شرح الحديث 152 (الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجُحْر) من صحيح الترغيب
2
- (الترهيب من البول في الماء والمغتسل والجُحْر). 152
- (1) [صحيح] عن جابرٍ: عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنّه نهى أنْ يبالَ في الماء الراكدِ. رواه مسلم وابن ماجه والنسائي. |
ترجمة جابر بن عبد الله الأنصاري السَّلِمِيُّ _رضي الله عنه_:
ترجمة جابر بن عبد الله الخزرجي السَّلِمي
-رضي الله عنه-
الأعلام للزركلي (2/ 104)
جابِر بن عبد الله
(16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م)
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري
السملي: صحابي، من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه
جماعة من الصحابة. له ولأبيه صحبة.
غزا تسع عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة
في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم.
قال المزي في تهذيب الكمال:
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن كعب
بن غنم ابن كعب بن سَلِمَةَ بن سعد بن على بن أسد
بن ساردة بن تزيد بن جُشَم بن الخزرج، الأنصاري، الخزرجى،
السلمي، أبو عبد الله المدنى ، صاحب رسول
الله _صلى الله عليه وسلم_ ، وابن صاحبه . اهـ .
عن عبد الله بن عمارة بن القداح : عبد الله بن عمرو بن حرام ، شهد العقبة . و كان نقيبا
، و شهد بدرا ، و أستشهد ـ يعنى بأحد، و ابنه جابر بن عبد
الله ، شهد العقبة ، و شهد المشاهد كلها، إلا بدرا، و أحدا .
و أمه : أنيسة بنت
عقبة بن عدى بن سنان بن نابى بن زيد بن حرام بن كعب ابن غنم ، و أم أبيه عبد الله ، هند بنت قيس بن الفدم بن جارية بن
عطية .
سنن أبي داود (3/ 75) (رقم: 2731): حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ
أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
«كُنْتُ أَمِيحُ أَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ
بَدْرٍ»
قال محمد بن سعد: ذكرت لمحمد بن عمر هذا الحديث ،
فقال : هذا وهم من أهل العراق، و أنكر أن يكون جابر شهد بدرا .
ففي "صحيح مسلم"
(3/ 1448/ 145) (رقم: 1813):
عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «غَزَوْتُ
مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً»،
قَالَ جَابِرٌ: «لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَا أُحُدًا مَنَعَنِي أَبِي، فَلَمَّا
قُتِلَ عَبْدُ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ، لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ قَطُّ»
وفي "صحيح البخاري" (5/ 123) (رقم: 4154)،
و"صحيح مسلم" (3/ 1484/ 71) (رقم: 1856):
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا يَوْمَ
الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ،
فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ_ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمُ الْيَوْمَ
خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ»، وقَالَ جَابِرٌ: «لَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ لَأَرَيْتُكُمْ
مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ»
سنن الترمذي ت شاكر (5/ 691) (رقم: 3852):
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قال: حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ البَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ
مَرَّةً»
صحيح البخاري (7/ 119) (رقم: 5664):
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
«جَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، لَيْسَ
بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلاَ بِرْذَوْنٍ»
عن زيد بن أسلم : أن جابر بن عبد الله كف بصره .
عن هشام بن عروة : رأيت لجابر بن عبد الله حلقة فى المسجد يؤخذ عنه .
قال البخارى : و صلى
عليه الحجاج .
وقال الهيثم بن عدي، وأبو موسى محمد بن المثنى،
وخليفة بن خياط، فى بعض الروايات عنهم : مات سنة ثمان و
ستين (68 هـ).
و قال محمد بن يحيى بن حبان : مات سنة سبع و سبعين
.
و كذلك أبو نعيم فى رواية أخرى ، قال : و يقال :
مات و هو ابن أربع و تسعين،
و صلى عليه أبان بن عثمان
،
و كان آخر من مات من أصحاب النبى صلى
الله عليه وسلم بالمدينة .
و قال أبو عون المدنى ، و خارجة بن الحارث بن رافع
بن مكيث الجهنى ، و على بن عبد الله التميمى ، و أبو الحسن المدائنى ، و الواقدى و
المفضل بن غسان الغلابى ، و يحيى بن بكير ، و أبو عبيد ، و عمرو بن على ، و خليفة
بن خياط ، فى رواية أخرى : مات سنة ثمان وسبعين (78).
زاد أبو عون : و صلى عليه أبان بن عثمان بقباء . روى له الجماعة . اهـ .
الأعلام للزركلي (2/ 104)
روى له البخاري، ومسلم، وغيرهما 1540 حديثا.
نص الحديث وشرحه:
وقال ابن الجوزي _رحمه الله_ في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (3/
94):
"(نهى
أَن يبال فِي المَاء الراكد).
الراكد: الْمُقِيم الَّذِي لَا يجْرِي،
وَلَا يَخْلُو من حَالين: إِمَّا أَن يكون قَلِيلا فينجس بالبول، أَو كثيرا لَا يُنجسهُ الْبَوْل،
فاستدامة الْبَوْل فِيهِ تغير رِيحه وتقذره إِلَى المستعملين مِنْهُ.
مصنف ابن أبي شيبة (1/ 130)
1499
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا نَسْتَحِبُّ أَنْ نَأْخُذَ، مِنْ مَاءِ
الْغَدِيرِ وَنَغْتَسِلَ بِهِ فِي نَاحِيَةٍ
سنن أبي بكر الأثرم (ص: 246)
60-
قال الأَثْرَمُ: سمعت أبا عبد الله يُسْأَل عَنِ الْوُضُوءِ فِي الْمَاءِ
الرَّاكِدِ فَقَالَ يُتَوَضَّأُ منه ولا يتوضأ فيه.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 235/ 94) (رقم: 281)، والنسائي في
"سننه" (1/ 34) (رقم: 35)، وفي "السنن الكبرى" (1/ 85) (رقم: 32)،
وابن ماجه في "سننه" (1/ 124) (رقم: 343)، وأحمد في "مسنده" –
ط. عالم الكتب (3/ 341 و 3/ 350) (رقم: 14668 و 14777)، والقاسم بن سلاَّم في "الطُّهور"
(ص: 221_222 و 225) (رقم: 158_159 و 163_164)، وابن أبي شيبة في "المصنف"
(1/ 130) (رقم: 1500)، وأبو عوانة في "المستخرج" (1/ 183) (رقم: 574)، وابن
المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1/ 330) (رقم: 265)، وأبو
جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 15) (رقم: 23)، وابن الأعرابي
في "المعجم" (2/ 450) (رقم: 878)، وأبو محمد الفاكهي في "الفوائد"
(ص: 284) (رقم: 109)، وابن حبان في "صحيحه" (4/ 60) (رقم: 1250)، وأبو طاهرٍ
الْمُخَلِّصُ في "الْمُخَلِّصِيَّاتِ" (2/ 337) (رقم: 1685)، وابن عدي
في "الكامل في ضعفاء الرجال" (3/ 16)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء
وطبقات الأصفياء" (5/ 14 و8/ 72)، وفي "المسند المستخرج على صحيح مسلم"
(1/ 336) (رقم: 648)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 157) (رقم: 466)، و"السنن
الصغير" (1/ 37) (رقم: 64)، والخطيب في "تاريخ بغداد" – ت. بشار
(5/ 415)
(1478)
والحديث صحيح: صححه
الألباني _رحمه الله_ في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 148) (رقم: 475)، و"صحيح
الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1152) (رقم: 6814)، و"التعليقات الحسان"
(2/ 460) (رقم: 1247)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 174) (رقم: 152)
من فوائد الحديث:
1/ أن الشريعة الإسلامية أرشدت إلى النظافة والبعدِ عن الأوساخ والأقذار
قال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام"
– ط. المكتبة الإسلامية (1/ 74):
"فالحديث
فيه فوائد؛ منها: أن الشريعة الإسلامية جاءت بالنظافة والبعد عن الأوساخ والأقذار."
اهـ
2/ النهي في الحديث يشمل البول والغائط
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (16/ 105)
أَلَا أَنَّ النَّهْيَ لَمَّا وَرَدَ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ،
كَانَ الْغَائِطُ أَحْرَى أَنْ يُنْهَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ
النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا
3/ فيه إشارة إلى أنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا: لَا
تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ
وقال ابن دقيق العيد القرشيري _رحمه الله_ في "إحكام الأحكام شرح عمدة
الأحكام" (1/ 71):
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ
بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ
الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا: لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ.
4/ فيه: أَنَّ الْمَاءَ إذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ: امْتَنَعَ
اسْتِعْمَالُهُ
وقال ابن دقيق العيد القرشيري _رحمه الله_ في "إحكام الأحكام شرح عمدة
الأحكام" (1/ 71):
"وَالِاتِّفَاقُ
وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ: امْتَنَعَ
اسْتِعْمَالُهُ." اهـ
5/ فيه بيان الفرق بين الماء الراكد وبين الماء الجاري
وقال أبو جعفر الطحاوي _رحمه الله_ في "شرح معاني الآثار" (1/ 15):
"فَلَمَّا
خَصَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ الرَّاكِدَ الَّذِي لَا يَجْرِي دُونَ الْمَاءِ الْجَارِي،
عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَصَّلَ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ
تُدَاخِلُ الْمَاءَ الَّذِي لَا يَجْرِي، وَلَا تُدَاخِلُ الْمَاءَ الْجَارِيَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_
أَيْضًا فِي غُسْلِ الْإِنَاءِ
مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ مَا
سَنَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ
اللهُ تَعَالَى، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ الْإِنَاءِ وَنَجَاسَةِ مَائِهِ
وقال الخطابي _رحمه الله_ في "معالم السنن" (1/ 39):
"وفيه:
دليل على أن حكم الماء الجاري بخلاف الراكد، لأن الشيء إذا ذكر بأخص أوصافه، كان
حكم ما عداه بخلافه.
والمعنى فيه: أن
الماء الجاري إذا خالطه النجس، دفعه الجزءُ الثاني الذي يتلوه فيه، فيغلبه، فيصير
في معنى المستهلك، ويَخْلُفُهُ الطاهِرُ الذي لم يخالطه النجسُ. والماء الراكد لا
يدفع النجِسَ عن نفسه، إذا خالطه. لكن يداخله ويقارُّه.
فمهما أراد استعمال شيء منه كان النجس فيه قائماً، والماء في حد القلة، فكان
محرما." اهـ
6/ تفصيل الأحكام في الماء الراكد
وفي "طرح التثريب في شرح التقريب" (2/ 34) للعراقي:
"قَالَ
الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ:
النَّهْيُ عَنْ
الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ مَرْدُودٌ إلَى الْأُصُولِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا
فَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا
فَالنَّهْيُ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا النَّهْيُ فِي بَعْضِ الْمِيَاهِ لِلتَّحْرِيمِ
وَفِي بَعْضِهَا لِلْكَرَاهَةِ. وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ:
* فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا جَارِيًا لَمْ يَحْرُمْ الْبَوْلُ فِيهِ
لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ.
* وَإِنْ
كَانَ قَلِيلًا جَارِيًا، فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ. وَالْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُهُ وَتَنَجُّسُهُ
عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَيَغُرُّ غَيْرَهُ
فَيَسْتَعْمِلُهُ مَعَ أَنَّهُ نَجِسٌ." اهـ
وقال ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1/ 330):
"ذِكْرُ
الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ النَّاسُ عَنِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِيهَا."
اهـ
وقال الشيخ فيصل بن عبد العزيز الحريملي _رحمه الله_ في "تطريز رياض
الصالحين" (ص: 995)
فيه: دليل على النهي عن البول في الماء الراكد؛ لأنه ينجسه إنْ كان قليلاً،
ويقذره إنْ كان كثيرًا.
وفي رواية: «لا يغْتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب»." اهـ
وقال القاضي عياض _رحمه الله_ في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/
105):
"ونهيُه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بول الرجل فى الماء الراكد [أو الدائم الذى لا يجرى، ثم يغتسِل منه، وهو
تفسير الراكد] هذا تفسير منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على طريق التنزيه والإرشاد إلى مكارم الأخلاق
والاحتياط على دين الأمةِ، وهو فى الماء القليل آكد منه فى الكثير لإفساده له، بل
ذكر بعضُهم أنه على الوجوب فيه، إذ قد يتغيَّرُ منه ويفسد فيظن من مَرَّ به أن
فساده لقراره أو مكثه، وكذلك يكثر تكرار البائلين فى الكثير حتى يعتريه ذلك، فحمى
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا العارض فى الماء الذى أصله الطهارة بالنهى عن
ذلك، وذكر البول فيه دليلٌ على ما يشابهه من الغائط وغيره، فإن فعل ذلك فى ماء
كثير لم يضره، فإن كان فى قليلٍ وغيّره أنجسَه وإن لم يُغَيّره فعلى اختلافهم فى
الماء القليل تحله النجاسة القليلةُ." اهـ
شرح رياض الصالحين (6/ 533)
فلا يجوز للإنسان أن يبول في الماء الراكد مثل الغدير أو شبهه. أما الماء الجاري فالجاري يمشي، ولا يتأثر إلا إذا كان جاريا نحوَ
ساقِيَةٍ، وتحته أناسٌ يتطهرون في هذا الماء، أو يشربون منه، فهذا لا يجوز، لأنه
يؤذي من تحته والله الموفق
وقال الإثيوبي في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج" (7/ 203_205):
في فوائده:
1 -
(منها): النهي عن البول في الماء الراكد، والنهي هنا للتحريم؛ إذ هو الراجح عند
جمهور المحقّقين من الأصوليين.
2 -
(ومنها): أنه يؤخذ من مفهومه عدمُ تحريم البول في الماء الجاري، وإن كان الأولى
تركه.
قال النوويّ _رحمه الله_ في "شرحه":
وهذا النهي في بعض المياه للتحريم،___وفي بعضها للكراهة، ويؤخذ ذلك من حكم
المسألة، فإن كان الماء كثيرًا جاريًا لم يحرم البول فيه؛ لمفهوم الحديث، ولكن الأولى اجتنابه.
وإن كان قليلًا جاريًا، فقد قال جماعة من أصحابنا: يُكره، والمختار أنه يحرُم؛ لأنه يُقَذِّره، وينجِّسه على المشهور من
مذهب الشافعيّ وغيره، وَيغُرّ غيره، فيستعمله مع أنه نجس،
وإن كان الماء كثيرًا راكدًا، فقال أصحابنا: يكره، ولا يحرم،
ولو قيل: يَحرُم لم يكن
بعيدًا، فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحقّقين، والأكثرين من أهل
الأصول،
وفيه من المعنى أنه يُقَذِّره، وربّما أدَّى إلى تنجيسه بالإجماع لتغيره، أو
إلى تنجيسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغَدِير الذي يتحرك بتحرك طرفه الآخر
ينجس بوقوع نجس فيه.
وأما الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه، والصواب المختار أنه يحرم البول فيه؛ لأنه ينجسه، ويُتْلِف ماليته، ويَغُرّ
غيره باستعماله، والله تعالى أعلم.
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: والتغوُّط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذلك إذا بال في
إناء، ثم صَبَّه في الماء، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يَجري إليه البول، فكله مذموم قبيح، منهيّ عنه على التفصيل المذكور،
ولم يخالف في هذا أحد من العلماء إلا ما حُكِي عن داود بن علي الظاهريّ أن النهيَ
مختصّ ببول الإنسان بنفسه، وأن الغائط ليس كالبول، وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في
الماء، أو بال بقرب الماء، وهذا
الذي ذهب إليه خلاف إجماع العلماء، وهو أقبح ما نُقِل عنه في الجمود على الظاهر، والله أعلم.
قال العلماء: ويكره
البول والتغوّط بقرب الماء، وإن لم يَصِل إليه؛ لعموم نهي النبيّ - صلى الله عليه
وسلم - عن البراز في الموارد، ولما فيه من إيذاء المارّين بالماء، ولما يُخاف من
وصوله إلى الماء، والله أعلم.
وأما انغماسُ مَن
لم يَستَنْجِ في الماء ليستنجي فيه: فإن كان قليلًا بحيث ينجس بوقوع النجاسة فيه
فهو حرام؛ لما فيه من تلطيخه بالنجاسة، وتنجيسِ الماء.
وإن كان كثيرًا لا
ينجس بوقوع النجاسة فيه: فإن كان جاريًا فلا بأس___به، وإن كان راكدًا فليس بحرام،
ولا تظهر كراهته؛ لأنه ليس في معنى البول، ولا يقاربه، ولو اجتنب الإنسان هذا كان
أحسن. انتهى كلام النوويّ ["شرح النوويّ" 3/ 185 - 187]
3 -
(ومنها): أن فيه دليلًا على نجاسة البول.
4 -
(ومنها): أن فيه دليلًا على عدم جواز الغسل والوضوء بالماء النجس.
5 -
(ومنها): بيان وجوب التنزّه من البول؛ لنجاسته، فلا يجوز استعمال ما خالطه من
الماء وغيره. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه
التكلان.
Komentar
Posting Komentar