شرح الحديث 156-157 من باب حسن الملكة - من الأدب المفرد
82- باب حسن الملكة 156 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ:
حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ _صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ_: أَنَّ
النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ لَمَّا ثَقُلَ قَالَ: «يَا
عَلِيُّ، ائْتِنِي بِطَبَقٍ أَكْتُبْ فِيهِ مَا لَا تَضِلُّ أُمَّتِي بَعْدِي» ،
فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقَنِي فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَحْفَظُ مِنْ ذِرَاعَيِ الصَّحِيفَةِ،
وَكَانَ رَأْسُهُ بَيْنَ ذِرَاعِي وَعَضُدِي، فَجَعَلَ يُوصِي بِالصَّلَاةِ
وَالزَّكَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَقَالَ كَذَاكَ حَتَّى فَاضَتْ
نَفْسُهُ، وَأَمَرَهُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ شَهِدَ بِهِمَا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ [قال الشيخ
الألباني: ضعيف] |
رواة
الحديث:
* حَدَّثَنَا
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ (ثقة ثبت: 225 هـ):
حفص بن عمر بن
الحارث بن سخبرة الأزدي النمِري، أبو عمر الحَوْضِيُّ الْبصريُّ (ويقال: مولى بنى
عدي)، من كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له: خ د س
* قَالَ:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْفَضْلِ (صدوق):
عمر بن الفضل السُّلَمِيُّ
(ويقال: الْحَرَشِي) الْعَبْدِيُّ البصري، من كبار أتباع التابعين، روى له: بخ
عس (البخاري في الأدب المفرد - النسائي في
مسند علي)
* قَالَ:
حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ يَزِيدَ (مجهول):
نعيم بن يزيد،
من الوسطى من التابعين، روى له: بخ عس (
البخاري في الأدب المفرد - النسائي في مسند علي )
* قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ _صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ_ (40
هـ):
عليُّ بْنُ أبِيْ
طالِب بْنِ عبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشمٍ القرشيُّ، أبو الحسن الهاشميُّ (أمير
المؤمنين، ابنُ عمِّ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_)، روى
له: خ م د ت س ق
قال
الحافظ: "من السابقين الأولين، ورجح جمْعٌ أنه أوَّلُ
مَنْ أَسْلَمَ، وهو أحد العشرة."
نص
الحديث:
أَنَّ النَّبِيَّ
_صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ لَمَّا ثَقُلَ قَالَ:
«يَا عَلِيُّ،
ائْتِنِي بِطَبَقٍ أَكْتُبْ فِيهِ مَا لَا تَضِلُّ أُمَّتِي بَعْدِي» ، فَخَشِيتُ
أَنْ يَسْبِقَنِي فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَحْفَظُ مِنْ ذِرَاعَيِ الصَّحِيفَةِ،
وَكَانَ رَأْسُهُ بَيْنَ ذِرَاعِي وَعَضُدِي، فَجَعَلَ يُوصِي بِالصَّلَاةِ
وَالزَّكَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَقَالَ كَذَاكَ حَتَّى فَاضَتْ
نَفْسُهُ، وَأَمَرَهُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ شَهِدَ بِهِمَا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ
الفتح الرباني
لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (21/ 235)
"(الطبق)
بفتحتين،
قال في
القاموس: "عظم رقيق يفصل بين كل فقارين. وكانوا يكتبون على العِظام والكتفِ -
بفتح الكاف وكسر التاء المثناة - فوق عظم عريض، يكون في أصل كتف الحيوان من الناس
والدواب،
و(الرقاع)
بكسر الراء مشددة: جمع رقعة - بضمها -، وعلى الخرقة من الثياب ونحوها لقلة
القراطيس عندهم." اهـ
تخريج
الحديث:
أخرجه البخاري
في "الأدب المفرد" (ص: 66) (رقم: 156)، وأحمد في "مسنده" -
عالم الكتب (1/ 90) (رقم: 693)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" – ط. دار
صادر (2/ 243)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/ 380) (رقم: 762)،
والْمِزِّيُ في "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (21/ 482).
وقال الألباني
في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (7/ 238):
"قلت:
وهذا إسناد ضعيف، لأن نعيم بن يزيد مجهولٌ كما فى "التقريب". وقد زاد
فيه: "والزكاة"، فهى منكرة." [1] اهـ
فالحديث
ضعيف منكر: ضعفه الألباني _رحمه الله_ في "ضعيف الأدب
المفرد" (ص: 34) (رقم: 30)، لمخالفة نعيم بن يزيد لما ورد في سنن ابن ماجه
(2/ 900) (رقم: 2697):
حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
"كَانَتْ
عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ «الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ»." وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار
السبيل (7/ 237) (رقم: 2178)
وكذا ما ورد
في "سنن ابن ماجه" (2/ 901) (رقم: 2698):
حَدَّثَنَا
سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ قَالَ:
"كَانَ
آخِرُ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةَ وَمَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»." وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 562)
(رقم: 2285)
من
فوائد الحديث:
قَالَ
الْحَلِيمِيُّ في المنهاج شعب الإيمان (11/ 70):
"فَأَوْصَى
اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أُمَّتَهُ
بِالْمَمَالِيكِ كَالْإِيصَاءِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْجِيَرانِ، وَكَالْإِيصَاءِ
بِالصَّلَاةِ،
فَدَلَّ
ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَتَرْكِ التَّحَامُلِ بِالْجَوْرِ
عَلَيْهِمْ، فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقُولَ أَحَدٌ لِلذَّكَرِ مِنْهُمْ: (عَبْدِي)،
بَلْ يَقُولُ: (فَتَايَ)،
وَلَا يَقُولُ
لِلْأُنْثَى: _أَمَتِي)، بَلْ يَقُولُ: (فَتَاتِي)،
وَبِذَلِكَ
جَاءَ الْخَبَرُ نَصًّا عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_."
اهـ
البحر المحيط
الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 482):
"وبالتالي
تدلّ هذه الرواية على أن الوصيّة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن___يكتبها
في ذلك الوقت لم تكن في شيء من أمر الخلافة، وإنما كانت تأكيد أحكام الصلاة،
والزكاة، والعبيد، والإماء، وأمثالها." اهـ
وقال حمود بن
عبد الله التويجري في "غربة الإسلام" (2/ 827):
"ومن
فضائل الزكاة أيضا: أنها من الخصال التي اهتم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -
عند موته، وأوصى بها أمته - إن صح الحديث بذلك -،
فروى الإمام
أحمد _رحمه الله تعالى_ في "مسنده"، والبخاري في "الأدب المفرد"
عن علي - رضي الله عنه - قال:
"أمرني
النبي - صلى الله عليه وسلم - أن آتيه بطبق يكتب فيه ما لا تضل أمته من بعده، قال:
فخشيت أن تفوتني نفسه، قال: قلت: إني أحفظ وأعي، قال: «أُوصِي بالصلاة، والزكاة،
وما ملكت أيمانكم».
فهذا
ما يسره الله تعالى من بيان فضائل الزكاة، وحيث كانت
بهذه المثابة فينبغي لكل مسلم أن يبادر إلى إخراجها إذا جاء وقتها ولا يؤخرها،
ويخرجها من أوسط ما عنده من الأموال كاملة موفرة طيبة بها نفسه، ولا يتبعها مَنًّا
ولا أذًى، ولا يريد بها رياء ولا سمعة، ولا يبتغي بها محمدة الناس وثنائهم عليه،
بل يخرجها إيمانًا واحتسابًا يريد بها وجه الله تعالى ويرجو برها وذخرها في الدار
الآخرة،
ومن أخرجها
على هذا الوجه، فعسى أن يحوز فوائدها الدنيوية والأخروية، ولو لم يكن للأغنياء
فيها من الفوائد إلا أن أموالهم تحفظ بسببها وتنمو وتكثر، لكان ينبغي لهم أن
يبادروا إلى إخراجها لأجل هذه الفائدة، والله الموفق." اهـ
وقال محمد
لقمان الصديقي السلفي في "رش الرد شرح الأدب المفرد (ص 103):
"فقه
الحديث:
١ _ الأمر
بالمحافظة على الصلاة والزكاة.
٢ _ وجوب
الإحسان إلى المماليك والقيام بمقدار حاجتهم من الكسوة والنفقة ، والطعام واجب على
من ملكهم، ووجوبُ الصلاة التي لا سعة في تركها .
٣ _ إن كلمة
الشهادة تكفر جميع الذنوب .
٤ _ فيه دليل
على أن هذه الكلمة التي هي كلمة التوحيد إذا مات العبد على قولها أوجبت له الجنة
5 _ فيه رد
على مزاعم الشيعة أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أوصى بخلافة علي _رضي الله عنه_."
اهـ
157 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ: «أَجِيبُوا
الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ» [قال الشيخ
الألباني: صحيح] |
رواة
الحديث:
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ():
محمد بن سابق
التميمى مولاهم أبو جعفر و يقال أبو سعيد ، البزاز الكوفى ثم البغدادى ( أصله من
فارس )
الطبقة : 10 : كبار الآخذين عن تبع الأتباع
الوفاة : 213 هـ ، و قيل : 214 هـ بـ بغداد
روى له : خ م د ت س
( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي )
رتبته عند ابن
حجر : صدوق
قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ():
إسرائيل بن
يونس بن أبى إسحاق السبيعى الهمدانى ، أبو يوسف الكوفى ( أخو عيسى بن يونس ، و كان
الأكبر )
الطبقة : 7 : من
كبار أتباع التابعين
الوفاة : 160 هـ و قيل بعدها
روى له : خ م د ت س ق
( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن
حجر : ثقة تكلم فيه بلا حجة
عَنِ
الْأَعْمَشِ ():
سليمان بن
مهران الأسدى الكاهلى مولاهم ، أبو محمد الكوفى الأعمش ( و كاهل هو ابن أسد بن
خزيمة )
المولد : 61 هـ
الطبقة : 5 : من
صغار التابعين
الوفاة : 147 أو 148 هـ
روى له : خ م د ت س ق
( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن
حجر : ثقة حافظ عارف بالقراءات
عَنْ أَبِي
وَائِلٍ ():
شقيق بن سلمة
الأسدى ، أبو وائل الكوفى ( من أسد خزيمة ، و يقال : أحد بنى مالك بن ثعلبة بن
دودان )
الطبقة : 2 : من
كبار التابعين
الوفاة : فى خلافة عمر بن عبد العزيز
روى له : خ م د ت س ق
( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن
حجر : ثقة
عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ ():
عبد الله بن
مسعود بن غافل بن حبيب الهذلى ، أبو عبد الرحمن ( صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم )
الطبقة : 1 : صحابى
الوفاة : 32 أو 33 هـ بـ المدينة
روى له : خ م د ت س ق
نص
الحديث:
عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ:
«أَجِيبُوا
الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ»
[تعليق]:
وفي التيسير
بشرح الجامع الصغير (1/ 37)
(أجِيبُوا
الدَّاعِي) الَّذِي يدعوكم لوليمة وجوبا، إِن
كَانَت لعرس وتوفرت الشُّرُوط كَمَا تقرّر، وندبا إِن
كَانَت لغيره مِمَّا ينْدب أَن يولم لَهُ.
(وَلَا
تردّوا) ندبا (الْهَدِيَّة) لِأَنَّهَا وصلَة
إِلَى التحابب، نعم يحرم قبُولهَا على القَاضِي كَمَا مرّ،
(وَلَا تضربوا
الْمُسلمين) فِي غير حدّأ وتأديب بل تلطفوا مَعَهم بالْقَوْل وَالْفِعْل، فَضرب
الْمُسلم بِغَيْر حق حرَام بل كَبِيرَة وَالتَّعْبِير بِالْمُسلمِ غالبى فَمن لَهُ
ذمّة أَو عهد يحرم ضربه تعدّيا
التنوير شرح
الجامع الصغير (1/ 381)
فإن قلت: ما
الجامع في عطف الضرب على الهدية؟ قلت: التضاد فإن ذلك إحسان وهذا إساءة وذلك سببًا
للتحاب وهذا سبب للتباغض.
وفي رواية للبيهقي
في "شعب الإيمان" (9/ 75) (رقم: 6279):
أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْرَقُ، نا شَاذَانُ، نا إِسْرَائِيلُ، عَنِ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا
تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا
الْمُسْلِمِينَ "
تنبيه:
أما
حكم إجابة دعوة المسلم، فقد ورد في صحيح البخاري (رقم: 1164)
ومسلم (رقم: 4022):
أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"حَقُّ
الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ،
وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ."
وقد قسم
العلماء الدعوة التي أُمر المسلم بإجابتها إلى قسمين:
الأول:
الدعوة
إلى وليمة العرس ، فجماهير العلماء على وجوب إجابتها إلا لعذر شرعي ، وسيأتي ذكر
بعض هذه الأعذار ـ إن شاء الله ـ .
والدليل على
وجوب الإجابة ما رواه البخاري (4779) ومسلم (2585) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
"شَرُّ
الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إِلَيْهَا
مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ،
فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ "
الثاني:
الدعوة
لغير وليمة العرس على اختلاف أنواعها،
فجماهير العلماء
يرون أن إجابتها مستحبة، ولم يخالف، إلا بعض الشافعية، والظاهرية، فأوجبوها، ولو
قيل بتأكد استحباب الإجابة لكان قريبا .والله أعلم .
لكن
العلماء اشترطوا شروطا لإجابة الدعوة، فإذا لم
تتحقق هذه الشروط لم يكن حضور الدعوة واجبا ولا مستحبا ، بل قد يحرم الحضور ، وقد
لخص هذه الشروط الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله، فقال :
1_ ألا يكون
هناك منكر في مكان الدعوة ، فإن كان هناك منكر وهو يستطيع إزالته وجب عليه الحضور
لسببين : إجابة الدعوة ، وتغيير المنكر ، وإن كان لا يمكنه إزالته حرم عليه الحضور
.
2_أن يكون
الداعي للوليمة ممن لا يجب هجره أو يُسنّ. [كأن يكون مجاهرا بفسق أو معصية ، وهجره
قد ينفع في توبته من ذلك]
3_أن يكون
الداعي مسلما، وإلا لم تجب إجابته لقوله صلى الله عليه وسلم : "حق المسلم على
المسلم ..."
4_ أن يكون
طعام الوليمة مباحا ، يجوز أكله .
5_ أن لا
تتضمن إجابة الدعوة إسقاط واجب أو ما هو أوجب منها فإن تضمن ذلك حرمت الإجابة .
6_ أن لا
تتضمن ضررا على المجيب مثل أن يحتاج إلى سفر أو مفارقة أهله المحتاجين إلى وجوده
بينهم ، أو نحو ذلك من أنواع الضرر . اهـ من "القول المفيد" (3 / 111)
بتصرف.
وزاد
بعض العلماء:
7_ أنْ يَخُصَّ
الدَّاعِيْ المدعُوَّ بالدعوة، بخلاف ما لو دعا الحاضرين في مجلس عام لحضور وليمته، وهو أحد هؤلاء، فلا
يلزمه الحضور عند الأكثر.
* تنبيه
ثانٍ:
الذي عليه
جمهور أهل العلم أن قبول الهدية مستحب ؛ لأن التهادي يبعث على مزيد المحبة والوئام
بين المسلمين .
ينظر جواب
السؤال رقم : (103668) .
وقد نهى النبي
صلى الله عليه وسلم عن رد الهدية ، إذا لم يكن هناك سبب يدعو لذلك ؛ لما روى
الإمام أحمد (3838) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (157) وابن حبان في
"روضة العقلاء" (ص 242) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَجِيبُوا الدَّاعِيَ ، وَلَا
تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ). وصححه الألباني في
"الإرواء" (6/59) .
قال ابن حبان
رحمه الله عقبه :
" زجر
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في هذا الخبر عَن ترك قبول الهدايا بين
المسلمين ، فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية : أن يقبلها ، ولا يردها ، ثم
يثيب عليها إذا قدر ، ويشكر عنها ، وإني لأستحب للناس بعث الهدايا إلى الإخوان
بينهم ؛ إذ الهدية تورث المحبة وتذهب الضغينة " انتهى .
وروى الإمام
أحمد (17936) عَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ
أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ ، وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ ، فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا
يَرُدَّهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ ) وصححه الألباني في
"الصحيحة" (1005) .
وإذا كان هناك
سبب شرعي ، يدعو لرد هدية المهدي ، فينبغي تطييب قلب المهدي ببيان العذر في عدم
قبول هديته :
روى البخاري
(1825) ، ومسلم (1193) عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ :
"أَنَّهُ
أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا،
وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا
فِي وَجْهِهِ قَالَ: ( إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ ) .
قال النووي _رحمه
الله_:
" فِيهِ
أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا
لِعُذْرٍ : أَنْ يَعْتَذِرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُهْدِيِ ، تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ
" انتهى من " شرح صحيح مسلم " (8/107) .
* تنبيه
ثالث:
الحاصل: أن
الضرب رخصة، رخص فيها ربنا للتأديب إذا دعت الحاجة إليه بعدما قدم عليه
من الوعظ، والهجر، وليس من الأفضل أن يسارع إليه، أو
يفرح به، أو يتخذه علاجًا دائمًا لا، بل الأفضل أن يؤخر، وأن لا يعجل؛ جمعًا بين
النصوص. (الشيخ ابن باز)
تخريج
الحديث:
أخرجه البخاري
في "الأدب المفرد" (ص: 67) (رقم: 157)، وابن أبي شيبة في "مسنده"
(1/ 161) (رقم: 228)، وفي "مصنفه" (4/ 446) (رقم: 21985)، مسند أحمد -
عالم الكتب (1/ 404) (رقم: 3838)، الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في
"بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث" (1/ 477) (رقم: 407)، مسند أبي يعلى
الموصلي (9/ 284) (رقم: 5412)، المسند للشاشي (2/ 76) (رقم: 590)، مسند البزار =
البحر الزخار (5/ 115) (رقم: 1697_1698)، شرح مشكل الآثار (8/ 29) (رقم: 3031)، المخلصيات
(2/ 106) (رقم: 1137)، صحيح ابن حبان (12/ 418) (رقم: 5603)، و"روضة العقلاء
ونزهة الفضلاء" (ص: 242)، المعجم الكبير للطبراني (10/ 197) (رقم: 10444)، وأبو
الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها" (2/ 160)،
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 128)، شعب الإيمان (7/ 265) (رقم: 4974)، الترغيب
والترهيب لقوام السنة (3/ 259) (رقم: 2479)، تاريخ دمشق لابن عساكر (48/ 27)
والحديث
صحيح: صححه
الألباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (1/ 441) (رقم: 890)، صحيح
الأدب المفرد (ص: 80) (رقم: 117)، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/
59) (رقم: 1616)، صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 94) (رقم: 158)، والتعليقات
الحسان على صحيح ابن حبان (8/ 160) (رقم: 5574)
من فوائد
الحديث:
شرح مشكل
الآثار (8/ 29_30 )
فَفِي هَذَا
الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي وَبِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ ,
وَالْمَنْعُ مِنْ رَدِّهَا فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَابَةُ ,
وَهَذَا الْمَمْنُوعُ مِنْ رَدِّهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ , وَيَكُونُ الْمُدْعَى
إلَيْهِ هُوَ خِلَافُ___الْوَلِيمَةِ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنْسًا غَيْرَ الْجِنْسِ الْآخَرِ , فَيَكُونَ الْمُدْعَى
إلَيْهِ هُوَ الْوَلِيمَةُ الْوَاجِبُ إتْيَانُهَا، وَالْهَدِيَّةُ بِخِلَافِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا...___
شرح مشكل
الآثار (8/ 30) (رقم: 3033): وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَعْنِي الْحَرَّانِيَّ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ كَرِيزٍ، عَنِ الْحَسَنِ
قَالَ:
دُعِيَ
عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ، وَقَالَ: " كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَأْتِي الْخِتَانَ، وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ ".
قَالَ:
فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانُوا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ
عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانُوا
يَأْتُونَهُ عَلَى وُجُوبِ إتْيَانِهِ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ خَاصٌّ مِنَ
الْأَطْعِمَةِ لَا عَلَى كُلِّ الْأَطْعِمَةِ , وَلَمَّا كَانَ طَعَامُ
الْوَلِيمَةِ مَأْمُورًا بِهِ كَانَ مَنْ دُعِيَ إلَيْهِ مَأْمُورًا بِإِتْيَانِهِ،
وَلَمَّا كَانَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ غَيْرَ مَأْمُورٍ بِهِ , كَانَ
غَيْرَ مَأْمُورٍ بِإِتْيَانِهِ.
روضة العقلاء
ونزهة الفضلاء (ص: 242)
زجر النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في هذا الخبر عَن ترك قبول الهدايا بين المسلمين
فالواجب على
المرء إذا أهديت إليه هدية أن يقبلها ولا يردها ثم يثيب عليها إذا قدر ويشكر عنها
وإني لأستحب للناس بعث الهدايا إلى الإخوان بينهم إذ الهدية تورث المحبة وتذهب
الضغينة
[1] وبعضهم رآى صحة الحديث قائلاً:
ولما
كان نعيم بن يزيد من وسطي التابعين، فقد رضيه الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر _عليه
شآبيب الرحمة وسوابغ المغفرة_، وحسَّن حديثه. وذلك لأن من مذهبه: أن حديث المجهول
من أهل الطبقات المتقدمة سيما المخضرمين وكبار التابعين وأوساطهم، متلقى بالقبول
ويُحتجّ به، ما لم يخالف الأصول.
وهذا
بعينه هو مذهب الحافظ الذهبي القائل في خاتمة ((ديوان الضعفاء)) له: ((وأما
المجهولون من الرواة، فإن كان من كبار التابعين أو أوساطهم؛ احتمل حديثه وتلقى بحسن
الظن؛ إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ)). أهـ بنصه.
والأقرب: أن الحديث منكر من جهة ذكر الزكاة فيه،
والله أعلم!
Komentar
Posting Komentar