شرح الحديث 115 من باب الترغيب في نشر العلم - من كتاب الترغيب

 

(فصل)

115 - (4) [صحيح] وعن أبي مسعود البدري:

"أن رجلاً أتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَستحملُه، فقال: "إنه قد أُبدعَ بي."

فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اِئْتِ فُلاَناً)،

فأتاه، فحمله، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

(من دلَّ على خيرٍ؛ فله مثلُ أجرِ فاعِله، أو قال عامِلِه)".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي (2).

__________

(1) في الأصل ومطبوعة عمارة "عنهما". وهو خطأ فاحش، فإن أبا أمامة -واسمه صدي بن عجلان- لم يذكروا لأبيه صحبة، وليس للترضّي ذكر في المخطوطة أصلاً.

(2) قلت: والسياق له، وصححت منه بعض الأخطاء كانت في الأصل، وقال: "حديث حسن صحيح".

 

ترجمة أبي مسعود البدري _رضي الله عنه_

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( خ م د ت س ق ): عقبة بن ثعلبة بن عمرو أسيرة بن عسيرة بن عطية بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصارى، أبو مسعود البدرى ، صاحب النبى صلى الله عليه وسلم .

 

و أمه: سلمى بنت عامر بن عوف بن عبد الله .

 

مناقبه:

شهد العقبة مع السبعين ، و كان أصغرهم .

قال شعبة ، عن الحكم[1] : كان أبو مسعود بدريا .

و قال شعبة ، عن سعد بن إبراهيم : لم يكن أبو مسعود بدريا .

و قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: لم يشهد بدرا، و هو قول محمد بن إسحاق. و قيل: إنه كان يسكن ماء ببدر فنسب إليه . اهـ .

 

و قال المزى:

قال محمد بن سعد: شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، و لم يشهد بدرا، وليس

بين أصحابنا فى ذلك اختلاف.

 

موته :

قال خليفة بن خياط: مات قبل الأربعين (40)، يعنى: بالكوفة .

و قال الهيثم بن عدى، والمدائني: مات سنة أربعين.

 

أحاديثه: روى له الجماعة .

 

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (7/ 248):

وقع فى "صحيح البخارى" من حديث عروة بن الزبير ، قال : أخر المغيرة بن شعبة العصر، فدخل عليه أبو مسعود عقبة بن عمرو، جدُّ زيدِ بْنِ حسَنٍ، وكان قد شهد بدرا، فقال: "يا مغيرة. فذكر الحديث.

سمعه عروة من بشير بن أبى مسعود، عن أبيه. وبذلك عده البخارى فى البدريين.

وقال مسلم بن الحجاج فى "الكنى": شهد بدرا .

و قال أبو أحمد الحاكم : يقال : إنه شهد بدرا .

 

وقال أبو القاسم البغوي: حدثني أبو عمرو ـ يعنى: علي بن عبد العزيز ـ عن

أبى عبيد ـ يعنى القاسم بن سلام ـ، قال: "أبو مسعود عقبة بن عمرو شهد بدرا."

 

و قال ابن البرقى : لم يذكره ابن إسحاق فى أهل بدر ، و فى غير حديث أنه فيمن شهد بدرا .

 

وقال أبو القاسم الطبرانى: أهل الكوفة يقولون: إنه شهد بدرا، و لم يذكره أهل المدينة فيمن شهدها .

 

و ذكره عروة بن الزبير فيمن شهد العقبة.

 

قلت: فإذا شهد العقبة، فما المانع من شهود بدر!

 

وما ذكره المؤلف عن ابن سعد، لم يقله من عند نفسه، إنما نقله عن شيخه الواقدي، ولو قبلنا قوله فى "المغازى" _مع ضعفه_ فلا يرد به الأحاديث الصحيحة، والله الموفق . اهـ كلام الحافظ ابن حجر _رحمه الله_

 

نص الحديث وشرحه:

 

وعن أبي مسعود البدري:

"أن رجلاً أتى النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَستحملُه، فقال: "إنه قد أُبدعَ بي."

فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

(ائت فلاناً)،

فأتاه، فحمله، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

(من دلَّ على خيرٍ؛ فله مثلُ أجرِ فاعِله، أو قال عامِلِه)".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي

 

[تعليق]:

وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/ 206):

"قَوْله: (أبدع)، أَيْ: عطبت ركابي أَو كلَّتْ، فَانْقَطع بِي. يُقَال للرجل إِذا كلت رَاحِلَته أَو عطبت فَانْقَطع بِهِ: قد أبدع بِهِ، وَيُقَال: أُبْدِعَتِ الرِّكَابُ: إِذا كلَّتْ." اهـ

 

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 107):

"يُقَالُ: (أُبْدِعَتِ النَّاقَةُ) إِذَا انْقَطعت عَنِ السَّير بِكَلاَل أَوْ ظَلْع، كَأَنَّهُ جعَل انْقِطَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةً عَلَيْهِ مِنْ عَادَةِ السَّير إِبْدَاعاً، أَيْ أنْشاء أمْرٍ خَارِجٍ عَمَّا اعْتِيد مِنْهَا." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1506/ 133) (رقم: 1893)، وأبو داود في "سننه" (4/ 333) (رقم: 5129)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (5/ 41) (رقم: 2671).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 108) (رقم: 181)، و"تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 72) (رقم: 209)، و"التعليقات الحسان" (3/ 224) (رقم: 1666)

 

من فوائد الحديث

 

شرح النووي على مسلم (13 / 39):

"فيه: فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله

وفيه: فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات، لاسيما لمن يعمل بها من المتعبدين وغيرهم.

والمراد بـ(مثل أجر فاعله): أن له ثوابا بذلك الفعل كما أن لفاعله ثوابا ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواءً." اهـ

 

شرح سنن أبي داود  للشيخ عبدالمحسن العباد (1 / 2):

"فالنبي _عليه الصلاة والسلام_ له من الأجر مثلُ أجورِ أمتِهِ من حِيْنِ بعثه الله إلى قيام الساعة؛ لأنه هو الذي دل الناس على هذا الحق والهدى." اهـ

 

فيض القدير - (6 / 127):

"إن جميع حسناتِنا وأعمالِنا الصالحةِ وعباداتِ كلِّ مسلِمٍ مُسَطَّرَةٌ في صحائِفِ نبينا _صلى الله عليه وسلم_ زيادة على ما له من الأجر،

ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى، يقصر العقل عن إدراكها، لأن كل مُهْدٍ ودالٍّ وعالِمٍ يحصل له أجر إلى يوم القيامة، ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر، ولشيخ شيخه مِثْلَاهُ، وللشيخ الثالث أربعةٌ، والرابع ثمانيةٌ،

وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى _صلى الله عليه وسلم_." اهـ

 

شرح سنن أبي داود  للشيخ عبدالمحسن العباد (1 / 2):

"وبعد الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم الناس فضلاً وإحساناً إلى الناس أصحابُ الرسولِ _صلى الله عليه وسلم_، الذين هم الواسطة بين الناس وبين الرسول _عليه الصلاة والسلام_، الذين تلقوا الكتاب والسنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وبلغوهما إلى الناس،

فكل خير حصل للناس إنما جاء عن طريق الصحابة، والناس ما عرفوا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الصحابة، فهم الذين جمعوا القرآن، وهم الذين حفظوا السنة، وهم الذين نقلوا الكتاب والسنة وأدوهما إلى الناس،

فكل من حفظ سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وأداها إلى الناس فإن الله تعالى يثيبه مثلما يثيب من استفاد من هذه السنة." اهـ

 

فيض القدير (6 / 127):

وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازداد الخلف ازداد أجر السلف وتضاعف.

ومَنْ تأمل هذا المعنى، ورُزِقَ التوفيق، انبعثت همته إلى التعليم، ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام، ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها، فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل،

فليتأمل المسلم هذا المعنى، وسعادةَ الدال على الخير، وشقاوةَ الدال على الشر." اهـ

 

فيض القدير (6/ 127):

علم من هذا الحديث وحدث من دعا إلى هدى المتقدم أن كل أجر حصل الدال والداعي حصل للمصطفى صلى الله عليه وسلم مثله زيادة على ما له من الأجر الخاص من نفسه على دلالته أو هدايته للمهتدي وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى عرف نشرها ولا يبلغون عشر عشرها وهكذا نقول إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم مسطرة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى يقصر العقل عن إدراكها لأن كل مهد ودال وعالم يحصل له أجر إلى يوم القيامة ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة والرابع ثمانية وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كل ما زاد واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى يوم القيامة وهذا أمر لا يحصره إلا الله فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر وكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور الذي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه وسلم وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازاد الخلف ازداد أجر السلف وتضاعف ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل فليتأمل المسلم هذا المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر وقد مر بعض هذا في حديث من دعا

 

سبل السلام (2/ 639)

دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْخَيْرِ يُؤْجَرُ بِهَا الدَّالُّ عَلَيْهِ كَأَجْرِ فَاعِلِ الْخَيْرِ، وَهُوَ مِثْلُ حَدِيثِ «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا»

وَالدَّلَالَةُ تَكُونُ بِالْإِشَارَةِ عَلَى الْغَيْرِ بِفِعْلِ الْخَيْرِ، وَعَلَى إرْشَادِ مُلْتَمِسِ الْخَيْرِ عَلَى أَنَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ فُلَانٍ وَالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ وَتَأْلِيفِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ.

وَلَفْظُ (خَيْرٍ) يَشْمَلُ الدَّلَالَةَ عَلَى خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلِلَّهِ دَرُّ الْكَلَامِ النَّبَوِيِّ مَا أَشْمَلَ مَعَانِيَهُ وَأَوْضَحَ مَبَانِيَهُ وَدَلَالَتَهُ عَلَى خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ." اهـ

 

التفسير القيم لابن القيم - (1 / 355)

فإنه بدلالته ونيته نزل منزلة الفاعل ومثله: (من دعا إلى هدى، فله مثل أجور من اتبعه، ومن دعا إلى ضلالة، عليه من___الوزر مثل آثام من اتبعه) لأجل نيته واقتران مقدورها بها من الدعوة.

ومثله إذا جاء المصلي إلى المسجد ليصلي جماعة فأدركهم وقد صلوا فصلى وحده كتب له مثل أجر صلاة الجماعة بنيته وسعيه كما جاء مصرحا به في حديث مروي ومثل هذا من كان له ورد يصليه من الليل فنام ومن نيته أن يقوم

إليه فغلب عينه نوم كتب له أجر ورده وكان نومه عليه صدقة ومثله

المريض والمسافر إذا كان له عمل يعمله فشغل عنه المرض والسفر كتب له مثل عمله وهو صحيح مقيم ومثله من سأل الله الشهادة بصدق بغله الله سبحانه وتعالى منازل الشهداء ولو مات على فراشه ونظائر ذلك كثيرة." اهـ

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (12/ 42)

وقوله: (من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله)؛ ظاهر هذا اللفظ: أن للدَّال من الأجر ما يساوي أجر الفاعل المنفق.

وقد ورد مثل هذا في الشرع كثيرًا؛ كقوله: (من قال مثل ما يقول المؤذن، كان له مثلُ أجره)،

وكقوله فيمن توضأ، وخرجَ إلى الصلاة، فوجد الناس قد صلَّوا: ((أعطاه الله من الأجرِ مثل أجر من حضرها، وصلاَّها).

وهو ظاهرُ قوله تعالى: { وَمَن يخرج مِن بيتهِ مُهاجرًا إلى اللهِ وَرَسُوله فَقَد} وقَعَ أجْرٌه على الله } ، وهذا المعنى يمكنُ أن يقال به ، ويصار إليه بدليل : أن الثوابَ على الأعمال إنما هو تفضل من الله تعالى ، فيهبه لمن يشاء على أي شيءٍ صدر عنه ، وبدليل : أنَّ النيه هي أصلُ الأعمال ، فإذا صحَّتْ في فعل طاعةٍ فعجز عنها لمانعٍ منع منها فلا بُعدَ في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل ، أو يزيد عليه."[2]

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 311) للمظهر الزيداني:

"مَنْ أَمَرَ أحدًا بإعطاء صدقة أو بناء مسجد أو مدرسة أو رباط وغير ذلك من الخيرات، أو وعظ أحدًا حتى يخافَ الله تعالى، ويرجع من المعاصي إلى الصلاح، فله مِثلُ أجر مَنْ فعل خيرًا بقوله." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 41_42):

"قال البيضاوي: أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية للثواب والعقاب بذواتها، إلا أن الله تعالى أجرى عادته الإلهية بربط الثواب والعقاب بها ارتباط المسببات بالأسباب، وليس للعبد تأثير في صدور الفعل عنه بوجه.

فكما يترتبان على ما يباشره ويزاوله بترتب كل منهما أيضاً على ما هو سبب في فعله كالإرشاد إليه والحث عليه.

ولما كانت الجهة التي بها استوجب المتسبب الأجر والجزاء غير الجهة التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره شيئاً.

وقال الطيبي: الهدى في الحديث ما يهتدى به من الأعمال، وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له هدى يطلق على القليل والكثير، فأعظمه هدى من دعا إلى الله وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى عن طريق المسلمين،_____ومن ثم عظم شأن الفقيه الداعي المنذر حتى فضل واحد منهم على ألف عابد، لأن نفعه يعم الأشخاص والأعصار إلى يوم القيامة اهـ. وسيأتي في هذا المعنى مزيد إن شاء الله تعالى

 

البدر التمام شرح بلوغ المرام (10/ 227)

الحديث فيه دلالة على فضيلة الدلالة على الخير، وأن ثواب الدلالة كثواب الفعل

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 219)

وفيه حث على نشر العلم وتعليم العباد والدعاء لهم إلى كل خير

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (7/ 349)

ما يؤخذ من الحديث:

1 - المؤمن هو الَّذي يكون قدوةً، وأسوةً في عمل الخيرات، وفعل الطيبات، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73].

وجاء في مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ سَنَّ سنَّةً في الإِسلام حسنةً، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أنْ ينقص من أجورهم من شيء".

2 - وحديث الباب يدل على أنَّ من دلَّ على خيرٍ، سواءٌ أكان من خير الدنيا، أو خير الآخرة: أنَّ له من الأجر مثل أجر من فعل، من غير أنْ ينقص من أجر المقتدى به شيء، وإنَّما هو أجرٌ بسبب كونه قدوةً في الخير، وأسوةً في عمل الإحسان.

3 - ومن أفضل الأَعمال الصالحة التي يتعدَّى نفعها، وتبقى ثمارها: هو العلم النَّافع، الَّذي هو شرع الله تعالى من أصوله وفروعه، وما أعان على فهمه، فمن نشر هذا العلم، فقد ضرب بسهمٍ وافرٍ من القدوة الحسنة، والدَّلالة على الصراط المستقيم، وقد أخرج النَّاس -بإذن الله تعالى- من ظلمات الجهل إلى نور العلم، والهداية، والإرشاد، ونال بهذا عظيم الأجر من الله تعالى، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لأن يهديَ الله بك رجلًا واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعم" [رواه البخاري (3009)، ومسلم (2406)].

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 299)

فمن فوائد الحديث: الحث على الدلالة على الخير إما بالقول وإما بالفعل، ومن الدلالة على الخير دلالة الخطباء في مساجدهم يوجهون الناس، ودلالة الوعاظ في أماكن الوعظ يدلون الناس، ودلالة المعلمين في فصول الدراسة يعلمون الناس، ويدلونهم على الخير وأبواب هذا كثيرة جدًا.

ومن فوائد الحديث: أن الأسباب لها أحكام المقاصد، فالدلالة على الخير سبب للخير، فإذا فعل الإنسان الخير كان للدال مثل أجره، فدل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد.

ومن فوائد الحديث: أن الأجر الحاصل للدال لا ينقص أجر المدلول لقوله: "فله مثل أجر فاعله"، ولم يقل: فالأجر بينهما؛ أي: بين الدال والمدلول، بل قال: "مثل أجر فاعله"، وعلى هذا فإن أجر المدلول لا ينقص بإعطاء الدال مثل أجره، وفضل الله واسع.

 

 

المفيد في مجالس شهر رمضان من كلام الإمام ابن باز - (1 / 60)

فالواجب على كل من لديه علم أن يذكر بذلك، وأن يناصح في الله ، ويدعو إليه حسب الطاقة ، أداء لواجب التبليغ والدعوة ، وتأسيا بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ، وحذرا من إثم الكتمان الذي قد أوعد الله عليه في محكم القرآن ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُون) َ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من دل على خير فله مثل أجر فاعله" وقال عليه الصلاة

 

مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (2 / 318)

وبما تقدم يعلم أن مهمة المعلم مع كونها من أصعب المهام فهي مع ذلك من أشرف الوظائف , وأعظمها نفعا وأجلها قدرا إذا وفق صاحبها للإخلاص وحسنت نيته , وبذل جهده , كما أن له من الأجر مثل من انتفع بعلمه .

 

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (3 / 113)

وفي ذلك حث وتحريض للدعاة على الدعوة والصبر عليها إذا كنت تحصل بذلك على مثل أجور من هداه الله على يدك ، فحقيق بك أن تشمر وأن تسارع إلى الدعوة وأن تصبر عليها وفي هذا خير عظيم

 

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (5 / 294)

ولا شك أن ظهور أهل الحق في التلفاز من أعظم الأسباب في نشر دين الله, والرد على أهل الباطل؛ لأنه يشاهده غالب الناس من الرجال والنساء والمسلمين والكفار , ويطمئن أهل الحق إذا رأوا صورة من يعرفونه بالحق, وينتفعون بما يصدر منه , وفي ذلك أيضا محاربة لأهل الباطل وتضييق المجال عليهم,

 

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (13 / 278)

س : ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره ؟ (1)

ج : إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى الله عليه وسلم والأموات لا أصل له وليس بمشروع ، ولا فعله الصحابة رضي الله عنهم ، والخير في اتباعهم . ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعطى مثل أجورنا عما فعلناه من الخير فله مثل أجورنا ؛ لأنه الدال عليه ، عليه الصلاة والسلام ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : « من دل على خير فله مثل أجر فاعله » (2) فهو الذي دل أمته على الخير وأرشدهم إليه ، فإذا قرأ الإنسان أو صلى أو صام أو تصدق ، فالرسول يعطى مثل أجور هؤلاء من أمته ؛ لأنه هو الذي دلهم على الخير وأرشدهم إليه عليه الصلاة والسلام ، فلا حاجة به إلى أن تهدى له القراءة أو غيرها ؛ لأن ذلك ليس له أصل ،

 

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (23 / 266)

الرسل لهم مثل أجور أتباعهم ، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - له مثل أجور أتباعه ، وكل عالم له مثل أجر من هداه الله على يديه ،

 

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (23 / 376)

ولا ريب أن المعلم هو المربي الروحي للطالب ، فينبغي أن يكون ذا أخلاق فاضلة ، وسمت حسن حتى يتأسى به تلامذته ، كما ينبغي أن يكون محافظا على المأمورات الشرعية بعيدا عن المنهيات حافظا لوقته قليل المزاح واسع البال ، طلق الوجه حسن البشر رحب الصدر جميل المظهر ، ذا كفاية ومقدرة وسعة اطلاع كثير العلم بالأساليب العربية ؛ ليتمكن من تأدية واجبه على أكمل وجه ،

q         مجموع فتاوى ابن باز(30)جزءا - (24 / 57)

توزيع الكتب والأشرطة النافعة الصادرة من علماء السنة من أفضل القربات. لأن ذلك من نشر العلم والدعوة إلى الخير والله سبحانه وتعالى يقول: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا } (2) الآية. ويقول عز وجل: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (3) الآية. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من دل على خير فله مثل أجر

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (32/ 482_483):

"في فوائده:

1 - (منها): بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على الخروج في الجهاد في سبيل الله تعالى، ولو بسؤال الناس ما يتجهّزون به.

2 - (ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من قلّة العيش، مع أن الله تعالى جعل مفاتيح الخزائن بيده، فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بُعثت بجوامع الكلم، ونُصِرت بالرعب، فبينا أنا نائم أُتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوُضعت في يدي"، قال أبو هريرة: وقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنتم تنتثلونها.

3 - (ومنها): فيه فضيلة الدلالة على الخير، والتنبيه عليه، والمساعدة لفاعله.___

4 - (ومنها): أن فيه فضيلةَ تعليم العلم، ووظائف العبادات، لا سيما لمن يَعمل بها من المتعبدين، وغيرهم.

5 - (ومنها): أن ابن حبّان ترجم في "صحيحه" بقوله: "ذِكْر الخبر الدالّ على أن المؤذّن يكون كأجر من صلى بأذانه"، ثم أورد الحديث محتجًّا به، وهو استنباط حسنٌ، والله تعالى أعلم.

 



[1] الحكم بن عتيبة الكندى، أبو محمد، الكوفى (مولى عدي بن عدي الكندي)، من الطبقة الخامسة، من صغار التابعين.

[2] وفي كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 206) :

"فَكيف يتساوى الأجران؟

فَالْجَوَاب: أَن المثلية وَاقعَة فِي الْأجر، فالتقدير: لهَذَا أجر كَمَا___أَن لهَذَا أجرا وَإِن تفَاوت الأجران. وَمثل هَذَا قَوْله: " من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا " وَقَوله: " الخازن الْأمين الَّذِي يُعْطي مَا أَمر بِهِ أحد المتصدقين " وَقَوله: " من جهز غازيا فقد غزا، وَمن خَلفه فِي أَهله بِخَير فقد غزا " وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الشَّرّ، فَإِنَّهُ لعن شَارِب الْخمر وعاصرها وحاملها حَتَّى عد عشرَة. وَلعن آكل الرِّبَا ومؤكله وكاتبه وشاهديه." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة