شرح الحديث 106 (باب المجاهدة) من رياض الصالحين
[106] الثاني عشر: عن أبي فِراسٍ ربيعةَ
بنِ كعبٍ الأسلميِّ (خادِمِ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_، ومن أهلِ
الصُّفَّةِ _رضي الله عنه_) قَالَ : "كُنْتُ
أبِيتُ مَعَ رسولِ الله _صلى الله عليه وسلم_، فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ،
فَقَالَ : «سَلْنِي» فقُلْتُ :
"أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ." فَقَالَ : «أَوَ غَيرَ
ذلِكَ؟» قُلْتُ : "هُوَ ذَاكَ"، قَالَ :
«فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» . رواه
مسلم. |
ترجمة ربيعة بن كعب الأسلمي _رضي الله_:
"وفي
الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (2/ 494) لابن عبد البر:
"ربيعة
بن كعب بن مالك بن يَعْمُرَ الأَسْلَمِيُّ، أبو فراس، معدود في أهل المدينة، كان
من أهل الصفة،
وكان
يلزم رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ في السفر والحضر، وصحبه
قديما وعمر بعده. مات بعد الحرة سنة ثلاث وستين (63 هـ)." اهـ
وفي "تهذيب
الكمال في أسماء الرجال" (9/ 139_140) للمزي:
"ربيعة
بن كعب بن مالك الأَسلميّ، أبو فراس المدني.___كان من أهل الصفة، خَدَمَ النبيَّ
_صلى الله عليه وسلم_، ونَزَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ على بريد من المدينة." اهـ
وفي "مختصر
تاريخ دمشق" (2/ 327_328):
عن ربيعة بن
كعب قال:
كنت أخدم رسول
الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع، حتى يصلي
رسول الله عشاء الآخرة. فأجلس ببابه إذا دخل بيته، أقول: "لعله أن يحدُث
لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاجة، فما أزال أسمع رسول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (سبحان الله، سبحان الله وبحمده)،___حتى أمل
فأرجع، أو تغلبني عيني فأرقد." اهـ
وفي "إكمال
تهذيب الكمال" (4/ 361) لمغلطاي الحنفي:
"وقال
ابن حبان: مات ليالي الحرة....
وقال ابن سعد:
لما توفي صلى الله عليه وسلم نزل ربيعة يين، وهي من بلاد أسلم، وهي على بريد من
المدينة.
وقال ابن
طاهر: مات سنة ثلاث وسبعين. كذا وجد بخطه مضبوطا
مجودا." اهـ
تاريخ الإسلام
ت بشار (2/ 640) (رقم: 31):
تُوُفِّيَ
أَيَّامَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: " أَعِنِّي
عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ".
نص
الحديث وشرحه:
الثاني عشر:
عن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ (خادِمِ رَسُول الله _صلى الله عليه
وسلم_، ومن أهلِ الصُّفَّةِ _رضي الله عنه_) قَالَ :
"كُنْتُ
أبِيتُ مَعَ رسولِ الله _صلى الله عليه وسلم_، فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ،
فَقَالَ : «سَلْنِي»
فقُلْتُ :
"أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ." فَقَالَ : «أَوَ غَيرَ
ذلِكَ؟» قُلْتُ : "هُوَ ذَاكَ"،
قَالَ :
«فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» . رواه
مسلم.
وفي
"المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 153) للمظهر الزيداني:
"فههنا معناه : (كُنْ
عونًا لي في إصلاح نفسك، واجعَلْها طاهرةً مستحقةً لِمَا تَطْلُبُ؛ فإني أَطلبُ
إصلاحَ نفسِكَ من اللهِ، وأطلبُ منه أيضًا إصلاحَها بكثرة السجود؛ فإن السجودَ
كاسرٌ للنفس مُذِلٌّ لها، وأيُّ نفسٍ انكسرت، فذلَّتْ وانقادَتْ استحقَّتِ
الرحمةَ." اهـ
وفي
"إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/ 403) للقاضي عياض:
"أعنى
على ذلك بكثرة السجود " ليزداد من القرب ورفعه الدرجات حتى يقرب من منزلته
وإن لم يساوه فيها." اهـ
وفي
"سبل السلام" (1/ 333) لأمير الصنعاني:
"حَمَلَ
الْمُصَنِّفُ [يعني: الحافظ ابن حجر] السُّجُودَ
عَلَى الصَّلَاةِ نَفْلًا، فَجَعَلَ الْحَدِيثَ دَلِيلًا عَلَى التَّطَوُّعِ،
وَكَأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْ الْحَقِيقَةِ كَوْنُ السُّجُودِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ
غَيْرَ مُرْغَبٍ فِيهِ عَلَى انْفِرَادِهِ،
وَالسُّجُودُ
وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ عَلَى الْفَرْضِ، لَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِالْفَرَائِضِ لَا
بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا أَرْشَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلَى شَيْءٍ يَخْتَصُّ بِهِ يَنَالُ بِهِ مَا طَلَبَهُ." اهـ
وفي
شرح سنن أبي داود للعباد (161/ 20) - بترقيم الشاملة:
"والمراد
بقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: (أعني على نفسك بكثرة
السجود): كثرة الصلاة، وليس المقصودُ:
السجودَ بدون صلاةٍ، وإنما يصلي؛ لأن الصلاة يطلق عليها سجودٌ، ويقال للركعة:
سجدة، كما في قوله تعالى: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق:40] يعني: أدبار الصلوات.
فالسجود المقصود به الصلاة،
وليس المقصود به خصوص السجود، وهو كون الإنسان يسجد بدون صلاة؛ لأن التطوع والتنفل
لا يكون بأقل من ركعتين، إلا الوتر فإنه يكون ركعة واحدة، وأما السجود وحده، فلا
يكون، إلا في سجود الشكر أو التلاوة، أي: السجود بدون ركوع وبدون قيام." اهـ
تخريج
الحديث :
أخرجه مسلم في
صحيحه (1/ 353) (رقم : 489)، وأبو داود في سننه (2/ 35) (رقم : 1320)، والترمذي في
سننه (5/ 480) (رقم : 3416)، والنسائي في سننه (2/ 227) (رقم : 1138)، وابن ماجه
في سننه (2/ 1276) (رقم : 3879).
والحديث
صحيح:
صححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 281) (رقم: 896)، و"صحيح
أبي داود" - الأم (5/ 66) (رقم: 1193)، و"صحيح الترغيب والترهيب"
(1/ 278) (رقم: 388)، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (2/ 207) (رقم: 457)
المعنى
الإجمالي للحديث :
لعبد الحميد
بن بادس الصنهاجي _رحمه الله_ في "مجالس التذكير من حديث البشير النذير"
(ص: 47_48):
"كان هذا
الصحابيُّ _رضي الله تعالى عنه_ يَخْدُمُ النَّبِيَّ _صلى الله عليه وآله وسلم_ وَيَبِيْتُ
عِنْدَ بَابِ بَيْتِهِ ليأتيه بما يحتاج إليه مِنْ مَاءٍ يتوضأ بِهِ أو غَيْرِهِ،
فأراد النبي
_صلى الله عليه وآله وسلم_ أن يجازيه على خدمته، فأمره أن يسأله ليعطيه، فأعرض هذا
الصحابي عن جميع مطالب الدنيا، وسأله أعز مطلب في الآخرة، وهو مرافقته له في
الجنة،
ولما كانت هذه
المرافقة تقتضي درجةً رفيعةً في الجنةِ أَخَصَّ مِنْ مُطْلَقِ دُخُوْلِ الْجَنَّةِ،
وهذه الدرجة تقْتَضِيْ الْعَمَلَ الشَّاقَّ، حاول النبي _صلى الله عليه وآله وسلم_
صرفه عن هذا السؤال الذي فيه العمل الشاق الذي ربما لا يطيقه___إلى غيره مما هو
أسهل من المطالب،
فصَمَّمَ
الصحابي على سؤاله، وأبى أن يسأل غيره، فَقَبِلَ
النَّبِيُّ _صلى الله عليه وآله وسلم_ سُؤَالَهُ على أن يُعِيْنَهُ على نَفْسِهِ
لتحصيل المطلوب، وأرشده إلى ما هو وسيلة في رفع
الدرجات، وهو كثرة السجود،
فإن العبد لا
يسجد لله سجدة، إلا رفعه الله بها درجةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خطِيْئَةً، كما ثبت
في الصحيح." اهـ
من
فوائد الحديث :
وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى:
676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (4/ 206):
"فِيهِ:
الْحَثُّ عَلَى كَثْرَةِ السُّجُودِ وَالتَّرْغِيبُ (وَالْمُرَادُ بِهِ السُّجُودُ
فِي الصَّلَاةِ)،
وَفِيهِ:
دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ تَكْثِيرُ السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ إِطَالَةِ الْقِيَامِ
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمَسْأَلَةُ وَالْخِلَافُ فِيهَا فِي الْبَابِ الَّذِي
قَبْلَ هَذَا،
وَسَبَبُ
الْحَثِّ عَلَيْهِ: مَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي : "أَقْرَبُ مَا
يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"،
وَهُوَ
مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ _تَعَالَى_ :
{وَاسْجُدْ
وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]
وَلِأَنَّ
السُّجُودَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ
تَمْكِينُ أَعَزِّ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ وَأَعْلَاهَا وَهُوَ وَجْهُهُ مِنَ
التُّرَابِ الَّذِي يُدَاسُ وَيُمْتَهَنُ وَاللَّهُ أعلم." اهـ
وقال عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد الرَّحْمَانِيُّ
الْمُبَارَكْفُوْرِيُّ (المتوفى: 1414 هـ) _رحمه الله_ في "مرعاة
المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3/ 215):
* "وفي
الحديث: دليل على أن السجود من أعظم القرب التي تكون بسببها ارتفاع الدرجات عند
الله تعالى إلى حد لا يناله إلا المقربون،
* وأن مرافقة
النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة لا تحصل، إلا بِقُرْبٍ مِنَ اللهِ _تعالى_
بكثرة السجود، والمراد به: السجود في الصلاة." اهـ
[تعليق]:
قال الشيخ عبد
الرزاق البدر _رحمه الله_ في "تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني
المقدسي" (ص: 397): "فلا تُنَالُ مُرَافَقَةُ الْمُصْطَفَى _صلى الله
عليه وسلم_ في دار كرامته: الجنةِ، إلا بالعمل." اهـ
قال أبو عبد
الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن
محمد بن حمد بن إبراهيم الْبَسَّامُ التَّمِيْمِيُّ
(المتوفى: 1423هـ) _رحمه الله_ في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" (2/
376_378):
* ما يؤخذ من
الحديث:
1 - ربيعة بن
كعب الأسلمي أَحَدَ الْمُتَشَرَّفِيْنَ بخدمة النبي _صلى الله عليه وسلم_، وكان
يبيت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه بوضوئه، فاراد -صلى الله عليه وسلم- أن
يكافئه على عمله وخدمته، فقال له : ___سل واطلب مني حاجة أقضيها لك، وإذا بنفسى
الرجل كبيرة عالية، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال له -صلى الله عليه وسلم-:
أو غير ذلك، من حاجة أخرى غير هذه؟ فقال: هو ذاك، يعني: ليس لي حاجة إلاَّ هذه
الحاجة، فأجابه -صلى الله عليه وسلم- إلى ما طلب، ولكنه قال: أعنِّي على نفسك؛ أي:
ساعدني على قضاء هذه الحاجة الكبيرة، ونيل هذا المرام العظيم بكثرة الصلاة،
فإنَّها سبب لعلو الدرجات في الجنة، فإنَّ الله تعالى لما ذكر المحافظين على
الصلاة، قال: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}
[المؤمنون].
2 - المراد من
السجود: هو الصلاة؛ فإنَّ الشيء يسمى ببعضه، لاسيما إذا كان بعض الشيء أهم ما فيه،
فالسجود أهم ما في الصلاة؛ لما فيه من كمال الخضوع، والاستكانة لله تعالى، والقُرب
منه.
3 - المراد
بالصلاة هنا: نوافلها؛ لأنَّها التي يمكن تكثيرها، فدلَّ على أنَّ نوافل الصلوات
من أعظم الطاعات، وأنها سبب قوي لنيل أعلى درجات الجنان.
4 - التطوع في
الصلاة على أربعة أقسام:
(أ) تطوع مطلق
لا يتقيد بسبب، ولا بوقت، ولا بفرض.
(ب) تطوع مقيد
بالوقت؛ كالوتر، وصلاة الضحى.
(ج) تطوع مقيد
بفرض؛ كرواتب الصلوات الخمس.
(د) تطوع مقيد
بسبب؛ كتحية المسجد، وركعتي الوضوء.
5 - فيه دليل
على سمو نفس ربيعة -رضي الله عنه- وإلى شرف مطلبه، وعلو همته على الدنيا وشهواتها؛
فإنَّ نفسه توَّاقة إلى أعلى المراتب.
6 - فيه دليل
على هذا الخُلقُ العظيم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ خدمته شرف، وإنها لأجر
عظيم يعود على الخادم بالخير والبركة، ومع هذا فإنه أحب أن يكافىء من يخدمه، ولم
يقل: إنَّ حقًّا عليكم أن تخدموني.
7 - فيه بيان
أنَّ السجود في الصلاة هو أفضل أفعالها، وهو موطن خلاف بين___العلماء، فهل القيام
أفضل أو السجود؟ فالمذهب عندنا، كما قال في "شرح الزاد": "وكثرة
ركوع وسجود أفضل من طول قيام"، فيما لم يرد تطويله، واستدلوا بحديث الباب.
وقال الشيخ
تقي الدين: التحقيق أنَّ ذكر القيام -وهو القراءة- أفضل من ذكر الركوع والسجود،
وأما نفس الركوع والسجود فأفضل من نفس القيام، فاعتدلا، ولهذا كانت صلاته -صلى
الله عليه وسلم- معتدلة." اهـ
وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في
"تطريز رياض الصالحين" (ص: 93):
"في هذا
الحديث: الحث على الإكثار من الصلاة، وأنه يوجب القرب من الله تعالى، ومرافقة
النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وقد قال الله تعالى:
{وَمَن يُطِعِ
اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ
رَفِيقاً} [النساء (69) ]،
وقال تعالى:
{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق (19) ]." اهـ
وقال عِيَاضُ
بْنُ مُوْسَى الْسَّبْتِيُّ، المعروف بـ"القاضي عياض
اليَحْصَبِيّ" (المتوفى: 544 هـ) _رَحِمَهُ اللهُ_ في "إِكْمَالِ
الْمُعْلِمِ بِفَوَائِدِ مُسْلِمٍ" (2/ 403):
"إن
السجود معارج القرب، ومدارج رفعة الدرجات.
قال الله _تعالى_:
{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]،
وقال _عليه
السلام_ فى الحديث الآخَر فِيْ الْأُمِّ:
"لا تسجُدُ
للهِ سَجْدَةً، إِلاّ رفَعَكَ اللهُ بِهَا درَجَةً."[1] [م]
ولأن السجود:
غايتُهُ التواضُعُ لله، والعُبُوْدِيّةُ له، وتمكينُ أَعَزِّ عُضْوٍ فى الإنسان
وأرفعِه (وهو وجهه) مِنْ أدنى الأشياءِ وأَخَسِّهَا (وهو التراب، والأرض المدوسة
بالأرجل والنعال)." اهـ
وقال الحسين
بن عبد الله، المشهور بـ"شَرَفِ الدينِ الطِّيْبِيِّ" (743 هـ) _رحمه الله_ في "شرح
المشكاة" المسمى بـ"الكاشف عن حقائق السنن" (3/ 1027):
"إن فِيْ
كُلِّ سَجْدَةٍ يَسْجُدُهَا الْعَبْدُ رَفْعَ دَرَجَةٍ، كما سيرد في الحديث الآتي،
فلا يزال
العبد يترقى بالمدامة علي السجود درجةً، فدرجةً حتى يفُوْزَ بالْقَدَحِ الْمُعْلَى
من القرب إلي الله _سبحانه وتعالي_، فسأل به مرافقة حبيبِهِ _صلى الله عليه وسلم_
في تلك الدرجات.
اُنْظُرْ - أيها
المتأمل - في هذه الشريطة، وارتباطِ الْقَرِيْنَتَيْنِ لِتَقِفَ على سِرٍّ دقيقٍ،
فإن من أراد مرافقة الرسول _صلى الله عليه وسلم_، لا يناله، إلا بالْقُرْبِ إلى
اللهِ _سبحانه وتعالى_، ومن رام قُرْبَ اللهِ، لَمْ يَنَلْهُ، إلاَّ بِقُرْبِ نَبِيِّ
اللهِ _تعالى_.
قال الله
_تعالى_ : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ } [آل عمران: 31]،
أَوْقَعَ
متابعةَ الرسولِ بيْنَ الْمَحَبَّتَيْنِ، وذلك أن محبةَ العبْدِ مَنُوْطَةٌ بِمَتَابَعَتِهِ.
ومحبةُ اللهِ الْعَبْد متوقفة علي متابعتِهِ _صلى الله عليه وسلم_.
فَلَوَّحَ بِقَوْلِهِ:
(أعني علي نفسك) إلي أن نفسه بمثابة العدو المناوئ،
فاستعان
بالسائل علي قهر النفس، وكسر
شهواتها بالمجاهدةِ، والمواظبةِ على الصلاةِ، والاستعانةِ بكثرة السجود، حَسْمًا
للطمع الفارغ من العمل والاتكال علي مجرد التمني." اهـ
وقال محمَّدُ
بنُ عبدِ اللطيف الرُّوميُّ الكَرمانيّ، المشهور بـ"ابن
المَلَك الحنفيِّ" (المتوفى: 854 هـ) _رحمه الله_ في "شرح
المصابيح" (2/ 18):
"(قال :
أَو غير ذلك؟)
وهذا الابتلاء
والامتحان ليَنظرَ هل يثبتُ على ذلك المطلوب العظيم الذي لا يقابله شيء؛ فإن
الثباتَ على طلب أعلى المقامات من أتم الكمالات." اهـ
وقال محمَّدُ
بنُ عبدِ اللطيف الرُّوميُّ الكَرمانيّ، المشهور بـ"ابن
المَلَك الحنفيِّ" (المتوفى: 854 هـ) _رحمه الله_ في "شرح
المصابيح" (2/ 18):
وفيه: إشارة
إلى أن هذه المرتبةَ العليا لا تحصل بمجرد السجود، بل به مع دعائه _عليه الصلاة
والسلام_ له إياها من الله _تعالى_،
وفي قوله: (عَلَى
نَفْسِكَ): إيذانٌ بأن نيلَ المراتب العَلِيَّة إنما يكون بمخالفة النفس وكسر
الشهوة." اهـ
وقال علي بن سلطان، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى
: 1014 هـ) _رحمه الله_ في "مرقاة
المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (2/ 723):
"وَفِيهِ:
أَنَّ مُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ
لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِقُرْبٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى." اهـ
وقال
الحسين بن محمد اللاعيّ، المعروف بـ"المَغرِبي" (المتوفى: 1119 هـ) _رحمه الله_ في "البدر التمام شرح بلوغ
المرام" (3/ 233):
في الحديث:
دلالة على فضيلة السجود، وأنه يستعان به على تنزيه النفس من الصفات الذميمة،
وتحليتها بكريم الأخلاق، فيناسب بذلك القرب والمرافقة لمن هو على خُلُق كريم،
وفي هذا
المعنى قوله _صلى الله عليه وسلم_: (أقرَبُ مَا يكون الْعبد من ربه وهو ساجد)."
اهـ
وقال محمد بن
إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني"
(المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "سبل السلام" (1/ 333):
"وَفِيهِ:
دَلَالَةٌ عَلَى كَمَالِ إيمَانِ الْمَذْكُورِ وَسُمُوِّ هِمَّتِهِ إلَى أَشْرَفِ الْمَطَالِبِ
وَأَعْلَى الْمَرَاتِبِ وَعَزْفِ نَفْسِهِ عَنْ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا.
* وَدَلَالَةٌ
عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ،
فَإِنَّهُ لَمْ يُرْشِدْهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ إلَى نَيْلِ مَا
طَلَبَهُ، إلَّا بِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ مَطْلُوبَهُ أَشْرَفُ
الْمَطَالِبِ." اهـ
وقال الشيخ محمد
بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ)
_رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (2/ 102):
"والذين
يخدمون النبي _صلى الله عليه وسلم من الأحرار عدد، (منهم ربيعة بن كعب، ومنهم ابن
مسعود)، ولهم الشرف بخدمة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وكان من أهل الصفة.
وأهل الصفة
رجال مهاجرون، هاجروا إلى المدينة، وليس لهم مأوى، فوطنهم النبي _عليه الصلاة
والسلام_ في صُفَّةٍ في المسجد النبوي، وكانوا أحياناً يبلغون الثمانين، وأحياناً
دون ذلك، وكان الصحابة _رضي الله عنهم_ يأتونهم بالطعام واللَّبَنَ وغيْرَهُ، مما يَتَصدقون به
عليهم." اهـ
وقال الشيخ محمد
بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ)
_رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (2/ 103):
"وكثرةُ
السجودِ تستلزمُ كثرةَ الركوعِ، وكثرةُ الركوعِ تستلزم كثرةَ القيامِ؛ لأن كل صلاة
في كل ركعة منها ركوعٌ وسجودانِ. فإذا كثُر السجودُ، كثُر الركوعُ، وكثُر القيامُ،
وذكر السجود
دون غيره، لأن السجود أفضل هيئةٍ للمصلي، فإنَّ أقرَبَ ما يكون العبد من ربه، وهو
ساجد، وإن كان المصلى قريباً من الله؛ قائماً كان، أو راكعاً، أو ساجداً، أو
قاعداً، لكن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد. وفي هذا دليل على فضل السجود."
اهـ
شرح رياض
الصالحين (2/ 104) :
* وفي هذا :
دليل على أن الصلاة مهما أَكْثَرْتَ مِنْهَا، فهو خيْرٌ، إلا أنه يستثنى من ذلك
أوقات النهي،
وأوقات النهي
هي: منْ صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس مِقْدَارَ رُمْحٍ،
وعند قيامها في منتصف النهار حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى الغروب،
فإن هذه
الأوقات الثلاثة لا يجوز للإنسان أن يصلي فيها صلاة تطوع، إلا إذا كان لها سبب،
كتحية المسجد، وسنة الوضوء، وما أشبه ذلك.
* وفي الحديث
: دليل على جواز استخدام الرجل الحر، وأن ذلك لا يعد من المسألة المذمومة، فلو أنك
قلت لشخص من الناس ممن يقومون بخدمتك: (أعطني كذا، وأعطني كذا)، فلا بأس،
وكذلك لو قلت
لصاحب المنزل: (أعطِنِيْ مَاءً، صُبَّ لِيْ فِنْجَانَ
قَهْوَةٍ)، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس، لأن هذا لا يعد من السؤال المذموم، بل هذا من
تمام الضيافة، وقد جرب العادة بمثله.
* وفيه : دليل
أيضاً على أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ لا يملك أن يدخل أحداً الجنة، ولهذا لم
يضمن لهذا الرجل أن يعطيه مطلوبه، ولكنه قال له: (فأعني على نفسك بكثرة السجود).
فإذا قام
بكثرة السجود التي أوصاه بها رسول الله___ _صلى الله عليه وسلم_، فإنه حري بأن
يكون مرافقاً للرسول _صلى الله عليه وسلم_ في الجنة. والله الموفق." اهـ
وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الوَلَّوِي المشهور بـ"الإثيوبي" (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في
"ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" (14/ 16):
"في
فوائده :
(منها) :
الحثُّ على كثرة السجود، والترغيب فيه، والمراد به السجود في الصلاة
(ومنها) : أن
فيه دليلًا لمن يقول: كثرة السجود أفضل من إطالة القيام، وقد تقدم الخلاف في
المسألة، وأن الراجح أن إطالة القيام أفضل من كثرة السجود في الباب الماضي
(ومنها) :
اهتمام الرئيس بأمر مرؤوسيه، وسؤاله إياهم ما يحتاجون إليه
(ومنها) :
جواز طلب الرُّتَب الرفيعة
(ومنها) : أن
من عامة الناس من يكون مع الأنبياء في الجنة
(ومنها) :
الحث على مجاهدة النفس، وقهرها بكثرة الطاعة، وعلى أن نيل المراتب العلية بمخالفة
النفس الدَّنيَّة
(ومنها) :
مزيد فضل الصلاة، وأن الإكثار منها سبب لعلو الدرجات، ومصاحبته - صلى الله عليه
وسلم - في دار الكرامة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد
إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب". اهـ
وقال محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب المالكي الأزهري، أبو محمد السّبكي (المتوفى 1352 هـ) _رحمه الله_ في "المنهل
العذب المورود شرح سنن أبي داود" (7/ 249):
"(فقه
الحديث)
* دل الحديث
على حث الرءيس على الأهتمام بأمر مرءوسيه وسؤاله إياهم ما يحتاجونه، وجواز طلب
الرتب الرفيعة،
* وأن من
الناس من يكون مع الأنبياء في الجنة
* وعلى الحث
على مجاهدة النفس وقهرها بكثرة الطاعة،
* وعلى أن نيل
المراتب العلية إنما يكون بمخالفة النفس الدنية،
* وعلى مزيد
فضل الصلاة،
* وأن كثرتها
سبب لعلو الدرجات ومصاحبته _صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم_ في دار الكرامات.
* وفيه : دليل
لمن يقول إن كثرة الركوع والسجود أفضل من طول القيام، وتقدم بيانه في باب الدعاء
في الركوع والسجود." اهـ
محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري
الشافعي (المتوفى 1441 هـ) _رحمه الله_ في "الكوكب الوهَّاج والرَّوض
البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (7/ 391):
"قال
القرطبي:
الحديث دليل
على أن كثرة السجود أفضل من طول القيام، وهي مسألة اختلف العلماء فيها:
* فذهبت طائفة
إلى ظاهر هذا الحديث،
* وذهبت طائفة
أخرى إلى أن طول القيام أفضل متمسكين بقوله _صلى الله عليه وسلم_: "أفضلُ
الصلاةِ طُولُ القُنوتِ" رواه مسلم والترمذي من حديث جابر بن عبد الله رضي
الله تعالى عنهما،
وفسروا القنوت
بالقيام كما قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ذكر هذه المسألة والخلاف
فيها الترمذي.
والصحيح
من
فعل النبي _صلى الله عليه وسلم_: أنه كان يطول في قيام صلاة الليل وداوم على ذلك
إلى حين موته، فدل على أن طول القيام أفضل.
ويحتمل
أن يقال إن ذلك يرجع إلى حال المصلي فرب مصل يحصل له في حال القيام من الحضور
والتدبر والخشوع ما لا يحصل له في السجود،
ورب مصل يحصل
له في السجود من ذلك ما لا يحصل له في القيام فيكون الأفضل له هذه الحال التي حصل
له فيها ذلك المعنى الذي هو روح الصلاة والله تعالى أعلم." اهـ
محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري
الشافعي (المتوفى 1441 هـ) _رحمه الله_ في "الكوكب الوهَّاج والرَّوض
البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (7/ 392):
"هذه
المعية هي النجاة من النار والفوز بالجنة إلا أن أهل الجنة على مراتبهم ومنازلهم
بحسب أعمالهم وأحوالهم، وقد دل على هذا أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم:
"المرء مع من أحب وله ما اكتسب" رواه الترمذي من حديث أنس." [حسن:
ت] [2]."
اهـ
وقال الشيخ محمد
بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ)
_رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة
الإسلامية (2/ 223_224):
"فيستفاد
من هذا الحديث عدة فوائد:
أولًا:
كرم النبي (صلى الله عليه وسلم) وحُسْنُ خُلُقِهِ، وأنه لا يدع لأحد معروفًا إلا
كافأه عليه،
وهذا هو
المشروع يعني: أن يكافأ الإنسان على المعروف؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
"من صنع إليكم معروفًا فكافئوه." [صحيح: د][3].
وفي المكافأة
على صُنْعِ المعروف تشجيعٌ لأهل المعروف على فِعْلِهِ؛ لأن الإنسان إذا كوفئ على
معروف تَشَجَّعَ، بخلاف ما إذا لم يُكَافَأْ صاحِبُ المعروفِ، كما أن في المكافأة على
المعروف رفعًا لشأن الذي صنع فيه المعروف، فإنك قد تجد ذلًا أمام هذا الذي أدى
المعروف،
فإذا كافأته،
صِرْتَ معه مساويًا له، ولهذا قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "اليد العليا
خير من اليد السفلى." [خ م]
فإذا أحد أدى
إليك معروفًا، صارت يده بالنسبة إليك عليا، وإذا كافأته عَلَوْتَ أنْتَ، وصِرْتَ كُفْؤًا
له،
وفي المكافأة
للمعروف امتثالًا لأمر النبي _صلى الله عليه وسلم_، وهذا ينبغي أن يكون على رأس
الفوائد.
وامتثال أمر
النبي (صلى الله عليه وسلم) كله خير وكله بركة، ولو لم___يكن من امتثال الإنسان
لأمر الرسول _صلى الله عليه وسلم_، إلا أنه يَشْعُرُ أن الرسول إمامه أمامه يعني:
كأنه بين يديه يتابعه ويترسم خطاه ويمشي تبعًا له، لكفاه ذلك شرفًا، وإن كان النبي
_صلى الله عليه وسلم_ لا شك أنه في قبره في المدينة، لكن إذا فعلت الشيء امتثالًا
لأمر الرسول _صلى الله عليه وسلم_، صار النبي _صلى الله عليه وسلم_، كأنه أمامك
تتبعه فيما قال." اهـ
وقال الشيخ محمد
بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ)
_رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة
الإسلامية (2/ 224):
* "ويستفاد من هذا الحديث: علو همة ربيعة بن مالك _رضي الله
عنه_ حيث لم يسأل شيئًا من الدنيا وإنما سأل مرافقة النبي _صلى الله عليه وسلم_ في
الجنة.
* ومن فوائده: فضل كثرة الصلاة، وأنها سبب لأن يكون
الإنسان رفيقًا لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في الجنة، لقوله: "أعني على
نفسك بكثرة السجود".
* ومنها أيضًا: أنه كون الإنسان يعمل عملًا صالحًا، فإنه
يكون محسنًا لنفسه؛ لقوله: "أعني على نفسك بكثرة السجود" فأنت إذا أكثرت
السجود فهذا مصلحة لنفسك ومعونة لها، أي: معونة على ما فيه خيرها وصلاحها."
اهـ
التوضيح عن
توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في سليمان بن
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ النجدي التميمي (المتوفى: 1233هـ) _رحمه
الله_.في "طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" (ص: 298):
"كثرة
السجود بإخلاص هي الوسيلة في قضاء الحاجة ونيل المسؤول." اهـ
[تعليق]:
وقال الشيخ
عبد الزراق بن عبد المحسن البدر _حفظه الله_ في "تذكرة المؤتسي شرح عقيدة
الحافظ عبد الغني المقدسي" (ص: 276): "فمن أراد نيل الشفاعة، فعليه
بالإخلاص والعمل بطاعة الله." اهـ
[1] أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 353) (رقم : 488) عن مَعْدَانُ بْنُ
أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ، قَالَ :
"لَقِيتُ
ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ :
"أَخْبِرْنِي
بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الْجَنَّةَ"، _أَوْ قَالَ
قُلْتُ: بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ_،
فَسَكَتَ.
ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ. ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْ
ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَ: «عَلَيْكَ
بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا
رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»
[2] حديث حسنٌ: حسَّنه الألباني _رحمه الله_ في
"تخريج مشكاة المصابيح" (3/ 1397) (رقم: 5017): عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
مَرَّ
رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نَاسٌ. فَقَالَ
رَجُلٌ ممَّنْ عِنْده: إِني لأحب هَذَا فِي اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ إِلَيْهِ
فَأَعْلِمْهُ» . فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمَهُ فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي
أَحْبَبْتَنِي لَهُ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ. فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكَ مَا احْتَسَبْتَ»
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي «شُعَبِ الْإِيمَانِ» . وَفِي رِوَايَةِ
التِّرْمِذِيِّ: «الْمَرْءُ مَعَ من أحبَّ ولَه مَا اكْتسب»
[3] حديث صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (2/ 128) (رقم : 1672)، وصححه الألباني _رحمه
الله_ في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1041) (رقم: 6021)
Komentar
Posting Komentar