شرح الحديث 127 (باب بيان كثرة طرق الخير) من رياض الصالحين

 

[127] الحادي عشر: عَنْهُ:

عن النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_، قَالَ:

«لَقدْ رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ» . رواه مسلم.

وفي رواية: «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ» .

وفي رواية لهما: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» .

 

ترجمة أبي هريرة الدوسي _رضي الله عنه_:

 

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا،

فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي:

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة."

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح." اهـ

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) :

"وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

 

وفي "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 561) للذهبي:

"قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت:

روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين (5370) حديثًا. في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

الحادي عشر: عَنْهُ:

عن النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_، قَالَ:

«لَقدْ رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ» . رواه مسلم.

 

[تعليق]:

أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2021/ 129) (رقم: 1914)، وأبو عوانة في "المستخرج" – ط. الجامعة الإسلامية (20/ 98) (رقم: 11429)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص: 157) (رقم: 464)، والبيهقي في "الآداب" (ص: 77) (رقم: 193)، وفي "البعث والنشور" (ص: 155) (رقم: 211). صححه الألباني _رحمه الله_ في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 595) (رقم: 1905)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 912) (رقم: 5134)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (3/ 140) (رقم: 2976)

 

وفي رواية: «مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ»

 

[تعليق]:

أخرجه مسلم (4/ 2021/ 128) (رقم: 1914)، سنن ابن ماجه (2/ 1214) (رقم: 3682)، مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 341) (رقم: 8498) عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة _رضي الله عنه_.

 

وفي رواية لهما: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» .

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 132 و 3/ 135) (رقم: 652 و 2472)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1521/ 164 و 4/ 2021/ 127) (رقم: 1914)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 341) (رقم: 1958)، وأحمد في "مسنده" - عالم الكتب (2/ 286) (رقم: 7841)

 

وفي "سنن أبي داود" (4/ 362) (رقم: 5245):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ:

«نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ»

 

وفي "مسند أحمد" – ط. عالم الكتب (2/ 341) (رقم: 8498): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

"مَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِجِذْلِ شَوْكٍ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَأُمِيطَنَّ هَذَا الشَّوْكَ عَنِ الطَّرِيقِ أَنْ لَا يَعْقِرَ رَجُلًا مُسْلِمًا "، قَالَ: «فَغُفِرَ لَهُ»

 

من فوائد الحديث :

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 107):

"في هذا الحديث: فضيلة كل ما نفع المسلمين وأزال عنهم ضررًا، وأنَّ ذلك سبب للمغفرة ودخول الجنة.

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (16 / 171)

هذه الاحاديث المذكورة في الباب ظاهرةٌ في فضل إزالة الأذى عن الطريق سواء كان الأذى شجرةً تؤذي أو غُصْنَ شوْكٍ أوْ حَجَرًا يعثر به أوْ قَذَرًا أوْ جِيْفَةً وغيْرَ ذلك.

وإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان، كما سبق في الحديث الصحيح.

وفيه: التنبيه على فضيلة كل ما نفع المسلمين وأزال عنهم ضررا

قوله صلى الله عليه و سلم (رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق )، أيْ: يتنعم في الجنة بملاذها بسبب قطعه الشجرةَ." اهـ

 

وقال محمود بن أحمد الغيتابى الحنفى، المعروف  بـ"بدر الدين العيني" (المتوفى: 855 هـ) _رحمه الله_ في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (5/ 172):

"ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه:

الأول: فِيهِ: فَضِيلَة إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَهِي أدنى شعب الْإِيمَان، فَإِذا كَانَ الله _عز وَجل_ يشْكر عَبده، وَيغْفر لَهُ على إِزَالَة غُصْن شوك من الطَّرِيق، فَلَا يدْرِي مَا لَهُ من الْفضل وَالثَّوَاب إِذا فعل مَا فَوق ذَلِك

 

وقال عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ" (المتوفى: 1031 هـ) _رحمه الله في "فيض القدير" (5 / 279):

"وفيه فضل إزالة الأذى من الطريق كشجرٍ وغصنٍ يؤذي وحجرٍ يتعثر به أو قذرٍ أو جيفةٍ. وذلك من شعب الإيمان." اهـ

 

وقال عِيَاضُ بْنُ مُوْسَى الْسَّبْتِيُّ، المعروف بـ"القاضي عياض اليَحْصَبِيّ" (المتوفى: 544 هـ) _رَحِمَهُ اللهُ_ في "إِكْمَالِ الْمُعْلِمِ بِفَوَائِدِ مُسْلِمٍ" (8/ 97)

فكل ما أدخل نفعًا على المسلمين أو أزال عنهم ضررًا فهو منه، لكنه كله من النصيحة الواجبة على المسلمين بعضهم لبعض، التى بايع عليها النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه من النصح لكل مسلم، بنصحه فى حضرته وغيبته بكل قول وفعل يعود عليه بمنفعة لدينه ودنياه." اهـ

 

وقال عِيَاضُ بْنُ مُوْسَى الْسَّبْتِيُّ، المعروف بـ"القاضي عياض اليَحْصَبِيّ" (المتوفى: 544 هـ) _رَحِمَهُ اللهُ_ في "إِكْمَالِ الْمُعْلِمِ بِفَوَائِدِ مُسْلِمٍ" (6/ 343)

"فيه: فضل إماطة الأذى عن الطريق، وتقدم قبل أنه أدنى شعب الإيمان فى الحديث الصحيح." اهـ

 

وقال أبو حفص عمر بن علي الشافعي المصري، المعروف بـ"سِرَاج الدينِ ابنِ الْمُلَقِّنِ" (المتوفى: 804 هـ) _رحمه الله_ في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (6/ 433):

فيه: فضل إماطة الأذى عن الطريق، وقد جعل - صلى الله عليه وسلم - في الحديث كما مر إماطة الأذى عن الطريق من أدنى شعب الإيمان، وإذا كان كذلك وقد غفر لفاعله، فكيف بمن أزال ما هو أشد من ذلك؟[1]

 

وقال أبو الحسن علي بن خلف البكري، المعروف بـ"ابن بطَّال القرطبي" (المتوفى: 449 هـ) _رحمه الله_ في "شرح صحيح البخاري" (2/ 281):

"وفيه من الفقه:

أن نزع الأذى من الطريق من الأعمال الصالحة التى يرجى بها الغفران من الله – تعالى -، وقد قال - عليه السلام -: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى من الطريق)." اهـ

 

أحمد بن إسماعيل الكوراني الحنفي (المتوفى 893 هـ) _رحمه الله_ في "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري" (5/ 142):

"وفيه: ترغيب في أمثاله من المحقرات، فإن القليل عند الله كثير، إذا كان خالصًا لوجهه." اهـ

 

وقال محمود بن أحمد الغيتابى الحنفى، المعروف  بـ"بدر الدين العيني" (المتوفى: 855 هـ) _رحمه الله_ في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (13/ 23):

"وَاعْلَم أَن الشَّخْص يُؤجر على إمَاطَة الْأَذَى، وكل مَا يُؤْذِي النَّاس فِي الطَّرِيق.

* وَفِيه: دلَالَة على أَن طرح الشوك فِي الطَّرِيق وَالْحِجَارَة والكُناسة والمياه الْمفْسدَة للطرق وكل مَا يُؤْذِي النَّاس يخْشَى الْعقُوبَة عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة،[2]

* وَلَا شكّ أَن نزع الْأَذَى عَن الطَّرِيق من أَعمال الْبر، وَأَن أَعمال الْبر تكفر السَّيِّئَات وتوجب الغفران،

* وَلَا يَنْبَغِي للعاقل أَن يحقر شَيْئا من أَعمال الْبر، إما مَا كَانَ من شجر فَقَطعه وألقاه، وَإما مَا كَانَ مَوْضُوعا فأماطه، وَالْأَصْل فِي هَذَا كُله قَوْله تَعَالَى: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} (الزلزلة: 7) . وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق شُعْبَة من شعب الْإِيمَان.[3]

 

وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات" (ص: 141_142):

"فرحم الله عبدا كف أذيته عن الناس، فلم يؤذهم بالتخلي في طرقهم ومساجدهم ومجالسهم،

وما أحسن توفيق من رفع الأذى عنهم في جميع أحوالهم وتصرفهم، وازجروا من رأيتموه يتخلى في مغاسل المساجد، فإنه موجب للعنة___اللاعنين،

وقد باء فاعل ذلك بالإثم وأذية المؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم :

«اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل». [د ق][4]"

 

وقال أبو حفص عمر بن علي الشافعي المصري، المعروف بـ"سِرَاج الدينِ ابنِ الْمُلَقِّنِ" (المتوفى: 804 هـ) _رحمه الله_ في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (16/ 12_13):

"إماطة الأذى وكل ما يؤذي الناس في الطريق مأجور عليه.

وفيه: أن قليل الأجر قد يغفر الله به كثير الذنوب، وقد قال - عليه السلام -: "الإيمان بضع وسبعون -أو وستون- شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".

وفيه: دلالة على أن طرح الشوك في الطريق والحجارة والكناسة والمياه المفسدة للطريق، وكلُّ ما يؤذي الناس يخشى العقوبة عليه في الدنيا والآخرة،

ولا شك أن نزع الأذى عن الطريق من أعمال البر، وأن أعمال البر تكفر السيئات، وتوجب الغفران،

ولا ينبغي للعاقل أن يحتقر شيئًا من أعمال البر. وفي بعض طرقه: "إما كان في شجرة فقطعه وألقاه، وإما كان موضوعًا فأماطه"، والأصل في هذا كله قوله___تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} [الزلزلة: 7]."

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (6/ 592):

وإماطة الأذى وكل ما أشبهه حضٌّ على الاستكثار من الخير وأن لا يستقل منه شىء، وقد قال _عليه السلام_ لأبي تميمة الهجيمي: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تضع من دلوك فى إناء المستقي)

 

حديث الهجيمي: أخرجه أبو داود والترمذي. صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3/ 20) (رقم: 2687)

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (1 / 145):

"وفيه أيضا: دليل على أن الجنة موجودة الآن، لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ رأى هذا الرجل يتقلب فيها.

وهذا أمر دل على الكتاب والسنة وأجمع عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة موجودة الآن. ولهذا قال الله _تعالى_: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]،

أعدتْ: يعني هُيِّئَتْ.

وهذا دليل على أنها موجودة الآن كما أن النار أيضا موجودة الآن ولا تفنيان أبدا خلقهما الله _عز وجل_ للبقاء، لا فناء لهما.

ومن دخلهما لا يفنى أيضا، فمن كان من أهل الجنة، كان خالدا مخلدا فيها أبد الآبدين. ومن كان من أهل النار، دخلها خالدا مخلدا فيها أبد الآبدين ." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (1 / 145):

وفي هذا الحديث دليل على أن من أزال عن المسلمين الأذى فله هذا الثواب العظيم في أمر حسي فكيف بالأمر المعنوي؟

هناك بعض الناس - والعياذ بالله - أهل شر وبلاء وأفكار خبيثة وأخلاق سيئة يصدون الناس عن دين الله. فإزالة هؤلاء عن طريق المسلمين أفضلُ بكثير وأعظم أجرا عند الله.

فإذا أزيل أذى هؤلاء إذا كانوا أصحاب أفكار خبيثة سيئة إلحادية يرد عليها وتبطل أفكارهم ." اهـ

 

قال عطية صقر المصري في "فتاوى الأزهر" (10 / 385):

وفى مجال الوقاية من أخطار الطرق والمواصلات، حذر الإسلام من أى شىء يعوّق حركة المرور أو يؤذى المارة أيًّا كان هذا الإيذاء،

ومنه التبول والتبرز كما سبق فى حديث الملاعن، يقول النبى _صلى الله عليه وسلم_: "مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ." رواه الطبرانى بإسناد حسن.[5]

وفى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم: (وإماطة الأذى عن الطريق صدقة)." اهـ

 

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: 308)

نكتة أصولية: غفر الله تعالى للرجل الذي وجد غصن شوك على الطريق فنزعه، كما غفر للبغي التي سقت الكلب بموقها وهذا المقدار من الحسنات لم يوازِ أجره قدر وزر الزنا في السيئات ولكن فيه ثلاث معان:

أحدها: أن هذا الفعل إنضاف إلى سواه، وذكر دون غيره تنبيهًا على قدره.

الثاني: أنه كان سببًا للتوبة فترتب الغفران عليها وترتبت هي على هذا السبب فأضيف الحكم إلى السبب الأول تنبيهًا على اكتساب الحسنات، فإن الحسنة إلى الحسنة ولاية والسيئة إلى السيئة غواية.

الثالث: في معنى غفر الله له أي غفر له من ذنوبه بمقدار هذا الفعل من الأجر.

 

وقال يحيى بن هُبَيْرَة الذهلي الشيبانيّ، أبو المظفر الحنبلي (المتوفى: 560 هـ) _رحمه الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (8/ 59_60):

"* وفيه أيضا: أن الشجرة إذا كانت تؤذي عموم الناس في طرقهم؛ فإنها تقطع___وإن كانت ملكا لواحد منهم من غير إذنه،

إلا أن هذا يبني على أن الشجرة تكون قد أحدثت بعد الطريق المسلوك فيه، لأنه لم يذكر في هذا الحديث أنها كانت غير مملوكة، بل أطلق، فأدخل في الإطلاق ما يملكه الآدميون وما لا يملكونه." اهـ

 

وقال عبد الحميد محمد بن باديس الصِّنهاجي (المتوفى: 1359هـ) _رحمه الله_ في "مجالس التذكير من حديث البشير النذير" (ص: 146)

من أحسنِ المصالح التي يقوم عليها اجتماع الناس في التمدن الحاضر وألزمِها: مصلحةُ التنظيف في الإدارات البلدية،

وأنت ترى أن الأحاديث النبوية المتقدمة قد انتظمت ذلك التنظيف بالترهيب من التقذير وكل مؤذ، والترغيب في إزالتهما.

فوضع الإسلام بذلك أصل هذه المصلحة قبل أن يعرفها تمدن اليوم. فعلى المسلم أن يلتزم ذلك كأمر ديني يثاب عليه عند ربه، ليكون دافعه إلى القيام به من نفسه، ورقيبه في تنفيذه ضميره الديني وإيمانه،

وقد شهد التاريخُ لمدن الإسلام أيام مدنيته الزاهرة بانفرادها بين مدن عصرها النظافةَ وحسْنَ المظهرِ، وما ذلك إلا من تطبيق مثل ما تقدم مما وضعه الإسلام من أصول المصالح التي تقوم عليها الحياة، ويترقى بها المجتمع.

فعلينا - معشر المسلمين - أن نعني بما دعتنا إليه هذه الأحاديث النبوية الشريفة لنكون بين الناس مَثَلاً حَسَنًا راقِيًا في النظافة البلدية، لنفع أنفسنا ومجتمعنا ونرفع اسم ديننا، ونفوز بالأجر والرضى من ربنا.

وفقنا الله لإحياء معالم الدين، ورفع اسم الإسلام والمسلمين." اهـ

 

 

محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي (المتوفى 1441 هـ) _رحمه الله_ في "الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (24/ 448):

"وهذا الحديث شامل لكل ما يحتمل أن يؤذي المارَّة إما برائحته الكريهة أو بمنظره القبيح أو بإمكان أن ينزلق به إنسان أو ينجرح به أحد أو بمنع الناس عن المرور أو بالضغط عليهم.

فإيقاف السيَّارات في موضع ينسد به طريق العامة من الإيذاء الممنوع فسحب المرور لها حسنة لهم يكتب لهم به أجر." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "الضياء اللامع من الخطب الجوامع" (1/ 103):

"ويدخل في إماطة الأذى عن الطريق تسهيل الطرقات الصعبة التي تشق على من سلكها، وتؤذيهم فإن في إصلاحها وتسهيلها إزالة لأذاها ومشقتها،

فمن ساهم في ذلك بماله أو بدنه، فقد فعل خيرا، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله والإحسان إلى عباد الله، فسوف يلقى الذكر الطيب في الدنيا والثواب الجزيل في الأخرى إن شاء الله." اهـ

 

وقال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728 هـ) _رحمه الله_ في "منهاج السنة النبوية" (6/ 220_222):

"وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ. ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقَى، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» "[خ م].

وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ : " «إِنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ مُوقَهَا، فَسَقَتْهُ بِهِ ، فَغُفِرَ لَهَا» ".

وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ : «أَنَّهَا كَانَتْ بَغِيًّا مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ».

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ____

قَالَ: " «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي طَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ»". [خ م]

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا: لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» " [خ م].

فَهَذِهِ سَقَتِ الْكَلْبَ بِإِيمَانٍ خَالِصٍ كَانَ فِي قَلْبِهَا فَغُفِرَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ بَغِيٍّ سَقَتْ كَلْبًا يُغْفَرْ لَهَا. وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي نَحَّى غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَعَلَهُ إِذْ ذَاكَ بِإِيمَانٍ خَالِصٍ، وَإِخْلَاصٍ قَائِمٍ بِقَلْبِهِ، فَغُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ___صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ يُغْفَرُ لَهُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 37] . فَالنَّاسُ يَشْتَرِكُونَ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا، وَاللَّهُ لَا يَنَالُهُ الدَّمُ الْمُهْرَاقُ وَلَا اللَّحْمُ الْمَأْكُولُ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ، لَكِنْ يَنَالُهُ تَقْوَى الْقُلُوبِ.

وَفِي الْأَثَرِ: «إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» .

فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ يَعْظُمُ قَدْرُهَا وَيَصْغُرُ قَدْرُهَا بِمَا فِي الْقُلُوبِ، وَمَا فِي الْقُلُوبِ يَتَفَاضَلُ، لَا يَعْرِفُ مَقَادِيرَ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا اللَّهُ - عَرَفَ الْإِنْسَانُ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ كُلَّهُ حَقٌّ، وَلَمْ يَضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ." اهـ

 

وفي تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي (ص: 195_196) لعبد الرزاق البدر :

"فإماطة الأذى عن الطريق والتصدق بشق تمرة ناشئ عن شيء في القلب،___ يأجر الله عليه، وهو محبة الخير للناس ورحمتهم والسعي في مساعدتهم، ولو لم يكن في يده شيء يقدم الدعاء. " اهـ

 

وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات" (ص: 141):

"واعلموا أن من توفيق العبد وسعادته كَفَّ أذِيّتِهِ عن المسلمين، ومن شقاوته عدم مبالاته في إيصال الضرر للعالمين،

وقد أخبر _صلى الله عليه وسلم_ أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان، ومن عزل حجرا أو شوكة أو عظما عن طريق الناس فقد سعى لنفسه بالأمان." اهـ

 

مكارم الأخلاق للخرائطي (ص: 157):

بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ مِنْ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

 

الآداب للبيهقي (ص: 74):

بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فِي الْإِسْلَامِ

 

البعث والنشور للبيهقي (ص: 142)

بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْجَنَّةَ، وَالنَّارَ وَرَأَى فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْضَ أَهْلِهَا، وَمَا أُعِدَّ لِبَعْضِ أَهْلِهَا، وَالْمَعْدُومُ لَا يُرَى وَأُخْبِرَ عَنْ مَصِيرِ أَرْوَاحِ أَهْلِهَا إِلَيْهَا قَبْلَ الْقِيَامَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خَلْقِهِمَا. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] " يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 15] " الْمَأْوَى اسْمٌ لِجِنْسِ الْجِنَّانِ، وَسُمِّيَتْ مَأْوَى لِأَنَّهَا مَأْوَى أَهْلِ الْجَنَّةِ {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 16] "



[1] وفي كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (8/ 375) لمحمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الجكني الشنقيطي (المتوفى: 1354هـ) :

"ففي الحديث أن قليل الخير يحصل به كثير الأجر،

وفيه فضيلة إماطة الأذى عن الطريق، وهي أدنى شُعَب الإيمان كما مرَّ في كتاب الإيمان، فإذا كان الله عَزَّ وَجَلَّ يشكر عبده، ويغفر له على إزالة غصن شوك من الطريق، فلا يدري ماله من الفضل والثواب إذا فعل ما فوق ذلك." اهـ

[2] وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (6/ 600) :

"قال المهلب : إماطة الأذى وكل ما يؤذى الناس فى الطرق مأجور عليه، وفيه: أن قليل الأجر قد يغفر الله به كثير الذنوب، وقد قال النبى: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) . وفيه: دليل أن طرح الشوك فى الطريق والحجارة والكناسة والمياه المفسدة للطرق وكل ما يؤذى الناس تخشى العقوبة عليه فى الدنيا والآخرة." اهـ

[3] وفي الاستذكار (2/ 146) لابن عبد البر :

"وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ نَزْعَ الْأَذَى مِنَ الطَّرِيقِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ وَتُوجِبُ الْغُفْرَانَ وَتُكْسِبُ الْحَسَنَاتِ

وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى مِنَ الطَّرِيقِ مَا يَشْهَدُ لِمَا قُلْنَا

وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ." اهـ

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (22/ 12)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ نَزْعَ الْأَذَى مِنَ الطُّرُقِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ وَتُوجِبُ الْغُفْرَانَ وَالْحَسَنَاتِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَرُبَّمَا غُفِرَ لَهُ بِأَقَلِّهَا أَلَا تَرَى إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ شَكَرَ لَهُ إِذْ نَزَعَ غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ فَغَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً إِحْدَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ

وَقَالَ الحكيم

... ومتى تفعل الكثير من الخير ... ... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهِ ..." اهـ

[4] حسنه لغيره الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 171) (رقم : 146)

[5] أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 179) (رقم: 3050). حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 172) (رقم: 148)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1029) (رقم: 5923)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها" (5/ 372) (رقم: 2294)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين