الحديث التسعين من كتاب بهجة قلوب الأبار
الحديث التسعون: الإيمان بالله واليوم الآخر. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ،
وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ: فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ، وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يحب أن يؤتى إليه."
رواه مسلم |
الأعلام للزركلي (4/ 111)
عَبْد الله بن عَمْرو (7 ق هـ - 65 هـ = 616 - 684 م):
عبد الله بن عمرو بن العاص، من قريش:___صحابي، من النساك.
من أهل مكة. كان يكتب في الجاهلية، ويحسن السريانية. وأسلم قبل أبيه.
* فاستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أن يكتب ما
يسمع منه، فأذن له.
* وكان كثير العبادة حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
إن لجسدك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا - الحديث.
* وكان يشهد الحروب والغزوات. ويضرب بسيفين.
* وحمل راية أبيه يوم اليرموك. وشهد صفين مع معاوية.
وولاه معاوية الكوفة مدة قصيرة. ولما ولي يزيد امتنع عبد
الله من بيعته، وانزوى _في إحدى الروايات_ بجهة عسقلان، منقطعا للعبادة.
* وعمي في آخر حياته. واختلفوا في مكان وفاته.
* له 700 حديث." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه (مسلم) [10/ 4767 و 4768 و 4769] (1844)، و (أبو
داود) في "الفتن" (4248)، و (النسائيّ) في "البيعة" (7/ 152)
و"الكبرى" (4/ 431)، و (ابن ماجه) في "الفتن" (3956)، و (ابن
أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 446)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 161
و 191 و 192 و 193)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 414)، و (ابن حبّان)
في "صحيحه" (5961)، و (الطبرانيّ) في "مسند الشاميين" (1/
353)، و (الطبريّ) في "تهذيب الآثار" (2/ 921)، و (البيهقيّ) في
"الكبرى" (8/ 169)، والله تعالى أعلم.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ أَحَبَّ أَنْ
يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ: فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ،
وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي
يحب أن يؤتى إليه." رواه مسلم
شرح الحديث:
وقال القرطبيّ _رحمه الله_ في "المفهم" (4/ 52):
"أي: يجيء إلى الناس بحقوقهم من النصح، والنيّة الحسنة
بمثل الذي يُحب أن يُجاء إليه به،
وهذا مثلُ قوله _صلى الله عليه وسلم_:
"لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه"،
متّفقٌ عليه،
والناس هنا: الأئمة، والأمراء، فيَجب عليه لهم من السمع،
والطاعة، والنصرة، والنصيحة، مثل ما لو كان هو الأمير لكان يُحبّ أن يُجاء له به."
انتهى[1]
قال المؤلف عبد الرحمن بن ناصر السعدي _رحمه الله_بهجة
قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 187_188): "لا شك أن من زحزح عن النار، وأدخل
الجنة، فقد فاز، وأن هذه غاية يسعى إليها جميع المؤمنين، فذكر النبي _صلى الله عليه وسلم_ في هذا الحديث لها
سببين، ترجع إليهما جميع الشُّعَبِ والفروعِ: * الإيمانُ بالله واليوم الآخر، المتضمن
للإيمان بالأصول التي ذكرها الله بقوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 136]
ومتضمن للعملِ للآخرة والاستعداد لها؛ لأن
الإيمان الصحيح يقتضي ذلك ويستلزمه، * والإحسانُ إلى الناس، وأن يصل إليهم من القول والفعل
والمال والمعاملة ما يحب أن يعاملوه به.___ فهذا هو الميزان الصحيح للإحسان وللنصح، فكل أمر أشكل
عليك مما تعامل به الناس، فانظر، هل تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة أم لا؟ فإن كنت تحب ذلك، كنت محبا لهم ما تحب لنفسك، وإن كنت لا
تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة، فقد ضيعت هذا الواجب العظيم." اهـ |
وقال الشيخ محمد بن علي الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر
المحيط الثجاج" (32/ 140):
6 - (ومنها): بيان أن من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعامل
الناس بما يحب أن يعاملوه به، دخل الجنّة.
7 - (ومنها): أن قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه"
من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -، وبديع حِكَمه، وهذه
قاعدة مهمّة ينبغي الاعتناء بها، وأنه يلزم الإنسان أن لا يفعل مع الناس إلا ما
يُحبّ أن يفعلوه معه.
[1] وفي البحر المحيط الثجاج
في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (32/ 132):
"قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "والناس هنا
الأئمة إلخ" فيه نظرٌ لا يخفى، بل الأَولى كونه على عمومه، فالمراد بالناس
جميع المسلمين، ومما يردّ عليه دعوى الخصوص هذا الحديث الذي مثّل هو به، فإنه صريح
في العموم، فتبصّر، والله تعالى أعلم." اهـ
Komentar
Posting Komentar