شرح الحديث 21 من باب مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ - شرح الأدب المفرد لأبي فائزة البوجيسي
10- بَابُ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ
فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ 21 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ
قَالَ: حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنِ
النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ : «رَغِمَ
أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ
مَنْ؟ قَالَ:
«مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبْرِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ
النَّارَ» [قال الشيخ
الألباني: صحيح] |
رواة
الحديث :
* حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ
مَخْلَدٍ (صدوق: ت 213 هـ):
خالد بن مخلد القطواني، أبو الهيثم
البجلى مولاهم الكوفى، كبار
الآخذين عن تبع الأتباع، روى له: خ م كد ت س ق
* قَالَ: حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ (ثقة: ت 177 هـ) :
سليمان بن بلال القرشى التيمى مولاهم ،
أبو محمد، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له: خ
م د ت س ق
* قَالَ: حَدَّثَنَا
سُهَيْلٌ (صدوق: ت : فى خلافة المنصور):
سهيل بن أبى صالح (ذكوان) السمان، أبو
يزيد المدني، مولى جويرية بنت الأحمس، من الذين عاصروا صغار التابعين روى له: خ م د ت س ق
* عَنْ أَبِيهِ (ثقة
ثبت: ت 101 هـ):
ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني،
مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانى، من الوسطى من التابعين، روى له: خ م د ت س ق
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رضي
الله عنه_ (ت 57 هـ):
عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، روى له: خ م د ت س ق.
نص الحديث:
عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ :
«رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ،
رَغِمَ أَنْفُهُ»[1]
، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ؟ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ
الْكِبْرِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ»
وفي
رواية:
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ
عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ
رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ
أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ
الجَنَّةَ»[2]
أخرجه الترمذي
في سننه (5/ 550) (رقم : 3545)، وأحمد في مسنده - عالم الكتب (2/ 254) (رقم :
7451)، وابن حبان في صحيحه (3/ 189) (رقم : 908)، وابن الأعرابي في معجمه (2/ 664)
(رقم : 1325)، والبيهقي في الدعوات الكبير (1/ 250) (رقم : 172)، وإسماعيل القاضي
في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 33) (رقم : 16).
صححه الألباني
_رحمه الله_ في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 292) (رقم: 927)، وفي "إرواء
الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/ 36) (رقم: 6).
تخريج
الحديث :
أخرجه البخاري
في "الأدب المفرد" (ص: 21 و 225) (رقم : 21)، ومسلم في "صحيحه"
(4/ 1978) (رقم : 2551)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 346)
(رقم : 8557)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10/ 285) (رقم : 7500).
والحديث
صحيح: وصححه
الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (3/ 1376) (رقم : 4912).
من فوائد الحديث :
وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى:
676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (16/ 109):
"وفيه: الْحَثِّ عَلَى بِرِّ
الْوَالِدَيْنِ وَعِظَمِ ثَوَابِهِ،
وَمَعْنَاهُ: أَنَّ بِرَّهُمَا عِنْدَ
كِبَرِهِمَا وَضَعْفِهِمَا بِالْخِدْمَةِ أَوِ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَمَنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ فَاتَهُ دُخُولُ
الْجَنَّةِ وأرغم الله أنفه." اهـ
وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي
الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في
شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (40/ 258):
"في فوائده :
1 - (منها): بيان تأكّد حقوق الوالدين،
ولا سيّما بعد كبرهما، وقد قرنه الله تعالى بعبادته، فقال - عَزَّوَجَلَّ - :
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا} الآية [النساء: 36].
2 - (ومنها) : بيان تحريم عقوقهما،
وأنه من كبائر الذنوب.
3 - (ومنها) : بيان شدّة اهتمام النبيّ
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتعليم أمته، فكان يبدؤهم ببيان الإحكام، وإن
لَمْ يسألوه.
4 - (ومنها) : بيان أن من لَمْ يَقُم
بحقوق والديه يُحرم من دخول الجنّة، فهما سببان له في دخولها، أو حرمانها، والله
تعالى أعلم." اهـ
وقال يحيى بن هُبَيْرَة بن محمد بن هبيرة الذهلي الشيبانيّ، أبو المظفر الحنبلي (المتوفى: 560هـ) _رحمه
الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (8/ 91_92):
"* في هذا الحديث من الفقه: أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرر ذكر إرغام الأنف ثلاثا لمن أدرك أبويه
أحدهما فلم يدخل الجنة؛ لأنه قد وجد بوجودهما أو وجود أحدهما بابا مفتوحا إلى
الجنة يدخل منه، وهو برهما، أو بر أحدهما؛
فإذا لم___يفعل استحق دعاء رسول الله -
صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لو امتثل أمر الله في طاعتهما بعد الإيمان به لأحبط
ذلك عنه حال السوء، وتضاعف له درجات الخير،
فإذا بلغ من الخذلان إلى أنه لم يمتثل
أمر ربه في طاعة والديه، ولم يعرف لهما إحسانهما المتقدم من حقه، ولم يلحقه عليهما
رأفة حين ضعفهما، يماثل بها رأفتهما عليه حين ضعفه، فقد فاتته ثلاث درجات،
فكان قول الرسول - صلى الله عليه وسلم
- رغم أنفه ثلاث مرات كل واحدة منهن في جواب إخلاله بحال توجب عليه برهما؛
* الأول: وصية الله إياه في الإحسان
إليهما،
* والثانية: مكافأتهما في إحسانهما
إليه،
* والثالثة: عدم رحمتهما مع
الكبر." اهـ
وقال الحسين بن محمود بن الحسن، الزَّيْدَانيُّ الكوفي الضَّريرُ الشِّيرازيُّ
الحَنَفيُّ المشهورُ بـ"المُظْهِري" (المتوفى:
727 هـ) _رحمه الله_ في "المفاتيح في شرح المصابيح" (5/ 202):
"وإنما خصَّ حالَ الكِبَر بالخدمة
مع أن خدمة الأبوين محمودةٌ في جميع الأحوال؛ لأن أبويه عند الكِبَر أحوجُ إلى
الخدمة، فالثوابُ في الخدمة عند شِدَّةِ الحاجةَ أكثرُ." اهـ[3]
[1] وفي "إكمال المعلم بفوائد مسلم: (8/ 14):
قال
الإمام: " رغم أنف ": أى ذل. قال ابن الأنبارى: الرغم: كل ما أصاب الأنف
مما يؤذيه، وقال ابن الأعرابى وأبو عمرو: " رغم أنفه"، أى: لصق بالرغام،
وهو تراب مختلط برمل. والرغم أيضًا: المساءة والغضب. يقال: فعلت ذلك على رغم فلان،
أى : على غضبته ومساءته.
قال
القاضى: ويقال: رغم معناه: كره، وقيل: ذل وخزى. ويقال: رغم أنفه، بالكسر والفتح،
وهو الرَّغم والرُّغم والرِّغم بالفتح والضم والكسر." اهـ
وفي
"البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (40/ 254)
للإثيوبي:
"وقال
المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "رغم أنف رجل": أي: إنه مدعوّ عليه،
أو مُخْبَر عنه بلزوم ذلّ وصغار لا يطاق. انتهى." اهـ
[2] وفي المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 164) للمظهر الزيداني :
"قوله
: (رَغِمَ أنفُ رجلٍ): هذا دعاء عليه؛ أي: لحقَه ذلٌّ مجازاةً بترك تعظيمي بأن لم
يُصَلِّ عليَّ إذا سمع اسمي،
وتركَ
تعظيمَ شهر رمضان بأن لم يتبْ فيه من الذنوب، ولم يبالغ في طاعة الله تعالى حتى
يجدَ الغفران بسبب تعظيم هذا الشهر،
وكذلك
لحقَه ذلٌّ بترك تعظيم أبيه وأمِّه بأن يخدمَهما في جميع الأحوال، وخاصة عند
الكبر؛ فإن الشخصَ عند الكبر أحوجُ إلى أن يخدمَه أحدٌ." اهـ
[3] وفي شرح المصابيح لابن الملك (5/ 275) : "خص حال الكبر لأنه
أحوجُ الأوقات إلى الخدمة والإحسان إليهما." اهـ
Komentar
Posting Komentar