شرح الحديث 127-129 من 9 - (الترهيب من أنْ يعلَم ولا يَعمل بعلمه، ويقول ما لا يفعله).
127 - (5) [حسن لغيره]
ورواه البيهقي وغيره من حديث معاذ بن جبل: عن النبي _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قال: "ما تُزالُ
(1) قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسألَ عن أربعٍ: * عن عمرِهِ فيمَ
أفناه؟ * وعن شبابِهِ
فيمَ أبلاه؟ * وعن مالِهِ من
أين اكتَسَبَه؟ وفِيمَ أنفقه؟ * وعن علمِهِ
ماذا عَمِل فيه؟" __________ (1) بضم التاء، ويُحيلُ
فتحُها المعنى. أفاده الحافظ الناجي. وبالفتح وقع في مطبوعة عمارة! وكذا مطبوعة
الثلاثة!! وكانت هذه اللفظة في المخطوطة كما هنا (ما تزال)، فحوَّلَهَا ناسخها
أو غيره إلى (ما تزول)، فقلب الألف واواً، وكأنه لم يتنبه لصحتها بضم تائها!
وسيعيد المؤلف الحديث في (26 - البعث /3 - في الحساب أو غيره) برواية أخرى بلفظ:
"لن تزول..."، فإن صحت اللفظة
التي هنا؛ فالوجه فيها ما أفاده الناجي. |
ترجمة معاذ بن جبل
_رضي الله عنه_ الأنصاري الخزرجي:
وفي "الأعلام"
للزركلي (7/ 258_259):
"معاذ بن جبل (20 ق
هـ - 18 هـ = 603 - 639 م)
معاذ بن جبل بن
عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن: صحابي جليل،
كان أعلم الأمة
بالحلال والحرام. وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلّى الله عليه
وسلم.
أسلم وهو فتى، وآخى
النبي _صلّى الله عليه وسلم_ بينه وبين جعفر بن أبي طالب.
وشهد العقبة مع
الأنصار السبعين. وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله _صلّى الله
عليه وسلم_.
وبعثه رسول الله،
بعد غزوة تبوك، قاضيا ومرشدا لأهل اليمن، وأرسل معه كتابا إليهم يقول فيه: (إني
بعثت لكم خير أهلي)،
فبقي في اليمن إلى
أن توفي النبي _صلّى الله عليه وسلم_
وولي أبو بكر، فعاد
إلى المدينة. ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزو الشام.
ولما أصيب أبو
عبيدة (في طاعون عمواس) استخلف معاذا. وأقره عمر، فمات في ذلك العام.
وكان من أحسنَ___الناسِ
وَجْهًا ومن أسمحهم كفا.
له 157 حديثا. توفي
عقيما بناحية الأردن، ودفن بالقصير المعيني (بالغور).
ومن كلام عمر:
(لولا معاذ لهلك عمر) ينوه بعلمه." اهـ
نص الحديث:
ورواه البيهقي وغيره من حديث معاذ بن جبل:
عن النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قال:
"ما تُزالُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسألَ عن أربعٍ:
* عن عمرِهِ فيمَ أفناه؟
* وعن شبابِهِ فيمَ أبلاه؟
* وعن مالِهِ من أين اكتَسَبَه؟ وفِيمَ أنفقه؟
* وعن علمِهِ ماذا
عَمِل فيه؟"
تخريج الحديث:
أخرجه وكيع في
"الزهد" (ص: 227) (رقم: 10)، وزهير بن حرب في "العلم" (ص: 22)
(رقم: 89)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 125) (رقم: 34694)، والدارمي في
"سننه" (1/ 453) (رقم: 556)، وهناد بن السري في "الزهد" (2/
375)، والبزار في "المسند" = "البحر الزخار" (7/ 87) (رقم: 2640)،
والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 60) (رقم: 111)، والآجري في "أخلاق
العلماء" (ص: 77)، فوائد تمام (2/ 183) (رقم: 1480)، والبيهقي في "شعب
الإيمان" (3/ 278) (رقم: 1648)، وفي "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص:
317) (رقم: 493)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/ 686)
(رقم: 1208)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" – ت. بشار (13/ 400) (رقم:
3954)، "اقتضاء العلم العمل" (ص: 17_18) (رقم: 2_3)، وفي "الجامع
لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 88) (رقم: 28)، وأبو شجاع الديلمي في "الفردوس
بمأثور الخطاب" (5/ 74) (رقم: 7498)، وابن عساكر في "ذم من لا يعمل
بعلمه" (ص: 32) (رقم: 2).
وهذا سند لا بأس به
في الشواهد، رجاله ثقات غير عبد المجيد وصامت ففيهما
ضعف،
وقد قال المنذري في
" الترغيب " (4 / 198) : "رواه البزار والطبراني بإسناد
صحيح". فالظاهر أنهما أخرجاه من غير هذا الوجه وإلا فهو بعيد عن الصحة! وقد
رواه ليث عن عدي بن عدي به موقوفا. أخرجه الدارمي (1 /131) والخطيب، لكنه قال:
"رجاء بن حيوة" مكان " الصنابحي ".
والأول أصح. وليث
هو ابن أبي سليم وهو ضعيف وقد أوقفه، والرفع هو الصواب لهذه الشواهد. وقد روي من
حديث ابن عباس وزاد في آخره:
"وَعَنْ حُبِّنَا
أَهْلَ الْبَيْتِ".
وهو بهذه الزيادة
باطل.[1]
والحديث حسنٌ: حسنه الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"
(2/ 629) (رقم: 946)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 162 و 2/ 319 و 3/
423) (رقم: 127 و 1726 و 3593)
وقال أبو سليمان جاسم بن سليمان الفهيد الدوسري _رحمه
الله_ في "الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام" (5/ 180 و 184) (رقم:
1748):
"وبالجملة: فالعمدة
في تحسين الحديث على طريقي معاذ وأبي برزة، لأن ضعفهما غير شديد، بخلاف الطرق
الأخرى، فإنها لا تصلح للاستشهاد لوهنها الشديد.
من فوائد الحديث:
وقال الطيبي _رحمه
الله_ في "الكاشف عن حقائق السنن" (10/ 3296):
"وفيه: إيذان بأن
العلم مقدمة العمل وهو لا يعتد به لولا العمل." اهـ
وقال ابن الملك
الحنفي _رحمه الله_ في "شرح المصابيح" (5/ 405):
"العملُ أهمُّ،
والعلمَ مقدمتُه، وهو لا يُعتَّد لولا العملُ." اهـ
وقال علي بن سلطان
القاري _رحمه الله_ في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (8/ 3254):
"وَفِيهِ: إِشَارَةٌ
إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِيهَا يَحْتَاجُونَ إِلَى
الْعُلَمَاءِ أَيْضًا،
وقال أحمد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود، عماد الدين الواسطي البغدادي ثم الدمشقيّ،
المعروف بـ"ابنِ شيخِ الحِزَامِيِّيْنَ" (المتوفى: 711 هـ) _رحمه الله_
في "مفتاح طريق الأولياء" (ص: 30):
"اعلم يا أخي أنَّ
أمامَنا وأمامَك يوم يشيبُ فيه الوليد، وتضعُ كُلَّ ذات حملٍ حملها، وترى الناس
سُكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم تظهر فيه المُخَبَّئَاتُ، وتَبْدُوْ
فيه الْمُكْتَتَمَاتُ، ويسأل الله عبده عن عُمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما
أبلاه، وعن مالِهِ من أين اكتسبه، وفيما أنفقه." اهـ
وقال علامة الشام
جمال الدين القاسمي _رحمه الله_ في "موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين"
(ص: 326_327):
"تَفَكَّرْ يَا
مِسْكِينُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فِيمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْكَ مِنَ
السُّؤَالِ شِفَاهًا مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ، فَتُسْأَلُ عَنِ الْقَلِيلِ
وَالْكَثِيرِ وَالنَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ،
فَبَيْنَا أَنْتَ
فِي كُرَبِ الْقِيَامَةِ وَعَرَقِهَا وَشَدَّةِ___عَظَائِمِهَا إِذْ نَزَلَتْ
مَلَائِكَةٌ مِنْ أَرْجَاءِ السَّمَاءِ إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ عَلَى
الْجَبَّارِ، فَيَقُومُونَ صَفًّا صَفًّا مُحَدِّقِينَ بِالْخَلَائِقِ مِنَ
الْجَوَانِبِ، وَيُنَادُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَرْتَعِدُ
الْفَرَائِصُ وَتَضْطَرِبُ الْجَوَارِحُ وَتُبْهَتُ الْعُقُولُ، وَيَتَمَنَّى
أَقْوَامٌ أَنْ يُذْهَبَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ وَلَا تُعْرَضَ قَبَائِحُ
أَعْمَالِهِمْ عَلَى الْجَبَّارِ وَلَا يَكْشِفَ سَتْرَهُمْ عَلَى مَلَأِ
الْخَلَائِقِ.
وَقَبْلَ
الِابْتِدَاءِ بِالسُّؤَالِ يَظْهَرُ نُورُ الْعَرْشِ: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ
بِنُورِ رَبِّهَا) [الزُّمَرِ: 69]،
وَأَيْقَنَ قَلْبُ
كُلِّ عَبْدٍ بِإِقْبَالِ الْجَبَّارِ لِمُسَاءَلَةِ الْعِبَادِ، وَيَظُنُّ كُلُّ
وَاحِدٍ أَنَّهُ مَا يَرَاهُ أَحَدٌ سِوَاهُ، وَأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْأَخْذِ
وَالسُّؤَالِ دُونَ مَنْ عَدَاهُ، فَيَبْدَأُ سُبْحَانَهُ بِالْأَنْبِيَاءِ:
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا
عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [الْمَائِدَةِ: 109]،
فَيَا لَشِدَّةِ
يَوْمٍ تَذْهَلُ فِيهِ عُقُولُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ شِدَّةِ الْهَيْبَةِ، ثُمَّ
يُؤْخَذُ وَاحِدٌ وَاحِدٌ فَيَسْأَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى شِفَاهًا عَنْ قَلِيلِ
عَمَلِهِ وَكَثِيرِهِ، عَنْ سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، وَعَنْ جَمِيعِ جَوَارِحِهِ
وَأَعْضَائِهِ.
فَكَيْفَ تَرَى
حَيَاءَكَ وَخَجْلَتَكَ وَهُوَ يَعُدُّ عَلَيْكَ إِنْعَامَهُ وَمَعَاصِيَكَ،
وَأَيَادِيَهُ وَمُسَاوِيَكَ، فَإِنْ أَنْكَرْتَ شَهِدَتْ عَلَيْكَ جَوَارِحُكَ
وَأَنْتَ بِقَلْبٍ خَافِقٍ وَطَرْفٍ خَاشِعٍ وَأُعْطِيتَ كِتَابَكَ الَّذِي لَا
يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةَ إِلَّا أَحْصَاهَا،
فَكَمْ مِنْ
فَاحِشَةٍ نَسِيتَهَا فَتَذْكُرُهَا، وَكَمْ مِنْ طَاعَةٍ غَفَلْتَ عَنْ آفَاتِهَا
فَانْكَشَفَ لَكَ عَنْ مُسَاوِيهَا، فَلَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ قَدَمٍ تَقِفُ
بَيْنَ يَدَيْهِ. وَبِأَيِّ لِسَانٍ تُجِيبُ، وَبِأَيِّ قَلْبٍ تَعْقِلُ مَا
تَقُولُ." اهـ
وقال ابن القيم
_رحمه الله_ في "عِدَةِ الصَّابِرِيْنَ وذخيرةِ الشاكريْنَ" (ص: 188):
"فكل أحد يسأل عن
نعيمه الذى كان فيه فى الدنيا: (هل ناله من حلاله ووجهه، أم لا)،
فاذا تخلص من هذا
السؤال، سئل سؤالا آخر: (هل شكر الله _تعالى_ عليه، فاستعان به على طاعته، أم لا)،
فالأول: سؤال عن سبب استخراجه، والثاني:
عن محل صرفه." اهـ
128 - (6) [حسن
لغيره] وعن ابن مسعودٍ _رضي الله عنه_: عن النبي _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قال: "لا يزول قدما ابن
آدمَ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن خمسٍ: * عن عمره فِيمَ
أفناه؟ * وعن شبابه فيم
أبلاه؟ * وعن ماله من
أين اكتَسَبَه؟ وفيمَ أنفقه؟ * وماذا عمِل
فيما عَلِمَ؟ ". رواه الترمذي
أيضاً، والبيهقي، وقال الترمذي: "حديث
غريب، لا نعرفه من حديث ابن مسعود عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
إلا من حديث حسين بن قيس". قال الحافظ:
"حسين هذا هو حنش، وقد وثقه حُصين بن نُمَيْرٍ، وضعفه غيره، وهذا الحديث
حسن في المتابعات إذا أضيف إلى ما قبله. والله أعلم". |
ترجمة عبد الله بن
مسعود الهذلي _رضي الله عنه_:
الأعلام للزركلي
(4/ 137)
"ابن مَسْعُود (000
- 32 هـ = 000 - 653 م):
عبد الله بن مسعود
بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن: صحابي. من أكابرهم، فضلا وعقلا، وقربا من
رسول الله صلّى الله عليه وسلم،
وهو من أهل مكة،
ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله
الامين،___وصاحبَ سره، ورفيقَه في حله وترحالِه وغزواتِه،
يدخل عليه كل وقت
ويمشي معه. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي صلى الله
عليه وسلم بيت مال الكوفة.
ثم قدم المدينة في
خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عاما. وكان قصيرا جدا، يكاد الجلوس يوارونه.
وكان يحب الإكثار من التطيب. فإذا خرج من بيته عرف جيران الطريق أنه مر، من طيب
رائحته. له 848 حديثا." اهـ
شَرْحُ
الْمُفْرَدَاتِ:
قال المباركفوري
_رحمه الله_ في "تحفة الأحوذي" (7/ 85):
"(وَعَنْ شَبَابِهِ)،
أَيْ: قُوَّتِهِ فِي وَسَطِ عُمُرِهِ (فِيمَا أَبْلَاهُ)، أَيْ: ضَيَّعَهُ،
وَفِيهِ: تَخْصِيصٌ
بَعْدَ تَعْمِيمٍ، وَإِشَارَةٌ إِلَى الْمُسَامَحَةِ فِي طَرَفَيْهِ مِنْ حَالِ
صِغَرِهِ وَكِبَرِهِ." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه الترمذي في
"سننه" – ت. شاكر (4/ 612) (رقم: 2416)، والبزار في "مسنده" =
"البحر الزخار" (4/ 266) (رقم: 1435)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"
(9/ 178) (رقم: 5271)، والدِّيْنَوَرِيُّ في "المجالسة وجواهر العلم"
(1/ 295) (رقم: 7)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 8) (رقم: 9772)، و"المعجم
الأوسط" (7/ 307) (رقم: 7576)، و"المعجم الصغير" (2/ 49) (رقم: 760)،
والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/ 277) (رقم: 1647)، و"الزهد الكبير"
(ص: 279) (رقم: 717)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/
685) (رقم: 1206).
والحديث حسن: حسنه الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2/
629) (رقم: 946)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 319) (رقم: 1724)، بل
صححه في "تخريج مشكاة المصابيح" (3/ 1435) (رقم: 5197)
من فوائد الحديث:
شرح المصابيح لابن
الملك (5/ 405)
وإنما ذَكر شبابَه
بعد ذِكر عمرِه؛ لأنه الزمانُ الذي يتمكن فيه على أقوى العبادات.
مرقاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح (8/ 3254)
وَفِيهِ إِشَارَةٌ
إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِيهَا يَحْتَاجُونَ إِلَى
الْعُلَمَاءِ أَيْضًا
وقال أبو سليمان
جاسم بن سليمان حمد الفهيد الدوسري _حفظه الله_ في "الروض البسام بترتيب
وتخريج فوائد تمام" (5/ 180):
5 - باب: ما يُسأل عنه
العبد يوم القيامة
أخلاق العلماء
للآجري (ص: 77):
"ذِكْرُ سُؤَالِ
اللَّهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عِلْمِهِمْ مَاذَا عَمِلُوا فِيهِ." اهـ
الزواجر عن اقتراف
الكبائر (1/ 155)
(الْكَبِيرَةُ
الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ)
وقال الهيتمي _رحمه
الله_ في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 383):
"(الْكَبِيرَةُ
السَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: أَكْلُ الْمَالِ بِالْبُيُوعَاتِ
الْفَاسِدَةِ، وَسَائِرِ وُجُوهِ الْأَكْسَابِ الْمُحَرَّمَةِ)
قَالَ اللَّهُ _تَعَالَى_:
{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء:
29]،
وَاخْتَلَفُوا فِي
الْمُرَادِ بِهِ، فَقِيلَ الرِّبَا وَالْقِمَارُ وَالْغَصْبُ وَالسَّرِقَةُ
وَالْخِيَانَةُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَأَخْذُ الْمَالِ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ."
اهـ
وقال عبد الرحمن بن
ناصر السعدي _رحمه الله_ في الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على
المناسبات" (ص: 63)
"فكلنا معشر
المسلمين مسئول عن هذه الخمس، كما أخبر به الصادق في___المقال، فلينظر العبد موقع
حاله، وماذا يجيب به هذا السؤال، فمن قال بصدق: (يا رب قد أفنيت عمري في طاعتك،
وأبليت قوتي وشبابي في خدمتك، ولم أزل مقلعا تائبا عن معصيتك، واكتسبت مالي من طرق
الحلال واجتنبت المكاسب الردية الموجبة للهلاك والنكال، وأنفقته فيما تحب واجتنبت
إنفاقه في الفسوق، ولم أبخل بالزكاة ولا في النفقات الواجبة وآتيت الحقوق، وعلمت
الخير ففعلته، وعرفت الشر فتركته، فليبشر عند ذلك برحمة الله وأمانه، والفوز بجنته
ورضوانه).
ومن قال: (قد قضي
عمري وشبابي في الذنوب والغفلات، ولم أبال بالمكاسب الخبيثة ولا بالغش والخيانات،
وعلمت الخير والشر فلم انتفع بعلمي، ولا أغنت عني معرفتي ولا فهمي).
فذلك العبد الذي
هلك مع الهالكين، وسلك سبيل الظالمين المعتدين. فيا سوءتاه حين يندب الشاب شبابه،
ويفتضح الشيخ إذا قرأ كتابه ويا ندامة المفرطين حين يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا،
ويساق المجرمون إلى جهنم وردا، لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا،
ينادون مالكا خازن النار:
{يَا مَالِكُ
لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ - لَقَدْ جِئْنَاكُمْ
بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: 77 - 78]،
ويقولون: {رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ - قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا
وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 107 - 108] الآيات. بارك الله لي ولكم في القرآن
العظيم." اهـ
وقال القحطاني في
"عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة" (1/ 184):
"الحساب: ويجب
الإيمان بذلك؛ لأنَّ الله أخبر بذلك وأخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم -. فإنّ
الله يوقف عباده على أعمالهم قبل الانصراف من المحشر، فيرى كل إنسان عمله سواء كان
خيراً أو شرا." اهـ
وقال ابن القيم في
"عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" (ص: 188):
"فكل أحد يسأل عن
نعيمه الذى كان فيه فى الدنيا هل ناله من حلاله ووجهه أم لا فاذا تخلص من هذا
السؤال سئل سؤالا آخر: (هل شكر الله تعالى عليه، فاستعان به على طاعته أم لا؟)
فالأول: سؤال عن
سبب استخراجه، والثاني: عن محل صرفه." اهـ
وقال محمد الأمين
الشنقيطي في "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" (9/ 83_84):
"أَصْلُ النَّعِيمِ
كُلُّ حَالٍ نَاعِمَةٍ مِنَ النُّعُومَةِ وَاللُّيُونَةُ، ضِدُّ الْخُشُونَةِ
وَالْيُبُوسَةِ، وَالشَّدَائِدِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ _تَعَالَى_:
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
ثُمَّ قَالَ:
{إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]،
فَقَابَلَ
النِّعْمَةَ بِالضُّرِّ.
وَمِثْلُهُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ
لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} [هود: 10].
وَعَلَى هَذَا
فَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَدِيدَةٌ، كَمَا قَالَ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ
اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]
وَبِهَذَا تَعْلَمُ
أَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ لَا
الْحَصْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]
وَأُصُولُ هَذِهِ
النِّعَمُ:
* أَوُّلُهَا: الْإِسْلَامُ، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (9/ 83)
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ
دِينًا} [المائدة: 3]
وَيَدْخُلُ فِيهَا نِعَمُ التَّشْرِيعِ وَالتَّخْفِيفِ،
عَمَّا كَانَ عَلَى الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ،___كَمَا يَدْخُلُ فِيهَا نِعْمَةُ الْإِخَاءِ فِي اللَّهِ:
{وَاذْكُرُوا
نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]،
وَغَيْرُ ذَلِكَ
كَثِيرٌ.
* وَثَانِيهَا: الصِّحَّةُ، وَكَمَالُ الْخِلْقَةِ وَالْعَافِيَةِ،
فَمِنْ كَمَالِ
الْخِلْقَةِ الْحَوَاسُّ: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ
(9)} [البلد: 8، 9]،
ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }
[الإسراء: 36]
* وَثَالِثُهَا: الْمَالُ فِي كَسْبِهِ وَإِنْفَاقِهِ سَوَاءٌ،
فَفِي كَسْبِهِ
مِنْ حِلِّهِ: نِعْمَةٌ، وَفِي إِنْفَاقِهِ فِي أَوْجُهِهِ: نِعْمَةٌ.
هَذِهِ أُصُولُ
النِّعَمِ، فَمَاذَا يُسْأَلُ عَنْهُ، مِنْهَا جَاءَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ
سَيُسْأَلُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.
أَمَّا عَنِ الدِّينِ
وَالْمَالِ وَالصِّحَّةِ، فَفِي مُجْمَلِ
الْحَدِيثِ:
"إِذَا كَانَ
يَوْمُ الْقِيَامَةِ، لَا تَزُولُ قَدَمُ عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ:
عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ عَمَلٌ بِهِ، وَعَنْ
مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ
أَفْنَاهُ ".
وَلِعِظَمِ هَذِهِ
الْآيَةِ وَشُمُولِهِا، فَإِنَّهَا أَصْبَحَتْ مِنْ قَبِيلِ النُّصُوصِ مَضْرِبَ
الْمَثَلِ، فَقَدْ فَصَّلَتِ السُّنَّةُ جُزْئِيَّاتِ مَا كَانَتْ تَخْطُرُ
بِبَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_."
اهـ
129 - (7) [صحيح
لغيره موقوف] وعن لقمان -يعني ابن عامر- قال: كان أبو الدرداء _رضي الله عنه_ يقول: "إنّما أخشى من
ربي يومَ القيامة أنْ يدعوَني على رؤوس الخلائِقِ، فيقولَ لي: (يا عُوَيْمرُ!)،
فأقولَ: (لبيكَ ربِّ). فيقولَ: (ما عملتَ فيما علمتَ). رواه البيهقي (1). __________ (1) قلت: أخرجه في
"شعب الإيمان" (2/ 299/ 1852)، وفيه الفَرَجُ بْنُ فضالةَ، وهو ضعيف، لكن رواه الدارمي (1/
82)، وابن عبد البر (2/ 2 و3) من طرق عن أبي الدراء، وكذا ابن المبارك في
"الزهد" كما في "الكواكب الدراري" (1/ 30/ 1). ثم رأيته في
المطبوعة (13 - 14/ 39)، وسند هذا صحيح. |
وفي "الزهد"
لأبي داود (ص: 201_202):
عَنْ أَبِيهِ،
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ
يَقُولُ:
"إِنِّي
لَخَائِفٌ يَوْمَ يُنَادِي مُنَادٍ فَيَقُولُ: (يَا عُوَيْمِرُ). فَأَقُولُ: (لَبَّيْكَ
رَبِّ لَبَّيْكَ). فَيَقُولُ: (أَمَا عَلِمْتَ؟) فَأَقُولُ: (نَعَمْ). فَيُقَالُ: (كَيْفَ
عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟)، فَتَأْتِي كُلُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ زَاجِرَةً
وَآمَرَةً تَسْأَلُنِي فَرِيضَتَهَا،
فَتَشْهَدُ عَلَيَّ
الْآمِرَةُ بِأَنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَتَشْهَدُ عَلَيَّ الزَّاجِرَةُ بِأَنِّي
لَمْ أَنْتَهِ أَوْ أَتْرُكْ.___
فَأَعُوذُ
بِاللَّهِ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ عَمَلٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ صَوْتٍ
لَا يُسْمَعُ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ دُعَاءٍ لَا يُجَابُ." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه ابن المبارك في
"الزهد والرقائق" (1/ 13) (رقم: 39)، وعبد الرزاق في "المصنف"
(11/ 253) (رقم: 20467)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 112 و 7/ 275)
(رقم: 34598 و 36038)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" – ط. دار صادر (2/
358)، الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 112) (رقم: 731)، والدارمي في "سننه" (1/
321) (رقم: 270)، وأبو داود في "الزهد" (ص: 201 و 221) (رقم: 215 و 249)،
الحارث في "مسنده" كما في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث"
(2/ 1004) (رقم: 1124)، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2/
841) (رقم: 849)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (1/ 213_214)،
والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/ 277 و 3/ 302) (رقم: 1646 و 1711)، وفي
"المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 316 و 317) (رقم: 489 و 492)، وأبو علي الشامُوْخي
في "الأحاديث" (ص: 41) (رقم: 21)، اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي
(ص: 19 و 41_42) (رقم: 5 و 53_55)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"
(1/ 680 و 1/ 682) (رقم: 1201 و 1204)، وأبو شجاع الديلمي قي "الفردوس بمأثور
الخطاب" (3/ 293) (رقم: 4878)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47/
148)
والحديث صحيح موقوف: صححه لغيره الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 163)
(رقم: 129)
من فوائد الحديث:
وقال المناوي في
"فيض القدير" (5/ 58):
"هذا من الأدلة
الشرعية على قبح الجهل، وعلى وبال عدم العمل بالعلم، وهو استعظام لما يقع يومئذ من
الدهشة والتحير في الجواب والارتباك فيما لا حيلة في دفعه، ولا سبيل إلى التخلص
منه وأن ما يحدث المرء به نفسه ويسهله عليها تعلل بباطل وطمع فيما لا يجدي،
فأفاد أن الغفلة عن
الله على ضربين: الجهل بأمر الدين، فلا يعرف ما يأتي، ولا يعلم ما يذر، والسهو عما
يعلم ذهابا عن إتيانِ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ وركوبا لما نهى عنه بشهوة النفس وغرور
الدنيا وزخارفها وهذا أقبح النوعين." اهـ
وفي "جامع
بيان العلم وفضله" (1/ 679):
"بَابُ مَا جَاءَ
فِي مُسَاءَلَةِ اللَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ الْعُلَمَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا
عَمِلُوا فِيمَا عَلِمُوا." اهـ
اقتضاء العلم العمل
للخطيب البغدادي (ص: 15)
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: الْعِلْمُ خَادِمُ الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ غَايَةُ الْعِلْمِ،
فَلَوْلَا الْعَمَلُ لَمْ يُطْلَبْ عِلْمٌ وَلَوْلَا الْعِلْمُ لَمْ يُطْلَبْ
عَمَلٌ، وَلَأَنْ أَدَعَ الْحَقَّ جَهْلًا بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ
أَدَعَهُ زُهْدًا فِيهِ
وقال الإمام الحسن
البصري -رحمه الله-:
"إذا كنت
آمرًا بالمعروف، فكن من آخذ الناس به، وإلا هلكت، وإذا كنت ممن ينهى عن المنكر،
فكن من أنكر الناس له، وإلا هلكت".
قال ابن النحاس
-رحمه الله- في "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال
الجاهلين" (ص: 127_128):
"والأحاديث
والآثار في ذم علماء السوء، وتوبيخ من لم يعمل بعلمه، ومن خالف قوله عمله كثيرة
جدًا، وهي ناطقة بأن من أمر بما لا يفعل أشر الناس منزلة___عند الله يوم القيامة،
وأن العلماء الفجرة هم الأخسرون إذ ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعًا." اهـ
Komentar
Posting Komentar