شرح الحديث 126 (9 - الترهيب من أنْ يعلَم ولا يَعمل بعلمه، ويقول ما لا يفعله) من صحيح الترغيب
126 - (4) [صحيح] وعن
أبي بَرزةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: "لا تزولُ قدما
عبدٍ [يومَ القيامة] (3) حتى يُسأَل عن
عمرِهِ فيمَ أفناه؟ وعن علمِهِ فيمَ فَعَلَ فيه؟ وعن مالِهِ من أين اكتَسَبَه؟
وفِيمَ أنفقه؟ وعن جِسمِه فِيمَ أبلاه؟ ". رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح". __________ (3) سقطت من الأصل
والمخطوطة، واستدركتها من "الترمذي". |
ترجمة أبو بَرْزَةَ
الأَسْلَمي _رضي الله عنه_:
وقال الزِّرِكْلِيُّ
_رحمه الله_ في "الأعلام" (8/ 33):
"أبو برزة
الأَسْلَمي (000 - 65 هـ = 000 - 685 م):
نضلة بن عبيد بن
الحارث الأسلمي، أبو برزة: صحابي. غلبت عليه كنيته واختلف في اسمه.
كان من سكان
المدينة، ثم البصرة. وشهد مع علي قتال أهل النهروان. ثم شهد قتال الأزارقة مع
المهلب بن أبي صفرة. ومات بخراسان. له 46 حديثا." اهـ
وفي "تهذيب
الكمال في أسماء الرجال" (29/ 409):
"وذكره مُحَمَّد بن
سعد فِي الطبقة الثالثة، قال: وكان من ساكني
المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وغزا خراسان، فمات بها، وولده فِي داره بالبصرة."
اهـ
وفي "الاستيعاب
في معرفة الأصحاب" (4/ 1495):
"غلبت عَلَيْهِ
كنيته. واختلف فِي اسمه، فَقِيل نضلة بْن عُبَيْد بْن الْحَارِث...
أسلم أَبُو برزة قديما، وشهد فتح مكة، ثم تحوله إِلَى البصرة،
وولده بها، ثُمَّ غزا خراسان ومات بها فِي
أيام يَزِيد بْن مُعَاوِيَة أَوْ فِي آخر خلافة
مُعَاوِيَة.
قَالَ الأزرق بْن
قَيْس: رَأَيْت أَبَا برزة الأسلمي رجلا مربوعًا آدم.
وروي عَنْ أَبِي
برزة أنه قَالَ: (أَنَا قتلت ابْن خطل، وَهُوَ متعلق بأستار الكعبة).
روى عَنْهُ أَبُو
العالية، وأبو المنهال، وأبو الوضيء، والحسن الْبَصْرِيّ، وجماعة غيرهم." اهـ
وفي "سير
أعلام النبلاء" – ط. الرسالة (3/ 43)
قِيْلَ: كَانَ
أَبُو بَرْزَةَ وَأَبُو بَكْرَةَ مُتَوَاخِيَيْنِ
وفي "معرفة
الصحابة" لأبي نعيم (5/ 2682):
أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ،
وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عَبْدَ الْعُزَّى بْنَ خَطَلٍ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ
يَوْمَ الْفَتْحِ لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقَتْلِهِ، وَغَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَوَاتٍ مِنْهَا خَيْبَرُ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَعَقِبٌ، تُوُفِّيَ بَعْدَ
أَبِي بَكْرَةَ." اهـ
وفي "تهذيب
الكمال في أسماء الرجال" (29/ 409):
"قال البخاري: نزل
البصرة، وذكر لَهُ حديث غزوه مَعَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سبع غزوات." اهـ
وفي "مختصر
تاريخ دمشق" (26/ 152):
"وحضر مع علي بن أبي
طالب قتالَ الخوارج بالنهروان،
وورد المدائن صحبته.
وفي "إكمال
تهذيب الكمال" (12/ 49):
قال خليفة بن خياط:
مات سنة أربع وستين بعدما أُخْرِجَ ابن
زياد من البصرة.
وفي كتاب الصَّرِيْفِيْنِيُّ:
شهد أحدا وخيبر وفتح مكة، وتوفي بقرية من قرى مرو تسمى (سَانْجِرْدَ)[1]."
اهـ
وقال مُغَلْطَايْ
_رحمه الله_ في "إكمال تهذيب الكمال" (12/ 50):
"وفي البخاري: أنه
شهد قتال الحرورية بالأهواز،
وذكر المبرد أن قتالهم كان بها في سنة خمس وستين. وفي الإسماعيلي: حضرها مع المهلب
بن أبي صفرة." اهـ
نص الحديث وشرحه:
وعن أبي بَرزةَ الأسلمي _رضي الله عنه_، قال:
قال رسول الله _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأَل:
عن عمرِهِ فيمَ أفناه؟
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (4/ 300)
"(عن عمره)...أي حياته وبقائه في الدنيا (فيما أفناه) في طاعة
أم معصية، فما استفهامية فيه وفيما بعده وإثبات ألفها مع كونها مجرورة قليل
والكثير حذفها
وعن علمِهِ فيمَ فَعَلَ فيه؟
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (4/ 300)
(وعن عمله فيما__فعل فيه) لوجه الله تعالى خالصاً فيثاب عليه، أو
رياء وسمعة فيعاقب عليه إن شاء الله تعالى.
وعن مالِهِ من أين اكتَسَبَه؟ وفِيمَ أنفقه؟
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (4/ 301):
"(وعن ماله من أين اكتسبه) أمن حلال ذلك أو حرام." اهـ
وفي "فيض القدير" (1/ 151):
وسمى المال مالا لأنه يميل القلوب عن الله تعالى قال الراغب: والحساب
استعمال العدد
وعن جِسمِه فِيمَ أبلاه؟ ".
رواه الترمذي وقال:
"حديث حسن صحيح".
وقال المباركفوري
_رحمه الله_ في "تحفة الأحوذي" (7/ 86):
"قوله: (وعن جسمه
فيم أَبْلَاهُ) كَأَنَّهُ مِنْ (بَلِيَ الثَّوْبُ، وَأَبْلَاهُ)، كَأَنَ الشَّبَاب
فِي قُوَّتِهِ كَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ فَلَمَّا وَلَّى الشَّبَابُ وَضَعُفَ
الْبَدَنُ فَكَأَنَّمَا بَلِيَ." اهـ
وفي "دليل
الفالحين لطرق رياض الصالحين" (4/ 301):
"ويستثنى من ذلك
الأنبياء وبعض صالحي المؤمنين كالذين يدخلون الجنة بغير حساب." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه الترمذي في "سننه"
– ت. شاكر (4/ 612) (رقم: 2417)، والمعافى بن عمران الموصلي في "الزهد"
(ص: 296) (رقم: 203)، والدارمي في "سننه" (1/ 452) (رقم: 554)، وابن أبي
الدنيا في "إصلاح المال" (ص: 27) (رقم: 30)، وأبو يعلى الموصلي في "المسند"
(13/ 428) (رقم: 7434)، والروياني في "المسند" (2/ 337) (رقم: 1313)، والطبراني
في "المعجم الأوسط" (2/ 348) (رقم: 2191)، والآجري في "أخلاق
العلماء" (ص: 77)، أبو سعيد النَّقَّاشُ في "فوائد العراقيين" (ص:
49) (رقم: 34)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"
(10/ 232)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 318) (رقم: 494)،
والخطيب البغدادي في "اقتضاء العلم العمل" – ت. الألباني (ص: 16) (رقم: 1)،
وابن عساكر في "ذم من لا يعمل بعلمه" (ص: 31) (رقم: 1)، وقاضي المارستان
الكَعْبِيُّ في "المشيخة الكبرى" (2/ 1002) (رقم: 425).
والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"
(2/ 629) (رقم: 946)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1221) (رقم: 7300)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (3/ 423) (رقم: 3592)
من فوائد الحديث:
1/ كَرَاهِيةِ طَلَبِ
الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا جَاءَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ
بِالْعِلْمِ
المدخل إلى السنن
الكبرى للبيهقي (ص: 311)
بَابُ كَرَاهِيةِ
طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا جَاءَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ
بِالْعِلْمِ
2/ فيه: الأمر بأَخْذِ
الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ
وقال ابن أبي
الدنيا _رحمه الله_ في "إصلاح المال" (ص: 12):
"بَابُ أَخْذِ
الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ." اهـ
وفي "تنبيه
الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" للسمرقندي (ص: 457):
وَقَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: الْمُنَافِقُ مَا أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا يَأْخُذُ مِنَ الْحِرْصِ،
وَيَمْنَعُ بِالشَّكِّ، وَيُنْفِقُ بِالرِّيَاءِ، وَالْمُؤْمِنُ الْبَصِيرُ،
يَأْخُذُ بِالْخَوْفِ، وَيُمْسِكُ بِالشُّكْرِ، وَيُنْفِقُ خَالِصًا لِوَجْهِ
اللَّهِ تَعَالَى.
وفي "تنبيه
الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" للسمرقندي (ص: 457):
"وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ _رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى_:
(الطَّاعَةُ
مَخْزُونَةٌ فِي خَزَائِنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِفْتَاحُهَا الدُّعَاءُ،
وَأَسْنَانُهَا لُقْمَةُ الْحَلَالِ)،
وَعَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ _رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى، قَالَ: (الْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَمِي مِنْ حَلَالٍ مَخَافَةَ الدَّاءِ،
فَكَيْفَ لَا يَحْتَمِي بِالْحَرَامِ مَخَافَةَ النَّارِ)." اهـ
تنبيه الغافلين
بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 458)
مَنْ أَرَادَ أَنْ
يَكُونَ كَسْبُهُ طَيِّبًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ.
أَوَّلُهَا: أَنْ لَا يُؤَخِّرَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ _تَعَالَى_
لِأَجْلِ الْكَسْبِ، وَلَا يُدْخِلُ النَّقْصَ فِيهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُؤْذِي أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ _تَعَالَى_ لِأَجلِ
الْكَسْبِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْصِدَ بِكَسْبِهِ اسْتِعْفَافًا لِنَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ،
وَلَا يَقْصِدَ بِهِ الْجَمْعَ وَالْكَثْرَةَ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي الْكَسْبِ جِدًّا.
وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَرَى رِزْقَهُ مِنَ الْكَسْبِ، وَيَرَى الرِّزْقَ مِنَ
اللَّهِ _تَعَالَى_ وَالْكَسْبَ سَبَبًا." اهـ
3/ كراهة التَّنَعُّمِ
وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ
وقال المعافى بن
عمران الموصلي _رحمه الله_ في "الزهد" (ص: 279):
"بَابٌ: فِي
التَّنَعُّمِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ وَالْكَرَاهِيَةِ لِذَلِكَ
4/ وَالْعِلْمُ
يُرَادُ لِلْعَمَلِ كَمَا الْعَمَلُ يُرَادُ لِلنَّجَاةِ
وقال الخطيب
البغدادي _رحمه الله_ في "اقْتِضَاءِ الْعِلْمِ الْعَمَلَ" (ص: 15):
"وَالْعِلْمُ
يُرَادُ لِلْعَمَلِ كَمَا الْعَمَلُ يُرَادُ لِلنَّجَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ
قَاصِرًا عَنِ الْعِلْمِ، كَانَ الْعِلْمُ كَلًّا عَلَى الْعَالِمِ،
وَنَعُوذُ
بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ عَادَ كَلًّا، وَأَوْرَثَ ذُلًّا، وَصَارَ فِي رَقَبَةِ
صَاحِبِهِ غَلًّا،
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: (الْعِلْمُ خَادِمُ
الْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ غَايَةُ الْعِلْمِ، فَلَوْلَا الْعَمَلُ، لَمْ يُطْلَبْ
عِلْمٌ. وَلَوْلَا الْعِلْمُ، لَمْ يُطْلَبْ عَمَلٌ." اهـ
5/ فيه تحذير من ترك
العمل للعلم
أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي
(المتوفى: 671 هـ) _رحمه الله_ في "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"
(ص: 632)
"هذا مَقَامٌ مَخُوْفٌ
لأنه لم يقل: (وعن عمله، ما قال فيه)، وإنما قال: (ما عمِل فيه)، فلْيَنْظُرِ الْعَبْدُ
مَا عَمِلَ فيما علِمه، هل صدَق الله في ذلك، وأخلَصَه حتى يَدْخُلَ فِيْمَنْ أثنى
اللهُ عليه بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} [البقرة: 177]،
أو خالف عِلْمَه بِفِعْلِهِ
فَيَدْخُلُ في قوله _تعالى_: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا
الْكِتَابَ} [الأعراف: 169]، الآية.
وقولِه _تعالى_: {أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ}
[البقرة: 44]،
وقولِه: {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ
اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 2، 3]
والأخبار في هذا
المعنى كثيرة، وسيأتي ذكرها في أبواب النار إن شاء الله _تعالى_." اهـ
تنبيه الغافلين
بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 62)
وَعَنْ عِكْرِمَةَ
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: إِنَّ الْوَالِدَ يَتَعَلَّقُ بِوَلَدِهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي كُنْتُ لَكَ وَالِدًا فِي
الدُّنْيَا، وَأَبًا لَكَ، فَيُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهُ يَا
بُنَيَّ قَدِ احْتَجْتُ إِلَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ حَسَنَاتِكَ، لَعَلِّي
أَنْجُو مِمَّا تَرَى، فَيَقُولُ لَهُ وَلَدُهُ إِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَى نَفْسِي
مِثْلَ الَّذِي تَخَوَّفْتَ، فَلَا أُطِيقُ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا.
ثُمَّ يَتَعَلَّقُ
بِزَوْجَتِهِ فَيَقُولُ لَهَا يَا فُلَانَةٌ، إِنِّي كُنْتُ لَكِ زَوْجًا فِي
الدُّنْيَا، فَتُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهَا إِنِّي أَطْلُبُ مِنْكِ
حَسَنَةً وَاحِدَةً تُهْدِيهَا لِي، لَعَلِّي أَنْجُو مِمَّا تَرَيْنَ، فَتَقُولُ
لَا أُطِيقُ ذَلِكَ، إِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَى نَفْسِي مِثْلَ الَّذِي تَخَوَّفْتَ
مِنْهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى
حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: 18]،
يَعْنِي الَّذِي أَثْقَلَتْهُ الذُّنُوبُ، لَا يَحْمِلُ أَحَدٌ عَنْهُ شَيْئًا
مِنْ ذُنُوبِهِ.
6/ الغنى محلّ خطر
لأصحابه
وقال الإثيوبي في
"البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 470):
"الغنى محلّ خطر
لأصحابه؛ حيث يحبسهم من دخول الجنّة بسبب المحاسبة به، وعليه يدل ما أخرجه
الترمذيّ من حديث أبي برزة الأسلميّ _رضي الله عنه_، قال:
قال رسول الله _صلي
الله عليه وسلم_:
"لا تزول قدما
عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه
وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه."
قال الترمذيّ: "هذا
حديث حسن صحيح." اهـ
7/ العملُ أهمُّ،
والعِلْمُ مقدمتُه
شرح المصابيح لابن
الملك (5/ 405)
العملُ أهمُّ، والعِلْمُ
مقدمتُه، وهو لا يُعتَّد، لولا العملُ.
8/ العلم وسيل إلى
التعبد
وقال الشاطبي في
"الموافقات" (1/ 73_75):
"كُلُّ عِلْمٍ
شَرْعِيٍّ فَطَلَبُ الشَّارِعِ لَهُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَسِيلَةٌ
إِلَى التَّعَبُّدِ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. فَإِنْ
ظَهَرَ فِيهِ اعْتِبَارُ جِهَةٍ أُخْرَى؛ فَبِالتَّبَعِ وَالْقَصْدِ الثَّانِي،
لَا بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ،
وَالدَّلِيلُ عَلَى
ذَلِكَ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: مَا تقدَّم فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلُ أَنَّ كَلَّ عِلْمٍ لَا يُفيد
عَمَلًا[2]؛
فَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ مَا يدلُّ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ
غَايَةٌ أُخْرَى شَرْعِيَّةٌ؛ لَكَانَ مُسْتَحْسَنًا شَرَعَا، وَلَوْ كَانَ
مُسْتَحْسَنًا شَرْعًا؛ لَبَحَثَ عنه الأولون من الصحابة والتابعين،___
وَذَلِكَ غَيْرُ
مَوْجُودٍ، فَمَا يَلْزَمُ عَنْهُ كَذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ
الشَّرْعَ إِنَّمَا جَاءَ بالتعبُّد، وَهُوَ
الْمَقْصُودُ مِنْ بِعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- كَقَوْلِهِ
تَعَالَى:
{يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [النِّسَاءِ: 1] .
{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ
آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
اللَّهَ} [هُودِ: 1-2].
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إِبْرَاهِيمِ: 1] .
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا
رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [الْبَقَرَةِ: 2] .
{ [الْحَمْدُ لِلَّهِ]
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الْأَنْعَامِ: 1]؛
أَيْ: يُسوون بِهِ
غَيْرَهُ فِي الْعِبَادَةِ؛ فَذَمَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ:
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [الْمَائِدَةِ: 92] .
{لِيُنْذِرَ بَأْسًا
شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ} [الْكَهْفِ: 2] .
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا
فَاعْبُدُونِ} [الْأَنْبِيَاءِ: 25] .
{إِنَّا أَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، أَلا
لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} الْآيَةَ [الزُّمَرِ: 2-3] .___
وَمَا أَشْبَهَ
ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي لَا تَكَادُ تُحصى،
كُلُّهَا دَالٌّ
عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ التعبد لله، وإنما أُتوا بِأَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ
لِيَتَوَجَّهُوا إِلَى الْمَعْبُودِ بِحَقٍّ وَحْدَهُ، سُبْحَانَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [مُحَمَّدٍ: 19] .
وَقَالَ:
{فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هُودٍ: 14] .
وَقَالَ: {هُوَ
الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غَافِرٍ:
65] .
وَمَثَلُهُ سَائِرُ
الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُصَّ فِيهَا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، لَا بُدَّ أَنْ
أُعقبت بِطَلَبِ التَّعَبُّدِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، أَوْ جُعل مُقَدِّمَةً لَهَا،
بَلْ أَدِلَّةُ التَّوْحِيدِ هَكَذَا جَرَى مَسَاقُ الْقُرْآنِ فِيهَا: أَلَّا
تُذكر إِلَّا كَذَلِكَ1؛ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ التَّعَبُّدَ لِلَّهِ هُوَ
الْمَقْصُودُ مِنَ الْعِلْمِ، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى لَا تُحصى.
وَالثَّالِثُ: مَا
جَاءَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ رُوحَ الْعِلْمِ هُوَ الْعَمَلُ،
وَإِلَّا؛
فَالْعِلْمُ عَارِيَةٌ وَغَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ؛ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{إِنَّمَا يَخْشَى
اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فَاطِرٍ: 28] .
وَقَالَ:
{وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يُوسُفَ: 68] .
قَالَ قَتَادَةُ:
يَعْنِي لَذُو عَمَلٍ بما علَّمناه)." اهـ كلام الشاطبي
وقال أكرم بن ضياء
العمري _حفظه الله_ في "عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية
وفق منهج المحدثين" (ص: 274):
"فالحواس مسئولة
دينياً عن العلم طلباً وتنفيذاً، والعالم يسأل عن موقفه العلمي، ففي الحديث:
"لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما
أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه" [ت].
والإحساس
بالمسؤولية الدينية ولَّد ضوابط خلقية، وقواعد منطقية، وآداباً عامة تركت تأثيرها
في الحركة الفكرية،
من ذلك ضرورة
التحلي بالأمانة العلمية، فالعالم لا يقول جزافاً، لأنه مسئول عن صحة المعلومات
التي يدلي بها "فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم" [خ حم].
وهو لا يكتم العلم
ولا يبخل به، إذ ليس العلم الذي حازه ملكاً خالصاً له، بل فيه "حق عام"
ربما يكون أوسع من الحق العام في الملكية الفردية.
8/ فيه الترغيب في
اغتنام الأوقات في الأمور النافعة
وقال ابن الجوزي
_رحمه الله_ في "حِفْظ الْعُمْرِ" (ص: 62_64):
وقد صح عن رسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ
الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ؛ غُرِسَتْ لَهُ نخلةٌ فِي الْجَنَّةِ)) [صحيح: ت][3].
فَالْعَجَبُ
لِهَذَا يُضَيِّعُ زَمَانَهُ فِي غَيْرِ الْغَرْسِ، وَلَوْ أَنَّهُ ذَاقَ طَعْمَ
النَّخِيلِ لاسْتَكْثَرَ مِنْ غَرْسِ النَّخْلِ،
إِنَّ مَثَلَ عَمَلِ
الْخَيْرِ فِي الْعُمْرِ كَمَثَلِ___رَجُلٍ، قِيلَ لَهُ: (كُلَّمَا زَرَعْتَ
حَبَّةً، أَخْرَجَتْ لَكَ أَلْفَ أَلْفِ كرٍ، فَتُرَاهُ يَفْتُرُ مَعَ سَمَاعِ
هَذَا الرِّبْحِ!)
وَقَدْ قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَكْتُبُ لِلْمُؤْمِنِ بِالْحَسَنةِ الْوَاحِدَةِ
أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ).
فَهَذَا الَّذِي
حَثَّ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْغَالِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ لِلْحَقِّ لا
لِطَلَبِ الأَجْرِ.
وَقَدْ قِيلَ: (إِنَّ
عُمْرَ الإِنْسَانِ يُبْسَطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِنِينَ ثُمَّ يُبْسَطُ شُهُورًا
ثم أسابيع ثم أيام فَإِذَا رَآهَا فَارِغَةً مِنْ خيرٍ تَحَسَّرَ وَنَدِمَ،
فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مَمْلُوءَةً بشرٍ).
وَقَالَ الْحَسَنُ:
(يُعْرَضُ عَلَى ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاعَاتُ عُمْرِهِ، فَكُلُّ
سَاعَةٍ لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا خَيْرًا تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ عَلَيْهَا حَسَرَاتٍ).
وَقَدْ قِيلَ: (إِنَّ
الإِنْسَانَ يَتَنَفَّسُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ أَلْفَ
نَفَسٍ، اثْنَا عَشَرَ تَدْخُلُ وَاثْنَا عَشَرَ تَخْرُجُ، وَكُلُّ نَفَسٍ
كَخَزَانَةٍ، فَانْظُرْ مَاذَا تَجْعَلُ فِيهَا).
وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ:
(إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَغْرِسُ لِلْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ، فَرُبَّمَا فَتَرُوا
فَيُقَالُ لَهُمْ: فَيَقُولُونَ: "فَتَرَ صَاحِبُنَا، فَفَتَرْنَا"
قَالَ الْحَسَنُ:
أَمِدُّوهُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالنَّفَقَةِ).___
وَلْيَتَفَكَّرِ
الإِنْسَانُ فِي صَائِمٍ جَلَسَ وَقْتَ الْعِشَاءِ لِيُفْطِرَ مَعَ مَنْ كَانَ
مُفْطِرًا وَكِلاهُمَا يَشْبَعُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ ذَهَبَ تَعَبُ الصَّوْمِ
وَرَاحَةُ الإِفْطَارِ وَتَبَايَنَ الْحَالُ فِي الثَّوَابِ.
وَكَذَلِكَ
أَخَوَانِ، طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْعِلْمَ مِنْ صِغَرِهِ وَآثَرَ الآخَرُ
الْبَطَالَةَ، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ عُلُوِّ السِّنِّ فَقَعَدَا فِي مَكَانٍ،
فَلاحَ عَلَى هَذَا أَثَرُ التَّعَبِ وَقَدْ حَصَّلَ الْعِلْمَ وَالتَّقْوَى،
وَلَيْسَ بِيَدِ ذَاكَ مِنْ آثَارِ الرَّاحَةِ شَيْءٌ بَلْ إِنْ تَفَكَّرَ
تَحَسَّرَ، فَأُفٍّ لِعَاقِلٍ يَسْتَعْجِلُ الْبَطَالَةَ وَيَنْسَى مَا يَجْنِي."
اهـ
9/ فكل أحد يسأل عن
نعيمه الذى كان فيه فى الدنيا
وقال ابن القيم
_رحمه الله_ في "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" (ص: 188):
"فكل أحد يسأل عن
نعيمه الذى كان فيه فى الدنيا: (هل ناله من حلاله ووجهه، أم لا)،
فاذا تخلص من هذا
السؤال، سئل سؤالا آخر: (هل شكر الله _تعالى_ عليه، فاستعان به على طاعته، أم لا)،
فالأول: سؤال عن
سبب استخراجه، والثاني: عن محل صرفه." اهـ
وقال الشيخ العلامة
أحمد بن يحيى النجمي _حفظه الله_ في "تأسيس الأحكام بشرح عمدة الأحكام (2/
183_184):
ولو أن إنساناً كسب
شيئاً من المال ثم أحرقه لَعُدَّ مجنوناً مع أن إحراق المال خارج الجسم فيه مصيبة
واحدة أما إحراقه بالدخان داخل الجسم ففيه مصيبتان إتلاف المال وضرر الجسم وخلاصة
القول أن الدخان حرام لما يأتي :
1- لانعدام النفع فيه فهو
لا منفعة فيه أصلاً .
2- لثبوت ضرره لما فيه من
مواد سامة وقاتلة كالنيكوتين والقار أي القطران .___
3- لثبوت خبثه ،
وخبثه أجمع عليه العقلاء ولا عبرة بالمدخنين لأن نفوسهم مريضة .
4- لأنه إسراف وتبذير
وإنفاق للمال في غير مصلحة .
5- لأنه مخدر ومفتر وقد
ثبت في السنة النهي عن كل مخدر ومفتر .
ولعل بعض الجاهلين
يقول: (مالي، ولي أن أفعل به ما أشاء)،
ونقول لهؤلاء: إن
المال أمانة في يدك وأنت مسؤول عن كسبه ومسؤول عن تصريفه
وفي الحديث: (لن
تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع منها وماله من أين اكتسبه وفيم انفقه)."
اهـ
وقال أبو العباس
القرطبي _رحمه الله_ في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (23/ 25):
"ظاهره: أنه يسال عن
هذه الأربع مجملةً كما نطق بها، وليس كذلك، بل يسال عن آحاد كل نوعٍ منها، فيسال
عن أزمانه من وقت تكليفه زمانا زمانا، وعن عمله عملاً عَمَلاً، وعن معلوماته، وما
عمِل بها واحدا واحدا، وهكذا في سائرها تعيينا، وتعديدًا، وتفصيلاً.
والدليل على ذلك: قوله
_تعالى_:
مَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا
يَرَهُ (8)
وقوله: {وَيَقُولُونَ
يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً
إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]،
وقوله : {وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا
حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]،
ومثل هذا كثير في
الشريعة، ومن تصفح ذلك، حصل على العلم القطْعِي، واليقينِ الضرورِيِّ من ذلك."
اهـ
[1] وقال الياقوت الحَمَوِيُّ
_رحمه الله_ في "معجم البلدان" (1/ 383):
"بُرْسانجِرْد (بالضم، والسين مهملة، وألف
ونون ساكنان، وجيم مكسورة، وراء، ودال): من قرى مرو على ثلاثة فراسخ منها، ينسب
إليها خالد ابن أبي برزة الأسلمي البرسانجردي من علماء التابعين، سكن هذه القرية
فنسب إليها." اهـ
[2] وقال
المحقق في تعليقه على "الموافقات" (1/ 73):
"كالفلسفة
النظرية الصرفة، أما الفلسفة العملية؛ كالهندسة، والكيمياء، والطب، والكهرباء,
وغيرها؛ فليست داخلة في كلامه، ولا يصح أن يقصدها؛ لأنها علوم يتوقف عليها حفظ
مقاصد الشرع في الضروريات والحاجيات ... إلخ، والمصالح المرسلة تشملها، وهي وسيلة
إلى التعبد أيضا؛ لأن التعبد هو تصرف العبد في شئون دنياه وأخراه بما يقيم
مصالحهما، بحيث يجري في ذلك على مقتضى ما رَسم له مولاه، لا على مقتضى هواه؛ كما
سيأتي للمؤلف. "د"." اهـ
[3] أخرجه الترمذي في "سننه" ت شاكر (5/ 511) (رقم: 3464_3465) عن جابر _رضي الله عنه_، وصححه الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (2/ 228) (رقم: 1540)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها
وفوائدها" (1/ 134) (رقم: 64)
Komentar
Posting Komentar