شرح الحديث 37 -باب الوضوء من بلوغ المرام

37 - وَعَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ:

"إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي الْوُضُوءِ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

ترجمة عثمان بن عفان الأموي _رضي الله عنه_

 

الأعلام للزركلي (4/ 210_211):

عُثمان بن عَفَّان (47 ق هـ - 35 هـ = 577 - 656 م)

عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، من قريش: أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشّرين. من كبار الرجال الذين اعتز بهم الإسلام في عهد ظهوره.

ولد بمكة، وأسلم بعد البعثة بقليل. وكان غنيا شريفا في الجاهلية. ومن أعظم أعماله في الإسلام تجهيزه نصف جيش العسرة بماله، فبذل ثلاث مئة بعير بأقتابها وأحلاسها وتبرع بألف دينار.

وصارت إليه الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 23 هـ فافتتحت في أيامه أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبس،

وأتمّ جمع القرآن، وكان أبو بكر قد جمعه وأبقى ما بأيدي الناس من الرقاع والقراطيس،

فلما ولي عثمان طلب مصحف أبي بكر فأمر بالنسخ عنه وأحرق كل ما عداه. وهو أول من زاد في المسجد الحرام ومسجد الرسول، وقدم الخطبة في العيد على الصلاة[1]، وأمر بالأذان الأول يوم الجمعة. واتخذ الشرطة. وأمر بكل أرض جلا أهلها عنها أن يستعمرها العرب المسلمون وتكون لهم. واتخذ دارا للقضاء بين الناس، وكان أبو بكر وعمر يجلسان للقضاء في المسجد.

وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم 146 حديثا.

نقم عليه الناس اختصاصه أقاربه من بني أمية بالولايات والاعمال، فحاءته الوفود من الكوفة والبصرة ومصر، فطلبوا منه عزل أقاربه، فامتنع، فحصروه في داره يراودونه على أن يخلع نفسه، فلم يفعل،

فحاصروه أربعين يوما، وتسوّر عليه بعضهم الجدار فقتلوه صبيحة عيد الأضحى وهو يقرأ___القرآن في بيته، بالمدينة.

ولقّب بذي النورين لأنه تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم رقية ثم أم كلثوم.

ومما كتب في سيرته: " عثمان بن عفان - ط " لصادق إبراهيم عرجون بمصر، ومثله للدكتور طه حسين، و " إنصاف عثمان - ط " لمحمد أحمد جاد المولى ولمحمد بن يحيى، ابن بكر " التمهيد والبيان، في فضل الشهيد عثمان بن عقان - خ " في دار الكتب." اهـ

 

شرح المفردات:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 220):

"لحيته: اللحية: شعر العارضَيْن والذَّقَنِ، جمعه: لحًى، بكسر اللام وضمها." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 186)

اللحية معروفة: هي الشهر النابت على اللحيين والخدين كما ذكر ذلك صاحب القاموس، وعلى هذا فالعوارض من اللحية،

ولا ضرر أن تكون اللحية مشتملة على اسم يعم أجزاء لكل واحد منها اسم خاص، كما لو قلت: "اليد" مثلا فيها الكف، وفيها الأصابع، وفيها الذراع، وفيها المرافق، وكلها يشملها اسم اليد،

كذلك أيضا اللحية نقول: هي لكل شعر الوجه واللحيين، ولا مانع من أن نقول: هذا عارض، وهذا ذقن، وهذا كذا، وهذا كذا، لا مانع،

وإنما أشرت إلى هذا؛ لأن بعض الناس قال: إن المراد باللحية: الذقن فقط دون ما ينبت على اللحيين، ودون ما ينبت على الخدين؛ لأن ذلك له اسم خاص،

فيقال: إنه لا مانع من أن يكون الاسم يطلق على شيء له أجزاء لكل واحد منها اسم خاص، الرأس الآن فيه مؤخر ويمين وشمال وهو يطلق عليه اسم رأس." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 46) (رقم: 31)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 148) (رقم: 430)، وعبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" (1/ 41) (رقم: 125)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 20 و 7/ 318) (رقم: 113 و 36459)، وعبد بن حميد في "المنتخب" – ت. صبحي السامرائي (ص: 50) (رقم: 62)، والدارمي في "سننه" (1/ 550) (رقم: 731)، والبزار في "مسنده" = البحر الزخار (2/ 49) (رقم: 393)، وابن الجارود في "المنتقى" (ص: 30) (رقم: 72)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1/ 78) (رقم: 151 و 152)، وابن حبان في "صحيحه" (3/ 362) (رقم: 1081)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/ 225) (رقم: 6253)، وفي "مسند الشاميين" (3/ 321) (رقم: 2402)، والحاكم في في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 249) (رقم: 527)، والدارقطني في "سننه" (1/ 148 و 1/ 150 و 1/ 158) (رقم: 286 و 287 و 302)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 90 و 1/ 104) (رقم: 246 و 295)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (1/ 469_1/ 471) (رقم: 343_346).

 

رواته ثقات، إلا عامر بن شقيق، وهو مختلف فيه، فمن العلماء من وثقه، ومنهم من ضعفه.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 220)

الحديث ضعيف، وله شواهد عن عددٍ كبيرٍ من الصحابة، لا تخلو من مقالٍ، ولكنَّه يَتَقَوَّى بها.

قَالَ الحافظ في التلخيص: رواه الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والدَّراقطني وابن حبَّان عن عثمان، وأورد له الحاكم شواهد: عن أنسٍ وعائشة وعليٍّ وعمَّارٍ.

قلت: وفيه أيضًا عن أمِّ سلمة وأبي أيوب وأبي أمامة وغيرهم، وعدَّدهم الحافظ في التلخيص، وذكر طرقهم وأسانيدهم.

وذكره الكتاني والسيوطي في الأحاديث المتواترة، فقد روي عن ثمانية عشر صحابيًّا، وقد ضعَّف أحاديث التخليل بعض المحدِّثين، وتكلَّموا في أسانيدها؛ كالعقيلي، وابن حزم، والزيلعي.

قال الإمام أحمد وأبو حاتم: ليس في تخليل اللحية شيءٌ صحيحٌ.

 

قال الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" - الأم (1/ 187) تعليقا على تعقب الذهبي على الحاكم:

"وتعقبه الذهبي بقوله:

" ضعفه ابن معين "!

قلت: لكن وثقه من سبق ذكرهم! ومن ضعفه لم يبين سببه، وكفى

بالبخاري حجة في توثيقه وتحسين حديثه.

وقد جاءت أحاديث كثيرة في تخليل اللحية شاهدة له؛ كما سيأتي (برقم

133)." اهـ

 

والحديث صحيح لغيره: صححه الألباني _رحمه الله_ في "التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (2/ 364) (رقم: 1078)،

 

من فوائد الحديث:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 220_221)

ما يؤخذ من اللحية:

1 - مشروعية تخليل اللحية في الوضوء، وهو تفريقها وإسالة الماء فيما بينها؛ ليدخل ماء الوضوء خلال الشعر، ويصل إلى الْبَشَرَةِ.___

2 - الشعر الذي في الوجه قسمان:

أحدهما: أنْ يكون خفيفًا، ترى البشرة من ورائه؛ فهذا يجب غسله، وغسل ما تحته من البشرة.

الثاني: أنْ يكون كثيفًا، وذلك بأنْ لا ترى البشرة من ورائه، فهذا يجب فيه غسل ظاهره، ويستحب تخليل باطنه، وأمَّا في الغُسْلِ: فيجب غسله، وإيصال الماء إلى البشرة، وأصول الشعر.

3 - هذا التفصيل والبيان جاء من التتبع، والاستقراء للوضوء الشرعي، فما ظهر من الوجه يجب غسله، ومنه ما تحت الشعر الخفيف، وما استتر منه لكثافة الشعر، كلحيته -صلى الله عليه وسلم-، فالمشروع تخليلها." اهـ

 

شرح السنة للبغوي (1/ 422)

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجِبُ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ، وَقَالَ: إِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا أَعَادَ الصَّلاةَ، وَإِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا أَوْ مُتَأَوِّلا أَجْزَأَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا جَازَ.



[1]  وفيه نظر! والصحيح أن مروان هو الذي أحدث ذلك!!


Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة