شرح الحديث 42-43 من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 [2 - كتاب السّنَة]

1 - (الترغيب في اتباع الكتاب والسنة) 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 125)

42 - (6) [صحيح] وعن أبي أيوبَ الأنصاريِّ [عن عوف بن مالك] قال:

خرج علينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مرعوب، فقال:

"أطيعوني ما كنتُ بين أظهركم، وعليكم بكتابِ اللهِ، أحِلُّوا حلالَه، وحَرِّموا حرامَه".

رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته ثقات (1).

__________

(1) لم أره في "معجم الطبراني الكبير" في ترجمة "أبي أيوب الأنصاري" -واسمه خالد ابن زيد- وقد عزاه في "الجامع الكبير" إلى (طب، تمام) من روايتهما عن أبي أيوب الأنصاري عن عوف بن مالك، فلعله سقط (عوف) من قلم المؤلف، وقد خرجته عنه في "الصحيحة" (1472) من طريق تمَّام. ثم صدق ما رجوته، فرأيته في "المعجم الكبير" للطبراني (18/ 38)، فاستدركت السقط، وهو مما فات استدراكه على الثلاثة، وازداوا جهلاً، فقالوا: "صحيح قال الهيثمي. . رواه الطبراني ورجاله موثقون"! ولهم مثله كثير، جاهلين أو متجاهلين أن مجرد التوثيق لا يستلزم التصحيح كما كنا نبهنا عليه في مقدمة الطبعة الأولى!

 

ترجمة أبي أيوب الأنصاري _رضي الله عنه_

خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف: أبو أيوب الأنصاري الخزرجي، صحابى جليل،توفي سنة 50 هـ، روى له :  خ م د ت س ق

 

ترجمة عوف بن مالك _رضي الله عنه_

عوف بن مالك بن أبى عوف الأشجعى الغطفاني: أبو حماد، صحابى جليل (المتوفى سنة 73 هـ)، روى له :  خ م د ت س ق، قال الذهبي : حمل راية قومه يوم الفتح.

 

وقال المزى _رحمه الله_ :

ويقال : كانت معه راية أشجع يومئذ ثم نزل الشام و سكن دمشق ، و كانت داره بها عند سوق الغزل العتيق.

قال الواقدى : شهد خيبر مسلما ، و كانت راية أشجع معه يوم فتح مكة ، و تحول إلى الشام فى خلافة أبى بكر ، فنزل حمص و بقى إلى أول خلافة عبد الملك بن مروان ،

و مات سنة ثلاث و سبعين .

 

قال الحافظ في تهذيب التهذيب 8 / 168 :

و ذكر ابن سعد: أن النبى _صلى الله عليه وآله وسلم_ آخى بينه و بين أبى الدرداء . اهـ .

 

شرح الحديث:

 

الإيمان لابن تيمية (ص: 135)

ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: إن حق تلاوته: أن يحل حلاله ويحرم حرامه، وأن نقرأه كما أنزل الله، ولا نحرفه عن مواضعه

 

تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (1/ 397_398) (رقم: 388) - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ:

"{يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121]

هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آمَنُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَصَدَّقُوا بِهِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَعَمِلُوا بِمَا فِيهِ " ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أَنْ تُحِلَّ حَلَالَهُ، وَتُحَرِّمَ حَرَامَهُ، وَأَنْ تَقْرَأَ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَلَا تُحَرِّفَ عَنْ مَوَاضِعَهُ."[1]

 

تخريج الحديث:

 

المعجم الكبير للطبراني (18/ 38) (رقم : 65)، مسند الشاميين للطبراني (2/ 192) (رقم : 1170)، فوائد تمام (1/ 297) (رقم : 748)، وعبدالغني بن سعيد الأزدي في الرباعي في الحديث (ص: 21) (رقم : 3)

 

والحديث صحيح : صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (3/ 458) (رقم: 1472)، وفي صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 236) (رقم: 1034)

 

من فوائد الحديث:

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (12/ 52)

قال ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والأحاديث في هذا كثيرة، فمِن رحمة اللَّه تعالى بالعباد إرسال محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إليهم، ثم من تشريفه لهم خَتْمُ الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له،

وقد أخبر اللَّه تبارك وتعالى في كتابه، ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في السنة المتواترة عنه، أنه لا نبيّ بعده؛ ليعلموا أن كُلَّ مَن ادَّعَى هذا المقام بعده، فهو كذّاب أفّاك دجّال ضالّ مضلّ، ولو تَخَرَّق، وشَعْبَذ، وأَتَى بانواع السحر والطلاسم والنَّيرجيّات،

فكلها مُحَالٌ وضلالٌ عند أولي الألباب، كما أجرى اللَّه عزَّ وجلَّ على يد الأسود العنسيّ باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة، والأقوال الباردة، ما عَلِمَ كلُّ ذي لُبّ وفَهْمٍ وحِجًى أنهما كاذبان ضالان _لعنهما اللَّه_، وكذلك كلُّ مُدَّع لذلك إلى يوم القيامة، حتى يُخْتَمُوا بالمسيح الدجال،

فكلُّ واحد من هؤلاء الكذابين يَخْلُق اللَّه تعالى معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب من جاء بها،

وهذا من تمام لطف اللَّه تعالى بخلقه، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر، إلا على سبيل الاتفاق، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم،

كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222)} [الشعراء: 221، 222] الآية،

وهذا بخلاف حال الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فإنهم في غاية البرّ والصدق والرشد والاستقامة والعدل فيما يقولونه ويفعلونه، ويأمرون به، وينهون عنه، مع ما يُؤَيَّدون به من الخوارق للعادات، والأدلة الواضحات، والبراهين الباهرات، فصلوات اللَّه وسلامه عليهم دائمًا مستمرًّا، ما دامت الأرض والسموات. انتهى كلام ابن كثير باختصار ["تفسير ابن كثير" (3/ 494 – 495)]

 

فيض القدير (1/ 548) للمناوي:

"ومن خصائصه[2]: أن الله فرض طاعته على العالم فرضا مطلقا لا شرط فيه ولا استثناء {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 447) للصنعاني:

" (أحلوا حلاله) وهو بيان للأمر باتباعه (وحرموا حرامه) أضافهما إلى الكتاب لأنه عرف حكمهما فيه وتخصيص هذين الأمرين من الكتاب مع أنه مأمور بإتباع ما فيه من مواعظ وتدبر قصصه وأمثاله ونحو ذلك مما جمعه قول مجد الدين:

ألا إنما القرآن سبعة أحرف ... سيآتي في بيت شعر بلا خلل

حلال حرام محكم متشابه ... بشير نذير قصة عظة مثل

لأن الذي لا يعذر العبد عن معرفته حلاله وحرامه." اهـ

 

وقال محمد بن إبراهيم آل الشيخ _رحمه الله_ في تحكيم القوانين (ص 14):

"إن من الأصول المتقررة المتفق عليها بين أهل العلم أن من جحد أصلاً من أصول الدين، أو فرعاً مجمعاً عليه، أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قطعياً، فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة."

 

وقال محمد سلطان المعصومي _رحمه الله_ في "حبل الشرع المتين" (ص 108) باختصار:

" إن تحريم الحلال وتحليل الحرام القطعي كفر، وكذا الحكم في الحل والحرمة والمنع والجواز جزافاً بلا دليل، فمن حرم ما حلله الشرع أو عكسه فقد كفر، لقول الله تعالى في سورة النحل:- {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} [النحل، آية 116]

وأخرج الطبراني في الكبير والسيوطي في الصغير عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطيعوني ما كنتم بين أظهركم، وعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله، وحرموا حرامه." اهـ

 

 

 

 

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 126) :

43 - (7) [صحيح] رواه[3] [يعني حديث ابن مسعود الموقوف الذي في "الضعيف"[4]] مرفوعاً من حديث جابر، وإسناده (1) جيد.

__________

(1) الأصل: (المرفوع)، والمثبت أوضح، وسيأتي لفظ حديث جابر في "13 - فضائل القرآن/ 1 - الترغيب في قراءة القرآن".

 

تخريج حديث عبد الله بن مسعود _رضي الله عنه_:

 

أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" (1/ 77) (رقم: 121): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُعَلَّى الْكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:

(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ مَنِ اتَّبَعَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا زُخَّ[5] فِي قَفَاهُ إِلَى النَّارِ)

 

وقال البخاري في "التاريخ الكبير" – ط. دائرة المعارف (7/ 394) (رقم: 1714):

"مُعَلَّى الكندي عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، روى عنه الأعمش يعد فِي الكوفِيين، منقطع." اهـ

 

وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي _رحمه الله_ في "الشفاعة" (ص: 245):

"وإذا كان منقطعًا في روايته عن محمد بن عبد الرحمن الذي هو ليس بصحابي، فبالأولى عن عبد الله بن مسعود، ثم المعلى مجهول،

فقد ذكره___البخاري وابن أبى حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً." اهـ

 

تخريج حديث جابر :

 

أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 331) (رقم : 124)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 389) (رقم : 1855) : عَنْ جَابِرٍ _رضي الله عنه_، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ ومَاحِلٌ مُصَدَّقٌ[6]، فَمَنْ جَعَلَهُ إِمَامًا قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقهُ إِلَى النَّارِ".

 

حسنه الوادعي في "الشفاعة" (ص: 246) (رقم: 166)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5/ 31) (رقم: 2019)

 

ترجمة جابر بن عبد الله _رضي الله عنه_

 

وفي "الأعلام" للزركلي (2/ 104):

"جابِر بن عبد الله (16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م):

جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السلِمِي: صحابي، من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى عنه جماعة من الصحابة. له ولأبيه صحبة. غزا تسع عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم.

شرح الحديث:

وقال السمرقندي في تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين (ص: 420)

مَعْنَى قَوْلِهِ: «شَافِعٌ مُشَفَّعٌ»، يَعْنِي يَطْلُبُ الشَّفَاعَةَ لِصَاحِبِهِ، وَتُعْطَى لَهُ الشَّفَاعَةُ،

وَ«الْمَاحِلُ»: السَّاعِي، يَعْنِي: يَسْعَى لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَيُصَدَّقُ.

قَوْلُهُ: «فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ»، يَعْنِي: يَقْرَأُهُ، وَيَعْمَلُ بِهِ «قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ»، «مَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ»، يَعْنِي: جَفَاهُ فَلَمْ يَقْرَأْهُ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، سَاقَهُ إِلَى النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 107)

"(وَمَاحِلٌ) بالمهملة، أي: مخاصم. والمراد: أنه مخاصم لمن تركه وأعرض عنه." اهـ

 

ويؤيده ما أخرجه ابن الضُّرَيْسِ الرازي في "فضائل القرآن" (ص: 57)

93 - أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِنَّ الْقُرْآنَ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ فَمَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ مَحِلَ بِهِ الْقُرْآنُ زُخَّ فِي قَفَاهُ حَتَّى يَقْذِفَهُ فِي النَّارِ»

وفي "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (13/ 53_54):

"سئل الشيخ علي بن الشيخ محمد _رحمهما الله تعالى_ عن قوله: «القرآن ماحل مصدق» ما معناه؟

فأجاب: مسألتك التي سألت عنها الشيخ، وهي قوله: «القرآن ماحل مصدق»، بالحاء.

والماحل: نقال العلوم،___فالقرآن ماحِلٌ مصدَّقٌ، أي: ناقل مصدق، لأنه نقل إلينا أخبار من قبلنا." اهـ

 

من فوائده:

 

مصنف عبد الرزاق الصنعاني (3/ 365) : "بَابُ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَفَضْلِهِ." اهـ

 

سنن الدارمي (4/ 2083): "بَابُ: فَضْلِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ." اهـ

 

وقال أبو بكر البيهقي _رحمه الله في "شعب الإيمان: (3/ 354): "فصل في إدمان تلاوة القرآن." اهـ

 

وقال نور الدين الهيثمي _رحمه الله_ في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" (ص: 443):  "5- بَاب اتِّبَاع الْقُرْآن."

 

قال ابن الأثير _رحمه الله_ في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (4/ 303):

"مَنِ اتَّبَعه وعَمِل بِمَا فِيهِ فَإِنَّهُ شافِعٌ لَهُ مَقْبول الشَّفاعة، ومصدَّق عَلَيْهِ فِيمَا يُرْفَع مِن مَساوِيه إِذَا تَرك العَملَ بِهِ." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 28)

القرآن إما أن ينتفع به صاحبه، فيكون حجة له، وذلك إذا قام به حقّ القيام، وإما أن لا ينتفع به، فيكون حجة عليه، وذلك إذا لم يقم بحقه." اهـ

 

وقال نجم الدين الطوفي _رحمه الله_ في "التعيين في شرح الأربعين" (1/ 180):

"وإنما تقوم الحجة بالقرآن لمن اتبعه عملًا، وإن حَفِظَهُ تَذَكرَهُ وتَعَاهَدَهُ تلاوةً." اهـ

 

المعين على تفهم الأربعين ت دغش (ص: 285)

قال القرطبي - رَحِمه الله - في "المفهم" (1/ 477):

"ويحتمل أنَّ المراد: أنَّ القرآن هو الذي يُنْتَهى إليهِ عندَ التَّنازع في المباحث الشرعية والوقائِع الحُكميَّة، وبهِ تَسْتَدِلُّ على صِحَّةِ دَعْواك، وبهِ تَسْتَدِلُّ على خَصْمِكَ." اهـ

 

فيض القدير (4/ 535)

"لِأَنَّهُ القانون الَّذِي تستند إِلَيْهِ السّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس فَمن لم يَجعله أَمَامه فقد بنى على غير أساس، فانهار به في نار جهنم." اهـ

 

فيض القدير (4/ 535)

وقال [أبو بكر الأنباري (المتوفى: 328هـ)] في الزاهر[7]: معناه من شهد عليه القرآن بالتقصير والتضييع فهو في النار ويقال لا تجعل القرآن ماحلا أي شاهدا عليه." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 107):

"(ساقه إلى النار) لأنه الهادي إلى الخير، فمن أعرض عنه، وقع في العذاب." اهـ

 

وقال محمود بن خطاب السبكي _رحمه الله_ في "المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود" (8/ 18):

"ونسبة الشفاعة للسورة على حقيقتها كما يؤيده ما أخرجه محمَّد بن نصر. القرآن شافع مشفع. * ويحتمل: أن يكون المراد أن قراءتها سبب في نجاة قرائها وشفاعته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له." اهـ

 

عبد الرحمن بن خليل بن سلامة، زين الدين الأذرعي القابوني، ويعرف بابن الشيخ خليل (المتوفى: 869هـ) في "بشارة المحبوب بتكفير الذنوب" (ص: 99): "أعمال هينة أدخلت الجنة." اهـ

 

وقال الشيخ العثيمين _رحمه الله_ في "مجالس شهر رمضان" (ص: 87)

فيَا مَنْ كان القرآنُ خَصْمَه؛ كيفَ ترجو مِمَّنْ جعلْتَه خصْمَكَ الشفاعَةَ؟ ويْلٌ لمن شفعاؤه خُصماؤه يومَ تربحُ البضَاعة.

عبادَ الله: هذا كتابُ الله يُتْلى بَيْن أيْديكم ويُسْمَع. وهو القرآنُ الَّذي لو أُنزِلَ على جبلٍ لَرأيْتَه خاشِعاً يَتَصَدَّع، ومع هذا فلا أُذُنٌ تسمع، ولا عينٌ تدْمع، ولا قلبٌ يخشع، ولا امتثالٌ للقرآنِ فيُرجَى به أنْ يَشْفع، قلوبٌ خَلتْ من التَّقْوى فهي خَرَابٌ بَلْقَع، وتَرَاكمتْ عليها ظُلْمةُ الذنوب، فهي لا تُبْصِرُ ولا تَسْمع، كم تُتْلى علينا آيَاتُ القرآنِ وقُلوبُنا كالحجارةِ أو أشد قَسْوة." اهـ

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 172)

وكذلك القرآن إنما يشفع لمن منعه من النوم بالليل فأما من قرأ القرآن وقام به فقد قام بحقه فيشفع له....___

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 172)

قال ابن مسعود: ينبغي لقارىء القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ونهاره إذا الناس يفطرون وببكائه إذا الناس يضحكون وبورعه إذا الناس يخلطون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون وبحزنه إذا الناس يفرحون.

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 173)

قال أحمد أبي الحواري: إني لأقرا القرآن وأنظر في آيه فيحير عقلي بها وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله وأما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه وتلذذوا به واستحلوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا...

فأما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار، فإنه ينتصب القرآن خصما له، يطالبه بحقوقه التي ضيعها.

وخرج الإمام أحمد [(20165)] من حديث سمرة:

"أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه رجلا مستلقيا على قفاه ورجل قائم بيده فهر أو صخرة فيشدخ به رأسه فيتدهده الحجر فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع به مثل ذلك فسأل عنه؟ فقيل له: هذا رجل آتاه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار فهو يفعل به ذلك إلى يوم القيامة) وقد خرجه البخاري بغير هذا اللفظ." اهـ

 

وفي مسند أحمد - عالم الكتب (5/ 14) (رقم: 20165)

"وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتَ مُسْتَلْقِيًا ، فَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ بِالنَّهَارِ ، فَهُوَ يُفْعَلُ بِهِ مَا رَأَيْتَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ." اهـ

 

صحيح البخاري (9/ 45) (7047):

"قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ."

 

فتح الباري لابن حجر (12/ 444)

قَالَ بن هُبَيْرَةَ رَفْضُ الْقُرْآنِ بَعْدَ حِفْظِهِ جِنَايَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ رَأَى فِيهِ مَا يُوجِبُ رَفْضَهُ فَلَمَّا رَفَضَ أَشْرَفَ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْقُرْآنُ عُوقِبَ فِي أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ،

قَوْلُهُ (وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) هَذَا أَوْضَحُ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِلَفْظِ (عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ)،

فَإِنَّ ظَاهِرَهُ: أَنَّهُ يُعَذَّبُ عَلَى تَرْكِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ عَوْفٍ، فَإِنَّهُ عَلَى تَرْكِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْذِيبُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ تَرْكِ الْقِرَاءَةِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ." اهـ

 

المدخل لابن الحاج (4/ 302_303):

"وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَا يُعَذَّبُ الْمُكَلَّفُ عَلَى تَرْكِ الْمَنْدُوبِ لَكِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا فَهُوَ يُجْبَرُ بِهِ مَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فِي الْفَرَائِضِ.

وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِيهِ بِالنَّهَارِ.

 وَتَرْكُ___عَمَلِهِ بِهِ: فِيهِ خَلَلٌ فِي فَرَائِضِهِ، وَهُوَ لَمْ يَقُمْ بِهِ فِي اللَّيْلِ حَتَّى يُجْبَرَ بِهِ الْفَرْضُ، فَالْعَذَابُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى تَرْكِ الْفَرْضِ، لَا عَلَى تَرْكِ الْمَنْدُوبِ. فَعَلَى هَذَا: فَمَنْ تَرَكَ الْمَنْدُوبَ، خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ الْخَلَلُ فِي فَرَائِضِهِ، وَلَا يُوجَدُ مَنْدُوبٌ يَجْبُرُهُ." اهـ

 



[1] صحيح: فقد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 218) (رقم: 1161) من طريق آخر بإسناد حسن.

[2] يعني النبي _صلى الله عليه وسلم_.

[3] يعني البزار.

[4] ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 37) (رقم: 32)

[5] وقال ابن فارس القزويني _رحمه الله_ في "مجمل اللغة" (ص: 433): "زخ: الزخُّ: دفعك الإنسان، وفي الحديث: (من نبذ القرآن وراء ظهره، زخَّ في قفاهُ." اهـ

وقال _أيضا_ في مقاييس اللغة (3/ 7): "(زَخَّ) الزَّاءُ وَالْخَاءُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى الدَّفْعِ وَالْمُبَايَنَةِ. يُقَالُ: زَخَخْتُ الشَّيْءَ، إِذَا دَفَعْتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ نَبَذَ الْقُرْآنَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ زُخَّ فِي قَفَاهُ»." اهـ

[6] وقال العجلوني في كشف الخفاء – ت. هنداوي (2/ 111) : "وقوله (ومَاحِلٌ مصدق) أي: خصم عادل، أو ساع" اهـ.

وقال ابن الأثير الجزري _رحمه الله_ في  "النهاية في غريب الحديث" (4 / 303): "أي: خصم مجادل." اهـ

ماحِلٌ، أي: ساعٍ؛ يقال: مَحَلتُ بفلان: إذا سعيتَ به إلى ذي سُلطان. "لسان العرب" (11/618)

وقال الألباني في "صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" (2/ 194): "(ماحل): مجادل ومدافع. وسقطت كلمة: "شافع" من طبعتي "الإحسان"؛ فلتستدرك." اهـ

وقال ابن عرفة كما في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (10/ 221): "{الْمِحالِ}: الجدال، يقال: مَاحَلَ عَنْ أَمْرِهِ , أَيْ: جَادَلَ." اهـ

وقال الوادعي في الشفاعة (ص: 13): "(ماحِلٌ): يعني مدافع مجادل من المحال، وهو الكيد وقيل: المكر، وقيل: القوة والشدة. اهـ من "النهاية لابن الأثير." اهـ

وفي "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (13/ 53_54):

"سئل الشيخ علي بن الشيخ محمد _رحمهما الله تعالى_ عن قوله: "القرآن ماحل مصدق" ما معناه؟ .

فأجاب: مسألتك التي سألت عنها الشيخ، وهي قوله: "القرآن ماحل مصدق" بالحاء،

والماحل: نقال العلوم،___فالقرآن ماحِلٌ مصدَّقٌ، أي: ناقل مصدق، لأنه نقل إلينا أخبار من قبلنا." اهـ

[7] وقال أبو بكر الأنباري _رحمه الله_ في "الزاهر في معاني كلمات الناس" (1/ 10):

"وسمعت أبا العباس يقول: المِحال مأخوذ من قول العرب: (قد مَحَل فلان بفلان): إذا سعى به إلى السلطان، وعرَّضه لأمر يُوبِقُهُ ويُهلِكه فيه. ومن ذلك: قولهم في الدعاء: (اللهم لا تجعل القرآن بِنَا ماحلا)، أي: لا تجعله شاهداً بالتقصير والتضييع علينا.

ومن ذلك: قول النبي: (القرآنُ شافعٌ مُشَفَّعٌ، وماحلٌ مُصَدَّقٌ. فمَنْ شَفَعَ لَه القرآن يوم القيامة نجا، ومَنْ مَحَلَ به القرآن كبَّه الله على وجهه في النار)، فمعناه: ومن شهد عليه القرآن بالتضييع والتقصير." اهـ

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (14/ 5 و 7): "ثَعْلَبٌ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ : العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبَ (الفَصِيْحِ وَالتَّصَانِيْفِ)، وُلِدَ: سَنَةَ مائَتَيْ (200 هـ)___وَمَاتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة