شرح الحديث 91 من رياض الصالحين

 

[91] الخامس : عن أنس _رضي الله عنه_ :

أنَّ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أخذ سيفاً يَومَ أُحُدٍ، فَقَالَ:

«مَنْ يَأخُذُ منِّي هَذَا؟»

فَبَسطُوا أيدِيَهُمْ، كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ: "أَنَا، أَنَا".

قَالَ : «فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه؟» فَأَحْجَمَ القَومُ،

فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ _رضي الله عنه_: "أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ"،

فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ. رواه مسلم.

اسم أبي دجانةَ : سماك بن خَرَشة. قوله: «أحجَمَ القَومُ» : أي توقفوا. وَ «فَلَقَ بِهِ» : أي شق. «هَامَ المُشرِكينَ» : أي رُؤُوسَهم.

 

ترجمة أنس بن مالك الأنصاري  الخزرجي النجاري _رضي الله عنه_:

 

وفي "سير أعلام النبلاء" – ط. الرسالة (3/ 395) للذهبي:

"أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ الأَنْصَارِيُّ * (ع): ابْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ : الإِمَامُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَابَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَتِلْمِيذُهُ، وَتَبَعُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً.

 

وفي "تاريخ دمشق" لابن عساكر (9/ 361):

"عن أنس قال: شهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديبية وعمرته والحج والفتح وحنينا وخيبر." اهـ

 

وفي "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (1/ 231):

"تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ، آخِرُ مِنْ تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الْصَّحَابَةِ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَكَانَتْ نَخْلَاتُهُ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَقِيلَ: بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

عن أنس _رضي الله عنه_ :

أنَّ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أخذ سيفاً يَومَ أُحُدٍ، فَقَالَ : «مَنْ يَأخُذُ منِّي هَذَا؟»

فَبَسطُوا أيدِيَهُمْ، كُلُّ إنسَانٍ مِنْهُمْ يقُولُ : "أَنَا أَنَا".

قَالَ : «فَمَنْ يَأخُذُهُ بحَقِّه؟» فَأَحْجَمَ القَومُ،

 

وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (7/ 499) للقاضي عياض اليحصبي:

"قال الإمام [المازري]: (أحجم القوم)، أى: تأخروا. ويقال: (أجحمتُ عن الأمر: إذا تأخرتُ عنه)." اهـ

 

فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ _رضي الله عنه_: "أنا آخُذُهُ بِحَقِّهِ"،

 

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 45) للذهبي :

"أبو دجانة سماك بن خرشة بن لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وَدِّ بْنِ زَيْدٍ السَّاعِدِيُّ. [المتوفى: 12 ه]

كَانَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ عِصَابَةٌ حَمْرَاءُ. قِيلَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَثَبَتَ أَبُو دُجَانَةَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَهُوَ ممن شرك فِي قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لِأَبِي دُجَانَةَ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ إِلَى الْيَوْمِ." اهـ

 

وفي "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (2/ 651) لابن عبد البر:

"سماك بن خرشة. ويقال: سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبد ود ابن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر، أبو دجانة الأنصاري. هو مشهور بكنيته، شهد بدرا، وكان أحدَ الشجعان، له مقامات."

 

وفي "تجريد الأسماء والكنى المذكورة في كتاب المتفق والمفترق" (1/ 248) لابْن الفراء البغدادي الحنبلي (المتوفى: 580هـ):

"أبو دجانة: سماك بن خَرَشَة بن لَوْذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وما بعدها، وأبلى بلاءً حسناً، وكان من فرسان المسلمين، وشجعان الصحابة المرضيين، وقُتل شهيداً يوم اليمامة في سنة اثنتي عشرة، ويقال: هو الذي قتل مُسَيْلمة الكذاب." اهـ

 

وفي "قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر" (1/ 159) للهِجراني :

"أبو دجانة بضم الدال، واسمه: سماك بن خرشة بن لوذان الأنصاري الخزرجي الساعدي، من رهط سعد بن عبادة. شهد بدرا، وكان من الأبطال الشجعان المعروفين، ودافع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد." اهـ

 

فأخذه فَفَلقَ بِهِ هَامَ المُشْرِكِينَ. رواه مسلم.

اسم أبي دجانةَ : سماك بن خَرَشة. قوله: «أحجَمَ القَومُ» : أي توقفوا. وَ «فَلَقَ بِهِ» : أي شق. «هَامَ المُشرِكينَ» : أي رُؤُوسَهم.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1917) (رقم: 2470)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (7/ 369) (رقم: 36772)، وأحمد في "مسنده" (19/ 265) (رقم: 12235)، وعبد بن حميد في "المنتخب" – ت. صبحي السامرائي (ص: 394) (رقم: 1327)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (2/ 670) (رقم : 292)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (3/ 255) (رقم: 5018)، وأبو نعيم الأصبهاني في "تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة" (ص: 247) (رقم: 37)، وفي "معرفة الصحابة" له (3/ 1436) (رقم: 3639)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/ 232)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" (3/ 903).

 

والحديث صحيح: صحح إسنادَهُ الأرنؤوطُ _رحمه الله_ في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (19/ 265) (رقم: 12235)

 

من فوائد الحديث :

 

وقال القاضي ابن هبيرة الشيباني الحنبلي _رحمه الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (5/ 376):

* في هذا الحديث من الفقه: استحباب توصل الإمام إلى كل ما يشد به عزائم المجاهدين، ويحمي به أنوفهم للحق،

فأما ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرض هذا السيف على القوم متخيرا من يتناوله منهم بحقه حتى انتدب له سماك، ففلق به هام المشركين.

* وفيه أيضًا: أن المستحب للإمام أن يختار أجود السلاح لأجود الرجال، ولا يترك السلاح الأجود مع الرجل الأدوَنِ حتى إن كان مِلْكًا للرجل، فرأى الإمام أنه لا يغني به صاحبه شيئًا، وغيرُه يغني به الغناءَ الواسعَ، وليس ذا سلاح،

أمر صاحب السلاح أن يدفع سلاحه إلى هذا الأعزل قصدًا بذلك مصلحةَ الجميعِ متوصلًا إلى طِيْبِ نفْسِ صاحِبِهِ في ذلك، فإنه الأولى كما كان يقول لمن مر به: (انثر كنانتك لأبي طلحة)." اهـ

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (2/ 33):

"في هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يبادر بالخير، وألا يتأخر، وأن يستعين بالله _عز وجل_، وهو إذا استعان بالله وأحسن به الظنَّ؛ أعانه الله.

كثير من الناس ربما يستكثر العبادة، أو يرى أنها عظيمة، يستعظمها، فينكص على عقبيه،

ولكن يقال للإنسان: (استعن بالله، توكل على الله)،

وإذا استعنت بالله، وتوكلت عليه، ودخلت فيما يرضيه _عز وجل_؛ فأبشر___بالخير وأن الله _تعالى_ سيعينك؛ كما قال الله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]." اهـ

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (2/ 34):

"وفي هذا دليل _أيضاً_ على حسن رعاية النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأمته؛ لأنه لم يخص بالسيف أحد من الناس، ولكنه جعل الأمر لعموم الناس، وهكذا ينبغي للإنسان الذي استرعاه الله رعية، ألا يحابي أحداً، وألا يتصرف تصرفاً يظن أنه محاب فيه، لأنه إذا حابى أحداً، أو تصرف تصرفاً يظن أنه حابى فيه، حصل من القوم فرقة،

وهذا يؤثر على الجماعة. أما لو امتاز أحد من الناس بميزة لا توجد في غيره، ثم خصه الإنسان بشيء، ولكنه يبين للجماعة أنه خصه لهذه الميزة؛ التي لا توجد فيهم؛ فهذا لا بأس به. والله الموفق.

 

وقال فيصل بن عبد العزيز الحريملي _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 85):

"في هذا الحديث: المبادرة إلى قتال المشركين بالجد إذا أمكن ذلك." اهـ

 

وقال ابن أبي عاصم _رحمه الله_ في "الجهاد" (2/ 670):

"الْإِمَامُ يَنْدُبُ إِلَى أَخْذِ السِّلَاحِ لِيُقَاتَلَ بِهِ بِحَقِّهِ، وَالرَّجُلُ يُمْدَحُ بِسِلَاحِهِ." اهـ

 

دلائل النبوة للبيهقي (3/ 232):

بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى الْقِتَالِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَثُبُوتِ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ مَعَهُ أَوْ رُجُوعِهِ إِلَيْهِ حِينَ عَلِمَ مَكَانَهُ، وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] ، وَمَا رُوِيَ فِي انْقِلَابِ الْعَسِيبِ الَّذِي أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ فِي يَدِهِ سَيْفًا

 

الأحكام الكبرى (4/ 427) للأشبيلي :

"بَاب فضل أبي دُجَانَة سماك بن خَرشَة." اهـ

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة