شرح الحديث 159_160 مى باب سوء الملكة - من كتاب الأدب المفرد للشارح أبي فائزة البوجيسي

 

83- باب سوء المِلكة

 

159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِلنَّاسِ:

"نَحْنُ أَعْرَفُ بِكُمْ مِنَ الْبَيَاطِرَةِ بِالدَّوَابِّ، قَدْ عَرَفْنَا خِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ. أَمَّا خِيَارُكُمُ: الَّذِي يُرْجَى خَيْرُهُ، وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ. وَأَمَّا شِرَارُكُمْ: فَالَّذِي لَا يُرْجَى خَيْرُهُ، وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَلَا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهُ."

 

[قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد موقوفا، وقد صح منه مرفوعا جملةُ الخِيَارِ والشرار، دون العتق]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ (صدوق كثيرُ الغَلَطِ، ثَبْتٌ فى كتابه: ت. 222 هـ):

عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني مولاهم، أبو صالح المصري (كاتب الليث بن سعد)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خت د ت ق 

 

* قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ (صدوق له أوهام: ت. 158 هـ):

معاوية بن صالح بن حُدَيْر (وقيل: ابن عثمان بن سعيد بن سعد بن فهر) الحضرمي، ، أبو عمرو (وقيل: أبو عبد الرحمن)، الحمصي، من كبار أتباع التابعين، روى له:  ر م د ت س ق  (ر: البخاري في جزء القراءة خلف الإمام)

 

* عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ (ثقة: ت. 118 هـ):

عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، أبو حميد (ويقال: أبُوْ حِمْيَرَ)، الحمصي، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  بخ م د ت س ق

 

* عَنْ أَبِيهِ (ثقة جليل: ت. 80 هـ):

جُبير بن نُفيْر بن مالك بن عامر الحضرمي، أبو عبد الرحمن (ويقال: أبو عبد الله)، الشامي الحمصي، من كبار التابعين، روى له: بخ م د ت س ق

 

* عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ (صحابي: ت. 32 هـ):

عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري، أبو الدرداء الخزرجي (وقيل: اسمه عامرٌ، وعُوَيْمِرٌ لَقَبٌ)، روى له: خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِلنَّاسِ:

"نَحْنُ أَعْرَفُ بِكُمْ مِنَ الْبَيَاطِرَةِ بِالدَّوَابِّ[1]، قَدْ عَرَفْنَا خِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ. أَمَّا خِيَارُكُمُ: الَّذِي يُرْجَى خَيْرُهُ، وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ. وَأَمَّا شِرَارُكُمْ: فَالَّذِي لَا يُرْجَى خَيْرُهُ، وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَلَا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهُ."

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3195)

التقسيم العقلي يقتضي أربعة أقسام. ذكر منها قسمين ترغيباً وترهيباً، وترك القسمين الباقيين؛ إذ لا ترغيب فيهما ولا ترهيب." اهـ

 

وقال ابن القيم في "مدارج السالكين" (2/ 221):

"فَيَجْرِي هَذَا مَجْرَى قَوْلِكَ: (فُلَانٌ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ)، أَيْ: لَيْسَ لَهُ خَيْرٌ، فَيُرْجَى." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 67) (رقم: 159)، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 81) (رقم: 119).

 

وله شواهد، منها:

ما أخرجه الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 528) (رقم: 2263):

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ، فَقَالَ:

«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟»

قَالَ: فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا،

قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ. وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ»

وأخرجه: مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 368 و 2/ 378) (رقم: 8812 و 8920)، وصحيح ابن حبان (2/ 285 و 2/ 286) (رقم: 527 و 528)، مسند الشهاب القضاعي (2/ 228) (رقم: 1246 و 1247)، شعب الإيمان (13/ 541 _ 13/ 542 ) (رقم: 10753_10755)، وأبو شجاع الديلميّ في "الفردوس بمأثور الخطاب" (2/ 170) (رقم: 2849)، وابن عبد البر في الاستذكار (8/ 277).

 

وصححه الألباني في "صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" (2/ 293) (رقم: 1738)، و"مشكاة المصابيح" (3/ 1392) (رقم: 4993)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 508) (رقم: 2603)، و"التعليقات الحسان" (2/ 28) (رقم: 528)[2]

 

وله شاهد من حديث جابر _رضي الله عنه_: أخرجه القُضاعي في "مسند الشهاب" (2/ 229) (رقم: 1248).

 

وله شاهد من حديث أنس _رضي الله عنه_: أخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (7/ 16) (رقم: 3910)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (3/ 246) (رقم: 2433)، وابن بشران في "الأمالي" - الجزء الأول (ص: 111) (رقم: 232)، وابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (8/ 27)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" = "أخبار أصبهان" (2/ 187 و 2/ 276).[3]

 

وهو صحيح لغيره: صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 627) (رقم: 3320)

 

من فوائد الحديث:

 

قال ابن رجب _رحمه الله_ في "لطائف المعارف" (ص: 89):

"خير الناس من آمن وعمل صالحا، وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]." اهـ

 

وقال ابن عبد البر في "بهجة المجالس وأنس المجالس" (ص: 214):

"قال الخشني: لا تكرم ولا تعظم إلا من يرجى خيره، أو يخاف شره، أو يقتبس من علمه، أو من بركة دعائه.

 

فيض القدير (3/ 499):

"وإِنَّمَا يُرْجَى خيْرُ مَنْ عُرِفَ بفِعْلِ الْخَيْرِ وشُهْرَتِهِ بِهِ. وَمَنْ غَلَبَ خَيْرُهُ، أَمِنَتِ الْقُلُوْبِ مِنْ شَرِّهِ. ومتى قوِيَ الإيْمَانُ في قلب عبدٍ، رُجِيَ خَيْرُهُ، وَأُمِنَ شَرُّهُ. ومتى ضعف، قلَّ خَيْرُهُ، وغلَبَ شَرُّهُ." اهـ

 

وقال محمد لقمان بن محمد بن ياسين أبو عبد الله الصِّدِّيْقِيُّ السلَفِيُّ (المتوفى 1441 هـ) _رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص ١٠٤):

"فقه الحديث: ١ - فيه الصورة الصادقة لخيار الناس وشرارهم، فالذي يرجو الناس منه الإحسانَ إليهم، ويأمنون إساءَتَهُ وإيذاءَهُ، فهو خير الناس. والذي لا يُرجى منه الخير ولا يُؤمن شره، فهو شر الناس، والعياذ بالله." اهـ

 

وقال الشيخ زيد بن محمد المدخلي (المتوفى 1435 هـ) _رحمه الله_ في "عون الأحد الصمد" (1/ 188):

"فالعاملون بالخير، والتاركون للشر: هم أفضل الناس وخير الناس، ويتفاوتون في هذا الفضل بحسب تفاوتهم في العمل،

والواقعون في الشر على اختلاف أنواعه: هم شرار الناس، وشرار الخلق؛ لأنهم لم يُقَدِّروا الله عَزَّوَجَلَّ حَقَّ قَدْرِهِ." اهـ

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 232):

"الْمُؤمن لَا يَخْلُو عَن شَيْء من خِصَال الْخَيْر قطّ، إن أجدب مِنْهُ جَانبٌ من الْخَيْر أخصب مِنْهُ جَانبٌ، فَلَا يزَال خَيره مأمولا وشره مَأْمُون." اهـ

 

وقال محمد بن محمد الطوسي، الشهير بـ"أبي حامد الغزالي" (المتوفى: 505هـ)[4] _رحمه الله_ في "بداية الهداية" (ص: 39):

"والعبد في حق سائر العباد له ثلاث درجات:

* الأولى: أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة من الملائكة، وهو أن يسعى في أغراضهم؛ رفقا بهم، وإدخالا للسرور على قلوبهم.

* الثانية: أن ينزل في حقهم منزلة البهائم والجمادات؛ فلا ينالهم خيره، ولكن عنهم شره.

* الثالثة: أن ينزل في حقهم منزلة العقارب والحيات والسباع الضاريات، لا يرجى خيره، ويتقى شره.

فإن لم تقدر على أن تلتحق بأفق الملائكة، فاحذر أن تنزل عن درجة البهائم والجمادات إلى درجة العقارب

 

صيد الخاطر (ص: 437)

"قليل العقل لا يرجى خيره. إذا رأيت قليل العقل في أصل الوضع، فلا ترج خيره! فأما إن كان وافر العقل؛ لكنه يغلب عليه الهوى، فارجه! وعلامة ذلك أنه يدبر أمره في جهله، فيستتر من الناس إذا أتى فاحشة، ويراقب في بعض الأحوال، ويبكي عند الموعظة، ويحترم أهل الدين؛ فهذا عاقل مغلوب بالهوى، فإذا انتبه بالندم، خنس شيطان الهوى، وجاء ملك العقل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

160 - حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

"(الْكَنُودُ): الَّذِي يَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَنْزِلُ وَحْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ."

[قال الشيخ الألباني] :

ضعيف موقوفا وروي عنه مرفوعا بسند واه جدا

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ (صدوق: 214 هـ على الصحيح):

عصام بن خالد الحضرمي، أبو إسحاق الحمصي، من صغار أتباع التابعين، روى له: خ

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ (ثقة ثبت رمى بالنصب: 163 هـ):

حريز بن عثمان بن جبر بن أحمر بن أسعد الرَّحَبِيُّ الْمَشْرِقِيُّ، أبو عثمان (ويقال: أبو عون)، الشامي الحمصي، من صغار التابعين، روى له: خ د ت س ق

 

 

* عَنِ ابْنِ هَانِئٍ (لا يعرف):

حمزة بن هانئ (ويُقال: حُمْرَةُ)[5]، الرَّحَبِيُّ، من صغار التابعين، روى له: بخ

 

وقال أبو الفداء زين الدين قاسم بن قُطْلُوْبَغَا السُّوْدُوْنِي الجمالي الحنفي (المتوفى: 879 هـ) _رحمه الله_ في "الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة" (4/ 38)

وقال الآجري عن أبي داود: "شيوخ حريز كلهم ثقات."

 

إلا أن الألباني _رحمه الله_ قال في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (12/ 735):

"لعل هذا التوثيق المجمل لا يفيد هنا؛ ما دام أنه لم يرو عنه غير حريز، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله: (شيخ لحريز؛ لا يعرف)." اهـ

 

* عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (صحابي: 86 هـ بـ الشام):

صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ بْنِ وَهْبٍ، أبو أمامة الباهلي، روى له: خ م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:

"(الْكَنُودُ): الَّذِي يَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَنْزِلُ وَحْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ."

 

وفي رواية أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 245) (رقم: 7958):

حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ مَاغمَةُ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ الْكَنُودُ قَالَ:

«الْكَنُودُ الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ»

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (23/ 578)

ويسمى من يفعل ذلك بلسان بني مالك بن كنانة: الكنود،

وقال الكلبي: هي لغة كندة وحضرموت، الكفور للنعمة، وقال الحسن: هو الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه، فهو كفار له، قال سماك بن حرب: سميت كندة لأنها قطعت أباها

 

السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (4/ 36)

وقال البيضاوي في تفسيره (الكنود) من كند النعمة كنودًا والعاصي بلغة كنده أو البخيل بلغة بني مالك

 

وقال ابن القيم في "التبيان في أقسام القرآن" (ص: 80):

"وأصل اللفظ: منع الحق والخير. و(رجل كنود)، إذا كان مانعاً لما عَلَيْهِ من الحق. وعبارات المفسرين تدور على هذا المعنى.

قال ابن عباس _رضي الله عنهما_ وأصحابه _رحمهم الله تعالى_: (هو الكفور)، وقيل: (هو البخيل الذي يمنع رفده، ويجيع عبْده ولا يعطى في النائبة)،

وقال الحسن: (هو اللوام لربه يعد المصائب وينسى النعم)." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 267)

(الكنود) الذي في الآية (الذي يأكل وحده) تيهاً وبخلاً وكبراً واستقذاراً للغير. (ويمنع رِفْدَهُ) بكسر فسكون عطاؤه وصلته. (ويضرب عبدَه) وأمته حيث لا يباح له الضرب قاله في تفسير الآية.

 

زاد المسير في علم التفسير (4/ 481)

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6]،

هذا جواب القسم. والإنسان هاهنا: الكافر.

قال الضحاك: نزلت في الوليد بن المغيرة،

وقال مقاتل: نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي وفي «الكَنُود» ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الذي يأكل وحده، ويمنع رِفْده، ويضرب عبده، رواه أبو أُمامة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

والثاني: أنه الكفور، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك.

والثالث: لَوَّام لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصيبات، وينسى النِّعَم، قاله الحسن. قال ابن قتيبة: والأرض الكنود: التي لا تُنْبِتُ شيئاً.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 68) (رقم: 160)، تاريخ ابن معين - رواية الدوري (4/ 485) (رقم: 5407)، والطبري في "تفسيره" = "جامع البيان" – ت. شاكر (24/ 566) موقوفا. وفيه ابن هانئ مختلف فيه، وهو من الأحاديث التي تحتمل التحسين، والله أعلم.

 

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 245 و 8/ 188) (رقم: 7778 و 7958)، والطبري في "تفسيره" = "جامع البيان" – ت. شاكر (24/ 566) مرفوعا بلفظ:

«الْكَنُودُ الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ»

 

وفي سند الطبراني جعفر بن الزبير الحنفي، الشامي الدمشقي، من كبار أتباع التابعين، روى له: ابن ماجه. وقال الحافظ ابن حجر: "متروك الحديث، و كان صالحا فى نفسه."

ولو لا جعفر هذا، لكان حديثنا هذا حسنا على أقل أحواله، والله المستعان.

 

وأخرجه كذلك الطبراني في "المعجم الكبير" (8/ 188) (رقم: 7778) مرفوعا، قال:

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْمَعٍ الصَّفَّارُ الْبَصْرِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رَفَعَه (فذكره).

وفيه: الوليد بن مسلم، وهو وإن كان ثقة، فهو مدلس تدليس التسوية.

 

صرح الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (12/ 733_734) (رقم: 5833) أن الحديث ضعيف جدًّا، وقال:

"وترجم له الطبراني بقوله: (عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن القاسم)!

يشير إلى أن (أبا عمرو) الراوي عن القاسم هو الأوزاعي الإمام، وكأن ذلك؛ لأنه يكنى بأبي عمرو، ولأن الوليد بن مسلم مكثر من الرواية عن الأوزاعي، ولم أجد أحدا من أهل العلم صرح بأن الأوزاعي روى عن القاسم،

وقد ترجم لهذا ابن عساكر في " تاريخه " ترجمة طويلة (14 / 334 - 338) ، ثم الحافظ المزي في___" تهذيبه "، فإذا صح ما ذكره الطبراني، فتكون علة الحديث رواية الوليد عن الأوزاعي عن القاسم معنعنا.

ذلك؛ لأن الوليد بن مسلم - مع كونه ثقة؛ فقد - كان له مذهب عجيب في التدليس عن الأوزاعي، كما تراه مبسوطا في ترجمته، أعني: تدليس التسوية؛

فقد كان يروي عن الأوزاعي ما روى هذا عن بعض الضعفاء عن بعض الثقات، فيسقط الوليد الضعيف الذي بين الأوزاعي والثقة، فيظهر الإسناد سالما من العلة! قال أبو مسهر:

" كان الوليد بن مسلم يحدث حديث الأوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها. وله في تبرير ذلك جواب عجيب، فانظره في " التهذيب " إن شئت. والخلاصة: أن في هذا الإسناد علة قادحة، وهي العنعنة." اهـ كلام الألباني _رحمه الله_.

 

من فوائد الحديث:

 

وقال محمد لقمان بن محمد بن ياسين أبو عبد الله الصِّدِّيْقِيُّ السلَفِيُّ (المتوفى 1441 هـ) _رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص 104):

"فقه الحديث:

إن من شرار الناس من جمع بين البخل وسوء الخلق." اهـ

 

وقال القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (6/ 2206)

(وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ عَطِيَّتَهُ عَنْ مُسْتَحِقِّهَا، وَحَاصِلُ مَعْنَاهُ: أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْبُخْلِ وَسُوءِ الْخُلُقِ.

 



[1] البَيْطار، جمعه بياطرة : مُعالج الدواب ويسمى أيضا: الطبيب البيطري والجمع : بَيَاطير

[2] وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي _رحمه الله_ في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" (2/ 400) (رقم: 1423)، وفي "نشر الصحيفة في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة" (ص: 102)، والشيخ عبد القادر الأرنؤوط _رحمه الله_ في "تخريج جامع الأصول" (11/ 696) (رقم: 9341).

[3] وقال الهيثمي _رحمه الله_ في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" (8/ 90): "رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ." اهـ

[4] كان الغزالي _رحمه الله_ يمر بأربع مراحل: مرحلة الاعتزال، ومرحلة الأشاعرة، ومرحلة التصوف، وفي المرحلة الأخيرة مال إلى مذهب السلف أهل السنه الحقيقية، والله أعلم.

[5] انظر: التاريخ الكبير للبخاري - بحواشي محمود خليل (3/ 49) (رقم: 184)، ميزان الاعتدال (1/ 608) (رقم: 2311)، ففيهما إثبات اسم ابن هانئ، وهو حمزة.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث 12 من رياض الصالحين