شرح الحديث 148-149 (الترهيب من التخلّي على طرقِ الناس أو ظلُّهم أو مواردهم، والترغيب في الانحراف عن استقبال القبلة واستدبارها) من صحيح الترغيب
148
- (4) [حسن] وعن حذيفةَ بن أُسَيْدٍ: أن النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قال: "من
آذى المسلمين في طُرقِهِم؛ وَجَبَتْ عليه لَعنَتُهم". رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن. |
ترجمة حذيفة بن أسيد الغفاري _رضي الله عنه_:
وفي "الإصابة في تمييز الصحابة" (2/ 38) (رقم: 1649):
حذيفة بن أسيد - بالفتح-، ويقال: أمية بن أسيد بن خالد بن الأغوز بن واقعة بن حرام بن غفار الغفاريّ، أبو سَرِيْحَةَ-
بمهملتين وزن عَجِيْبَة، مشهور
بكنيته.
شهد الحديبيّة، وذكر فيمن بايع تحت الشّجرة، ثم نزل الكوفة،
وروى أحاديث. أخرج له مسلم وأصحاب السّنن، وله عن أبي بكر وأبي ذرّ وعلي.
روى عنه أبو الطّفيل، ومن التابعين الشعبي وغيره.
مختصر تاريخ دمشق (6/ 247):
"حذيفة
بن أسيد:
ويقال ابن أمية بن أسيد أبو سريحة الغفاري صاحب سيدنا رسول الله _صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_. ممن
بايع تحت الشجرة، وهو أول مشهد شهده مع النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فشهد فتح دمشق
مع خالد بن الوليد، وأغار على عذراء، واستوطن الكوفة بعد ذلك.
وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (2/ 691_292):
حُذَيْفَةُ بْنُ أُسَيْدٍ أَبُو سَرِيحَةَ الْغِفَارِيُّ:
وَهُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ الْأَعْوَسِ، وَقِيلَ: ابْنُ عَمَّارِ
بْنِ وَاقِعَةَ بْنِ حَرَامِ بْنِ غِفَارِ بْنِ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسِ بْنِ
مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.
وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، وَمِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ تُوُفِّيَ،___وَصَلَّى عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا،
وفي "الإصابة في تمييز الصحابة" (2/ 38) لابن حجر:
"قال أبو سلمان المؤذن: توفي فصلّى عليه زيد بن أرقم. وقال ابن حبان: مات سنة
اثنتين وأربعين." اهـ
وقال أبو حاتم بن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" (ص: 79) (رقم: 288):
"حذيفة بن أسيد أبو سريحة الغفاري: مات سنة اثنتين وأربعين."
نص الحديث وشرحه:
وعن حذيفةَ بن أُسَيْدٍ:
أن النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_،
قال:
"من آذى المسلمين في طُرقِهِم؛ وَجَبَتْ
عليه لَعنَتُهم".
رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.
والحديث موافق ما جاء في كتاب الله _تعالى_:
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]
تخريج الحديث:
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 179) (رقم: 3050)
والحديث حسنٌ: حسنه
الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها"
(5/ 372) (رقم: 2294)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1029) (رقم: 5923)،
و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 172) (رقم: 148)
من فوائد الحديث:
وقال عبد
الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ" (المتوفى: 1031 هـ) _رحمه الله في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 383):
"فِيهِ:
أنَّ قَضَاء الْحَاجة فِي قَارِعَة الطَّرِيق حرَامٌ، وَعَلِيهِ جمْعٌ من
الشَّافِعِي وَغَيرهم." اهـ
وقال عبد الرؤوف بن
تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ"
(المتوفى: 1031 هـ) _رحمه الله في "فيض القدير" (6/ 18):
"وقد
اسْتُدِلَّ به على تحريم قضاء الحاجةِ في الطريق،
وعليه جرى الخطابي والبغوي في "شرح السنة"، وتَبِعَهُمْ النووِيُّ
في "نكت التنبيه" واختاره في "المجموع" من جهة الدليل، لكن
المذهب أنه مكروه
قال الحرالي: (والأذى: إيلام النفس وما يتبعها من الأحوال. والضر: إيلام الجسم
وما يتبعه من الحواس) اهـ
وهو أحسن من تفسير الراغب الأذى بالضر حيث قال: الأذى ما يصل إلى الحيوان من
ضرر في نفسه أو جسمه أو فتيانه دنيويا أو أخرويا." اهـ كلام المناوي
وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه
الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 8):
"من
آذى المسلمين في طرقهم بأي أمر من التأذي وغيره والقعود على الطرقات ليتتبع
عوراتهم، وإن كانت قد بَيَّنَتْهُ عِبارةٌ أُخْرَى بالتخلِّيْ، لكنَّ الإيْذَاءَ
قد أفاد أَعَمَّ من ذلك،
وفُسِّرَ الأذى بإيْلاَمِ النَّفْسِ، وما يتبعها من الأحوال. والضُّرُّ: إيلامُ
الْجِسْمِ وما يتبعه من الحواسِّ." اهـ
وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه
الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 8):
"(وجبت
عليهم لعنته)
ظاهره: أنه يجب لعنه وإسماعه ذلك لينزجر، وقد استدل به على تحريم قضاء الحاجة
في الطرقات، وعليه جماعةٌ،
وذهب جماعة: أنهما مكروهةٌ، لا مُحَرَّمَةٌ، والحديث يدل للأول." اهـ
وقال محمود خطاب السبكي في "المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود"
(1/ 99):
"(فقه
الحديث) دلّ الحديث على
تحريم قضاء الحاجة فيما
ذكر من المواضع لما فيه من إيذاء المسلمين بالتنجيس والاستقذار والنتن.
وإليه ذهب النووى والرافعى من الشافعية
وقال المناوى قال الذهبى: إنه من الكبائر. وعدّه ابن حجرٍ في "الزواجر" من الكبائر. وذهب
جماعة إلى الكراهة. والظاهر:
الأول نظرا للنهى المستفاد من الأمر في الحديث
قال عطية بن صقر المصري في "فتاوى دار الإفتاء المصرية" (10/ 385)،
بترقيم الشاملة:
"وفى
مجال الوقاية من أخطار الطرق والمواصلات، حذّر الإسلامُ منْ أيِّ شيءٍ يعوق حركةَ
المرور أو يؤذي المارَّة أيا كان هذا الإيذاءُ – ومنه: التبول والتبرز كما سبق فى
حديث الملاعن -،
* يقول النبى _صلى الله عليه وسلم_:
"من اَذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم." رواه الطبرانى
بإسناد حسن.
* وفى
الحديث الذى رواه البخارى
ومسلم:
"وإماطة الأذى عن الطريق صدقة ".
* وفى
حديث رواه مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم:
"لقد رأيت رجلا يتقلب فى الجنة - أى يتنعم بما فيها - فى شجرةٍ قطعها من
ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين.
وفى هذا الإطار: أثر عن عمر بن الخطاب _رضى الله عنه_ أنه قال:
(والله لو علمت أنَّ دابة عثرت فى أرض العراق لوجدتنى مسئولا عنها أمام الله
لِمَ لم أمهد لها الطريق).
ومن أجل سلامة المارة، نهى
الرسول _صلى الله عليه وسلم_ عن التزاحم والسرعة فى الأماكن الضيقة، وأوقات الذروة
-كما يقال بلغة العصر -،
وذلك عند الإفاضة من عرفات وعند تقبيل الحجر الأسود، فقد روى أحمد والطبرانى
والبيهقى بإسناد حسن:
أن الرسول عندما فاض من عرفة، سمع وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فأشار
بسوطه وقال:
"أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع." [خ]
والإيضاغ هو الإسراع.
وروى الشافعى فى "سننه":
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضى الله عنه:
(يا
أبا حفص، إنك رجل قوى، فلا تزاحم الناس على الركن - وهو الذى فيه الحجر الأسود -
فإنك تؤذى الضعيف)." اهـ
أخرج أحمد في "المسند" – ط. عالم الكتب (1/ 28) (رقم: 190):
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ النَّبِيَّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ_، قَالَ لَهُ:
(يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ لاَ تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ ،
فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلاَّ
فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ). حسَّنه الأرنؤوط _رحمه الله_ في "تخريج
مسند أحمد" – ط. الرسالة (1/ 321) (رقم: 190)، والألباني في "مناسك الحج
والعمرة" (ص: 21) (رقم: 32)
149 - (5) [حسن لغيره] وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إيّاكم
والتَّعريسَ على جَوَادِّ (2) الطّريق،. . . . فإنّها مأْوى الحياتِ والسِّباعِ،
وقضاءَ الحاجةِ عليها؛ فإنها الملاعنُ". رواه ابن ماجه، ورواته ثقات. (3) __________ (2)
بتشديد الدال: جمع جادة، وفي الأصل مكان النقط: "والصلاة عليها"،
فحذفتها لتفرّد الراوي الضعيف بها. انظر "الصحيحة" (2433). (3)
قال الجهلة الثلاثة: "حسن بشوهده" دون أن يتنبهوا لكون الزيادة
المحذوفة لا شاهد لها ولفظها: "والصلاة عليها"، ولذلك حذفتها مشيراً
إليها بالنقط. |
جابِر بن عبد الله _رضي الله عنهما_:
ففي "الأعلام" للزركلي (2/ 104):
جابِر بن عبد الله (16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م)
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السملي: صحابي، من
المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة. له
ولأبيه صحبة.
غزا تسع عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه
العلم.
روى له البخاري ومسلم___وغيرهما 1540 حديثا.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/ 220):
شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير، ولم يشهد الأولى، ذكره بعضهم في
البدريين، ولا يصح، لأنه قد روى عنه أنه قَالَ: لم أشهد بدرًا، ولا أحدًا، منعني أبي.
وذكر البخاري أنه شهد بدرًا، وكان ينقل لأصحابه الماء يومئذ، ثم شهد بعدها مع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمان عشرة غزوة.
وفي "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (1/ 220):
"وروى
أبو الزبير عن جابر قَالَ:
غزا رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بنفسه إحدى وعشرين
غزوة. شهدت منها معه تسع عشرة غزوة. وكان من المكثرين الحفاظ للسنن، وكف بصره في
آخر عمره." اهـ
نص الحديث وشرحه:
وعن جابر بن عبد الله قال:
قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إيّاكم
والتَّعريسَ على جَوَادِّ الطّريق،. . . . فإنّها مأْوى الحياتِ والسِّباعِ،
وقضاءَ الحاجةِ عليها؛ فإنها الملاعنُ". رواه ابن ماجه، ورواته ثقات.
ففي "سنن ابن ماجه" – ت. الأرنؤوط (1/ 219):
عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ،
وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا مِنْ الْمَلَاعِنِ"
سنن ابن ماجه (2/ 1240) (رقم: 3772):
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تَنْزِلُوا عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ، وَلَا تَقْضُوا عَلَيْهَا
الْحَاجَاتِ»
تخريج الحديث:
أخرجه ابن ماجه في "سننه" – ت. الأرنؤوط (1/ 219) (رقم: 329)، وأحمد
في "مسنده" – ط. عالم الكتب (3/ 305 و 3/ 381) (رقم: 14277 و 15091)،
والحديث حسنٌ: حسنه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 521) (رقم: 2673)، و"صحيح
الترغيب والترهيب" (3/ 210) (رقم: 3126)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة"
(5/ 560) (رقم: 2433)، و"إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/
100) (رقم: 62)
من فوائد الحديث:
وقال الإثيوبي في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج" (33/ 42):
"قال
أبو عمر بن عبد البرّ - رحمه الله -:
وهذا عموم يدخل فيه الرفق بالدواب في الأسفار وغيرها.
وخص المسافر في هذا الحديث بالذِّكر، فأمر أن يمشي مهلًا رويدًا ويكثر النزول
إذا كانت الأرض مخصبة؛ لترعى دابته الكلأ، وتنال من الحشيش والماء، وهذا إنما هو
في الأسفار البعيدة، ما لم تضم الضرورة إلا أن يجدّ في السفر، فإذا كانت جِدّبّة،
وكان عام السَّنَة، فالسُّنّة للمسافر أن يُسرع في السفر، ويسعى في الخروج عن بلاد
الجدب، وبدابته رَمَقٌ يقيه من النقي، والنقي: الشحم، والقوّة حتى يحصل في بلد
الخصب. انتهى ["الاستذكار" 8/ 534 - 535].
وقال صاحب "التكملة": إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُعث
رحمة للعالمين، فعلّمنا آداب ركوب الدوابّ، ومراعاة مصالحها، وأن لا تُحمَّل من
العَناء فوق طاقتها، ولمّا كان هذا من تعليم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في
الدوابّ والحيوانات، فما بالك بالسُّوّاق الذين يسوقون السيّارات لمن استأجرهم على
ذلك، فمراعاة مصالحهم في الطعام والشراب والراحة أولى بالاعتناء، وقلّ من الناس،
ولا سيّما أصحاب الثروة من يعتني بها. انتهى ["تكملة فتح الملهم" 3/ 473]
قال الجامع _عفا الله عنه_:
هذا الذي قاله بالنسبة لسوّاق السيّارات محل نظر، ولعله شاهد ذلك في بعض
البلدان، وإلا فالذي نشاهده هنا في المملكة العربيّة السعوديّة عكس هذا، بل
الشركات تتنافس في ترفيه الركّاب، والعناية براحتهم، حتى تجلب الناس إليها، ولذا
يجد الركاب من الراحة والترفّه ما لا يجدونه في مقرّ إقامتهم، والله تعالى أعلم."
اهـ
وقال الإثيوبي في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج" (33/ 42_43):
"من
آداب السير والنزول: اجتنابَ
الطريق، كما أرشد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إليه
هنا؛ لأن الحشرات، ودواب الأرض من ذوات السموم، والسباع___تمشي في الليل على
الطرق؛ لسهولتها؛ ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، وما تجد فيها من
رِمَّة ونحوها، فإذا عَرَّس الإنسان في الطريق ربما مَرّ به منها ما يؤذيه، فينبغي
أن يتباعد عن الطريق.
وقال الإثيوبي في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج" (33/ 43):
(ومنها):
شدّة عناية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في إرشاد أمته إلى ما يُصلحها، وإبعادها
عما يضرّها، ويؤذيها، فهو - صلى الله عليه وسلم - في أعلى القمّة من الشفقة
والرأفة، كما قال الله تعالى في حقّه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128]، والله تعالى أعلم.
وقال المناوي في "فيض القدير" (3/ 123)
والمصطفى صلى الله عليه وسلم رؤوف بأمته رحيم بهم فأرشد إلى تجنب ما هو مظنة
حصول التأذي
عبد الكريم الخضير في "شرح الموطأ" (179/ 24) - بترقيم الشاملة:
"(إياكم
والتعريس) يعني العرس، يعني إقامة حفل الزواج بالشوارع وإلا بالطرقات، لا بد أن
تأخذوا قصر أفراح." اهـ
وقال ابن العربي _رحمه الله_ في "أحكام القرآن" – ط. العلمية (3/
121)
"فِيهِ
جَوَازُ السَّفَرِ بِالدَّوَابِّ عَلَيْهَا الْأَثْقَالُ الثِّقَالُ، وَلَكِنْ
عَلَى قَدْرِ مَا تَحْتَمِلُهُ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ فِي الْحَمْلِ، مَعَ
الرِّفْقِ فِي السَّيْرِ وَالنُّزُولِ لِلرَّاحَةِ.
وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّفْقِ
بِهَا، وَالْإِرَاحَةِ لَهَا، وَمُرَاعَاةِ التَّفَقُّدِ لِعَلَفِهَا وَسَقْيِهَا
وقال الشوكاني في "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" (ص: 44):
وهذه الأحاديث تفيد وجوب الترك وتحريم الفعل لا شك في ذلك فلا وجه للقول بأنه
متدوب.
Komentar
Posting Komentar