شرح الحديث 156 (3 - الترهيب من الكلام على الخلاء) من صحيح الترغيب

 

3 - (الترهيب من الكلام على الخلاء)


156 - (2) [صحيح لغيره] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"لا يخرج اثنان إلى الغائط فيجلسان يتحدثان كاشفين عن عوراتهما، فإن الله يمقت على ذلك".

رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد ليّن.

 

تخريج الحديث:

 

صحيح لغيره: أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (1/ 86) (رقم: 35)، المعجم الأوسط (2/ 65) (رقم: 1264) بإسنادهما عن عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

 

ففيه: عكرمة بن عمار العجلي اليمامي. قال عنه الذهبي _رحمه الله_ في "ميزان الاعتدال" (3/ 91):

"وقال البخاري: (لم يكن له كتاب، فاضطرب حديثه عن يحيى). وقال أحمد: (أحاديثه عن يحيى ضعافٌ، ليست بصحاح)." اهـ

 

فكان الشيخ الألباني _رحمه الله_ قد ضعفه في "ضعيف الجامع" (ص/914) (رقم: 6336)، و"تمام المنَّة" (ص/58-59) ، و"ضعيف سنن أبي داود" (رقم: 3).

 

ثم تراجع _رحمه الله_ عن تضعيفه، وصححه لشواهده في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/175) (رقم: 155)، و"الصحيحة" (7/321_324) (رقم: 3120).

 

من فوائد الحديث:

 

1/ تحريم كشف العورة أمام الآخرين دون ضرورة:

يدل هذا الحديث على أن كشْفَ العورةِ أمام الغير – حتى لو كان بين رجلين – أمرٌ محرم إذا لم تدعُ إليه ضرورة، لأن العورة يجب سترها، واحترام خصوصية الجسد من أدب الإسلام.

 

2/ النهي عن التحدث أثناء قضاء الحاجة:

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يتحدث اثنان أثناء قضاء الحاجة، لما في ذلك من قلة الأدب وسوء التصرف، وهو يتنافى مع الحياء الذي هو شعبة من الإيمان.

 

3/ أن الحياء مطلوب حتى في الخلوة:

هذا الحديث يدل على أن الحياء لا يقتصر على التعامل مع الناس في العلن فقط، بل يشمل أيضًا الأوقات الخاصة، مثل: قضاء الحاجة. فالحياء من الله يجب أن يكون في كل الأحوال.

 

4/ مقت الله تعالى لمن يتساهل في هذه الأمور:

قوله: "فإن الله يمقت على ذلك" يدل على أن هذا الفعل ممقوت عند الله، وهذا دليل على شدة قبحه، وأنه لا يليق بالمسلم فعله.

 

5/ أهمية الالتزام بآداب الإسلام في كل أحوال الإنسان:

يعلمنا هذا الحديث أن الإسلام جاء لينظم حياة المسلم كلها، حتى أدق تفاصيلها، وأن الالتزام بالأدب والخلق الحسن مطلوب في جميع الحالات، حتى عند قضاء الحاجة.

 

6/ فيه: وعيد وذم لكَشْفِ الْعَوْرَةِ وَحْدَهُ وَعَنْ التَّحَدُّثِ وَحْدَهُ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ في "مجموع الفتاوى" (24/ 301):

"وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَحْدَهُ وَعَنْ التَّحَدُّثِ وَحْدَهُ،

وَكَذَلِكَ قَوْله _تَعَالَى_:

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} [الفرقان: 68، 69]،

فَتَوَعَّدَ عَلَى مَجْمُوعِ أَفْعَالٍ، وَكُلُّ فِعْلٍ مِنْهَا مُحَرَّمٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الذَّمِّ عَلَى الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الذَّمِّ.

وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا مُبَاحًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الذَّمِّ. وَالْحَرَامُ لَا يَتَوَكَّدُ بِانْضِمَامِ الْمُبَاحِ الْمُخَصَّصِ إلَيْهِ." اهـ[1]

 

7/ فيه: بيان آداب قضاء الحاجة

قال عصام موسى هادي الفلسطيني _حفظه الله_ في "السراج المنير في ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير" (1/ 102):

"باب آداب قضاء الحاجة." اهـ  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4 - (الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره، وعدم الاستبراء منه)

 

157 - (1) [صحيح] عن ابنِ عباس _رضي الله عنهما_:

أنّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بقبرَين، فقال:

"إنَّهما ليُعذَّبان، وما يُعَذَّبان في كبيرٍ، بلى إنّه كبير، أمّا أحدُهما فكان يَمشي بالنميمةِ، وأما الآخرُ فكان لا يَستَتِرُ من بولِه".

رواه البخاري -وهذا أحد ألفاظه- ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

 

وفي رواية للبخاري وابن خزيمة في "صحيحه":

أنّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بحائطِ من حِيطانِ مكة أو المدينة، فسمع صوتَ إنسانَيْنِ يُعذَّبانِ في قبورِهما، فقَال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إنهما لَيعذَّبان، وما يُعذبان في كبيرِ". ثم قال:

"بلى؛ كان أحدُهما لا يَسْتَتِرُ من بولِه، وكان الآخرُ يَمشي بالنميمة" الحديث.

 

وبوب البخاري عليه "باب من الكبائرِ أن لا يستترَ من بولِه" (1).

 

قال الخطابي:

"قوله: (وما يعذبان في كبير) معناه: أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما، أو يثق فعله لو أرادا أن يفعلا، وهو التنزه من البول، وترك النميمة، ولم يُرِد أنّ المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين، وأنَّ الذنب فيهما هين سهل" (2).

 

قال الحافظ عبد العظيم:

"ولخوفِ توهمِ مثل هذا استدرك فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بلى إنه كبير". والله أعلم".

__________

(1) انظر كتابي "مختصر صحيح البخاري" رقم (129).

(2) "معالم السنن" (1/ 27).

 

تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (ص: 44)

اختلاف العلماء:

اختلف العلماء في وضع الجريدة على القبر. فذهب بعضهم إلى استحباب وضع الجريدة على القبر، لأنهم جعلوا هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم تشريعاً عاماً.

والعلة عند هؤلاء مفهومة،: هي أن الجريدة تسبح عند صاحب القبر مادامت رطبة.

فلعله يناله من هذا التسبيح ما يُنَورُ عليه قبره.

وذهب بعضهم إلى عدم مشروعية ذلك، لأنه شرع عبادة، وهو يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يثبته.

أما هذه فقضية عين، حكمتها مجهولة، ولذا لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم مع غير صاحبي هذين القبرين.

وكذاك لم يفعله من أصحابه أحد، إلا ما روى عن بُريدة بن الحُصيب، من أنه أوصى أن يجعل على قبره جريدتان.

أما التسبيح، فلا يختص بالرطب دون اليابس، والله تعالى يقول: {وإِنْ مِنْ شيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ} .

ثم قالوا: لو فرضنا أن الحكمة معقولة، وهى تسبيح الجريد الرطب، فنقول: تختص بمثل هذه الحال التي حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم عند هذين القبرين، وهى الكشف له من عذابهما

قال القاضي عياض: "علل غرزهما على القبر بأمر مغيَب وهو قوله، " ليعذبان " فلا يتم القياس لأنا لا نعلم حصول العلة".

 

وفي "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (7/ 317) للإثيوبي:

قال الجامع عفا الله عنه: الذي قاله الخطابيّ، ومن تبعه من استنكار وضع الجريدة ونحوها على القبر هو الذي يترجح عندي؛ لأنه أمر يختصّ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من حيث كونه مغيّبًا، لا يمكن الاطّلاع عليه إلا بالوحي، ومن حيث بركة يده - صلى الله عليه وسلم - كما علّله الخطابيّ، والقاضي عياض.

وأما قول الحافظ: (لا يلزم من كوننا إلخ ففيه نظر لا يخفى؛ إذ الدعاء أمرنا به اطّلعنا على التعذيب أم لا، فليس معلّلًا بالتعذيب بخلاف وضع الجريدة، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لكلّ ميت، وأمر به بخلاف وضعها، فإنه ما فعله إلا لأشخاص مُعَيَّنِينَ، معلِّلًا ذلك بما ذكر، ولأن الصحابة ومن بعدهم أجمعوا على الاقتداء به فيه بخلَاف الوضع، فلم يُنقل إلا عن بُريدة - رضي الله عنه -، فهو قياس مع الفارق.

والحاصل أن خصوصيّة وضع الجريد أوضح من كونه محلّ أسوة، فتأمل بالإنصاف.

قال صاحب "المرعاة" رحمه اللهُ - بعد ذكر نحو ما تقدّم -: والظاهر عندي أنه مخصوص بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليس بأعمّ، وأما ما يفعله القبريّون من وضع الرياحين على القبور، وغرس الأشجار عليها، وسترها بالثياب، وإجمارها، وتبخيرها بالعود، واتّخاذ السرج عليها، فلا شكّ في كونه بدعة وضلالةً، ومن زعم أن هذا الحديث أصل لهذه الأمور المحدثة، فقد جهل، وافترى على الرسول - صلى الله عليه وسلم -. انتهى ["المرعاة" 2/ 52]

قال الجامع عفا الله عنه:

هذا الذي قاله صاحب المرعاة رحمه الله تحقيق نفيسٌ جدًّا،

ومثل ذلك من استدلّ بهذا الحديث على مشروعيّة قراءة القرآن في القبر، فقد ابتدع في الدين، وأتى بما لم يشرعه الله تعالى، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم – مع____كثرة من يموت في عهده، لم يأمر أحدًا أن يقرأ القرآن للميت، ولا فعله الخلفاء الراشدون بعده، ولا القرون المفضّلة.

وأما ما أورده العينيّ محتجًّا على مشروعيّة ذلك من الأحاديث، فمما يُتعجّب منه، فإنها كلها أحاديث واهية، لا يثبت منها شيء، فلا تغترّ بها، وكن من الْيَقِظِين الْحَذِرين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ [راجع: "عمدة القاري" 3/ 176]

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 53 و 2/ 95 و 2/ 99 و 8/ 17 و 8/ 17) (رقم: 216 و 218 و 1361 و 1378 و 6052 و 6055)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 240/ 111) (رقم: 292)، وأبو داود في "سننه" (1/ 6) (رقم: 20)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 102) (رقم: 70)، والنسائي في "سننه" (1/ 28 و 4/ 106 و 4/ 106) (رقم: 31 و 2068 و 2069)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 125) (رقم: 347).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 110) (رقم: 338)، و"إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/ 313) (رقم: 283)، و"صحيح أبي داود" - الأم (1/ 48) (رقم: 15)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 479) (رقم: 2440)، و"التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (5/ 106) (رقم: 3118).

 

من فوائد الحديث:

 

قال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (7/ 312_314):

"في فوائده:

1 - (منها): أنه يدلّ على نجاسة بول الإنسان؛ لقوله: "مِنْ بَوْلِهِ" بالإضافة، وروايةُ: "من البول" "أل" فيها عِوَضٌ عن المضاف إليه،

وقد استَدَلّ به البخاريّ على أن نجاسة البول مقصورة على بول الناس، ولا يَعُمّ بول سائر الحيوانات، فقال:

وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لصاحب القبر: "كان لا يستتر من بوله"، ولم يذكُر سوى بول الناس. انتهى.

قال ابن بطّال: أراد البخاريّ أن المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كان لا يستتر من البول" بول الناس، لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجةٌ لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه أراد الردّ على الخطّابيّ حيث قال: (فيه دليلٌ على نجاسة الأبوال كلها)،

ومحصّل الردّ: أن العموم في رواية "من البول" أريد به الخصوص؛ لقوله: "من بوله"، والألف واللام بدل من الضمير، لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس؛ لعدم الفارق، قال: وكذا غير المأكول، وأما المأكول فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله، ولمن قال بطهارته حُجج أخرى ["الفتح" 1/ 384].

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "من البول" اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سُلِّمَ فهو مخصوص بالأدلّة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل لحمه. انتهى ["المفهم" 1/ 552]، وسيأتي في هذا قريبًا - إن شاء الله تعالى -. ___

2 - (ومنها): وجوب التنزّه من البول، وعقوبة من تساهل في ذلك.

3 - (ومنها): أن التساهل في أمر البول من الكبائر، كما صرّح به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

4 - (ومنها): وجوب إزالة النجاسة، خلافًا لمن خص الوجوب بوقت إرادة الصلاة.

5 - (ومنها): كون النميمة من الكبائر أيضًا، وهي محرّمة بالنصوص، والإجماع، قال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، وقال تعالى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنّة نمّام"، وفي لفظ: "قتّات"، وهو النمّام، متّفق عليه.

6 - (ومنها): أنه استَدَلّ ابن بطال بهذه الرواية على أن التعذيب، لا يختص بالكبائر، بل قد يقع على الصغائر، قال: لأن الاحتراز من البول لم يَرِدْ فيه وعيد، يعني قبل هذه القصة.

وتُعُقِّب بالزيادة التي في "صحيح البخاريّ" وغيره، من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بل إنه كبير"، وقد ورد مثلها من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عند أحمد، والطبرانيّ، ولفظه: (وما يعذبان في كبير، بلى)، أفاده في "الفتح" ["الفتح" 1/ 380]،

فهذا نصّ صريح في الوعيد، يردّ ما قاله ابن بطال، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

6 - (ومنها): إثبات عذاب القبر، وهو مذهب أهل السنّة والجماعة، خلافًا لمن نفاه مطلقًا من الخوارج، وبعض المعتزلة، كضرار بن عمرو، وبشْر المريسيّ، ومن وافقهما،

وخالفهم في ذلك أكثر المعتزلة، وجميع أهل السنّة، وغيرهم، وأكثروا من الاحتجاج له، وذهب بعض المعتزلة، كالجبّائيّ إلى أنه يقع على الكفّار دون المؤمنين، وتردّه الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك. [راجع: "الفتح" 3/ 275 "كتاب الجنائز"]

وقد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان أهلًا لذلك، وكذا سؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك، والإيمان به، ولا نتكلّم في كيفيّته؛ إذ ليس للعقل وقوف على كيفيّته؛ لكونه لا عهد له به في___هذه الدار،

والشرع لا يأتي بما تُحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تَحار فيه العقول، قاله شارح "العقيدة الطحاويّة" [ص: 399].

وقد ذكرت بحثًا طويلًا في هذا في شرح النسائيّ، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

7 - (ومنها): شدّة رأفة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأمته، فإنه لَمّا سمع صاحبي القبرين بادر إلى الشفاعة لهما.

8 - (ومنها): إثبات الشفاعة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى في "كتاب الإيمان"، فلا تنس نصيبك، وبالله تعالى التوفيق.

9 - (ومنها): إثبات المعجزة له - صلى الله عليه وسلم - حيث أطلعه تعالى على تعذيب المقبورين، مع أن الذين كانوا معه لم يسمعوا، ولم يعلموا شيئًا من ذلك،

قال الله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} الآية [الجنّ: 26 - 27].

10 - (ومنها): وجوب الاستنجاء؛ إذ هو المراد بعدم الاستتار من البول، فلا يجعل بينه وبين البول حجابًا من ماء، أو حجارة،

ويبعد أن يكون المراد الاستتار عن الأعين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

 



[1]  وانظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (1/ 50)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين