شرح الحديث 80 (باب آداب قضاء الحاجة) من بلوغ المرام

 

80 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رضي الله عنه_، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_:

"اتَّقُوا اللَّاعِنِيْنَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ ظِلِّهِمْ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وزَادَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُعَاذٍ _رضي الله عنه_:"الْمَوَارِدَ"،

وَلَفْظُهُ: "اتَّقُوا المَلاَعِن الثَّلاَثَةَ: البَزارَ في المَوَارِدِ، وقَارِعَةِ الطَّريْق، وَالظِّلِّ" (2)

 

وَلِأَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَوْ نَقْعِ مَاءٍ"، وَفِيهِمَا ضَعْفٌ.

 

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ النَّهْيَ عَنْ قَضَاءِ الحَاجَةِ تَحْتِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَضِفَّةِ النَّهْرِ الْجَارِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ


نص الحديث وشرحه:

 

مفردات الحديث:

* اللاعنَيْن: بصيغة التثنية، قال الخطابي: الَّلاعنين: الأمرين الجالبين لِلعْنِ النَّاس مَنْ فعله.

* المَلاَعِن: بالفتح: جمع مَلْعَن، أي: موضع اللعن.

* الثلاثة: منصوب، صفة الملاعن.

* النَّاس: مشتقٌّ من نَاسَ يَنُوسُ: إِذَا تدلَّى وتحرَّك، ويصغَّر على نُوَيْس، وقد وُضِعَ للجمع كالرهط والقوم، وواحده: إنْسَانٌ على غير لفظه، والأصلُ في نطقه: الاُنَاس، فحذفتِ الهمزةُ لكثرة الاستعمال؛ ولهذا إذا نُطقتْ بدون "أل" قيل: "أناس" أكثر ممَّا يقال: "ناس".

* يَتَخَلَّى: مَأْخوذٌ من المكان الخالي؛ لأنَّ عَادَةَ من يريد قضاء حاجته الابتعاد عن النَّاس والخلوة بنفسه.

ويُراد به التغوُّط في طريق النَّاس أو ظلهم؛ فهو من ألفاظ الكناية التي يعبر فيها عمَّا يقبح ذكره بما يدُلُّ عليه.

* الموارد: جمع مورد، وهو الموضع الَّذي يَرِدُهُ النَّاسُ من عين ماء، أو غدير، أو نحوهما.

* البَرَاز: بفتح الموحدة، فراء مفتوحة، آخره زاي، وهو المتَّسع من الأرض يكنَّى به عن الغائط، هو المطمئنُ من الأرض، سُمِّيت به عَذِرَةُ الإنسان؛ لأنَّ من أراد قضاءَ حاجتِهِ، قصَدَ المطمئنَّ من الأرض.

* الطريق: فعيل بمعنى مفعول، فهو مطروق؛ لأنَّ أقدامَ النَّاس تطرُقُهُ، جمعه طُرُقٌ بضمتين، وهو مذكَّر في لغة أهل نجد، وبه جاء التنزيل؛ قال تعالى:

{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77]، ويُؤَنَّث في لغة أهل الحجاز.

* قارعة: المراد به الطريقُ الواسعُ، سُمِّي بذلك؛ لقرعه بأقدام النَّاس.

* نَقْعُ ماء: بفتح النُّون، وسكون القاف، فعين مهملة، ويراد به: الماء المجتمع:

* ضفَّة النَّهر: ضفة بفتح الضاد وكسرها، ضفَّة النَّهر أو البحر أو الوادي، هي: ساحله وشاطئه، وهما ضفتان، جمعه ضفاف.

* اللعن: هو الطرد والإبعاد عن الخير، وعن رحمة الله تعالى." اهـ من توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 334_335)

 

قال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 290):

"قوله: (اتقوا)، أي: احذروا؛ لأن التقوى معناها: اتخاذ الوقاية من محذور، فيكون معنى اتقوا: احذروا." اهـ

 

وقال الخطابي في "معالم السنن" (1/ 21):

"قوله: (اتقوا اللاعنين)،

يريد الأمرين الجالبين للّعن الحاملين الناس عليه والداعِيَين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم فلما صارا سببا لذلك أضيف إليهما الفعل فكان كأنهما اللاعنان، وقد يكون (اللاعن) أيضاً بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول،

كما قالوا: "سر كاتم"، أيْ: مكتوم، و"عيشة راضية"، أيْ: مَرْضِيَّةٌ.

و(الملاعن): مواضع اللعن. و(الموارد): طُرُقُ الْمَاءِ، وَاحِدُهَا: مَوْرِدُهُ. و(الظل) هنا: يُرَادُ بِهِ: مُسْتَظَلُّ الناسِ الذي اتخذوه مَقِيْلاً___ومَنَاخًا ينزلونه، وليس كل ظلٍّ يحرم القعود للحاجة تحته،

فقد قعد النبي _صلى الله عليه وسلم_ لحاجته تحت حايش من النخل وللحايش لا محالة ظل، وإنما ورد النهي عن ذلك في الظل يكون ذرىً للناس ومنزلاً لهم." اهـ

 

 

وفي "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (1/ 377) للقاري:

"(فِي ظِلِّهِمْ)، أَيْ: فِي مُسْتَظَلِّهِمُ الَّذِي يَجْلِسُونَ فِيهِ لِلتَّحَدُّثِ،

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ مَا اخْتَارُوهُ نَادِيًا وَمَقِيلًا.

قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: وَمَوَاضِعُ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، كَالظِّلِّ فِي الصَّيْفِ، يَعْنِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَشَمَّسُونِ وَيَتَدَفَّئُونَ بِهِ كَمَا فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ اهـ.

وَمِثْلُهَا مَوَارِدُ الْمَاءِ، وَهِيَ طُرُقُهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ تَأْتِي،

وَالْإِضَافَةُ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَحَلِّ مُبَاحًا فَيُكْرَهُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَمْلُوكًا فَيَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ." اهـ

 

وقال القَرافي في "الذخيرة" (1/ 201):

"وَيلْحَقُ بِذَلِكَ مَجَالِسُهُمْ وَالشَّجَرُ لِصِيَانَةِ الثَّمَرِ وَالْأَنْهَارُ لِصِيَانَةِ الْمَوَارِدِ." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

* حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_:

أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 226/ 68) (رقم: 269)، أبو داود في "سننه" (1/ 7) (رقم: 25)، وإسماعيل بن جعفر في "الأحاديث" (ص: 352) (رقم: 293)، وأحمد في "المسند" – ط. عالم الكتب (2/ 372) (رقم: 8853)، وأبو يعلى الموصلي في "المسند" (11/ 369) (رقم: 6483)، وابن الجارود في "المنتقى" (ص: 21) (رقم: 33)، صحيح ابن خزيمة (1/ 37) (رقم: 67)، وأبو عوانة في "المستخرج" (1/ 166) (رقم: 486_487)، وابن حبان في "صحيحه" (4/ 262) (رقم: 1415)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 296) (رقم: 664)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 158) (رقم: 468)، وفي "السنن الصغير" (1/ 35) (رقم: 58)، و"معرفة السنن والآثار" (1/ 339) (رقم: 830)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/ 164).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 110) (رقم: 339)، و"صحيح أبي داود" - الأم (1/ 54) (رقم: 20)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 83) (رقم: 110)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 171) (رقم: 145)

 

* حديث معاذ بن جبل _رضي الله عنه_:

أخرجه أبو داود في "سننه" (1/ 7) (رقم: 26)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 119) (رقم: 328)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 123) (رقم: 247)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 273) (رقم: 594)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 158) (رقم: 469)

 

والحديث حسن: حسنه الألباني _رحمه الله_ في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 83) (رقم: 112)، و غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (ص: 22) (رقم: 10)، "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 100) (رقم: 62)، وقال:

"منقطع، لأن أبا سعيد الحِمْيَرِيَّ لم يسمع من معاذ، ثم إن الحميري هذا مجهول كما فى "التقريب"، " الميزان ". لكن الحديث له شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال." اهـ

 

* حديث ابن عباس _رضي الله عنهما_:

 أخرجه أحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (1/ 299) (رقم: 2715)

 

والحديث حسن لغيره: حسنه الألباني _رحمه الله_ في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/ 100) (رقم: 62)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 84) (رقم: 113)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 172) (رقم: 147)

 

* وحديث ابن عمر _رضي الله عنهما_:

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/ 36) (رقم: 2392):

حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: نا الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ قَالَ: نا فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَلَّى الرَّجُلُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، وَنَهَى أَنْ يُتَخَلَّى عَلَى ضَفَّةِ نَهَرٍ جَارٍ»

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 458)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (4/ 93)، وفيه: الفرات بن السائب، أبو سليمان.

 

لسان الميزان ت أبي غدة (6/ 322) (رقم: 6020):

"فرات بن السائب أبو سليمان، وقيل: أبو المعلى الجزري.

قال البخاري: منكر الحديث.

وقال ابن مَعِين: ليس بشيء.

وقال الدارقطني، وَغيره: متروك.

وقال أحمد بن حنبل: قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون يتهم بما يتهم به ذاك.

 

فالحديث ضعيف جدا: صرح بذلك الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" (10/ 254) (رقم: 4707).

 

 

من فوائد الحديث:

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الوَلَّوِي المشهور بـ"الإثيوبي" (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (7/ 22)

"في فوائده:

1 - (منها): بيان النهي عن التخلّي وقضاء الحاجة من البول والغائط في طريق الناس.

2 - (ومنها): بيان النهي عن التخلّي في ظلّ ينتفع به الناس.

3 - (ومنها): أن سبب النهي عن التخلّي فيما ذُكر؛ لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يَمُرّ به، ونَتَنِهِ، واستقذارِهِ.

4 - (ومنها): بيان شدّة حرص الشريعة على إبعاد الفرد والمجتمع عما يُلحق الأذى بهم، مما يوجب لعن بعضهم لبعض، وشتمهم.

5 - (ومنها): الحثّ على ما يجلب المحبّة بين الناس، ودعاء بعضهم لبعض من إدخال السرور في قلوبهم، وإزالة الضرر عنهم، ولذا صار إماطة الأذى عن طريق المسلمين من شعب الإيمان فقد أخرج المصنّف: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبةً، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [تقدّم في "كتاب الإيمان" برقم (35)]

وأخرج البخاريّ رحمه اللهُ في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربعون خَصْلَةً، أعلاهن مَنِيحة الْعَنْز، ما من عامل___يعمل بخصلة منها، رجاء ثوابها، وتصديق موعودها، إلا أدخله الله بها الجنة". قال حسان - أحد رواته -: فعددنا ما دون منيحة الْعَنْز، من ردّ السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

[تعليق]:

قال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 290) في بيان علة النهي:

"وذلك لأن الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم لا شك أنه يؤذيهم من عدة أوجه:

أولا: من حيث الرائحة؛ لأن رائحة الخلاء خبيثة منتنة.

ثانيا: من حيث التقزر والتكره؛ لأن الإنسان إذا رأى الخلاء فإنه يتكره هذا الشيء ويتضرر منه ويتقزز، وربما يكون من بعض الناس الذين لا يقدرون على رؤية ما يكرهون حتى يتقيئوا.

ثالثا: أنه يؤذيهم من حيث تلوثهم به، فإنهم إذا تلوثوا بهذا الخلاء ماذا يحدث؟ يحدث تنجس أرجلهم أو خفافهم أو ثيابهم أيضا.

رابعا: فيه أذية من حيث حرمانهم من هذا المجلس الذي يأوون إليه يتحدثون، يذهبون عنهم السآمة والملل؛ فلهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم التخلي في هذا من أسباب اللعن، أي: أن الإنسان يلعن بسبب ذلك." اهـ

 

قال عبد الله بن عبد الرحمن البسام _رحمه الله_ في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" (1/ 335_337):

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - تحريمُ البول أو التغوُّط في طرق النَّاس التي يعبرون معها، أو ظلَّهم الذي يجلسون ويستظلون فيه، أو مَوارِدهِمُ التي يسقون منها، أو يسقون منها مواشيهم وداوبهم، أو ضفافِ الأنهرِ والبحار التي يتنزَّهون عندها، أو تحت الأشجار المُثْمرة التي يجنون ثمارها ويأكلون منها، مما يلوِّث ما يسقُطُ منها من ثمر، وينجِّس من يأتي لِلْجَنْيِ منها، وتحلَّل النجاسة مع تربتها، فتمتصُّها عروقها وتغذِّي ثمرتها.

2 - كل هذه المرافق هامَّةٌ ونافعةٌ للنَّاس، فلا يجوزُ توسيخُهَا وتقذيرُهَا عليهم وإلحاقُ الضرر بهم.

3 - يقاسُ عليها كلُّ ما أشبهها ممَّا يحتاجُ إليه النَّاسُ من النَّوادي والأفنيةِ، والحدائقِ والميادينِ العامَّة، وغيرِ ذلك، ممَّا يرتاده الجمهور، ويجتمعون فيه، ويرتفقون به.

4 - احترامُ الأطعمة والأشربة، فلا يجوزُ إهانتها بالنَّجاسات، ولا تقذيرُ أصول الشجر بالنَّجاسة؛ لأنَّه يتحلَّلُ فتمتصُّه جذورها، فيصل إلى فروعها وثمارها، فتتغذَّى بالنَّجاسة، والنَّجاسةُ ولو استحالَتْ فهي مكروهة مستقذرة.

5 - أنَّ التغوَّط أو البول في هذه الأماكن وأمثالها يسبِّب لَعْنَ النَّاس لفاعلها، وربَّما لحقته لعنتهم؛ لأنَّه هو المتسبِّب في ذلك؛ لما روى الطبراني في___الكبير (3/ 179) بإسنادٍ حسن؛

أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من آذى المسلمين في طرقهم، وجبَتْ عليه لعنتهم".

6 - جواز إطلاق اللعنة على من فَعَلَ ما فيه أذيَّةُ المسلمين.

7 - اللعنُ معناه: الدعاء بطرده عن رحمة الله تعالى، وهذا دعاءٌ عليه من مظلومين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنَّه ليس بينها وبين الله حجاب" [رواه البخاري (1496) ومسلم (19)].

8 - اتقوا لعنةَ النَّاسِ لكم بمقتهم وكرههم مِنْ فعل هذا، ولعنهم إيَّاه، واتقوا أيضًا لَعْنَ الله تعالى حينما يدعوا النَّاسُ عليكم، فيقولون: اللهم العَنْ مَنْ فعل هذا، فاجعلوا بينكم وبين هذا وقايةً، باجتنابكم التخلِّي والبول في هذه الأماكن.

9 - في الحديث كمالُ الشريعة الإسلاميَّة وسمُّوها، من حيثُ النظافةُ والنَّزاهة، وبُعْدُهَا عن القذارة والوساخة، وتحذيرُها عمَّا يَضُرُّ النَّاسَ في أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} [الأحزاب].

10 - وفيه شمولُ الشريعة؛ فإنَّها لم تترك خيرًا إلاَّ دَعَتْ إليه، ولا شرًّا إلاَّ حذَّرَتْ منه، حتَّى في هذه المواضع وجَّهَتِ النَّاس وبيَّنَتْ لهم أمكنةَ قضاء حاجاتهم، والأمكنةَ التي يجبُ بُعدهم عنها.

11 - الحديث يشير إلى قاعدةٍ شرعية، هي أنَّه إذا اجتمَعَ متسبِّبٌ ومباشر:

فإنْ كان عمل كلِّ واحدٍ منهما مستقلاًّ عن الآخر، فالضمانُ والإثم على المباشر.

وأَمَّا إذَا كانت المباشرةُ مبنيَّهً على السبب، صار المتسبِّب هو المتحمِّل؛ كهذا المثال في الحديث؛ فالدعاء فيه إثم، والذي قام به من لعن المتخلِّي عن الطريق مثلاً، ولكن المتسبِّب في هذا الدعاء هو___المتخلِّي، فهنا يكون الدعاء مباحًا في حقِّ المباشر، وهو الدَّاعي، والذي تحمَّل إثمَهُ المتسبِّبُ منه، وهذا المتخلِّي في الطريق.

12 - فيه أن كل ما يؤذي المسلمين فهو حرام؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} [الأحزاب]." اهـ

 

وقال شيخنا عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر _حفظه الله_ في "شرح سنن أبي داود" (8/ 9) – تفريغ الشاملة:

"ومن المعلوم أن هذا اللعن ليس للمعيّن، وإنما هو لعن بالوصف، من باب: لعن الله من فعل هذا، ومن المعلوم أن اللعن بالوصف سائغ وجائز، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في اللعن بالأوصاف لا بالأعيان، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)، وقوله: (لعن الله النامصة والمتنمصة)، ونحو ذلك من اللعن بالوصف لا بالعين.

وأما لعن المعين فإن ذلك لا يجوز، إلا إذا علم وأنه كان كافراً ومات على الكفر، فإذا كان كافراً وعرف موته على الكفر فإنه يلعن، أما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يلعن؛ لأن المعين قد يتوب وقد يمن الله عز وجل عليه بالهداية ويرجع من الكفر إلى الإسلام.

فلعن المعين هو الذي جاء المنع منه، وأما اللعن بالوصف فإن ذلك سائغ؛ لأنه لا تعيين فيه.

فإذاً: من فعل ذلك فإنه يلعن بفعله، ومن وجد هو يفعل ذلك فلا يقال: لعن الله فلاناً؛ لأن لعن المعين لا يجوز." اهـ

 

وقال محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب المالكي الأزهري، أبو محمد السّبكي (المتوفى 1352 هـ) _رحمه الله_ في "المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود" (1/ 99_100):

"(فقه الحديث):

دلّ الحديث على تحريم قضاء الحاجة فيما ذكر من المواضع لما فيه من إيذاء المسلمين بالتنجيس والاستقذار والنتن. وإليه ذهب النووى والرافعى من الشافعية

وقال المناوى:

قال الذهبي: إنه من الكبائر وعدّه ابن حجر في الزواجر من الكبائر وذهب جماعة إلى الكراهة والظاهر الأول نظرا للنهى المستفاد من الأمر في الحديث، ولحديث: (من سلّ سخيمته على طريق عامر من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)، رواه البيهقى والطبرانى في الأوسط عن أبى هريرة بسند رجاله ثقات، وفيه محمد بن عمرو الأنصاري، وثقه ابن معين.

والسخيمة - بفتح السين المهملة -: العذرة.

ولحديث: (من آذى المسلمين في طرقهم، وجبت عليه لعنتهم)، رواه الطبرانى بإسناد حسن.

واللعنة من أمارات التحريم.

ومحل الخلاف إذا كانت تلك المواضع___مباحةً كما تفيده إضافتها إلى الناس، فإن الإضافه للمنفعة، لا للملك. أما إذا كانت مملوكة فيحرم اتفاقا حيث لا إذن.

* ودلّ الحديث على جواز لعن من فعل ذلك، إذا لم يكن معينا.

أما إذا كان معينا، ففى جواز لعنه خِلافٌ، والأصح: عدمه.

قال في الخازن: أما العصاة من المؤمنين، فلا يجوز لعْنُ أحدٍ منهم على التعيين، وأما على الإطلاق، فيجوز لحديث: (لعن الله السارق يسرق البيضةَ والحبلَ، فتقطع يده) رواه أحمد والشيخان.

وفيه قال العلماء: (لا يجوز لعن كافر معين لأن حاله عند الوفاة لا يعلم فلعله يموت على الإسلام، وقيل: يجوز لعن كافرٍ معينٍ بدليل جواز قتاله). اهـ

أما لعن الكفار بلا تعيين، فجائز اتفاقا لحديث: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) رواه الشيخان عن أبى هريرة،

* وعلى: أنه يطلب من المتعلم أن يسأل عن الشئ الذى يخفى عليه ولا تمنعه مهابة المعلم من السؤال،

* وعلى: أنه يحوز للمعلم الإجمال في عباراته تشويقا للمتعلم ليثبت الحكم عنده وعلى أنه يطلب البعد مما يؤذى الناس ويدعوهم إلى السبّ واللعن." اهـ

 

وقال الشيخ العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 291_292):

"ففي هذا الحديث فوائد:

* منها: تحريم التخلي في الطريق، وتحريم التخلي في الظل، ووجه التحريم ظاهر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم جعله سببا للعن.

* ومن فوائد الحديث: أن المتسبب في الإثم كالمباشر؛ لأننا نعلم أن اللاعن ليس هو المتخلي. من اللاعن؟ الناس الذين يتأذون بهذا؛ ولهذا نقول: المتسبب في الإثم كالمباشر، أما في الضمان فإنه يختلف على تفصيل عند الفقهاء.

* ومن فوائد هذا الحديث: جواز لعن من فعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن هذا محذرا من أن تقع اللعنة على الفاعل، ولا يمكن أن تقع اللعنة على الفاعل إلا إذا كان اللاعن محقا، أما إذا كان غير محق فلا يمكن أن تقع اللعنة على الملعون،

وعلى هذا فيجوز أن يلعن الإنسان فاعل ذلك، ولكن هل يلعنه على سبيل التعيين، يعني: لو فرض أن الإنسان شاهد هذا الإنسان الذي يتخلى في الطريق أو في الظل هل يلعنه بعينه؟

الذي نرى أنه من الورع ألا يلعنه بعينه، ولكن يقول: اللهم العن من فعل كذا؛ لأن من المعلوم أن لعن المعين حرام، حتى لو كان من أكفر عباد الله، حتى لو رأيت رجلا يسجد لصنم لا تقل: اللهم العنه، فهذا - أعني: التخلي في ظل الناس أو طريقهم- ليس أشد من عبادة الصنم.

* ومن فوائد هذا الحديث: حماية الشريعة الإسلامية لأمتها من الأذى؛ لأن الغرض من ذلك هو تحذير الناس من أذية المؤمنين، الرسول - عليه الصلاة والسلام- لم يأمرنا أن نتقي اللاعنين من أجل أن نعرف أنه ملعون، بل من أجل التحذير من أذية المؤمنين، وقد قال الله - تبارك وتعالى-: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنت بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتنا وإثما مبينا} [الأحزاب: 58].

* ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو كان الطريق واسعا، والناس يستطرقونه من وسطه أو من___أطرافه بحيث لا يتمكنون من الاستطراق في وسطه؛ فإنه لا بأس أن يتخلى الإنسان في هذا الجانب الذي لا يستطرقه الناس؛ لأنه قال: "طريق الناس"، ولم يقل: الطريق عامة، فعلى هذا لو كان الطريق واسعا واحتاج الإنسان أن يتغوط أو يتبول في هذا الطريق الذي لا تطرقه الأقدام فظاهر الحديث أنه لا بأس به، ولكن هاذ مشروط بألا يكشف عورته أمام الناس.

* ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يحرم التخلي في الظل مطلقا، بل في الظل الذي يقصده الناس لقوله: "أو ظلهم"، أما مجرد الظل فلا يحرم.

استثنى بعض العلماء - رحمهم الله- قال: ما لم يكونوا يقصدون الظل للجلوس فيه لغيبة الناس، يعني لو كان هؤلاء يجلسون في الظل يغتابون الناس أو يشربون الخمر أو يفعلون معصية يأوون إلى الظل لهذا الغرض؛ فإنه لا بأس أن يتخلى فيه؛ لأن ذلك سبب لبعدهم عنه، ولكن هذا الاستثناء فيه نظر؛ لأنهم إذا بعدوا عنه ذهبوا يلوثون ظلا آخر يعني: لن ينتهوا، ثم إنه لو حصل هذا التخلي في هذا الظل الذي يقصده هؤلاء ربما يقصده أناس يحتاجونه ولا يعملون فيه المعصية فهذا الاستثناء فيه نظر.

والصواب: أنه إذا كان هذا الظل مأوى لمن يعمل فيه المعاصي أن يجلس الإنسان فيه حتى إذا جاء الذين يعتادونه للمعاصي ينكر عليهم، هذا هو الحل، أما أن يتغوط أو يبول في هذا المكان الذي حذر منه النبي - عليه الصلاة والسلام- ففيه نظر.

هل يمكن أن نأخذ من هذا الحديث قاعدة عامة وهي تحريم أذية المسلمين بأي نوع من الأذى؟ نعم، نقول: إن هذا الحديث يدل على تحريم أذية المسلمين بأي نوع من الأذى سواء بالقول، أو الفعل، أو اللمس، أو أي شيء." اهـ

 

وقال عبد الحق بن سيف الدين البُخاري الدِّهلوي الحنفي (والمتوفى سنة 1052 هـ) _رحمه اللَّه تعالى_ في "لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (2/ 70):

"واستفدنا من إضافة الظل إلى الناس اختصاص النهي بظل يجتمعون ويقيلون فيه، ففي هذا النوع من الظل ورد النهي دون سائر الظلال،

فقد ثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قعد تحت حائش من النخل لحاجته، وهو المجتمع من الشجر نخلًا كان أو غيره، ولا بد أن يكون للحائش ظل، كذا ذكره التُّورِبِشْتِي، ومواضع الشمس في الشتاء كالظل في الصيف، كذا في بعض الشروح،

والمراد بالتخلي: التفرد لقضاء الحاجة غائطًا أو بولًا؛ فإن التنجس والاستقذار موجود فيهما فلا يصح تفسير النووي بالتغوط،

ولو سلم فالبول يلحق به قياسًا، والمراد بالطريق: الطريق المسلوك لا المهجور الذي لا يسلك إلا نادرًا، وكذا طريق الكفار ليس بمراد، كذا في (مجمع البحار)." اهـ

 

وقال أحمد بن محمد بن علي بن حجر السعدي الأنصاري، المعروف بـ"الهيتمي" (المتوفى: 974 هـ) _رحمه الله_ في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 206):

"(الْكَبِيرَةُ السَّبْعُونَ: التَّغَوُّطُ فِي الطُّرُقِ)...

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِمَا مَرَّ أَنَّ مِنْ أَمَائِرِ الْكَبِيرَةِ اللَّعْنَ." اهـ

 

وقال محمد بن أبي بكر الدمشقي، المشهور بـ"ابن قيم الجوزية" (المتوفى: 751 هـ)  _رحمه الله_ في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (3/ 110 و 3/ 117):

"فَصْلٌ: الْأَدِلَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَامِ...الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبِرَازِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ وَالْمَوَارِدِ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِاسْتِجْلَابِ اللَّعْنِ كَمَا عُلِّلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «اتَّقُوا الْمُلَاعَنَ الثَّلَاثَ» وَفِي لَفْظٍ: «اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، وَفِي ظِلِّهِمْ» ." اهـ

 

محمد بن علي اليمني، المعروف بـ"الشوكاني" (المتوفى: 1250هـ) _رحمه الله_ في "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" (ص: 43):

"الحق أن اتقاء الملاعن واجب وقضاء الحاجة فيها حرام." اهـ

 

وقال يحيى بن هُبَيْرَة بن محمد بن هبيرة الذهلي الشيبانيّ، أبو المظفر الحنبلي (المتوفى: 560 هـ) _رحمه الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (8/ 164):

* في هذا الحديث اشتداد كراهية التخلي في طريق الناس، لأن فاعل ذلك يعرض الناس لأن يلعنوا فاعل ذلك، من حيث إنه ينجس ثيابهم أو يقع عليه الذباب، ثم يقع على ثوب أحدهم في أمد لا يجف مثله فيه.

وكذلك إذا كان في الظل الذي يستريح إليه الناس ويؤذيهم، وسمى المكان لاعنا لأنه سبب للعن.

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (6/ 532):

"لا يجوز للإنسان أن يتبول أو يتغوط في طريق الناس أو في ظلهم يعني المكان الذي يستظلون به وكذلك مشمسهم في الشتاء، وكذلك مجالسهم، فإن هذا من أذية المؤمنين وقد قال الله _تعالى_:

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 58] بالقول أو بالفعل.

فالأذية بالقول مثل التعيير والتوبيخ والسب وما أشبه وبالفعل مثل أن يتبول في طريقه أو يتغوط أو ما أشبه ذلك.

وقوله: {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} [الأحزاب: 58]، يعني: لا إذا كان السبب في ذلك هم الذين أذوا يعني أنهم تعرضوا لما حل بهم فهذا جنايتهم بأيديهم." اهـ

 

وقال شرف الحق العظيم آبادي (المتوفى: 1329 هـ) _رحمه الله_ في "عون المعبود" (1/ 31):

"وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّخَلِّي فِي طُرُقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِتَنْجِيسِ مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ." اهـ

 

وفي "الذخيرة" للقرافي (1/ 202):

"وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا: عَلَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ عَنْ فَسَادِهِ لِئَلَّا يَتَوَالَى ذَلِكَ فَيَفْسُدَ الْمَاءُ عَلَى النَّاسِ." اهـ

 

وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (7/ 104):

"وهو إرشادٌ إلى كف الأذية عن العباد، وعن عدم تعرضه للعن، وليس فيه دليلٌ على جواز لعنه، بل إخبارٌ أنَّه يفعل الناس ذلك ويعتادونه،

وقد ورد في حديث آخر ما يدل على جواز لعنه، ويلحق بهما كل ما فيه أذية العباد، كأبواب المساجد، وأبواب الحوانيت ونحوها." اهـ

 

محمد بن علي اليمني، المعروف بـ"الشوكاني" (المتوفى: 1250هـ) _رحمه الله_ في "نيل الأوطار" (1/ 113):

"وَالْحَدِيث يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ قَضَاء الْحَاجَة فِي الْمَوَارِد وَالظِّلّ وَقَارِعَة الطَّرِيق لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَذِيَّة لِلْمُسْلِمِينَ

 

وقال عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد الرَّحْمَانِيُّ الْمُبَارَكْفُوْرِيُّ (المتوفى: 1414 هـ) _رحمه الله_ في "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (2/ 52):

"والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس وظلهم لما فيه أذية المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره.

 

وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي _حفظه الله_ في "شرح سنن أبي داود" (3/ 3) بترقيم الشاملة:

"وفي الحديث: تحريم التخلي وقضاء الحاجة في طريق الناس أو في ظلهم؛ لما فيه من إفساد المحل على الناس بتنجيسه وإبعاد الناس وحرمانهم من مكان الظل والطريق الذي يمرون به." اهـ

 

وقال شيخنا عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر _حفظه الله_ في "شرح سنن أبي داود" – تفريغ الشاملة (8/ 8):

"وهذه الترجمة معقودة لبيان الأماكن التي ليس للإنسان أن يقضي حاجته فيها؛ لأن في قضاء الحاجة فيها ضرر على الناس؛ لحاجتهم إلى تلك المواضع، فنهى عن البول فيها من أجل دفع الضرر عن الناس وعدم إفساد تلك الأماكن التي يكون الناس بحاجة إليها." اهـ

 

وقال محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب المالكي الأزهري، أبو محمد السّبكي (المتوفى 1352 هـ) _رحمه الله_ في "الدين الخالص" = "إرشاد الخلق إلى دين الحق" (1/ 221):

"(ويطلب) ممن أراد قضاء الحاجة أن يتجنب طريق الناس وظلهم، لما فيه من أذيتهم بالتنجيس والرائحة الكريهة." اهـ

 

 

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة