شرح الحديث 36_38 من كتاب الأدب المفرد

  

الأدب المفرد مخرجا (ص: 28)

36 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: تُرْفَعُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ دَرَجَتُهُ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: وَلَدُكَ اسْتَغْفَرَ لَكَ "

[قال الشيخ الألباني : حسن]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ (ثقة حافظ: ت 227 هـ بـ الكوفة):

أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمى اليربوعى ، أبو عبد الله الكوفي، روى له :  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ (ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه و كتابه صحيح : ت 194 هـ):

أبو بكر بن عَيَّاش بن سالم الأسدى الكوفى المقرئ الحنَّاط ، (اسمه كنيته على الأصح)، مولى واصل بن حيان الأحدب الأسدى، من كبار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

عَنْ عَاصِمٍ (صدوق له أوهام ، حجة فى القراءة : ت 128 هـ):

عاصم بن بهدلة (وهو ابن أبى النجود)، الأسدى مولاهم ، الكوفى ، أبو بكر المقرئ، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

عَنْ أَبِي صَالِحٍ (ثقة ثبت : ت 101 هـ):

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدنى ، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانى ( والد سهيل بن أبى صالح )، من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ت 57 هـ):

أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

قَالَ: تُرْفَعُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ مَوْتِهِ دَرَجَتُهُ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: وَلَدُكَ اسْتَغْفَرَ لَكَ "

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري موقوفًا على أبي هريرة _رضي الله عنه_ في "الأدب المفرد" (ص: 28) (رقم : 36)، وهو من أفراد البخاري فيه. وإن كان موقوفا عليه،

إلا أنه ورد مرفوعا عند ابن ماجه في "سننه" (2/ 1207) (رقم: 3660) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ[1]، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟[2] فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ[3]»

 

أخرجه ابن ماجه في "سننه" (2/ 1207) (رقم : 3660)، مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 509) (رقم : 10610)، مصنف ابن أبي شيبة (3/ 58 و 6/ 93) (رقم : 12081 و 29740)[4]، صفة الجنة لابن أبي الدنيا ت سليم (ص: 143) (رقم: 181)، المعجم الأوسط (5/ 210) (رقم : 5108)، وفي الدعاء للطبراني (ص: 375) (رقم : 1249)، أبو العباس الأصم النيسابوري كم في مجموع فيه مصنفات أبي العباس الأصم وإسماعيل الصفار (ص: 240) (رقم : 499) أمالي ابن سمعون الواعظ (ص: 102) (رقم : 28)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (6/ 1226) (رقم : 2171)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 255)، فوائد ابن الصلت (ص: 55) (رقم : 16)، مشيخة الآبَنُوْسِي[5] (2/ 52) (رقم : 157)، هدية الأحياء إلى الأموات وما يصل إليهم للهّكَّاري[6] (ص: 180) (رقم : 12)، الحجة في بيان المحجة (2/ 334) (رقم : 293)، السنن الكبرى للبيهقي (7/ 126) (رقم : 13459)، وفي معرفة السنن والآثار (10/ 20) (رقم : 13462)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (23/ 142) (رقم: 117)، الاستذكار (2/ 538) (رقم : 476)، أبو القاسم الرافعي القزويني في التدوين في أخبار قزوين (3/ 396)

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 334) (رقم: 1617)، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 129) (رقم : 1598)

 

من فوائد الحديث:

 

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (6/ 1224)

سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالتَّرَحُّمِ، وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيُخَفِّفُ عَنْهُ

 

صفة الجنة لابن أبي الدنيا ت العساسلة (ص: 147)

بَابُ دَرَجَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1855):

"* دل الحديث علي أن الاستغفار يحط من الذنوب أعظمها،

* وهذا يدل علي أنه يرفع درجة غير المستغفر إلي ما لم يبلغها بعمله فما ظنك بالعامل المستغفر؟

* ولو لم يكن في النكاح فضيلة___غير هذا، لكفي به فضلا." اهـ

 

فيض القدير (2/ 339) للمناوي:

"دل به على أن الاستغفار يحط الذنوب ويرفع الدرجات وعلى أنه يرفع درجة أصل المستغفر إلى ما لم يبلغها بعمله فما بالك بالعامل المستغفر ولو لم يكن في النكاح فضل إلا هذا لكفى." اهـ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 61) لأبي الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري (المتوفى: 1414هـ):

"وهذا أحد منافع النكاح وأعظمها وأحد الأشياء التي تلحق المؤمن من حسناته وعمله بعد موته كما جاء في الحديث." اهـ[7]

 

التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 285) للمناوي:

"دلّ بِهِ على أَن الاسْتِغْفَار يمحو الذُّنُوب وَيرْفَع الدَّرَجَات،

وَأَن اسْتِغْفَار الْفَرْع لأصله بعد مَوته، كاستغفاره هُوَ لنَفسِهِ، فَإِن ولد الرجل من كَسبه، فعمله كَأَنَّهُ عمله." اهـ[8]

 

فقه الأدعية والأذكار (2/ 242) للشيخ عبد الرزاق البدر:

"ودعاء الولدِ لوالديه ينفعهما بعد موتهما حيث ينقطع عملُهما في___هذه الحياة...

وإذا كان الدعاءُ للوالدين بالرحمة والمغفرَة بِرًّا وإحساناً وحقًّا ينبغي على الابن أن يعتني به، فإنَّ مِن أعظمِ الإثمِ ومِن كبائرِ الذنوب أن يَسُبَّ ـ والعياذ بالله ـ الولدُ والديه، سواء ابتداء ـ وهو أشدُّ ـ أو تسبُّباً." اهـ

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 389) لأبي الحسن نور الدين السندي:

"يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلْوَالِدَيْنِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (3/ 461): للأمير الصنعاني:

"ففي ذلك فضيلة دعاء الولد لوالده." اهـ

 

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومعه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (9/ 205) لأحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي :

"فيه أن دعاء الولد لوالديه ينفعهما بعد موتهما، فمن لم يدرك والديه وأراد برّهما أو أدركهما وقصَّر فى برهما فليكثر من الدعاء لهما بعد موتهما، فهو من أعظم أنواع البر بالوالدين، ويكون للولد أجر عظيم فى ذلك." اهـ[9]

 

قال محمد لقمان السلفي _حفظه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص 37):

"فقه الحديث: 1 ـ فضل استغفار الولد في حق والديه . ٢ ـ الاستغفار سبب لرفع الدرجات . ۳ ـ استجابة دعاء الولد الصالح لأبويه." اهـ

 

قال الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي في "عون الأحد الصمد (١/ ٦٢_63)

"في هذا الحديث الصحيح بيان أن الميت من المسلمين ينفعه الله بدعاء أبنائه له بعد موته، إذ هـو مـن الصدقات الجارية التي لا تنقطع،

لحديث: «إذا مـات ابن آدم انقطـع عمله إلا مـن ثلاث: مـن صدقة جارية» [م] على اختلاف وجـوه البر التي تنفق فيهـا الصدقات، كالفقراء والمساكين والأوقاف على طلبة العلـم وكل ما ينفع الناس من المال والمتاع،

«أو علم ينتفع به» أي: خـلـف الميـت علما ينتفع به الناس بعـد مماته، فأجره جـار عليه إلى يوم القيامة؛ لأنه ينتفع بـه في أمـر الـديـن، وليس هذا قاصرا على المؤلفات، ولكـن من تعلم وعلَّم الناس في حلقات العلم، وبَذَلَ النصائح والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر، وإرشاداتِ الناس،

فعمل به الناس من بعـده وبلغوه غيرهم، وهكذا العلم ينقل، الثقة عـن الثقة، يتناقله الناس فيكون الأجر للمعلم الأول بالدرجة الأولى بعـد مماته وفي أيام حياته،

ثم كل من بذل جهده في التعلمِ ونشْرِ العلم، نـال أجـر العلم النافع الذي يخلِّفه الإنسان،

فالمقصـود: أنه لا يتبادر إلى الذهـن أن العلم النافع هو ما كان من جملة المؤلفات فقط، بل هـي بالدرجة الأولى؛ لأنها تحفظ وتنتشر في الآفاق، ولـكـن يـلـحـق بذلك التعليمُ، تعليمُ الناس، ونصْحُهم وإرشادُهم، وينقله اللاحق عن السابق ويتوارثونـه منقـولا عن الأول،

فهـو علم نافع أيضا يؤجر عليه من بذلـه أولًا ويؤجر عليه من نقلـه ومـن عمل به،

والثالثة: «أو ولد صالح يدعو له»، لأن الـذي يبذل الدعـوة للأبوين هو الصالح سواء رجلًا أو امرأة، يبذل الدعاء فيؤجر عليه ويكون بارا بوالديه بعد موتها،

ويلحق بذلك صلةُ القريب بالوالدين، والإحسان إليه امتدادا للمعروف الذي كان بينه وبين الوالدين،____سـواءٌ بالقرابـة أو بالصحبة،

فيحسن إلى أقارب الوالدين من أعمامه وأخواله وأقاربهم، هذا يعتبر أيضا من البر للوالدين." اهـ

 

 

====================

 

 

37 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ غَالِبٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ:

"كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْلَةً، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأُمِّي، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمَا»،

قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: "فَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُ لَهُمَا حَتَّى نَدْخُلَ فِي دَعْوَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ."

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مُوسَى (ثقة ثبت: ت 223 هـ بـ البصرة):

موسى بن إسماعيل المنقرى مولاهم، أبو سلمة التبوذكي البصري ( مشهور بكنيته و باسمه )، من صغار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ (ثقة صاحب سنة ، فى روايته عن قتادة ضعف: ت 164 هـ):

سلام بن أبى مطيع : سعد، أبو سعيد الخزاعى مولاهم البصري ، مولى عمر بن أبى وهب، من كبار أتباع التابعين، روى له :  خ م ل ت س ق

 

عَنْ غَالِبٍ (صدوق):

غالب بن خَطَّافٍ، وهو ابن أبى غيلان القطان ، أبو سليمان البصري، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق.

 

قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ (ثقة ثبت كبير القدر ، كان لا يرى الرواية بالمعنى : ت 110 هـ):

محمد بن سيرين الأنصاري ، أبو بكر بن أبى عمرة البصري ، مولى أنس بن مالك (أخو أنس ومعبد وحفصة وكريمة)، من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

أبو هريرة الدوسى اليمانى(ت : 57 هـ)، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْلَةً، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأُمِّي، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمَا."

قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: "فَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُ لَهُمَا حَتَّى نَدْخُلَ فِي دَعْوَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ."

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 28) (رقم : 37)

والحديث صحيح : صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص: 45) (رقم: 28)

 

من فوائد الحديث:

 

فقه الأدعية والأذكار (2/ 242) لعبد الرزاق البدر:

"ودعاء الولدِ لوالديه ينفعهما بعد موتهما حيث ينقطع عملُهما في____هذه الحياة،

فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلاَّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو وَلَدٍ صالح يدعو له " [م]

وروى البخاري في الأدب المفرد بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " تُرفع للميِّت بعد موته درجتُه، فيقول: أيْ ربِّ، أيُّ شيءٍ هذه؟ فيُقال: ولدُك استغفرَ لك [خد].

وإذا كان الدعاءُ للوالدين بالرحمة والمغفرَة بِرًّا وإحساناً وحقًّا ينبغي على الابن أن يعتني به، فإنَّ مِن أعظمِ الإثمِ ومِن كبائرِ الذنوب أن يَسُبَّ ـ والعياذ بالله ـ الولدُ والديه، سواء ابتداء ـ وهو أشدُّ ـ أو تسبُّباً." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 416):

"وَمَنْ زَادَ اهْتِمَامُهُ بِذُنُوبِهِ، فَرُبَّمَا تَعَلَّقَ بِأَذْيَالِ مَنْ قَلَّتْ ذَنُوبُهُ، فَالْتَمَسَ مِنْهُ الِاسْتِغْفَارَ. وَكَانَ عُمَرُ يَطْلُبُ مِنَ الصِّبْيَانِ الِاسْتِغْفَارَ، وَيَقُولُ : "إِنَّكُمْ لَمْ تُذْنِبُوا."

وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ لِغِلْمَانِ الْكُتَّابِ: قُولُوا: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ"، فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِمْ.

قَالَ بَكْرٌ الْمُزَنِيُّ: "لَوْ كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ عَلَى الْأَبْوَابِ كَمَا يَطُوفُ الْمِسْكِينُ يَقُولُ: (اسْتَغْفِرُوا لِي)، لَكَانَ نَوْلُهُ أَنْ يَفْعَلَ.

وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَسَيِّئَاتُهُ حَتَّى فَاتَتِ الْعَدَدَ وَالْإِحْصَاءَ، فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ وَأَحْصَاهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] [الْمُجَادَلَةِ: 6]،

وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ»

 

أسباب المغفرة (ص: 31_32) لابن رجب الحنبلي:

"دواء الذنوب الاستغفار

وبالجملة فدواء الذنوب الإستغفار.

وروينا من حديث أبى ذر مرفوعا: (إن لكل داء دواء، وإن دواء الذنوب الإستغفار) .

قال قتادة: (إن هذا القرأن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالإستغفار (وقال بعضهم: (إنما معول المذنبين البكاء والإستغفار فمن أهمته ذنوبه أكثر لها من الإستغفار) .

قال رياح القيسى: (لى نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت الله لكل ذنب مائة ألف مرة) .

وحاسب بعضهم نفسه من وقت بلوغه فإذا زلاته لا تجاوز ستا وثلاثين فاستغفر الله لكل زلة مائة ألف مرة، وصلى لكل زلة ألف ركعة، وختم فى كل ركعة منها ختمة. قال: ومع ذلك فإنى غير آمن من سطوة ربى أن يأخذنى بها فأنا على خطر من قبول التوبة) .

طلب الاستغفار ممن قلت ذنوبه

ومن زاد اهتمامه بذنوبه فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبه فالتمس منهم الاستغفار وكان عمر يطلب من الصبيان الإستغفار ويقول: (إنكم لم تذنبوا) .

وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكتاب قولوا: (اللهم اغفر لأبى هريرة) .

فيؤمن على دعائهم.

قال بكر المزنى: (لو كان رجل يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول: استغفروا لى لكان قبوله أن يفعل) .

ومن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العدد والإحصاء فليستغفر الله مما علم. فإن الله قد كتب كل شئ وأحصاه." اهـ

 

قال زيد بن محمد المدخلي _رحمه الله_ في كتابه عون الأحد الصمد شرح الأدب المفرد (١/ ٦٤):

"في هذا الحديث بيان لمنقبة من مناقب أبي هريرة _رضي الله عنه_ الكثيرةِ، ومنقبةِ لأمه، وفي نفس الوقت كرامة لها؛ لأنها من أولياء الله الذين منحهم الله من المناقب الرفيعة والكرامات المبشرة،

وهكذا كل من أحب أبا هريرة رضي الله عنه واستغفر له فإنه تناله تلك الدعوة الكريمة من الرسول عليه الصلاة والسلام صاحب الخلق العظيم.

 

قال محمد لقمان السلفي في رش البرد (ص 38):

"فقه الحدیث:

1_ اهتمام الصحابة والتابعين بسؤال المغفرة لأنفسهم ولوالديهم وللمستغفرين لهما." اهـ

 

===========================

 

===========================

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 28)

38 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ "

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ :

سليمان بن داود العتكى ، أبو الربيع الزهرانى البصرى ( سكن بغداد )

الطبقة :  10 : كبار الآخذين عن تبع الأتباع

الوفاة :  234 هـ

روى له :  خ م د س  ( البخاري - مسلم - أبو داود - النسائي )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة ، لم يتكلم فيه أحد بحجة

 

قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ :

إسماعيل بن جعفر بن أبى كثير الأنصارى الزرقى مولاهم ، أبو إسحاق المدنى القارىء ( أخو محمد و يحيى و يعقوب بنى جعفر )

الطبقة :  8  : من الوسطى من أتباع التابعين

الوفاة :  180 هـ بـ بغداد

روى له :  خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة ثبت

 

قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ :

العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقى ، أبو شبل المدنى ، مولى الحرقة من جهينة

الطبقة :  5  : من صغار التابعين

الوفاة :  100 و بضع و ثلاثون هـ

روى له :  ر م د ت س ق  ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  صدوق ربما وهم

 

عَنْ أَبِيهِ:

عبد الرحمن بن يعقوب الجهنى المدنى ، مولى الحرقة ( والد العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب )

الطبقة :  3  : من الوسطى من التابعين

روى له :  ر م د ت س ق  ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )

رتبته عند ابن حجر :  ثقة

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أبو هريرة الدوسى اليمانى ( حافظ الصحابة ، اختلف فى اسمه و اسم أبيه اختلافا كثيرا )

الطبقة :  1 : صحابى

الوفاة :  57 هـ ( 58 أو 59 هـ قيل ذلك )

روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ "

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 28) (رقم: 38)، ومسلم في صحيحه (3/ 1255) (رقم: 1631)، وأبو داود في سننه (3/ 117) (رقم: 2880)، والترمذي في سننه (3/ 652) (رقم: 1376)، والنسائي في سننه (6/ 251) (رقم: 3651)، وفي السنن الكبرى (6/ 162) (رقم: 6445)، وابن ماجه في "المقدّمة" (242).

 

الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (8/ 316) لمحمود السبكي:

"وقد دلت أحاديث الباب أيضا:

(أ) على فضل الزواج لرجاء ولد صالح.

(ب) وعلى مشروعية الوقف وعظيم نفعه في الدنيا والآخرة.

(جـ) وعلى فضل العلم والحث على التعلم والتصنيف والتعليم وأن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع.

(د) وعلى أن الدعاء ينفع الميت وكذا الصدقة وقضاء الدين، والله تعالى ولي التوفيق والهادي إلى أقوم طريق." اهـ

 

من فوائد الحديث :

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 557) لفيصل بن عبد العزيز الحريملي :

"فيه : دليل على أن عمل ابن آدم ينقطع بعد الموت، لقوله تعالى {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم (39) ] .

قال ابن كثير: ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن تبعه أن القراءة لا يصل إهداؤها، إلى الموتى لأنه ليس من عملهم، ولا كسبهم.

وأما حديث : «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث» ، فهي في الحقيقة من سعيه وكده وعمله. انتهى ملخصًا." اهـ[10]

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 303) للزيداني :

"إذا مات الإنسان لا يكتب له بعد موته أجر وثواب؛ لأن الأجر جزاء العمل الصالح، والعملُ ينقطعُ بموتِ الرَّجل إلا إذا فعل فعلًا في الحياة يدوم خيره، وإذا كان كذلك يلحقه أجره." اهـ[11]

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 304)

الولد كشجرةِ مثمرة، فكما أن من غرس شجرة مثمرة يحصل له ثواب بأكل تلك الثمرة، سواء يدعو آكلها للغارس أو لا يدعو، فكذلك الأب كالغارس، والولد الصالح كالشجرة المثمرة، فهذا مثل قوله: "من سنَّ سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 304)

فإن كان الولد سيئًا لا يلحق من سيئاته إلى الأب إثم؛ لأن نيَّةَ الأب في طلب الولد الخير لا الشر؛ لأن نيته في طلب الولد أن يحصل له ولد صالح يعبد الله ويحصل منه الخير إلى الناس، وإنما يصل من شر الولد إلى الأب نصيبٌ أن يعلِّمَ الأبُ الولدَ شرًا كالسرقة وشرب الخمر وغيرهما من المعاصي.

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 102)

دار الدنيا جعلها الله دار عمل، يتزود منها العباد من الخير، أو الشر، للدار الأخرى، وهي دار الجزاء. وسيندم المفرطون إذا انتقلوا من هذه الدار، ولم يتزودوا لآخرتهم ما يسعدهم، وحينئذ لا يمكن الاستدراك. ولا يتمكن العبد أن يزيد حسناته مثقال ذرة، ولا يمحو من سيئاته كذلك." اهـ[12]

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 413_414) :

"وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله :

"هذه الثلاث الخصال إنما جرى عملها بعد الموت على من نُسبت إليه؛ لأنه تسبّب في ذلك، وحَرَصَ عليه، ونواه، ثم إن فوائدها متجدّدة بعده دائمة، فصار كأنه باشرها بالفعل، وكذلك حكم كلّ ما سنّه الإنسان من الخير، فتكرّر بعده، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من سنّ سُنّةً في الإسلام حسنة، كان له أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، رواه مسلم. وإنما___خصّ هذه الثلاثة بالذكر في هذا الحديث؛ لأنها أصول الخير، وأغلب ما يَقصد أهل الفضل بقاءه بعدهم، والصدقة الجارية بعد الموت هي: الْحُبُسُ، فكان حجةَ على من يُنكر الْحُبُس. وفيه ما يدلّ على الحضّ على تخليد العلوم الدينيّة بالتعليم، والتصنيف، وعلى الاجتهاد في حمل الأولاد على طريق الخير والصلاح، ووصيّتهم بالدعاء عند موته، وبعد الموت. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله_." اهـ[13]

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 102_104) للعلامة السعدي :

"وانقطع عملُ العبد عنه إلا هذه الأعمالَ الثلاثةَ التي هي من آثار عمله.

الأول : الصدقة الجارية، أي: المستمر نفعها.

وذلك كالوقف للعقارات التي ينتفع بمغلها، أو الأواني التي ينتفع باستعمالها، أو الحيوانات التي ينتفع بركوبها ومنافعها، أو الكتب والمصاحف التي ينتفع باستعمالها والانتفاع بها، أو المساجد والمدارس والبيوت وغيرها التي ينتفع بها.

فكلها أجرها جارٍ على العبد ما دام يُنتفع بشيء منها. وهذا من أعظم فضائل الوقف. وخصوصا الأوقاف التي فيها الإعانة على الأمور الدينية، كالعلم والجهاد، والتفرغ للعبادة، ونحو ذلك.

ولهذا اشترط العلماء في الوقف: أن يكون مصرفه على وجهةِ برٍّ وقربةٍ.____

الثاني : العلم الذي ينتفع به من بعده، كالعلمِ الذي علمه الطلبة المستعدين للعلم، والعلمِ الذي نشره بين الناس، والكتبِ التي صنفها في أصناف العلوم النافعة.

وهكذا كل ما تسلسل الانتفاع بتعليمه مباشرةً، أو كتابةً، فإن أجره جارٍ عليه. فكم من علماء هداة ماتوا من مئات من السنين، وكتبهم مستعملةٌ، وتلاميذهم قد تسلسل خيرهم. وذلك فضل الله.

الثالث: الولد الصالح - ولد صلب، أو ولد ابن، أو بنت، ذكر أو أنثى -،

ينتفع والده بصلاحه ودعائه. فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة، ورفع الدرجات، وحصول المثوبات.

وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12][14]

فما قدموا : هو ما باشروه من الأعمال الحسنة أو السيئة.

وآثارهم: ما ترتب على أعمالهم، مما عمله غيرهم، أو انتفع به غيرهم.

وجميع ما يصل إلى العبد من آثار عمله ثلاثة:

الأول: أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه.

الثاني: أمور انتفع بها الغير أيَّ نفعٍ كان، على حسب ذلك النفع باقتدائه به في الخير.

الثالث: أمور عملها الغير وأهداها إليه، أو صدقة تصدق بها عنه أو دعا له، سواء أكان من أولاده الحسيين أو من أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه، وهدايته وإرشاده، أو من أقاربه وأصحابه المحبين، أو من عموم____المسلمين، بحسب مقاماته في الدين، وبحسب ما أوصل إلى العباد من الخير، أو تسبب به، وبحسب ما جعل الله له في قلوب العباد من الود الذي لا بد أن تترتب عليه آثاره الكثيرة التي منها: دعاؤهم، واستغفارهم له.

وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف.

وقد يجتمع للعبد في شيء واحد عدة منافع، كالولد الصالح العالم الذي سعى أبوه في تعليمه، وكالكتب التي يقفها أو يهبها لمن ينتفع بها." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 104) :

"ويستدل بهذا الحديث على الترغيب في التزوج الذي من ثمراته حصول الأولاد الصالحين، وغيرها من المصالح، كصلاح الزوجة وتعليمها ما تنتفع به، وتنفع غيرها. والله أعلم." اهـ[15]

 

شرح رياض الصالحين (4/ 567) للعثيمين :

"يتأكد علينا أن نحرص غاية الحرص على صلاح أولادنا لأن صلاحهم صلاح لهم وخير حيث يدعون لنا بعد الموت." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (4/ 567_568) :

"وأفضل هذه الثلاثة : العلم، الذي يُنتفع به،

وأضرب لكم مثلاً، بل أمثالا كثيرةً : أبو هريرة _رضي الله عنه_ من أفقه الصحابة بعد الرسول _صلى الله عليه وسلم_، يَسْقُط أحيانا على الأرض من شدة الجوع،

ومع ذلك أكثر المسلمين الآن لا يقرءون إلا رواياتِه، فهو الذي نقل لنا هذه الأحاديثَ، وهي صدقة جارية، إذًا ما قورنت بأي صدقات أخرى في عهده.

الإمام أحمد شيخ الإسلام ابن تيمية يُدَرِّسُنَا، وهو في قبره، لأن كتبه بين أيدينا،

أكبرُ خليفة، أكبرُ تاجر في عهد ابن تيمية _رحمه الله_، هل وصل خيرهم إلينا اليومَ أبدا؟! إذا العلم أنفع____الثلاثةِ،

فـ(الصدقة الجارية) قد تتعثر، و(الولد الصالح) قد يموت،

لكن العلم النافع الذي ينتفع به المسلمون باقٍ إلى ما شاء الله،

فاحرص أخي على العلم فهو لا يعدله شيء كما قال الإمام أحمد لمن صحت نيته فاحرص على العلم الشرعي وعلى مساعداته كالنحو وما أشبه ذلك حتى ينفعك الله وينفع بك والله الموفق" اهـ[16]

 

شرح رياض الصالحين (5/ 439_440) للعثيمين :

"وفي هذا : دليل على أن الدعاء لأبيه وأمه وجدِّه وجدتِّه أفضلُ من الصدقة عنهم، وأفضل من الصلاة لهم، وأفضل من الصيام لهم، لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لا يمكن أن يدل أمته إلا على خير ما يعلمه لهم، (ما من نبي بعثه الله إلا دل أمته على خير ما يعلمه لهم)[17]،

فلو علم الرسول _صلى الله عليه وسلم_ أن كونك تتصدق عن أبيك وأمك أفضلُ من الدعاء لقال في الصدقة ما قال في الدعاء،

فلما عدل عن الصدقات والصيام والصلاة وقراءة القرآن، _والمقام مقام تحدث عن الأعمال_، لما عدل عن هذه الأعمال إلى الدعاء، علمنا يقينا _لا إشكال فيه_ : أن الدعاء أفضل من ذلك،

فلو سألنا سائل : أيهما أفضل أتصدق لأبي أو ادعو له قلنا الدعاء أفضل لأن رسول الله____هكذا أرشدنا، فقال : «أو ولد صالح يدعو له»،

والعجيب أن العوام وأشباه العوام يظنون أن الإنسان إذا تصدق عن أبيه، أو صام يوما لأبيه، أو قرأ حزبا من القرآن لأبيه أو ما أشبه ذلك، يرون أنه أفضل من الدعاء.

ومصدر هذا، هو الجهل، وإلا فمن تدبر النصوص علم أن الدعاء أفضل، ولهذا لم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم في أي حديث بحرف واحد إلى العمل الصالح يجعله الإنسان لوالده أبدا.

قال الإمام مالك أنه حصلت قضايا أعيان يسأله الصحابة هل يتصدقوا عن أبيه وهو ميت وعن أمه وهي ميتة فيقول : نعم لا بأس لكنه لم يحث الأمة على ذلك ولم يرشدهم إلى هذا لكن سئل في قضايا أعيان سعد بن عبادة رضي الله عنه سأله هل يتصدق بحائطه يعني ببستانه عن أمه بعد موتها قال الرسول: "نعم."

وجاءه رجل قال: يا رسول الله إن أمي أفتلتت نفسها يعني ماتت بغتة أفأتصدق عنها قال: "نعم"،

لكن ما أراد أن يشرع تشريعا عاما للأمة." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (6/ 657) للعثيمين :

فالمساجد أحب البقاع إلى الله لأنها محل ذكره وعبادته وقراءة شرعه وغير ذلك من مصالح الدنيا والدين ولهذا كان بذل المال فيها من أفضل أنواع البذل والبذل فيها من الصدقة الجارية وهي أفضل من أن يجعل الإنسان ماله في أضحية أو عشاء أو ما أشبه ذلك فإذا جعل ماله في بناء المساجد وعمارتها كان ذلك أفضل لأن المساجد صدقة جارية باقية عامة كل المسلمين ينتفعون بها المصلون والدارسون والمتعلمون والمعلمون والذين آواهم البرد أو الحر إلى المساجد إلى غير ذلك

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (5/ 373) للقاضي عياض اليحصبي :

"وفيه : دليلٌ على جواز الوقف والحبس، ورَدٌّ على من منعه مِن الكوفيين؛ لأن الصدقة الجارية بعد الموت إنما تكون بالوقوف.[18]

وفى هذا : دليل على أنه لا يجزئ عمل الأبدان من صلاة وصيام ولا نيابة فى غير المال الذى نص عليه ونفى غيره.

 

معالم السنن (4/ 89)

قال الشيخ: فيه دليل على أن الصوم والصلاة وما دخل في معناهما من عمل الأبدان لا تجري فيها النيابة.[19]

وقد يستدل به من يذهب إلى أن من حج عن ميت فإن الحج في الحقيقة يكون للحاج دون المحجوج عنه وإنما يلحقه الدعاء ويكون له الأجر في المال الذي أعطى ان كان حج عنه بمال.

 

عون المعبود وحاشية ابن القيم (8/ 62)

قَالَ الْمُنَاوِيُّ : "وَفَائِدَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْوَلَدِ مَعَ أَنَّ دُعَاءَ غَيْرِهِ يَنْفَعُهُ : تَحْرِيضُ الْوَلَدِ عَلَى الدُّعَاءِ." اهـ[20]

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 304) للزيداني :

"قوله: "يدعو له" إنما قال هذا لتحريض الولد على الدُّعاء لأبيه، لا لأنه لو لم يدعُ الولد لا يلحق والده منه ثواب، بل يحصل له، فكما أن الأب يحصل له ثواب من الولد فكذلك الأم يحصل لها ثواب من ولدها بل ثوابها أكثر؛ لأن حقَّها على الولد أكثر." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (11/ 85) :

"وَ [فيه][21] بَيَانُ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وَالْحَثُّ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَالتَّرْغِيبُ فِي تَوْرِيثِهِ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّصْنِيفِ وَالْإِيضَاحِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْعُلُومِ الْأَنْفَعَ فَالْأَنْفَعَ،

وَفِيهِ : أَنَّ الدُّعَاءَ يَصِلُ ثَوَابُهُ إِلَى الْمَيِّتِ،

وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ، وَهُمَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ قَضَاءُ الدَّيْنِ كَمَا سَبَقَ،

وَأَمَّا الْحَجُّ : فَيَجْزِي عَنِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ :

* إِنْ كَانَ حَجًّا وَاجِبًا،

* وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، وصى به، فهو مِنْ بَابِ الْوَصَايَا.

وَأَمَّا إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، فَالصَّحِيحُ : أَنَّ الْوَلِيَّ يَصُومُ عَنْهُ، وَسَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَجَعْلُ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عَنْهُ وَنَحْوُهُمَا : فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهَا لَا تَلْحَقُ الْمَيِّتَ، وَفِيهَا خِلَافٌ وَسَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْحِ في شرح مقدمة صحيح مسلم." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 414) للإثيوبي :

"جعل الشارع الولد من جملة كسب الإنسان، فقد أخرج ابن ماجه بإسناد صحيح، من حديث عائشة -رضي الله عنها-، مرفوعًا : "إن أطيب ما أكل الإنسان من كسب يده، وإن ولده من كسبه"[22]،

فسمّاه كسبًا، كما عدّه في هذا الحديث من أعماله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 415_416) للإثيوبي :

"في فوائده :

1 - (منها): بيان ما يلحق الإنسان بعد موته من الثواب، وهو ثواب الصدقة الجارية، وهو يعمّ ما فعله الإنسان قبل موته، مِنْ وَقْف، ونحوه، مما له البقاء بعد موته.

2 - (ومنها): أن فيه دليلًا على صحّة الوقف، وعظيم ثوابه، والردّ على من أنكر ذلك.

3 - (ومنها): أن فيه فضيلة العلم، والحثّ على الاستكثار منه، والترغيب في توريثه بالتعليم، والتصنيف، والإيضاح، وأنه يُختار من العلوم الأنفع، فالأنفع.

4 - (ومنها): أن فيه فضيلة الزواج؛ لرجاء ولد صالح، وقد سبق في "كتاب النكاح" بيان اختلاف أحوال الناس فيه، وأوضحنا ذلك هناك، ولله الحمد والمنّة.

5 - (ومنها): أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة[23]، وهما مجمعٌ عليهما، وكذلك قضاء الديون، وأما الحجّ فيجزي عن الميت عند الشافعيّ، وموافقيه، وهو الحقّ، كما تقدّمت أدلّته في "كتاب الحجّ"، قال____النوويّ : وهذا داخل في قضاء الدَّين إن كان حجًّا واجبًا، وإن كان تطوّعًا وأوصى به، فهو من باب الوصايا، وأما إذا مات، وعليه صيامٌ، فالصحيح أن الوليّ يصوم عنه؛ لصحّة أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وأما قراءة القرآن، وجَعْل ثوابها للميت، والصلاة عنه، ونحوهما، فمذهب الشافعيّ، والجمهور أنها لا تَلْحَق الميت، وفيها خلاف. انتهى كلام النوويّ رحمه الله.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الجمهور عندي هو الأرجح؛ لعدم دليل صحيح على وصول ثواب القرآن، ونحوه إلى الأموات، فمن جاءنا بنصّ صحيح صريح لذلك، فعلى الرأس والعين، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}." اهـ

 

 

 

 

 



[1] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1632) : "أَيِ: الدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ بِلَا عَمَلٍ." اهـ

[2] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1632) للقاري : "أَيْ: كَيْفَ حَصَلَ، أَوْ مِنْ أَيْنَ حَصَلَ لِي (هَذِهِ؟) أَيِ الدَّرَجَةُ." اهـ

[3] وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1632) : "(وَلَدِكَ لَكَ) : الْوَلَدُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُؤْمِنُ." اهـ

[4] وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 251) (رقم: 1894)، وقال:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي حَدِيدَةَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْبَعُ الرَّجُلَ مِنَ الْحَسَنَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»

[5] وفي الأنساب للسمعاني (1/ 67) (رقم : 5):

"الآبنوس (بمد الألف وفتح الباء الموحدة أو سكونها وضم النون وفي آخرها السين المهملة بعد الواو)، هذه النسبة الى آبنوس، وهو نوع من الخشب البحري يعمل منه أشياء، وانتسبت جماعة الى تجارتها ونجارتها. منهم ابو الحسين محمد بن احمد بن محمد بن على ابن الآبنوسي الصيرفي من أهل بغداد " اهـ

[6] وفي اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 390) لابن الأثير:

"الهّكَّارِيُّ (بِفَتْح الْهَاء وَالْكَاف الْمُشَدّدَة وَبعد الْألف رَاء)، هَذِه النِّسْبَة إِلَى الهكارية، وَهِي ولَايَة تشْتَمل على حصون وقرى من أَعمال الْموصل مِنْهَا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن يُوسُف بن جَعْفَر بن عَرَفَة الهكاري الملقب بشيخ الاسلام وَهُوَ من ولد عتبَة بن أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة كَانَ كثير الْخَيْر وَالْعِبَادَة." اهـ

[7] وفي لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (5/ 168) لعبد الحق الدهلوي:

"وهذا أحد منافع النكاح وأعظمها، وأحد الأشياء الثلاثة التي تلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته كما جاء في الحديث." اهـ

[8] وفي السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير (2/ 30_31) للعزيزي:

وفي الحديث دليل على أن الاستغفار يمحو الذنوب ويرفع الدرجات وأن استغفار الفرع لأصله بعد موته كاستغفاره___هو لنفسه فإن ولد الرجل من كسبه فعمله كأنه عمله." اهـ

[9] وفي الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (8/ 316):

"دل الحديث على أن دعاء الولد لوالديه ينفعهما بعد موتهما، فمن لم يدرك والديه وأراد برهما أو أدركهما وقصر في برهما فليكثر من الدعاء لهما بعد موتهما، فهو من أعظم أنواع البر بالوالدين، وللولد في ذلك أجر عظيم." اهـ

[10]  وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (5/ 373) للقاضي عياض :

"عمل الميت منقطع بموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها؛ من اكتسابه : الولد، وبثه العلم عند من حمله فيه، أو إيداعه تاليفاً بقى بعده، وإيقافه هذه الصدقة - بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت." اهـ

وفي شرح النووي على مسلم (11/ 85) :

"قَالَ الْعُلَمَاءُ : "مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ عَمَلَ الْمَيِّتِ يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ وَيَنْقَطِعُ تَجَدُّدُ الْثوَابِ لَهُ إِلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ مِنْ كَسْبِهِ وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَصْنِيفٍ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ وَهِيَ الْوَقْفُ." اهـ

[11]  وفي توضيح الأحكام من بلوغ المرام (5/ 100) :

"قال ابن الجوزي : من علم أنَّ الدنيا دار سباق، وتحصيل الفضائل، وأنَّه كلما علت مرتبته في علم وعمل، زادت مرتبته في دار الجزاء، أنهب الزمان، ولم يُضِعْ لحظة، ولم يترك فضيلة تمكنه إلاَّ حصلها، ومن وُفِّق لهذا فليغتنم زمانه بالعلم، وليصابر كل محنةٍ وفقرٍ إلى أن يحصل له ما يريد." اهـ

وانظر : الآداب الشرعية والمنح المرعية (1/ 222) لابن مفلح، عيون الرسائل والأجوبة على المسائل (2/ 779) لعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب آل الشيخ (المتوفى: 1293هـ).

[12]  وفي شرح رياض الصالحين (5/ 437) للعثيمين :

"وهذا الحديث فيه الحث أعني حث الإنسان على المبادرة بالأعمال الصالحة لأنه لا يدري متى يفاجئه الموت فليبادر قبل أن ينقطع العمل بالعمل الصالح الذي يزداد به رفعة عند الله سبحانه وتعالى وثوابا،

ومن المعلوم أن كل واحد منا لا يعلم متى يموت ولا يعلم أين يموت كما قال الله تعالى: وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض____تموت فإذا كان الأمر كذلك فإن العاقل ينتهز الفرص فرص العمر في طاعة الله عز وجل قبل أن يأتيه الموت ولم يستعتب ولم يتب." اهـ

[13]  "المفهم" 4/ 554 - 555.

[14]  وفي "زاد المسير في علم التفسير" (3/ 519) لابن الجوزي :

"وفي (أثارهم) ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها خُطاهم بأرجُلهم، قاله الحسن، ومجاهد، وقتادة.

قال أبو سعيد الخدري : شَكَت بنو سَلِمَةَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بُعْدَ منازلهم من المسجد، فأنزل الله تعالى: وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «عليكم منازلكم، فإنّما يكتب آثارُكم» ، وقال قتادة وعمر بن عبد العزيز: لو كان اللهُ مُغْفِلاً شيئاً، لأغفل ما تعفِّي الرِّياحُ من أثرَ قَدَم ابن آدم.

والثاني : أنها الخُطا إلى الجمعة، قاله أنس بن مالك.

والثالث : ما أثَروا من سُنَّة حسنة أو سيِّئة يُعْمَل بها بعدهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، واختاره الفراء، وابن قتيبة، والزجاج." اهـ

وفي "تفسير السعدي" = "تيسير الكريم الرحمن" (ص: 693) :

"{وَآثَارَهُمْ} : وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم،

فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر.

ولهذا : {من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة}

وهذا الموضع، يبين لك علو مرتبة الدعوةِ إلى الله والهدايةِ إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزولِ درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما." اهـ

[15]  وفي شرح النووي على مسلم (11/ 85) : "وَفِيهِ فَضِيلَةُ الزَّوَاجِ لِرَجَاءِ وَلَدٍ صَالِحٍ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ وَأَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ." اهـ

[16]  وفي شرح رياض الصالحين (5/ 439) للعثيمين :

"أما الثاني فـ(علم ينتفع به)، وهذا أعمها وأشملها وأنفعها أن يترك الإنسان وراءه علما ينتفع المسلمون به سواء ورث من بعده بالتعليم الشفوي أو بالكتابة فتأليف الكتب وتعليم الناس وتداول الناس لهذه المعلومات مادام مستمرا فأجر المعلم جاز مستمر لأن الناس ينتفعون بهذا العلم الذي ورثه." اهـ

[17]  أشار به إلى ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1472) (رقم : 1844) : عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ _رضي الله عنهما_ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ».

[18]  وفي شرح النووي على مسلم (11/ 85) : "وَفِيهِ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَعَظِيمِ ثَوَابِهِ." اهـ

[19]  وفي المسالك في شرح موطأ مالك (4/ 221) :

"وفي العارضة : قال علماؤنا : "لا يصلِّي أحدٌ عن أحدٍ باتِّفَاقٍ فَرْضًا ولا نافلة، حياةً ولا موتًا، وكذلك الصِّيام فإنّه لا يصومه أحدٌ عن أحدٍ." اهـ

[20]  وفي الذخيرة للقرافي (6/ 314) :

"الدُّعَاء لَيْسَ خَالِصا بِالْوَلَدِ بَلْ كُلُّ مَنْ دَعَا لِشَخْصٍ رَجَاءَ نَفْعِهِ بِدُعَائِهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ يَحْصُلُ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ بَلْ مُتَعَلِّقُ الدُّعَاءِ وَمَدْلُولُهُ لُغَةً فَصَارَ ذِكْرُ الْوَلَدِ مَعَهُمَا مُشْكِلًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَلَدَ أَكْثَرُ دُعَاءً لِأَنَّ دَاعِيَةَ الْقَرَابَةِ تَحُثُّهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ خَصَّصَهُ بِالصَّالِحِ لِأَنَّ الصَّلَاحَ مَعَ الْبُنُوَّةِ نظمة كَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَإِجَابَتِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِهِ." اهـ

[21]  ما بين المعقوفتين زيادة مني للإيضاح، ليس من كلام النووي _رحمه الله_.

[22]  أخرجه : سنن أبي داود (3/ 288) (رقم : 3528)، سنن الترمذي ت شاكر (3/ 631) (رقم : 1358)، سنن النسائي (7/ 240) (رقم : 4449)، سنن ابن ماجه (2/ 723 و 768) (رقم : 2137 و 2290)،

صححه الألباني في "صحيح الأحكام" (171) ، الإرواء (6 / 66) ، المشكاة (2770).

[23]  وفي عون المعبود وحاشية ابن القيم (8/ 62) لشرف الحق العظيم آبادي :

"وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ بَيَانِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْتَفِعُ بِهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَلْحَقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَوَابٌ فَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلَا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ انْتَهَى." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة