شرح الحديث 28-29 (باب لا يسب والديه) من الأدب المفرد
28 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ يَزْعُمُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ
عِيَاضٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ : «مِنَ
الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ _تَعَالَى_ أَنْ يَسْتَسِبَّ الرَّجُلُ
لِوَالِدِهِ» [قال الشيخ
الألباني: حسن] |
رواة
الحديث:
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ (ثقة ثبت: ت 227 هـ):
محمد بن سلاّم
بن الفرَج السلمي مولاهم، أبو عبد الله البَيْكَنْدِيّ، روى
له: خ
قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ (صدوق: ت 193 هـ):
مخلد بن يزيد
القرشي: أبو يحيى، من صغار أتباع التابعين، روى له: خ م د س ق
قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ (ثقة مدلس: 150 هـ):
عبد الملك بن
عبد العزيز بن جُرَيْجٍ القرشيُّ الأمويُّ مولاهم، أبو الوليد المكيّ، روى له: خ م د ت س ق
قَالَ:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ (مقبول):
محمد بن
الحارث بن سفيان بن عبد الأسد القرشي المخزومي المكي، روى
له: بخ
شهد له سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (ثقة) في رواية أحمد في "مسنده"
– ط. عالم الكتب (2/ 164) (رقم: 6529)
يَزْعُمُ
أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ عِيَاضٍ أَخْبَرَهُ (ثقة):
عروة بن عياض
بن عمرو بن عبد القاري، من التابعين (أَمِيرُ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ)،
روى له:
بخ م س
أَنَّهُ
سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ _رضي الله عنهما_:
عبد الله بن
عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد القرشي السهمي، أبو محمد (توفي ليالى
الحرة بـ الطائف سنة 63 هـ) _رضي الله عنه_، روى له: خ م د ت س ق
نص
الحديث:
أَنَّهُ
سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ
:
«مِنَ
الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ _تَعَالَى_ أَنْ يَسْتَسِبَّ الرَّجُلُ لِوَالِدِهِ»
وفي "المعجم
الوسيط" (1/ 411):
"(استسب)
لَهُ عرضه للسب يُقَال استسب لِأَبِيهِ سبّ أَبَا غَيره فجلب بذلك السب إِلَى
أَبِيه." اهـ
وفي "معجم
متن اللغة" (3/ 88):
"استسب
لأبويه: سب آباه الناس فسبوا أبويه." اهـ
تخريج
الحديث:
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 24) (رقم: 28)، وابن وهب في
"الجامع" – ت. مصطفى أبو الخير (ص: 216) (رقم: 142)، وأحمد في "مسنده"
– ط. عالم الكتب (2/ 164) (رقم: 6529)، والبزار في "مسنده" = "البحر
الزخار" (6/ 445) (رقم: 2483)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص:
49) (رقم: 73).
والحديث
حسنٌ: حسنه
الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 42) (رقم: 22)، بل صححه
الأرنؤوط _رحمه الله_ في "تخريج مسند أحمد" ط الرسالة (11/ 83) (رقم: 6529).
فوائد
الحديث:
وقال محمد لقمان بن محمد بن ياسين أبو عبد الله
الصِّدِّيْقِيُّ السلَفِيُّ (المتوفى 1441 هـ)
_رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص ٣٢) (رقم: 28)
"فقه الحديث:
1- فيه إثبات انقسام الذنوب إلى الكبائر والصغائر.
2- الواجب
على الإنسان الكف عن شتم الناس وشتم آبائهم، لأنه سبب لأن يشتمه الناس، ويشتموا
أباه معه بسببه." اهـ
وقال الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر _حفظه الله_ في "فقه الأدعية
والأذكار" (2/ 243):
"وإذا كان الدعاءُ للوالدين بالرحمة والمغفرَة بِرًّا وإحساناً وحقًّا،
ينبغي على الابن أن يعتني به، فإنَّ مِن أعظمِ الإثمِ ومِن كبائرِ الذنوب أن
يَسُبَّ ـ والعياذ بالله ـ الولدُ والديه، سواء ابتداء ـ وهو أشدُّ ـ أو تسبُّباً."
اهـ
مر بنا تخريجه
وشرحه بـ(رقم : 27) من كتابما هذا، فلا حاجة لإعادته. والله الموفق.
15_
بَابُ عُقُوبَةِ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ 29 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ: «مَا مِنْ
ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ
لَهُ مِنَ الْبَغِيِّ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» [قال الشيخ
الألباني: صحيح] |
رواة
الحديث :
حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ (ثقة: ت 213 هـ):
عبد الله بن
يزيد القرشي العدوي المكي، أبو عبد الرحمن الْمُقْرِئُ القَصِيْرُ (مولى آل عمر بن
الخطاب، سكن مكة)، من صغار أتباع التابعين، روى له: خ م د ت س ق
قَالَ:
حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (صدوق: 150 هـ
تقريبا)
عيينة بن عبد
الرحمن بن جوشن الغطفانى الجَوْشَنِيُّ[1]،
أبو مالك البصري (ابن عم القاسم بن ربيعة بن جوشن)، من كبار أتباع التابعين، روى له: بخ د ت
س ق
عن
أبيه (ثقة):
عبد الرحمن بن
جَوْشَن الغطفاني، البصري (والد عيينة بن عبد الرحمن، وكان صهر أبى بكرة على
ابنته)، من الوسطى من التابعين، روى له
: بخ د ت س ق
عَنْ
أَبِي بَكْرَةَ _رضي الله عنه_ (51 هـ بالبصرة):
نفيع بن
الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة، أبو بكرة الثقفى، روى له: خ م د ت
س ق
نص
الحديث:
عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
«مَا مِنْ
ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ
مِنَ الْبَغِيِّ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ»
وفي "عون
المعبود" (13/ 167):
"(مِثْلُ الْبَغْيِ) أَيْ بَغْيِ الْبَاغِي وَهُوَ
الظُّلْمُ أَوِ الْخُرُوجُ عَلَى السُّلْطَانِ أَوِ الْكِبْرُ." اهـ، وهو من
كلام علي بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 3091).
قال الله
_تعالى_:
{إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى
عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]
وقال أبو
القاسم الحسين بن محمد المعروف بـ"الراغب الأصفهاني"
(المتوفى: 502هـ) _رحمه الله_ في "المفردات في غريب القرآن" (ص: 136):
"البَغْي:
طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرّى، تجاوزه أم لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في القدر الذي
هو الكمية، وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية، يقال: بَغَيْتُ الشيء: إذا طلبت
أكثر ما يجب، وابْتَغَيْتُ كذلك." اهـ
قال
عبد
الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدِّهلوي الحنفي (المتوفى بها سنة 1052
هـ) _رحمه اللَّه تعالى_ في "لمعات التنقيح في شرح مشكاة
المصابيح" (8/ 221):
"قوله: (من البغي وقطيعة الرحم) لما فيهما من إيذاء الخلق،
وتضييع حقهم أفحش من غيرهما من الذنوب، وفي قوله: (أحرى) إشارة إلى استحقاق أهلهما
هذا الجزاء عقلًا." اهـ
وفي
"سبل السلام" (2/ 628):
"وَاعْلَمْ
أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي (حَدِّ الرَّحِمِ)
الَّتِي تَجِبُ صِلَتُهَا:
* فَقِيلَ:
هِيَ الرَّحِمُ الَّتِي يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ
أَحَدُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ عَلَى الْآخَرِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ
الْأَعْمَامِ وَلَا أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ. وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ
بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا فِي
النِّكَاحِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّقَاطُعِ.
* وَقِيلَ:
هُوَ مَنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِمِيرَاثٍ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك)،
* وَقِيلَ:
مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَرَابَةٌ سَوَاءٌ كَانَ يَرِثُهُ أَوْ
لَا.
ثُمَّ
صِلَةُ الرَّحِمِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ:
دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ
وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ____وَلَوْ بِالسَّلَامِ،
وَيَخْتَلِفُ
ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْقُدْرَةِ وَالْحَاجَةِ، فَمِنْهَا وَاجِبٌ، وَمِنْهَا
مُسْتَحَبٌّ. فَلَوْ وَصَلَ بَعْضَ الصِّلَةِ، وَلَمْ يَصِلْ غَايَتَهَا لَمْ
يُسَمَّ قَاطِعًا، وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ:
لَمْ يُسَمَّ وَاصِلًا.
وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ: الرَّحِمُ الَّتِي تُوصَلُ الرَّحِمُ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ. فَالْعَامَّةُ: رَحِمُ الدِّينِ، وَتَجِبُ صِلَتُهَا
بِالتَّوَادُدِ وَالتَّنَاصُحِ وَالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ وَالْقِيَامِ
بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ. وَالرَّحِمُ
الْخَاصَّةُ: تَزِيدُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ وَتَفَقُّدِ حَالِهِ
وَالتَّغَافُلِ عَنْ زَلَّتِهِ.
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: (الْمَعْنَى الْجَامِعُ: إيصَالُ مَا
أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَفْع مَا أَمْكَنَ
مِنْ الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا
الْكُفَّارُ وَالْفُسَّاقُ، فَتَجِبُ الْمُقَاطَعَةُ لَهُمْ، إذَا لَمْ تَنْفَعْ
الْمَوْعِظَةُ." اهـ
وقال أحمد بن
إسماعيل الكوراني الحنفي (المتوفى 893 هـ) _رحمه
الله_ في "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري" (8 / 270): "وأن الصلة تكون بالزيارة وبالمال، وإرسال السلام
والكتاب." اهـ
وقال
في "سبل السلام" (2/ 629):
وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ أَيْضًا بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ
الْقَطِيعَةُ لِلرَّحِمِ:
* فَقَالَ
الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: تَكُونُ بِالْإِسَاءَةِ إلَى الرَّحِمِ. وَقَالَ
غَيْرُهُ: تَكُونُ بِتَرْكِ الْإِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ آمِرَةٌ
بِالصِّلَةِ نَاهِيَةٌ عَنْ الْقَطِيعَةِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا،
وَالصِّلَةُ نَوْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ كَمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ،
وَالْقَطِيعَةُ ضِدُّهَا وَهِيَ تَرْكُ الْإِحْسَانِ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
«لَيْسَ
الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ
وَصَلَهَا»
فَإِنَّهُ
ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الصِّلَةَ إنَّمَا هِيَ مَا كَانَ لِلْقَاطِعِ صِلَةُ رَحِمِهِ،
وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ قَطَعَتْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهِيَ رِوَايَةٌ
فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِهِ: الْمُرَادُ الْكَامِلَةُ فِي الصِّلَةِ.
وَقَالَ
الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ لَيْسَ حَقِيقَةَ الْوَاصِلِ وَمَنْ يُعْتَدُّ بِصِلَتِهِ
مَنْ يُكَافِئُ صَاحِبَهُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ وَلَكِنَّهُ مَنْ يَتَفَضَّلُ عَلَى
صَاحِبِهِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا يَلزمُ مِنْ
نَفْيِ الْوَصْلِ ثُبُوتُ الْقَطْعِ، فَهُمْ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ: وَاصِلٌ،
وَمُكَافِئٌ، وَقَاطِعٌ.
فَالْوَاصِلُ
هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ وَلَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ، وَالْمُكَافِئُ هُوَ
الَّذِي لَا يَزِيدُ فِي الْإِعْطَاءِ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ، وَالْقَاطِعُ الَّذِي
لَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَفَضَّلُ قَالَ الشَّارِحُ: وَبِالْأَوْلَى
مَنْ يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَفَضَّلُ أَنَّهُ قَاطِعٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ
وَكَمَا تَقَعُ الْمُكَافَأَةُ بِالصِّلَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَلِكَ تَقَعُ
بِالْمُقَاطَعَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَمَنْ بَدَأَ فَهُوَ الْقَاطِعُ فَإِنْ
جُوزِيَ سُمِّيَ مَنْ جَازَاهُ مُكَافِئًا." اهـ
شرح
الحديث:
وفي "سلسلة
الأحاديث الصحيحة " (2/ 669) (رقم : 978):
"ليس شيء
أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم
واليمين الفاجرة تدع الديار بَلَاقِعَ". أخرجه البيهقي في " السنن
الكبرى " (10 / 35)
وللحديث شاهد أخرجه
البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 62) (رقم: 19870):
عَنْ
مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أُطِيعُ
اللهَ فِيهِ أَعْجَلَ ثَوَابًا مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ.
وَلَيْسَ شَيْءٌ أَعْجَلَ عِقَابًا مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ،
وَالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ. تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ ".
وفي "التنوير
شرح الجامع الصغير" (9/ 241) للأمير الصنعاني:
"(بلاقع)
جمعٌ بزنة مساجد: جَمْعُ (بلقع)، وهي القفر التي لا شيْءَ. فيها بيان لعقوبة
اليمين العاجلة ولعله يبقي من عقوبتها في الآخرة زيادة على ما وقع في الدنيا إن لم
يتب." اهـ
وعَنْ
عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ:
أَنَّهُ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:
«إِنَّ
اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى
أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»
أخرجه أبو
داود في "سننه" (4/ 274) (رقم : 4895)، وابن ماجه في "سننه" (2/
1399) (رقم : 4179)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1725)، و"الصحيحة"
(570).
وعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لَيْسَ
مِمَّا عُصيَ اللهُ بِهِ هُوَ أَعْجَلُ عِقَابًا مِنَ الْبَغْيِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ
أُطِيعُ اللهُ فِيهِ أَسْرَعَ ثَوَابًا مِنَ الصلَةِ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ،
تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ "
أخرجه
الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 19) (رقم : 1092)، والقُضاعي في "مسند
الشهاب" (2/ 27) (رقم : 815)، و أبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" (ص:
243)، البيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 481) (رقم : 4501)، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"
(2/ 368) (رقم : 1836).
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ:
"لَوْ
بَغَى جَبَلٌ عَلَى جَبَلٍ، لَجَعَلَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ الْبَاغِيَ
مِنْهُمَا دَكًّا." أخرجه إبراهيم الحربي في غريب الحديث (2/ 603)، وابن أبي
الدنيا في ذم البغي (ص: 54) (رقم : 7) بإسناد حسنٍ.
تخريج
الحديث :
أخرجه البخاري
في "الأدب المفرد" (ص: 24 و 37) (رقم : 29 و 67)، وأبو داود في سننه (4/
276) (رقم: 4902)، والترمذي في سننه (4/ 664) (رقم: 2511)، وابن ماجه في سننه (2/
1408) (رقم: 4211)، وابن المبارك في "الزهد والرقائق" (1/ 252) (رقم:
724)، وفي "مسنده" (ص: 9 و 99) (رقم: 15 و 166)، ووكيع بن الجراح في
الزهد (ص: 508 و 743) (رقم: 243 و 429)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده"
(2/ 206) (رقم: 921)، وعلي بن الجعد في "مسنده" (ص: 223) (رقم: 1489)،
مسند أحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (5/ 36 و 38) (رقم: 20374 و 20380
و 20398)، وهناد بن السري في الزهد (2/ 643)، والحسين بن حرب المروزي في
"البر والصلة" (ص: 70) (رقم: 134)، وابن عرفة في "جزئه" (ص:
58) (رقم : 30)، وابن أبي الدنيا في "ذم البغى" (ص: 45) (رقم: 1)، وفي
مكارم الأخلاق (ص: 72) (رقم 211)، والبزار في "مسنده" = "البحر
الزخار" (9/ 128 و 137) (رقم: 3678 و 3693)، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (15/ 260) (رقم: 5998 و 5999)، والخرائطي في "مساوئ
الأخلاق" (ص: 131) (رقم: 266_267)، وابن الأعرابي في "معجمه" (3/
924) (رقم : 1947)، وابن حبان البُسْتِي في صحيحه (2/ 200 و 201) (رقم: 455 و
456)، وابن المقرئ في "معجمه" (ص: 385) (رقم: 1257)، والحاكم في
"المستدرك على الصحيحين" (2/ 388 و 4/ 179_180) (رقم: 3359 و 7289 و
7290)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" = "أخبار أصبهان" (1/
375)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 396) (رقم: 21082)، وفي
"شعب الإيمان" (9/ 51 و 10/ 337) (رقم: 6243 و 7588 و 7589)، وفي
"الآداب" (ص: 9 و 51).
والحديث
صحيح: صححه
الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2/ 588) (رقم: 918)، "صحيح
الترغيب والترهيب" (2/ 673) (رقم: 2537)، "التعليقات الحسان على صحيح
ابن حبان" (1/ 453) (رقم: 456).
وصححه _أيضا_
الأرنؤوط في "تعليقه على سنن أبي داود" (7/ 263) (رقم: 4902)، وفي
"تعليقه على سنن ابن ماجه" (5/ 296) (رقم: 4211)،
من
فوائد الحديث :
وقال الشيخ زيد بن محمد المدخلي (المتوفى 1435 هـ) _رحمه الله_ في
"عون الأحد الصمد" (١/ ٥٤)
(رقم : 29):
"اشتمل هذا
الحديث على ذكر كبيرتين من كبائر الذنوب؛ عقوبتها عاجلة وآجلة، وهما البغي الذي هو
العدوان على الغير، ومن جملة ذلك الاعتداء بالسب والشتم أو الضرب أو الأذي بأي نوع
من أنواع الأذى،
وقد نهى الله جل عن البغي لما فيه من الضرر، ونهی عن قطيعة الرحم (أي : أن
يأتي بالأسباب التي تكون سببا في القطيعة)،
وفي مقدمة الرحم: الوالدان، فإنه لا يجوز للابن ذكرا كان أو أنثى أن يُسِيْءَ
إلى والديه بالقول ولا بالفعل، فإن فعل فهو عاقٌّ، والعقوق عقوبته معجلة ومؤجلة؛
لأن الله _عز وجل_ عظَّم شأن بر الوالدين، و قرن طاعتها بطاعته لعظم شأنها، قال
الله _عز وجل_ : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]،
وقال سبحانه : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15]... الآية.
وما ذلك إلا لما قدم الوالدان من الجميل والإحسان في أوقات متعاقبة مادام
الولد على قيد الحياة، في حالة الحمل بالنسبة للأم وحالة الوضع وحالة الرضاعة
والحضانة، وهكذا متاعبها متتابعة،
وهكذا الأب يقوم بكفالة الأبناء ويسعى في مصالحهم، فلا يجوز للأبناء أن يصدر
منهم العقوق، لا بالقول ولا بالفعل، بل يجب أن يقدموا البر بالكلمة الطيبة،
وبالخدمة المفيدة للوالدين، وقضاء الحاجة، وتفقُّدِ الأحوال،
وهكذا بقية الأرحام من الإخوة والأخوات، والأعمام، والأخوال، والعمات
والحالات،
وكل من يَمُتُّ إليهم الشخص بصلة، يعتبرون من ذوي الأرحام،
ينبغي أن يحسن إلى الجميع إحسانا بالقول وبالفعل وبالصلة وبالتعليم إن كان من
ذوي العلم، فیکون بارَّا بوالدَيْهِ وبارًّا بِرَحِمِهِ وسَلِيْمًا من العقوق
والقطيعة." اهـ
قلت : قال الله
_تعالى_ في تمام تلك الآية : {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ
ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ
وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15]
وقال أحمد بن
محمد الأزدي الحَجْرِي[2]
الْمِصْرِيُّ المعروف بـ"أبي جعفر الطحاوي" (المتوفى:
321هـ) _رحمه الله_ في "شرح مشكل الآثار" (15/ 262) :
"فَقَالَ
قَائِلٌ: أَفَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ عَلَى الْبَغْيِ، وَالْعُقُوبَةُ عَلَى
قَطِيعَةِ الرَّحِمِ أَسْرَعُ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْكُفْرِ بِاللهِ عَزَّ
وَجَلَّ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ؟
فَكَانَ جَوَابُنَا
لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ
ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ،
وَلَيْسَ شَيْءٌ أَشَدُّ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْكُفْرِ، وَلَا عُقُوبَةَ
أَشَدُّ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ التَّوْبَةُ مَنْ كَانَ
مِنْهُ ذَلِكَ،
وَإِنَّمَا
أُرِيدَ بِمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ
عُقُوبَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُ الْبَغْيُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ أَهْلِ
الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بِذَلِكَ، وَكَانَ مَا تُوُعِّدَ بِهِ
مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً عَلَى بَغْيِهِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ الَّتِي أَمَرَهُ
اللهُ تَعَالَى بِصِلَتِهَا. وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ عَلَى الْكُفْرِ، فَأَغْلَظُ
مِنْ ذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ." اهـ
وقال نصر بن
محمد، الشهير بـ"أبي الليث السمرقندي" (المتوفى:
373 هـ) _رحمه الله_ في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء
والمرسلين" (ص: 134):
"فَالْوَاجِبُ
عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتُوبَ مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ
تَعَالَى وَيَصِلَ رَحِمَهُ...وَيُقَالُ : ثَلَاثَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ
الْجَنَّةِ لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الْكَرِيمِ : الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيءِ،
وَالْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَالْبَذْلُ لِمَنْ حَرَمَهُ." اهـ
وقال عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي ثم الْمُنَاوِيّ القاهري (المتوفى: 1031هـ) _رحمه الله في
"فيض القدير" (5/ 478):
"البغي
من الكبر، وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة (والرحم: القرابة، ولو غيْرُ محرمٍ)
بنحو إيذاء أو صد أَنْ هجر فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد أما قطيعتها
بترك الإحسان فليس بكبير.
قال
الْحَلِيْمِيُّ: بَيَّنَ بهذا الخبر أن الدعاء بما فيه
إثم غير جائز لأنه جرأة على الله ويدخل فيه ما لو دعا بشر على من لا يستحقه أو على
نحو بهيمة،
وقال
في الإنحاف: "فيه : تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في
الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين." اهـ
وقال محمد بن
إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير
الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع
الصغير" (9/ 465):
"فهما
أسرع الذنوب عقوبة في الدنيا وعقوبة الآخرة على أصلها،
وفيه : عظمة
شأن البغي وقطيعة الرحم، فكل واحدة كبيرة من أمهات الكبائر، فكيف إذا اجتمعتا كما
يقع ذلك كثيراً لملوك الدنيا فلا أكثر من اجتماع البغي فيهم وقطيعة الرحم ولذا قال
تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا في الْأَرْضِ
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22][3]."
اهـ
وقال محمد بن
إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير
الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع
الصغير" (2/ 357):
"والحديث
ترغيبٌ في البر وصلة الرحم وترهيب من البغي وقطيعة الرحم." اهـ
وقال علي بن
أحمد بن بن محمد بن إبراهيم البُوْلَاقِيُّ
[4]،
الشهير بـ"العزيزي" (المتوفى 1070 هـ)
_رحمه الله_ في "السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير"
(4/ 214):
"قال العَلْقَمِيُّ:
"ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة." اهـ
وقال أحمد بن
محمد القتيبي المصري، المعروف بـ"القَسْطَلاَّنِيِّ"[5]
(المتوفى: 923 هـ) _رحمه الله_ في "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري"
(7/
343):
"قال
الإمام النووي _رحمه الله_ : "لا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها
معصية.
والصلة درجات،
بعضُها أرفعُ من بعضٍ، وأدناها : صلتها بالكلام، ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف
القدرة والحاجة. اهـ.
أبو سفيان
وكيع بن الجراح الرؤاسي (المتوفى: 197هـ) _رحمه
الله_ في "الزهد" (ص: 501): "بَابٌ: مُحَاسَبَةُ الرَّجُلِ
نَفْسَهُ وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ." اهـ
وقال أحمد بن
الحسين الخُسْرَوْجِردي الْخُرَاسَانِيُّ، المعروف بـ"أبي
بكر البيهقي" (المتوفى: 458هـ) _رحمه الله_ في "الآداب" (ص:
7_8):
"بَابٌ:
فِي صِلَةِ الرَّحِمِ." اهـ
"وَالرَّحِمُ:
الْقَرَابَةُ قَالَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ فِيمَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ:
{وَالَّذِينَ
يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ
سُوءَ الحِسَابِ} [الرعد: 21]___،
وَقَالَ
فِيمَنْ قَطَعَ الرَّحِمَ:
{فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى
أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23][6]."
اهـ
وقال أحمد بن
الحسين الخُسْرَوْجِردي الْخُرَاسَانِيُّ، المعروف بـ"أبي
بكر البيهقي" (المتوفى: 458هـ) _رحمه الله_ في "الآداب" (ص:
49) :
"بَابُ
الْإِعْرَاضِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ بِالسَّبِّ وَالتَّعْيِيرِ
وَالْبَغْيِ." اهـ
وقال محمد لقمان بن محمد بن ياسين أبو عبد الله
الصِّدِّيْقِيُّ السلَفِيُّ (المتوفى 1441 هـ)
_رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص ٣٢) (رقم : 29):
"فقه الحديث :
١- إثبات تعجيل
العقوبة للباغين والقاطعين صلة الرحم في الدنيا وتأجيلها في الآخرة .
۲- تحريم
الخروج عن طاعة الإمام .
۳- صلة الرحم
واجبة ، وقطيعتها معصية كبيرة .
[1] وفي اللباب في تهذيب الأنساب (1/ 311) لابن الأثير:
"الجَوْشَنِيُّ
(بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخرهَا
النُّون): هَذِه النِّسْبَة إِلَى جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا إِلَى جوشن وظني
أَنَّهَا بطن من غطفان ينْسب إِلَيْهِم الْقَاسِم بن ربيعَة الجوشني روى عَن عبد
الله بن عمر وروى عَنهُ خَالِد الْحذاء وَالثَّانِي إِلَى جد المنتسب إِلَيْهِ
وَهُوَ عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن بن جوشن الْغَطَفَانِي الجوشني الْبَصْرِيّ
يروي عَن أَبِيه وَنَافِع مولى ابْن عمر روى عَنهُ وَكِيع بن الْجراح وَالنضْر بن
شُمَيْل
[2] قال أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن
عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) _رحمه الله_ في
"اللباب في تهذيب الأنساب" (1/ 343):
"الحجري بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَفِي
آخرهَا الرَّاء - هَذِه نِسْبَة إِلَى ثَلَاث قبائل اسْم كل وَاحِدَة حجر
إِحْدَاهَا حجر حمير مِنْهُم مُخْتَار الحجري يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة
روى عَنهُ صَالح بن أبي عريب الْحَضْرَمِيّ وَغَيره وَالثَّانيِة حجر ذِي رعين
مِنْهُم سعيد بن ابي سعيد الحجري حجر رعين روى عَنهُ أَيُّوب بن نجيد
وَالثَّالِثَة حجر الأزد وَهُوَ حجر بن عمرَان بن عَمْرو بن عَامر بن حَارِثَة
مِنْهُم أَبُو جَعْفَر أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سَلامَة الطَّحَاوِيّ الْمصْرِيّ
الْفَقِيه الْحَنَفِيّ وَكَانَ ثِقَة نبيلا فَقِيها ولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ
وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلثمائة مستهل ذِي الْقعدَة
[3] وفي تفسير الجلالين (ص: 676) :
"{فَهَلْ
عَسَيْتُمْ} بِكَسْرِ السِّين وَفَتْحهَا وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة إلَى
الْخِطَاب أَيْ لَعَلَّكُمْ {إنْ تَوَلَّيْتُمْ} أَعْرَضْتُمْ عَنْ الْإِيمَان
{أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامكُمْ} أَيْ تَعُودُوا إلَى
أَمْر الْجَاهِلِيَّة مِنْ الْبَغْي وَالْقِتَال." اهـ
وفي
تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 318) :
"وَهَذَا
نَهْيٌ عَنِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ عُمُومًا، وَعَنْ قَطْعِ الْأَرْحَامِ
خُصُوصًا، بَلْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِصْلَاحِ فِي الْأَرْضِ
وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَهُوَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَقَارِبِ فِي الْمَقَالِ
وَالْأَفْعَالِ وَبَذْلِ الْأَمْوَالِ. وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ
وَالْحِسَانُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ، وَوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ." اهـ
[4] وقال المعلمي _رحمه الله_ في تعليقه على "الأنساب"
للسمعاني (2/ 365): "(357- البولاقي) في التاج (ب ل ق) «بُلاَق كغراب - والعامة تقول بولاق، كطومار-: مدينة كبيرة على ضِفَّة النِّيْلِ
على فَرْسَخٍ مِنْ مِصْرَ»، وفي "الطالع السعيد" (رقم 70): «أحمد بن
محمد الأسواني الفقيه الأديب البولاقي ذكره ابن عرام في سيرة بنى الكنز." اهـ
[5] وقال أحمد بن أحمد العَجَمِيُّ الشافعيّ الوفائي
المصري الأزهري (المتوفى: 1086هـ) في "ذيل لب
اللباب في تحرير الأنساب" (ص: 199_200) :
"القسطلاني
: إلى قسطيلية من إقليم إفريقية غرب قَفْصَة. ذكره ابن فَرْحُون في «طبقات
المالكية».
وعبارة
«القاموس» : "والقَسْطَلَانية قَوسُ____قُزَح، وحُمْرَة الشَّفَق، وثوب منسوب
إلى عامل أو إلى قَسْطَلَة بلد بالأندلس، وقَسْطِيلية بلد بها، انتهى.
وعن
القطب الحلبي في «تاريخ مصر» : "كأنه منسوب إلى قُسْطِيْلَة بضم القاف من
أعمال إفريقية بالمغرب." انتهى.
ورأيت
بخط القسطلاني في ترجمته من «مختصر الضوء اللامع» عن خط السخاوي : "فُرِّيانه
إحدى مدائن إفريقية فيما بين قَفْصَة وسَبْتَة بالقرب من بلاد قسطيلينية ببلاد
اليمن التي نسب إليها القسطلاني" انتهى.
هذا
ما رأيته بخطه، ثم رأيت في نسخة قديمة من شرح أبي شامة للشقراطيسية، ضبط بالقلم
لفظ القَسْطَلَّاني : "فتحة على القاف، وشدة على اللام"،
وكتب
بالهامش : "قال لي بعض من عَرَفَ هذه البلاد : "نَفْطَة وقَسْطِيْلية،
وتَوزر، وقَفْصَة بلاد بإفريقية بالناحية التي تُسَمَّى بلاد الجريد، وشِقْرَاطِس
بلدة فيما هنالك .. الخ." اهـ
[6] قال محمد بن جرير الآملي، الشهير بـ"أَبي
جعفرٍ الطبري" (المتوفى: 310هـ) _رحمه الله_ في "جامع
البيان" – ت. شاكر (22/ 177) عن الآية الثانية الواردة في كلام البيهقي _رحمه
الله_:
"(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) أيها
القوم، يقول: فلعلكم إن توليتم عن تنزيل الله جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه،
وأدبرتم عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعما جاءكم به (أَنْ تُفْسِدُوا
فِي الأرْضِ) يقول: أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدماء
(وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت
والتفرّق بعد ما قد جمعكم الله بالإسلام، وألَّف به بين قلوبكم." اهـ
Komentar
Posting Komentar