شرح الحديث 52 - باب الوضوء - من بلوغ المرام

 

52 - وَعَنْ عُمَرَ _رضي الله عنه_، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_:

"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ:

(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)،

إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنَ أَيِّهَا شَاءَ".

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ،

وَزَادَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ).

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/ 209/ 17) (رقم: 234)، وأبو داود في "سننه" (1/ 43) (رقم: 169)، الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 77) (رقم: 55)، والنسائِيُّ في "سننه" (1/ 92) (رقم: 148)، وفي "السنن الكبرى" (1/ 129 و 9/ 38) (رقم: 140 و 9832)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 159) (رقم: 470)

 

نص الحديث:

 

وَعَنْ عُمَرَ _رضي الله عنه_، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_:

"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ:

(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)،

إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنَ أَيِّهَا شَاءَ".

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ،

وَزَادَ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ).

 

ففي "صحيح مسلم" (1/ 209) (رقم: 234):

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:

كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ[1]، فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ[2]، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ:

«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»

قَالَ فَقُلْتُ:

"مَا أَجْوَدَ هَذِهِ، فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ:

الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا عُمَرُ قَالَ:

إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ:

"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ:

(أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ)، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ".

 

ولفظ الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 77_78) (رقم: 55) - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الثَّعْلَبِيُّ الكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ، وَأَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ)، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ."

 

تنبيه حول زيادة الترمذي:

 

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" (2/ 382):

"قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي "كتاب الْعِلَل": سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ، فَقَالَ: "هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس، عَن عقبَة، عَن عمر.

وَمُعَاوِيَة عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي عُثْمَان، عَن جُبَير بن نفير، عَن عمر.

قَالَ: وَلَيْسَ لأبي إِدْرِيس سَماع من عمر.

قلت: من أَبُو عُثْمَان هَذَا؟ قَالَ: شيخ لم أعرف اسْمه.

وَقد نَص التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه على أَن أَبَا إِدْرِيس، لم يسمع من عمر، وَالْقَوْل بِأَن أَبَا عُثْمَان لم يسمعهُ من عمر، هُوَ لأجل إِدْخَال جُبَير بن نفير بَينهمَا." اهـ

 

وقال الدكتور ماهر ياسين الفحل _حفظه الله_ في "تحقيق بلوغ المرام من أدلة الأحكام" (ص: 65):

"زيادة شاذة؛ تفرد بها زيد بن حباب، وخالف غيره من الرواة الذين لم يذكروها، وهو قد أخطأ في الإسناد كذلك. ولمزيد إيضاحٍ، اُنْظُرْ كتابي «الجامع في العلل والفوائد» 5/ 57 - 63. أخرجه: الترمذي (55)." اهـ

 

بيان علة الحديث مفصلا:

 

أما بعد:

فهذا بحث مختصر حول زيادة مشهورة أردت أن أبين فيه ما ظهر لي فيها من ضعف، خلاف ما هو مشهور بين طلاب العلم من صحتها.

 

وقد خالفت فيه المشهور في التخريج من جمع الطرق في مكان واحد ثم الكلام عليها مع أن هذا المسلك هو الأفضل وهو المحبب إلى نفسي وذلك بغرض ذكر كلام من صححها وشواهده ثم ذكر ما فيها من ضعف.

 

وهذا البحث هو جزء من تخريجي المطول على أحاديث بلوغ المرام والذي قد أنهيت منه كتاب الطهارة وشيء من كتاب الصلاة أسأل الله تعالى التمام.

 

قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه (1/ 209) رقم (234):

حدثني محمد بن صالح بن ميمون حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة يعني ابن زيد عن أبي إدريس الخولاني عن عقبة بن عامر. ح وحدثني أبو عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر رضي الله عنه:

"عَنْ عُمَرَ _رضي الله عنه_ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_:

"مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ, فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ, ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ" أَخْرَجَهُ مُسْلِم .

وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ: " اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ ".

 

وقال مسلم رحمه الله:

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالخ عن ربيعة بن زيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن جبير بن نفير بن مالك الحضرمي عن غقبة بن عامر الجهني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر مثله غير أنه قال: " من توضأ فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله)."

 

حكم زيادة الترمذي في حديث عمر بن الخطاب في دعاء الفراغ من الوضوء:

"اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"

 

= الحديث بهذه الزيادة أخرجه الترمذي (1/ 77) رقم (55)، قال:

حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي حدثنا زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر بن الخطاب فذكره ..

 

أقول وبالله التوفيق:

- أولا: تفرد بهذه الزيادة شيخ الترمذي جعفر بن محمد الثعلبي - وهو صدوق كما قال أبو حاتم (التهذيب 2/ 89) – تفرد بها من بين جميع الرواة الذين رووه عن زيد بن حباب،

ومنهم: أبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، ومحمد بن علي بن حرب، وموسى بن عبد الرحمن المسروقي، وعباس الدوري، وغيرهم. فلم يذكروه،ا ولا يخفى مكانة هؤلاء ومنزلتهم حفظا وإتقانا.

وأيضا قد ذكر هؤلاء الحفاظ – ممن سبق ذكرهم - الواسطة بين أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان وبين عمر بن الخطاب وهو جبير بن نفير وعقبة رضي الله عنه، بينما أسقط شيخ الترمذي – وهو جعفر بن محمد –: عقبة رضي الله عنه من الإسناد، مما يدل على عدم إتقانه وضبطه للحديث.

 

- ثانيا: ثم إن الحديث روي من طرق متعددة غير طريق زيد بن حباب، ولم تذكر هذه الزيادة فيها مما يؤكد شذوذها وعدم صحتها.

 

وقد روى الطوسي هذا الحديث في مستخرجه على الترمذي (1/ 233) ولم يذكرها بل رواه على الجادة بدونها.

 

قال الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (1/ 244):

" لم تثبت هذه الزيادة في هذا الحديث فإن جعفر بن محمد شيخ الترمذي تفرد بها ولم يضبط الإسناد فإنه أسقط بين أبي إدريس [وأبي عثمان] وبين عمر: جبير بن نفير وعقبة فصار منقطعا بل معضلا وخالفه كل من رواه عن معاوية بن صالح ثم عن زيد بن حباب " انتهى

 

وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي (1/ 83):

" كل الروايات التي ذكرنا ليس فيها قوله: " اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " إلا في رواية الترمذي وحدها ولا يكفي ذلك في صحتها لما علمت من الاضطراب والخطأ فيها ... الخ ".

 

فصل في ذكر شواهد هذه الزيادة:

 

* أولا: قد ذكر الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 245) والشيخ أحمد شاكر في حاشيته على الترمذي (1/ 83) والألباني في الإرواء (1/ 135) وفي تمام المنة (ص 97):

أن لهذه الزيادة شاهدا عند ابن السني (32) والطبراني في الكبير (2/ 100) والأوسط (5/ 464 - 465) رقم (4892) من حديث ثوبان _رضي الله عنه_.

وفي إسناد ابن السني والكبير: أبو سعيد البقال، واسمه سعيد بن المرزبان الأعور مولى حذيفة بن اليمان،

قال الذهبي في الميزان (2/ 158): " تركه الفلاس وقال ابن معين: لايكتب حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث وقال أبو زرعة: صدوق مدلس، وقال ابن عدي: هو من جملة الضعفاء الذين يجمع حديثهم " ا. ه[3]

وفي إسناد الأوسط مسور بن مورع، قال الطبراني: تفرد به.

وقال الهيثمي: ولم أجد من ترجمه وفيه أحمد بن سهيل الوراق ذكره ابن حبان في الثقات " اهـ من مجمع الزوائد (1/ 244).

 

* ثانيا: قال الحافظ: "وللحديث طريق آخر عند الطبراني في الأوسط من رواية الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان بنحوه تامة بالزيادة والتقييد بالفراغ (مجمع البحرين ص 39 رقم 420) وسالم لم يسمع من ثوبان والراوي له عن الأعمش ليس بالمشهور " ا. ه

 

وهذا الحديث الذي ذكره الحافظ هو الذي ذكرنا أن في إسناده مسور بن مورع العنبري، فرجع للشاهد الأول والله أعلم.

 

* ثالثاً: ذكر الحافظ لهذه الزيادة شاهدا موقوفا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه الطبراني في الدعاء (ص 140) وفي إسناده الحارث الأعور وهو ضعيف جدا كذبه الشعبي وغيره انظر الميزان (1/ 434).

 

وقد أخرجه أيضا عبد الرزاق في مصنفه (1/ 186) من وجه آخر عنه رضي الله عنه ولا يفرح به ففي إسناده يحي بن العلاء البجلي،

قال فيه أحمد: كذاب، وقال ابن معين: ليس بثقة وفي روايته عنه: ليس بشيء، وقال الفلاس والنسائي والدارقطني: "متروك الحديث." انظر التهذيب (11/ 229).

 

* رابعا: ذكر الحافظ لهذه الزيادة أيضا شاهدا آخر أخرجه المستغفري في الدعوات من طريق سالم بن أبي الجعد عن البراء بن عازب مرفوعا وفيه الزيادة. ثم قال الحافظ: هذا حديث غريب.

 

قلت: وهذا الطريق لا يختلف عن سابقه الذي تكلمنا عليه في الشاهد الأول والثاني، فهو لا يخلو من المجاهيل والكذابين مما يزيد هذه الزيادة وهناً، وخاصةً أن المستغفري قال عنه الذهبي: كان صدوقا في نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ولا يوهيها "تذكرة الحفاظ (3/ 1102)

 

* خامسا: قد ذكر البيهقي في سننه (1/ 87) أن لهذه الزيادة شواهد - ذكرها بصيغة التمريض – ذكر منها حديث ابن عمر وأنس رضي الله عنهم أجمعين.

 

فأما حديث أنس رضي الله عنه فقد رواه ابن ماجه (469) وابن السني (33) ولم أجد فيه الزيادة وإسناده ضعيف لضعف زيد العمي الراوي عن أنس، وضعف الحديث ابن حجر والبوصيري وغيرهما.

 

وأما حديث ابن عمر فقد أحاله البيهقي على كتابه الدعوات الكبير ولم أجده فيها بعد البحث ولم أجده في غيره فالله أعلم.

وقد ضعف هذه الزيادة ابن القطان في بيان الوهم (2/ 381 – 382)

 

وأخيرا لعلنا نلخص في نهاية هذه العجالة إلى أن هذه الزيادة لا ترتقي إلى درجة القبول لما قد بينا من ضعف أسانيدها، فمن كان لديه فضل علم، فليبادر به، عَلَّ الله تعالى أن ينفعنا به والله أعلم وأحكم. [جمعه / عدنان الأحمدي]

 

وقال أبو المنذر المنياوي: وأما حديث ابن عمر فقد أحاله البيهقي على كتابه الدعوات الكبير ولم أجده فيها بعد البحث ولم أجده في غيره فالله أعلم.

 

قال البيهقي في "سننه الصغرى" (ص/94) حديث رقم (112):

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبد الحميد الحارثي نا خالي محمد بن سعيد بن زائدة الأسدي حدثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة حدثني ابن عمر وأنس بن مالك:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (توضأ مرة مرة ثم قال هذا وضوء الصلاة الذي لا يقبل الله الصلاة الا به ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال هذا وضوء من توضأ ضعف الله له الأجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال هذا وضوئي ووضوء الانبياء قبلى ووضوء ابراهيم خليل الرحمن من توضأ ثم قال: (أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء."

وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه عبدالرحيم بن زيد العمي. قال عنه الذهبي في "الكاشف": "تركوه". وقال عنه ابن حجر في"التقريب": "متروك كذبه ابن معين"،

وشيخه أيضا ضعيف قال عنه الذهبي: " فيه ضعف، قال ابن عدى: لعل شعبة لم يرو عن أضعف منه "، وقال عنه ابن حجر: "ضعيف".

 

ثم قال البيهقي عقبه:

113 – قلت: "وقد روينا معنى ما قيل في الدعاء والتشهد عن المسيب بن واضح عن حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وكلاهما ضعيف ولم يقع له اسناد قوي والله أعلم."

 

من فوائد الحديث:

 

قال الإثْيُوْبِيُّ _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (6/ 197_199):

"في فوائده:

1 - (منها): بيان الذكر المستحبّ عقب الوضوء.

2 - (ومنها): بيان فضل إحسان الوضوء، واستحباب الشهادتين بعده.

3 - (ومنها): بيان فضل الشهادتين، وكلمة التوحيد.

4 - (ومنها): إثبات الجنّة، وأن لها أبوابًا ثمانية.

5 - (ومنها): بيان أن بعض عباد الله تفتح له أبواب الجنّة كلُّها، ويُدعَى إليها؛ تكريمًا له، وإن كان لا يدخل إلا من باب واحد.

6 - (ومنها): ما قاله الطيبيّ - رحمه الله -:

"القول بالشهادتين عقب الوضوء إشارة إلى إخلاص العمل لله تعالى، وطهارة القلب من الشرك والرياء، بعد طهارة الأعضاء من الحدث والخبث." انتهى ["الكاشف عن حقائق السنن" (3/ 748)]___

7 - (ومنها): أن في قوله: "ثم يقوم، فيصلّي" يؤخذ منه أن القيام في النافلة أفضل من الجلوس، إلا لعذر.

8 - (ومنها): استحباب ركعتين عقب الوضوء، وقد سبق حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_:

أن النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ قال لبلال عند صلاة الفجر:

"يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دَفّ نعليك بين يديّ في الجنة"،

قال: ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طُهُورًا في ساعة ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطُّهور ما كُتِب لي أن أصلي. متّفقٌ عليه.

9 - (ومنها): بيان أن الإخلاص في العمل، وإقبال القلب عليه، وترك الشواغل الدنيويّة هو روح العبادة.

10 - (ومنها): بيان أن الله _عز وجل_ يُعطي الثواب الكثير على العمل القليل الخالص لوجهه؛ فضلًا منه، ومنّةً، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].

11 - (ومنها): بيان حرص الصحابة _رضي الله عنهم_ على فعل الخير، والترغيب فيه، ودلالة الغير عليه.

12 - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة _رضي الله عنهم_ أيضًا من التواضع، وخدمة أنفسهم بأنفسهم.

13 - (ومنها): ما كان عليه الصحابة _رضي الله عنهم_ أيضًا من الحرص في طلب العلم، وحضور مجالسه،

فكلما وجدوا فُرصة انتهزوها، واغتنموها، وصرفوها فيه، ولو كان ذلك على سبيل التناوب، وقد عقد الإمام البخاريّ لذلك بابًا في "كتاب العلم من صحيحه"، فقال: "باب التناوب في العلم"،

ثم أخرج بسنده عن عبد الله بن عباس، عن عمر، قال:

"كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أُمَيَّة بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يومًا، وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك ... " الحديث.___

14 - (ومنها): بيان مشروعيّة التعاون في الأمور المعيشيّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

وقال البسام _رحمه الله_ في "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" (1/ 252_253):

"ما يؤخذ من الحديث:

1 - فضيلةُ الوضوء، وما يعود به على صاحبه مِنَ الثواب الجزيل.

2 - مشروعيةُ إسباغِ الوضوء وإتمامِهِ، وما يحصُلُ به من الأجر العظيم.____

3 - فضل هذا الذكر الجليل، وأنَّه سبب السعادة الأبدية، وهو مستحبٌّ بإجماع العلماء هنا، وبعد الفراغ من الغسل والتيمم؛ لأنَّه طهارة، فسن فيه الذكر.

4 - أنَّ إسباغ الوضوء، والإتيان بعده بهذا الذكر، من أقوى الأسباب في دخول الجنَّة.

5 - إثباتُ البعثِ، والجزاء بعد الموت.

6 - إثباتُ وجودِ الجنَّةِ وأبوابِها الثمانية، والتخيير في الدخولِ من أبوابها لصاحب العمل الفاضل، ممَّن طهر ظاهره وباطنه.

7 - تفتيح أبواب الجنَّة لصاحب هذه المنزلة، يُحمل على أمرين:

أحدهما: تيسيرُ الوصول وتسهيلُ سبل الخير إلى تلك الأبواب، بمعنى أنَّ الله تعالى يُهيِّىء له أسبابَ الأعمال الصالحة التي تبلِّغه هذه الأبواب؛ قال تعالي: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].

الثاني: معنى "فتحت" أي: ستفتح يوم القيامة، فوضع الماضي موضع المستقبل لتحقُّق وقوعه وقربه، وهو ضربٌ من التعبير البلاغي؛ قال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1].

8 - مطابقة هذا الذكر مكمِّلٌ لطهارة الوضوء؛ فإنَّه بعد أنْ طهَّر ظاهره بالوضوء بالماء، طهَّر باطنه بعقيدة التوحيد، وكلمة الإخلاص التي هي أشرف الكلمات.

9 - كلمة التوحيد: هي مجموعُ شهادةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَشَهادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ الله؛ فلا تكفي إحداهما عن الأخرى." اهـ

 

وفي "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" للبسام (1/ 254):

"قال شيخ الإِسلام:

"الوضوءُ عبادةٌ كالصلاة والصوم، فهو لا يعلم إلاَّ من الشّارع، وكلُّ ما لا يعلم إلاَّ من الشَّارع فهو عبادة، وقال: من اعتقد أنَّ البدع قربةٌ وطاعةٌ وطريقٌ إلى الله تعالى، وجعلها من تمام الدين، فهو ضال." اهـ

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 217_219):

"من فوائد حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

* الحث على إسباغ الوضوء؛ لما يترتب عليه من الفضيلة إذا ذكر الذكر من بعده لقوله: "ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء".

* ومنها: أنه لابد لحصول الثواب من الإسلام، فننظر هل هذه الفائدة واضحة؟ يمكن أن تؤخذ من قوله: "ما منكم من أحد" والخطاب للمؤمنين، غير المؤمن لو توضأ وأحسن الوضوء فإنه لا يحصل له ذلك، بل ولا يقبل منه.

* ومن فوائد هذا الحديث: حكمة الشريعة بالتناسب في شرائعها؛ حيث إنه لما حصلت الطهارة الحسية الظاهرة ندب إل الطهارة المعنوية، فإن التوحيد تطهير للقلب من الشرك والوضوء تطهير للأعضاء من الحدث.

* ومن فوائد الحديث: أنه لابد من النطق باللسان فيما يعتبر قولا، أي: لابد للقول من النطق فيه باللسان؛ لقوله: "ثم يقول: أشهد"، ولا يكفي أن يمر ذلك على قلبه، بل لابد من النطق.

* ومن فوائد هذا الحديث: إثبات توحيد الألوهية لقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله"، وتوحيد الألوهية له قسمان: توحيد الألوهية باعتبار تعلقه بالله عز وجل، وتوحيد الألوهية باعتبار تعلقه بفعل العبد؛ ولهذا يعبر عنه بعضهم بتوحيد العبادة وتوحيد الألوهية.

* ومن فوائد هذا الحديث: بطلان جميع الآلهة سوى الله لقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله".___

* ومن فوائد هذا الحديث: تأكيد الكلمات المهمة في قوله: "وحده لا شريك له"، فالأشياء المهمة ينبغي أن تؤكد إما توكيدا لفظيا، وإما توكيدا معنويا، واعلم أن التوكيد هنا ليس المراد بالتوكيد الذي ذكره النحويون، فإن التوكيد الذي ذكره النحويون لفظي ومعنوي، والمعنوي له ألفاظ مخصوصة، مثل: "كل، وجميع"، وما أشبه ذلك، لكن هنا توكيد معنوي بذكر جملة تفيد معنى الجملة التي سبقها.

* ومن فوائد هذا الحديث: شهادة أنَّ محمدا عبد الله ورسوله مقترنة بشهادة التوحيد،

ووجه ذلك: أن كل عبادة لابد فيها من إخلاص، ولابد فيها من متابعة، فالإخلاص يتحقق بشهادة أن لا إله إلا الله، وبالمتابعة تتحقق شهادة أن محمدا عبد الله ورسوله.

* ومن فوائد هذا الحديث: الرد على الغلاة في النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "أن محمدا عبده"، فليس للنبي صلى الله عليه وسلم حظ من الربوبية، هو عبد - عليه الصلاة والسلام- وليس برب.

* ومن فوائد الحديث: الرد على منكري رسالة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "ورسوله".

* ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم حيث جمع بين شرف العبادة وشرف الرسالة لقوله: "عبده ورسوله".

* ومن فوائد الحديث: وجوب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن الله لكونه رسولا من عنده، -تبارك وتعالى-

قال: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حجزين} [الحاقة: 44 - 47].

فكل ما أخبر به - عليه الصلاة والسلام- عن الله فهو حق وصدق، وكذلك كل ما أخبر به عما وقع من الوقائع - حتى وإن لم تتعلق بالشرائع- فإنه يجب تصديقه - عليه الصلاة والسلام- لأنه معصوم من الكذب.

* ومن فوائد الحديث: فضيلة هذا الذكر عقب الوضوء، لكن عقب أي وضوء أم وضوءا كاملا؟ الوضوء الكامل لقوله: "فيسبغ الوضوء".

المؤلف رحمه الله ساق ذكرا في أول الوضوء وذكرا في آخر الوضوء، الذكر في أوله البسملة، والذكر في آخره هذا الذي سمعتم.

وأما في أثناء الوضوء فإنه ليس فيه ذكر، وما يذكر من أن لكل عضو من الأعضاء ذكرا مخصوصا، فإنه لا صحة له، فليس هناك أذكار في الوضوء إلا البسملة في أوله والتشهد في آخره.

* ومن فوائد الحديث: إثبات الجنة وأن لها أبوابا لقوله: "إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية".

* ومن فوائده: أن أبواب الجنة ثمانية، وقد ثبت بالكتاب العزيز أن أبواب النار سبعة، وهذا____مما يشير إلى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من "أن رحمة الله سبقت غضبه"؛

ولهذا كانت أبواب دار كرامته من أبواب دار عقوبته.

* ومن فوائد هذا الحديث: أن من قام بما ذكر تيسرت له أبواب الخير، يعني: فيسره للصلاة الصدقة، الجهاد، كل أبواب الخير.

* ومن فوائد هذا الحديث: الرد على الجبرية الذين ينكرون مشيئة العبد لقوله: "يدخل من أيها شاء"،

وكذلك من قوله: "ما منكم من أحد يتوضأ"، فأضاف الفعل إلى الإنسان، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة السمعية والعقلية والواقعية، وأن الإنسان له مشيئة وإرادة، ولكننا نعلم أن الإنسان إذا شاء شيئا وفعله فإن الله تعالى قد شاءه وقدره ولا شك، فلا يكون في ملك الله تعالى ما لا يريد." اهـ

 

وقال يحيى بن هُبَيْرَة بن محمد بن هبيرة الذهلي الشيبانيّ، أبو المظفر الحنبلي (المتوفى: 560هـ) _رحمه الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (1/ 218):

"* في هذا الحديث من الفقه: إسباغ الوضوء، والكمال فيه ثلاث مرار في كل عضو ما عدا الرأس فإن فيه الخلاف.

والإسباغ في اللغة: أن يشتمل العضو الغسل ويستوعبه، والثوب السابغ: الفاضل عن مقدار طول صاحبه. وقوله: {وأسبغ عليكم نعمه} أي عمكم بها." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (1/ 219_220):

"* وفيه أيضًا من الفقه أن الصلاة التي يقبل عليها العبد بوجهه وقلبه إذا صح له منها ركعتان فصاعدًا وجبت له الجنة، وإنما يوفق لذلك من لا يؤدي شيئًا من أركان الصلاة إلا وهو مفكر فيما يقوله منه، إذ ليس جزء من أجزاء الصلاة إلا وقد عين له ذكر من الأذكار بحسبه؛ حتى إنه إذا خر ساجدًا فيستحب له أن يمد الألف من اسم الله، ليكون بمقدار زمن هويه حتى يكون عند الأرض فيقول: (أكبر)، فيأخذ في التسبيح؛ لئلا يخلو جزء من أجزائه صلاته من ذكر يشغله به.

وينبغي للمسلم أن يكرر اعتماد هذا على نفسه، وإن غفل في بعض صلاته عاد إلى التفهم بقي، فإنه إذا فكر في نفسه ومثل روحه كأنه يشاهد صورة قلبه وهو بين يدي الله عز وجل، وهو يرى صورة قلبه يلتفت يمينًا وشمالا بين يدي الله عز وجل استحيى وخجل من ذلك؛ لاسيما وقلبه إلى أشياء غير لازمة ولا مهمة، وقد يكون منها أشياء يقبح أن تخطر بقلب المؤمن في ذلك المقام، وعلى هذا فإن رحمة الله سبحانه اتسعت في الاحتساب لعبده بالصلاة التي هي صورة الصلاة.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إني لأجهز الجيش وأنا في الصلاة، فمن وفقه الله للطبقة العليا دائمًا فناهيك به، وإلا فليجتهد في أن تخلص له الفرائض على ذلك الوجه، فإن لم ينل ذلك فلا أقل من أن لا ينزل عن مقدار الركعتين اللتين قدرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوجب عليهما الجنة، ومع ذلك فالفقهاء مجمعون على أن من خطر في قلبه وهو يصلي في فرض أو نفل خاطر من أمور الدنيا: المعاش أو غيره؛ فإن صلاته مجزئة عنه.

* وفيه من الفقه: أن الاستحباب للعبد أنه كلما جدد وضوءًا لصلاته فكذلك يجدد الشهادتين لله عز وجل بأنه: لا إله إلا هو؛ ولرسوله لصدقه في رسالته؛ احترازًا من غفلة قد كانت طرقت عليه أمرًا، أو شكًا أو ريبة أو غير ذلك مما يبطل___الصلاة. فإذا جدد الشهادة كان مجددًا لإسلامه قبل دخوله في الصلاة، فتصح صلاته ظاهرًا وباطنًا بيقين.

* وفيه من الفقه أن أبواب الجنة ثمانية يدخل من أيها شاء؛ أي أن كل باب منها له أهل، فإن باب الصدقة يدخل منه المتصدقون، وباب الجهاد يدخل منه المجاهدون، والريان يدخل من الصائمون؛ فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تلك الأعمال فرو على هذا الأصل من إقامة الشهادتين؛ فإذا أتى بهما كان مخيرًا في الفروع من أي أبواب الجنة شاء أن يدخل؛ من باب الصدقة أو من باب الجهاد أو غير ذلك." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 605):

"جمع في هذا الحديث بين طهارة الظاهر بالوضوء، وطهارة الباطن بالتوحيد، وسؤال التوبة، والتطهر من الذنوب والآثام،

وأخبر _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أن ثواب هذا العمل دخولُ الْجَنَّةِ من أَيِّ أَبْوَابِهَا شاء، وبالله التوفيق." اهـ

 

وقال أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ، الأنصاريُّ القرطبيُّ (المتوفى: 656 هـ) _رحمه الله_ في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (3/ 121):

"وفي هذا الحديث ما يدل على أن الذكر بعد الوضوء فضيلةٌ من فضائله ، وعلى أن أبواب الجنة ثمانية لا غير ، وعلى أن داخل الجنة يخير في أي الأبواب شاء

 

وقال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي المصري الشافعي ، المعروف بـ"ابن دقيق العيد القشيري" (المتوفى: 702 هـ) _رحمه الله_ في "شرح الإلمام بأحاديث الأحكام" (5/ 162_163):

فيؤخَذُ منه: أنَّ تعيينَ بعض المسلمين لبعضِ المصالح المتعلقةِ بهم؛ لأنَّ ذلك الإمام[4]، وأما كونُه بعِوَضٍ، أو بغير عوض، فليس في اللفظ ما يدل عليه، والأصلُ عدمُه، وهو أقوى مناسبةً___لـ (علينا) عرفاً ممَّا إذا كان بعِوَض." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 163):

"وفيه: تعديلُ الإمام بين النَّاس في هذه الأفعال، التي تعيَّن فيها مباشرتُها بجعلها مناوبةً بينهم، دَفْعاً للعُسْرِ الناشئ من ملازمةِ الشخصِ الواحدِ للفعلِ دائماً." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 163_164):

"فيه: طلبيَّةُ القيامِ للخُطَبِ والمواعِظِ، وما يُقْصَدُ إبلاغُه من الحديث للسامعين؛ لأنه أبلغُ في تحصيل المقصود،

وقد اختلَف___الفقهاءُ في ركنيَّةِ القيامِ في خطبة الجمعة، ولا يتعدَّى أن يكونَ حكمُه مرتباً على حكمِ القول، فحيثُ لا يجب لا يجب، وحيث يجب أمكن أن يجبَ تحقيقاً عن عُهدة الواجب، وأمكنَ أن لا يجب اكتفاءً بظاهر الحال وعدمِ تحققِ المانع من الإجزاء، وعلى كل حال: فالقدر المشترك من الطلبية حاصلٌ." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 165):

"قد بيَّنا معنى الإقبال على الركعتين، وتعلَّقه بالإخلاص والخشوع، أو كونَه هو، ففي الحديثِ: دليلٌ على طلبية مثلِ ذلك في الصلاة، وقد عَضَدَه غيرُ ذلك من الحديث، وإنما يُكتبُ له ما عقلَ منها." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 165):

"الإحسان في الوضوء من جملة الشرائط المعتبرة في___حصولِ الوعود، والإحسانُ هو الإتيانُ به على الوجه المطلوب شرعاً، من غير غلُوٍّ ولا تقصير." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 166):

"وجوبُ الجنة من حيثُ اللفظُ، لا يدل على عدمِ دخولِ النار، وقد وردَ ذلك في مواضع رُتِّب فيها وجوبُ الجنة، أو دخولُها، على عملٍ مخصوصٍ غيرِ الإيمان، أو معَ الإيمان، فالإيمانُ علَّةٌ مستقلةٌ في وجوب الجنَّة بهذا التفسير." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 167)

الذي قاله عمر - رضي الله عنه -: من أنَّ ما حكاه أجودُ ممَّا سمعه عقبة، لعلَّ سببَه - والله أعلم -: أنَّه أقلُّ شروطاً في استحقاق الثواب المخصوص.

فإن الأول: يقتضي إحسانَ الوضوء، وصلاةَ ركعتين مع الإقبالِ بالقلبِ والوجهِ، وفي ذلك عُسْرٌ على ما يَشْهَدُ به الحال في أكثر الخَلْقِ، من تزاحم الوساوِسِ والخواطِرِ، وتزاحمِهما كثيراً في حقِّ بعضهم.

وأما الثاني: فليس فيه إلا إسباغُ الوضوءِ، أو إبلاغُه، والقولُ المخصوصُ، وذلك يسيرٌ بالنسبة إلى الأوَّلِ، ويحتمل أن يُضاف إلى ذلك ما دلَّ عليه: "فُتِحَتْ له أبوابُ الجنَّة" من زيادة الثواب المرغِّب في العمل، فينضافُ زيادةُ الثواب إلى يُسْرِ العمل على هذا الوجه، فيكون أحسنَ." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 168):

"تفتيحُ أبوابِ الجنةِ للدخولِ، وإنْ دلَّ على الدخولِ، لكنَّ دلالةَ لفظِ الوجوبِ أقوى في الدلالة، واللفظُ الآخرُ دالٌّ على التعظيمِ والتكريمِ مع الدخول،

والأولُ دالٌّ على الوجوب من غير دلالةٍ على هذه الزيادةِ، ففي كلِّ واحدٍ منهما دلالةٌ راجحةٌ ومرجوحةٌ، والله أعلم." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 168):

"قوله - عليه السلام -: "أبوابُ الجنةِ الثمانيةُ" يدل على حصر هذا العدد للأبواب، وحصر الأبواب فيه." اهـ

 

شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (5/ 168_169):

"فإن قيل: فما الفائدة في التخيير في دخوله من أيِّها شاء، مع كونِه لايدخل من بعضها؟ قلنا: الفائدةُ إظهارُ التعظيمِ والشرفِ الناشئِ عن هذا التخيير، وقد لا يكون هذا المعارِضُ - أعني: عدمَ دخولِ غيرِ الصائمين البابَ___الريَّانَ - معلوماً عند هذا المدعوِّ، ولا عندَ السامعين حينئذٍ، فتبقى الفائدةُ كاملةً، وهذا في المثال، كما رُوِيَ عن بعض المتقدمين أنه قال: أُخِذ الميثاقُ على جميع الأنبياءِ أن يؤمنوا بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا ظهر.

مع العلم بأنَّه لا يظهرُ في زمنِ أحدٍ منهم، وإنما ذلك لإظهارِ الشرفِ، وعدمِ العلمِ بعدمِ ظهوره في زمنِ الأنبياءِ السابقين لهم - صلواتُ اللهِ وسلامُه على جميعِهم - السابقين لهم إن كانَ العلمُ غيرَ حاصلٍ لهم - صلوات الله عليهم -، وإن كان حاصلاً، فهو أقوى لما قلناه، وأسَدُّ لما ذكرناه." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 12_13):

"فَإِذَا كَانَ الْوُضُوءُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ مُوجِبًا لِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، صَارَ الْوُضُوءُ نِصْفَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.___

وَأَيْضًا، فَالْوُضُوءُ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي لَا يُحَافِظُ عَلَيْهَا إِلَّا مُؤْمِنٌ، كَمَا فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» [صحيح: ق][5]." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 349):

"قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ عُقَيْبِ الْوُضُوءِ إِشَارَةٌ إِلَى إِخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَطَهَارَةُ الْقَلْبِ مِنَ الشِّرْكِ وَالرِّيَاءِ بَعْدَ طَهَارَةِ الْأَعْضَاءِ مِنَ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ.

قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ عَقِيبَ الْوُضُوءِ كَلِمَتَا الشَّهَادَةِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ." اهـ

 

وقال ولي الله الدهلوي في "حجة الله البالغة" (1/ 298):

"أَقُول: روح الطَّهَارَة لَا يتم إِلَّا بتوجه النَّفس إِلَى عَالم الْغَيْب واستفراغ الْجهد فِي طلبَهَا، فضبط لذَلِك ذكرا ورتب عَلَيْهِ مَا هُوَ فَائِدَة الطَّهَارَة الدَّاخِلَة فِي جذر النَّفس." اهـ

 

وقال ابن رجب _رحمه الله_ في "اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" (ص: 49):

"وقد وردت النصوص أيضاً بحصول الثواب على الوضوء، وهذا زيادة على تكفير السيئات به." اهـ

 

وقال الشوكاني في "قطر الولي على حديث الولي" = "وَلاية الله والطريق إليها" (ص: 392):

"وَمِمَّا يَنْبَغِي لطَالب الْخَيْر ملازمته الْأَدْعِيَة الْوَارِدَة عقب الْوضُوء وعقب الصَّلَوَات وَهِي كَثِيرَة.

وَأَقل الْأَحْوَال أَن يقْتَصر عقب الْوضُوء على مَا أخرجه مُسلم وَأهل السّنَن من حَدِيث عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم أَنه قَالَ:

" مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخل من أَيهَا شَاءَ ". اهـ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 10)

قال ابن سيد الناس:

فائدة تعدد الأبواب وفتحها والدعاء منها هو التشريف في الموقف، والإشارة بذكر من حصل له ذلك على رؤوس الأشهاد،

فليس من يؤذن له في الدخول من باب لا يتعداه، كمن يتلقى من كل باب ويدخل من حيث شاء. وحديث عمر هذا يدل على أن للجنة ثمانية أبواب." اهـ

 

شرح سنن أبي داود للعباد (29/ 3) - بترقيم الشاملة:

"أنهم رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يوفقون بين مصالحهم الدنيوية والفوائد الأخروية التي يرجونها ويطلبونها، وهي الحضور إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وسماع حديثه وتلقي السنن منه، فكانوا يتناوبون رعاية الإبل بدلاً من كون كل واحد يسرح بإبله فيغيبون جميعاً ولا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الواحد منهم له خمس والثاني ثلاث والآخر عشر والثاني تسع وهكذا فيجمعونها مع بعض ثم كل يوم يقوم بها واحد منهم، وإذا كانوا سبعة ففي الأسبوع يذهب الواحد منهم مرة واحدة وبقية الأيام يحضر مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتلقى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على حرصهم على تلقي السنن وجدهم واجتهادهم في تحصيلها وفي ضبطها؛ لأنهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم كانوا يعملون هذا العمل الذي فيه توفيق بين مصالحهم الدنيوية وبين الحصول على ما يعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة، وذلك بسماع النبي صلى الله عليه وسلم وتلقي حديثه منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.[6]


[1]  وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 189) للإثيوبي:

"وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "رِعاية الإبل" يعني إبل الصدقة المنتظر تفريقها، أو الإبل الْمُعَدَّة لمصالح المسلمين. انتهى ["المفهم" (1/ 494)].

قال الجامع عفا الله عنه: على تفسير النوويّ يكون المعنى نقوم بخدمة أنفسنا، وليس لنا خادم يَرْعَى إبلنا، وعلى تفسير القرطبيّ يكون المعنى: كانت علينا أنا وجماعة رعاية إبل الصدقة بالتناوب، فجاءت نوبتي.

والصواب تفسير النوويّ؛ لما في رواية أبي داود في "سننه": عن عقبة بن عامر قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُدّام أنفسنا، نتناوب الرعاية، رعاية إبلنا، فكانت عليّ رعاية الإبل، فروّحتها بالعشيّ ... الحديث، فقد صرّح في هذا أنهم يرعون إبلهم، لا إبل الصدقة، والله تعالى أعلم." اهـ

[2]  وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 190): "(فَرَوَّحْتُهَا) بتشديد الواو: أي رَدَدتُّها إلى مُرَاحها بضمّ الميم: أي مأواها، ومبيتها." اهـ

وفي "شرح الإلمام بأحاديث الأحكام" (5/ 142):

والمُراحُ: موضع مبيت الماشية، بضمِّ الميم. وقال أبو نعيم "فروَّحتها": الخروج بعد الزوال. قال الجوهري: ورَاحَت، وأرَحْتَها: إذا رَدَدْتَها إلى المُراحِ، وقال أيضًا: والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وهو اسمٌ للوقت من زوال الشَّمس إلى الليل." اهـ

[3]  فى علل ابن ابى حاتم: قال ابن حبان:سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال مولى حذيفة بن اليمان وكان أعور من أهل الكوفة يروي عن أنس بن مالك وأبي وائل كثير الوهم فاحش الخطأ ضعفه يحيى بن معين

وفى سؤلات ابي عبيد: قيل لأبي داود أبو سعد البقال قال ليس بثقة وهو مولى حذيفة بن اليمان وكان من قراء الناس قلت لم ترك حديثه قال انسان يرغب عنه سفيان الثوري أيش يكون حاله شعبة روى عنه حديثا

وفى اقوال الدارقطنى: قال البرقاني: سمعت الدارقطنى يقول سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال، متروك.

وفى موسوعه الامام احمد: قال عبد الله بن أحمد: سمعتُ أَبي يقول: ما رأيت سفيان أملى علينا إلا حديثاً واحداً؟ حديث أبي سعد البقال، فإنه أملاه علينا إملاء. قلت: لم؟ قال: لضعف أبي سعد عنده.

وضعفه النسائى فى الضعفاء والعجلى فى الثقات وضعفه ابن عدى فى الكامل، والله اعلم

[4]  لعل المعنى: أن تعيين بعض المسلمين لبعض المصالح المتعلقة بهم تكون بإذن الإمام، ولا تكون بأيديهم.

[5]  أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/ 101) (رقم: 277). صححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 225) (رقم: 952)، و"إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (2/ 135) (رقم: 412)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 232) (رقم: 115)، و"تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 96) (رقم: 292)، و"التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (2/ 337) (رقم: 1034)

[6]  وفي شرح سنن أبي داود للعباد (29/ 3، بترقيم الشاملة آليا):

"ومثل هذا الذي حكاه عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه في تناوبهم في رعاية الإبل وتوفيقهم بين مصالحهم الدنيوية، ومعرفة السنن والأحكام الشرعية التي يتلقونها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً ما جاء في الصحيح عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه: (أنه كان له جار من الأنصار، وكان لهما بساتين في عالية المدينة، فكان يتناوب هو وجاره النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحدهما كان يبقى في بستانه، والثاني ينزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء أخبره بالذي سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم اليوم الثاني ينزل الشخص الذي لم ينزل بالأمس، فكل واحد ينزل في يوم والذي لم ينزل يبقى في بستانه، ومن حضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ ذلك الذي بقي في بستانه بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وبذلك وفقوا بين مصالحهم الدنيوية وبين اشتغال الواحد منهم بتحصيل السنن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه أو بصاحبه الذي ينزل في حال عدم نزوله، وهذا يوضح لنا ويبين لنا عناية أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بتلقي السنن وحفظها ومعرفتها والحرص على تحصيلها واستيعابها رضي الله عنهم وأرضاهم، ولهذا فهم خير الناس وأفضل الناس، وكل من عمل بسنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت عن طريق صحابي من أصحابه الكرام فإن الله تعالى يثيب كل من عمل بتلك السنة ويثيب ذلك الصحابي الذي دل على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أثاب ذلك العامل من حين زمن الصحابة وإلى قيام الساعة." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين