شرح الحديث الهادي والثلاثون من أربعين حديثا في التربية والمنهج

 

 

الحديث الحادي والثلاثون:

 

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:

قال رسول الله ﷺ:

(عليك بالسمع والطاعة في عُسرك، ويُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ ومَكْرَهِكَ، وأثَرَةٍ عليك)

أخرجه مسلم (٣/ ١٤٦٧).

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1467/ 35) (رقم: 1836)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 381) (رقم: 8953)، وابْنُ زَنْجُوْيَهْ في "الأموال" (1/ 71) (رقم: 23)، وأبو بكر بن الخلال في "السنة" (1/ 83) (رقم: 15)، وأبو عوانة في "الْمُسْتَخْرَجِ" (4/ 403) (رقم: 7105 و 7107).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 746) (رقم: 4039)

 

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان _حفظه الله_ في كتابه "أربعين حديثا في التربية والمنهج" (ص: 70_71):

 

"قوله: «عليك بالسمع والطاعة:

فيه: خطاب الأمر، وهو للوجوب على القاعدة الأصولية، ويخصص الأمر بقوله في حديث آخر: (إلا أن يأمر بمعصية، فلا سمْع ولا طاعةَ) متفق عليه

 

قوله: "بالسمع والطاعة":

فيه: قبح من أظهر السمع للولاة وأضمر المخالفة لهم.

وفيه: تلازم السمع والطاعة لولاة الأمور في جميع الأحوال، إلا في معصية الله _تعالى_.

وفيه: أن من علامات صاحب المنهج الحق: الثباتَ على منهجه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه وأثرة عليه، بخلاف غيره ممن ليس له مبدأٌ ثابت وقاعدةٌ مستقرةٌ؛ تارة تراه معرضا عاصيا في عسره، وتارة سامعا مطيعا في يسره. {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } [التوبة: 58]

 

قال الإمام أحمد _رحمه الله تعالى_:

(ليس ينبغي أن تتبع سنة رسول الله ﷺ في الرخاء وترك في الشدة) [مناقب الإمام أحمد» (ص ٤٣٠)]

وفيه: حصول الخيرية للمؤمن في جميع أحواله، إذا لزم حدود الشرع فسمع وأطاع كما هنا، ويؤكد تلك الخيرية قوله :

«عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»

أخرجه مسلم [رقم: 2999] من حديث صهيب بن سنان .

 

وفيه: الصبر والاحتساب عند رؤية الأثرة في الولاة.

وفيه: أن تأليب الناس بسبب الأثرة مخالف لأمر النبي مناف للصبر والاحساب.

 

قال شيخ مشايخنا الإمام ابن باز - رحمه الله تعالى، ورحم جميع مشايخنا -:

"ليس من منهج السلف: التشهيرُ بعيوب الولاةِ وذكْرُ ذلك على المنابِرِ؛ لأن ذلك يقضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يصر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير." ["معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة" لعبد السلام بن برجس آل عبد الكريم _رحمه الله تعالى_ (ص: ۱۳۸)]

 

وفيه: حث الإسلام على الاجتماع

وفيه: ذم الافتراق.

وفيه: أنّ تمثل السنة مع ولاة الأمور فيه المصالحُ كلُّها، فمن تلك الصالح:

* لزوم منهج السلف الصالح.

* إضعاف أو إبطال كيد بطانة السوء الذين يحرّشون بين الولاة والعلماء وطلبة العلم.

* كسب قلوب الولاة لنصرة الحق، وفي ذلك قوة؛ لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن

 

كما ورد في الأثر عن عمر وعثمان _رضي الله تعالى عنهما_.

 

المعنى الإجمالي:

 

"وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك).

السمع والطاعة لولاة الأمور في المنشط والمكره في المنشط: يعني في الأمر الذي إذا أمرك به نشطت عليه، لأنه يوافق هواك، وفي المكره: في الأمر الذي أمروك به لم تكن نشيطاً فيه؟؛ لأنك تكرهه، اسمع في هذا وهذا، وفي العسر واليسر، حتى إن كنت غنياً فأمروك فاسمع ولا تستكبر لأنك غني، وإذا كنت فقيراً فاسمع ولا تقل لا أسمع وهم أغنياء وأنا فقير.

اسمع وأطع في أي حال من الأحوال، حتى في الأثرة؛ يعني إذا استأثر ولاة الأمور على الشعب، فعليهم أيضاً السمع والطاعة في غير معصية الله عزَّ وجلَّ.___

فلو أن ولاة الأمور سكنوا القصور الفخمة، ركبوا السيارات المريحة، ولبسوا أحسن الثياب، وتزوجوا وصار عندهم الإماء، وتنعموا في الدنيا أكبر تنعم، والناس سواهم في بؤس وشقاء وجوع، فعليهم السمع والطاعة؛ لأننا لنا شيْءٌ، والولاة لهم شَيْءٌ آخَرُ." اهـ من "شرح رياض الصالحين" (3/ 658_659) للعثيمين _رحمه الله_.

 

وفي "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (23/ 278) لابن عبد البر:

"وَأَمَّا قَوْلُهُ (فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ)

فَمَعْنَاهُ: فِيمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَقَّ علينا وأيسر بِنَا، وَفِيمَا نُحِبُّهُ وَنَنْشَطُ لَهُ، وَفِيمَا نَكْرَهُهُ وَيَثْقُلُ عَلَيْنَا.

وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى، جَاءَ حَدِيثُ ابن عمر عن النبي فِي ذَلِكَ...

عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ قال: (على المرء المسلم: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ) [م]." اهـ

 

من فوائد الحديث :

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (12/ 224_225):

"قَالَ الْعُلَمَاءُ:

"مَعْنَاهُ: تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا يَشُقُّ وَتَكْرَهُهُ النُّفُوسُ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ،

فَإِنْ كَانَتْ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْبَاقِيَةِ فَتُحْمَلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُطْلِقَةُ لِوُجُوبِ طَاعَةِ وُلَاةِ___الْأُمُورِ عَلَى مُوَافَقَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ لا سمع ولا طاعة في المعصية."

 

وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (6/ 242) للقاضي عياض:

"فيه وجوبها فيما يشق ويكره فى باب الدنيا، لا فيما يخالف أمر الله، كما قال فى الحديث الآخر: (إلا أن يأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)

وبهذا يجمع بين الأحاديث، وهذا يفسر عمومَ الحديثِ المتقدمِ." اهـ

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 431)

"فيه: وجوب السمع والطاعة للأمراء على كل حال، ولو اختصوا بالمال دون مستحقيه، فإن الله سائلُهم عن ذلك." اهـ

 

وقال عِيَاضُ بْنُ مُوْسَى الْسَّبْتِيُّ، المعروف بـ"القاضي عياض اليَحْصَبِيّ" (المتوفى: 544 هـ) _رَحِمَهُ اللهُ_ في "إِكْمَالِ الْمُعْلِمِ بِفَوَائِدِ مُسْلِمٍ" (6/ 242):

"قال الطبرى:

فيه: أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَضَادَّ،

وإنما أحاديثُ السمعِ والطاعة مجملةٌ، تُفَسِّرُها الأحاديثُ الأُخَرُ المفسرةُ (ما لم يخالف أمر الله)، وهذا قول عامة السلف."

 

وفي التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (23/ 277_228):

"عن رَبِيعَة بْنِ يَزِيدَ، قَالَ:

قَعَدْتُ إِلَى الشعبي بدمشق___فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ التابعين عن رسول الله أَنَّهُ قَالَ:

(اعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَأَطِيعُوا الْأُمَرَاءَ. فَإِنْ كَانَ خَيْرًا، فَلَكُمْ. وَإِنْ كَانَ شَرًّا، فَعَلَيْهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ)

قَالَ الشَّعْبِيُّ: (كَذَبْتَ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)." اهـ

 

وقال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمَرِيُّ القرطبيُّ، المعروف بـ"ابن عبد البر الأَنْدَلُسِيُّ" (المتوفى: 463هـ) _رحمه الله_ في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (23/ 277):

"وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَمَرَ بِمُنْكَرٍ لَا تَلْزَمُ طَاعَتُهُ،

قَالَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]...[ثم ساق حديث الباب بإسناده استدلالاً به]." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (3/ 659_660):

"فليس استئثار ولاة الأمور بما يستأثرون به مانعاً من السمع والطاعة لهم، الواجب السمع والطاعة في كل ما أمروا به ما لم يأمروا بمعصية،

وقد سبق لنا أن ولاة الأمور ينقسم إلى ثلاثة أقسام:___

الأول: ما أمر الله به، فهذا يجب طاعتهم فيه لوجهين: لأمر الله به، ولأمرهم به.

والثاني: ما حرم الله، فلا يجوز السمع والطاعة لهم حتى لو أمروه.

والثالث: ما ليس فيه أمر ولا نهي من الله، فتجب علينا طاعتهم فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنع من طاعتهم إلا إذا أمروا المعصية.

نسأل الله أن يصلحنا جميعاً رعية ورعاة وأن يهب لنا منه رحمةً إنه هو الوهاب." اهـ

 

وفي "الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم" (20/ 53) لمحمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي:

"أن السمع والطاعة في غير المعصية لا يسقطان بعذر أن الأمير لا يعدل مع المامور أو يفضل فيها البعض على البعض أو يختار نفسه بها." اهـ

 

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص: 168) للشيخ عبد المحسن العباد _حفظه الله_:

"قال سهل بن عبد الله التستري كما في تفسير القرطبي (5/260):

"لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عظَّموا السلطانَ والعلماءَ، فإذا عظَّموا هذين أصلح اللهُ دنياهم وأُخراهم، وإذا استخفُّوا بهذين أفسد دنياهم وأُخراهم." اهـ

 

قال أبو فائزة:

وممن تجب طاعتهم من الولاة: من تغلب على بلاد المسلمين قهرًا

 

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص: 169):

قال القرطبي:

"فإن تغلَّب مَن له أهليَّةُ الإمامة وأخذها بالقهر والغلَبة،

فقد قيل: إنَّ ذلك يكون طريقاً رابعاً،

وقد سُئل سهل بن عبد الله التستري: ما يجب علينا لمن غلب على بلادنا، وهو إمامٌ؟ قال: تُجيبُه وتُؤدِّي إليه ما يُطالبُك مِن حقِّه، ولا تُنكر فعالَه ولا تفرّ منه، وإذا ائْتمنك على سرٍّ مِن أمر الدِّين لم تُفشِه،

وقال ابن خويز منداد: ولو وثب على الأمر مَن يصلُحُ له مِن غير مشورةٍ ولا اختيارٍ وبايع له النَّاسُ تمَّتْ له البيعةُ، والله أعلم". اهـ

 

وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم (12/234) في قولِ عبد الله ابن عمرو: (أطِعْه في طاعةِ الله، واعْصِهِ في معصيةِ الله):

"فيه دليلٌ___لوجوب طاعةِ المتَوَلّين للإمامة بالقهر مِن غير إجماعٍ ولا عهدٍ".

 

وقال الحافظ في الفتح (13/122):

"وأمَّا لو تغلَّب عبدٌ حقيقةً بطريقِ الشَّوْكة فإنَّ طاعتَه تجبُ إخماداً للفتنة، ما لم يأمُر بمعصية".

 

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (7/ 1296) لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (المتوفى: 418هـ) :

"سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ وَمَنْعِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الوَلَّوِي المشهور بـ"الإثيوبي" (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" (32/ 205_206):

فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة بيعة الإِمام عَلَى السمع والطاعة.

(ومنها): وجوب سمع كلام الأمراء، وطاعة أوامرهم.

(ومنها): أن وجوب الطاعة لا يختلف باختلاف الأحوال منْ العسر واليسر، والنشاط والكره، فيجب عَلَى المسلم طاعتهم فِي كلّ أحواله، قدر استطاعته.

(ومنها): أنه لا يجوز منازعة وليّ الأمر فِي شأن الولاية، ولا فِي غيرها، إلا أن يكون معصية، إذ لا طاعة للمخلوق فِي___معصية الخالق.

(ومنها): وجوب قول الحقّ، منْ الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعدم المداهنة فيه للناس، ولا الالتفات إلى لوم لائمهم، بل يغيّر المنكر بكلّ ما يقدر عليه، منْ فعل، أو قول، ما لم يخشَ إثار فتنة، وتسبب منكر أشدّ منه.

قَالَ النوويّ: وأجمع العلماء عَلَى أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإن خاف منْ ذلك عَلَى نفسه، أو ماله، أو عَلَى غيره، سقط الإنكار بيده، ولسانه، ووجبت كراهته بقلبه. هذا مذهبنا، ومذهب الجماهير. وحكى القاضي هنا عن بعضهم أنه ذهب إلى الإنكار مطلقًا فِي هذه الحالة، وغيرها. انتهى (1).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قول الجماهير هو الحقّ؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "منْ رأى منكم منكرا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم.

فقد رخّص الشارع فِي هذا النصّ فِي ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فعلاً، أو قولاً عند عدم الاستطاعة، فالقول بالوجوب مطلقًا مخالف لهذا النصّ.

لكن لو أخذ أحد بالعزيمة، فواجه منْ يخافه بذلك، لكان أفضل؛ لما سيأتي للمصنّف 37/ 4211 - بإسناد صحيح، عن طارق بن شهاب:

أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد وضع رجله فِي الْغَرْز: أيُّ الجهاد أفضل؟ قَالَ: "كلمة حقٍّ، عند سلطان جائر".

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (7/ 270):

إذا فضَّل ولي الأمر عليك غيرك بالاستحقاق، ومنعك حقك، فاصبر، ولا تخالِفْهُ. والحديث أمرٌ بطاعة الأمراء." اهـ

 

 

 

 

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة