شرح الحديث 28 من كتاب (الأربعين في التربية والمنهج)

 

 

الحديث الثامن والعشرون:

عن معاوية _رضي الله تعالى عنه_ قال:

قال رسول الله ﷺ:

(لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرُّهم مَن خَذَهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس) (۱).

_______________

(۱) أخرجه أحمد والشيخان.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه أحمد في "مسنده" - عالم الكتب (4/ 93 و 4/ 97 و 4/ 99 و 4/ 101) (رقم: 16849 و 16881 و 16912 و 16932)، البخاري في "صحيحه" (4/ 85 و 4/ 207 و 9/ 136) (رقم: 3116 و 3641 و 7460)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1524/ 174_175) (رقم: 1037)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 5) (رقم: 9).

 

نص الحديث وشرحه:

 

وفي "صحيح مسلم" (3/ 1524/ 175) (رقم: 1037):

عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

 

قال المؤلف الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان _حفظه الله_ في كتابه النافع "أربعون حديثا في التربية والمنهج" (ص ٥٩_60):

"قوله: «لا تزال»:

«لا» نافية،

ونفي الزوال يدلّ على استمرار بقاء هذه الطائفة في الدنيا.

ويزيد هذا إيضاحا: أنّ آخر الحديث يؤكّد أوَّله، ففي أوّله: «لا تزال»، وفي آخره: «حتى يأتي أمر الله».

 

صحيح مسلم (3/ 1524/ 176) (رقم: 1924):

عن عبد الله بن عمرو _رضي الله عنهما_:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:

«لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ»، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَجَلْ،

«ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ، فَلَا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا قَبَضَتْهُ، ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ»

 

قوله: «طائفة»:

تشمل الواحد فأكثر.

وفيه: أن دعاة الحق ليس لهم عدد معيَّن ولا مكان معيَّن ولا زمان معين، بل يختلفون في أز منتهم وأمكنتهم وأجناسهم وعددهم، إلا أن الجامع لهم المنهج الحق.

 

تاريخ دمشق لابن عساكر (46/ 409):

عن عبد الله بن مسعود _رضي الله عنه_ قال: "الجماعة: ما وافق الحق وإن كنت وحدك." اهـ

 

الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص: 22)

وَحَيْثُ جَاءَ الْأَمر بِلُزُوم الْجَمَاعَة، فَالْمُرَاد بِهِ: لُزُومُ الْحق، واتباعُه، وان كَانَ المتمسكُ بِالْحَقِّ قَلِيلاً، والمخالِفُ كثيرا، لِأَن الْحق الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ الْجَمَاعَة الأولى من النَّبِي _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ وَأَصْحَابه _رضى الله عَنْهُم_، وَلَا نَظَرَ إلى كَثْرَة أهل الْبَاطِل بعدهمْ.

 

تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (2/ 678) (رقم: 743):

عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:

«اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ كَانُوا أَقَلَّ النَّاسِ فِيمَا مَضَى، وَهُمْ أَقَلُّ النَّاسِ فِيمَا بَقِيَ، الَّذِينَ لَمْ يَذْهَبُوا مَعَ أَهْلِ الْأَتْرَافِ فِي أَتْرَافِهِمْ، وَلَا مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي بِدَعِهِمْ، وَصَبَرُوا عَلَى سُنَّتِهِمْ حَتَّى لَقُوا رَبَّهُمْ، فَكَذَلِكَ فَكُونُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»

 

قوله: «قائمة»:

* فيه: أن دعوة الحق ظاهرة دائِمًا، لكن ظهورها يتفاوت بحسب الأحوال.

* وفيه: أن دعوة الحق بظهورها ووضوحها على الداعين لها تخالف تلك الدعوات التي تتجنب الظهور وتعتمد على السرّية والغموض تارةً وعلى التلون تارةً أخرى.

 

السنة لابن أبي عاصم - ومعها ظلال الجنة للألباني (2/ 509) (رقم: 1070)

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ: "اعْبُدِ اللَّهَ وَلا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَأَقِمِ الصَّلاةَ وَآتِ الزَّكَاةَ وَصُمْ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَاعْتَمِرْ وَاسْمَعْ وَأَطِعْ وعليك بالعلانية وإياك والسر".

 

قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِذَا رَأَيْتَ الْقَوْمَ يَتَنَاجَوْنَ فِي دِينِهِمْ دُونَ الْعَامَّةِ فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ عَلَى تَأْسِيسِ ضَلَالَةٍ»

أخرجه أحمد بن حنبل في "الزهد" (ص: 235 و 236) (رقم: 1676 و 1687)، والدارمي في "سننه" (1/ 343) (رقم: 315)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (1/ 153) (رقم: 251)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (5/ 338)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 932) (رقم: 1774)، وقوام السنة في "الترغيب والترهيب" (1/ 531) (رقم: 968).

 

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ [أسلم القرشي مولى عمر]، قَالَ:

بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ نَاسًا، يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ فَأَتَاهَا فَقَالَ: (يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَبِيكِ، وَلَا بَعْدَ أَبِيكِ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْكِ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفْرَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَكِ. وَايْمُ اللَّهِ، لَئِنْ بَلَغَنِي ذَلِكَ لَأُحَرِّقَنَّ عَلَيْهِمُ الْبَيْتَ)،

فَلَمَّا جَاءُوا فَاطِمَةَ قَالَتْ: (إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ فَاعِلٌ ذَلِكَ)، فَتَفَرَّقُوا حَتَّى بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ."

المذكر والتذكير لابن أبي عاصم (ص: 91_92) (رقم: 19)

 

قال ابن أبي عاصم في "المذكر والتذكير" (ص: 97) تعليقا لأثر عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_:

"وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَمْرٍ يَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ عَنِ اجْتِمَاعِهِمْ مَا يَكُونُ فِيهِ فَسَادٌ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ وَيُوعِدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَعِيدًا،

يُرَهَّبُونَ بِهِ مَعَ اعْتِرَافِ عُمَرَ بِحَقِّ فَاطِمَةَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا_ وَأَنَّهَا أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَبِيهَا _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَقَدَّمَ إِلَيْهَا، وَأَخْبَرَهَا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ، وَمَعْرِفَةُ فَاطِمَةَ بِحَقِّ عُمَرَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_، وَأَنَّهُ يَفِي بِمَوْعِدِه." اهـ

 

قوله: «لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس»:

* فيه: أنّ لدعاة المنهج الحق مضارّين ومخذلين ومخالفين.

* وفيه: تثبيتُ الله _تعالى_ وحِفْظُهُ لدُعاة الحقِّ، وذلك بدفع ضرر المخذلين والمخالفين.___

* وفيه: دوام المخالفة لدعوة الحقِ وأهلِها.

* وفيه: دوام حفظ الله _تعالى_ لدعوة الحق وأهلها.

* وفيه: دوام نفع هذه الطائفة المباركة لأنفسهم وللناس بما يَدُلّون عليه الناسَ من الخير والهدى.

قال الإمام البربهاري _رحمه الله تعالى_:

(واعلم أنه لا يزال الناس في عصابة من أهل الحق والسُّنّة، يهديهم الله ويهدي بهم غيرهم، ويُحيي بهم السنن، فهم الذين وصفهم الله تعالى مع قلتهم عند الاختلاف فقال: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ...} [البقرة: 213]،

فاستثناهم، فقال: {...فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213]،

وقال رسول الله ﷺ: «لا تزال عصابة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خَذَهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون») [شرح السنة للبربهاري (ص ۱۰۱-۱۰۲)]

* وفيه: أن أصحاب هذه الطائفة هم أدرى الناس بالبدع علما وأبعدهم عنها عملا وأشدّهم منها حذرًا وتحذيرا؛ للزومهم للسُّنّة.

قال الإمام أحمد _رحمه الله تعالى_:

«ما أعلمُ الناسَ في زمان أحوجَ منهم إلى طلب الحديث من هذا الزمان. قيل : لماذا؟ قال: ظهرت بدع، فمن لم يكن حديث وقع فيها» [الآداب الشرعية (٢/ ١٢٦)].

فإذا كان هذا في زمان الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فكيف بزماننا هذا؟

* وفيه - وهو الجامع لكلّ ما سبق -: البشارة لأهل دعوة الحق بأنهم هم المنصورون في الدنيا ببقاء دعوتهم، والمنصورون في الآخرة بحصول العاقبة الحميدة، {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]. اللهم اجعلنا ومشايخنا من أصحاب تلك الطائفة.

 

ففي "صحيح مسلم" (4/ 2230/ 52) (رقم: 2907):

عَنْ عَائِشَةَ _رضي الله عنها_، قَالَتْ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى»

فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا."

قَالَ «إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ»

 

مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 176) (رقم: 6645): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ، قَالَ :

كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، وَسُئِلَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟

فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ : فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا،

قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: "أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ)."

وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 33) (رقم: 4)

 

وقال الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 33):

و (رومية) هي روما كما في " معجم البلدان " وهي عاصمة إيطاليا اليوم.

وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف، وذلك بعد

أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح، وسيتحقق

الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولابد، ولتعلمن نبأه بعد حين.

ولا شك أيضا أن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلى الأمة

المسلمة، وهذا مما يبشرنا به صلى الله عليه وسلم."

 

مسند أحمد - عالم الكتب (4/ 103)

(16957):

عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ.

وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ:

«قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ» - صححه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (28/ 154_155) (رقم: 16957)

 

ومن فوائد الحديث:

 

قال الإثيوبي في "مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه" (1/ 121_122):

"في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان فضل اتّباع سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووجه ذلك أن هؤلاء الطائفة ما حصل لهم ذلك النصر، والثبات على مقاومة العدوّ، وإبادته إلا بسبب اتّباعهم سنته -صلى الله عليه وسلم-.

2 - (ومنها): أن فيه بيان فضل هذه الأمّة، حيث إن الله عز وجل أجارها عن اتّفاق على الضلال، فلا تزال جماعة مؤمنة بربّها أيّ إيمان، متّبعة لسنة نبيّها -صلى الله عليه وسلم-، لا يغيّرها حوادث الزمان، ولا يبدّل أحوالها تعاقب الملوان، واختلاف الجديدان، بل تبقى صابرة صامدة على الحقّ، لا تبالي بتآمر جميع الخلق، فسبحان من اصطفى خيار عباده لنيل صَفْوِ وداده.___

3 - (ومنها): أن فيه دلالة على صحّة الإجماع؛ لأن الأمة إذا أجمعت على شيء، فقد دخلت فيهم هذه الطائفة المختصّة بهذا الفخر العظيم، فكلّ الأمّة محقّ، فإجماعهم حقّ، ويفيد هذا المعنى قوله عز وجل: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181]. قاله القرطبيّ ["المفهم" 3/ 764 "كتاب الجهاد"].

وقال النوويّ رحمه الله تعالى:

"وهو أصح ما استدل به من الحديث لكون الإجماع حجة، وأما حديث: (لا تجتمع أمتي على ضلالة)، فضعيف." انتهى ["شرح مسلم" 13/ 67].

4 - (ومنها): أن فيه معجزةً ظاهرةً، فإنّ هذا الوصف ما زال -بحمد الله تعالى- من زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الآن، ولا يزال حتى يأتي أمرُ الله المذكورُ في الحديث. انتهى ["شرح مسلم" 13/ 67]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين