شرح الحديث 60-61 من كتاب الأدب المفرد للأستاذ أبي فائزة البوجيسي
30_بَابُ بِرِّ الْأَقْرَبِ
فَالْأَقْرَبِ 60 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ
شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ
مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ
بِأُمَّهَاتِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ
بِآبَائِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ» [قال الشيخ الألباني: صحيح] |
رواة الحديث:
حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ
(ثقة
: ت 224 هـ):
حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي:
أبو العباس الحمصي، روى له : خ د ت ق
قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ
(صدوق كثير التدليس عن الضعفاء : ت 197 هـ):
بقية بن الوليد بن صائد بن كعب
بن حريز الكلاعي الحميري الْمَيْتَمِيُّ[1]:
أبو يحمد الحمصي، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له : خت م د ت س ق
عَنْ بَحِيرٍ (ثقة
ثبت):
بَحِيْرِ بْنِ سَعْدٍ السَّحُوْلِي
الكَلَاعِي الحميري: أبو خالد الحمصى (والسحول أخو الخبائر، وهو بطن من ذى الكلاع
من حمير)، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له : بخ د ت س ق
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ (ثقة
: ت 103 هـ):
خالد بن معدان بن أبى كرب
الكلاعى: أبو عبد الله الشامي الحمصي، من الوسطى من التابعين، روى
له : خ م د ت س ق
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي
كَرِبَ (87
هـ بـ الشام):
المقدام بن معدي كَرِبَ بْنِ عمرٍو
الكندي ، أبو كريمة (نزل الشام، وسكن حمص)، روى له : خ د ت س ق
نص الحديث:
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي
كَرِبَ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ
بِأُمَّهَاتِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ
بِأُمَّهَاتِكُمْ، ثُمَّ
يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، ثُمَّ يُوصِيكُمْ
بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ»
شرح الحديث:
قال الله _تعالى_ :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي
عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [لقمان: 14]
وقال _تعالى_ :
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا
بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى
وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي
إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [الأحقاف: 15]
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في "الأدب
المفرد" (ص: 35) (رقم: 60)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1207) (رقم: 3661)،
وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (4/ 131 و 4/ 132) (رقم: 17184 و 17187)،
والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما "بغية الباحث عن زوائد مسند
الحارث" (1/ 549) (رقم: 495)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"
(4/ 393_394) (رقم: 2441 و 2442)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/
270_271 و 20/ 274) (رقم: 637_640 و 648)، وفي "مسند الشاميين" (1/ 116
و 1/ 243 و 2/ 170) (رقم: 177 و 431 و 1128)، وأبو الشيخ الأصبهاني في "الفوائد"
(ص: 50) (رقم: 20)، وابن شاهين البغدادي في "الترغيب في فضائل الأعمال"
(ص: 93) (رقم: 297)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 167) (رقم:
7246)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 301) (رقم: 7766)، وفي "شعب الإيمان"
(10/ 257) (رقم: 7461).
من فوائد الحديث:
قال محمد لقمان السلفي _حفظه
الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص ٥١):
"فقه الحديث (60):
1_ وصية الرسول ﷺ المؤكدة بحسن
الصحبة مع الأم كانت بسبب المشقة
التي يعانيها من الحمل والوضع والرضاع وبسبب تهاون
الناس عن أداء حقوقها غالبا، فالتكرار يفيد التوكيد .
۲_ عدم التكرار في الوصية
مع الأقارب يشير إلى أن حقهم وإن كان متأكدا ولكن ليس هذا التأكد مثل تأكد حق
الأبوين .
۳ ـ تكرار الفعل مع
التوكيد يدل على الاهتمام بالوصية ." اهـ
قال زيد بن محمد بن هادي المدخلي
_رحمه الله_ في "عون الأحد الصمد" (١/ ٨5_86):
"وهـذا الحديث حق، وهـو
يفيد أن أولى القرابة منك بالجميل وإسداء المعروف: الأبوان، والأم أكثـر لمـا
تحملت من المتاعب والمصاعب التي واجهتها،
* مِنْ حِيْنِ أن يكون الابن
نطفةً في قرار مكين إلى علقةٍ إلى مُضْغَةٍ إلى أن يكون جنينًا،
* فتحمله تسعة أشهر غالبا، فتضع
وتقاسي من ألَمِ الْوَضْـعِ مـا هو معلوم لـدى العقلاء،
* ثم يأتي دور الرضاعة في حولين،
* ثم يأتي دور الحضانة في عدة
سنوات، وهكذا تبقى الأم متعلقة بابنها وإن كبر سنه،
لذا استحقت الأم من البر ثلاثةَ
أنـواع كمـا في الحديث الآخر، وهو :
أن رجلا جاء إلى النبي _صلى الله
عليه وسلم_، فقال: «من أحق الناس وسلم بحسن
صحابتي؟» قال: «أمك» قال:
«ثم من؟» قال: «أمك»، قال:
«ثم من؟» قال: «أمك»، قال:
«ثم من؟» قال: «أبوك»،
وما ذلك إلا لما واجهته الأمُّ
من المشقات، ولما ألقى الله في قلبها مـن المحبـة والعناية بابنها سـواءٌ كان ذكرا
أو أنثى،
فيجب أن يستشعر المسلم هذه
الأسبابَ وهذه الأمورَ التي بذلتها الأم، وقاستها بسبب ابنها،
فإذا وفقه الله صار بارا بأمه
بالكلمة الطيبة وبالتعليم وبالخدمة، لاسيما عند الحاجة، فقد تكبر الأم فتعجز عن
قضاء حاجاتها،
فيرى الابن ذكرا وأنثى الجميل
الذي قدمته وصنعته في الوقت الذي لا يستطيع أن يميط عن نفسه الأذى، ولا يجلـب
لنفسه المصلحةَ، وهذا أمـر يعرفه العقلاء من الناس ويقدرونه،
ويليهـا في القرابة: الأب لما له
من المتاعب، ولما له من السبب الأعظم، فإنه صار سببا في وجود الابن ذكرا كان أو أنثى
مع الأم،
كلاهما سببٌ في وجوده وحياته كما
هـي فطرة الله _عز وجل_ الذي فطر الناس عليها، ___وهو الزواج بين ذكر وأنثى،
فتنشـأ الخليقة وتتكاثر ويكثر
سـوادها بسبب الزواج الذي حض عليـه النبي _صلى الله عليه وسلم_ بقوله: «تزوجوا
الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة».
سببه : الأب والأم،
قوله: ثـم الأقرب فالأقرب، أي
كذلك ينتقل البر إلى أقرب شخص كالبر بالأبناء، ثـم البر بالإخوة، ثم بالأعمام
والبر بالأخوال ذكورا وإناثا، وهكذا يمتد البر والصلة إلى كل مـن تمـت إليهـم
بصلة، ويتفقون معك في النسب من قبل الأب أو الأم وذلك بحسب القدرة والاستطاعة."
اهـ
61 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو الْخَطَّابِ
السَّعْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانَ قَالَ: "جَاءَنَا أَبُو
هُرَيْرَةَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ[2]، لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: "أُحَرِّجُ عَلَى كُلِّ
قَاطِعِ رَحِمٍ." لَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِنَا، فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ حَتَّى
قَالَ ثَلَاثًا، فَأَتَى فَتًى عَمَّةً لَهُ قَدْ صَرَمَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ،
فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَتِ: ارْجِعْ إِلَيْهِ
فَسَلْهُ: لِمَ قَالَ ذَاكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ
تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيَّةَ كُلِّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ
الْجُمُعَةِ، فَلَا يَقْبَلُ عَمَلَ قَاطِعِ رَحِمٍ[3]» [قال الشيخ الألباني : ضعيف] |
رواة الحديث:
* حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ (ثقة ثبت: ت 223 هـ بـ البصرة):
موسى بن
إسماعيل المنقرى ، مولاهم ، أبو سلمة التبوذكى البصرى، من صغار أتباع التابعين، روى له : خ م د
ت س ق
* قَالَ:
حَدَّثَنَا الْخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو الْخَطَّابِ السَّعْدِيُّ
(قال ابن معين : صالح):
الخزرج بن عثمان السعدى ، أبو
الخطاب البصري، من الذين عاصروا صغار التابعين،
روى
له : بخ،
وفي "العلل ومعرفة الرجال"
لأحمد - رواية المروذي وغيره – ت. صبحي السامرائي (ص: 58): (رقم: 85): "وَقَالَ
فِي الْخَزْرَج بن عُثْمَان السَّعْدِيّ، فَقَالَ: "هَذَا ثِقَة." اهـ
التذييل علي كتب الجرح والتعديل
(1/ 90)
قال ابن معين: "صالح"،
وقال الآجري عن أبي داود: "شيخ بصري"، وذكره ابن حِبَّان في
"الثقات"، وقال العجلي: "بصري تابعي ثقة"
قال ابن أبى حاتم (( الجرح
والتعديل ))(3/404) : (( ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال :
الخزرج بن عثمان السعدي صالح )) .
وفى "تهذيب الكمال" (8/241)
: "قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: صالح . وقال الآجري عن أبي داود :
شيخ بصري . وذكره ابن حبان في "كتاب الثقات" . روى له البخارى فى "الأدب."
اهـ
* قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (صدوق):
عبد الله بن أبى سليمان القرشى
الأموى مولاهم: أبو أيوب (مولى عثمان بن عفان)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى
له: بخ د
نص الحديث وشرحه:
قَالَ: "جَاءَنَا
أَبُو هُرَيْرَةَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ[4]،
لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: "أُحَرِّجُ عَلَى كُلِّ قَاطِعِ رَحِمٍ."
لَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِنَا،
فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ حَتَّى
قَالَ ثَلَاثًا، فَأَتَى فَتًى عَمَّةً لَهُ قَدْ صَرَمَهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ،
فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا جَاءَ بِكَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا،
قَالَتِ: ارْجِعْ إِلَيْهِ
فَسَلْهُ: لِمَ قَالَ ذَاكَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ
عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيَّةَ كُلِّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ
الْجُمُعَةِ، فَلَا يَقْبَلُ عَمَلَ قَاطِعِ رَحِمٍ[5]»
صحيح مسلم (4/ 1987) (رقم: 2565):
عن أَبَي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ مَرَّةً قَالَ: "تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي
كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى
يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا."
وفي "سنن النسائي" (4/
201) (رقم: 2358): عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
إِنَّكَ تَصُومُ حَتَّى لَا تَكَادَ تُفْطِرُ، وَتُفْطِرُ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ
تَصُومَ، إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ وَإِلَّا صُمْتَهُمَا،
قَالَ: «أَيُّ يَوْمَيْنِ؟» قُلْتُ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ،
قَالَ: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»
وحسنه الأرنؤوط في "تخريج مسند
أحمد" – ط. الرسالة (36/ 85) (رقم: 21753)، والألباني في صحيح الترغيب
والترهيب (1/ 605) (رقم: 1043)
سبل السلام (2/ 629)
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ:
الرَّحِمُ الَّتِي تُوصَلُ الرَّحِمُ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالْعَامَّةُ رَحِمُ الدِّينِ،
وَتَجِبُ صِلَتُهَا بِالتَّوَادُدِ وَالتَّنَاصُحِ وَالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ
وَالْقِيَامِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ. وَالرَّحِمُ
الْخَاصَّةُ تَزِيدُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ وَتَفَقُّدِ حَالِهِ
وَالتَّغَافُلِ عَنْ زَلَّتِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: الْمَعْنَى
الْجَامِعُ إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْخَيْرِ وَدَفْنُ مَا أَمْكَنَ مِنْ
الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا
الْكُفَّارُ وَالْفُسَّاقُ فَتَجِبُ الْمُقَاطَعَةُ لَهُمْ إذَا لَمْ تَنْفَعْ
الْمَوْعِظَةُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ
أَيْضًا : بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ الْقَطِيعَةُ لِلرَّحِمِ؟
* فَقَالَ الزَّيْنُ
الْعِرَاقِيُّ: تَكُونُ بِالْإِسَاءَةِ إلَى الرَّحِمِ.
* وَقَالَ غَيْرُهُ: تَكُونُ
بِتَرْكِ الْإِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ آمِرَةٌ بِالصِّلَةِ نَاهِيَةٌ عَنْ
الْقَطِيعَةِ، فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَالصِّلَةُ نَوْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ
كَمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالْقَطِيعَةُ ضِدُّهَا وَهِيَ تَرْكُ
الْإِحْسَانِ." اهـ
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في "الأدب
المفرد" (ص: 35) (رقم: 61)، وأحمد في مسنده – ط. عالم الكتب (2/ 484) (رقم: 10272)،
والطبري في "تهذيب الآثار" - الجزء المفقود (ص: 152) (رقم: 215)، والخرائطي
في "مساوئ الأخلاق" (ص: 132) (رقم: 268)، والبيهقي "شعب الإيمان"
(10/ 340_341) (رقم: 7593 و 7595)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (8/ 242) في
ترجمة الخزرج (رقم: 1684)
وحسنه الأرنؤوط في تخريج مسند
أحمد ط الرسالة (16/ 191) (رقم: 10272).
وهذا حديث قد ضعفه الشيخ رحمه
الله في "ضعيف الجامع" (رقم: 1395)،
وفي "الإرواء" تحت حديث (رقم: 949) ص (105)، وفي والأدب المفرد (رقم: 61)،
ثم حسنه لغيره في صحيح الترغيب (2/ 674) (رقم: 2538).
من فوائد الحديث:
فيض القدير (2/ 426)
وهذا وعيد شديد يفيد أن قطعها
كبيرة أي إن كان بما ذكر بخلاف قطعها بترك الإحسان أو نحوه فليس بكبيرة بل ولا
صغيرة كما قاله العلامة الولي العراقي ويحتمل كونه صغيرة في بعض الأحوال
البدر التمام شرح بلوغ المرام
(10/ 198):
وقد دل الحديث أن قطع الرحم من
الكبائر وأن ذلك من معاظم الذنوب، قال القاضي عياض : ولا خلاف أن قطع الرحم معصية
وأن صلتها واجبة []
فيض القدير (2/ 426):
"الحكم بعدم القبول يؤخر
إلى ليلة الجمعة في العشية المذكورة فإن رجع إلى الحق وتاب قبل العمل عشية الخميس
وإلا رُدَّ.
وفيه:
إشارة إلى أن الشخص ينبغي له تفقد نفسه في تلك العشية ليلقى ليلة الجمعة على وجه
حسن[6]
لطائف المعارف لابن رجب (ص: 96)
كان بعض التابعين يبكي إلى
امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ويقول: اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل
[1] قال ابن ماكولا (المتوفى: 475هـ)
في "الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب"
(7/ 178): "الميتمي وميتم بطن من الكلاع من حمي." اهـ
وقال
ابن الأثير الجزري _رحمه الله_ في "اللباب في تهذيب الأنساب" (3/ 279): "الميتمي
بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء تحتهَا نقطتان وَبعدهَا تَاء فَوْقهَا نقطتان
وَبعدهَا مِيم هَذِه النِّسْبَة إِلَى ميتم وَهُوَ بطن من قبائل شَتَّى مِنْهَا
ميتم ابْن سعيد بن عَوْف بن عدي بن مَالك بن زيد بن سهل من حمير." اهـ
[2] وفي فيض القدير (2/ 426) للمناوي:
"والعشية
ما بين العشاءين أو آخر النهار أو من الزوال إلى الصباح أو أول ظلام الليل أو غير
ذلك وهي مؤنثة وربما ذكرت على معنى العشي." اهـ
[3] قال الصنعاني _رحمه الله_ في "سبل السلام"
(2/ 628_629):
"وَاعْلَمْ
أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الرَّحِمِ الَّتِي تَجِبُ صِلَتُهَا
فَقِيلَ: هِيَ الرَّحِمُ الَّتِي يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَوْ
كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ عَلَى الْآخَرِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ
أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَلَا أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ. وَاحْتَجَّ هَذَا
الْقَائِلُ بِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا
فِي النِّكَاحِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّقَاطُعِ. وَقِيلَ هُوَ مَنْ
كَانَ مُتَّصِلًا بِمِيرَاثٍ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك " وَقِيلَ مَنْ كَانَ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَرَابَةٌ سَوَاءٌ كَانَ يَرِثُهُ أَوْ لَا.
ثُمَّ
صِلَةُ الرَّحِمِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا أَرْفَعُ
مِنْ بَعْضٍ وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ___وَلَوْ
بِالسَّلَامِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْقُدْرَةِ وَالْحَاجَةِ
فَمِنْهَا وَاجِبٌ وَمِنْهَا مُسْتَحَبٌّ فَلَوْ وَصَلَ بَعْضَ الصِّلَةِ وَلَمْ
يَصِلْ غَايَتَهَا لَمْ يُسَمَّ قَاطِعًا وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ
وَيَنْبَغِي لَهُ: لَمْ يُسَمَّ وَاصِلًا." اهـ
[4] وفي فيض القدير (2/ 426) للمناوي:
"والعشية
ما بين العشاءين أو آخر النهار أو من الزوال إلى الصباح أو أول ظلام الليل أو غير
ذلك وهي مؤنثة وربما ذكرت على معنى العشي." اهـ
[5] وقال العزيزي في السراج المنير شرح الجامع
الصغير في حديث البشير النذير (2/ 80):
"(فلا
يقبل عمل قاطع رحم) أي قريب بنحو إساءة أو هجر، فعمله لا ثواب فيه وإن كان صحيحاً."
اهـ
[6] وقال الساعاتي في "بلوغ الأماني من أسرار
الفتح الرباني" (19/ 218):
وفيه
اشارة الى أن الشخص ينبغي له تفقد نفسه في تلك العشية ليلقى ليلة الجمعة على وجه
حسن وفيه زجر شديد لقاطع الرحم
Komentar
Posting Komentar