شرح الحديث 210 من الأدب المفرد

107- باب: هل يقول: "سيدِيْ"

 

210 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قَالَ:

"لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: (عَبْدِي، وَأَمَتِي)، وَلَا يَقُولَنَّ الْمَمْلُوكُ: (رَبِّي، وَرَبَّتِي)، وَلْيَقُلْ: (فَتَايَ، وَفَتَاتِي)، وَ(سَيِّدِي، وَسَيِّدَتِي)، كُلُّكُمْ مَمْلُوكُونَ، وَالرَّبُّ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_."

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ (ثقة فاضل: ت 216 أو 217 هـ):

حجاج بن المنهال الأنماطي، أبو محمد السلمي البصري، من صغار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ (ثقة عابد أثبت الناس فى ثابت، وتغير حفظه بأخرة: ت. 167 هـ)[1]:

حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة بن أبى صخرة (مولى ربيعة بن مالك بن حنظلة من بنى تميم، ويقال: مولى قريش)، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له: خت م د ت س ق

 

* عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبٍ، وَهِشَامٍ،

1/ عَنْ أَيُّوبَ (ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد: ت. 131 هـ):

أيوب بن أبى تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري (مولى عنزة. ويقال: مولى جهينة)، من صغار التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

2/ وَحَبِيبٍ (ثقة ثبت: ت. 145 هـ):

حبيب بن الشهيد الأزدي، أبو محمد البصري (مولى قُرَيْبَةَ)[2]، من صغار التابعين، روى له: خ م د ت س

 

3/ وَهِشَامٍ (ثقة، من أثبت الناس فى ابن سيرين: ت. 148 هـ):

هشام بن حسان الأزدي القُرْدُوْسِيُّ[3]، أبو عبد الله البصري، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

* عَنْ مُحَمَّدٍ (ثقة ثبت كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى: ت. 110 هـ):

محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبى عمرة البصري (مولى أنس بن مالك) (وهو: أخو أنس ومعبد وحفصة وكريمة)، من الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ت. 57 هـ):

عبد الرحمن بن صخر أبو هريرة الدوسي اليماني (حافظ الصحابة، وله 5370 حديثا)، روى له: خ م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: (عَبْدِي وَأَمَتِي)، وَلَا يَقُولَنَّ الْمَمْلُوكُ: (رَبِّي وَرَبَّتِي)، وَلْيَقُلْ: (فَتَايَ وَفَتَاتِي)، وَ(سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي)، كُلُّكُمْ مَمْلُوكُونَ، وَالرَّبُّ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ "

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 83) (رقم: 210)، سنن أبي داود (4/ 294) (رقم: 4975)، مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 423) (رقم: 9451)، الصمت لابن أبي الدنيا (ص: 199) (رقم: 362)، مسند البزار = البحر الزخار (17/ 279) (رقم: 9983)، السنن الكبرى للنسائي (9/ 101) (رقم: 10001)، عمل اليوم والليلة لابن السني (ص: 347) (رقم: 390)، شعب الإيمان (7/ 181) (رقم: 4853)، الآداب للبيهقي (ص: 132) (رقم: 321).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 96) (رقم: 154)، والأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (15/ 267) (رقم: 9451)

 

من فوائد الحديث:

 

وقال أبو جعفر الطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (1/ 436):

"لَيْسَ بِنَهْيِ تَحْرِيمٍ، وَلَكِنْ نَهْيَ تَكَرُّهٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ لَكَانَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ، أَعْنِي خَبَرَ لَقِيطٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ»...

قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ بِالنَّهْيِ مَعْنِيٌّ بِهِ نَهْيُ تَكَرُّهٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ» ، إِعْلَامٌ بِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ: أَمَةً غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ تَحْرِيمَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا كَانَ لِرَبِّهِ عَاصِيًا، وَبِتَقَدُّمِهِ آثِمًا، صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ" اهـ

 

قال محمد لقمان الصديقي السلفي _رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص: 128):

"فقه الحديث:

1/ النهي للملوك أن يقول لسيّده: (ربي)، لأنَّ الربوبية، إنما حقيقتها لله _تعالى_، لأن الرب هو المالك أو القائم بالشيء، ولا يوجد حقيقةُ هذا، إلّا في الله _تعالى_." اهـ

 

قال الشيخ زيد بن محمد المدخلي _رحمه الله_ في "عون الأحد الصمد" (1/ 232):

"هذا التوجيه النبوي، فيه حسن الأدب في اختيار الألفاظ، والذي يصلح منها والذي لا يصلح،

فما حذر منه النبي _صلى الله عليه وسلم_، لا يجوز استعماله، كـ(عبدي وأمتي)؛ لأن النهي جاء معللا بقوله: (كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله)،

فالتعبيد لله _تبارك وتعالى_ من حسن الأدب، وأحسن الرشد،

ثم أرشدهم إلى البديل، وهو الذي ليس فيه تعبيد لغير الله: (غلامي وجاريتي)، (وفتاي، وفتاتي)،

فالأخذ بتوجيه النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو الحق، وهو سبيل النجاة، وهو دليل الصدق في المتابعةِ والمحبةِ لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ المفهومةِ من قول الله _تعالى_:

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

211 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ أَبِي:

"انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالُوا: (أَنْتَ سَيِّدُنَا)،

قَالَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ»،

قَالُوا: "وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا"،

قَالَ: فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ»."

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ (ثقة حافظ: 228 هـ):

مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي، أبو الحسن البصري، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له: خ د ت س 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمفَضْلِ (ثقة ثبت عابد: ت. 187 هـ):

بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي مولاهم، أبو إسماعيل البصري، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ (ثقة):

سعيد بن يزيد بن مسلمة الأزدي، أبو مسلمة البصري القصير، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

عَنْ أَبِي نَضْرَةَ (ثقة: ت. 108 هـ):

المنذر بن مالك بن قُطَعَةَ العبدي، العَوَقِيُّ، البصري، أبو نضرة (مشهور بكنيته، والعوقة بطن من عبد القيس)، من الوسطى من التابعين، روى له: خت م د ت س ق 

 

عَنْ مُطَرِّفٍ (ثقة عابد فاضل: ت. 95 هـ):

مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري، الحَرَشِيُّ، أبو عبد الله البصري ( أخو يزيد وهانى ابنى عبد الله بن الشخير)، من كبار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

قَالَ: قَالَ أَبِي (صحابي):

عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب بن وَقْدان بن الحُرَيْشِ الحرشي العامري (والد مطرف بن عبد الله بن الشخير)، روى له:  م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

قَالَ أَبِي "انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالُوا: (أَنْتَ سَيِّدُنَا)،

قَالَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ»،

قَالُوا: "وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا"،

قَالَ: فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ»."

 

عون المعبود وحاشية ابن القيم (13/ 111)

(وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) أَيْ لَا يَتَّخِذَنَّكُمْ جَرِيًّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ كَثِيرَ الْجَرْيِ فِي طَرِيقِهِ وَمُتَابَعَةِ خُطُوَاتِهِ

 

عون المعبود وحاشية ابن القيم (13/ 112)

وَقَالَ السِّنْدِيُّ أَيْ لَا يَسْتَعْمِلَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ فِيمَا يُرِيدُ مِنَ التَّعْظِيمِ لِلْمَخْلُوقِ بِمِقْدَارٍ لَا يَجُوزُ انْتَهَى وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ

 

الآداب الشرعية والمنح المرعية (3/ 456)

قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُحْمَدَ فِي وَجْهِهِ وَأَحَبَّ التَّوَاضُعَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ لَمَّا قَالُوا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ: قُولُوا بِقَوْلِكُمْ. أَيْ: اُدْعُونِي نَبِيًّا وَرَسُولًا كَمَا سَمَّانِي اللَّهُ، وَلَا تُسَمُّونِي سَيِّدًا كَمَا تُسَمُّونَ رُؤَسَاءَكُمْ، فَإِنِّي لَسْت كَأَحَدِهِمْ مِمَّنْ يَسُودُكُمْ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا.

وَالسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى: الرَّبِّ الْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْحَكِيمِ وَمُتَحَمِّلِ أَذَى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ وَالْمُقَدَّمِ. وَأَصْلُهُ مِنْ سَادَ يَسُودُ، فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً؛ لِأَجْلِ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ قَبْلَهَا، ثُمَّ أُدْغِمَتْ. وَوَزْنُ سَيِّدٍ فَيْعِلٌ. وَهُمْ سَادَةٌ وَزْنُهُ فَعَلَةٌ بِالتَّحْرِيكِ، مِثْلُ: سَرِيٍّ وَسَرَاةٍ. وَلَا نَظِيرَ لَهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى سَيَائِدَ بِالْهَمْزِ مِثْلُ تَبِيعٍ وَتَبَائِعَ وَأَقِيلٍ وَأَقَائِلَ. وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَزْنُ سَيِّدٍ فَعِيلٌ. وَجُمِعَ عَلَى فَعَلَةٍ كَأَنَّهُمْ جَمَعُوا سَائِدًا مِثْلُ قَائِدٍ وَقَادَةٍ وَذَائِدٍ وَذَادَةٍ. وَقَالُوا: إنَّمَا جَمَعَتْ الْعَرَبُ السَّيِّدَ وَالْجَيِّدَ عَلَى سَيَائِدَ وَجَيَائِدَ بِالْهَمْزِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ لِأَنَّ جَمْعَ فَعِيلٍ فَيَاعِلَ بِلَا هَمْزٍ.

 

شرح سنن أبي داود للعباد (546/ 26، بترقيم الشاملة آليا)

فقالوا: (أنت سيدنا، فقال: السيد الله) أي: السؤدد على الحقيقة إنما هو لله عز وجل؛ لأنه المتصف بذلك على الإطلاق، فهو الذي الخلق خلقه، والملك ملكه، وهو المتفضل بكل النعم، وهو الذي يتصرف في الخلق كيف يشاء، وهو صاحب السؤدد على الحقيقة، وغيره ممن حصل سؤدداً إنما هو سؤدد ناقص وغير كامل؛ ولهذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عن نفسه بأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وهو سيدهم في الدنيا والآخرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولكن السؤدد الذي يليق بالإنسان للرسول صلى الله عليه وسلم منه الحظ الأكبر والنصيب الأوفر، وأما السؤدد الكامل على الحقيقة فهو لله عز وجل؛ ولهذا قال: (السيد الله) أي: الله هو المتصف بهذا على الحقيقة، وهذا لا يعني ألا يقال لغيره عز وجل: سيد؛ لأن النبي نفسه قال: (أنا سيد ولد آدم)، فأخبر عن نفسه بأنه سيد، وقال عن سعد بن معاذ سيد الأوس: (قوموا إلى سيدكم)، وجاءت نصوص تدل على إطلاق ذلك على المخلوق، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لحمايته جناب التوحيد، ولحرصه على ألا يحصل غلو يؤدي إلى محذور أرشد عليه الصلاة والسلام وبين أن السيد هو الله، وأن السؤدد الحقيقي إنما هو لله سبحانه وتعالى.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 83) (رقم: 211)، سنن أبي داود (4/ 254) (رقم: 4806)، السنن الكبرى للنسائي (9/ 102) (رقم: 10003)، السنن الكبرى للنسائي (9/ 102) (رقم: 10004)

 

صحيح الأدب المفرد (ص: 97) (رقم: 155)

 

قال الخطابي في معالم السنن (4/ 112):

قوله (السيد الله) يريد أن السؤدد حقيقة لله عز وجل وأن الخلق كلهم عبيد له، وإنما منعهم فيما نرى أن يدعوه سيداً مع قوله (أنا سيد ولد آدم)، وقوله لبني قريظة (قوموا إلى سيدكم) يريد سعد بن معاذ،

من أجل أنهم قوم حديث عهدهم بالإسلام وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا، وكان لهم رؤساء يعظمونهم، وينقادون لأمرهم ويسمونهم السادات فعلمهم الثناء عليه وأرشدهم إلى الأدب في ذلك.

فقال: (قولوا بقولكم). يريد قولوا بقول أهل دينكم وملتكم وادعوني نبياً ورسولاً كما سماني الله عز وجل في كتابه فقال «يا أيها النبي، يا أيها الرسول» ولا تسموني سيداً كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم ولا تجعلوني مثلهم، فإني لست كأحدهم إذ كانوا يَسُودونكم بأسباب الدنيا، وأنا أسودكم بالنبوة والرسالة فسموني نبياً ورسولاً." اهـ

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (1/ 171)

وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قولهم "يا سيدنا" فهو من باب التحذير عن الغُلُوّ في المدح، فالحديث صريح في ذلك،

فقد أخرج أبو داود بسند جيد، وصححه غير واحد -كما قال في الفتح جـ 5 ص 179 - عن عبد الله بن الشِّخِّير رضي الله عنه، قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله تبارك وتعالى" قلنا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: "قولوا بقولكم" أو "بعض قولكم، ولا يَستَجْريَنَّكم الشيطان"



[1] وقال ابن أبي حاتم _رحمه الله_ في "الجرح والتعديل" (3/ 141):

"سمعت أبى يقول: (حماد ابن سلمة في ثابت، وعلي بن زيد أحبُّ إلي من همام. وهو أضبط الناس وأعلمه بحديثهما بين خطأ الناس. وهو أعلم بحديث علي بن زيد من عبد الوارث)." اهـ

[2]  وفي "الأنساب" للسمعاني (10/ 396): "قُرَيْبَةُ بنت محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما_." اهـ

[3]  وفي "اللباب في تهذيب الأنساب" (3/ 24_25) لابن الأثير:

القردوسي (بِضَم الْقَاف، وَسُكُون الرَّاء، وَضم الدَّال الْمُهْملَة، وَبعد الْوَاو سينٌ مُهْملَة): هَذِه النِّسْبَة إِلَى القراديس بطن من الأزد. نزلُوا الْبَصْرَة، فنسبت الْمحلة إِلَيْهِم. وقردوس: بطن من دوس، وَهُوَ: قردوس بن الْحَارِث ابْن مَالك بن فهم بن غَانِم بن دوس.

* والمنتسب إِلَى قراديس الأزد:: أَبُو الْحسن مُعلى بن زِيَاد القردوسي الْبَصْرِيّ يروي عَن الْحسن وَغَيره، روى عَنهُ هِشَام بن حسان.

* وَأما من ينْسب إِلَى الْمحلة: فَأَبُو عبد الله هِشَام بن حسان القردوسي، كَانَ من الْعباد وَالصَّالِحِينَ البكائين مولى العتيك يروي عَن عَطاء وَالْحسن وَغَيرهمَا روى عَنهُ يحيى بن رَاشد وَأهل الْبَصْرَة وَتُوفِّي فِي___مستهل صفر سنة سبع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة.

وَعبد الله بن حسان القردوسي الْبَصْرِيّ أَخُو هِشَام يروي عَن كثير مَوْلَاهُم روى عَنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل." اهـ

ثم قال في "اللباب في تهذيب الأنساب" (3/ 25):

"قلت: هَكَذَا قَالَ السَّمْعَانِيّ: القراديس بطن من الأزد، ثمَّ قَالَ: "وقردوسٌ بطن من دوس."

وَلَعَلَّه قد ظن أَن قردوس الأزد غيرُ قردوسِ دوسٍ، أَو حَيْثُ رأى فِي أَحدهمَا قراديس، وَفِي الآخر قردوسا، ظنهما اثْنَيْنِ، وهما وَاحِد. ودوس من الأزد، وَهُوَ دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن عبد الله ابْن مَالك بن نصر بن الأزد" اهـ 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة