شرح الحديث 201 من الأدب المفرد
نصر البلد شرح الأدب المفرد
201
- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو يُونُسَ الْبَصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:
قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ: "كُنْتُ
جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_، إِذْ جَاءَ صَفْوَانُ بْنُ
أُمَيَّةَ بِجَفْنَةٍ يَحْمِلُهَا نَفَرٌ فِي عَبَاءَةٍ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَ
يَدَيْ عُمَرَ، فَدَعَا
عُمَرُ نَاسًا مَسَاكِينَ وَأَرِقَّاءَ مِنْ أَرِقَّاءِ النَّاسِ حَوْلَهُ،
فَأَكَلُوا مَعَهُ، ثُمَّ
قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: "فَعَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ - أَوْ قَالَ: لَحَا
اللَّهُ قَوْمًا - يَرْغَبُونَ عَنْ أَرِقَّائِهِمْ أَنْ يَأْكُلُوا مَعَهُمْ."
فَقَالَ
صَفْوَانُ: أَمَا وَاللَّهِ، مَا نَرْغَبُ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّا نَسْتَأْثِرُ
عَلَيْهِمْ، لَا نَجْدُ – وَاللَّهِ - مِنَ الطَّعَامِ الطِّيبِ مَا نَأْكُلُ
وَنُطْعِمُهُمْ." [قال الشيخ الألباني: صحيح] |
رواة الحديث:
* حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (صدوق:
ت. 224 هـ):
بشر بن محمد السختياني،
أبو محمد المروزي، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له: خ
* قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (ثقة
ثبت فقيه عالم جواد مجاهد: ت. 181 هـ بـ هيت):
عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم ، أبو عبد الرحمن المروزي (أحد الأئمة الأعلام و حفاظ الإسلام)، من الوسطى
من أتباع التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يُونُسَ
الْبَصْرِيُّ (ثقة: نحو سَنَةِ 150 هـ):
حاتم بن أبى صغيرة مسلمٍ، أبو
يونس القشيرى مولاهم، البصري (وأبو صغيرة:
أبُوْ أُمِّهِ، وقيل: زوج أمه)، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له: خ م د ت
س
* عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (ثقة
فقيه: 117 هـ):
عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة زهير بن عبد
الله بن جدعان القرشي التيمي، أبو بكر (ويقال: أبو
محمد) المكي الأحول، من الوسطى من التابعين، روى له:
خ م د ت س
* قَالَ: قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ (صحابي:
59 هـ بـ مكة):
أَوْسُ بنُ مِعْيَرِ بنِ لَوْذَانَ بنِ رَبِيْعَةَ
بنِ سَعْدِ بنِ جُمَحٍ، أبو محذورة القُرَشِيُّ الجمحي (مُؤَذِّنُ
المَسْجَدِ الحَرَامِ، وَصَاحِبُ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)،
روى له: بخ م د ت س ق
* عن عمر
(صحابي: 23 هـ بـ المدينة):
عمر بن الخطاب بن نُفيل بنِ عبدِ العزى بن رِياح بن
عبدِ الله بن قُرْطِ بْن رَزَاحِ بْنِ عدِيٍّ، أبو حفص القرشي
العدوي، (أمير المؤمنين)، روى له: خ م د ت
س ق
نص الحديث وشرحه:
قَالَ: قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ:
"كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ _رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ_، إِذْ جَاءَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِجَفْنَةٍ يَحْمِلُهَا
نَفَرٌ فِي عَبَاءَةٍ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ،
فَدَعَا عُمَرُ نَاسًا مَسَاكِينَ وَأَرِقَّاءَ
مِنْ أَرِقَّاءِ النَّاسِ حَوْلَهُ، فَأَكَلُوا مَعَهُ،
ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: "فَعَلَ اللَّهُ
بِقَوْمٍ - أَوْ قَالَ: لَحَا اللَّهُ قَوْمًا - يَرْغَبُونَ عَنْ أَرِقَّائِهِمْ
أَنْ يَأْكُلُوا مَعَهُمْ."
فَقَالَ صَفْوَانُ: أَمَا وَاللَّهِ، مَا نَرْغَبُ
عَنْهُمْ، وَلَكِنَّا نَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِمْ، لَا نَجْدُ – وَاللَّهِ - مِنَ
الطَّعَامِ الطِّيبِ مَا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُهُمْ."
البر والصلة للحسين بن حرب (ص: 182)
قَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ
عُمَرَ، إِذْ جَاءَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِجَفْنَةٍ
يَحْمِلُهَا، فَفَرَدَ عَبَاءَةً[1]،
فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ،
فَدَعَا عُمَرُ نَاسًا مَسَاكِينَ وَأَرِقَّاءَ
مِنْ أَرِقَّاءِ النَّاسِ حَوْلَهُ، فَأَكَلُوا مَعَهُ،
ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ:
«فَعَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ - أَوْ لَحَا
اللَّهُ قَوْمًا - يَرْغَبُونَ عَنْ أَرِقَّائِهِمْ أَنْ يَأْكُلُوا مَعَهُمْ».
قَالَ صَفْوَانُ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَرْغَبُ،
وَلَكِنَّا نَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِمْ، لَا نَجْدُ مِنَ
الطَّعَامِ الطَّيِّبِ مَا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُهُمْ."
صفوان بن أمية الجمحي:
صحابي من المؤلفة، توفي أيام قتل عثمان، وقيل: في أوائل خلافة معاوية. [التقريب ص
276]،
أحد أشراف الطلقاء، أَسْلَمَ بَعْدَ الفَتْحِ،
وَرَوَى أَحَادِيْثَ، وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ أَمِيْراً
عَلَى كُرْدُوْسٍ. [سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 563)]
وفي "سير أعلام النبلاء" – ط. الرسالة
(2/ 567):
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: اصْطَفَّ سَبْعَةٌ
يُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ، وَيُنَادُوْنَ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ: عَمْرُو بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفِ بنِ وَهْبِ بنِ حُذَافَةَ،
وَآبَاؤُهُ...
وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي جُمَحٍ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَالُوا: إِنَّ
صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ قَنْطَرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، إِلَى أَنْ صَارَ لَهُ
قِنْطَارٌ مِنَ الذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ أَبُوْهُ.
قَالَ الهَيْثَمُ، وَالمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ.
الجفنة: القصعة.
[القاموس (ص: 1531). الجفنة: هي وعاء يُؤكل
ويُثْرَدُ فيه، وكان يُتَّخذ من الخشب غالبا.
جَفْنَة: جمعها
جَفَنات وجَفْنات وجِفان وجِفَن: وعاءٌ للطَّعام
من خَزَفٍ ونحوه، قَصْعة كبيرة
العَبَاءةُ: كِسَاءً
مُكَوَّناًمِنْ قِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ، مَفْتُوحٌ مِنْ قُدَّامٍ، وَاسِعٌ بِلاَ
كُمَّيْنِ، يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ، يُعْرَفُ في الْمَغْرِبِ بِالسِّلْهَامِ.
العباءة (مصطلحات): بفتح العين ، كساء عريض يلبس فوق الثياب. (فقهية)
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 80)
(رقم: 201)، والحسين بن حرب السُّلَمِيُّ في "البر والصلة" (ص: 182)
(رقم: 351)
والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح
الأدب المفرد" (ص: 93) (رقم: 148)
قال عبد السلام بن محسن آل عيسى في "دراسة
نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية _رضي الله عنه_"
(2/ 1045)
"وعمر _رضي الله عنه_ أولى العبيد
العناية والرعاية والرحمة والشفقة، وأعطاهم حقوقهم، ورد عليهم ظلامتهم، وتمثل
اهتمامه رضي الله عنه بهم في عدة أمور هي:
أولاً: العناية بالعبيد ومواساتهم، وإعطاؤهم
حقوقهم." اهـ
رش البرد (ص: 124):
"فقة الحديث
فيه: الاهتمام الكبير من الصحابة للفقراء والمساكين
والأرقاء حيث تناولوا الطعام معا على مائدة واحدة، وبغضهم للراغبين من سد حاجات المحتاجين
وقضاء حوائجهم اللازمة، وإبداء سخطهم لهم." اهـ
103 - باب إذا نصح العبد لسيده 202
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، لَهُ
أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» [قال الشيخ الألباني: صحيح] |
رواة الحديث:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ():
إسماعيل بن عبد الله بن عبد
الله بن أويس بن مالك بن أبى عامر الأصبحى ، أبو عبد الله بن أبى أويس المدنى (
ابن أخت الإمام )
الطبقة : 10 : كبار الآخذين عن تبع
الأتباع
الوفاة : 226 هـ
روى له : خ م د ت ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - ابن
ماجه )
رتبته عند ابن حجر : صدوق أخطأ فى أحاديث من حفظه
قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ ():
مالك بن أنس بن مالك بن أبى
عامر بن عمرو الأصبحى الحميرى ، أبو عبد الله المدنى الفقيه ( إمام دار الهجرة )
المولد : 93 هـ
الطبقة : 7 : من كبار أتباع التابعين
الوفاة : 179 هـ
روى له : خ م د ت س ق
عَنْ نَافِعٍ ():
نافع أبو عبد الله المدنى (
قيل إن أصله من المغرب و قيل من نيسابور و قيل غير ذلك ) مولى عبد الله بن عمر بن
الخطاب القرشى
الطبقة : 3 : من الوسطى من التابعين
الوفاة : 117 هـ أو بعد ذلك
روى له : خ م د ت س ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي -
النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ثقة ثبت فقيه مشهور
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ():
عبد الله بن عمر بن الخطاب
القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكى المدنى
الطبقة : 1 : صحابى
الوفاة : 73 أو 74 هـ
روى له : خ م د ت س ق
نص الحديث وشرحه:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ_ قَالَ:
«إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، لَهُ أَجْرُهُ
مَرَّتَيْنِ»
وفي
"البحر المحيط الثجاج" (29/ 62):
"(أَنَّ
رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَح
لِسَيِّدِهِ)؛ أي: أخلص في خدمته، يقال: نصحتُ
لزيد أنصَحُ نُصحًا، ونصيحةً، هذه هي اللغة الفصيحة، وعليها قوله تعالى: {إِنْ
أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: 34]،
وفي
لغة يتعدّى بنفسه، فيقال: نصحته، وهو الإخلاص، والصدق، والْمَشُورةُ، والعمل،
والفاعل ناصحٌ، ونصيحٌ، والجمع: نُصحاء، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-."
اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه
البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 80) (رقم: 202)، والبخاري في
"صحيحه" (3/ 149 و 3/ 150) (رقم: 2546 و 2550)، ومسلم في
"صحيحه" (3/ 1284/ 43) (1664)، وأبو داود في "سننه" (4/ 343)
(رقم: 5169)، ومالك في "الموطأ" – ت. الأعظمي (5/ 1428) (رقم: 3597)، وأحمد
في "المسند" - عالم الكتب (2/ 18 و 2/ 20 و 2/ 102 و 2/ 142) (رقم: 4673
و 4706 و 5784 و 6273)، والطرسوسي في "مسند عبد الله بن عمر" (ص: 31)
(رقم: 38)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1/ 80) (رقم: 102)، وأبو
عوانة في "المستخرج" (4/ 75 و 4/ 76) (رقم: 6081 و 6084)، وأبو نعيم في
"حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (3/ 165 و 10/ 403)، وفي "تاريخ
أصبهان" = و"أخبار أصبهان" (1/ 149)، والقضاعي في "مسند
الشهاب" (2/ 298) (رقم: 1400_1403)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/
21) (رقم: 15807)، شعب الإيمان (11/ 95) (رقم: 8238)،
من فوائد الحديث:
رش البرد (ص: 124):
"فقة الحديث
فيه إيماء إلى أن العبد لا جهاد عليه ولا حج في حال
العبودية وإن صح ذلك منه
قال القاري _رحمه الله_ في "مرقاة
المفاتيح" (6/ 472):
فإن الأجر على قدر المشقة، وهو قد جمع بين القيام
بالطاعتين، وفي الحقيقة طاعة مالكه من طاعة ربه، والحاصل أن العبد مكلف بأمر زائد
على الحرّ، فيثاب عليه، ومن هذه الحثيثية يُفَضَّل على الحر." اهـ
قال الإمام ابن عبد البرّ _رَحِمَهُ اللهُ_ في "التمهيد"
لابن عبد البرّ (14/ 236 – 237):
"معنى هذا الحديث عندي _والله أعلم_:
أن العبد لمّا اجتمع عليه أمران واجبان: طاعة سيده
في المعروف، وطاعة ربه، فقام بهما جميعًا كان له ضعفا أجر الحرّ المطيع لربه مثل
طاعته؛ لأنه قد أطاع الله فيما أمره به من طاعة سيده، ونُصحه، وأطاعه أيضًا فيما
افترض عليه،
ومن هذا المعنى عندهم:
أنه من اجتمع عليه فرضان، فأدّاهما جميعًا، وقام
بهما كان أفضل ممن ليس عليه إلا فرض واحد فأدّاه، فمن وجبت عليه زكاة وصلاة، فقام
بهما على حسب ما يجب فيهما، كان له أجران،
ومن لم تجب عليه زكاة، وأذى صلاته كان له أجر واحد،
إلا أن الله يوفق من يشاء، ويتفضل على من يشاء، وعلى حسب هذا يعصي الله تعالى من
اجتمعت عليه فروض من وجوه، فلم يؤدّ شيئًا منها، وعصيانه له أكثر من عصيان من لم
يجب عليه إلا بعض تلك الفروض،
وقد سئل عبد الله بن العباس -رضي الله عنهما- عن
رجل كثير الحسنات، كثير السيئات، أهو أحب إليك، أم رجل قليل الحسنات، قليل
السيئات؟ فقال: ما أعدل بالسلامة شيئًا." اهـ
كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 526):
"وَإِنَّمَا ضوعف أجر العَبْد لِأَن خدمَة
السَّيِّد تشغل عَن عبَادَة الله عز وَجل، فَإِن تحمل الْمَشَقَّة فِي الْجمع بَين
الْحَقَّيْنِ ضوعف لَهُ أجره، فَلهُ أجر بِعبَادة ربه، وَأجر بِخِدْمَة سَيّده،
وَكلما كثرت المشاق زَاد الْأجر." اهـ
إكمال المعلم بفوائد مسلم (5/ 436)
وقوله: " العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة
الله فله أجره مرتين ": وذلك أن جميع تصرف العبد غالباً فى امتثال الأوامر؛
إما لله وإما لمالكه، بخلاف الحر الذى يتصرف باختياره، فالعبد طائع لمولاه بما
ملكه الله من منافعه، وطاعته له طاعة لله، فأجره أبدًا متصل، فإما أن يكون التضعيف
المراد به كثرة الأجور وزيادتها على أجر الحر، أو يكون على وجه التضعيف المعروف فى
أجر العمل الواحد من طاعة الله تعالى، بما امتحن به من الرق وربقة العبودية،
تفضلاً من الله تعالى عليه، كما ضعف ذلك لأسباب أخر من المرض، والمقام بالمدينة وغير
ذلك.
شرح النووي على مسلم (11/ 135_136):
فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَمْلُوكِ
الْمُصْلِحِ وَهُوَ الناصح لسيده والقائم بعبادة ربه المتوجهة عَلَيْهِ وَأَنَّ
لَهُ أَجْرَيْنِ لِقِيَامِهِ__بِالْحَقَّيْنِ وَلِانْكِسَارِهِ بِالرِّقِّ
طرح التثريب في شرح التقريب (6/ 225)
فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمَمْلُوكِ
الْمُصْلِحِ وَهُوَ الْقَائِمُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَالنَّاصِحُ لِسَيِّدِهِ
الْقَائِمُ لَهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنَّ
لَهُ أَجْرَيْنِ لِقِيَامِهِ بِالْحَقَّيْنِ وَلِانْكِسَارِهِ بِالرِّقِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَيْسَ الْأَجْرَانِ
مُتَسَاوِيَيْنِ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ أَوْجَبُ مِنْ طَاعَةِ الْمَخْلُوقِينَ
قُلْت طَاعَةُ الْمَخْلُوقِ الْمَأْمُورُ بِهَا هِيَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ،
وَذَلِكَ كَطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ وَطَاعَةِ الزَّوْجِ وَالْمَالِكِ
وَالْوَالِدِ.
الاستذكار (8/ 541)
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ من
كان عليه فرضان فقال بِهِمَا وَأَدَّاهُمَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ
وَاحِدٌ وَأَدَّاهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا زَادَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ - وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى فَضْلِ الصَّبْرِ
عَلَى مَضَضِ الرِّقِّ وَذِلَّتِهِ وَالْقِيَامِ بِهِ مَعَ ذَلِكَ بِحَقِّ
السَّيِّدِ وَلِهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ كَانَ الْعِتْقُ لِلرِّقَابِ مِنْ
أَفْضَلِ الْعَمَلِ وَأَوْجَبِهَا لِجَسِيمِ الثَّوَابِ
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (14/
236_237):
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ
عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ واجبان:
طَاعَةُ سَيِّدِهِ فِي الْمَعْرُوفِ وَطَاعَةُ رَبِّهِ فَقَامَ بِهِمَا جَمِيعًا كَانَ لَهُ
ضِعْفَا أَجْرِ الْحُرِّ الْمُطِيعِ لِرَبِّهِ مِثْلَ طَاعَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ
أَطَاعَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ سَيِّدِهِ وَنُصْحِهِ
وَأَطَاعَهُ أَيْضًا فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى
عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرْضَانِ فَأَدَّاهُمَا جَمِيعًا
وَقَامَ بِهِمَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا فَرْضٌ وَاحِدٌ
فَأَدَّاهُ والله___أَعْلَمُ فَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَصَلَاةٌ فَقَامَ
بِهِمَا عَلَى حَسْبَمَا يَجِبُ فِيهِمَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ لَمْ يَجِبْ
عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَأَدَّى صَلَاتَهُ كَانَ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ
اللَّهَ يُوَفِّقُ مَنْ يَشَاءُ وَيَتَفَضَّلُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَعَلَى حَسَبِ
هَذَا يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى مَنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ فُرُوضٌ مِنْ وُجُوهٍ
فَلَمْ يُؤَدِّ شَيًّا مِنْهَا وَعِصْيَانُهُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ عِصْيَانِ مَنْ
لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْضُ تِلْكَ الْفُرُوضِ
وَقَدْ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ كَثِيرِ الْحَسَنَاتِ كَثِيرِ السَّيِّئَاتِ
أَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ رَجُلٌ قَلِيلُ الْحَسَنَاتِ قَلِيلُ السَّيِّئَاتِ،
فَقَالَ: "مَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا. "
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ الْعَبْدَ الْمُتَّقِيَ لِلَّهِ الْمُؤَدِّيَ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ
سَيِّدِهِ أَفْضَلُ مِنَ الْحُرِّ." اهـ
طرح التثريب في شرح التقريب (6/ 226)
يُفْهَمُ أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى الْعَمَلِ
الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَى كُلِّ عَمَلٍ إلَّا
مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِعَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عِبَادَةُ اللَّهِ
وَالنُّصْحُ لِسَيِّدِهِ فَيُؤْجَرُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَمَلَيْنِ مَرَّةً
وَكَذَا كُلُّ آتٍ بِطَاعَتَيْنِ يُؤْجَرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَجْرُهَا وَلَا
خُصُوصِيَّةَ لِلْعَبْدِ بِذَلِكَ.
Komentar
Posting Komentar