الحديث الثالث والستون: ذمّ التشبّه بالنساء (من كتاب بهجة قلوب الأبرار)
الحديث
الثالث والستون: ذمّ التشبّه بالنساء. عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ[1]،
وَالْمُتَشَبِّهَاتِ من النساء بالرجال" رواه البخاري |
تخريج الحديث:
وأخرجه أحمد في مسنده - عالم الكتب (1/ 339) (رقم: 3151)
وأخرجه البخاري (5885) بلفظ : لعن رسول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وأخرجه كذلك الطيالسي (2679) ، وأبو داود (4097) ،
وابن ماجه (1904) ، والترمذي (2784) ، والبغوي في "الجعديات" (993) ،
والطبراني في المعجم الكبير (11/ 307) (رقم : 11823)، والبيهقي في
"الشعب" (7799)
بهجة
قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 130_131): "الأصل في جميع الأمور العادية: الإباحة، فلا يُحَرَّمُ مِنْهَا
إلا ما حرَّمه الله ورسوله: إما
لذاته كالمغصوب، وما خبث مكسبه في حق الرجال والنساء، وإما
لتخصيص الحل بأحد الصنفين، كما أباح الشارع لباس الذهب والفضة والحرير للنساء،
وحرمه على الرجال. وأما
تحريم الشارع تشبُّهَ الرجالِ بالنساء، والنساءِ بالرجال، فهو عام في اللباس، والكلام، وجميع
الأحوال. فالأمور
ثلاثة أقسام:___ *
قسم مشترك بين الرجال والنساء من أصناف اللباس وغيره، فهذا جائز للنوعين؛ لأن
الأصل الإباحة، ولا تشبه فيه. * وقسم مختص بالرجال، فلا يحل للنساء، *
وقسم مختص بالنساء، فلا يحل للرجال. ومن الحكمة في النهي عن التشبه: أن الله _تعالى_
جعل للرجال على النساء درجةً، وجعلهم قوامين على النساء، وميزهم بأمور قدرية،
وأمور شرعية، فقيام
هذا التمييز وثبوت فضيلة الرجال على النساء، مقصود شرعا وعقلا. فتشبه الرجال
بالنساء يهبط بهم عن هذه الدرجة الرفيعة. وتشبه النساء بالرجال يبطل التمييز. وأيضا،
فتشبه الرجال بالنساء بالكلام واللباس ونحو ذلك: من أسباب التخنثِ[2]، وسقوط الأخلاق، ورغبة المتشبه
بالنساء في الاختلاط بهن، الذي يخشى منه المحذور، وكذلك بالعكس. وهذه
المعاني الشرعيةُ، وحفظ مراتب الرجال ومراتب النساء، وتنزيل كل منهم منزلته التي
أنزله الله بها، مستحسن عقلا، كما أنه مستحسن شرعا. وإذا
أردت أن تعرف ضرر التشبه التام، وعدم اعتبار المنازل، فانظر في هذا العصر إلى
الاختلاط الساقط الذي ذهبت معه الغيرة الدينية، والمروءة الإنسانية، والأخلاق
الحميدة، وحل محله ضد ذلك من كل خلق رذيل. ويشبه
هذا - أو هو أشد منه - تشبه المسلمين بالكفار في أمورهم المختصة بهم، فإنه _صلى
الله عليه وسلم_ قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» [د][3]،
فإن
التشبه الظاهر يدعو إلى التشبه الباطن، والوسائل والذرائع إلى الشرور قصد الشارع
حسمها من كل وجه." اهـ |
شرح الحديث:
ذكر برهان الدين ابن
حَمْزَة الحُسَيْني الحنفي الدمشقيّ (المتوفى: 1120هـ) في البيان والتعريف في
أسباب ورود الحديث الشريف (2/ 161) (رقم : 1363) :
أن سبب ورود الحديث كما هو مذكور في "المعجم
الأوسط" (4/ 212) (رقم : 4003):
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ
قَالَ: نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الرَّصَاصِيُّ قَالَ: نا
مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً، مَرَّتْ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتَقَلِّدَةً قَوْسًا، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهَاتِ
مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ»
إلا أن الحديث ضعيف لنكارته، لقد ضعفه الألباني في ضعيف
الترغيب والترهيب (2/ 36) (رقم : 1256)، وقال مبينا نكارته وضعفه في الهامش:
"فإنه إنما رواه في "المعجم
الأوسط" في ترجمة علي بن سعيد الرازي (رقم 4160 - بترقيمي) بسنده عن عبد
الرحمن بن زياد الرصاصي: نا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس.
والطائفي فيه
ضعف، والرصاصي لم يوثقه غير ابن حبان؛ ومع ذلك
قال: "ربما أخطأ"،
فالحديث بذكر المرأة والقوس منكر مخالف لا
في "صحيح البخاري" وغيره، وهو هنا في "الصحيح" كما أشرت
أعلاه.[4]
مجموع الفتاوى (22/ 148):
"فَالْفَارِقُ بَيْنَ لِبَاسِ
الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَعُودُ إلَى مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ.
وَهُوَ مَا يُنَاسِبُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الرِّجَالُ وَمَا تُؤْمَرُ بِهِ
النِّسَاءُ. فَالنِّسَاءُ مَأْمُورَاتٌ____بِالِاسْتِتَارِ وَالِاحْتِجَابِ دُونَ
التَّبَرُّجِ وَالظُّهُورِ؛
وَلِهَذَا لَمْ يَشْرَعْ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ فِي
الْأَذَانِ وَلَا التَّلْبِيَةِ وَلَا الصُّعُودُ إلَى الصَّفَا والمروة وَلَا
التَّجَرُّدُ فِي الْإِحْرَامِ.
يَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ. فَإِنَّ الرَّجُلَ
مَأْمُورٌ أَنْ يَكْشِفَ رَأْسَهُ وَأَنْ لَا يَلْبَسَ الثِّيَابَ الْمُعْتَادَةَ
وَهِيَ الَّتِي تُصْنَعُ عَلَى قَدْرِ أَعْضَائِهِ، فَلَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ
وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْخُفَّ،
لَكِنَّ لَمَّا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى مَا يَسْتُرُ
الْعَوْرَةَ وَيَمْشِي فِيهِ رَخَّصَ لَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إذَا لَمْ يَجِدْ
إزَارًا أَنْ يَلْبَسَ سَرَاوِيلَ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ أَنْ يَلْبَسَ
خُفَّيْنِ.
وَجَعَلَ ذَلِكَ بَدَلًا لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ
بِخِلَافِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَاجَةً خَاصَّةً لِمَرَضِ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّ
عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ إذَا لَبِسَهُ وَلِهَذَا طَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا
الْقِيَاسَ وَخَالَفَهُ الْأَكْثَرُونَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَلِأَجْلِ
الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا لَمْ تُنْهَ عَنْ
شَيْءٍ مِنْ اللِّبَاسِ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ
بِالِاسْتِتَارِ وَالِاحْتِجَابِ فَلَا يَشْرَعُ لَهَا ضِدُّ ذَلِكَ لَكِنْ
مُنِعَتْ أَنْ تَنْتَقِبَ وَأَنْ تَلْبَسَ الْقُفَّازَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ
لِبَاسٌ مَصْنُوعٌ عَلَى قَدْرِ الْعُضْوِ وَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَيْهِ." اهـ
فتح الباري لابن حجر (10/ 332)
قَالَ الطَّبَرِيُّ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ
لِلرِّجَالِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ فِي اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ الَّتِي
تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ وَلَا الْعَكْسُ قُلْتُ وَكَذَا فِي الْكَلَامِ
وَالْمَشْيِ فَأَمَّا هَيْئَةُ اللِّبَاسِ فَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ
كُلِّ بَلَدٍ فَرُبَّ قَوْمٍ لَا يَفْتَرِقُ زِيُّ نِسَائِهِمْ مِنْ رِجَالِهِمْ
فِي اللُّبْسِ لَكِنْ يَمْتَازُ النِّسَاءُ بِالِاحْتِجَابِ وَالِاسْتِتَارِ
وَأَمَّا ذَمُّ التَّشَبُّهِ بِالْكَلَامِ وَالْمَشْيِ فَمُخْتَصٌّ بِمَنْ
تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ فَإِنَّمَا
يُؤْمَرُ بِتَكَلُّفِ تَرْكِهِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّدْرِيجِ فَإِنْ
لَمْ يَفْعَلْ وَتَمَادَى دَخَلَهُ الذَّمُّ وَلَا سِيَّمَا إِنْ بَدَا مِنْهُ مَا
يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ وَأَخْذُ هَذَا وَاضِحٌ مِنْ لَفْظِ
الْمُتَشَبِّهِينَ وَأَمَّا إِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ كَالنَّوَوِيِّ وَأَنَّ
الْمُخَنَّثَ الْخِلْقِيَّ لَا يَتَّجِهُ عَلَيْهِ اللَّوْمُ فَمَحْمُولٌ عَلَى
مَا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَرْكِ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرِ فِي الْمَشْيِ
وَالْكَلَامِ بَعْدَ تَعَاطِيهِ الْمُعَالَجَةَ لِتَرْكِ ذَلِكَ وَإِلَّا مَتَى
كَانَ تَرْكُ ذَلِكَ مُمْكِنًا وَلَوْ بِالتَّدْرِيجِ فَتَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ
لَحِقَهُ اللَّوْمُ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ الطَّبَرِيُّ بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْنَعِ الْمُخَنَّثَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ
حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ التَّدْقِيقَ فِي وَصْفِ الْمَرْأَةِ كَمَا فِي____ثَالِثِ
أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَمَنَعَهُ حِينَئِذٍ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا
ذَمَّ عَلَى مَا كَانَ من أصل الْخلقَة وَقَالَ بن التِّينِ الْمُرَادُ
بِاللَّعْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ تَشَبَّهَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ
فِي الزِّيِّ وَمَنْ تَشَبَّهَ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ كَذَلِكَ فَأَمَّا
مَنِ انْتَهَى فِي التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى أَنْ يُؤْتَى
فِي دُبُرِهِ وَبِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى أَنْ تَتَعَاطَى السُّحْقَ
بِغَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ فَإِنَّ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنَ الذَّمِّ
وَالْعُقُوبَةِ أَشَدُّ مِمَّنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى ذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَ
بِإِخْرَاجِ مَنْ تَعَاطَى ذَلِكَ مِنَ الْبُيُوتِ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي
يَلِيهِ لِئَلَّا يُفْضِيَ الْأَمْرُ بِالتَّشَبُّهِ إِلَى تَعَاطِي ذَلِكَ
الْأَمْرِ الْمُنْكَرِ." اهـ
فتح الباري لابن حجر (2/ 188) (رقم : 695): وَقَالَ
الزُّبَيْدِيُّ، قَالَ: الزُّهْرِيُّ: «لاَ نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ
المُخَنَّثِ، إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، لاَ بُدَّ مِنْهَا»
من فوائد الحديث:
حجة الله البالغة (2/ 296_297) لأحمد بن عبد الرحيم الدِهْلَوِيّ (ت: 1176 هـ):
"الأَصْل فِي ذَلِك ان الله خلق كل نوع
وصنف متقيضيا لظُهُور أَحْكَام فِي الْبدن، كالرجال تلتحي، وكالنساء يُصْغِيْنَ
إِلَى نَوْعٍ من الطَّرْبِ وَالْخِفَّةِ،
فاقتضاؤها للْأَحْكَام لِمَعْنى فِي المبدأ هُوَ
بِعَيْنِه كَرَاهِيَة أضدادها، وَلذَلِك كَانَ المرضي بَقَاء كل نوع___وصنف على
مَا تَقْتَضِيه فطرته وَكَانَ تَغْيِير الْخلق سَببا للعن." اهـ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 2819)
قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخَنَّثُ ضَرْبَانِ[5]:
* أَحَدُهُمَا: مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ وَلَمْ
يَتَكَلَّفِ التَّخَلُّقَ بِأَخْلَاقِ النِّسَاءِ وَزِيِّهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ
وَحَرَكَاتِهِنَّ، وَهَذَا لَا ذَمَّ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ وَلَا عَيْبَ وَلَا
عُقُوبَةَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ،
* وَالثَّانِي مِنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ
النِّسَاءِ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَسَكَنَاتِهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ وَزِيِّهِنَّ،
فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُهُ." اهـ
شرح سنن أبي داود للعباد (8/ 9، بترقيم الشاملة
آليا)
ومن المعلوم أن اللعن بالوصف سائغ وجائز، وقد جاءت
الأحاديث الكثيرة في اللعن بالأوصاف لا بالأعيان، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لعن
الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)، وقوله: (لعن
الله النامصة والمتنمصة)، ونحو ذلك من اللعن بالوصف لا بالعين.
وأما لعن المعين فإن ذلك لا يجوز، إلا إذا علم وأنه
كان كافراً ومات على الكفر، فإذا كان كافراً وعرف موته على الكفر فإنه يلعن، أما
إذا لم يكن كذلك فإنه لا يلعن؛ لأن المعين قد يتوب وقد يمن الله عز وجل عليه
بالهداية ويرجع من الكفر إلى الإسلام.
فلعن المعين هو الذي جاء المنع منه، وأما اللعن
بالوصف فإن ذلك سائغ؛ لأنه لا تعيين فيه." اهـ
شرح رياض الصالحين (6/ 203)
يجوز أن تلعن أصحاب المعاصي على سبيل العموم إذا
كان ذلك لا يخص شخصا بعينة ثم استدل رحمه الله بآيات وأحاديث منها قول الله تعالى
ألا لعنة الله على الظالمين وقوله {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين}
وعلى هذا فيجوز أن تقول: اللهم العن الظالمين على سبيل العموم." اهـ
فيض القدير (5/ 271):
"قال ابن جرير : «فيحرم على الرجل لبس
المقانع والخلاخل والقلائد ونحوها والتخنث في الكلام والتأنث فيه وما أشبهه»،
قال: «ويحرم على الرجل لبسُ النعال الرقاق (التي
يقال لها "الحذو")، والمشيُ بِهَا في المحافل والأسواق» اهـ.
وما ذكره في النعال الرقيقة، لعله كان عُرْفُ زَمَنِهِ
من اختصاصها بالنساء، أما اليَوْمَ، فالعرف _كما ترى_ أنه لا اختصاص،
وقال ابن أبي جمرة: «ظاهر اللفظ: الزجر عن التشبه
في كل شيء، لكن عُرِفَ من أدلةٍ أُخْرى أن المراد: التشبهُ في الزي وبعض الصفات
والحركات ونحوها، لا التشبُّهُ في الخير، وحكمة لعن من تشبه: إخراجه الشيء عن صفته
التي وضعها عليه أحكم الحكماء." اهـ
فتح الباري لابن حجر (10/ 333)
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ مَا مُلَخَّصُهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ الزَّجْرُ عَنِ
التَّشَبُّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَكِنْ عُرِفَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْأُخْرَى أَنَّ
الْمُرَادَ التَّشَبُّهُ فِي الزِّيِّ وَبَعْضِ الصِّفَاتِ وَالْحَرَكَاتِ
وَنَحْوِهَا لَا التَّشَبُّهُ فِي أُمُورِ الْخَيْرِ."
وَقَالَ أَيْضًا: "اللَّعْنُ الصَّادِرُ مِنَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُرَادُ بِهِ الزَّجْرُ عَنِ
الشَّيْءِ الَّذِي وَقَعَ اللَّعْنُ بِسَبَبِهِ وَهُوَ مَخُوفٌ فَإِنَّ اللَّعْنَ
مِنْ عَلَامَاتِ الْكَبَائِرِ،
وَالْآخَرُ: يَقَعُ فِي حَالِ الْحَرَجِ، وَذَلِكَ
غَيْرُ مَخُوفٍ بَلْ هُوَ رَحْمَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَعَنَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا
يَكُونَ الَّذِي لَعَنَهُ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ كَمَا ثَبت من حَدِيث بن عَبَّاسٍ
عِنْدَ مُسْلِمٍ."
قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي لَعْنِ مَنْ تَشَبَّهَ
إِخْرَاجُهُ الشَّيْءَ عَنِ الصِّفَةِ الَّتِي وَضَعَهَا عَلَيْهِ أَحْكَمُ
الْحُكَمَاءِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي لَعْنِ الْوَاصِلَاتِ بِقَوْلِهِ: «الْمُغَيِّرَاتِ
خَلْقَ اللَّه»." اهـ
نيل الأوطار (6/ 230):
"قَوْلُهُ: (لَعَنَ اللَّهُ
الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ. . . إلَخْ)،
فِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى
الرِّجَالِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ، وَعَلَى النِّسَاءِ التَّشَبُّهُ
بِالرِّجَالِ فِي الْكَلَامِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَشْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُتَرَجِّلَاتُ
مِنْ النِّسَاءِ: الْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ
عَلَى الْمُخَنَّثِينَ ضَبْطًا وَتَفْسِيرًا وَذُكِرَ مَنْ أَخْرَجَهُ النَّبِيُّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد
مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ
بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى
النَّقِيعِ - بِالنُّونِ - فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَقْتُلُهُ،
فَقَالَ: إنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْتُلَ الْمُصَلِّينَ»[6].
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
أَخْرَجَ مُخَنَّثًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ وَاحِدًا.[7]
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ
بْنِ الْأَسْقَعِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْرَجَ الْخُنَيْثَ» .
الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 256)
الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ
تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِيمَا يَخْتَصِصْنَ بِهِ عُرْفًا
فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد
اللطيف آل الشيخ (2/ 163)
إِن في بعض ما وقعن فيه شيئًا من تشبه النساء
بالرجال وهذا من كبائر الذنوب
مجموع الفتاوى (22/ 154_155) تعليقا على حديثنا:
"فَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِاسْمِ التَّشَبُّهِ.
وَيَكُونُ كُلُّ صِنْفٍ يَتَّصِفُ بِصِفَةِ الْآخَرِ. وَقَدْ بَسَطْنَا هَذِهِ
الْقَاعِدَةَ فِي (اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ لِمُخَالَفَةِ أَصْحَابِ
الْجَحِيمِ)،
وَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْأُمُورِ
الظَّاهِرَةِ تُورِثُ تَنَاسُبًا وَتَشَابُهًا فِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ،
وَلِهَذَا نُهِينَا عَنْ مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ وَمُشَابَهَةِ الْأَعَاجِمِ
وَمُشَابَهَةِ الْأَعْرَابِ،
وَنَهَى كُلًّا مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَنْ
مُشَابَهَةِ الصِّنْفِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: " {مَنْ
تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ} ". " {وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ
تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا} "
وَالرَّجُلُ الْمُتَشَبِّهُ
بِالنِّسَاءِ يَكْتَسِبُ مِنْ
أَخْلَاقِهِنَّ بِحَسَبِ تَشَبُّهِهِ حَتَّى يُفْضِيَ الْأَمْرُ بِهِ إلَى التَّخَنُّثِ الْمَحْضِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ
كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ.
وَلَمَّا كَانَ الْغِنَاءُ مُقَدِّمَةَ ذَلِكَ
وَكَانَ مِنْ عَمَلِ النِّسَاءِ: كَانُوا يُسَمُّونَ الرِّجَالَ الْمُغَنِّينَ
مَخَانِيثَ.
وَالْمَرْأَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ
بِالرِّجَالِ تَكْتَسِبُ مِنْ
أَخْلَاقِهِمْ حَتَّى يَصِيرَ فِيهَا مِنْ التَّبَرُّجِ وَالْبُرُوزِ
وَمُشَارَكَةِ الرِّجَالِ: مَا قَدْ يُفْضِي بِبَعْضِهِنَّ إلَى :
* أَنْ تُظْهِرَ بَدَنَهَا كَمَا يُظْهِرُهُ
الرَّجُلُ
* وَتَطْلُبُ أَنْ تَعْلُوَ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا
تَعْلُو الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ
* وَتَفْعَلَ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا يُنَافِي
الْحَيَاءَ وَالْخَفْرَ الْمَشْرُوعَ لِلنِّسَاءِ، وَهَذَا الْقَدْرُ قَدْ
يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْمُشَابَهَةِ.
وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ
يَكُونَ بَيْنَ لِبَاسِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَرْقٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ
الرِّجَالُ عَنْ النِّسَاءِ. وَأَنْ يَكُونَ لِبَاسُ النِّسَاءِ فِيهِ مِنْ___الِاسْتِتَارِ
وَالِاحْتِجَابِ مَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَ ذَلِكَ: ظَهَرَ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ،
وَتَبَيَّنَ أَنَّ اللِّبَاسَ إذَا كَانَ غَالِبُهُ لُبْسَ الرِّجَالِ نُهِيَتْ
عَنْهُ الْمَرْأَةُ وَإِنْ كَانَ سَاتِرًا كالفراجي الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ بَعْضِ
الْبِلَادِ أَنْ يَلْبَسَهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ،
وَالنَّهْيُ عَنْ مَثَلِ هَذَا بِتَغَيُّرِ
الْعَادَاتِ وَأَمَّا مَا كَانَ الْفَرْقُ عَائِدًا إلَى نَفْسِ السِّتْرِ فَهَذَا
يُؤْمَرُ بِهِ النِّسَاءُ بِمَا كَانَ أَسْتَرُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْفَرْقَ
يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ.
فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي اللِّبَاسِ قِلَّةُ
السَّتْرِ وَالْمُشَابَهَةُ، نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ." اهـ
[1] وفي التيسير بشرح الجامع
الصغير (2/ 293) للمناوي:
"(لعن
الله المتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ) فِيمَا يخْتَص بهم من نَحْو لِبَاس
وزينة وَكَلَام." اهـ
[2] وفي فتح الباري لابن حجر
(1/ 114): "قَوْله (خلف المخنث)، أَي: المتكسر المتعطف المتخلق بِخلق
النِّسَاء." اهـ
[3] أخرجه أبو داود في سننه
(4/ 44) (رقم : 4031)، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار
السبيل (5/ 109) (رقم: 1269)
[4] قد رواية أخرى عند أحمد في
مسنده - عالم الكتب (2/ 199) (رقم: 6875): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَوْشَبٍ - رَجُلٌ صَالِحٌ - أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ
دِينَارٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ ،
قَالَ :
«رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
وَمَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ ، وَمَسْجِدُهُ فِي الْحَرَمِ ، قَالَ : فَبَيْنَا
أَنَا عِنْدَهُ رَأَى أُمَّ سَعِيدٍ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ مُتَقَلِّدَةً قَوْسًا ،
وَهِيَ تَمْشِي مِشْيَةَ الرَّجُلِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ
الْهُذَلِيُّ : فَقُلْتُ : هَذِهِ أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ أَبِي جَهْلٍ ، فَقَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ
مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَلاَ مَنْ تَشَبَّهَ
بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ»
وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب"
(2/ 36) (رقم : 1257) لإبهام الرجل من هذيل!
[5] وفي غذاء الألباب في شرح
منظومة الآداب (2/ 170):
"قَالَ
الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: "الْمُخَنَّثُ (بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا):
مَنْ فِيهِ انْخِنَاثٌ، وَهُوَ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي كَمَا يَفْعَلُهُ
النِّسَاءُ لَا الَّذِي يَأْتِي الْفَاحِشَةَ الْكُبْرَى." اهـ
[6] ففي
"سنن أبي داود" (4/ 282) (رقم : 4928):
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ مُفَضَّلِ
بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي
هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ هَذَا؟» فَقِيلَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى
النَّقِيعِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ
عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: «وَالنَّقِيعُ نَاحِيَةٌ عَنِ
الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِالْبَقِيعِ»
وفي معجم البلدان (5/ 301):
"وفي
كتاب نصر: النقيع موضع قرب المدينة كان لرسول
الله، صلّى الله عليه وسلّم، حماه لخيله وله هناك مسجد يقال له مقمّل وهو من ديار
مزينة، وبين النقيع والمدينة عشرون فرسخا." اهـ
[7] ففي السنن الكبرى للبيهقي
(8/ 391) (رقم: 16985) بسناده :
عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "«أَخْرِجُوا الْمُخَنَّثِينَ مِنْ بُيُوتِكُمْ»،
فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثًا، وَأَخْرَجَ
عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُخَنَّثًا." أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 159)
(رقم: 5886)
وفي السنن الكبرى للبيهقي (8/ 391) (رقم: 16986)
بإسناده : عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: "«أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُخَنَّثِينَ فَأُخْرِجَ عَنِ الْمَدِينَةِ»،
وَأَمَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأُخْرِجَ أَيْضًا."
Komentar
Posting Komentar