شرح الحديث 42 من باب الوضوء - بلوغ المرام لأبي فائزة البوجيسي
42 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رضي الله عنه_ قَالَ: قَالَ
رَسُوْلُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_: "إِذَا
تَوَضَّأْتُمْ، فَابْدَؤُوا بِمَيَامِنِكُمْ." أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ،
وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. |
ترجمة أبي هريرة _رضي الله
عنه_:
وقال الزِّرِكْلِيُّ
في "الأعلام" (3/ 308):
"أَبُو هُرَيْرَة (21
ق هـ - 59 هـ = 602 - 679 م):
عبد
الرحمن بن صخر الدوسي، الملقب بـ"أبي هريرة": صحابي، كان أكثر الصحابة حفظا
للحديث ورواية له. نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية، وقدم المدينة، ورسولُ
الله صلّى الله عليه وسلم بخيبر، فأسلم سنة 7 هـ ولزم صحبة النبي،
فروى عنه
5374 حديثا، نقلها عن أبي هريرة
أكثرُ من 800 رجلٍ بين صحابي وتابعي. وولي إمرة المدينة مدة.
ولما
صارت الخلافة إلى عمر، استعمله
على البحرين، ثم رآه ليّن
العريكة مشغولا بالعبادة، فعزله. وأراده بعد زمن على العمل، فأبى.
وكان أكثر
مقامه في المدينة وتوفي فيها. وكان
يفتي، وقد جمع شيخ الإسلام تَقِيّ الدِّين السُّبْكي جزءًا سُمِّيَ (فَتَاوَي
أبي هريرة)." اهـ
قلت: وللشيخ عبد القادر بن حبيب الله السندي (ت. 1418 هـ) _رحمه الله_ كتابٌ
قيمٌ سماه بـ"دفاع عن أبي
هريرة _رضي الله عنه_ وإزالة
الشكوك والشبهات حوله وحول مروياته دراسة نقدية وتحليلية"
نص الحديث وشرحه:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رضي الله عنه_ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_:
"إِذَا تَوَضَّأْتُمْ، فَابْدَؤُوا
بِمَيَامِنِكُمْ[1]."
أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وفي "سنن أبي داود" (4/ 70):
«إِذَا لَبِسْتُمْ،
وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ، فَابْدَءُوا بِأَيَامِنِكُمْ»
وأخرجه الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/
238_239) (رقم: 1766)، والنسائي و"السنن الكبرى" (8/ 425) (رقم:
9590):
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ» - صحيح: صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 868) (رقم: 4779)
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود في "سننه" (4/ 70) (رقم: 4141)،
وابن ماجه في "سننه" (1/ 141) (رقم: 402)، وأحمد في "مسنده" -
عالم الكتب (2/ 354) (رقم: 8652)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1/ 91) (رقم: 178)،
وابن المنذر في "الأوسط" (1/ 386) (رقم: 372)، وأبو بكر الدِّيْنَوَرِيُّ
في "المجالسة وجواهر العلم" (5/ 225 و 6/ 41) (رقم: 2054 و 2350)، وابن
حبان البستي في "صحيحه" (3/ 370) (رقم: 1090)، والطبراني في "المعجم
الأوسط" (2/ 20) (رقم: 1097)، وابْنُ السُّنِيُّ في "عَمَلِ الْيَوْمِ
واللَّيْلَةِ" (ص: 17) (رقم: 16)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/
139) (رقم: 405)، وفي "شعب الإيمان" (8/ 305) (رقم: 5868)، والخطيب
البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 392) (رقم: 916).
والحديث صحيح: صححه
الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 141 و 1/ 198) (رقم: 454
و 787)، و"التعليقات الحسان" (2/ 368) (رقم: 1087)، و"تخريج مشكاة
المصابيح" (1/ 127) (رقم: 401).
وصححه عبد القادر الأرنؤوط _رحمه الله_ في
"تخريج جامع الأصول" (10/ 637) (رقم: 8252)، وقال الهلالي في "عجالة
الراغب المتمني" (1/ 51) (رقم: 16): "إسناده صحيح." اهـ
تنبيه:
وأخرجه الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/
238_239) (رقم: 1766)، والنسائي و"السنن الكبرى" للنسائي (8/ 425) (رقم:
9590) بلفظ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ» - صحيح: صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 868) (رقم: 4779)
ومن هذا، يُعْلَمُ تساهُلُ إطلاقِ الحافظ في
التخريج، إذ عزاه للأربعة، على أنَّ صنيعه في «التلخيص» (1/ 279) جاء على الصواب،
وصوابه جاء تبعاً لابن الملقن في «البدر المنير» (2/ 201).
فرواية أبي داود وابن ماجه، وردت من قوله _صلى الله عليه وسلم_، وأما رواية الترمذي والنسائي
في "الكبرى" فهي من فعله _صلى الله عليه
وسلم_. فالفرق بينهما واضح.
من فوائد الحديث:
توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 232_233):
"* ما يؤخذ من الحديث:
1 - استحباب التيامن في الوضوء بين اليدين
وبين الرجلين، بأنْ يبدأ باليد اليمنى ثمَّ باليد اليسرى، ثمَّ يبدأ بالرجل اليمنى
قبل اليسرى؛ كما يدل عليه حديث عائشة المتقدِّم من
أنَّه -صلى الله عليه وسلم-: "كان يعجبه التيمن في تنعُّله وترجله وطهوره وفي
شأنه كلِّه" رواه البخاري (168) ومسلم (268).
2 - التيامن يتصوَّر بين اليدين والرجلين،
بخلاف الوجه: فعضوٌ واحد يغسله___جميعه، والرأس عضوٌ واحدٌ فيمسح جميعه.
3 - أجمع العلماء على أنَّ التيمُّن في
الوضوء ليس بواجب، فلو قدَّم الشِّمال على اليمين،
أجزأ الوضوء، مع فوات الفضيلة.
4 - قوله: "إذا توضأتم" يعني:
شرعتم في الوضوء، وأخذتم به.
5 - أنَّ اليمين تُجْعَل للأعمال الطَّاهرة،
وتقدَّم في الأحوال المُسْتطابة، والشمال لما سوى ذلك.
رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (1/ 164):
"ثم قال [النووي]:
ثم اعلم: أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه
التيامن، وهو الأذنان، والكفان، والخدان، بل يطهران دفعة واحدة، فإن تعذر ذلك، كما
في حق الأقطع ونحوه، قُدم اليمين، والله أعلم، انتهى." اهـ
شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (4/ 347):
"فإن هذا نصٌّ في الأمر بتقديم اليمين،
فمخالفته مكروهة أو محرَّمة، وقد انعقد إجماع العلماء على أنها ليست محرمةً، فوجب
أن تكون مكروهةً، والله أعلم." اهـ
العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار
(1/ 105)
ظاهرُ الأمرِ فيه للوجوب، فمخالفته محرَّمةٌ، لكن
انعقد الإجماع على عدم التَّحريم، فثبتتِ الكراهة -والله أعلم-.
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/ 386)
وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى
ثُمَّ الْيُسْرَى فِي وُضُوئِهِ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْمُتَوَضِّئُ إِذَا أَرَادَ
اتِّبَاعَ السُّنَّةِ
التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 205):
"والتنصيص في اللبس والوضوء زيادةٌ في الحث
عليه فيهما، وإلا فإنه قد ثبت أنه كان يحب التيامن في شأنه كله وثبت أن يساره
لخلائه." اهـ
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 105):
والأمر محمول على الندب كما يدل عليه حديث:
"كان يحب التيمن"، وكذلك اقتران الوضوء بالتيامن في اللبس المجمع على
عدم وجوبه في حديث أبي هريرة هذا يصلح أن يكون قرينة لصرف الأمر إلى الندب، ودلالة
الاقتران وإن كانت ضعيفة ولكنها لا تقصر عن الصلاحية للصرف، لاسيما مع اعتضادها
بقول علي _رضي الله عنه_ وفعله. أخرجه الدارقطني من طرق،
وبدعوى الإجماع على عدم الوجوب. قال النووي: أجمع
العلماء _أي: أهل السنة_ على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في
الوضوء سنة، لو خالفها فاته الفضل، وصح وضوئه، ولا اعتداد بخلاف الشيعة." اهـ
قال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال
والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 197):
"يستفاد من هذا الحديث: أن التيامن في
الوضوء ثابت في السنة الفعلية والسنة القولية؛ أما ثبوته بالسنة الفعلية ففي حديث
عائشة، وأما ثبوته بالسنة القولية ففي هذا الحديث.
عون المعبود وحاشية ابن القيم (11/ 134)
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْبُدَاءَةِ
بِالْمَيَامِنِ عِنْدَ لُبْسِ الثِّيَابِ وَالْوُضُوءِ
[1] وقال عبيد الله الرحمني _رحمه
الله_ في "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (2/ 105): "(فابدؤوا
بأيامنكم) جمع الأيمن، وهو بمعنى اليمين، وفي رواية (بميامنكم) جمع الميمنة، ولا
فرق بين اللفظين في العربية." اهـ
Komentar
Posting Komentar