شرح الحديث 176 - بَابُ: (مَنْ لَطَمَ عَبْدَهُ، فَلْيُعْتِقْهُ مِنْ غَيْرِ إيجاب) - الأدب المفرد
93- بَابُ: (مَنْ لَطَمَ
عَبْدَهُ، فَلْيُعْتِقْهُ مِنْ غَيْرِ إيجاب) 176 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ
يَسَافٍ يَقُولُ: كُنَّا نَبِيعُ الْبَزَّ فِي دَارِ
سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ لِرَجُلٍ شَيْئًا،
فَلَطَمَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ
مُقَرِّنٍ: أَلَطَمْتَ وَجْهَهَا؟ لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ، وَمَا
لَنَا إِلَّا خَادِمٌ، فَلَطَمَهَا بَعْضُنَا، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْتِقُهَا." [قال الشيخ الألباني: صحيح] |
رواة الحديث:
* حَدَّثَنَا آدَمُ (ثقة
عابد: 221 هـ بـ عسقلان):
آدم بن أبى إياس (عبد الرحمن)
الخراسانى المرُّوْذِيُّ، أبو الحسن العسقلانيُّ (مولى بني تيم أو تميم)، من صغار
أتباع التابعين، روى له:
خ خد ت س ق
* قَالَ: حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ (ثقة حافظ متقن: 160 هـ بـ البصرة):
شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكِيُّ مولاهم الأزدي، أبو بسطام الواسطي ثم البصري
(مولى عَبدة بن الأغر، مولى يزيد بن المهلب)، من كبار أتباع التابعين، روى له: خ م د ت
س ق
* قَالَ: حَدَّثَنَا
حُصَيْنٌ (ثقة تغير حفظه فى الآخر: 136 هـ):
حصين بن عبد الرحمن السُّلَمِيُّ، أبُو الْهُذَيْلِ الكُوْفِيُّ (ابن عم
منصور بن المعتمر)، من صغار التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ
بْنَ يَسَافٍ (ثقة):
هلال بن يساف (ويقال: ابن إساف)، الأشجعي مولاهم، أبو الحسن الكوفي، من الوسطى من
التابعين، روى له: خت م د ت س ق
* يَقُولُ: كُنَّا نَبِيعُ الْبَزَّ
فِي دَارِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ (صحابي: ):
سويد بن مقرن بن عائذ الْمُزَنِيُّ،
أبو عدي = أبو عمرو الكوفى (أخُو النُّعْمَان بْنِ مُقَرِّنٍ، ووالد معاوية بن
سويد)، روى له:
بخ م د ت س
نص الحديث وشرحه:
يَقُولُ:
كُنَّا نَبِيعُ الْبَزَّ فِي دَارِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَخَرَجَتْ
جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ لِرَجُلٍ شَيْئًا، فَلَطَمَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ،
فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ:
أَلَطَمْتَ وَجْهَهَا؟ لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ
سَبْعَةٍ، وَمَا لَنَا إِلَّا خَادِمٌ، فَلَطَمَهَا بَعْضُنَا، فَأَمَرَهُ
النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْتِقُهَا."
وفي "لسان العرب" (5/ 311)
لابن منظور الإفريقي:
البَزُّ: الثِّيَابُ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ
مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: البَزُّ مِنَ الثِّيَابِ أَمتعة البَزَّاز، وَقِيلَ:
البَزُّ مَتَاعُ___الْبَيْتِ مِنَ الثِّيَابِ خَاصَّةً؛ قَالَ: والبَّزَّازُ:
بَائِعُ البَزِّ وحِرْفَتُهُ البِزَازَةُ." اهـ
وفي "مقدمة ابن الصلاح" (ص:
536):
"ومثال السبعة: "النعمانُ بن مُقَرِّن، وإخوته: مَعقِل
وعقيل وسُوَيد وسنان وعبدالرحمن - وسابع لم يُسَمَّ لنا - بنو مُقَرِّن
المزنيون" سبعة إخوة هاجروا، وصحبوا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، ولم
يشاركهم - فيما ذكره ابنُ عبدالبر وجماعة - في هذه المكرمة غيرُهم. وقد قيل: إنهم
شهدوا الخندقَ كلُّهم.
وقد يقع في الإخوة ما فيه خلاف في
مقدار عددهم. ولم نُطوِّل بما زاد على السبعة لندرته. ولعدم الحجاة إليه في غرضنا
هاهنا. والله أعلم." اهـ
وقال
السخاوي (المتوفى: 902 هـ) _رحمه الله_ في "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث"
(4/ 175):
"(وَ) ذُو (سَبْعَةٍ)
بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: النُّعْمَانُ،
وَمَعْقِلٌ، وَعَقِيلٌ، وَسُوَيْدٌ، وَسِنَانٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ
اللَّهِ (بَنُو مُقَرِّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ
الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ وَآخِرُهُ نُونٌ. وَلَمْ يُسَمِّ ابْنُ الصَّلَاحِ
السَّابِعَ، وَسَمَّاهُ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ فَتْحُونٍ فِي (ذَيْلِ
الِاسْتِيعَابِ). (وَهُمْ)؛ أَيْ: بَنُو مُقَرِّنٍ، ذُكُورٌ (مُهَاجِرُونَ لَيْسَ).
وَفِي نُسْخَةٍ: صَحَابَةٌ، وَلَيْسَ (فِيهِمْ)؛ أَيْ: فِي الصَّحَابَةِ كَمَا
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٌ وَتَبِعَهُمُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِمَّنْ
هَاجَرَ وَحَصَّلَ هَذِهِ الْمَكْرُمَةَ مِنَ الْإِخْوَةِ، (عَدُّهُمْ)؛ أَيْ:
سَبْعَةٌ." اهـ
وفي "صحيح مسلم" (3/ 1280)
عَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، أَنَّ
جَارِيَةً لَهُ لَطَمَهَا إِنْسَانٌ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ:
"أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ؟!" فَقَالَ: «لَقَدْ
رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَسَابِعُ إِخْوَةٍ لِي مَعَ
رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَمَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ
وَاحِدٍ، فَعَمَدَ أَحَدُنَا، فَلَطَمَهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَنْ نُعْتِقَهُ»،
وفي "سنن أبي داود" (4/ 342):
عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ:
"كُنَّا نُزُولًا فِي دَارِ
سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَفِينَا شَيْخٌ، فِيهِ حِدَّةٌ،
وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ، فَلَطَمَ وَجْهَهَا؟ فَمَا
رَأَيْتُ سُوَيْدًا أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ ذَاكَ الْيَوْمَ، قَالَ: (عَجَزَ
عَلَيْكَ إِلَّا حُرُّ وَجْهِهَا؟)، لَقَدْ رَأَيْتُنَا سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ
وَلَدِ مُقَرِّنٍ، وَمَا لَنَا إِلَّا خَادِمٌ، فَلَطَمَ أَصْغَرُنَا وَجْهَهَا،
«فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِهَا»
وفي "مسند أحمد" - عالم
الكتب (5/ 444):
"قَالَ: فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ
لِسُوَيْدٍ ، فَكَلَّمَتْ رَجُلاً، مِنَّا فَسَبَّتْهُ ،
فَلَطَمَ وَجْهَهَا." اهـ
عن زاذان -وهو الكندي مولاهم الكوفي-
قال:
"أتيتُ ابنَ عُمرَ، وقد أعْتَق
مَمْلوكاً له، فأَخذَ مِنَ الأرْضِ عوداً أوْ شيْئاً فقالَ:
ما لي فيه مِنَ الأجْرِ ما يساوي هذا،
سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "مَنْ لَطمَ
مَمْلوكاً له أو ضَربهُ؛ فكفَّارَتُه أنْ
يَعْتِقَهُ".
رواه أبو داود
واللفظ له.
قال محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي العَلَوي الهَرَري الشافعي (المتوفى 1441 هـ)
في "الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج"
(18/ 255):
"وقوله: (من ضرب غلامًا له حدًّا،
لم يأته، أو لطمه)، الخ
ظاهر هذا الحديث والأحاديث المذكورة
بعده: أن من لطم عبده أو تعدى في ضربه، وجب عليه عتقه
لأجل ذلك، ولا أعلم من قال بذلك غيْرَ أن أصول أهل الظاهر تقتضي ذلك." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"
(ص: 72) (رقم: 176)، وفي "التاريخ الكبير" (4/ 140) (رقم: 2251)، ومسلم
في "صحيحه" (3/ 1279/ 32) (رقم: 1658)، وأبو داود في "سننه"
(4/ 342) (رقم: 5166)، سنن الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 114) (رقم: 1542)،
وفي "السنن الكبرى" (5/ 47) (رقم: 4994)، وابن الجعد في "مسنده"
(ص: 107) (رقم: 617)، مصنف ابن أبي شيبة (3/ 115) (رقم: 12614)، وأحمد في "مسنده"
– ط. عالم الكتب (5/ 444) (رقم: 23741 و 23742)، وابن أبي عاصم في "الآحاد
والمثاني" (2/ 319) (رقم: 1085)، وأبو عوانة في "المستخرج" (4/ 69)
(رقم: 6057 و 6058)، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/ 86) (رقم: 6451 و
6452)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/ 292)، وأبو الفضل الزهري في
"حديثه" (ص: 200) (رقم: 158)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"
(4/ 409) (رقم: 8103)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1395) (رقم: 3520)،
والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 20) (رقم: 15805)، والبغوي في "شرح
السنة" (9/ 347) (رقم: 2411)، وفي "معجم الصحابة" (3/ 218) (رقم: 1151).
والحديث صحيح: صححه
الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الأدب المفرد"
(ص: 87) (رقم: 132)، وشعيب الأرنوط _رحمه الله_ في
"تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (39/ 150) (رقم: 23741)
من فوائد الحديث:
تطريز رياض الصالحين (ص: 897):
"حكمة الأمر بعتقها، ليكون كفارة
لضربها.
ففيه: غلظ تعذيبِ المملوكِ والاعتداءِ
عليه." اهـ
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/
442)
"ففيه: غلظ تعذيب المملوك،
والاعتداء عليه." اهـ
وفي "فتح الباري" لابن حجر
(5/ 183):
"وَلَمْ يَتَعَرَّضِ النَّوَوِيُّ
لِحُكْمِ هَذَا النَّهْيِ، وَظَاهِرُهُ: التَّحْرِيمُ،
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ الصَّحَابِيِّ:
(أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا لَطَمَ
غُلَامَهُ فَقَالَ أَو مَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحْتَرَمَةٌ أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ)." اهـ
وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم"
(5/ 428):
"فى هذا الحديث: الرفق بالمماليك،
وحسن صحبتهم، وكذلك فى الأحاديث بعده. وفى قوله: "حدًا لم يأته" دليل
على أن هذا التشديد فيمن ضربهم لغير ذنب استحقوه، ولا على وجه التعليم والأدب.
وعتقه هنا ليس على الوجوب عند أهل العلم،
وإنما هو على الترغيب ورجاء كفارة ذنبه فيه وظلمه له، ويدل أنه ليس على الوجوب
حديث ابن سويد بعده عن أبيه، عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لما لطم
أحدهم خادمهم وأمرهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعتقها، فقالوا: ليس
لنا خادم غيرها، قال: " فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها
".
والعلماء كلهم - فيما علمت - لا يوجبون
عتق العبد بشىء مما يفعله به مولاه من مثل هذا، من الأمر الخفيف.
وفي "شرح النووي على مسلم"
(11/ 127):
"قَالَ الْعُلَمَاءُ:
"فِي
هَذَا الْحَدِيثِ الرِّفْقُ بِالْمَمَالِيكِ وَحُسْنُ صُحْبَتِهِمْ وَكَفُّ
الْأَذَى عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ بَعْدَهُ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ بِهَذَا لَيْسَ وَاجِبًا وَإِنَّمَا هُوَ
مَنْدُوبٌ رَجَاءَ كَفَّارَةِ ذَنْبِهِ فِيهِ إِزَالَةُ إِثْمِ ظُلْمِهِ وَمِمَّا
اسْتَدَلُّوا بِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ إِعْتَاقِهِ حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ
بَعْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ حِينَ
لَطَمَ أَحَدُهُمْ خَادِمَهُمْ بِعِتْقِهَا قَالُوا لَيْسَ لَنَا خَادِمٌ
غَيْرُهَا قَالَ فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَلْيُخَلُّوا
سَبِيلَهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ
إِعْتَاقُ الْعَبْدِ لِشَيْءٍ مِمَّا يَفْعَلُهُ بِهِ مَوْلَاهُ مِثْلَ هَذَا
الْأَمْرِ الْخَفِيف
إكمال المعلم بفوائد مسلم (5/ 429)
وقوله فى حديث سويد: أن جارية له لطمها
إنسان، فقال له سويد: "أما علمت أن الصورة محرمة" إشارةً إلى الحديث
الآخر: " إذا ضرب أحدكم العبد فليجتنب الوجه " [د] إكراماً له؛ ولأن فيه
محاسن الإنسان وأعضاءه الرئيسية؛ ولأن التشويه والآثار به أقبح منها فى غيره
وأشنع، وقد علله فى الحديث الآخر بأنها الصورة التى خلق الله - تعالى - آدم عليها
وشرفه بها، واختارها لخليفته فى الأرض، وسيأتى الكلام على حديث الصورة فى موضعها
إن شاء الله تعالى.
و" محرمة ": يحتمل تحريم
ضربها، ويحتمل أنها ذات حرمة." اهـ
وفي "البحر المحيط الثجاج في شرح
صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (29/ 10) للإثيوبي:
"في فوائده:
1 - (منها): بيان تحريم لطم المملوك،
أو ضربه.
2 - (ومنها): أن لطمه إثم تترتّب عليه
الكفّارة، وهي أن يُعتقه.
3 - (ومنها): أنه يدل على أنه يجوز
للسيد أن يضرب عبده للتأديب، ولكن يكون ضربًا خفيفًا، غير مبرّح، بل لا يجاوز به
عشرة أسواط.
ومما يدلّ على الجواز حديث: "إذا
ضرب أحدكم خادمه، فليتّق الوجه"، متّفق عليه، فإنه يفيد إباحة ضربه في غيره،
ومن ذلك أيضًا الإذن لسيّد الأمَة أن يحدّها.
4 - (ومنها): ما قال النوويّ رحمه
الله: قال العلماء: في هذا الحديث الرفق بالمماليك، وحسن صحبتهم، وكفّ الأذى عنهم،
وكذلك في الأحاديث بعده، وأجمع المسلمون على أن عتقه بهذا ليس واجبًا، وإنما هو
مندوب رجاء كفارة ذنبه فيه، وإزالة إثم ظلمه، ومما استدلوا به لعدم وجوب إعتاقه
حديث سُويد بن___مُقَرِّن بعده أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمرهم حين لطم
أحدهم خادمهم بعتقها، قالوا: ليس لنا خادم غيرها، قال:
"فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها
فليخلوا سبيلها",
قال القاضي عياض:
وأجمع العلماء أنه لا يجب إعتاق العبد
لشيء مما يفعله به مولاه، مثل هذا الأمر الخفيف،
قال: واختلفوا فيما كَثُر من ذلك،
وشَنُع من ضَرْب مُبَرِّح مُنْهِك لغير موجِب لذلك، أو حَرَّقه بنار، أو قَطَع
عضوًا له، أو أفسده، أو نحو ذلك، مما فيه مُثلة، فذهب مالك، وأصحابه، والليث إلى
عتق العبد على سيده بذلك، ويكون ولاؤه له، ويعاقبه السلطان على فعله،
وقال سائر العلماء: لا يَعتِق عليه،
واختَلَف أصحاب مالك فيما لو حلق رأس الأمة، أو لحية العبد، واحتَجَّ مالك بحديث
ابن عمرو بن العاص في الذي جَبَّ عبده، فأعتقه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. انتهى
["شرح النوويّ" 11/ 127].
وقال الشوكانيّ رحمه الله بعد ذكر
الأحاديث المذكورة: وقد دلّت الأدلة على أنه يجوز للسيد أن يضرب عبده للتأديب،
ولكن لا يجاوز به عشرة أسواط، ومن ذلك حديث: "إذا ضرب أحدكم خادمه، فليجتنب
الوجه"، متّفق عليه، فأفاد أنه يباح ضربه في غيره، ومن ذلك الإذن لسيد الأمة
يحدّها، فلا بُدّ من تقييد مطلق الضرب الوارد في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-
هذا بما ورد من الضرب المأذون به، فيكون موجب العتق للعتق هو ما عداه. انتهى ["نيل
الأوطار شرح منتقى الأخبار" 6/ 292].
قال الجامع عفا الله عنه: إن صخ
الإجماع المدّعَى فذاك، وإلا فظواهر الأحاديث تدل على وجوب العتق؛ أي: فيما عدا
الضرب المباح، وأما حديث سُويد بن مقرّن -رضي الله عنه-، فلا ينافي الوجوب، فقد
أمرهم -صلى الله عليه وسلم- بعتقها، فلما شَكَوا إليه أنهم ليس خادم غيرها استثنى
لهم خدمتها، فإذا استغنوا عنها خلّوا سبيلها، فوجوب العتق ظاهر فيه أيضًا، فتأمل
بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وقال شرف الحق العظيم آبادي _رحمه
الله_ في "عون المعبود" (14/ 51):
"(فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِهَا)،
هَذَا مَحْمُولٌ على أنهم كلهم رضوا
بعتقها وَتَبَرَّعُوا بِهِ وَإِلَّا فَاللَّطْمَةُ إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ وَاحِدٍ
مِنْهُمْ فَسَمَحُوا لَهُ بِعِتْقِهَا تَكْفِيرًا لِذَنْبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيِّ."
اهـ
Komentar
Posting Komentar