الحديث الثامن والثمانون من كتاب بهجة قلوب الأبرار
الحديث الثامن والثمانون: لا حسد إلاّ في اثنين. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: * رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي
الْحَقِّ. * وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ، فَهُوَ يقضي بها، ويعلّمها."
متفق عليه |
تخريج الحديث:
أخرجه:
البخاري في "صحيحه" رقم: 73, ومسلم في "صحيحه" رقم: 816.
ترجمة ابن مسعود _رضي الله عنه_
عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم ، و يقال : ابن
شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة
بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، أبو عبد الرحمن الهذلى ، صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم . و كان أبوه مسعود بن غافل ، قد حالف عبد
ابن الحارث بن زهرة فى الجاهلية ، و أمه أم عبد بنت ود بن سواء من
هذيل أيضا ، لها صحبة .
أسلم بمكة قديما ، و هاجر الهجرتين ، و شهد بدرا و المشاهد كلها مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم . و هو صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . كان
يلبسه إياها إذا قام ، فإذا جلس أدخلها فى ذراعه . و كان كثير الولوج على النبى
و قال أبو نعيم و غير واحد : مات بالمدينة سنة اثنتين و ثلاثين و هو
ابن بضع و ستين .
زاد بعضهم : و أوصى إلى الزبير بن
العوام أن يصلى عليه ،
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 6 / 28 :
و آخى النبى صلى الله عليه وآله وسلم بينه و بين سعد بن معاذ .
و قال ابن حبان : صلى عليه الزبير .
و قال أبو نعيم : كان سادس الإسلام .
و صح أن ابن مسعود قال : أخذت من فى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم سبعين
سورة . اهـ .
شرح النووي على مسلم - (6 / 98)
والحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (1 / 285)
(آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ) : وَهِيَ إِصَابَةُ
الْحَقِّ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ أَوْ عِلْمِ أَحْكَامِ الدِّينِ.
q
عمدة القاري
شرح صحيح البخاري - (2 / 58)
والحسد على ثَلَاثَة أضْرب: محرم ومباح ومحمود،
فالمحرم: تمني زَوَال النِّعْمَة الْمَحْسُود عَلَيْهَا عَن صَاحبهَا وانتقالها
إِلَى الْحَاسِد.
وَأما القسمان الْآخرَانِ فغبطة، وَهُوَ أَن
يتَمَنَّى مَا يرَاهُ من خير بأحدٍ أَن يكون لَهُ مثله، فَإِن كَانَت فِي أُمُور
الدُّنْيَا فمباح، وَإِن كَانَت من الطَّاعَات فمحمود.
قَالَ النَّوَوِيّ: الأول
حرَام بِالْإِجْمَاع. وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: إِذا أنعم الله تَعَالَى على
أَخِيك نعْمَة، فكرهتها وأحببت زَوَالهَا، فَهُوَ حرَام بِكُل حَال، إلاّ نعْمَة
أَصَابَهَا كَافِر أَو فَاجر، أَو من يَسْتَعِين بهَا على فتْنَة أَو فَسَاد."
اهـ
بهجة
قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 185_186): "الحسد نوعان: * نوع
محرم مذموم على كل حال: وهو
أن يتمنى زوال نعمة الله عن العبد - دينية أو دنيوية - وسواء أحب ذلك محبة
استقرت في قلبه، ولم يجاهد نفسه عنها، أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها، وهذا
أقبح، فإنه ظلم متكرر.وهذا النوع هو الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. والنوع
الثاني: أن لا يتمنى زوال نعمة الله عن الغير، ولكن يتمنى حصول مثلها له، أو
فوقها أو دونها. وهذا
نوعان : محمود، وغير محمود. فالمحمود
من ذلك: أن يرى نعمة الله الدينية على عبده، فيتمنى أن يكون له مثلها، فهذا من
باب تمني الخير، فإن قارن ذلك سعي وعمل لتحصيل ذلك، فهو نور على نور. وأعظم
من يغبط: من كان عنده مال قد حصل له من حِلِّهِ، ثم سلط ووفق على إنفاقه في
الحق، في الحقوق الواجبة والمستحبة، فإن هذا من أعظم البرهان على الإيمان، ومن
أعظم أنواع الإحسان. ومن
كان عنده علم وحكمة علمه الله إياها، فوفق لبذلها في التعليم والحكم بين الناس،
فهذان النوعان من الإحسان لا يعادلهما شيء. الأول:
ينفع الخلق بماله، ويدفع حاجاتهم، وينفق في المشاريع الخيرية، فتقوم ويتسلسل
نفعها، ويعظم وقعها. والثاني:
ينفع الناس بعلمه، وينشر بينهم الدين والعلم الذي يهتدي به___العباد في جميع
أمورهم، من عبادات ومعاملات وغيرها. |
صحيح
مسلم (4/ 2060) (رقم: 2674) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«مَنْ
دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا
يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ
عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ
آثَامِهِمْ شَيْئًا»
شرح النووي على مسلم (16/ 226)
هَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي الْحَثِّ عَلَى
اسْتِحْبَابِ سَنِّ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ وَتَحْرِيمِ سَنِّ الْأُمُورِ
السَّيِّئَةِ
* وَأَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ مِثْلُ
أَجْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ سَنَّ
سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ كُلِّ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ
* وَأَنَّ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِثْلُ
أُجُورِ مُتَابِعِيهِ، أَوْ إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِ
تَابِعِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْهُدَى وَالضَّلَالَةُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَهُ
أَمْ كَانَ مَسْبُوقًا إِلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَعْلِيمُ عِلْمٍ أَوْ
عِبَادَةٍ أَوْ أَدَبٍ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ." اهـ
المعجم الكبير للطبراني (12/ 453) (رقم: 13646):
عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ
إِلَى اللهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟"
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:
«أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ
لِلنَّاسِ،
* وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ
تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ
دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا.
* وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ
الْمَدِينَةِ شَهْرًا.
* وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ، سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ
كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ
رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
* وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى
يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامِ»
صحيح: صححه الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (2/ 709) (رقم: 2623)
ثم
بعد هذين الاثنين: تكون الغبطة على الخير، بحسب حاله ودرجاته عند الله. ولهذا
أمر الله تعالى بالفرح والاستبشار بحصول هذا الخير، وإنه لا يوفق لذلك إلا أهل
الحظوظ العظيمة العالية. قال
تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ
خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] وقال:
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ - وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا
إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34 - 35] وقد
يكون من تمنى شيئا من هذه الخيرات، له مثل أجر الفاعل إذا صدقت نيته، وصمم من
عزيمته أن لو قدر على ذلك العمل، لعمل مثله، كما ثبت بذلك الحديث. وخصوصا إذا
شرع وسعى بعضَ
السعي. وأما
الغبطة التي هي غير محمودة، فهي تمني حصول مطالب الدنيا لأجل اللذات، وتناول
الشهوات، كما قال الله تعالى حكاية عن قوم قارون: {يَا
لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص:
79] فإن
تمني مثل حالة من يعمل السيئات فهو بنيته، ووزرهما سواء. فبهذا
التفصيل يتضح الحسد المذموم في كل حال. والحسد الذي هو الغبطة، الذي يحمد في
حال، ويذم في حال. والله أعلم." اهـ |
سنن الترمذي ت شاكر (4/ 562)
2325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
يُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ سَعِيدٍ الطَّائِيِّ أَبِي البَخْتَرِيِّ، أَنَّهُ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ
عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ»
قَالَ: «مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا
ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا،
وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ
فَقْرٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا»
«وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ» قَالَ: " إِنَّمَا
الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ:
* عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ
يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ
حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ،
* وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا، وَلَمْ يَرْزُقْهُ
مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: (لَوْ
أَنَّ لِي مَالًا، لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ)، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ،
فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ،
* وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا، وَلَمْ يَرْزُقْهُ
عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا
يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ
فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ،
* وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا
فَهُوَ يَقُولُ: (لَوْ أَنَّ لِي مَالًا، لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ) فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ."
Komentar
Posting Komentar