شرح الحديث 89 (10- باب المبادرة إلى الخيرات) - رياض الصالحين
[89] الثالث: عن جابر _رضي الله عنه_ قَالَ
: قَالَ رجل
للنبي _صلى الله عليه وسلم_ يَومَ أُحُد: "أَرَأيتَ
إنْ قُتِلتُ، فَأَيْنَ أَنَا؟" قَالَ : «في
الجنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ."
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. |
وفي سير أعلام
النبلاء ط الرسالة (3/ 189) :
جَابِرُ بنُ
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ السَّلِمِيُّ * (ع) : ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ
حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ،
المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ،
الخَزْرَجِيُّ، السَّلِمِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ
الرُّضْوَانِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ شَهِدَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ
مَوْتاً.
رَوَى :
عِلْماً كَثِيْراً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ:
عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ،
وَالزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٍ." اهـ
وفي تاريخ
الإسلام، ت. بشار (2/ 801) : "قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ،
وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين
سنة." اهـ
وفي الأعلام
للزركلي (2/ 104)
جابِر بن عبد
الله (16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م)
جابر بن عبد
الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السملي: صحابي، من المكثرين في الرواية عن
النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة. له ولأبيه صحبة. غزا تسع
عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم. روى له
البخاري ومسلم___وغيرهما 1540 حديثا." اهـ
نص
الحديث وشرحه:
عن جابر _رضي
الله عنه_ قَالَ :
قَالَ رجل للنبي _صلى الله عليه وسلم_ يَومَ أُحُد:
"أَرَأيتَ
إنْ قُتِلتُ، فَأَيْنَ أَنَا؟"
قَالَ : «في
الجنَّةِ» فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى
قُتِلَ." مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي "البحر
المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (32/ 519)
("فِي
الْجَنَّةِ")؛ أي: أنت في الجنّة حالًا، كما قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران: 169].
وقد تقدّم عند
مسلم حديث عبد الله بن مرة، عن مسروق، قال: سألنا عبد الله، عن هذه الآية: {وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران: 169]، قال: أمَا إنّا قد سألنا عن
ذلك، فقال: "أرواحهم في جوف طير خُضْر، لها قناديل معلقة بالعرش، تَسْرَح من
الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل. . ." الحديث، ففيه أن الشهيد إذا
مات تُجعل روحه حال موته في جوف طير تسرح في الجنّة، وهذا هو دخول الجنّة حالًا،
قبل يوم القيامة، والله تعالى أعلم.
قال الحافظ
أبو عمر ابن عبد البر الأندلسي _رحمه الله_ في "الاستذكار" (5/ 132):
"هَذَا
الرَّجُلُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ
فيما ذكر بن إسحاق،
قَالَ أَبُو
عُمَرَ: مَا أَظُنُّ الرَّجُلَ الَّذِي فِي خَبَرِ جَابِرٍ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ
الْحُمَامِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَحَدِيثُ عُمَيْرٍ يَوْمَ
بَدْرٍ." اهـ
وقال العراقي _رحمه
الله_ في "طرح التثريب في شرح التقريب" (7/ 206):
"وَفِيمَا
ذَكَرُوهُ نَظَرٌ، لِأَنَّ قِصَّةَ الْمُبْهَمِ كَانَتْ فِي أُحُدٍ، وَهَذِهِ فِي
بَدْرٍ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهَا بِهَا". اهـ
وقال الحافظ ابن
حجر _رحمه الله_ (7/ 354):
"قُلْتُ:
لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ،
وَالْقِصَّةُ الَّتِي فِي الْبَابِ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ
أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ أُحُدٍ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ
وَقَعَتَا لِرَجُلَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ
[تعليق]:
ففي "صحيح
مسلم" (3/ 1509_1510/ 145) (رقم: 1901): عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
"بَعَثَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا
صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي،
وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، ...
فَانْطَلَقَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا
الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ
حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ»،
فَدَنَا
الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا
إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ»،
قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: "يَا
رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟" قَالَ:
«نَعَمْ»،
قَالَ: "بَخٍ،
بَخٍ!" فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا
يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟»
قَالَ: لَا
وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا،
قَالَ:
«فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا»، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ
يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي
هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ
التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ
وفي تلقيح
فهوم أهل الأثر (ص: 483) لابن الجوزي [508هـ - 597هـ] : "قَالَ أَبُو بكر
الْخَطِيب: هَذَا الرجل هُوَ عُمَيْر بن الْحمام، إِلَّا إِن ذَلِك كَانَ يَوْمَ
بدْرٍ، لَا يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ شَيخنَا ابْن نَاصِر: (الصَّحِيح أَنه يَوْم أحد)."
اهـ
تخريج
الحديث :
أخرجه البخاري
في "صحيحه" (5/ 95) (رقم : 4046)، مسلم في صحيحه (3/ 1509) (رقم : 1899)،
والنسائي في سننه (6/ 33) (رقم : 3154)، والحميدي في مسنده (2/ 333) (رقم : 1286)،
وسعيد بن منصور في في سننه (2/ 253) (رقم : 2552)، وأحمد في مسنده (22/ 216) (رقم
: 14314)، وغيرهم.
من
فوائد الحديث :
شرح النووي
على مسلم (13/ 43_44) :
"فِيهِ
ثُبُوتُ___الجنة للشهيد، وفيه المبادرة بالخير وأنه لايشتغل عَنْهُ بِحُظُوظِ
النُّفُوسِ." اهـ
الإفصاح عن
معاني الصحاح (8/ 290) لابن هبيرة الشيباني :
* هذا الحديث
يدل على قوة إيمان الصحابة وحرصهم على الآخرة، وتصديقهم بوعد الله ووعيد رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -،
وانظر إلى
استعجال هذا الرجل في طلب الآخرة، وإنما حثه إيمانه وكأنه شاهد ما وعده به رأي
عين." اهـ
[تعليق]:
صحيح البخاري
(4/ 19) (رقم: 2805):
عَنْ أَنَسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
غَابَ عَمِّي
أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ
عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي
قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ»، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ
أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ،
قَالَ:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ - يَعْنِي
أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ، - يَعْنِي
المُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ»،
فَاسْتَقْبَلَهُ
سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: «يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ
النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ»، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا
اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ،
قَالَ أَنَسٌ:
فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً
بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ
المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ قَالَ أَنَسٌ:
" كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي
أَشْبَاهِهِ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ
عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إِلَى آخِرِ الآيَةِ "
العدة في شرح
العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (3/ 1720) :
"وفيه
دليل: على أن المجاهد في سبيل الله تعالى مؤمن، فلو قاتل لطلب ثواب الله تعالى، أو
للنعيم المقيم، كان في سبيل الله تعالى أيضًا." اهـ
طرح التثريب
في شرح التقريب (7/ 206_207) للعراقي :
"وَفِيهِ
ثُبُوتُ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ___بِالْخَيْرِ، وَأَنَّهُ
لَا يُشْتَغَلُ عَنْهُ بِحُظُوظِ النُّفُوسِ، وَفِيهِ
جَوَازُ الِانْغِمَاسِ فِي الْكُفَّارِ وَالتَّعَرُّضِ لِلشَّهَادَةِ،
وَهُوَ جَائِزٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وفي "فتح
الباري: لابن حجر (7/ 354):
"وَفِيهِ:
مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ نَصْرِ الْإِسْلَامِ وَالرَّغْبَةِ
فِي الشَّهَادَةِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ
تطريز رياض
الصالحين (ص: 726) :
"كان ذلك
يوم أُحُد.
قال الشارح: "أجابه
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالبتِّ؛ لأنه علم منه الإِخلاص في الجهاد،
ومن قتل كذلك دخل الجنة." اهـ
شرح رياض
الصالحين (2/ 26) للعثيمين :
"ففي هذا
الحديث دليل على مبادرة الصحابة _رضي الله عنهم_ إلى الأعمال الصالحة، وأنهم لا
يتأخرون فيها، وهذا شانهم؛ ولهذا كانت لهم العزة في الدنيا، وفي الآخرة.
ونظير هذا أن
النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم عيد، ثم نزل فتقدم إلى النساء فخطبهن،
وأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة منهن تأخذ خرصها وخاتمها، وتلقيه في ثوب بلال،
يجمعه، حتى أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتأخرن _رضي الله عنه_ بالصدقة،
بل تصدقن حتى من حليهن." اهـ
شرح رياض
الصالحين (2/ 26_27) :
"وفي
حديث جابر من الفوائد:
* أن من قتل
في سبيل الله؛ فإنه في الجنة، ولكن من هو الذي يقتل في سبيل الله؟ الذي يقتل في
سبيل الله : هو____الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا يقاتل حمية ولا شجاعة
ولا رياء، وإنما يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، أما من قاتل حمية؛ مثل الذين
يقاتلون من أجل القومية العربية مثلاً، فإن هؤلاء ليسوا شهداء؛ وذلك لأن القتال من
أجل القومية العربية ليس في سبيل الله، لأنه حمية.
وكذلك أيضاً:
من يقاتل شجاعة؛ يعني من تحمله شجاعته على القتال لأنه شجاع، والغالب أن الإنسان
إذا اتصف بصفة يحب أن يقوم بها، فهذا أيضاً إذا قتل ليس في سبيل الله.
وكذلك أيضاً:
من قاتل مراءاة والعياذ بالله؛ ليرى مكانه، وأنه رجل يقاتل الأعداء الكفار، فإنه
ليس في سبيل الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل
شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه؛ أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: (من قاتل لتكون كلمة الله
هي العليا فهو في سبيل الله)." اهـ
شرح رياض
الصالحين (2/ 27):
وفي هذا: دليل
على حرص الصحابة _رضي الله عنهم_ على معرفة الأمور؛ لأن هذا الرجل سأل النبي عليه
الصلاة والسلام، وكان هذا من عادتهم؛ أنهم لا يفوتون الفرصة حتى يسألوا النبي صلى
الله عليه وسلم؛ لأنهم يستفيدون من هذا علماً وعملاً،
فإن العالم
بالشريعة قد من الله عليه بالعلم، ثم إذا عمل به فهذه منّة أخرى، والصحابة _رضي
الله عنهم_ كان هذا شأنهم، فيسألون النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن الحكم الشرعي من
أجل أن يعملوا به،
بخلاف ما___عليه
من الناس اليوم، فإنهم يسألون عن الأحكام الشرعية؛ حتى إذا عملوا بها تركوها،
ونبذوها وراء ظهورهم، وكأنهم لا يريدون من العلم لا مجرد المعرفة النظرية، وهذا في
الحقيقة خسران مبين؛ لأن من ترك العمل بعد علمه به فإن الجاهل خير منه." اهـ
وفي "أهوال
القبور وأحوال أهلها إلى النشور" (ص: 97) لابن رجب الحنبلي :
"محل
أرواح الشهداء:
وأما الشهداء
فأكثر العلماء على أنهم في الجنة وقد تكاثرت بذلك الأحاديث." اهـ
وفي "سنن
سعيد بن منصور" (2/ 253):
بَابُ مَا
جَاءَ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ
وفي "صحيح
ابن حبان" (10/ 510): "ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قُتِلَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ".
وفي السنن
الكبرى للنسائي (4/ 293) : "ثَوَابُ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ."
اهـ
السنن الكبرى
للبيهقي (9/ 75)
بَابُ مَنْ
تَبَرَّعَ بِالتَّعَرُّضِ لِلْقَتْلِ رَجَاءَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ[1]
دلائل النبوة
للبيهقي (3/ 232)
بَابُ
تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى
الْقِتَالِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَثُبُوتِ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ
مَعَهُ أَوْ رُجُوعِهِ إِلَيْهِ حِينَ عَلِمَ مَكَانَهُ، وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] ، وَمَا
رُوِيَ فِي انْقِلَابِ الْعَسِيبِ الَّذِي أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ فِي يَدِهِ سَيْفًا." اهـ
البحر المحيط
الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (32/ 520)
في فوائده:
1 - (منها):
بيان ثبوت الجنّة للشهيد.
2 - (ومنها):
بيان عِظَم شأن الجهاد في سبيل الله تعالى، حيث إن جزاءه الجنة.
3 - (ومنها):
بيان ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من حبّ نصر الإسلام، والرغبة في
الشهادة.
4 - (ومنها):
الحثّ على المبادرة بالخير، وأنه لا ينبغي الاشتغال عنه بحظوظ النفس.
5 - (ومنها):
الانغماس في صفوف الكفّار، والتعرّض للشهادة، وهو جائزٌ، لا كراهة فيه عند جمهور
العلماء، والله تعالى أعلم.
[1] وفي السنن الكبرى للبيهقي (9/ 75) :
"قَالَ
الشَّافِعِيُّ _رَحِمَهُ اللهُ_ : " قَدْ بُورِزَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
حَاسِرًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ إِعْلَامِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ
فَقُتِلَ " قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ عَوْفُ ابْنُ عَفْرَاءَ فِيمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ
مَنْ بَارَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَرِدُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ".
اهـ
Komentar
Posting Komentar