Syarah Muqoddimah Bab Al-Yaqin wat Tawakkul

 

قال الإمام النووي مصنف رياض الصالحين _رحمه الله_ موردا بعض الآيات في الباب :

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى:

{وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ[1] وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} [الأحزاب (22) ]. [2]

 

تفسير الآية:

 

وقال الطبري في "جامع البيان" – ت. شاكر (20/ 236):

"ولمَّا عاين المؤمنون بالله ورسوله جماعاتِ الكفار، قالوا _تسليما منهم لأمر الله، وإيقانا منهم بأن ذلك إنجاز وعده لهم، الذي وعدهم بقوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ... ) إلى قوله (قَرِيبٌ)_:

"(هذا ما وعدنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ)"

فأحسن الله عليهم بذلك من يقينهم، وتسليمهم لأمره الثناءَ، فقال : وما زادهم اجتماع الأحزاب عليهم إلا إيمانا بالله وتسليما لقضائه وأمره، ورزقهم به النصر والظفر على الأعداء." اهـ

 

وتمام الآية: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]

 

التحرير والتنوير (21/ 304) لابن عاشور التونسي المالكي :

"وَكَانَ الله وعدهم بالنصر غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]،

فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ الْأَحْزَابَ وَابْتُلُوا وَزُلْزِلُوا وَرَأَوْا مِثْلَ الْحَالَةِ الَّتِي وُصِفَتْ فِي تِلْكَ الْآيَةِ عَلِمُوا أَنَّهُمْ مَنْصُورُونَ عَلَيْهِمْ، وَعَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِآيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَكَانَتْ آيَةُ الْبَقَرَةِ نَزَلَتْ قَبْلَ وَقْعَةِ الْأَحْزَابِ بِعَامٍ، كَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ." اهـ

 

إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 192_193) لابن القيم :

"فأما من قال : "آمنت"، فلا بد أن يمتحنه الرب ويبتليه، ليتبين: هل هو صادق فى قوله، آمنت، أو كاذب؟ فإن كان كاذبا رجع على عقبيه، وفر من الامتحان، كما يفر من عذاب الله، وإن كان صادقا ثبت على قوله، ولم يزده الابتلاء والامتحان إلا إيمانا على إيمانه...

وأما من لم يؤمن، فإنه يمتحن فى الآخرة بالعذاب، ويفتن به، وهى أعظم المحنتين، هذا إن سلم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها، وعقوبتها التى أوقعها الله بمن لم يتبع رسله وعصاهم، فلا بد من المحنة فى هذه الدار وفى البرزخ، وفى القيامة لكل أحد، ولكن المؤمن أخف محنة وأسهل بلية. فإن الله يدفع عنه بالإيمان، ويحمل عنه به ويرزقه من الصبر والثبات والرضى والتسليم ما يهون به عليه محنته. وأما الكافر والمنافق والفاجر، فتشتد محنته___وبليته وتدوم، فمحنة المؤمن خفيفة منقطعة، ومحنة الكافر والمنافق والفاجر شديدة متصلة." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال المصنف النووي _رحمه الله_ :

وَقالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ[3] قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران (173: 174)]

 

تفسير الآية:

 

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (7/ 404):

"يعني _تعالى ذكرُه_:"وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"، "الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم". اهـ

 

قال الله _تعالى_ :

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)} [آل عمران: 169 - 173]

 

وفي زاد المسير في علم التفسير (1/ 349) :

"قوله تعالى: (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ)

في المراد بـ(الناس): ثلاثة أقوال:

* أحدها: أنهم ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضماناً لتخويف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، قاله ابن عباس، وابن إسحاق.

* والثاني: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي، قاله مجاهد، وعكرمة، ومقاتل في آخرين.

* والثالث: أنهم المنافقون، لمّا رأوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتجهز، نهوا المسلمين عن الخروج، وقالوا: إن أتيتموهم في ديارهم، لم يرجع منكم أحد، هذا قول السدي." اهـ

 

وقال ابن جُزَيٍّ المالكي الغرناطي في "تفسيره" = "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/ 172):

"والصحيح: أن الإيمان يزيد وينقص، فمعناه هنا قوة يقينهم وثقتهم بالله (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) كلمةٌ يدفع بها ما يخاف ويكره،

وهي التي قالها إبراهيم _عليه السلام_ حين ألقي في النار،

ومعنى (حسبنا الله): كافينا وحده، فلا نخاف غيره، ومعنى: (ونعم الوكيل): ثناء على الله وأنه خير من يتوكل العبد عليه ويلجأ إليه." اهـ

 

وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (3/ 330):

"فَأَهْلُ الْيَقِينِ إذَا اُبْتُلُوا ثَبَتُوا؛ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ الِابْتِلَاءَ قَدْ يُذْهِبُ إيمَانَهُ أَوْ يُنْقِصُهُ." اهـ

 

وفي "تطريز رياض الصالحين" (ص: 70) لفيصل آل مبارك الحريملي:

"يمدح تعالى المؤمنينَ الذين استجابوا لله والرسول بأنَّ تخويف الناس لهم زادهم تصديقًا ويقينًا وقوة، وقالوا: {حَسْبُنَا اللهُ} ، أي: كافينا الله. {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: الموكول إليه الأمور." اهـ

 

تيسير الكريم الرحمن (ص: 157) للسعدي:

"لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من "أحد" إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى "حمراء الأسد" وجاءهم من جاءهم وقال لهم: {إن الناس قد جمعوا لكم} وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه.

{وقالوا حسبنا الله} أي: كافينا كل ما أهمنا {ونعم الوكيل} المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال المصنف _رحمه الله_ :

وَقالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان (58)]

 

تفسير الآية

 

جامع البيان ت شاكر (19/ 286) للطبري :

"يقول _تعالى ذكره_ : وتوكل يا محمد على الذي له الحياة الدائمة التي لا موت معها، فثق به في أمر ربك وفوّض إليه، واستسلم له، واصبر على ما نابك فيه." اهـ

 

تفسير القرطبي (13/ 62) :

"قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) تَقَدَّمَ مَعْنَى التَّوَكُّلِ فِي" آلِ عِمْرَانَ" وَهَذِهِ السُّورَةِ، وَأَنَّهُ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ الْأُمُورِ، وَأَنَّ الْأَسْبَابَ وَسَائِطُ أَمَرَ بِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَيْهَا." اهـ

 

فتح البيان في مقاصد القرآن (9/ 327) لمحمد صديق حسن خان :

"إنه الحقيق بأن يتوكل عليه، وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي الدائم هو الذي يوثق به في المصالح والنافع ودفع المضار، ولا حياة على الدوام إلا الله سبحانه، دون الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ما تواضع من يتوكل عليهم. وقرأها بعض الصالحين فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق، والتوكل اعتماد العبد على الله في كل الأمور، والأسباب وسائط، أمر بها من غير اعتماد عليها." اهـ

 

التحرير والتنوير (19/ 59) لابن عاشور المالكي :

"وَالتَّوَكُّلُ : الِاعْتِمَادُ وَإِسْلَامُ الْأُمُورِ إِلَى الْمُتَوَكَّلِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَكِيلُ، أَيْ الْمُتَوَلِّي مُهِمَّاتِ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى: (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) فِي آلِ عِمْرَانَ [159] .

و(الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَعَدَلَ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ إِلَى هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ لِمَا يُؤْذِنُ بِهِ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الدَّائِمُ فَيُفِيدُ ذَلِكَ مَعْنَى حَصْرِ التَّوَكُّلِ فِي الْكَوْنِ عَلَيْهِ،

فَالتَّعْرِيفُ فِي (الْحَيِّ) لِلْكَامِلِ، أَيْ الْكَامِلِ حَيَاتُهُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ بَاقِيَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ وَحَيَاةُ غَيْرِهِ مُعَرِّضَةٌ لِلزَّوَالِ بِالْمَوْتِ وَمُعَرَّضَةٌ لِاخْتِلَالِ أَثَرِهَا بِالذُّهُولِ كَالنَّوْمِ وَنَحْوِهُ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَوْتِ، فَالتَّوَكُّلُ عَلَى غَيْرِهِ مُعَرَّضٌ لِلِاخْتِلَالِ وَلِلِانْخِرَامِ. وَفِي ذِكْرِ الْوَصْفَيْنِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ نَاطُوا آمَالَهُمْ بِالْأَصْنَامِ وَهِيَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ.

وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَرْءَ الْكَامِلَ لَا يَثِقُ إِلَّا بِاللَّهِ لِأَنَّ التَّوَكُّلَ عَلَى الْأَحْيَاءِ الْمُعَرَّضِينَ لِلْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُفِيدُ أَحْيَانًا لَكِنَّهُ لَا يَدُومُ." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 70)

وفيه: إشارة إلى أنَّ من توكل على غير الله فقد ضاع؛ لأنه يموت. قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص (88) ]

 

وقال المصنف _رحمه الله_ :

وَقالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم (11) ]

 

تفسير الآية:

 

تيسير الكريم الرحمن (ص: 146) للسعدي:

"ففيها:

* الأمر بالتوكل: الذي هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة بالله،

* وأنه بحسب إيمان العبد يكون توكله،

* وأن المؤمنين أولى بالتوكل على الله من غيرهم، وخصوصا في مواطن الشدة والقتال، فإنهم مضطرون إلى التوكل والاستعانة بربهم والاستنصار له، والتبري من حولهم وقوتهم، والاعتماد على حول الله وقوته.

فبذلك ينصرهم ويدفع عنهم البلايا والمحن." اهـ

 

وفي "جامع الرسائل" لابن تيمية - رشاد سالم (1/ 95):

"فَائِدَة: يبين سُبْحَانَهُ أَنه هُوَ النَّاصِر دون غَيره، فَقَالَ:

{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} [آل عمران: 160]،

فَنهى عَن التَّوَكُّل على غَيره، وَأمر بالتوكل عَلَيْهِ، ليحصل للمتوكل عَلَيْهِ النَّصْر الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره وَإِلَّا فالمتوكل على غَيره يطْلب مِنْهُ النَّصْر،

فَإِن كَانَ ذَلِك الْمَطْلُوب لَا يحصل مِنْهُ، لم يكن لذكر انْفِرَاده بالنصر معنى، فَإِنَّهُ على هَذَا القَوْل، نَصْرُه لمن توكل عَلَيْهِ، كنصره لمن لم يتوكل عَلَيْهِ.

وَهَذَا يُنَاقض مَقْصُود الْآيَة، بل عِنْد هَؤُلَاءِ قدْ ينصُرُ من يتوكل على غَيره، وَلَا ينصر من توكل عَلَيْهِ!

فَكيف يَأْمر بالتوكل عَلَيْهِ دون غَيره مَقْرُونا بقوله: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} [آل عمران: 160]." اهـ

 

تفسير القاسمي = محاسن التأويل (2/ 402) :

"وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي أن يدفع الإنسان ما يعرض له من مكروه وآفة بالتوكل على الله، وأن يصرف الجزع عن نفسه بذلك التوكل." اهـ

 

طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص: 256)

التوكل وهو الوسيلة والإنابة وهى الغاية، فإن العبد لا بد له من غاية مطلوبة، ووسيلة موصلة إلى تلك الغاية فأَشرف غاياته التى لا غاية له أجل منها عبادة ربه، والإنابة إليه. وأعظم وسائله التى لا وسيلة له غيرها البتة التوكل على الله والاستعانة به، ولا سبيل له إلى هذه الغاية إلا بهذه الوسيلة، فهذه أشرف الغايات، وتلك أشرف الوسائل

 

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 128) :

"وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْإِيمَانِ عِنْدَ انْتِفَاءِ التَّوَكُّلِ. فَمَنْ لَا تَوَكُّلَ لَهُ لَا إِيمَانَ لَهُ" اهـ

 

 

 

 

وقال المصنف _رحمه الله_ :

وَقالَ تَعَالَى : {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} [آل عمران (159) ] .

 

تفسير الآية:

 

تفسير القرطبي (4/ 252)

"قَالَ قَتَادَةُ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، لَا عَلَى مُشَاوَرَتِهِمْ. وَالْعَزْمُ هُوَ الْأَمْرُ الْمُرَوَّى الْمُنَقَّحُ، وَلَيْسَ رُكُوبُ الرَّأْيِ دُونَ رَوِيَّةٍ عَزْمً." اهـ

 

التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 169) لأبي القاسم ابن جُزَيٍّ الغرناطي (ت 741 هـ) _رحمه الله_:

"التوكل هو الاعتماد على الله في تحصيل المنافع أو حفظها بعد حصولها، وفي دفع المضرات ورفعها بعد وقوعها، وهو من أعلى المقامات، لوجهين: أحدهما قوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ والآخر: الضمان الذي في قوله : وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق/ 3]

وقد يكون واجبا لقوله تعالى : وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة/ 23]

فجعله شرطا في الإيمان، والظاهر قوله جل جلاله، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران/ 122]

فإن الأمر محمول على الوجوب.

وأعلم أن الناس في التوكل على ثلاثة مراتب:

الأولى : أن يعتمد العبد على ربه، كاعتماد الإنسان على وكيله المأمون عنده الذي لا يشك في نصيحته له، وقيامه بمصالحه،

والثانية: أن يكون العبد مع ربه كالطفل مع أمه، فإنه لا يعرف سواها، ولا يلجأ إلّا إليها،

والثالثة: أن يكون العبد مع ربه: كالميت بين يدي الغاسل، قد أسلم نفسه إليه بالكلية، فصاحب الدرجة الأولى له حظ من النظر لنفسه، بخلاف صاحب الثانية، وصاحب الثانية له حظ من المراد والاختيار بخلاف صاحب الثالثة. وهذه الدرجات مبنيّة على التوحيد الخاص الذي تكلمنا عليه في قوله: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [البقرة/ 163]

فهي تقوى بقوته، وتضعف بضعفه." اهـ

 

لباب التأويل في معاني التنزيل (1/ 312) للخازن:

قوله تعالى : فَإِذا عَزَمْتَ يعني على المشاورة فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي فاستعن بالله في أمورك كلها وثق به ولا تعتمد إلا عليه فإنه ولي الإعانة والعصمة والتسديد،

والمقصود: أن لا يكون للعبد اعتماد على شيء، إلا على الله تعالى في جميع أموره، وأن المشاورة لا تنافي التوكل،

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) يعني المتوكلين عليه في جميع أمورهم." اهـ

 

فتح البيان في مقاصد القرآن (2/ 365)

وفيه إشارة إلى أن التوكل ليس هو إهمال التدبير بالكلية وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافياً للأمر بالتوكل بل هو مراعاة الأسباب الظاهرة، مع تفويض الأمر إلى الله، والاعتماد عليه بالقلب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال المصنف _رحمه الله_:

 

وَقالَ تَعَالَى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق (3) ] : أي كافِيهِ.

 

تفسير الآية :

 

مجموع الفتاوى (10/ 550) لابن تيمية:

"وَهَذَا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ - بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا - سَبَبٌ لِجَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ قُوَّةَ الْعَبْدِ وَتَصْرِيفَ الْكَوْنِ." اهـ

 

مجموع الفتاوى (13/ 323_324)

فَافْتَرَقَ النَّاسُ هُنَا أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ:

* صِنْفٌ: لَا يَعْبُدُونَهُ وَلَا يَتَوَكَّلُونَ عَلَيْهِ، وَهُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ.

* وَصِنْفٌ: يَقْصِدُونَ عِبَادَتَهُ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ وَتَرْكِ مَا حَظَرَ، لَكِنْ لَمْ يُحَقِّقُوا التَّوَكُّلَ وَالِاسْتِعَانَةَ، فَيَعْجِزُونَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يَطْلُبُونَهُ، وَيَجْزَعُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَصَائِبِ.

ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ وَيَجْعَلُ نَفْسَهُ هُوَ الْمُبْدِعَ لِأَفْعَالِهِ؛ فَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَسْتَعِينُونَهُ وَلَا يَطْلُبُونَ مِنْهُ صَلَاحَ قُلُوبِهِمْ وَلَا تَقْوِيمَهَا وَلَا هِدَايَتَهَا.

وَهَؤُلَاءِ مَخْذُولُونَ كَمَا هُمْ عِنْدَ الْأُمَّةِ كَذَلِكَ، وَقَوْمٌ يُؤْمِنُونَ بِالْقَدَرِ قَوْلًا وَاعْتِقَادًا؛ لَكِنْ لَمْ تَتَّصِفْ بِهِ قُلُوبُهُمْ عِلْمًا وَعَمَلًا كَمَا اتَّصَفَتْ بِقَصْدِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ؛ فَهُمْ أَيْضًا ضُعَفَاءُ عَاجِزُونَ.____

* وَصِنْفٌ: نَظَرَ إلَى جَانِبِ الْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي وَالْمَانِعُ وَالْخَافِضُ وَالرَّافِعُ؛ فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ وَالِافْتِقَارُ إلَيْهِ لِطَلَبِ مَا يُرِيدُونَهُ،

فَهَؤُلَاءِ يَحْصُلُ لِأَحَدِهِمْ نَوْعُ سُلْطَانٍ وَقُدْرَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ وَقَهْرٍ لِعَدُوِّهِ؛ بَلْ قَتْلٍ لَهُ وَنَيْلٍ لِأَغْرَاضِهِ؛ لَكِنْ لَا عَاقِبَةَ لَهُمْ؛

فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى؛ بَلْ آخِرَتُهُمْ آخِرَةٌ رَدِيَّةٌ.

وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْكُفَّارِ وَالظَّلَمَةِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ اللَّهِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ دَخَلُوا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِينَ لَا عِبَادَةَ لَهُمْ وَلَا اسْتِعَانَةَ؛

وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي قَوْمٍ عِنْدَهُمْ تَوَجُّهٌ إلَى اللَّهِ وَتَأَلُّهٌ وَنَوْعٌ مِنْ الْخَشْيَةِ وَالذِّكْرِ وَالزُّهْدِ، لَكِنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ التَّوَجُّهُ بِإِرَادَةِ أَحَدِهِمْ وَذَوْقِهِ وَوَجْدِهِ وَمَا يَسْتَحْلِيهِ وَيَسْتَحِبُّهُ لَا بِالْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ،

وَهُمْ أَصْنَافٌ: مِنْهُمْ الْمُعْرِضُ عَنْ الْتِزَامِ الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الشَّيَاطِينِ مِنْ كَشْفٍ لَهُ أَوْ تَأْثِيرٍ. وَهَؤُلَاءِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُومُ بِالْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الظَّاهِرَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ لَكِنْ فِي أَعْمَالِ الْقُلُوبِ لَا يَلْتَزِمُ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ؛ بَلْ يَسْعَى لِمَا يُحِبُّهُ وَيُرِيدُهُ." اهـ

 

بدائع الفوائد (2/ 239) لابن القيم :

"والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم وهو من أقوى الأسباب في ذلك فإن الله حسبه أي كافية ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى لا بد منه كالحر والبرد والجوع والعطش وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبدا وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاء له وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه وبين الضرر الذي يتشفى به منه." اهـ

 

بدائع الفوائد (2/ 240) :

"فلو توكل العبد على الله تعالى حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن، لجعل له مخرجا من ذلك وكفاه ونصره." اهـ

 

طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص: 258) لابن القيم :

ولا ريب أن الكفاية من الله لا تنال إلا بأسبابها من عبوديته، وسببها المقتضى لها هو التوكل، كما قال الله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] ، أى كافية، فجعل التوكل سبباً للكفاية فربط الكفاية بالتوكل كربط سائر الأسباب بمسبباتها

 

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 128)

فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْجَزَاءِ الَّذِي حَصَلَ لِلْمُتَوَكِّلِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّوَكُّلَ أَقْوَى السُّبُلَ عِنْدَهُ وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ. وَلَيْسَ كَوْنُهُ وَكَلَ الْأُمُورَ إِلَى نَفْسِهِ بِمُنَافٍ لِتَوَكُّلِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ، بَلْ هَذَا تَحْقِيقُ كَوْنِ الْأُمُورِ كُلِّهَا مَوْكُولَةً إِلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ وَتَحَقَّقَهُ مَعْرِفَةً صَارَتْ حَالُهُ التَّوَكُّلَ - قَطْعًا - عَلَى مَنْ هَذَا شَأْنُهُ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا مَوْكُولَةٌ إِلَيْهِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهَا. فَهُوَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهِ. وَتَفْوِيضِهِ إِلَيْهِ. وَثِقَتِهِ بِهِ مِنَ الْوَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ فَقْرِهِ، وَعَدَمِ مِلْكِهِ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ. وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْأَمْرِ كُلِّهِ بِيَدِهِ وَإِلَيْهِ. وَالتَّوَكُّلُ يَنْشَأُ مِنْ هَذَيْنِ الْعِلْمَيْنِ.

 

بحر العلوم (3/ 461) للسمرقندي :

"من يثق بالله في الرزق فَهُوَ حَسْبُهُ يعني: الله كافيه." اهـ

 

تيسير الكريم الرحمن (ص: 870) :

"وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال المصنف _رحمه الله_:

 

وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال (2) ][4] .

 

تفسير الآية:

 

جامع البيان ت شاكر (13/ 385):

"يقول تعالى ذكره : ليس المؤمن بالذي يخالف الله ورسوله، ويترك اتباعَ ما أنزله إليه في كتابه من حدوده وفرائضه، والانقياد لحكمه، ولكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وَجِل قلبه، وانقاد لأمره، وخضع لذكره، خوفًا منه، وفَرَقًا من عقابه، وإذا قرئت عليه آيات كتابه صدّق بها، وأيقن أنها من عند الله، فازداد بتصديقه بذلك، إلى تصديقه بما كان قد بلغه منه قبل ذلك، تصديقًا. وذلك هو زيادة ما تلى عليهم من آيات الله إيَّاهم إيمانًا

"وعلى ربهم يتوكلون"، يقول: وبالله يوقنون، في أن قضاءه فيهم ماضٍ، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه." اهـ

 

تفسير القرطبي (7/ 365)

وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالْخَوْفِ وَالْوَجَلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ. وَذَلِكَ لِقُوَّةِ إِيمَانِهِمْ وَمُرَاعَاتهمْ لِرَبِّهِمْ، وَكَأَنَّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ" وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ «2» ". وَقَالَ" وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ". فَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى كَمَالِ___الْمَعْرِفَةِ وَثِقَةِ الْقَلْبِ. وَالْوَجَلُ: الْفَزَعُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 12)

{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أَيْ: لَا يَرْجُونَ سِوَاهُ، وَلَا يَقْصِدُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَلَا يَلُوذُونَ إِلَّا بِجَنَابِهِ، وَلَا يَطْلُبُونَ الْحَوَائِجَ إِلَّا مِنْهُ، وَلَا يَرْغَبُونَ إِلَّا إِلَيْهِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْمُلْكِ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ؛ وَلِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ جِمَاعُ الْإِيمَانِ.

 

تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 291) :

واعلم أن المؤمن إذا كان واثقا بوعد الله ووعيده كان من المتوكلين عليه لا على غيره وهي درجة عالية ومرتبة شريفة لأن الإنسان يصير بحيث لا يبقى له اعتماد في شيء من أموره إلا على الله عز وجل واعلم أن هذه المراتب الثلاث أعني الوجل عند ذكر الله وزيادة الإيمان عند تلاوة القرآن والتوكل على الله من أعمال القلوب

 

تيسير الكريم الرحمن (ص: 315) :

"يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن الله تعالى سيفعل ذلك.

والتوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد ولا تكمل إلا به." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] وفي زاد المسير في علم التفسير (3/ 455_456) لابن الجوزي :

"وفي ذلك الوعد قولان :

أحدهما : أنه قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ الآية: فلمَّا عاينوا البلاء يومئذ قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، قاله ابن____عباس، وقتادة في آخرين.

والثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعدهم بالنّصر والظهور على مدائن كسرى وقصور الحِيرة، ذكره الماوردي وغيره." اهـ

[2] وفي تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 392) :

"وَقَوْلُهُ: {وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}: دَلِيلٌ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَقُوَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ، كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ: إِنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي أَوَّلِ "شَرْحِ الْبُخَارِيِّ" وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ." اهـ

[3] وفي زاد المسير في علم التفسير (1/ 349) :

"قوله تعالى : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)، يعني : أبا سفيان وأصحابه." اهـ

[4] وفي تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 12) :

"وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَشْبَاهِهَا، عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَفَاضُلِهِ فِي الْقُلُوبِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ، بَلْ قَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي أَوَّلِ الشَّرْحِ الْبُخَارِيِّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين