شرح الحديث 75 (باب نواقض الوضوء) من بلوغ المرام

 

75 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ قَالَ:

"يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ، فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ. فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ، فَلَا يَنْصَرِف حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا".

أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ،

وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ،

 

وَلِمُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- نَحْوُهُ.

 

وَلِلْحَاكِمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا:

"إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إِنَّكَ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ"، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ كَذلِكَ بِلَفْظِ: "فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ".

 

تخريج الحديث:

 

* حديث ابن عباس: 

أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (1/ 147) (رقم: 281) بسند حسن.

 

* وحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ:

أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 39) (رقم: 137)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 276/ 98) (رقم: 361)، وأبو داود في "سننه" (1/ 45) (رقم: 176)، والنسائي في "سننه" (1/ 98) (رقم: 160)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 171) (رقم: 513):

عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ:

أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «لاَ يَنْفَتِلْ - أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ - حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»

 

* وحَدِيثُ أبي هريرة _رضي الله عنه_:

أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 276/ 99) (رقم: 362)، وأبو داود في "سننه" (1/ 45) (رقم: 177)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 109) (رقم: 75):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا»

 

* حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري _رضي الله عنه_:

أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (6/ 389) (رقم: 2666):

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  «إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ: كَذَبْتَ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا بِأُذُنِهِ، أَوْ يَجِدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ»

وأخرجه أبو داود (1/ 270) (رقم: 1029)، وعبد الرزاق الصنعاني في "مصنفه" (1/ 140 و 2/ 304) (رقم: 533 و 3463)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 190) (رقم: 7996)، وأحمد في "مسنده" - عالم الكتب (3/ 12 و 3/ 37 و 3/ 50 و 3/ 51 و 3/ 53 و 3/ 54) (رقم: 11082 و 11320 و 11468 و 11478 و 11499 و 11513)، أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (2/ 436) (رقم: 1241)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1/ 19) (رقم: 29)، وابن حبان في "صحيحه" (6/ 388_389) (رقم: 2665_2666)، وابن الأعرابي في "المعجم" (2/ 715) (رقم: 1452)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 227 و 1/ 470) (رقم: 464 و 1210)

 

وفيه: عياض ابن هلال. قال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص: 437) (رقم: 5281):

"عياض ابن هلال، وقيل: ابن أبي زهير الأنصاري. وقال بعضهم: هلال ابن عياض، وهو مرجوح: مجهول من الثالثة. تفرد يحيى ابن أبي كثير بالرواية عنه." اهـ

 

ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" - الأم (1/ 388) (رقم: 188)، و"التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (4/ 311) (رقم: 2655_2656).

 

إلا أن حديث أبي سعيد صحيح لغيره كما صرح بذلك الأرنؤوط في "تحقيق سنن أبي داود" (2/ 265) (رقم: 1029)

 

من فوائد الحديث:

 

وقال عبد الله بن عبد الرحمن البسام التميمي (المتوفى: 1423هـ) _رحمه الله_ في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" (1/ 321_322):

"ما يؤخذ من الحديث:

1 - الأصل بقاء ما كان على ما كان، فإذا كان الإنسانُ متطهِّرًا، فخيِّل إليه أنَّه أحدث، ولكنَّه لم يتحقَّقْ ذلك يقينًا، فالأصل أنَّه باقٍ على طهارته، ولا يلتفت إلى هذه الشكوك والوساوس.

2 - أنَّ الشيطان يتكيَّف ويتمثَّل، فيعمل الأعمال التي يُظَنُّ أنَّها حقيقة، وهي في نفسِ الأمرِ ما هي إلاَّ من خِدَعِهِ، التي يريد أنْ يفسد بها على المسلم عبادته، ويوقعه في شكوكٍ وأوهامٍ.

3 - الواجبُ على المسلم أنْ يكونَ قويَّ الإرادة، نافذ العزيمة، فلا يجدُ الشيطانُ سبيلًا إلى تلبيس عبادته عليه.

وأنْ يجاهد هذه الخيالات الشيطانيَّة، فإذا نَفَخَ الشيطانُ في رُوعِهِ فقال: إنَّك أحدثت، فليقل: كَذَبْتَ!.

4 - الشيطانُ عدوٌّ مبينٌ لبني آدم، فمن تمادَى معه، أغواه وأضله، فإذا لم يستطع إغواءه بالشهوات، جاءه من طريق الشبهات؛ فالواجب على المسلم مجاهدته وطرده ودحره؛ قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر].

5 - الريِّح الخارجة من الدبر مبطلةٌ للوضوء، مفسدةٌ للصَّلاة، بشرط التيقُّن من خروجها.

6 - إذا كثرت الشكوكُ مع الإنسان، فإنَّها لا تُؤَثِّرُ؛ فلا يلتفت إليها.___

7 - لا أثر للشكِّ بعد الفراغ من العبادة، فلو فَرَغَ من الوضوء، وشَكَّ هل تمضمَضَ؟ أو فرغ من الصلاة، وشكَّ هل قرأ الفاتحة؟ أو لم يسجد إلاَّ مرَّةً واحدة؟ فلا يلتفت إلى ذلك، والأصل صحَّة العبادة.

قال ابن عبد القوي:

وَلا الشَّكَّ مِنْ بَعْدِ الفَرَاغ بمُبْطِلٍ ... يُقَاسُ عَلَى هَذَا جَمِيعُ التَّعبُّدِ." اهـ

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 279):

"ففي الحديث من الفوائد ما سبق:

وفيه أيضا: أن الإنسان ينبغي أن يلاقي عدوه بحزم وقوة؛ لأن "كذبت" فيها شيء من العنف، والشيطان جدير بأن يعنف معه، ويقال له: "كذبت"؛ لأنه كذوب كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي هريرة: "صدقك وهو كذوب".

مسائل وفوائد:

الصحيح: أن الحائض تقرأ القرآن؛ لأنه ليس يوجد سنة صحيحة صريحة في منعها، لكن نظرا إلى أن الخلاف فيها قوي، لا ينبغي أن تقرا إلا لحاجة إما لكونها معلمة، أو طالبة، أو تخشى النسيان، أو تردده على أبنائها وما أشبه ذلك.

 

وقال الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 105):

"وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ: دَالَّةٌ عَلَى حِرْصِ الشَّيْطَانِ عَلَى إفْسَادِ عِبَادَةِ بَنِي آدَمَ خُصُوصًا الصَّلَاةُ؛ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا؛ وَأَنَّهُ لَا يَأْتِيهِمْ غَالِبًا إلَّا مِنْ بَابِ التَّشْكِيكِ فِي الطَّهَارَةِ، تَارَةً بِالْقَوْلِ؛ وَتَارَةً بِالْفِعْلِ، وَمِنْ هُنَا تَعْرِفُ أَنَّ أَهْلَ الْوَسْوَاسِ فِي الطَّهَارَاتِ امْتَثَلُوا مَا فَعَلَهُ وَقَالَهُ." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين