شرح الحديث 45-48 (الترغيب في اتباع الكتاب والسنة) من صحيح الترغيب
45 - (9) [صحيح] وعن عروة بن عبد الله بن قُشَيرٍ قال: حدثني
معاوية بن قرة عن أبيه قال : "أتيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في
رَهْطٍ من مُزَينةَ، فبايعناه وإنه لَمُطْلَقُ الأزرارِ، فأدخلتُ يدي في جَيبِ
قميصِه، فمَسَسْتُ الخاتمَ، قال
عروة: (فما رأيتُ معاويةَ ولا ابنَه قط، في شتاءٍ ولا صيف، إلا مُطْلَقَيِ
الأزرارِ). رواه ابن ماجه (2) وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له،
وقال ابن ماجه : "إلا مُطْلَقَةً
أزرارُهما". __________ (2) قلت: وكذا أبو داود وابن سعد في "الطبقات"، وعزاه
الناجي للترمذي أيضاً في "الشمائل". وهو مخرج في كتابي "مختصر
الشمائل" (46 - 47/ 48). |
تراجم الرواة:
* ترجمة عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي:
عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي: أبو مَهَلٍ _بفتح الميم والهاء وتخفيف اللام_ الكوفي، من طبقة
تلى الوسطى من التابعين، روى له : أبو
داود، والترمذي في الشمائل، وابن ماجه، ثقة.
* ترجمة معاوية بن قرة المزني (ثقة:
ت. 113 هـ):
معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رئاب المزني، أبو إياس البصري (والد إياس بن معاوية)، من
الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* ترجمة قرّة بن إياس المزني _رضي الله
عنه_:
قال الحافظ _رحمه الله_ في "الإصابة في تمييز
الصحابة" (5/ 330) (رقم: 7116):
قرّة بن إياس بن هلال بن رياب المزني: جدُّ إياس بن
معاوية القاضي.
قال البخاريّ وابن السّكن: له صحبة، روى عنه ابنه
معاوية،
قال ابن أبي حاتم: "ويقال له (قرة بن الأغَرِّ بن رياب).
وذكره ابن سعد في طبقة من شهد الخندق.
وقال أبو عمر [الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/
1280) (رقم: 2110)]: قتل في حرب الأزارقة في زمن معاوية، وأرّخه
خليفة سنة أربع وستين (64 هـ)[1]، فيكون معاوية المذكور هو ابن
يزيد بن معاوية." اهـ
وفي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 1280):
"سكن البصرة، وداره بها بحضرة العَوَقَةِ[2]."
اهـ
وفي الإصابة في تمييز الصحابة (5/ 331):
"وأخرج البخاريّ في «التاريخ» ، من طريق
جرير بن حازم، عن معاوية بن قرة، قال:
"خرجنا مع ابن عُبيس (بمهملتين وموحدة
مصغرا) في عشرين ألفا، وكانت الحرورية في خمسمائة، فقتل أبي، فحملت على قاتل أبي،
فقتلتُه."
قلت: وابن
عبيس المذكور هو عبد الرحمن بن عبيس بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس، وكان أمير الجيش، وقُتِل هو وأخوه (مسلم) في ذلك اليوم."
اهـ
نص الحديث وشرحه:
وعن عروة بن عبد الله بن قُشَيرٍ قال: حدثني معاوية
بن قرة عن أبيه قال :
"أتيتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رَهْطٍ من مُزَينةَ،
وقال
علي بن سلطان القاري _رحمه الله_ في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة
المصابيح" (7/ 2775):
"(مِنْ مُزَيْنَةَ) : بِالتَّصْغِيرِ
قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ مُضَرَ، وَالْجَارُّ صِفَةٌ لِرَهْطٍ
- وَهُوَ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَيُحَرَّكُ -: قَوْمُ الرَّجُلِ
وَقَبِيلَتُهُ، أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ،
وَقِيلَ: إِلَى الْأَرْبَعِينَ عَلَى مَا فِي
النِّهَايَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ جَاءَ
جَمَاعَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ رَاكِبٍ وَأَسْلَمُوا،
لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجِيئُهُمْ رَهْطًا رَهْطًا، أَوْ لِأَنَّهُ
مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْقَوْمِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي
الْقَامُوسِ، وَ"فِي" تَأْتِي بِمَعْنَى "مَعَ" كَمَا فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38]." اهـ
فبايعناه وإنه لَمُطْلَقُ الأزرارِ، فأدخلتُ يدي في
جَيبِ قميصِه، فمَسَسْتُ[3]
الخاتمَ،
وقال
ابن الملك الحنفي _رحمه الله_ في شرح المصابيح (5/ 20) : "أي: خاتم
النبوة." اهـ
وفي
سنن الترمذي ت شاكر (5/ 602) (رقم: 3644): عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:
" كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: -
يَعْنِي الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ - غُدَّةً حَمْرَاءَ مِثْلَ بَيْضَةِ
الحَمَامَةِ "
وهو
حديث صحيح: صححه المحدث الشيخ محمد الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/
872) (رقم: 4808)
وفي
صحيح مسلم (4/ 1823) (رقم: 2346): عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا
وَلَحْمًا، أَوْ قَالَ ثَرِيدًا، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: أَسْتَغْفَرَ لَكَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكَ، ثُمَّ تَلَا
هَذِهِ الْآيَةَ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}
[محمد: 19]
قَالَ: ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ «فَنَظَرْتُ إِلَى
خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى.
جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ»."
قال عروة: (فما رأيتُ معاويةَ ولا ابنَه قط في
شتاءٍ ولا صيف إلا مُطْلَقَيِ الأزرارِ).
رواه ابن ماجه (2) وابن حبان في
"صحيحه"، واللفظ له،
وقال ابن ماجه : "إلا
مُطْلَقَةً أزرارُهما".
قال
القاري _رحمه الله_ في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 2775):
"وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَيْبَ (بِفَتْحِ
الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ): مَا يُقْطَعُ مِنَ
الثَّوْبِ لِيُخْرِجَ الرَّأْسَ أَوِ الْيَدَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، يُقَالُ: (جَابَ
الْقَمِيصَ يَجُوبُهُ وَيَجِيبُهُ)، أَيْ: قَدَّرَ جَيْبَهُ، وَ(جَيَّبَهُ)، أَيْ:
جَعَلَ لَهُ جَيْبًا، وَأَصْلُ الْجَيْبِ: الْقَطْعُ
وَالْخَرْقُ،
وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي صَدْرِ
الثَّوْبِ لِيُوضَعَ فِيهِ الشَّيْءُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ،
لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْجَيْبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَرَفُهُ الَّذِي يُحِيطُ
بِالْعُنُقِ. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: جَيْبُ الثَّوْبِ أَيْ جَعَلَهُ فِيهِ
ثُقْبًا يُخْرِجُ مِنْهُ الرَّأْسَ." اهـ
تخريج الحديث :
أخرجه أبو داود في "سننه" (4/ 55) (رقم :
4082)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1184) (رقم : 3578)، وابن الجعد في "مسنده"
(ص: 392) (رقم: 2682)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 164) (رقم: 24801)،
وأحمد في "مسنده" (24/ 347) (رقم : 15581)، وابن حبان في "صحيحه"
(12/ 266) (رقم : 5452)، البزار في "البحر الزخار" (8/ 246_407) (رقم: 3308_3309)،
وغيرهم.
والحديث صحيح: صححه
الألباني _رحمه الله_ في "تخريج مشكاة المصابيح" (2/ 1244) (رقم: 4336)
من فوائد الحديث :
صحيح ابن حبان - مخرجا (12/ 266)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ
مُطْلِقَ الْأزَرارِ فِي الْأَحْوَالِ
وقال القاري _رحمه الله_ في مرقاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح (7/ 2775):
"وَقَالَ ابْنُ
حَجَرٍ تَبَعًا لِلْعِصَامِ: فِيهِ حِلُّ لُبْسِ الْقَمِيصِ، وَحِلُّ
الزِّرِّ فِيهِ، وَحِلُّ إِطْلَاقِهِ، وَأَنَّ طَوْقَهُ كَانَ مَفْتُوحًا
بِالطُّولِ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَّخَذُ لَهُ الْأَزْرَارُ عَادَةً اهـ.
وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ
الْعَادَاتِ مُخْتَلِفَةٌ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَفِي الْأَوَّلِ أَيْضًا بَحْثٌ،
لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَحَبَّ أَنْ يُسْتَحَبَّ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَهُمَا
عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ
وفي "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"
(7/ 2775):
"قَالَ السُّيُوطِيُّ: "فِيهِ
أَنَّ جَيْبَهُ كَانَ عَلَى الصَّدْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الْآنَ، فَظَنَّ
مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ اهـ." اهـ
وقال عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري
الدِّهلوي الحنفي المتوفى بها سنة (1052 هـ) _رحمه اللَّه تعالى_ في "لمعات
التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (7/ 350):
"اعلم أن جيب قميصه -صلى اللَّه عليه
وسلم- كان على الصدر كما دلت عليه الأحاديث، وحققه علماء الحديث، وهو الذي تُعورف
في بلاد العرب إلى أقصى المغرب، وتوارث فيهم خلفًا عن سلف،
وقال السيوطي: "ظن من لا علم عنده أنه بدعة،
وليس كما ظن". انتهى.
ولما صار في بعض ديار العجم الجيب على الصدر عادة للنساء
حكم بعض الفقهاء بكراهته للتشبه بهن،
ولا شك أن هذه العادة حادثة، والمعتبر هو الأصل،
وما تُعورف في العجم للرجال، فهو عادة النساء في العرب،
وبالجملة التحقيق أن جيبه -صلى اللَّه عليه وسلم-
كان على الصدر، نعم في دلالة هذا الحديث على ذلك كما ادعاه السيوطي خفاء،
ولعل وجه الدلالة أنه على تقدير وجود الإزار على
الكتفين كما قاله بعض الفقهاء، وكونها مطلقة لا حاجة كثيرة إلى إدخال اليد لمساس
الخاتم، بل الظاهر أن الخاتم على هذا التقدير يكون ظاهرًا مكشوفًا، ومسه بدون
إدخال اليد ميسرًا، فافهم." اهـ
وقال شيخنا عبد المحسن العباد
_رحمه الله_ في "شرح سنن أبي داود" - الشاملة:
هذا الحديث دل على أنهم رأوه محلول الأزرار، ولا
يعني هذا أنه محلول الأزرار دائماً وأبداً، وأن هذا شأنه،
وإلا فلماذا تتخذ الأزرار إذا كان الإنسان سيكون
جيبه مفتوحاً باستمرار،
ولكن هذه هي الرؤية التي رآها قرة، فأراد أن يكون
على هذه الهيئة التي رأى عليها رسول الله _صلى
الله عليه وسلم_، ولا يعني هذا أن الأزرار تشترى وتركب في الثياب ثم لا تزر أبداً،
هذا لا يدل عليه الحديث.
وقال محمود السبكي في "الدين الخالص" = "إرشاد
الخلق إلى دين الحق" (6/ 187)
يجوز لبس القميص والقباء ونحوهما مُزَرَّرًا ومحلول
الأزرار إذا لم تبدُ عورته. ولا كراهة فى واحد منهما، لما تقدم،
وفي "سنن أبي داود" (1/ 170):
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَصِيدُ،
أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَازْرُرْهُ، وَلَوْ
بِشَوْكَةٍ» أخرجه الشافعى وأحمد وأبو داود والنسائى
والحاكم
ولحديث " معاوية بن قرة عن أبيه قال: أتيت
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى رهط فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار
(الحديث) أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذى فى الشمائل بسند صحيح." اهـ
حديث سلمة حسن: أخرجه
أبو داود في سننه (1/ 170) (رقم: 632)، والنسائي في سننه (2/ 70) (رقم: 765)،
وأحمد في مسنده – ط. عالم الكتب (4/ 49) (رقم: 16520)، والحاكم في المستدرك على
الصحيحين (1/ 379) (رقم: 913).وحسنه الألباني _رحمه الله_ في "إرواء الغليل
في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/ 295) (رقم: 268)
قلت:
وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (5/ 164) (رقم: 24799):
عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ
عَبَّاسٍ، زَارَّيْنِ عَلَيْهِمَا قَمِيصَهُمَا قَطُّ»
وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/ 164) (رقم: 24800): عَنْ
سَعِيدٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جِنَازَةٍ،
فَرَأَيْتُهُ مُصْفَرَّ اللِّحْيَةِ مُحَلَّلَ الْأَزْرَارِ»
مصنف ابن أبي شيبة (5/ 165) (رقم: 24802) -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ[4]،
قَالَ: «مَا رَأَيْتُ سَالِمًا أَزَرَّ عَلَيْهِ»
وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/ 165) (رقم: 24803) : عَنْ
فِطْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ سَالِمًا[5]
مُحَلِّلًا أَزْرَارَهُ»
وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/ 165) (رقم: 24804): عَنْ
المنذر بن يعلى الثورى[6]:
«أَنَّهُ رَأَى عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ حِبَرَةً مُحَلَّلَةَ
الْأَزْرَارِ، وَكَانَ لَهُ بُرْنُسُ قَزٍّ»
وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/ 165) (رقم: 24805): عَنْ
هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ
مُحَلِّلًا أَزْرَارَهُ»."
46 - (10) [صحيح] وعن مجاهد قال : كنا
مع ابن عُمر _رحمه الله_ في سفرٍ، فمرَّ بمكان، فحادَ عنه، فسئل: لمَ فعلتَ ذلك؟
قال: (رأيتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل هذا؛ ففعلتُ). رواه أحمد والبزار بإسناد جيد. قوله
: (حاد) بالحاء والدال المهملتين؛ أي: تنحّى عنه، وأخذ يميناً أو شمالاً. |
تخريج الحديث :
أخرجه أحمد في "مسنده" (8/ 474) (رقم :
4870)، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار"
(1/ 81) (رقم : 128)، وابن بطة العكبري في "الإبانة الكبرى" (1/ 242)
(رقم : 74)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" = "أخبار
أصبهان" (2/ 115) (رقم : 1255).
ترجمة مجاهد بن جبر المكي:
مجاهد بن جبر المكي: أبو الحجاج القرشى المخزومي (مولاهم)،
من الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س، وهو ثقة إمام فى التفسير وفي العلم،
توفي سنة 101 هـ
ترجمة عبد الله بن عمر بن
الخطاب:
وفي "الأعلام" للزركلي (4/ 108):
"عَبْد الله بن عُمَر (10 ق هـ - 73 هـ
= 613 - 692 م):
عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو عبد الرحمن:
صحابي، من أعز بيوتات قريش في الجاهلية. كان جريئا جهيرا. نشأ في الإسلام، وهاجر
إلى المدينة مع أيبه، وشهد فتح مكة، ومولده ووفاته فيها.
أفتى الناس في الإسلام ستين سنة. ولما قتل عثمان
عرض عليه نفر أن يبايعوه بالخلافة فأبى. وغزا إفريقية مرتين: الأولى مع ابن أَبي
سَرْح، والثانية مع معاوية بن خديج[7]
سنة 34 هـ وكف بصره في آخر حياته. وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة.
له في كتب الحديث 2630 حديثا.
وفي الإصابة: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: مات ابن
عمر، وهو مثل عمر في الفضل، وكان عمر في زمان له فيه نظراء، وعاش ابن عمر في زمان
ليس له فيه نظير." اهـ
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 5/ 330:
و قال ابن يونس: شهد فتح مصر.
و قال أبو نعيم الحافظ: أعطى ابن عمر القوة فى
الجهاد، و العبادة، و البضاع، و المعرفة بالآخرة،
و الإيثار لها، و كان من التمسك بآثار النبى _صلى
الله عليه و آله وسلم_ بالسبيل المتين، وما مات حتى أعتق ألف إنسان أو أزيد، و
توفى بعد الحج." اهـ
شرح الحديث:
والذي يدل
على شدة اتباع ابن عمر:
ما أخرجه أبو داود في سننه (رقم: 571): عَنِ ابْنِ
عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ
تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ» قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ
ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ." اهـ
عون المعبود وحاشية ابن القيم (2/ 195)
وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ سِيرَةِ بن عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الِاتِّبَاعِ لِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَوَى ابن ماجه عن أبي جعفرٍ قال:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ
«إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا
لَمْ يَعْدُهُ، وَلَمْ يُقَصِّرْ دُونَهُ»[8]
وَرَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مجاهد قال:
"كنت أسافر مع بن عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَحَادَ
عَنْهُ، فَسُئِلَ: (لِمَ فَعَلْتَ)، قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا، فَفَعَلْتُ).
وَرَوَى الْبَزَّارُ عن بن عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ
يَأْتِي شَجَرَةً بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَيَقِيلَ تَحْتَهَا وَيُخْبِرُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.[9]
وَرَوَى الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ : عَنْ زَيْدِ
بْنِ أَسْلَمَ قال:
"رأيت بن عُمَرَ مَحْلُولُ الْإِزَرارِ
وَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْلُولُ
الْإِزَارِ.[10]"
اهـ
قلت:
وفي صحيح ابن حبان (12/ 267) (رقم: 5453)
عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ، قَالَ: "رَأَيْتُ
ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي مَحْلُولًا أَزْرَارُهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ،
فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي
كَذَلِكَ»
من فوائد الحديث:
1/ فيه
شدة اتباع الصحابة السلف سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_.
2/ فيه
فضل الصحابي الجليل عبد الله بن عمر _رضي الله عنهما_.
3/ وفيه
حرصهم على تفقد أحوال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_.
وقال
الساعاتي في الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (1/ 190):
"وفيه
منقبة لابن عمر _رضي الله عنهما_ لأنه كان شديد الولوع بالاتباع___بالنبي صلى الله
عليه وسلم في كل شيء حتى في الأمور العادية رضي الله عنه." اهـ
سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 211)
وَعَنْ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَلْزَمَ
لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.
سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 213)
عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: "لَوْ نَظرْتَ إِلَى
ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لَقُلْتَ: هَذَا مَجنُوْنٌ." اهـ
============================
47
- (11) [حسن] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنّه كان يأتي شجرةً بين مكة والمدينة فَيَقِيلُ تحتها،
ويُخبِر أنّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعلُ
ذلك". رواه البزار بإسناد لا بأس به. (1) __________ (1) قلت: يشير إلى أن في إسناده شيئاً، ولم أر فيه (1/ 81/ 129)
من يمكن الغمز منه سوى محمد بن عباد الهنائي، وهو صدوق كما قال أبو حاتم ثم
الحافظ. وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين، فهو إسناد حسن. وأما الجهلة الثلاثة
فقالوا (1/ 101): "صحيح، وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله موثقون"!
وهذا التوثيق لا يستلزم الصحة كما بينت في المقدمة. |
تخريج الحديث :
أخرجه البزار في "مسنده" = البحر الزخار
(12/ 213) (رقم : 5909)[11]،
وحسنه الألباني.
من فوائد الحديث:
قال محمد بن محمد بن مصطفى بن عثمان، أبو سعيد
الخادمى الحنفي (المتوفى: 1156هـ) _رحمه الله_ في "بريقة محمودية في شرح
طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية" (1/ 81_82):
"وَالنَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ
نُدِبَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ
السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ»
[ق][12]___
أَيْ: مِنْ التَّهَجُّدِ وَنَحْوِهِ مِنْ ذِكْرٍ
وَقِرَاءَةٍ،
فَإِنَّ النَّفْسَ إذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ
نَوْمِ النَّهَارِ اسْتَقْبَلَتْ السَّهَرَ بِنَشَاطٍ وَقُوَّةِ انْبِسَاطٍ،
فَوَجْهُ النَّدْبِ: هُوَ
التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ فَنَوْمُ الْعَالِمِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ
الْجَاهِلِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ «وَيُخْبِرُ أَنَّ
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ» الظَّاهِرُ
مِنْ كَانَ هُوَ الْكَثْرَةُ «يَفْعَلُ ذَلِكَ»،
وَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ السُّنَّةِ الْعَادِيَّةِ،
فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَمَا سَمِعْت:
الِاهْتِمَامُ وَالِالْتِزَامُ عَلَى إتْيَانِ جَمِيعِ مَا أَتَى بِهِ النَّبِيُّ _صَلَّى
اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، كَابْنِ عُمَرَ _رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى
عَنْهُمَا_، فَإِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى مُتَابَعَتِهِ _عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ_.
وَرُوِيَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ إذَا
سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا
أَجْدَرُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ وَلَا يُنْقِصَ مِنْهُ وَيَتَّبِعَ لِأَوَامِرِهِ
مِنْ ابْنِ عُمَرَ» فِي حَدِيثٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ أَمْرَ رَسُولِ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآثَارَهُ وَحَالَهُ
وَيَهْتَمُّ بِهِ حَتَّى كَانَ قَدْ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ اهْتِمَامِهِ
بِذَلِكَ." اهـ
فائدة حول
القيلولة:
مختصر قيام الليل
وقيام رمضان وكتاب الوتر (ص: 104)
وَمَرَّ الْحَسَنُ
رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْمٍ فِي السُّوقِ فَرَأَى مِنْهُمْ مَارًّا فَقَالَ: أَمَا
يَقِيلُ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: «إِنِّي لَأَرَى لَيْلَهُمْ لَيْلَ
سُوءٍ»
وَعَنْ إِسْحَاقَ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: «الْقَائِلَةُ مِنْ عَمِلَ أَهْلِ
الْخَيْرِ، وَهِيَ مَجَمَّةٌ لِلْفُؤَادِ مِقْوَاةٌ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ»
وَعَنْ مُجَاهِدٍ _رَحِمَهُ
اللَّهُ_:
"بَلَغَ عُمَرَ _رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ_ أَنَّ عَامِلًا لَهُ لَا يَقِيلُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: "أَمَّا
بَعْدُ «فَقِلْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ»
وَعَنْ خَوَّاتِ بْنِ
جُبَيْرٍ _رَحِمَهُ اللَّهُ_ قَالَ:
«نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ
حُمْقٌ، وَوَسَطِهِ خُلُقٌ، وَآخِرِهِ خُرْقٌ»
48
- (12) [صحيح] وعن [أنس] (2) بن سيرين قال : "كنتُ مع ابنِ عمرَ -رحمه الله- بـ (عرفات)، فلما كان حين
راحَ، رُحْتُ معه، حتى أتى الإِمامُ فصلّى معه الأولى[13]
والعصرَ، ثم
وقفَ وأنا وأصحابٌ لي، حتى أفاضَ الإمامُ، فَأَفَضْنا معه، حتى انتهى إلى
المضيقِ دون المأْزِمَين[14]،
فأَناخَ وأنخْنا، ونحن نَحسِب أنه يريد أن يصلّي، فقال
غلامُه الذي يُمسك راحلته: إنَّه ليس يريد الصلاة، ولكنه ذكر أنّ النبي - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجتَه، فهو يحبّ أن
يقضيَ حاجَتَه." رواه أحمد، ورواته محتج بهم في "الصحيح". قال
الحافظ رحمه الله : "والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في اتباعهم له،
واقتفائهم سنّته كثيرة جداً، والله الموفق، لا ربَّ غيره". __________ (2) لم ترد هذه الزيادة في الأصل، ولا في المخطوطة، واستدركتها
من "المسند" (2/ 131)، وحذفُها من المؤلف غير جيد، فإن المتبادر من
"ابن سيرين" عند الإطلاق، إنما هو محمد بن سيرين لا أنس بن سيرين،
وهما أخوان. |
تخريج الحديث :
أخرجه أحمد في "مسنده" (10/ 294) (رقم :
6151)، وصححه الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد – ط. الرسالة (10/ 294)
ترجمة أنس بن سيرين:
أنس بن سيرين الأنصاري ، أبو موسى، مولى أنس بن
مالك، وهو أخو محمد و حفصة، من الوسطى من التابعين، توفي 118 هـ، روى له : خ م د ت س ق. وأنس سيرين ثقة كما ذكره الحافظ
_رحمه الله_.
شرح الحديث:
قال الله _تعالى_:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا
فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ
عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ
قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ
وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} [البقرة: 198، 199]
من فوائد الحديث:
وقال الساعاتي _رحمه الله_ في "بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني" (12/ 138):
"المعروف عن ابن عمر _رضى الله عنهما_:
أنه كان أشد الصحابة اقتداء برسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فى كلِّ أحوالِهِ حتى
المباحِ مِنْهَا _رضى الله عنه_." اهـ
وفي "المستدرك على الصحيحين" للحاكم (3/
647) (رقم: 6374):
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [محمد بن على بن الحسين بن على
بن أبى طالب الباقر القرشي] قَالَ: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ حَدِيثًا أَحْذَرَ، أَنْ لَا يَزِيدَ فِيهِ وَلَا يُنْقِصَ
مِنَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا»[15]
وفي سنن ابن ماجه (1/ 4) (رقم: 4): عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ قَالَ:
"كَانَ ابْنُ عُمَرَ «إِذَا سَمِعَ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ يَعْدُهُ، وَلَمْ
يُقَصِّرْ دُونَهُ»."[16]
حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 5_6):
"وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَفَرَّدَ
بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بِشِدَّةِ اتِّبَاعِهِ
الْحَدِيثَ مَعْرُوفًا،
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ
إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ: حَلَالٌ فَقَالَ الشَّامِيُّ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى
عَنْهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانْ أَبِي نَهَى عَنْهَا
وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَمْرُ أَبِي يُتَّبَعُ أَمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى
اللَّهُ___تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ
اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - قَالَ التِّرْمِذِيُّ :
"هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ."[17]
فَانْظُرْ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَيْفَ خَالَفَ أَبَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ
بَلَغَهُ الْحَدِيثُ، وَأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ هُوَ أَقْوَى
مِنْهُ عِنْدَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ أَفْتَى بِخِلَافِ قَوْلِ أَبِيهِ، وَقَالَ: (إِنَّ
قَوْلَ أَبِيهِ لَا يَلِيقُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ)،
وَقَدْ عَمِلَ بِمِثْلِ هَذَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، حِينَ بَلَغَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الطِّيبِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ،
وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ، تَرَكَ قَوْلَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَقَالَ : (سُنَّةُ
رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ)،
وَغَالِبُ أَهْلِ الزَّمَانِ عَلَى خِلَافَاتِهِمْ،
إِذَا جَاءَهُمْ حَدِيثٌ يُخَالِفُ قَوْلَ إِمَامِهِمْ يَقُولُونَ: (لَعَلَّ هَذَا
الْحَدِيثَ قَدْ بَلَغَ الْإِمَامَ، وَخَالَفَهُ بِمَا هُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ
مِنْهُ)،
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ حَدِيثَ «لَا تَمْنَعُوا
إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» [خ م][18]،
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَوْلَادِهِ نَحْنُ نَمْنَعُ،
فَسَبَّهُ سَبًّا مَا سُمِعَ سَبٌّ مِثْلُهُ قَطُّ وَقَطَعَ الْكَلَامَ مَعَهُ
إِلَى الْمَوْتِ،
[1] وقال البستي في مشاهير علماء الأمصار (ص: 72) : "قرة بن إياس
بن هلال بن رئاب المزني: أبو معاوية، مات سنة أربع وستين." اهـ
[2] وقال الحموي _رحمه الله_ في "معجم البلدان" (4/ 169):
"عَوَقَةُ: بفتح أوله وثانيه، يقال: رجل عوقة ذو تعويق للناس
عن الخيرات، وأما عوقة فهو جمع عائق: وهي محلّة من محالّ البصرة، ينسب إليها محمد
بن سنان العوقي، والمحلّة تنسب إلى القبيلة، كذا ذكره الحازمي، وأخاف أن لا يكون
ضبطه فان القبيلة هي عوق، بالضم والتسكين، كما ضبطه الأزهري بخطه، وهو أيضا موضع
بالبصرة." اهـ
[3] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 2775) : "
أَعْلَمُ. (فَمَسِسْتُ) : بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى وَيُفْتَحُ، وَالْأُولَى
هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] أَيْ لَمَسْتُ." اهـ
[4] أسامة
بن زيد الليثى مولاهم (المتوفى سنة 153 هـ)، أبو زيد المدنى، من كبار أتباع
التابعين، روى له : خت م د ت س ق، صدوق
يهم.
[5] سالم
بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عمرالمدنى الفقيه، ثبت عابد
فاضل ، أحد الفقهاء السبعة، من الوسطى من التابعين، توفي سنة 106 هـ، روى له
: خ م د ت س ق
[6] المنذر
بن يعلى الثورى ، أبو يعلى الكوفى، من الذين عاصروا صغارالتابعين، روى له : خ م د ت س ق، ثقة.
[7] وفي "معجم الصحابة" للبغوي (5/ 386): "معاوية بن
خديج التجيبي: كان عامل معاوية على مصر." اهـ
[8] أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 4) (رقم: 4)، والحاكم في المستدرك على
الصحيحين (3/ 647) (رقم: 6374)، وصححه الألباني.
وفي
حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 5):
"قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْدُهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَمْ
يَتَجَاوَزْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ
وَالْإِفْرَاطِ فِيهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّقْصِيرِ دُونَهُ قَدَّرَ اللَّهُ
قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ أَصْلًا أَوْ
يَأْتِيَ بِأَقَلَّ مِنَ الْقَدْرِ الْوَارِدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ
وَاقِفًا عِنْدَ الْحَدِّ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ يَأْتِ بِإِفْرَاطٍ
فِيهِ وَلَا تَفْرِيطٍ." اهـ
[9] أخرجه البزار في مسنده = البحر الزخار (12/ 213) (رقم : 5909)،
وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 127) (رقم: 47)
[10] وأخرجه البزار (127)، وابن حبان في صحيحه (12/ 267) (رقم: 5453)،
وفيه زهير بن محمد التميمى العنبرى، والحديث رواه عنه الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقى.
[11] وفي كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 81) (رقم : 129)
[12] أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 540) (رقم: 1693)، وضعفه الألباني في
"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (6/ 278) (رقم: 2758)، لضعف زمعة بن صالح.
أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي، وسلمة: هو ابن وَهرام.
لكن
الأمر بالقيلولة ورد فيما أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 13)
(رقم: 28) : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ»
وأخرجه
ابن المقرئ في معجمه (ص: 206) (رقم: 647)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"
= "أخبار أصبهان" (1/ 236 و 1/ 416 و 2/ 30)، وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث
الصحيحة" (4/ 202) (رقم: 1647)، وقال: "وشاهده الذي يصلح للاستشهاد إنما
هو حديث عمر، وهو وإن كان موقوفا فمثله لا يقال من قبل الرأي، بل فيه إشعار بأن
هذا الحديث كان معروفا عندهم، ولذلك لم يجد عمر رضي الله عنه ضرورة للتصريح برفعه.
والله أعلم." اهـ كلام الألباني.
[13] وقال أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي (المتوفى: 1378
هـ) _رحمه الله_ في بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (12/ 138):
"يعنى: الظهر سميت (أولى) لاشتراكها مع العصر فى الوقت، ولذلك يقال لها مع
العصر الظهران. كما يقال للمغرب والعشاء العشاءان، والمراد صلاهما مع الأمام بعرفة
جمع تقديم." اهـ
[14] وفي فتح الباري لابن حجر (4/ 83): "وَالْمَأْزِمُ بِكَسْرِ
الزَّايِ الْمَضِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَبَلِ
نَفْسِهِ." اهـ
وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (10/ 236)
"والمأزمان
تَثْنِيَة مأزم، بِهَمْزَة بعد مِيم وبكسر الزَّاي، هُوَ الْجَبَل، وَقيل: الْمضيق
بَين الجبلين وَنَحْوه، وَالْأول هُوَ الصَّوَاب هُنَا، وَمَعْنَاهُ: مَا بَين
جبليها." اهـ
وفي أخبار مكة للفاكهي (4/ 310) : "وَهُمَا
جَبَلَانِ مِنْ دُونِ الْعَقَبَةِ إِلَى مَكَّةَ , يَقُولُ: أَيَّامَ مِنًى "
وفي معرفة السنن والآثار (7/ 292) (رقم : 10088) :
قَالَ الشَّافِعِيُّ _رَحِمَهُ اللَّهُ_ : «أَفَاضَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ، فَلَمَّا
افْتَرَقَتْ لَهُ الطَّرِيقَانِ، طَرِيقُ ضَبٍّ، وَطَرِيقُ الْمَأْزِمَيْنِ،
سَلَكَ طَرِيقَ الْمَأْزِمَيْنِ وَهِيَ الَّتِي أُحِبُّ أَنْ يَسْلُكَ الْحَاجُّ،
وَهِيَ طَرِيقُ الْأَئِمَّةِ مُنْذُ كَانُوا»
وقال الساعاتي _رحمه الله_ في "بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني" (12/ 138):
"(المضيق) بكسر الضاد المعجمة ما ضاق من الأماكن، والمراد
به هنا المكان الضيق بين المأزمين، و(المأزمان) -
بهزة ساكنة بعد الميم الأولى وبعدها زاى مكسورة. وهما مثنيان واحدهما مأزم. ويجوز
تخفيف الهمزة بقلبها الفًا - : وهما جبلان بين عرفات ومزدلفة بينهما طريق، وهو
الْمُعَبَّرُ عنه هنا بـ(المضيق) لكونه ضيِّقًا، هذا معناه عند الفقهاء والمحدثين،
وأما أهل اللغة فقالوا المأزم الطريق الضيق بين الجبلين، وذكر الجوهرى قولًا آخر
فقال المأزم أيضًا موضع الحرب، ومنه سمي الموضع الذى بين مزدلفة وعرفة
(مأزمين)." اهـ
[15] وأخرجه ابن أبي شيبة في
مصنفه (7/ 193) (رقم: 35249) بإسناد صحيح
[16] وفي حاشية السندي على سنن
ابن ماجه (1/ 5):
قَوْلُهُ:
(لَمْ يَعْدُهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى
قَدْرِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ وَالْإِفْرَاطِ فِيهِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي
التَّقْصِيرِ دُونَهُ قَدَّرَ اللَّهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا
يَعْمَلَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ أَصْلًا أَوْ يَأْتِيَ بِأَقَلَّ مِنَ الْقَدْرِ
الْوَارِدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ الْحَدِّ الْوَارِدِ فِي
الْحَدِيثِ وَلَمْ يَأْتِ بِإِفْرَاطٍ فِيهِ وَلَا تَفْرِيطٍ." اهـ
[17] أخرجه: الترمذي في سننه
(3/ 176) (رقم: 824)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
[18] أخرجه البخاري في صحيحه
(2/ 6) (رقم: 900)، ومسلم في صحيحه (1/ 327) (رقم: 442)
Komentar
Posting Komentar