ
الطَّهَارَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ___كَانَ فِي بَيْتِهِ مَوْضِعٌ لِلْغُسْلِ
وَالْوُضُوءِ فَقَدْ تَيَسَّرَتْ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ، إذْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ
أَعْظَمِ أَسْبَابِ التَّيْسِيرِ لَهَا." اهـ
وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182 هـ) _رحمه
الله_ في "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (7/ 461):
"أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال:
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام
بغير إزار)،
هذا تخصيص من العموم، وهو تحريم كشف العورات، وربما
خصّ الحمام؛ لأنه مظنة ذلك." اهـ
وفي "الموسوعة الفقهية الكويتية" (18/
156):
* "إِذَا كَانَ الدَّاخِل رَجُلاً، فَيُبَاحُ لَهُ دُخُولُهُ، إِذَا أَمِنَ وُقُوعَ
مُحَرَّمٍ: بِأَنْ يَسْلَمَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ وَمَسِّهَا،
وَيَسْلَمَ مِنْ نَظَرِهِمْ إِلَى عَوْرَتِهِ وَمَسِّهَا،
* وَإِنْ خَشِيَ أَنْ لاَ يَسْلَمَ مِنْ ذَلِكَ، كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، لأِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ وُقُوعَهُ
فِي الْمَحْظُورِ، فَإِنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ وَمُشَاهَدَتَهَا حَرَامٌ،
لِمَا رَوَى بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
جَدِّهِ قَال: قُلْتُ:
يَا رَسُول اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي
مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟
قَال: (احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ
أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ).
قَال: قُلْتُ:
يَا رَسُول اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ
بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَال: (إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ
فَلاَ يَرَيَنَّهَا).
قَال: قُلْتُ:
"يَا رَسُول اللَّهِ. إِذَا كَانَ أَحَدُنَا
خَالِيًا." قَال: (اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ).___
* وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُل مَنْ فِي الْحَمَّامِ
عَلَيْهِ إِزَارٌ، قَال أَحْمَدُ: (إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ كُل مَنْ فِي الْحَمَّامِ
عَلَيْهِ إِزَارٌ، فَادْخُلْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تَدْخُل).
وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: (دُخُول الْحَمَّامِ
بِغَيْرِ إِزَارٍ حَرَامٌ).
لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:
(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآْخِرِ فَلاَ يَدْخُل الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يُدْخِل حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ).
وقال أَبُو بَكْرٍ محمد بن أحمد السرخسي الحنفي (المتوفى:
483 هـ) _رحمه الله_ في "شرح السِّيَرِ الكبيرِ" (ص: 57):
"قَالَ: وَلَا يَقْعُدُونَ عَلَى
مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ.
وَهَكَذَا يَنْبَغِي
لِلْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَقْعُدَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْمَائِدَةِ،
وَلَكِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ عَلَى وَجْهِ النَّهْيِ عَنْ
الْمُنْكَرِ إنْ أَمْكَنَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَنْ لَا يَجُوزَ مِنْ ذَلِكَ
الْمَوْضِعِ،
فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ كَمَا
قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ تُدَارُ الْكَأْسُ عَلَى
مَوَائِدِهِمْ وَاللَّعْنَةُ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ» .
قَالَ: وَلَا يَدْخُلَنَّ الْحَمَّامَ إلَّا
بِإِزَارٍ. لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرِيضَةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ
الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إلَّا بِإِزَارٍ، وَلَا يُدْخِلُ حَلِيلَتَهُ
الْحَمَّامَ»." اهـ
وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182 هـ) _رحمه
الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 376):
"(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا
يجلس على مائدة يدار عليها الخمر)، وإن كان لم يشربه مع أهل المائدة، فإنه يحرم
عليه الجلوس معهم، لما فيه من التقاء على المنكر." اهـ
مصداق ذلك قول الله _تعالى_:
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا
عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ
فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [المائدة: 78، 79]
وقال _تعالى_:
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ
إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا
مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعًا} [النساء: 140]
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي _رحمه الله_ عند
تفسير هذه الآية في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 418):
"(إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) فَدَلَّ
بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ اجْتِنَابِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ
مُنْكَرٌ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهُمْ فَقَدْ رَضِيَ فِعْلَهُمْ، وَالرِّضَا
بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ).
فَكُلُّ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ مَعْصِيَةٍ
وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ يَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْوِزْرِ سَوَاءً، وَيَنْبَغِي
أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَعَمِلُوا بِهَا،
فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ
عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_:
أَنَّهُ أَخَذَ قَوْمًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ،
فَقِيلَ لَهُ عَنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ: إِنَّهُ صَائِمٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ
الْأَدَبَ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)، أَيْ: إِنَّ
الرِّضَا بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ،
وَلِهَذَا يُؤَاخَذُ الْفَاعِلُ وَالرَّاضِي
بِعُقُوبَةِ الْمَعَاصِي حَتَّى يَهْلَكُوا بِأَجْمَعِهِمْ. وَهَذِهِ
الْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ، وَلَكِنَّهُ إِلْزَامٌ شُبِّهَ
بِحُكْمِ الظَّاهِرِ مِنَ الْمُقَارَنَةِ، كَمَا قَالَ: (فَكُلُّ قَرِينٍ
بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي)." اهـ
وفي "سنن ابن ماجه" (2/ 1327) (رقم: 4004):
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
«مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ
الْمُنْكَرِ، قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ» - حسنه أخيرًا الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الترغيب
والترهيب" (2/ 582) (رقم: 2325)
وفي "سنن الترمذي" – ت. شاكر (4/ 468)
(رقم: 2169):
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:
«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ
بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ
يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ»
- حسنه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الجامع
الصغير وزيادته" (2/ 1189) (رقم: 7070)، و"صحيح الترغيب والترهيب"
(2/ 576) (رقم: 2313)
وقال الهيتمي _رحمه الله_ في "الزواجر عن
اقتراف الكبائر" (1/ 211):
"(الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ
وَالسَّبْعُونَ: كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَمِنْهُ دُخُولُ
الْحَمَّامِ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ سَاتِرٍ لَهَا)." اهـ
168
- (5) [حسن صحيح] وروى (2) آخره أيضاً عن أبي هريرة، وفيه أبو خيرة، لا أعرفه
أيضاً. (الحليلة) بفتح الحاء المهملة: هي الزوجة. |
نص الحديث وشرحه:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ، حَدَّثَنِي أَبُو خَيْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ أَبُو
خَيْرَةَ - لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي، فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ،
وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي،
فَلاَ تَدْخُلِ الْحَمَّامَ.
أخرجه أحمد في "المسند" – ط. عالم الكتب
(2/ 321) (8275)
وقال أبو القاسم ابن مندة العبدي الأصبهاني
(المتوفى: 470هـ) _رحمه الله_ في "المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف
من أحوال الرجال للمعرفة" (3/ 311)
ومُحِبُّ بنُ حَذْلَمٍ، مَوْلَى ثَابت بنِ زَيْدِ
بنِ رُعينٍ، أَبو خِيرَةَ." اهـ
وفي "تاريخ الإسلام" للذهبي - ت بشار (3/
725) (رقم: 246):
"الْمُحِبُّ بْنُ حَذْلَمٍ، أَبُو خَيْرَةَ
الرُّعَيْنِيُّ. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الْعَابِدِينَ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ:
كَانَ أَبُو خَيْرَةَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
مَرَّتَيْنِ.
وفي "المغني في الضعفاء" للذهبي (2/ 783)
(رقم: 7441):
"أَبُو خيرة عَن مُوسَى بن وردان لَا يعرف."
اهـ
وقال ابن ناصر الدين (المتوفى: 842هـ) _رحمه الله_
في "توضيح المشتبه" (2/ 176):
"قَالَ: وَأَبُو خيرة محب بن حذلم، عَن
مُوسَى بن وردان، من صلحاء مصر.
قلت: محب هَذَا ضَبطه أَبُو بكر الْخَطِيب
بِخَطِّهِ بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة، وَفِي نُسْخَة بِكِتَاب عبد الْغَنِيّ
وَعَلَيْهَا خطه وَخط أبي عبد الله الصُّورِي: الْمُحب بن حذلم بالتعريف
وكسرالحاء، حَكَاهُ ابْن نَاصِر. وَقد ضَبطه المُصَنّف هُنَا بِفَتْح الْحَاء،
وَصحح فَوْقه، وَقَيده فِي حرف الْمِيم باسم مفعول، وَوهم فِيهِ هُنَاكَ وهما آخر
يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى." اهـ
تعجيل المنفعة (2/ 242)
1011 - امحب بن حذلم الْمصْرِيّ أَبُو خيرة
قَالَ الْحُسَيْنِي فِي الكنى من الْإِكْمَال لَا يعرف وَتَبعهُ من بعده وَزَاد بن
شَيخنَا أَن الذَّهَبِيّ قَالَ لَا يعرف انْتهى وَبَقِيَّة كَلَام الذَّهَبِيّ
وَيُقَال انه محب بن حذلم الصَّالح وَأَخذه الْحُسَيْنِي فِي "التَّذْكِرَة"،
فَقَالَ:
(قيل: هُوَ
محب بن حذلم، عداده فِي المصريين).
قلت: قد جزم باسمه وكنيته وَنسبه أَبُو سعيد بن
يُونُس فِي "تَارِيخ مصر"، فَقَالَ: (محب بن حذلم، مولى ثَابت بن زيد،
يكنى أَبَا خيرة، روى عَن مُوسَى بن وردان، روى عَنهُ: سعيد بن أبي أَيُّوب وضمام
بن إِسْمَاعِيل، وَاللَّيْث بن عَاصِم، وَكَانَ فَاضلا يُقَال:
توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة." اهـ
من فوائد الحديث:
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (5/ 497)
في فوائده:
يستفاد من هذا الحديث جواز دخول الحمام بإزار، أما
بغيره، فلا يجوز, لأن كشف العورة حرام، فدخول الحمام لا يكون عذرا، فمن دخله وجب
عليه المحافظة على عورته بلبس ساتر كالإزار.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في شرح حديث أبي
هريرة عند أحمد "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكرر أمتي فلا يدخل
الحمام إلا بمئزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا يدخل
الحمام" وفي إسناده أبو خيرة، قال الذهبي: لا
يعرف
وأحاديث الحمام لم يُتَّفَق على صحة شيء منها، قال:
قال المنذري: وأحاديث الحمام كلها معلولة، وإنما يصح منها عن الصحابة،
ويشهد لحديث الباب حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على
مائدة يُدَار عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدخل الحمام إلا
بالإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام" رواه أحمد أيضا،
وإسناده ضعيف كما قاله الحافظ في التلخيص. لكن صححه الشيخ الألباني لشواهده.
الإرواء جـ 7 ص 6." اهـ
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (5/ 499)
قال الجامع عفا الله عنه: هذه الأحاديث وإن كان في
بعضها مقال، إلا أن مجموعها يصح، فتدل على جواز دخول الرجال في الحمام متسترين،
وعلى تحريمه للنساء مطلقًا، إلا للضرورة كالمرض والنفاس، وحديث ابن عمر وإن كان
غير صحيح، إلا أن النصوص الأخرى تؤيده كقوله عز وجل: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا
حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: آية 119] والله
أعلم.
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين
للسمرقندي (ص: 477)
وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى , أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصْلُحُ دُخُولُ الْحَمَّامِ إِلَّا
بِإِزَارَيْنِ: إِزَارٍ لِلْعَوْرَةِ، وَإِزَارٍ لِلْعَيْنِ، يَعْنِي يَغُضُّ
بَصَرَهُ عَنْ عَوْرَاتِ النَّاسِ وَعَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالنَّظْرَةَ فَإِنَّهَا
تَزْرَعُ الشَّهْوَةَ فِي الْقَلْبِ، وَكَفَى بِهَا فِتْنَةً لِصَاحِبِهَا
وَسُئِلَ حَكِيمٌ عَنِ الْفَاسِقِ، قَالَ: الَّذِي لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ
وَعَوْرَاتِهِمْ
تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص: 130_131):
لا يجوز إشراك النساء في هذا الحكم بل الحمام -
والمقصود به ما كان خارج الدار طبعا - حرام عليهن مطلقا لقوله صلى الله عليه وسلم:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته___الحمام". رواه الترمذي وحسنه وله شواهد
كثيرة تراجع في "الترغيب".
[1] قال ابن حجر _رحمه الله_
في "تعجيل المنفعة" (1/ 777) (رقم: 600): "عبد الله بن يزِيد: قاص
الأجناد بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ عَن عمر _رضى الله تَعَالَى عَنهُ_." اهـ
[2] قال الحافظ إبراهيم بن
محمد الناجي _رحمه الله_ في "عجالة الإملاء"
– ط. المعارف (1/ 271):
"قال
النووي: هي بضم القاف والطاء الأولى، وإسكان السين وكسر الطاء الثانية، وبعدها ياء
ساكنة، ثم نون.
قال في كتاب الفتن أواخر شرح مسلم هكذا ضبطناه هنا
وهو المشهور.
قلت: وعليه اقتصر ابن السمعاني وأقره ابن الأثير
ونقله القاضي عياض في "المشارق" عن المتقنين والأكثرين، أي: القُسْطُنْطِيْنَة،
آخرها: طينة. وعن بعضهم: زيادة ياء بعد النون مشددة." اهـ كلام الناجي.
[3] انظر: "التبصرة"
للخمي (11/ 5038) – ط. وزارة الأوقاف والشؤون
الإسلامية، قطر، سنة 1432 هـ
Komentar
Posting Komentar