شرح الحديث 131-133 من صحيح الترغيب
131 - (9) [حسن صحيح]
وعن جُندُب بن عبد الله الأزدي _رضي الله عنه _، صاحبِ النبي _صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ عن رسول الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قال: "مَثَلُ الذي
يُعلِّمُ الناسَ الخيرَ وينسى نفسَهُ، كمثل السِّراجِ؛ يضيء للناسِ وَيَحرقُ
نفسه" الحديث. رواه الطبراني في
"الكبير"، وإسناه حسن إن شاء الله
تعالى (3). __________ (3) أخرجه الطبراني في
"المعجم الكبير" من طريقين أحدهما حسن، ويشهد له ما قبله، وهو مخرج في
"الصحيحة" تحت الحديث (3379). |
ترجمة جُنْدُبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ البَجَلِيُّ
سير أعلام النبلاء
ط الرسالة (3/ 174_175) (رقم: 30):
"جُنْدُبُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ البَجَلِيُّ * (ع): الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ
البَجَلِيُّ، العَلَقِيُّ، صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
-. نَزَلَ الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ...
عَاشَ جُنْدُبٌ البَجَلِيُّ
- وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ - وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سنَةِ سَبْعِيْنَ."
اهـ
وقال ابن حبان في
"مشاهير علماء الأمصار" (ص: 80) (رقم: 300):
"جندب بن عبد
الله بن سفيان البجلي العَلَقِيُّ، وَعَلَق من بجيلة، أبو عبد الله، وهو الذي يقال
له (جندب الخير)." اهـ
وقال ابن الفرّاء
الحنبلي في "تجريد الأسماء والكنى المذكورة في كتاب المتفق والمفترق"
(1/ 133)
"قال يحيى بن معين:
جندب البجلي، وجندب بن عبد الله، وجندب بن سفيان واحد." اهـ
وقال ابن عبد البر
في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (1/ 256) (رقم: 340):
"والعَلَقُ:
بطن من بجيلة، وهو علقة بن عبقر بن أنمار بن إراش بن عمرو بن الغوث، أخو الأزد بن
الغوث، له صحبة ليست بالقديمة." اهـ
معجم الصحابة
للبغوي (1/ 534):
"جندب بن عبد الله
بن سفيان البجلي وهو العلقي.
ويقال: جندب الخير،
وجندب الفاروق، وجندب بن أم جندب." اهـ
وقال مُغَلْطَايْ
في "إكمال تهذيب الكمال" (3/ 245) (رقم: 1022):
"ونسبه أبو علي
الجياني في كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل»: قسريا." اهـ
وفي "إكمال
تهذيب الكمال" (3/ 245):
"عن الحسن قال:
قدم جندب بن عبد
الله البجلي علينا وكان بدريا، فخرج منها - يعني البصرة - يريد الكوفة فشيعه الحسن وخمسمائة، حتى
بلغوا معه مكانا يقال له: (حصن الكاتب)، فأقسم عليهم أن ينصرفوا،
فقال الحسن: يا
صاحب رسول الله حدثنا حديثا لا وهم فيه ولا زيادة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: «من صلى الصبح كان في ذمة الله فلا تخفروا الله في ذمته»."
اهـ
وفي "إكمال
تهذيب الكمال" (3/ 246):
"وقال ابن قانع: مات
سنة أربع وستين." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه الطبراني في
"المعجم الكبير" (2/ 165 و 2/ 167) (رقم: 1681 و 1685)، الزهد لأحمد بن
حنبل (ص: 150) (رقم: 1018)، أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني (ص: 324) (رقم: 276)،
اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص: 49) (رقم: 70)
والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1015)
(رقم: 5831)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/ 164 و 2/ 585) (رقم: 131 و 2328)
من فوائد الحديث:
التيسير بشرح
الجامع الصغير (1/ 116)
(يضيء للنَّاس وَيحرق
نَفسه) يَعْنِي يكون صَلَاح غَيره فِي هَلَاكه كَمَا أَن إضاءة السراج للنَّاس فِي
هَلَاك الزَّيْت،
وَلذَلِك قَالُوا:
كَثْرَة الْعلم فِي غير طَاعَة مادّة الذُّنُوب.
وَعلم من ذَلِك:
أَن الْعَالم قد ينْتَفع بِهِ غَيره، وَإِن كَانَ هُوَ مرتكبا للكبائر،
وَقَول بَعضهم: (إِذا
لم يُؤثر كَلَام الْوَاعِظ فِي السَّامع، دلّ على عدم صدقه)، رُدَّ بِأَن كَلَام
الْأَنْبِيَاء لم يُؤَثِّرْ فِي كل أحدٍ مَعَ عصمتهم.
فَالنَّاس
قِسْمَانِ: قسم يَقُول سمعنَا وأطعنا، وَقسم يَقُول سمعنَا وعصينا، وكل ذَلِك
بِحكم القبضتين." اهـ
التيسير بشرح
الجامع الصغير (2/ 371)
فصلاح غَيره فِي
هَلَاكه هَذَا اذا لم يدع الى طلب الدُّنْيَا والا فَهُوَ كالنار المحرقة تاكل
نَفسهَا وَغَيرهَا
وقال المناوي _رحمه
الله_ في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 372):
"هَذَا مثل ضربه لمن
لم يعْمل بِعَمَلِهِ وَفِيه وَعِيد شَدِيد." اهـ
وقال المناوي _رحمه
الله_ في "فيض القدير" (1/ 405):
"أن صلاح غيره في
هلاكه، كالدهن الذي يستصبح به.
وهذا مثل بديع ضربه
لمن لم يعمل بعلمه.
ولا يُرَى أحْسَنُ
ولا ألْطَفُ ولا أوْجزُ للمتأمل من كلام النبوة وبدائع آدابه.
قال الجنيد: (العلم
مأمور باستعماله، فإذا لم تستعمله حالاً، أهلكك مآلاً).
وقال: (في الدنيا
طغيانان: طغيان العلم، وطغيانُ المالِ، فالمنجي من طغيان العلم العملُ، ومن طغيان
المال الزُهْدُ).
وقال الراغب:
(من أصاب عِلْمًا،
فانتفع به، ونفع غيره من مستحقه، كان كالشمسِ تُضِيْءُ لِغَيْرِهَا. من أفاد علمه
لغيره ولم ينتفع هو به، فهو كالدفتر يفيد غيره الحكمةَ، وهو عَادِمُهَا، وكَالْمِغْزَلِ
يكسو غيرَه، ولا يكتسي، وكذُبَالَةِ المصباح تُضِيْءُ للناسِ، وهِيَ تَحْتَرِقُ)."
اهـ
فيض القدير (5/
508):
"فالعلماء ثلاثة:
* إما مُنْقِذٌ نفْسَهُ
وغَيْرَهُ، وهو الراغب إلى الله عن الدنيا ظاهرا وباطنا،
* وإما مُهْلِكٌ نفْسَهُ
وغيْرَهُ، وهو الداعي إلى الدنيا،
* وإما مُهْلِكٌ نفْسَهُ،
مُنْقِذٌ غيْرَهُ، وهو من دعا إلى الآخرة، ورفض الدنيا ظاهرا، ولم يعمل بعلمه
باطنا.
وهذا وعيد لمن كان
له ذكر أو ألقى السمع وهو شهيد.
وكان علماءُ الصحْبِ
في غاية من الوجل والخوف.
ولذلك قالت عائشة _رضي
الله عنها_ لِفَتًى اختلف إليها، يسألها، وتحدثه، فجاءها ذاتَ يوْمٍ، فقالت:
(أيُّ شيْءٍ عمِلْتَ
بعدُ بما سمعت؟) قال: (مه)،
قالت: (فما تستكثر
من حجج الله علينا وعليك)،
وقال عيسى _عليه
الصلاة والسلام_ للحواريين:
(تعملون للدنيا،
وأنتم تُرْزَقون فيها. ولا تعملون للآخرة، وأنتم لا تُرْزَقُوْنَ فِيْهَا، إلا
بعمل)،
وقال:
(يا علماء السوء
بلا عمل، جعلتم الدنيا على رؤوسكم، والآخرة تحت أقدامكم. قولُكُمْ شِفَاءٌ، وعمَلُكم
داءٌ، كشجرة الدفلي تُعْجِبُ من رآها، وتقتل من أكلها)." اهـ
وقال المناوي _رحمه
الله_ في "فيض القدير" (5/ 510):
"وهذا مثل ضربه
المصطفى _صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم_ لمن لم يعمل بعلمه،
وفيه: وعيد شديد.
قال أبو الدرداء: (وويل
لمن لا يعلم مرة، وويل لمن علِمَ، ولم يعمل أَلْفَ مَرَّةٍ)،
وقال التستري:
(الناس كلهم سكارة،
إلا العلماء. والعلماء كلهم حَيَارَى، إلا من عمِل بعِلْمِهِ)،
وقال: (الدنيا جهل
وباطل، إلا العلم. والعلم حجة عليه، إلا المعمول به. والعمل هباء، إلا بإخلاص.
والإخلاص على خطرٍ عظيْمٍ حتى يختم به)،
وقال الجنيد:
(متى أردت أن تشرُفَ
بالعلم، وتكونَ مِنْ أهله، وتنتصب له قبل إعطائه حقَّه احتجب عنك نورُه، وكان عليك،
لا لك)،
وأخذ جمع من هذا
الحديث وما على منواله: أن العاصي ليس له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن
سيجيء في حديث التصريح بخلافه وعليه الأكثر." اهـ
غذاء الألباب في
شرح منظومة الآداب (1/ 216)
نَعَمْ يَنْبَغِي
أَنْ لَا يُخَالِفَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ، بَلْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَأْتَمِرُ
بِهِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَيَنْزَجِرُ عَنْهُ.
التنوير شرح الجامع
الصغير (9/ 524):
"وفي الحديث: الحث
على العمل بالعلم ولا يكون العالم من الذين يقولون ما لا يفعلون فقد مقت الله
أولئك أكبر مقت،
وفيه: إعلام بأن
الجاهل في ظلمة، والعلم نور يضيء لصاحبه." اهـ
وقال محمود السبكي
في "المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود: (8/ 208):
"إن مقصود من يأمر
غيره بالخير إرشاده إلى ما فيه فلاحه شفقة عليه وليس من الحزم أن يشفق الإنسان علي
غيره ويدع نفسه.
وأيضًا كل واعظ
يرغب في أن يكون وعظه نافعًا في القلوب مؤثرًا فيها وبإقدامه على المعصية تنفر
القلوب عن قبول وعظه، ففعله يقلب عليه غرضه.
وأيضًا فإن من وعظ
الناس، ولم يتعظ، يكون سببًا لرغبة الناس في المعصية، لأنهم يقولون: (إنه مع علمه،
فعل كذا، فلولا أنه مطلع على رخصة فيه لما أقدم عليه بعد نهيه عنه، فيصير بذلك
داعيًا إلى التهاونِ بالدين والجُرْأةِ علي المعصية وعدمِ المبالاةِ بها).
قال علي _رضي الله
تعالى عنه_:
(قصم ظهري رجلان:
عالم مُتَهَتِّكٌ، وجاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ)،
أيْ: لأن كلا من
هذين فتنةٌ في الدين.
فالعالم المتهتك
الذي لا يعمل بعلمه، يَفْتِنُ الناسَ بفعله، لأن اقتداءَهُمْ بفعل العالم، ربما
يكون أكثر من اقتدائهم بقوله.
والجاهل المتنسك
المنقطع للعبادة على جهْلٍ يفتن الناسَ بِجَهْلِهِ، فإنه لتنسكه تميل الناس إليه،
ويقتدون به، فيعم جهْلُه كلَّ من اقتدى به." اهـ
132 - (10)
[صحيح] عن عمران بن حُصَين رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّ أخوَف ما
أخافُ عليكم بعدي، كلُّ منافقٍ عَليمِ اللسانِ". رواه الطبراني في
"الكبير"، والبزار، ورواته محتجّ بهم في "الصحيح" (4). __________ (4) قلت: وفاته
"صحيح ابن حبان" (51/ 91 - موارد). |
ترجمة عِمْران بن
الحُصَيْن الخزاعي _رضي الله عنه_:
وفي "الأعلام"
للزركلي (5/ 70_71):
عِمْران بن
الحُصَيْن (000 - 52 هـ = 000 - 672 م)
عمران بن حصين بن
عبيد، أبو نُجيد الخزاعي: من علماء الصحابة. أسلم عام خيبر سنة 7 هـ، وكانت معه
راية خزاعة يوم فتح مكة. وبعثه عمر__إلى أهل البصرة ليفقههم. وولاه زياد قضاءها.
وتوفي بها. وهو ممن اعتزل حرب صفين.
له في كتب الحديث
130 حديثا
سير أعلام النبلاء
ط الرسالة (2/ 508)
أَسْلَمَ هُوَ
وَأَبُوْهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي وَقْتٍ، سَنَةَ سَبْعٍ.
سير أعلام النبلاء
ط الرسالة (2/ 509)
وَقَدْ غَزَا
عِمْرَانُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَكَانَ يَنْزِلُ بِبِلاَدِ قَوْمِهِ، وَيَتَرَدَّدُ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وفي "سير
أعلام النبلاء" ط الرسالة (2/ 511)
تُوُفِّيَ
عِمْرَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
مُسْنَدُهُ: مائَةٌ
وَثَمَانُوْنَ حَدِيْثاً.
تخريج الحديث:
أخرجه البزار في "المسند"
= البحر الزخار (9/ 13) (رقم: 3514)، وأبو بكر الفريابي في "صفة النفاق وذم
المنافقين" (ص: 67) (رقم: 23)، وابن حبان في صحيحه (1/ 281) (رقم: 80)، والطبراني
في "المعجم الكبير" (18/ 237) (رقم: 593)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/
272) (رقم: 1639)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 1200)
(رقم: 2360)، وعبد الغني المقدسي في "نهاية المراد من كلام خير العباد"
(2/ 81) (رقم: 77).
والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان"
(1/ 124) (رقم: 77)، صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 107 و1/ 323) (رقم: 239 و 1554)،
التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 199) (رقم: 80)، صحيح الترغيب والترهيب
(2/ 585) (رقم: 2330)
وفي "غربة
الإسلام" (1/ 369) لحمود التويجري:
وأما النفاق الأصغر
فهو نفاق العمل.
قال الحسن رحمه
الله تعالى: كان يقال: النفاق اختلاف السر والعلانية، والقول والعمل، والمدخل
والمخرج، وكان يقال: أُسُّ النفاق الذي بني عليه الكذب.
وروى الإمام أحمد
في الزهد، عن الحسن أنه قال: الكذب جماع النفاق.
تسهيل النظر وتعجيل
الظفر في أخلاق الملك (ص: 275)
فهم لَا يستحدثون
إِلَّا مَا ابتدعوه وَلَا ينصرونه إِلَّا بِمَا اخترعوه
تسهيل النظر وتعجيل
الظفر في أخلاق الملك (ص: 276)
يعدلُونَ بِهِ عَن
ظَاهر جلي إِلَى بَاطِن خَفِي يجلبون بِهِ قُلُوب الأعوام ويعتضدون على نصرته
بالغاغة الأشرار فيشعرهم أَنهم أظهرُوا لَهُم الْحق بعد كمونه وأوصلوهم إِلَى مَا
اسْتَأْثر الله بِهِ دينه فيصيبوا إِلَيْهِم الغر المختدع ويميل مَعَهم الْجَاهِل
المتبع إِلَى أَن يتكاثر جمعهم بخلابة كَلَامهم ولطف بيانهم 62 ب مَعَ أَن لكل
جَدِيد لَذَّة وَلكُل مستحدث صبوة وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِن من الْبَيَان لسحرا)
وَقَالَ
(إِن أخوف مَا أَخَاف على
أمتِي مُنَافِق عليم اللِّسَان)
فَتَصِير الْبدع
حِينَئِذٍ فَاشِية ومذاهب الْحق واهية ثمَّ يُفْضِي بهم الْأَمر إِلَى التحزب
ويؤول إِلَى التعصب لِأَن لكل مَذْهَب شعارا وَلكُل شعار أنصارا وَلكُل أنصار صولة
وَلكُل صولة دولة فَإِذا رَأَوْا ظُهُور شعارهم وَكَثْرَة أنصارهم داخلهم عزة
الْقُوَّة ونخوة الْكَثْرَة فتضافر جهال نساكهم وفسقة عُلَمَائهمْ بالميل إِلَى
مخالفتهم
فَإِذا استتب ذَلِك
لَهُم رابحوا السُّلْطَان فِي رياسته وقبحوا عِنْد الْعَامَّة جميل سيرته فَرُبمَا
انفتق مِنْهُ مَا لَا يرتتق فَإِن كبار الْأُمُور تبدو صغَارًا وَقد رُوِيَ عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
(أهلك أمتِي رجلَانِ
عَالم متهتك وجاهل متنسك)
التنوير شرح الجامع
الصغير (1/ 461)
ونسبة العلم إلى
اللسان مع أنَّ العلم حصول صور الشيء في العقل أو عنده لأنه فارغ القلب عن العلم
واعتقاد الحق بل قلبه مملوء بالضلالات واعتقاد الكفريات فعلمه ليس إلا في لسانه
فيض القدير (2/
419)
(إن أخوف ما أخاف على
أمتي) قال الطيبي: أضاف أفعل إلى ما وهي نكرة موصوفة ليدل على أنه إذا استقصى
الأشياء المخوفة لم يوجد أخوف من قول (كل منافق عليم اللسان) أي كثير علم اللسان
جاهل القلب والعمل اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبة وأبهة يتعزز ويتعاظم بها
يدعو الناس إلى الله ويفر هو منه ويستقبح عيب غيره ويفعل ما هو أقبح منه ويظهر
للناس التنسك والتعبد ويسارر ربه بالعظائم إذا خلا به ذئب من الذئاب لكن عليه ثياب
فهذا هو الذي حذر منه الشارع صلى الله عليه وسلم هنا حذرا من أن يخطفك بحلاوة
لسانه ويحرقك بنار عصيانه ويقتلك بنتن باطنه وجنانه.
تحفة الأحوذي (7/
378)
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ
_رحمه الله_ في "الميسر في شرح مصابيح السنة" (1/ 105)
"حَقِيقَةُ
الْفِقْهِ فِي الدِّينِ مَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى اللِّسَانِ
فَأَفَادَ الْعَمَلَ وَأَوْرَثَ الْخَشْيَةَ وَالتَّقْوَى، وَأَمَّا الَّذِي يَتَدَارَسُ
أَبْوَابًا مِنْهُ لِيَتَعَزَّزَ بِهِ وَيَتَأَكَّلَ بِهِ، فَإِنَّهُ بِمَعْزِلٍ
عَنِ الرُّتْبَةِ الْعُظْمَى لِأَنَّ الْفِقْهَ تَعَلَّقَ بِلِسَانِهِ دُونَ
قَلْبِهِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَلَكِنِّي أَخْشَى
عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ." اهـ
فيض القدير (2/
419):
وكان يحيى بن معاذ
يقول لعلماء الدنيا:
"يا أصحاب
القصور قصوركم قيصرية وبيوتكم كسروية وأبوابكم ظاهرية وأخفافكم جالوتية ومراكبكم
قارونية وأوانيكم فرعونية ومآثمكم جاهلية ومذاهبكم شيطانية فأين المحمدية
والعالمية
وأكثر علماء الزمان
ضربان:
* ضرب منكب على
حطام الدنيا لا يمل من جمعه وتراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهج في المزابل يطير
من عذرة إلى عذرة،
وقد أخذت دنياه
بمجامع قلبه، ولزمه خوف الفقر وحب الإكثار، واتخذ المال عُدَّةً للنوائب لا يتنكر
عليه تغلب الدنيا.
* وضرب: هم أهل تصنُّع
ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام شُحًّا على رئاستهم، يلتقطون الرخص،
ويخادعون الله بالحيل،
ديدنهم: المداهنة،
وساكن قلوبهم المنى، طمأنينتهم إلى الدنيا___وسكونهم إلى أسبابها. اشتغلوا
بالأقوال عن الأفعال وسيكافئهم الجبار المتعال." اهـ
الزواجر عن اقتراف
الكبائر (1/ 155)
(الْكَبِيرَةُ
الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ)
وقال عبد العزيز بن
محمد السلمان في "موارد الظمآن لدروس الزمان" (4/ 167)
ومِن المحالِ أن
يَنْطَبِعَ في قَلْبِ مُتَعَلِّمٍ ما لَيْسَ مِن صِفَةِ مُعَلِّمِهِ.
إن القولَ المجردَ
عن العملِ لا أثرَ لَهُ ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ، لأَنَّ الْمُتَعَلِّمَ
إِذَا رَأَى تَعَالِيمَ الإسلام عِنْدَ مُعَلِّمِهِ صُورَةً مُجَرَدَةً عَن العملِ
اعتقدَ بِحُكْْمِ طُفُولَتِهِ وَبِجَهْلِهِ بَادِئ الأَمْرِ أن الْعِلْمَ
مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ، لا لِلْعَمَلِ به فلم يَرْضَ نَفْسَهُ على الْعَمَلَ
بِعِلْمِهِ.
وَبِهَذَا تَعْظُم
مُصِيبتُهُ في مُسْتَقبلِ أمره. فَيَجِبُ أَنْ يَتَجَافَى المسْئولُونَ في مَعَاهِدِهِمْ
وَمَدَارِسِهم الدِّينِيَّةِ عن الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُون،
وَيُظْهِرُونَ مَا لا يُبْطِنُونَ. أُوَلئِكَ الَّذِين مَقَّتَهُمْ الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ
أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 2، 3]." اهـ
رسالة في حقيقة
التأويل (ص: 90_91):
"الرسوخ في العلم
أمر خفي، ليس هو كثرة العلم، فكم من رجل كثير العلم ليس براسخ. قال _تعالى_:
{وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف:
175، 176]
وقال عز وجل:
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23]
وفي الحديث:
«إن أخوف ما أخاف
على أمتي كل منافق عليم اللسان».
وقال الحسن البصري:
"العلم علمان:
فعلم في القلب، فذلك___العلم النافع، وعلم في اللسان، فذلك حجة الله تعالى على ابن
آدم". سنن الدارمي (ج1 ص107). [(رقم: 376)]
والأحاديث والآثار
في هذه كثيرة.
وقد كان عبد الملك
بن مروان وأبو جعفر المنصور العباسي من كبار العلماء وهما طاغيتان. وكذلك الواقدي
والشاذكوني ومحمد بن حميد الرازي؛ وهؤلاء رماهم أئمة الحديث بأنهم كانوا يكذبون
على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمثالهم كثير. ومن العلماء من هو دون
هؤلاء في العلم ولكنه معدود من الراسخين.
فالرسوخ إذن حال
قلبية، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغنى:
«ليس الغنى عن كثرة
العرض، ولكن الغنى غنى النفس»؛
فكذلك تقول: ليس
الرسوخ عن كثرة العلم، ولكن الرسوخ رسوخ الإيمان في القلب، ويوشك أن يكون هو اللب
كما في قوله تعالى: {وما يتذكر إلا أولو الألباب}." اهـ
وقال عبد العزيز بن
فيصل الراجحي _حفظه الله_ في "قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام
الحنابلة" (ص: 10):
"وما ترك سبيل خير
إلا دعى أمته إليه ودلها عليه، ولا سبيل شر إلا حذرها منه، وأبعدها عنه. وكان مما
حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وخشي على أمته منه: «كل منافق عليم اللسان»،
وأشد ما خشيه عليهم
من الفتن والضلال: فتنة المسيح الدجال، وقال: «ما من نبي قبلي، إلا وحذر أمته من
المسيح الدجال» .
ثم وصفه لهم،
وعرفهم به فقال: «إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور» . وما ذاك إلا لعظم افتتان الناس
به." اهـ
وقال عبد العزيز بن
عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي _حفظه الله_ في "شرح صحيح ابن حبان" -
الشاملة (4/ 20):
"وفيه: النهي عن
جدال المنافق عليم اللسان،
وفي هذا الزمن
المنافقون يتكلمون في الصحف والفضائيات، وهم زنادقة، يضلون الناس عن الحق، ويجادلون بالباطل ويدافعون عن السفور والمجون، ويطعنون في الأحاديث التي فيها
الأمر بالحجاب، والمنافقون عندهم فصاحة وعندهم شبه، فينبغي للمسلم أن يحذرهم ويحذر
منهم.
133 - (11)
[صحيح] ورواه أحمد من حديث عمر بن الخطاب. (5) __________ (5) قلت: وأخرجه البزار
أيضاً (1/ 97/ 168 و169)، وقال: "إسناده صالح"، والضياء المقدسي في
"الأحاديث المختارة" (رقم - 255 - بتحقيقي). |
المنتخب من مسند
عبد بن حميد ت صبحي السامرائي (ص: 32) (رقم: 11):
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا دَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ مَيْمُونٍ
الْكُرْدِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ؛ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ
وَيَعْمَلُ بِالْجَوْرِ»
تعظيم قدر الصلاة
لمحمد بن نصر المروزي (2/ 632)
684 - حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي
سُوَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيهِمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ سَرَّحَهُمْ وَحَبَسَهُ
عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللِّسَانِ
وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، وَأَرْجُو أَنْ لَا تَكُونَ
مِنْهُمْ، فَافْرُغْ مِنْ صَنْعَتِكَ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ»
تخريج الحديث:
أخرجه مسند أحمد -
عالم الكتب (1/ 22 و 1/ 44) (رقم: 143 و 310)، مسند البزار = البحر الزخار (1/
434) (رقم: 305)، تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (2/ 632_633) (رقم: 683_685)،
معجم أبي يعلى الموصلي (ص: 268) (رقم: 334)
صحيح: سلسلة
الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (3/ 11) (رقم: 1013)
Komentar
Posting Komentar